قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

في دبي
في الشركة
أرسلت ندى مديرة مكتبها وصديقتها مها إلى مكتب يوسف لتعرف منه سبب رفض الاتفاقية الجديدة، فقد قررت ندى ألا تتقابل معه مجدداً وتحاول تجنبه على قدر الامكان...

رحب يوسف بمها في مكتبه ودعاها للجلوس و..
-يوسف وهو يشير بيده لها: اتفضلي حضرتك
-مها: شكراً يا مستر يوسف
-يوسف مبتسماً: مدام ولا آنسة
-مها: لأ لسه آنسة
-يوسف: ربنا يكرمك ويرزقك بابن الحلال.

-مها وقد ارتسمت ابتسامة خيفة على ثغرها: ميرسي
-يوسف: خير يا آنسة مها
-مها: الاستاذة ندى عاوزة تعرف من حضرتك سبب رفض الاتفاقية
-يوسف باستغراب: طب وماجتش هي ليه بنفسها تسألني؟
-مها: والله ما أعرف.

-يوسف: مممم.. ع العموم أنا هبقى أتناقش معاها في الأسباب والتفاصيل بعدين، المهم أنا عاوزك الوقتي تجهيزلي قايمة بكل الشركات والمؤسسات والمصالح اللي بنتعامل معاهم، وكمان قايمة بالمشاريع اللي احنا شغالين عليها، واللي هنشتغل عليها الفترة الجاية عشان أراجعهم
-مها: مافيش مشكلة.. بس في جزء مع الأستاذة ندى
-يوسف: أنا قولت عاوز كله.. أظن الكلام واضح.

-مها: تمام يا مستر يوسف
-يوسف: يا ريت الكلام ده يكون جاهز خلال ساعتين بالكتير
-مها: لأ كده أنا مش هالحق
-يوسف: معلش يا آنسة مها، انا محتاج ده كله النهاردة
-مها وهي تفكر: مممم... طيب.. عشان خاطر حضرتك
-يوسف مبتسماً لها: وأنا مقدر تعبك.

نهضت مها من على المقعد وتوجهت خارج المكتب ووجهها لا يخلو من ابتسامة رقيقة عليه...

أسرعت مها الخطى ناحية مكتب ندى، طرقت الباب أولاً، ثم دلفت للداخل، كانت ندى مشغولة بمراجعة بعض الأمور، فجلست مها على طرف المكتب و...
-مها وهي تعبث بخصلة شعرها: ده طلع جانتي خالص
-ندى بعدم فهم: مين ده؟
-مها: المدير
-ندى بضيق: أفندم
-مها: شوفي كلامه ولا طريقته ولا ضحكته، اوووف، حاجة تاخد العقل، بيعقد!

-ندى: والله؟ كل ده من كلمتين قالهم
-مها وهي توميء برأسها: أهــا
-ندى: سيبك من الكلام الفارغ ده، وقوليلي موافقش ع الاتفاقية ليه
-مها وهي تمط شفتيها: معرفش
-ندى: نعم؟ متعرفيش ازاي
-مها وهي ترفع كتفيها: مرضاش يقولي
-ندى: ليه ان شاء الله؟ سر حربي مثلا؟

-مها: هو قالي انه هيبقى يقولك الاسباب بعدين
-ندى: هــه
-مها: بس طلب مني حاجة
-ندى: حاجة ايه؟.

سردت مها ما طلبه منها يوسف، فاستغربت ندى من هذا، فليس من شأنه التدخل فيما يخص الشركة من أعمال سابقة، هو فقط مكلف بكل ما هو جديد
-ندى: وده عاوزهم في ايه؟
-مها: ولا أعرف
-ندى: اومال أنا بعتاكي عنده ليه، عشان تتغزلي فيه وفي جماله؟
-مها بنظرات هائمة: هو من ناحية ان الواحد يتغزل فيه فبصراحة، هو آآآ... آآآ.. يستاهل.

-ندى: خلاص قفلي ع السيرة دي، وسيبني أشوف اللي في ايدي
-مها متسائلة: انتي هاتروحي الـ meeting ده
-ندى وهي توميء برأسها: أهــا.. ده ضروري
-مها: طب والمدير.

-ندى بضيق: مالوش فيه، ده اختصاصي، هو أخره يمضي ع ورق، يعترض، يتنيل يكتب ملحوظات، لكن شرا المعدات الجديدة دي تخصني، هو مالوش فيها
-مها: طيب خلاص، أنا بس بسأل سؤال عادي، مافيش داعي للعصبية دي كلها
-ندى: سوري يا مها مقصدش، بس ده وضعه مؤقت، لحد ما بابا يجي، فمش هيعمل ريس عليا وعلى شغلي
-مها وهي تنهض عن المكتب: اوك.. طيب هاسيبك أنا تكملي شغلك، وهاروح أشوف طلبات مستر جوو.

مجرد نطق مها للاسم المستعار ليوسف جعل ندى تشعر بقليل من الضيق والحنق، فليس من حقها أن تناديه هكذا.. هي لا تقرب له، ولكنها عادت من جديد لتذكر نفسها أنها لم تعد له، ولم يعد هو لها...

في منزل مروان بالتجمع الخامس
أحضرت نيرة عدة النظافة، وبدأت في مهمتها الجديدة وهي اعادة ترتيب المنزل كما كان عليه، بذلت قصاري جهدها لكي تنجز الكثير، ورغم ان أعمال المنزل كانت مرهقة لها جداً - فهي لم تكن تحب أدائها حتى وهي مازالت فتاة تقطن مع عائلتها - إلا أنها حاولت أن تحسن المظهر العام للمنزل...

قامت نيرة أولاً بكنس الأرضيات، ثم خبأت الأتربة والبقايا أسفل السجاجيد... جمعت الأوراق الصغيرة والمخلفات ووضعتها بداخل المزهرية الواسعة..
قامت بتلميع الأثاث بقطعة قماش مبللة، تجاهلت تنظيف الأسقف والأركان العالية بفرشاة التنظيف...

ثم اتجهت لعملية مسح الأرضيات بواسطة الممسحة ذات اليد، ولن نغفل عن كمية المسحوق والصابون السائل التي وضعتها، مما جعل الأرضيات ممتلئة بالصابون وجاهزة لكي تجعل أي أحد ينزلق حينما يقرر السير عليها سواء حافياً أو مرتدياً شيئاً في قدمه...

في تلك الأثناء كان مروان جالساً بغرفة مكتبه الموجودة بمنزله يحاول التحضير لاتفاقية شراء المعدات الألمانية الجديدة من كبرى الشركات الألمانية، والتي إن تمكن بالفعل من شرائها، ستؤثر بالايجاب على الشركة وتفيد في إنعاش وإزدهـــار الأعمال بها...

لم يعرف أي أحد عن تلك الاتفاقية الجديدة سوى يوسف، فقام بمراسلته عبر وسائل الاتصال الالكتروني ( وتحديداً الواتس آب ) لكي يكون متابعاً لكل جديد...

اطمن مروان من يوسف على أحوال ندى من خلال تلك المحادثة المكتوبة، وابلغه أنه إلى الآن لا يعلم أي شخص بأمر انفصالهما و...
-مروان وهو يكتب رسالة الكترونية عبر هاتفه: اطمن لسه محدش عنده خبر، حاول انت تصلح الموضوع
-يوسف وهو يكتب الرد عليه عبر الهاتف: أديني شغال.. متبع معها كل الأساليب، ومنتظر
-مروان: ربنا يهدي الحال
-يوسف: يا رب.. وعملت ايه في موضوع السكرتيرة؟

-مروان: أديني بدور على واحدة، ما انت عارف أني مش مستريح للي اسمها علياء
-يوسف: اوك.. اللي انت شايفه صح اعمله، وبرضوه حرص منها
-مروان: ده أنا واخد حذري ع الأخر معاها، أنا بس اللي مصبرني عليها اني عاوز أعرف مين اللي زأئها علينا
-يوسف: أها.. المهم انت كويس مع مراتك
-مروان: هاقولك ايه بس، دي مطلعة عيني بشكل فظيع.

-يوسف: معلش، بكرة تعقل
-مروان: تعقل! ده أنا وراها لحد ما أمشيها ع العجين متلخبطوش
-يوسف: الله يعينك عليها، يالا هاسيبك تشوف اللي وراك ونتكلم بعدين
-مروان: اوك
-يوسف: ماتنساش الشركة هتبعتلك المواصفات والأسعار ع الميل، ابقى تابعه كل شوية، وابعتلي نسخة منه
-مروان: ليه؟

-يوسف: عاوز أشوف ان كانت في حاجة مناسبة تنفع لشركة عمك صلاح ولا لأ
-مروان: اوك.. يوصلني وهبعتهولك ع طول
-يوسف: تمام.. أسيبك في حفظ الله
-مروان: بأمر الله.. سلام!.

أنهى مروان المحادثة الالكترونية مع يوسف، ثم مط ذراعيه في الهواء ليمددهما، ونهض عن مقعده، وقرر أن يتوجه للخارج ليرى ما الذي فعلته نيرة...

سار مروان بخطوات بطيئة، وتوجه إلى الصالة، تسمر في مكانه حينما وجد الأرضية غارقة بالصابون فقد كان على وشك أن ينزلق أكثر من مرة وهو يسير في الطرقة...

بحث بعينيه عن نيرة فوجدها تفرد أحد السجاجيد على الأرضية المبللة، فصرخ عالياً لكي يجعلها تتوقف عما تفعل و...
-مروان بنبرة عالية: نيـــــرة.

انتفض جسد نيرة على أثر صوته، فوقعت السجادة من يدها، ثم التفت إليه لتجده يقف على مسافة منها وينظر لها بكل غيظ و..
-نيرة بخضة: يااااا مه
-مروان بنظرات حانقة: ايه اللي انتي بتعمليه ده؟

-نيرة: والله ما عملت حاجة، ده أنا بفرد السجاد
-مروان: وهو في حد يفرد السجاد والأرض لسه مبلولة
-نيرة: ما هي مش عاوزة تنشف، فأنا بقى فكرت كده مع نفسي، وقولت أحط السجادة ع الأرض، والأرضية تنشف براحتها، أنا مش هاستعجلها
-مروان بتهكم: لأ ماشاء الله واعية.. بس فاتتك جزئية صغيرة
-نيرة: ايه هي؟

-مروان: السجاد لما هيشرب المياه هيكمكم وريحته هتطلع ويعفن
-نيرة وهي فاغرة شفتيها: هـــااااه
-مروان بضيق: وده ان دل هيدل ع انك ست بيت فاشلة.

كانت نيرة على وشك الرد عليه، ولكنها أثرت الصمت حتى لا تجلب لنفسها مشادة كلامي معه، فظلت تهمهم مع نفسها في ضيق و..
-نيرة في نفسها: مش كتر خيري اني نضفت الأرض، أشق نفسي نصين عشان يعجب
-مروان: اللي انتي عملتيه ده اسم عك.

-نيرة وهي تزفر في ضيق: اووووف
-مروان: نظام عك وليس، كله كويس ده مايمشيش معايا
-نيرة ع مضض: طب قولي حضرتك أعمل ايه
-مروان: بصي انتي آآآآ... آآآآآآآآآآآآه.

بدأ مروان بالسير مجدداً على الأرضية، ولكنه غفل عن أنها تسبب الانزلاق، فلم يكمل عبارته الأخيرة إلا وقد انزلقت قدماه وسقطت على وجهه...

كان مشهد سقوط مروان مضحكاً، فلم تتمالك نيرة نفسها من الضحك على هيئته، جن جنونه حينما رأها تضحك عليه و..
-نيرة وهي تقلد مشهد إنزلاقه: هههههههههههههههههه، مش ممكن، هههههههههههههه، فوووو
-مروان متألما: اضحكي.. اضحكي، آآآي.

حاول مروان النهوض ولكن كانت الأرضية زلقة للغاية، فكان يسقط مراراً وتكراراً، ونيرو تنظر إليه وأعينها باكية من كثرة الضحك
-نيرة بصوت خافت: هههههههههههههههههههههههههه، احسن.

نجح مروان في الوقوف أخيراً، كان وجهه محتقناً من الغضب، ارتعدت نيرة، فركضت هي الأخرى،ولم تنتبه للأرضية المنزلقة، فخانتها قدميها وانزلقت هي الأخرى لتسقط على الأرض بقوة و,,,
-نيرة متآلمة: ااااااااااه
-مروان وهو يشير بيده: تستاهلي.

تآلمت نيرة من أثر تلك السقطة كثيراً، ولكنها لم تحاول أن تريه هذا، بينما وقف هو يقلدها ويسخر من هيئتها و..
-مروان وهو يقلد حركاتها: ياااامه، آآآآه.. هههههههههههههههههه شكلك انتي اللي مسخرة ومهزأ ع الأخر
-نيرة بضيق: متضحكش عليا.

-مروان: اتفضلي عيدي اللي عملتيه ده كله تاني، العك ده ماينفعش معايا، ونضفي الأرض الدور ده بمياه بس، وغيريها كل شوية عشان الصابون ده يخف من ع السراميك
-نيرة: طيب
-مروان: والسجاد يتساب ع المنشر لحد ما الأرض تنشف خالص وبعد كده يتحط عليها
-نيرة متزمرة: بس أنا مش هأقدر أشيل السجاد ده كله لوحدي
-مروان: ماشي أنا هشيلهولك، بس انتي اللي هاترجعيه يا هانم
-نيرة: طيب.

قام مروان بإزاحة أحد السجاجيد ليتفاجيء بكمية الأتربة المخزنة أسفله، صعق من المنظر و...
-مروان وهو يرفع السجادة: ايييييه ده؟
-نيرة بتوتر وهي مدعية عدم معرفتها بالأمر: احم.. آآآ.. مـ... معرفش
-مروان: يعني انتي عاوزة تقنعيني ان ده كله جه لوحده هنا؟

-نيرة وهي تهز كتفيها: جايز
-مروان: أنا هانجلط قريب بسببك
-نيرة: وانا مالي.. ذنبي ايه ان التراب اتجمع في حتة واحدة
-مروان بتهكم: لأ مالكيش ذنب، هو فجأة لاقى نفسه متبعتر فقالك أما ألم نفسي بقى بدل ما أنا سايب كده، واتكوم في حتة.

حاولت نيرة أن تخفي ضحكتها حتى لا تثير ضيق مروان..
أزاح مروان السجادة ووضعها بجوار الشرفة، اصطدمت قدمه بدون قصد بالمزهرية الموضوعة على جنب، فوقعت وتبعثر بعضاً مما هو موجود بداخلها من مخلفات..

صدم مروان لرؤية ذلك المشهد، نظر لنيرة بأعين مشدوهة، أمسك بالمزهرية ومد يده بداخلها، واخرج عدداً من الأوراق و..
-مروان: ده ايه ده كمان
-نيرة: أنا.. أنا ماليش دعوة
-مروان: و الله؟ يعني أنا جايبها بزبالتها
-نيرة وهي تمط شفتيها: احتمال برضوه
-مروان وهو ينظر للمزهرية: أنا لو حدفت البتاعة دي في دماغك ممكن تتكسر؟
-نيرة متسائلة: هي ولا دماغي؟
-مروان بحنق: انتو الاتنين..!.

في منزل صلاح الدسوقي
اتصل صلاح الدسوقي بصديقه القديم علي ليبلغه بأمر التخطيط لعودته إلى القاهرة، فرحب علي كثيراً بهذا الخبر، وتعهد له بأن يبحث له عن مكان جديد ومناسب ليكون مقراً للشركة...

-صلاح بفرحة: الحمدلله يا زينب ان علي موجود معايا هنا
-زينب: ربنا يكرمه يا رب، الراجل واقف معاك من زمن
-صلاح: انا ناوي أخليله حصة في أسهم الشركة الجديدة
-زينب: وماله، هو يستاهل كل خير
-صلاح: قوليلي يا زينب، البت ندى مقالتلكيش حاجة؟
-زينب: هي كويسة، دي ع طول بتكلمني وتطمني ع نفسها، هي كانت قالتلك حاجة؟

-صلاح: مممم... لأ
-زينب: أومال بتسأل ليه يا حاج؟
-صلاح: مش مرتاح، معرفش ليه عندي احساس ان البت فيها حاجة ومخبية
-زينب: تلاقيها بس مضايقة اكمننا بعاد عنها
-صلاح: جايز برضوه، بس هي الوقتي معاها جوزها
-زينب: ربنا يخليهم لبعض، احنا بس نطمن ع توتا ونحصلهم
-صلاح: بأمر الله.

في منزل مروان بالتجمع الخامس
أمسكت نيرة بإحدى السجاجيد الموضوعة بالقرب من الشرفة، ثم طرحتها على السور، وأحضرت (مضرب التنفيض) لكي تنفض التراب عنها بأوامر من مروان...

كانت السجادة نوعاً ما ثقيلة في الوزن، لذا عانت نيرة معها لكي تطرحها على السور وتكون مفرودة بالكامل أمامها..
أمسكت نيرة بطرف السجادة بيدها، ثم رفعتها قليلاً عن السور، وباليد الأخرى أمسكت بــ ( مضرب التنفيض )، وبدأت في ضرب السجادة ضربات خفيفة..
نظر لها مروان في تعجب وهو عاقد ساعديه أمام صدره و...
-مروان مندهشاً: انتي كده بتنفضيها؟
-نيرة: اومال يعني بزغزغها؟ ما أنا شغالة اهوو.

دفع مروان نيرة جانباً بكتفه، ثم وقف هو مكانها، ومد يده لكي يأخذ منها ( مضرب التنفيض ) و...
-مروان وهو يدفعها جانباً: ده كده مش تنفيض، ده لعب عيال ومش هانخلص، اوعي كده أما أوريكي تنفضي ازاي
-نيرة وهي تناوله مضرب التنفيض: اتفضل.

أمسك مروان بمضرب التنفيض، ثم بدأ في ضرب السجادة عدة ضربات سريعة وقوية، جعلت الغبار يتناثر في الهواء، فعطس كلاهما على الفور و...
-نيرة: آآآ... آآآتشوووووو
-مروان: هاتشوووووووو.

أمسك مروان بمعصم نيرة، ثم وضع ( مضرب التنفيض ) في يدها، ونظر إليها نظرات تحدي و...
-مروان: عيشي حياتك بقى معاها، وانا داخل جوا.

وقفت نيرة تنظر له بأعين مغتاظة، ولكن ليس بوسعها فعل شيء معه.

وما إن خرج مروان من الشرفة حتى أغلق أبوابها الزجاجية خلفه، وأوصدها حتى لا تستطيع نيرة الخروج منها و...
-مروان وهو يشير لها بيده: اصل التراب بيتعب صدري، وأنا مش ناقص.. يالا وريني شطارتك، ربعاية هافرد ضهري كده ع السرير وهرجعلك تكوني خلصتي.. تشاووو.

ألقت نيرة بـ ( مضرب التنفيض ) على الأرض، واخذت تضرب بقدمها الأرض بعصبية وهي تشتعل غيظاً منه..
-نيرة بحنق: حسبي الله ونعم الوكيل، ياااا رب السرير يقع بيك.

في دبي
في الشركة
أجرت ندى العديد من المكالمات الهاتفية للترتيب للاجتماع القادم مع أحد الشركات الصينية الخاصة بتوريد المعدات الحديثة الخاصة بمجال المقاولات وأعمال البناء، وبالفعل نجحت في تحديد موعد للاجتماع بعد يومين في أحد محال الأطعمة الشهيرة.. لم ترد اخبار يوسف بهذا الأمر، لأنه ليس من اختصاصه، كما أنها تريد أن تضع حدوداً للتعامل معه...

حان موعد استراحة الغذاء بالشركة..
توجه غالبية الموظفين والعاملين بالشركة إلى المطعم الملحق بها، بينما ظلت ندى في مكتبها، رفضت أن تنزل معهم كعادتها حتى لا تلتقي بيوسف.. وفضلت أن تكمل عملها في مكتبها...

تواجد يوسف بمطعم الشركة، بحث بعينيه عن ندى، ولكنه لم يجدها بين الحاضرين.. ظن أنها ربما ستأتي متأخرة.. فاستراحة الغذاء مدتها ساعة تقريباً.. أحضر صينية الطعام ووضع بها وجبة بسيطة.. توجه إلى إحدى الطاولات الموجودة في أحد الأركان لتكون زاوية الرؤية لكامل من هو موجود في المطعم واضحة له...

لمحت مها يوسف وهو يجلس على الطاولة، اعتلت الابتسامة وجهها، ثم توجهت إلى البوفيه الملحق بالمطعم، وأحضرت وجبتها، وتوجهت إليه و...
-مها والابتسامة واضحة على ملامح وجهها: ممكن أقعد مع حضرتك
-يوسف وهو يشير لها بيده: أه طبعاً.. اتفضلي
-مها: ميرسي يا مستر يوسف.

-يوسف وهو ينظر بعينيه للمكان: واضح كده ان الكل ما بيصدق تيجي ساعة البريك عشان ينزل ياكل
-مها: شووور..فرصة الواحد يرتاح شوية
-يوسف بخبث: ممم.. بس الظاهر ان مش كل اللي شغالين في الادارة بينزلوا هنا
-مها: تقصد مين؟
-يوسف: يعني الأستاذ صلاح أو آآآ...

-مها: ندى؟ لألألأ.. دي ع طول بتيجي في وقت البريك هنا، دي كمان كانت ساعات بتجيب معاها كتاب ولا رواية تقراهم
-يوسف مبتسماً: لا والله
-مها: ده أنا عاوزة أقول لحضرتك أنها بتعشق الكتب أوي.. اوووف.. دودة قراية زي ما بيقولوا
-يوسف في نفسه: لسه محافظة ع هوايتها، ده أنا كنت مفكر أنها نسيت الحكاية دي...

ظل يوسف يعبث بالطعام بالملعقة، ولم يتذوق منه إلا القليل.. فكان نظره مسلطاً على باب المطعم لكي يرى ندى وقف دلوفها إليه...
قاربت الساعة على الانتهاء ولم تحضر ندى، شعر يوسف بالضيق، لأنها لم تأتي كما أبلغته مها، ولم ينل من تلك الراحة إلا الإصابة بالصداع من حديث مها المتصل في أمور عامة وتافهة.. ولكنه كان يكتفي فقط بالتعليق كل فترة حتى لا تشعر هي أنه قد ضجر من حديثها الفارغ...

نظر يوسف في ساعة يده، ثم نهض عن الطاولة و...
-مها باستغراب: ده.. ده لسه بدري
-يوسف: يدوب ألحق أطلع المكتب
-مها: ده انت حتى مكملتش اكل.

ويبدو أن عبارة مها الأخيرة قد أشعلت فكرة ما برأسه...
-يوسف وقد نظر للصينية: هــه.. آآآآ.. هبقى أكمل فوق، يالا أشوفك بعدين.

حمل يوسف صنية الطعام معه، ودلف خارج مطعم الشركة وهو يتجه بنظره إلى الأعلى...
-يوسف بصوت خافت وهو يبتسم: لو مش عاوزة تاكلي عشان أنا موجود، يبقى أجيبلك الأكل لحد عندك...!.

في منزل مروان بالتجمع الخامس
انتهت نيرة من تنظيف السجادة من الغبار والأتربة العالقة بها، طرقت بيدها على باب الشرفة الزجاجي عدة طرقات عالية، فجاء إليها مروان، ظل واقفاً ينظر لها من خلف الباب الزجاجي، فأشارت له أنها انتهت من تنفيضها..

فتح لها مروان الباب.. نظر إليها بتمعن ثم فجأة علت قهقاته وضحكاته على هيئتها الغريبة.. فقد كان وجه نيرة وشعرها وجبينها مغطى بالتراب، إلا من بعض المناطق حيث كانت تمسح العرق عن وجهها بيدها فيتجمع التراب في جانب، ويخف في جانب أخر...
-نيرة بضيق: بتضحك ع ايه
-مروان: ههههههههههههه، ع منظرك، شكلك رهيب، هههههههههههه، لأ وطلعلك شنب وسوالف.. ناقصك بس دقن وتبقي شبه الرجالة.

نظرت نيرة إلى وجهها في المرآة العاكسة، وتفاجئت بهيئتها المزرية
-نيرة بصدمة: اييييه ده
-مروان: هههههههههههههه
-نيرة بضيق: بتتريق عليا وأنا طالع عيني في تنفيضها
-مروان وهو يشير بيده: سوووري.. بس ههههههههههههههههه شكلك يفطس
-نيرة بغل: بطل بقى
-مروان: خلاص، ماتزرزريش، يالا عشان تكملي الباقي
-نيرة: هو لسه في باقي
-مروان: طبعاً.. ده أنا هانفخك
-نيرة: لألألأ... حرام.

اضطرت نيرة أن تعيد تنظيف المنزل مرة أخرى، وتلك المرة باشراف مباشر من مروان الذي لم يدخر وسعه في ارهاقها حتى يتأكد من نظافة كل شيء وترتيبه في مكانه...
كادت نيرة أن تموت من التعب، ولكن رغم هذا أتمت كل شيء على مضض و..

-نيرة والارهاق بادياً على وجهها: كده تمام
-مروان: مممم... مش بطال
-نيرة: هو ايه اللي مش بطال، ده أنا وسطي اتهرى من كتر التوطية والكنس والمسح والتنفيض
-مروان: بكرة تتعودي، وتبقي لهلوبة
-نيرة: آآآآه
-مروان: كفاية عليكي كده النهاردة.. روحي بقى جهزيلنا عشا حلو
-نيرة: ايييه ده هو أنا هاطبخ كمان؟ لألألأ.. احنا متفقناش ع كده.

-مروان: ماهو حكاية الديلفري دي خلاص انتهت وراحت لحالها، كانت أيااااااه وولت.. دلوقتي أنا عاوز أدوق الطبيخ المنزلي... ويا سلام لو من ايدك
-نيرة بتردد: بس آآآآ...
-مروان بأعين محذرة: نعم؟ عندك اعتراض؟
-نيرة: لألألأ، حاضر.

-مروان: أه بحسب.. ويا ريت تغسلي ايدك كويس قبل ما تلمسي الأكل.. انتي عارفة عشان الميكروبات والجراثيم، وأنا راجل رياضي بحب أحافظ ع صحتي
-نيرة بوجه ممتعض: اووووف
-مروان: واضح من تعبيرات وشك أنك هتفاجئيني صح؟
-نيرة: ده أنت هتتصدم
-مروان وهو يبتعد عنها ومحاولاً إغاظتها: طب يالا... أنا هريح ع الكنبة دي تكوني جهزتي الأكل، لأحسن جسمي تقل من كتر الراحة، فمتتأخريش!.

سارت نيرة نحو المطبخ وهي تهمهم وتسب بصوت خافت، ولكنها أدركت شيئاً للتو فتسمرت في مكانها، ونظرت أمامها في صدمة و...
نيرة في نفسها: ده.. ده أنا مبعرفش أطبخ، هاعمله ايه ده...؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة