قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 1 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الثاني والثلاثون

في الاستراحة
كان علاء مازال يسب ويلعن ندى امام بعض الحاضرين، بل إنه يتعمد أن يجعلها كساقطة في نظرهم و..
-علاء: ده بدل ما تقول الحمدلله انها لاقت المغفل اللي زيي ويتستر عليها، لأ شغالة.. مش راحمة نفسها
-شاب ما: بلاش كده
-شاب أخر: شششش.. بس لأحسن احمد جاي
-علاء: احمد مين ده كمان؟
-شاب ما: ده واحد من منظمين الرحلة
-علاء: وماله ما يجي هو انا قولت حاجة غلط، ده المفروش يجوا يسترجوني اسامحهم ع اللي حصل.. ويتأسفولي كمان.

جاء احمد إلى علاء لكي يبلغه بشأن انتقاله للجلوس في حافلة اخرى لتجنب مزيد من الاشتباكات و..
-احمد: معلش يا استاذ علاء، حضرتك هاتروح تقعد في باص تاني
-علاء: اشمعنى
-احمد: احم.. يعني عشان اللي حصل...
-علاء: شايفيين، أهوو مجبتش حاجة من عندي
-شاب ما بصوت خافت: واضح ان كلام الجدع ده صح
-شاب أخر: ماتستبعدش.

ثم انضمت رضوى إلى احمد لكي تتأكد من انتقال علاء إلى الحافلة الأخرى و..
-رضوى: علاء لو سمحت
-علاء: خير يا رضوى
-رضوى: احمد جه كلمك عشان تطلع الباص التاني
-علاء: اه جه، وانا بقى مش عاوز اطلع
-رضوى: هــاه
-علاء بوقاحة: هو أنا اللي غلطان عشان أسيب الباص، ما تحطي في عينك حصوة ملح يا رضوى،ده أنا الراجل! ومغلتطش في حاجة
-رضوى فاغرة فاهها: نعم؟
-علاء مكملاً: أنا طالع وقاعد على قلوبكم في الباص ده ومش نازل منه، وأوعي بقى
-رضوى: يا علاء استنى.

لكي يثبت أن روايته صادقة تماماً، أصر علاء على الصعود على متن نفس الحافلة مع يوسف وندى، مدعياً أنه لم يفعل شيئاً مخزياً، لقد كانت البجاحة والوقاحة في أسوأ صورها متجسدة في مثل هذا الشخص...
-علاء بصوت مرتفع: وسعوا كده، أنا طالع الباص ده.

رأت ندى علاء وهو يقترب من الحافلة من نافذتها فتملكها الرعب من هيئته، فلا إرادياً تراجعت للخلف وأمسكت بيد يوسف الواقف بجوارها، فنظر إليها بدهشة غير مصدق لما فعلت، ولكنه انتبه لما تنظر إليه بعيون جاحظة، بلى إنه ذاك الوقح المسمى علاء يقترب من الحافلة بكل ثقة وكأنه لم يفعل أي شيء..
-ندى بصدمة وقد وضعت يدها على كف يوسف: لأ.. لأ... مش.. مش.. ممكن
-يوسف بدهشة ناظراً إليها: هـــــاه.. ايه ده، ده ابن الـ...، ايه اللي جايبه هنا؟.

كان مروان يقف حائلاً أمام علاء ويمنعه من الصعود إلى الحافلة و..
-علاء بغيظ: وسع يا كابتن، أنا طالع
-مروان وقد وقف أمامه: لأ مش هايحصل
-علاء باصرار: ورحمة الغاليين كلهم لأنا طالع الباص ده
-مروان بتحدي: طب ورحمة الغاليين بتوعك ما أنت طالعه
-علاء: اوعى من وشي بدل ما أدفنك هنا
-مروان: تدفن مين.

-يوسف من الخلف: سييبه يا مروان يطلع الباص
-مروان بصدمة: نعـــم؟.

فكر يوسف في حل سريع لتلك المعضلة، فإن أصر على رفضه لصعود علاء على متن الحافلة ستحدث كارثة بكل المقاييس، وإن قبل بصعوده وندى موجودة سيحدث الصدام لا محالة بينهما.. لذا الحل الذي وصل إليه هو أن يأخذ ندى وأختيها وينزل بهن من الحافلة وينتقل لحافلة أخرى...

-يوسف لندى: تعالي معايا
-ندى: هاه
-يوسف: يالا مش هانقعد هنا
-ندى: آآآ.. بـ... بس
-يوسف: يالا.

مد يوسف يده وجذب حقيبة ندى، ثم أمسك بندى من كف يدها وسحبها خلفه، وانطلق بها خارج الحافلة، صُدم كلاً من مروان وعلاء لرؤية يوسف وهو ممسكاً بندى ومنطلقاً بها خارج الحافلة فعجز علاء عن النطق و..
-يوسف وهو يمسك بحقيبة ندى: تعالي معايا
-ندى وهي شدوهة مما يفعل: انت رايح فين
-يوسف: هنسيب الباص خالص
-ندى غير مصدقة: ايييه؟

-مروان: يعني ايه أسيبه يطلع؟
-يوسف: حاسب كده يا مروان
-نيرة بدهشة: ندى! انتي رايحة فين؟
-فاطيما وهي تنهض من مكانها: خديني معاكي يا ندى.

أسرعت فاطيما خلف أختها ندى وأمسكت بيدها وتركت الحافلة معها، فما كان من نيرة إلا أن تنهض هي الأخرى وتذهب خلفهما.

-علاء غير مصدقاً لما يرى: ايه اللي بيحصل ده
-مروان بقرف: اتفضل ياخويا، الباص كله بتاعك.

انطلق مروان هو الأخر خلف نيرة وأختيها تاركاً علاء واقفاً غير مستوعباً للذي حدث..
-أحد الأشخاص لعلاء: وسع يا كابتن خلينا نطلع
-علاء: ما تطلع هو انا حاشيك
-شخص ما: ماشي.

صعد يوسف على متن الحافلة الأخرى – والتي كانت غالبيتها من الفتيات - واتفق مع أحمد أن ينتقل هو ورضوى إلى الحافلة الأولى، ورغم انه لم توجد أي أماكن شاغرة في الحافلة إلا أن يوسف أصر على ايجاد مقعد واحد شاغر على الأقل لكي تجلس عليه ندى أو إحدى أختيها ثم يتبادلن الجلوس سوياً عليه، ووضع في الممر من الأمام مقعداً بلاستيكاً لكي تجلس عليه الأخت الأخرى، وفضل أن يجلس هو في ظهر المقعد المجاور للسائق لكي يكون مقابلاُ لهن مباشرة...

-يوسف: أحمد معلش هتروح انت مع رضوى الباص التاني
-أحمد: اوك
-يوسف: ومش هوصيك ع الحيوان اللي هناك، عاوزك تروق عليه
-احمد: متقلقش، اعتبره اتنفخ من دلوقتي
-يوسف وهو يربت على كتفه: تسلم.

-يوسف آمراً ندى بالجلوس: تعالي يا ندى، اقعدي هنا
-ندى: فين؟
-يوسف مشيراً بيده لأحد المقاعد: ع الكرسي ده، بعيد عن أي حد وورا السواق، عشان محدش يضايقك
-ندى: بس اخواتي هيقعدوا فين؟

-نيرة بتهكم: مكان السواق أكيد
-يوسف: لأ.. بصي أنا هاحط كرسي بلاستيك هنا جمب اختك، معلش هو هيبقى الأعدة صعب شوية بس اهون من الأعدة في الباص التاني
-نيرة: اي حتة بعيد عن الزفت ده تبقى جنة
-ندى: اها
-فاطيما: وأنا هاقعد ع حجرك يا نوودة
-ندى: ماشي.

بالفعل جلست ندى على المقعد، ثم اجلست فاطيما فوق حجرها، بينما جلست نيرة على المقعد البلاستيكي.. لحق مروان بهم، وتأكد من أن الأوضاع على ما يرام بداخل الحافلة... ثم أمر السائق بالانطلاق واستئناف الرحلة...

بدأ الجميع في الصعود على متن الحافلات واستئناف الرحلة، كانت مايا تظن أن يوسف مازال في الحافلة الأولى، لذا بدون تفكير منها انتظرت لأخر وقت ثم صعدت الحافلة مع رضوى وأحمد وظلت تبحث بعينيها عن يوسف بين الركاب، ولكنها لم تجده، وكانت تلك كارثة بالنسبة لها خاصة حينما بدأت الحافلات بالتحرك و..
-مايا: ممم.. انا هستنى شوية عشان أتأكد ان الكل طلع الباص، وبعد كده أطلع انا.. أيوه،مش هايكون قدام جوو أي فرصة غير انه يسيبني معاه في الباص..

-رضوى بصوت حاد نسبياً: يالا يا جماعة، احنا ماشيين
-احد الأشخاص: طيب..
-شخص أخر: اوك
-شخص ثالث من الخلف: اتوكلي على الله لحسن اتأخرنا أوي
-فتاة ما: يالا يا أسطى
-أحمد: تمام كده، الكل موجود
-شخص بالخلف: اه يا ريس.

-مايا وهي تسرع الخطى: استنوني، أنا طالعة معاكو
-رضوى بدهشة: مايا! انتي ايه اللي جايبك هنا
-مايا: عادي يعني
-أحمد: يالا يا اسطى، اتوكل على الله
-السائق: حاضر
-مايا وهي تحدق في وجوه الموجودين: اومال فين جوو
-رضوى: ها ه
-مايا: يوسف اعد فين؟

-رضوى: هو نزل من الباص ده وركب في الباص التاني
-مايا بصدمة وعدم تصديق: اييييه؟ ازاي؟
-رضوى: اهوو اللي حصل
-مايا: مش ممكن، وقفوا الباص أنا لازم أنزل منه فوراً
-رضوى: للأسف مش هاينفع، احنا خلاص مشينا
-مايا وهي تركل بقدميها الأرض: اوووف، يادي الحظ!.

في الحافلة الأخرى
بدأ الشباب والفتيات في ترديد الأغاني المشهورة في الرحلات وأضافوا جواً من المرح والبهجة على الموجودين..
في حين كانت ندى تنظر من النافذة وهي تتذكر ما حدث لها قبل قليل مع ذلك الهمجي فتنساب دموعاً على وجنتيها، حاولت أكتر من مرة ألا تفكر فيما حدث، ولكنها لم تسطتع، هي تعرضت لأسوأ المواقف في حياتها، لم تتخيل أنه يوجد أشخاص وضعاء بمثل تلك الطريقة في الحياة، هي تعلم أن ذلك الموضوع لن يمر مرور الكرام، فشخصية مثل شخصية علاء على استعداد تام لفعل أي شيء وايذاء الأخرين دون تردد.. بأصابعها الرقيقة كانت ندى تحاول أن تمسح دموعها المناسبة و..

-ندى في نفسها وهي تنظر من النافذة: مش ممكن يكون في حد بالبشاعة دي، أنا ايه بس اللي عملته غلط عشان أشوف واحد زي ده، حسبي الله ونعم الوكيل فيه، حسبي الله ونعم الوكيل فيه
-فاطيما بصوت خافت: ندى، انتي بتعيطي؟
-ندى: هـه.. لــ..لأ يا طمطم
-فاطيما: اومال ده ايه
-ندى وهي تمسح دموعها بطرف اصبعها: ده عيني بس بتوجعني من التراب
-فاطيما: طيب.

كان يوسف يراقب كل حركة تصدر من ندى ويكاد قلبه يعتصر من الآلم عليها، هو يريد أن يهون عليها ما حدث، وكان كيف سيفعل هذا..
-يوسف في نفسه: اه لو أقدر أنسيكي اللي حصل، أنا عارف انه كان صعب عليكي، بس الحمدلله ان أنا كنت موجود، أنا مش عارف لو مكنش ربنا بعتني ليكي كان ممكن ايه اللي يحصلك.

أما عن نيرة فكانت تسب وتلعن بصوت خافت، هي تود لو كانت تمسك بعصا حديدية وتطرق بها على رأس ذلك الحيوان فترديه قتيلاً على الفور، بينما كان مروان واقفاً بجوار الباب يراقبها في صمت و..
-نيرة بصوت خافت وهي تسب وتلعن: أما نرجع بس القاهرة لهحكي لبابا ع اللي حصل، ومش هنخلي الوضوع ده يعدي على ابن سناء الـ... ده، يا سلام لو كان معايا شومة ولا بلطة كنت نزلت بيها ع نافوخ أمه وجبت أجله
-مروان بصوت هامس: يا سلام لو ربنا يتوب عليكي وتبطلي تشتمي.

أغمضت ندى عينيها لكي تستريح قليلاً مما حدث، فمازال الطريق أمامهم طويل إلى حد ما.. غفت ندى قليلاً، فقام يوسف بالاشارة لفاطيما لكي تنهض من على اختها وتتركها...
-يوسف هامساً: طمطم
-فاطيما: ايوه
-يوسف: تعالي جمبي
-فاطيما: ليه
-يوسف وهو يشير لأختها ندى: اختك نامت، فقومي من عليها واقعدي جمبي
- فاطيما وهي تنظر لأختها: اوك
-يوسف: برافو يا طمطم.

ظل يوسف يتأمل ندى وهي نائمة من مكانه، ما كاد يثير حنقه بالفعل هو وجود أثار الاعتداء على خلجات وجهها، والتي كانت تبدو ظاهرة رغم المساحيق الموضوعة عليها لاخفائها، وكلما تذكر الوحشية التي كان يعتدي بها علاء عليها، احتقن وجهه وغلى الدم في عروقه، وتمنى لو كانت الفرصة مازالت مواتية أمامه للانقضاض عليه من جديد...
-يوسف وهو يتآمل ندى: اه لو اطولك تاني يا ****، كنت فرمتك تحت ايدي، كنت خليتك كل حتة فيك لوحدها، آآآه.. حظك انك مش قصادي.. آآآخ!.

توجه مروان للخلف وطلب من أحد الفتيات أن يصطحبن نيرة واختها الصغرى معهن كي يهون عليهما، وبالفعل جاءت إحدى الفتيات لنيرة وطلبت منها بتهذيب أن تنضم إليهن، ونتجية لإلحاح فاطيما المستمر وتجشيع يوسف والفتاة اضطرت نيرة أن تنهض من مكانها و تشارك الفتيات غنائهن..
-مروان: بقولك ايه سالي
-سالي: ايوه يا ماروو
-مروان: ممكن تخلي نيرة الي أعدة قدام دي واختها الصغيرة يقفوا معاكو شوية
-سالي: طب ما يجوا عادي، مافيش مشكلة
-مروان: معلش روحيلها انتي بنفسك أصلهم مكسوفين وكده
-سالي: اوك.. انت تؤمر بس يا ماروو
-مروان: شكراً يا سالي.

-سالي بصوت مهذب: يا آنسة بعد اذنك
-نيرة وقد التفتت لها: ايوه
-سالي: ممكن تيجي تقفي معانا
-نيرة: ليه؟
-سالي: ده الوقت بتاع البنات اللي بيغنوا فيه، وكلنا أعدين ورا ومافيش شباب كتير موجود معانا، فتعالي صقفي ويانا
-نيرة: لأ مش عاوزة، شكراً
-فاطيما: يالا يا نيروو نروح نتفرج
-نيرة: لأ.

-فاطيما: عشان خاطري، أنا زهقت من الأعدة كده
-نيرة: وأسيب ندى وهي في الحالة دي
-يوسف متدخلاً في الحوار: أختك نايمة، يعني مافيش مشكلة
-نيرة: هــاه
-فاطيما: عشان خاطري
-سالي: يالا تعالي.

-فاطيما وهي تهز أختها: يالا يا نيرو، حبة صغنتتين أد كده وهنرجع تاني
-نيرة على مضض: اووف
-سالي: بصي احنا هنصقف ونغني بس..
-فاطيما وهي تقبل اختها على وجنتها: يالا يا نيرو.. موووه
-نيرة: طيب..
-فاطيما بفرحة: هييييييه.

ابتسم مروان حينما رأى نيرة وقد نهضت لتشارك الفتيات الغناء والتصفيق، لعلها تستطيع أن تندمج وتنسى ما مرت به اختها، بالاضافة إلى محاولته لتخفيف جو الاحتقان والتوتر الموجود فبالتالي يثنيها بطريق غير مباشر عن مواجهة علاء فهو لا يضمن تصرفات نيرة الطائشة و..
-مروان مبتسماً: الحمدلله انها قامت، يمكن تنسى شوية لحسن دي عاملة زي المجنونة، يمكن لو شافت الزفت ده قصادها تنط وتهبش في كرشه، وأنا مش عارف ساعتها هاعمل ايه بالظبط..!

على ما يبدو أن ندى كانت تعاني من آثار كابوس ما حيث بدأت تتحرك جفونها بعصبية، وتتنفس بصعوبة، فلاحظ يوسف هذا فأسرع بالجلوس على المقعد البلاستيكي بجوار ندى وحاول افاقتها و..
-ندى وهى غافلة: آآ... مم..
-يوسف وهو ينتقل للجلوس بجوارها: الظاهر انها بتحلم بكابوس.

-ندى وهي تتنفس بصعوبة: آآ...

وضع يوسف يده على كف ندى برقة، ثم همس في أذنها باسمها لكي تنهض و..
-يوسف وهو يضع يده على كفها: نــدى!.

بدأت ندى تفيق على صوت يوسف الهامس لها، فتحت عينيها بصورة مفاجاة وكأنها ترى علاء جالساً أمامها، فانتفضت في مكانها، فحاول يوسف أن يهدأ من روعها ويطمئنها و...
-يوسف مكرراً بصوت هامس: ندى!
-ندى وقد فتحت عينيها: هــــاه.. لأ.. لأ.. عــ.. علاء
-يوسف وهو يمسك كف يدها بكلتا يديه: اهدي يا ندى، مافيش حاجة، انتي في الباص..

-ندى وهي تنظر إليه بخوف: عـ.. علاء
-يوسف: متخافيش الكلب ده مش هنا، اهدي، انتي كويسة ومعايا، محدش هيقدر يعملك حاجة
-ندى: آآآ...
-يوسف: بسسس.. متخافيش، أنا معاكي ومش هاسيبك
-ندى وقد نظرت ليديه الممسكة بيدها: آآآ...

اكتست وجنتي ندى بحمرة الخجل حينما رأت كفي يوسف ممسكين بكفها، فسحبت يدها على الفور من كفيه، واعتدل هو في جلسته ثم..
-يوسف: احم.. سوري.. أنا مكونتش أقصد أمسك ايدك، بس انتي الظاهر كنتي بتحلمي بكابوس وانا كنت عاوز افوقك منه
-ندى بخجل: آآآ.. شـ.. شكراً
-يوسف: انتي كويسة الوقتي
-ندى: اها.

مد يوسف يده لحقيبته الخاصة وأخرج منها زجاج المياه الخاصة به ثم أعطاها لندى لكي ترتشف منها بعض الماء و..
-يوسف: اتفضلي
-ندى باصرار: لأ شكراً، مش عاوزة
-يوسف: والله أنا لسه ماشربتش منها، دي نضيفة
-ندى: لأ مش القصد بس آآآ...
-يوسف بإصرار: اشربي بؤ بس، بلي ريقك
-ندى: لأ شكراً
-يوسف: والله ماهي راجعة، أمانة عليكي لتشربي.. ماشي، ماتكسفنيش بقى
-ندى بحياء: اوك.

ابتسم يوسف وشعر بارتياح لأن ندى كانت تتجاوب معه، وأنه نجح إلى حد ما في التهوين عليها.. حتى وإن كان يضمر في صدره الكثير تجاه علاء.. هو عقد العزم ألا يترك علاء مهما حدث، بل إنه سيلقنه الدرس الذي يستحقه، ولكن في الوقت المناسب...

في الأسكندرية
وصلت الحافلات إلى مدينة الاسكندرية –عروس البحر المتوسط- حيث اصطفت في محطة الرمل لتبدأ منها أولى الجولات في تلك الرحلة المثيرة.

أبلغ المنظمين جميع المشاركين في الرحلة أن امامهم ما يقرب من الساعتين لعمل جولة حرة في محطة الرمل، أو التوجه خلال تلك الفترة إلى قلعة قايتباي، أو التجول على الكورنيش.. تركوا للجميع حرية الاختيار والتصرف بشرط الالتزام بالحضور في الميعاد المحدد للانصراف...

ترجلت مايا من الحافلة وهي تتذمر من الوضع الذي كانت فيه، أسرعت ناحية الحافلة المتواجد بها يوسف وهي تنادي بأعلى صوتها و...
-مايا: جووو.. جووو
-مروان وقد رأها: دي مايا اللي بتنادي دي ولا ايه
-يوسف وقد التفت ناحية مصدر الصوت: أه هي
-مروان: يا ساتر يا رب، ع وشها زعابيب أمشير
-يوسف: ربنا يستر، أنا مش ناقصها الوقتي
-مروان: انا نازلها
-يوسف: يا ريت.

ترجل مروان من الحافلة وتوجه ناحية مايا الثائرة و...
-مروان بهدوء: ايه يا مايا في ايه
-مايا بنرفزة: فين يوسف؟
-مروان: فوق في الباص ليه
-مايا: أنا عاوزاه، عاوزة أتكلم معاه
-مروان: ليه؟

-مايا: بقى ينفع اللي بتعملوه فيا ده انتو الاتنين؟ أنا طالعة الرحلة دي مخصوص ومظبطة الدنيا كلها عشان أكون مع يوسف، مش عشان اكون شوية مع دول وشوية مع ناس معرفهاش
-مروان: طب خلاص اهدي، الموضوع مش مستاهل العصبية دي كلها
-مايا: انا حاسة ان في حاجة بتحصل من ورايا، وخصوصا إني سمعت كلام مش مريحني في الباص
-مروان مستفهماً: كلام ايه بالظبط.

-مايا: كلام عن خناقة بين يوسف وواحد تاني بسبب بنت باين
-مروان: اها
-مايا: أنا أصلاً واقفة بتكلم معاك ليه، أنا هاروح أشوف جوو بنفسي
-مروان محاولا ً منعها: استني يا بنتي هو نازل
-مايا: لأ أنا رايحاله بنفسي.

على متن الحافلة
كان يوسف يحاول اقناع ندى بالنزول من الحافلة والترفيه عن نفسها قليلاً، ولكنها كانت خائفة من مجرد فكرة النزول ورؤية علاء امامها مرة اخرى...
-يوسف: انزلي يا ندى متخافيش
-ندى: لأ مش عاوزة، أنا هافضل هنا في الباص
-نيرة: ايه؟
-يوسف: هتفضلي لوحدك
-ندى: لأ معايا اخواتي
-يوسف: طب وهما ذنبهم ايه يفضلوا محبوسين كده في الباص
-ندى: مش عاوزة أنزل.

-فاطيما: ليه يا نودة، أنا عاوزة أنزل اتفسح شوية
-نيرة: مش بقولكم دي رحلة النكد والعكننة، أنا رأي نرجع تاني بدل ما احنا عاملين زي قرد قطع كده
-ندى: لأ محدش هينزل أنا مش عاوزة اشوف خلقة البني آدم ده قصادي تاني
-يوسف وهو يضع يده على رأسه: لا حول ولا قوة إلا بالله.. طب ما السواق كده كده هيقفل الباص ويروح يشوف حاله الساعتين دول
-ندى: مش مهم، انا مش حابة أنزل، ليه مش عاوزين تريحوني.

-مايا بضيق: حاسب كده يا مروان، أنا هاشوف يوسف بنفسي
-مروان: يا ستي استني.

انطلقت مايا ناحية الحافلة لتجد يوسف جالساً في مواجهة فتاة ما يتحدث إليها، فاستشاطت غيظاً على الفور و...
-مايا بصوت حاد: الله! الله!.. ايه اللي أنا شايفاه ده.

صُدم يوسف لرؤية مايا بتلك الحالة الغريبة، فنهض من مكانه ووقف في مواجهة مايا و..
-يوسف: مايا.

-مايا: اه مايا يا جوو... هما دول اللي سايب الباص عشانهم
-يوسف: مايا اتكلمي عدل
-مايا: هو أنا لسه قولت حاجة.. بقى انت سايبني وأعد مع دول
-يوسف بضيق: مالهم دول، وبعدين ما أنا جيت الباص هنا،و معرفش انتي روحتي فين
-مايا: أنا روحتلك الباص بتاعك، ومش لاقيتك هناك.

نهضت ندى من مكانها وقررت أن تترك الحافلة فلا داعي للتواجد الآن مع مايا وخاصة أنها تعلم مدى وقاحتها..
ولكن كانت الكارثة الحقيقية هي حينما دققت مايا النظر وتأكدت أن الفتاة التي اشتبكت معها من قبل في كافيه الكلية هي نفس الفتاة التي كان يتحدث معها يوسف، فثارت ثائرتها و...

-مايا وقد ذهلت من رؤية ندى: آى.. انــــــــــتي!
-ندى: عن اذنكم
-مايا: استني عندك
-نيرة: في ايه يا استاذة وسعي شوية
-مايا وهي تدفع نيرة بيدها: اوعي يا بت انتي، تعاليلي هنا يا حلوة، بقى انتي اللي أخدة جوو تحت دراعك وأعدة معاه
-نيرة: الله! انتي بتزوءيني
-ندى: أنا.. آآآ...

صعد مروان هو الأخر على متن الحافلة لأنه أدرك أن قتالاً من نوع أخر على وشك النشوب و...
-مروان: خلاص يا مايا محصلش حاجة لكل ده
-نيرة بضيق: دي بتزوءني
-مروان: عندي دي يا نيرة
-مايا وهي تنظر لمروان: كمان عارف البت دي انت التاني، أتاريك عمال تداري على صاحبك
-مروان: مايا، اسكتي.

-يوسف: جرى ايه يا مايا، انتي هتغلطي كده كتير
-مايا: اسكت انت يا جوو، انت مش عارف حاجة
-يوسف بتهكم: نعم
-مايا موجهة حديثها لندى: أتاري الكلام اللي بيتقال عنك صحيح
-ندى: كلام ايه؟
-مايا: خطيبك مش مالي عينك فبتلفي وتدوري ع رجالة الرحلة كلها
-يوسف بنظرات نارية لمايا: مــــــــايا، اخرررسي
-مايا: لأ مش هاخرس، ده بيتقال عنها انها آآآآآ...
-يوسف مقاطعاً بلهجة آمرة: قسماً بالله حرف واحد زيادة وهايكون أخر مابينا يا مايا.

لم تتحمل ندى أن تتلقى الكثير من الاهانات والاتهامات الباطلة، فشعرت بأنها أضعف من أن تتحمل كل هذا، فبدأت الدنيا تظلم في عينيها، وضعت يدها على رأسها، وبدأت تترنح وهي واقفة، ثم انهارت فاقدة للوعي.. لمحتها نيرة فصرخت على الفور..
-ندى في نفسها: كفاية حرام.. أنا معنتش قادرة أستحمل أكتر من كده.. لألأ كده كتير
.. آآآآآه
-نيرة بصريخ: نــــدى! مالك
-ندى وقد بدأت تفقد الوعي: آآآ...

انتبه يوسف لصوت نيرة، فالتفت لندى على الفور، ولأنه كان الأقرب لندى فأسرع بامساكها، وضمها إليه وقد غابت عن الوعي تماماً...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة