قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن عشر

في منزل مروان النقيب بالتجمع الخامس
لاحظت زينب التغير السريع الذي طرأ على ملامح وجه حماة ابنتها فأدركت أن هناك خطباً ما.. لذا طلبت التحدث معها على انفراد و..
-زينب: ممكن أتكلم معاكي شوية يا عبير هانم
-عبير على مضض: خير
-زينب: كل خير ان شاء الله
-عبير بضيق: اوك.

وقفت كلاً من زينب وعبير على جنب وبعيداً عن الأخرين لتتحدثا سوياً...

لمح يوسف والدته وهي تقف بجوار السيدة زينب، فأدرك أن هناك أمراً ما سيئاً ربما سيكون على وشك الوقوع، لذا أسرع الخطى ناحيتهما و..
-يوسف بصوت عالي: ايييه يا جماعة واقفين بعيد كده ليه
-عبير: اصل مدام زينب كانت عاوزاني في حاجة
-زينب: معلش يا بني كنت هتكلم مع الوالدة شوية
-يوسف مقاطعاً: لألألأ... كلام ايه بس الوقتي، خلوا ده بعدين، تعالوا احنا بس نشوف هنعمل ايه في اللي جاي..!.

استطاع يوسف بمهارة وحنكة أن يمنع الصدام الذي كان يمكن أن يحدث، وظل مسلطاً نظره على والدته، ومتواجد دائماً على مقربة منها حتى يضمن عدم حدوث أي مشاكل..

قامت ندى بمعاونة والدتها في توزيع الكعك والحلويات على الموجودين، وجلس الجميع في غرفة الصالون يتبادلون الأحاديث الطريفة والخفيفة، ولم يخلو الحديث عن بعض من ذكريات الأباء في الماضي وعلاقات التقارب والتعارف بين زوجاتهم...

كانت نيرة في قمة سعادتها بسبب ما فعله مروان لأجلها، هو دائماً يبذل ما في وسعه لاسعادها.. لقد شعرت ان الله قد منَّ عليها به زوجاً وحبيباً.. ظلت تنظر إليه بأعين عاشقة والهة.. والضحكة لم تفارق شفتيها إلى أن قطع ذلك الشرود الجميل صوت فاطيما بــ...
-فاطيما: احنا هنرجع دبي تاني يا نيروو
-نيرة: ايييه؟ دبي؟ امتى ده.

-فاطيما: بعد فرح نوودة بيومين كده
-نيرة باستغراب: ده محدش فيكو قالي
-فاطيما: معرفش والله يا نيرو.. بس احنا جهزنا الشنط وهنسافر بعد ندى بيومين
-نيرة بذهول: هي ندى هتسافر معاكو؟
-فاطيما: اه وجوو كمان.

تركت نيرة فاطيما اختها ثم توجهت إلى والدتها الجالسة على أحد الآرائك تطلب الحديث معها على انفراد و..
-نيرة بصوت خافت: ماما عاوزاكي شوية
-زينب بصوت هامس: طيب يا عروسة.

نهضت زينب من مكانها وتوجهت إلى المطبخ مع ابنتها نيرة و..
-نيرة متسائلة: حقة الكلام اللي قالته توتا ده مظبوط؟
-زينب بعدم فهم: كلام ايه؟
-نيرة: انكو مسافرين دبي تاني بعد الفرح ومعاكو ندى وجوزها
-زينب: هي المزغودة دي انسحبت من لسانها وقالتلك
-نيرة: فهميني يا ماما، الكلام ده صحيح؟

-زينب: والله يا بنتي كان بودنا نقعد كلنا هنا معاكي، بس انت عارفة ظروف شغل ابوكي هناك، ومش هاينفع يسيب الدنيا كده سايبة
-نيرة: طب ندى وجوزها لزمتها ايه يروحوا معاكو؟

-زينب: ابوكي كان معتمد على ندى في شغله، مش معقول هتسيبوه كده من غير ما تظبط الدنيا كلها، وجوزها جاي معاها مش معقول هيسيب مراته لوحدها وكل واحد يقعد في حتة.. وبعدين يا بت احنا مش هانطول الحكاية كلها كام شهر وهنرجع نقعد هنا على طول
-نيرة: انا عاوزة أجي معاكو، مش عاوزة أفضل هنا.. وبعدين أنا عندي دراستي ولا نسيتي يا ماما
-زينب: الموضع ده تكلمي فيه مع جوزك.. ولو هو وافق انك تسافري معانا يبقى يوم المنى يا قلبي
-نيرة بثقة: انا هاكلمه، وأكييييد هيوافق.

انتهت الزيارة العائلية على خير، وانصرف الجميع إلى منازلهم وهم على أمل بأن القادم أفضل لهم كافة...
حمد يوسف الله أن تلك الزيارة مرت على خير ودون وقوع خسائر أو مشاكل رغم وجه عبير الممتعض طوال الوقت، ولكن خفة دم مروان وأريحيته في الحوار خففت الأجواء كثيراً...

لم يعد هناك وقتاً كثيراً على ليلة الزفاف، فالكل مشغول ويعمل على قدم وساق من أجل انهاء كل شيء في الميعاد المحدد...

أبلغ يوسف مروان بمسألة توليه كافة شئون الشركة خلال الفترة القادمة، وأنه قام بتعيين سكرتيرة جديدة ستكون معاونة للسكرتيرة ريهام وذلك لتقسيم العمل بينهما.. كما لم ينسى ابلاغه بأمر الصفقة الجديدة الخاصة بتوريد معدات وآلات جديدة تستخدم في أعمال المقاولات، وأنه سيحاول قدر استطاعته تولي تلك المسألة، وإن عجز عن انجازها سيكون على مروان توليها والتأكد من وصول المعدات للشركة...

انتهت نيرة من شراء الفستان الذي ستحضر به حفل زفاف اختها، وقام مروان بحجز مكان لها مع اختها ندى في نفس مركز التجميل لكي تكون بجوار أختها منذ الصباح الباكر...

جهز صلاح أوراق السفر والتأشيرات الخاصة به وبعائلته.. وتأكد هو الأخر من اتمام اجراءات السفر الخاصة بابنته ندى وزوجها...

في شركة Two Brothers
توجه مروان إلى شركته لمتابعة الأعمال بها، صف سيارته بجوار مدخل الشركة، ثم ترجل منها وتوجه إلى المصعد، كان باب المصعد على وشك الاغلاق حينما لمح مروان فتاة ما حسناء المظهر تركض مسرعة تحاول اللحاق به، فأوقف الباب من اجلها وانتظرها لكي تدلف معه إلى الداخل..
-علياء: ميرسي أوي لذوق حضرتك
-مروان: عادي ولا يهمك...

وقفت علياء إلى جواره تلهث بصعوبة، وتعدل من هندامها، كانت علياء ترتدي قميصاً أبيض اللون وضيق بدرجة كبيرة ويصل إلى حدود خصرها، ومن أسفلها ارتدت تنورة ( كاروهات ) تجمع بين اللونين الرمادي والأسود، كان مروان يلاحظ تصرفاتها بطرف عينيه، ورغم هذا لم ينبس معها بكلمة واحدة.. ظل فقط يتابعها في صمت...

وضعت علياء بعضاً من الملفات التي كانت بحوزتها بين ساقيها الطويلتين لتثبتهم، ثم انحنت قليلاً للأسفل وقامت بعدها بنفض شعرها الأسود المفرود بكلتا يديها في الهواء و بطريقة مثيرة، استغرب مروان كثيراً مما تفعله تلك الفتاة، ولكن رغم هذا لم يعلق على ما تفعل...

توقف المصعد فخرج منه مروان أولا، ثم لحقت به علياء.. لم يلاحظها في البداية حينما كان يدلف إلى الشركة، لوح مروان بيده للسكرتيرة ريهام ثم دلف إلى داخل مكتبه...

دلفت علياء هي الأخرى إلى الشركة، ثم رحبت بزميلتها ريهام، وجلست على المكتب الذي تم تخصيصه لها و..
-ريهام: مروان بيه جه من شوية، أول ما هايطلبني وأروحله مكتبه، هبلغه عنك وهخليكي تقابليه وتتعرفي عليه
-علياء: اوك.

وماهي إلا لحظات وطلب مروان مقابلة السكرتيرة ريهام لمناقشة بعض تفاصيل العمل معها...

دلفت ريهام إلى مكتب رب عملها مروان بعد أن سمح لها بالدخول و..
-ريهام وهي تمسك ببعض الملفات: اتفضل يا مروان بيه، دي الأوراق اللي حضرتك طلبتها، وكمان معاهم بيان مختصر بالمطلوب عمله خلال الفترة الجاية
-مروان وهو يطالع الأوراق: تمام يا مدام ريهام.

-ريهام وقد تنحنحت: احم.. الف مبروك يا فندم على الجواز
-مروان مبتسماً: الله يبارك فيكي يا مدام ريهام، معلش أنا اسف اني معزمتكيش ولا عزمت أي حد، انتي عارفة الموضوع جه بسرعة ومكنش في وقت أعزم حد
-ريهام: ولا يهمك يا فندم، المهم ان حضرتك تكون مبسوط
-مروان: الحمدلله.

صمت مروان لكي يطالع ما في يده من أوراق، ترددت ريهام أن تخبره الآن بأمر السكرتيرة الجديدة أم لا، ولكنها حسمت الأمر بـ...
-ريهام: آآآ... كنت عاوزة أقول لحضرتك حاجة
-مروان: خير يا مدام ريهام
-ريهام: يوسف بيه كان طلب مني اني أعمل اعلان عن سكرتيرة جديدة تساعدني وآآآ...

-مروان مقاطعاً: ايوه.. ايوه، هو كان قالي ع الحكاية دي
-ريهام: البنت ممتازة جداً، وكانت من أفضل الناس اللي اتقدموا للوظيفة
-مروان: اها
-ريهام: يوسف بيه بنفسه وافق على تعينها، وانا شايفة انها هاتكون مساعدة كويسة ليا
-مروان: يعني انتي المسئولة عنها؟

-ريهام: ايوه يا فندم
-مروان: خلاص.. يبقى انتي هتكتبيلي تقرير اسبوعي عن أدائها في العمل
-ريهام: حاضر يا فندم
-مروان: لازم تخدي بالك يا مدام ريهام من الموظفين الجداد، لأن مش كلهم بيكونوا زي ما بيبان عليهم أو حتى زي ما بيقولوا، احنا لينا منافسين كتار في السوق، وممكن بسهولة أي حد يزرع لنا جاسوس ينقل أخبارنا برا.

-ريهام: اها
-مروان: مسكيها في البداية الأعمال الورقية بس، اي اتفاقيات أو صفقات أو ملفات مهمة تخصنا هي متعرفش عنها حاجة، ومن وقت للتاني اريميلها معلومات مضروبة، وشوفي ان كانت المعلومات دي هتتسرب ولا لأ
-ريهام: حاضر يا فندم
-مروان: انتي المسئولة قدامي عنها، انا بأكد عليكي أهوو لتاني مرة
-ريهام: تمام يا فندم
-مروان: ماشي يا مدام ريهام..

-ريهام متسائلة: تحب ادخلها لحضرتك تشوفها؟
-مروان: مافيش مانع، هاتيها
-ريهام: حاضر يا فندم.

بالفعل خرجت ريهام إلى مكتبها في السكرتارية، وطلبت من علياء أن تدلف إلى مكتب صاحب الشركة الأخر ورب عملها الأستاذ مروان...

أخرجت علياء مرآة صغيرة من حقيبتها، وتأكدت من أن هيئتها العامة تبدو جيدة، ثم عدلت من وضع مساحيق التجميل عليها، وزادت من وضع أحمر الشفاه.. ثم نهضت عن مكتبها وتوجهت إلى مكتب مروان...

طرقت علياء الباب قبل أن تدلف.. سمح لها مروان بالدخول، كان مروان مشغولاً بالنظر في شاشة الحاسوب حينما دلفت هي للداخل.. تعمدت علياء أن تبدو واثقة من نفسها، ورغم أنها تعرفت عليه على الفور إلا أنها أرادت أن تتجاهله عن عمد، ثم بدأت علياء بالحديث ولكن بطريقة...
-علياء بصوت أنثوي عميق: صباح الخير يا مروان بيه.

انتبه مروان لذلك الصوت القوي، فرفع وجهه عن شاشة الحاسوب ليجد أن صاحبة ذاك الصوت هي تلك التي قابلها قبل قليل في المصعد.. اعتدل مروان في جلسته، ثم نظر لها هذه المرة بأعين فاحصة مدققة و..
-مروان: صباح النور
-علياء: أنا علياء السكرتيرة الجديدة، الاستاذة ريهام بلغتني ان حضرتك عاوز تشوفني
-مروان: أها.

-علياء: أنا مبسوطة اني خدت فرصة عشان اشتغل هنا واتعلم واكتسب خبرات من حضرتك ومن يوسف بيه
-مروان: تمام..
-علياء: ومش عاوزة حضرتك تقلق أنا بتعلم بسرعة
-مروان: هانشوف.. المهم عندنا في الشغل هنا هي الأمانة والالتزام
-علياء: اطمن حضرتك أنا مخلصة جداااا في شغلي
-مروان: هيبان.. ع العموم بتمنالك التوفيق هنا، وزي ما أحنا بنكافيء المجتهد، بنقف بالمرصاد للمهمل والخاين.. يا ريت تحطي الكلام ده كويس حلقة في ودانك.

-علياء: اكييييد يا فندم
-مروان: ربنا يوفقك.. ولو في حاجة عاوزة تبلغيني بيها هايكون عن طريق المدام ريهام
-علياء باستغراب: هــه..
-مروان وقد عاود النظر لشاشة حاسوبه: تقدري تتفضلي على شغلك
-علياء: احم.. حاضر يا مروان بيه...

لم يشعر مروان بالراحة تجاه تلك السكرتيرة الجديدة، هو متوجس خيفة من هيئتها وطريقتها في الحديث والتعامل.. فأمثالها قد مروا عليه من قبل سواء في النادي أو في المرحلة الجامعية.. لذا قرر أن يحتاط جيداً منها.. ويجعل حدود التعامل معها على أضيق الحدود..
هو يعلم أن أمامها شهر اختبار في العمل لكي تثبت جدارتها من عدمه، وهو يرجو الله أن تخيب ظنونه..

وحرصاً منه على ضمان سرية ما يخص الصفقات الهامة بالعمل سينقل الملفات المهمة إلى منزله، ويكتفي فقط بوجود الأوراق العادية التي لا تشكل أي تهديد على صالح العمل...

في مكتب السكرتارية
اغتاظت علياء من طريقة مروان معها، هي نجحت من قبل في الايقاع بالكثيرين بفضل جمالها واسلوبها الملتوي في الحديث.. لكن مروان هذا بات يشكل عقبة بالنسبة إليها...

لقد جاءت إلى تلك الشركة لغرض معين.. وهي لن تتهاون عن تحقيق هدفها مهما كلفها الأمر...

وها قد جاء يوم حفل زفــــاف يوسف و ندى
منذ الصباح الباكر والكل يعمل كالنحل في خليته من أجل الاستعداد لحفل الزفاف، وصلت ندى ومعها نيرة إلى مركز التجميل الملحق بالفندق، وبدأت خبيرات التجميل ومصففات الشعر عملهن.. تواجدت معهما فاطيما وزينب...

كان يوسف هو الأخر يستعد لليلة عمــره التي انتظرها منذ 3 أعوام.. يالها من ثلاثة أعوام قضاها في انتظارها.. فكم من وقت قد مر وهو صابر على فراقها، كم تمنى وحلم بتلك الليلة الجميلة وهو يقضيها في أحضانها...

بدأت في تجهيز ملابسه التي سيرتديها في صالون الرجال.. ولكن قبل أن يدلف خارج غرفته جاءت إليه والدته عبير وهي متزمتة كعادتها من تلك الزيجة و..
-عبير بضيق: لسه برضوه مصمم تكمل جوازتك من البت دي
-يوسف: يا ماما دي بقت مراتي، كل اللي بيحصل دلوقتي شكليات
-عبير: أنا مش عارفة انت ليه متمسك بالبنت دي أوي دوناً عن غيرها
-يوسف: لأني بحبها يا ماما.

-عبير وهي تجز على شفتيها: بس مش دي البت اللي كنت عاوزة اسمك يرتبط بيها
-يوسف: والله يا ماما انتي ظالمها، ندى بنت أخلاق وكويسة ومتربية
-عبير: يا حبيبي انت ليه مش عاوز تفهم انه اتقال عنها كلام استغفر الله العظيم يا رب من حقها وذنبها
-يوسف: كل ده كدب وافترى.

-عبير بحدة: أنا اعرف اللي يكدب بيكدب في حاجات عادية يا جوو، لكن مش في المواضيع دي بالذات
-يوسف بضيق: يعني عاوزاني أصدق كلام مايا وأخرب حياتي بسببها
-عبير متسائلة: ومايا مصلحتها ايه لما تقول كده؟
-يوسف: مصلحتها انها كانت بتحبني وعاوزاني أكون ليها وبس..
-عبير: مايا مش تفكيرها كده خالص، ماهي اتجوزت و كملت حياتها وآآ..

-يوسف مقاطعاً: ها وبعدين كملي ايه اللي حصل؟
-عبير وهي مطرقة الرأس: آآآ...
-يوسف: اطلقت وبهدلت طليقها وشردته.. اشمعنى الكلام ده مش فكراه، ده احنا كلنا في السوق عرفنا عملت فيه ايه وازاي دمرت شغله هي وأبوها
-عبير: ما هو يا بني كان طمعان فيها وآآ..
-يوسف: ماما أنا عاوز أعرف انتي بتدافعي عنها اوي كده ليه،دي لو بنتك مش هتتحمأيلها كده..

-عبير: أنا نفسي بس تشيل الغشاوة اللي على عينيك وتعرف فين مصلحتك
-يوسف: الحمدلله أنا عارف مصلحتي فين.. ومبسوط اني اخترت ندى شريكة حياتي.. وعشان خاطري يا ماما، لو فعلاً بتحبيني وعاوزاني أكون مبسوط في حياتي مافيش داعي انك تقولي الكلام ده عن ندى تاني
-عبير على مضض: والله يا بني ما حد في الدنيا دي كلها بيحبك أدي
-يوسف: وأنا عارف والله يا ماما ده كويس، بس الله يخليكي افرحي معايا في اليوم ده
-عبير: ماشي يا جوو.

انحنى يوسف قليلاً ليقبل كف يد والدته بحنية والابتسامة مرسومة على شفتيه و...
-يوسف وهو يقبل كفها: ربنا يخليكي ليا يا ست الحبايب.

في الفندق
وقف صلاح مع سليم في ردهة الفندق للترحيب بالمدعوين جميعاً، ثم انضم إليهم لاحقاً فهمي.. كانت تدور بينهم أحاديث جانبية كثيرة عن العمل وعن الحياة، ولكن الأهم من هذا كله ان ثلاثتهم كانوا سعداء بتلك الزيجة.

انتهت مصففة الشعر، وخبيرة التجميل الخاصة بالعرائس من تزيين ندى.. وتبقى فقط وضع اللمسات النهائية لتكون جاهزة لزوجها...

ارتدت ندى فستان زفافها الأبيض.. كان الفستان مزين بنقوش رقيقة من عند فتحة الصدر التي لم تكن واسعة على الاطلاق، بينما كان كتفيه مزيجاً من قماش الشيفون الناعم والتُل الأبيض المطرز، ثم تمتد تلك النقوش وهي مرصعة بالفصوص من منطقة الصدر وحتى تصل إلى منطقة الخصر حيث يضيق الفستان كثيراً فيها ثم يتسع في الأسفل بطبقات فوق بعضها البعض من التل المطرز...

أبرعت مصففة الشعر في عمل تسريحة بسيطة لندى وزينت شعرها بتاج رقيق أضفى على هيئتها السمة الملائكية.. ثم أضافت الطرحة الطويلة المطرزة لتنسدل على ظهرها وعلى الفستان فتزيدها جمالاً على جمــال.

في حين ارتدت نيرة فستاناً من اللون الأسود اللامع.. كان ذو حمالات عريضة وفتحة صدر معقولة، ومرصع هو الأخر بالترتر الأسود والفصوص اللامعة، ثم يمتد الفستان للأسفل ويتسع من أسفل الركبتين، وينتهي بذيل واسع يزحف على الأرض.. وضعت نيرة فوق كتفيها شالاً كي تغطيهما، ثم زينت رقبتها بطوق لامع...

وقامت مصففة الشعر بعقص شعرها للخلف، وربطته بمشبك شعر فضي وأسدلت خصلتين منهما على وجنتيها... ثم وضعت مساحيق تجميل رقيقة أضافت إلى ملامحها سمة الأنوثة الراقية...

بينما ارتدت فاطيما فستاناً من اللون الأبيض لتشبه أختها العروس في هيئتها الخارجية مع فارق أن الفستان شبه قصير، وشعرها مفرود خلف ظهرها...

وقف يوسف في الخارج بصحبة مروان وعدداً من الأقارب في انتظار خروج العروس الجميلة من الداخل.. وما إن رأها يوسف وهي تدلف إليه بكل رقة وخجل حتى أسرع الخطى إليها، أمسك بكف يدها، وانحنى قليلاً لكي يقبله، ثم أعطاها باقة الورد البيضاء التي كان يمسكها في يده.. وتأبط بها وانطلقا سوياً للخارج حيث ينتظرهم مصوراً فوتغرافياً ليلتقط لهم عدة صور ستظل خالدة وشاهدة على حبهم الكبير...

أبرع المصور في التقاط صور عفوية للاثنين معاً، فتارة يطلب من يوسف أن يقف خلف ندى ويلف يديه حول خصرها، ثم يميل إلى وجهها قليلاً وينظر إليها بعشق وهيام، وتارة أخرى يطلب من ندى أن تنحني على ذراع زوجها بجسدها، ويحاول هو امساكها...

كما لم ينسى مروان أن يسجل تلك اللحظات الذهبية له مع نيرة، فطلب من المصور أن يلتقط لهما عدة صور تذكارية ولكن ( مجنونة ) كما أسماها.. ولم يبخل المصور عليهما بهذا.. بل أعطاهم أفكاراً جديدة وجميلة ساعدتهم على تسجيل اجمل أوقاتهم، فتارة يصور نيرة وهي تجذب مروان من رابطة عنقه، وتارة أخرى ومروان يجذبها من شعرها وهي عابسة الوجه.. ولم ينسى المصور اضفاء لمسة رومانسية بينهما، فالتقط لهما عدة صور لعاشقين يحبان بعضهما البعض حباً سرمدياً...

في قاعة الأفراح الملحقة بالفندق
أظلمت القاعة تماماً، ثم دلف يوسف بمفرده إلى الداخل ومعه عدداً من الفتيات الصغيرات اللائي رقصن من حوله رقصات إيقاعية بسيطة، تم تسليط الضوء الأبيض عليه، وقف أمام الجميع وهو يرسم على وجهه ملامح الحزن والضيق وكأنه تائه لا يعرف الطريق..

ثم فجأة أضاءت القاعة من الجانب الأخر، ودلف إليها عدة رجال أقوياء يحملون فوق أكتافهم هودجاً ملكياً به ملكة قلبه.. بلى إنها ندى الجالسة في ذاك الهودج الملكي..
تعالت أصوات الموسيقى معلنة عن وصول ندى إلى منتصف القاعة حيث يقف والدها، ثم أنزل الرجال الهودج بكل رفق على الأرض، ودلفت ندى إلى خارجه لتمسك بيد والدها المنتظر بجواره...

تأبطت ندى في ذراع والدها الذي سار بها إلى حيث يقف يوسف.. سلمه إياها وهو يوصيه عليها، أمسك يوسف بكف ندى ورفعه إلى شفتيه ثم قبله مرة أخرى أمام الجميع لتتعالى الصيحات والتصفيقات، ويبدأ الاثنين سوياً رقصتهما الهادئة.

كانت ليلة رائعة بحق، الكل فيها مشدوه بالديكورات والأضواء والفخامة في انتقاء التصميمات الخاصة بالعروسين...

كان كل شيء يوحي بأن يوسف وندى في عالم خاص بهما.. ظلا يطوفان ويرقصان معاً ولم يرفعا أعينهما عن بعضهما البعض.. كانت نظرات العشق والحب هي السائدة.

وقف مروان بجانب زوجته نيرة وهو واضع ذراعه على كتفيها يحيطها ويضمها إليه، ثم بدأ بالمزاح معها و...
-مروان مازحاً: فاكرة ليلة فرحنا يا ناروو
-نيرة وهي تنظر إليه: وهي دي حاجة تتنسي
-مروان غامزاً: مانفسكيش نجيب اسدال تاني؟
-نيرة: تؤ...

-مروان: بقى كده.. براحتك، انتي اللي هتخسري!
-نيرة بلهجة آمرة: ششش... اسكت دلوقتي وخلينا نشوف العرسان دول
-مروان بجدية: حاضر يا فندم!.

بكت زينب فرحاً لأنها رأت بحق فرحة ابنتها الكبرى تتجسد أمام عينيها، لطالما كانت تشعر تجاهها بالذنب بسبب تسرعها في تعجيل أمر خطبتها السابق، ولكن الله عوضها خيراً ورزقها الزوج الطيب الخلوق...

وقف صلاح إلى جوار زوجته يربت على كتفها و...
-صلاح: خلاص يا زينب الناس هتاخد بالها
-زينب: الحمدلله اني شوفت ندى لابسة الفستان الأبيض.. كنت خايفة أوي تتعقد البت وماترضاش تتجوز بعد الموضوع الأولاني
-صلاح: كل حاجة راحت لحالها، فمالوش لازمة الكلام ده..

-زينب: طيب
-صلاح مبتسماً: واضحكي بقى يا أم البنات، كده الكحل هيسيح
-زينب مبتسمة: حاضر يا حاج.

انتهت ليلة الزفـــاف على خير، واصطحب يوسف زوجته إلى الجناح الخاص بهما في الفندق ليقضيا فيه أول أيام حياتهما...

ودع يوسف وندى الجميع، ولكن أصرت عبير والدة يوسف على البقاء هي الأخرى في الفندق للاطمئنان على ابنها رغم محاولات سليم المستميتة معها.. لكن رأسها كان ناشفاً كالحجر، فلم يستطع أن يفعل شيئاً أمام عنادها إلا الانصياع لرغبتها... وبالفعل حجز له ولها غرفة بالفندق ليبيت كلاهما فيه...

في جناح العرائس بالفندق
صعدت ندى مع زوجها إلى الجناح المخصص لهما، أمسك يوسف بيد ندى قبل أن تدلف للداخل، ثم أومأ لها برأسه نافياً، فتعجبت ندى مما يفعل و..
-يوسف وهو يوميء بالنفي: لأ..
-ندى باستغراب: هو ايه اللي لأ؟.

انحنى يوسف قليلاً ليحمل عروسه الجميلة بين ذراعيه و..
-يوسف بنبرة ناعمة: ماينفعش تدخلي الأوضة على رجلك.. اللي زيك لازم يتشال على كفوف الراحة.

أطرقت ندى رأسها في خجل من كلمات يوسف الساحرة معها..
أنزل يوسف ندى برفق لتقف على قدميها، ثم قبل جبينها بحنية، وضع يوسف يده خلف رقبتها وكان على وشك تقبيلها من شفتيها.. ولكنها خجلت أكثر منه وتوترت، ثم أسرعت الخطى بعيداً عنه وجلست على طرف الفراش.

تبسم يوسف لحيائها، فخلع سترة بدلته ووضعها على الأريكة، واقترب منها ببطء وجلس إلى جوارها على الفراش.

كانت ندى توجه نظرها إلى الناحية الأخرى، وضع يوسف أطراف أصابعه على ذقنها ليدير وجهها ناحيته..
-يوسف بنبرة هادئة: بــحبك!
-ندى بخجل: آآ...

شعر يوسف بالاضطراب والتوتر يسود ندى كلما لامسها أو داعبها بكلماته، فحاول قدر استطاعته أن يكون حانياً معها لأقصى درجة.

نزع يوسف برفق فستانها الأبيض ظل يمازحها برومانسية وحب و..
-يوسف مازحاً: هو رابطينه بايه بالظبط، ده أنا بقالي ساعة بفك فيه
-ندى بصوت هامس: آآ... مــ.. معرفش
-يوسف: مش مشكلة، أنا هافضل أفك فيه للصبح، هو أحنا ورانا حاجة
-ندى وهي تنظر في عينيه: ميعاد الطيارة، انت نسيت ولا ايه؟
-يوسف بنظرات عاشقة: لأ مش ناسي.. بس كل حاجة تهون عشانك يا ندى قلبي.

توضأ الاثنين وصليا سوياً، ثم قرأ يوسف على زوجته ندى دعــاء الزواج.. ودعا الله أن يجعل المودة والرحمة بينهما إلى أخر عمرهم...

توجه يوسف مع ندى إلى الفراش، جلست ندى بخجل عليه بعد أن بدلت ملابسها وتدثرت بالملاءة، وضمت ركبتيها إلى صدرها.. جلس يوسف إلى جوارها ثم ابتسم لها.. ثم رفع الملاءة قليلاً وتدثر بها هو الأخر ليصير أقرب إليها
حركت ندى جسدها قليلاً لتترك مسافة بينها وبينه، ولكن يوسف حرك جسده هو الأخر ليقلص تلك المسافة..
تحركت ندى مرة أخرى بعيداً عنه، ولكنه لم يمهلها الفرصة لتبتعد أكثر عنه، فقد أمسك معصمها ونظر لها بنظرات ذات مغزى و...
-يوسف مبتسماً: بعد كده هتقعي من ع السرير، وده مش كويس
-ندى: أها.

أراد يوسف أن يخفف حدة الرهبة والتوتر لدى ندى المرتعشة بجواره، فبدأ في تجاذب أطراف الحديث معها و...
-يوسف: تحبي أجيبلك حاجة تاكليها
-ندى بصوت خافت: لأ
-يوسف: طب تشربي حاجة؟
-ندى: تؤ
-يوسف: طب ممكن أنا أطلب حاجة
-ندى وهي تنظر إليه: اتفضل
-يوسف وهو ممعن النظر: أنا عاوز آآآ... آآ.

أمــال يوسف برأسه على ندى حبيبة قلبه، ثم بدأ يتذوق معها طعم السعادة الذي كان ينتظره بشغف منذ فترة طويلة...

كان يتعامل معها بحنية شديدة، لم يتعجل حدوث شيء، يظل يتابع انفعالاتها معه وتأثيره عليها، وكذلك كان حالها.. فهي شعرت أنها قد وجدت ضالتها المنشودة بجواره، هو حبها الذي حلمت به وتخيلته في الروايات التي كانت تقرأها منذ زمن، هو فارس أحلامها الذي جاء ليأخذها إلى جنات الهيام والعشق...

كان كل شيء يسير على ما يرام، كلاهما مستمتعان ويتذوقــان طعم السعادة في أحضان بعضهما البعض...
ولكن فجــأة توقف كل شيء.. شعر يوسف أن هناك خطب ٌ ما.. هناك شيء غير صحيح.

نهض عن الفراش فجـأة، ثم نزع الملاءة بكل عنف وألقاها على الأرض، ونظر إلى ندى بنظرات فاحصة قاسية باردة و...
-يوسف بنظرات قاسية: ايه ده يا مدام...؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة