قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الأول

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء 1 بقلم منال سالم

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه ( رفقا بالقوارير ) الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل الأول

وقفت السيارة أسفل أحد العقارات التي تمتاز بالطابع التاريخي في أحد أحياء القاهرة، ثم ترجل منها رجل كبير في السن ومعه زوجته وبناته الثلاثة، ثم نزل السائق من السيارة ليساعد هذا الرجل في انزال حقائب السفر و...

-السائق: حمدلله ع السلامة يا باشا
-صلاح : الله يسلمك يا أسطى
-السائق: نورتوا القاهرة
-صلاح: شكراً يا بني
-زينب: اخيرااااا رجعنا القاهرة تاني
-صلاح: الحمدلله
-زينب: يااااه يا حاج بقالنا يجي اكتر من 10 سنين، تحس ان البلد اتغيرت
-صلاح: مش أوي
-زينب: يالا يا بنات، خدوا الشنط وطلعوها معايا لفوق
-ندى: حاضر يا ماما
-نيرة: دول تقال أوي
-زينب: بلاش دلع يا نيرة، شيلي معانا
-فاطيما: وأنا ياماما، هاتلي شنطة
-زينب: خدي دي يا طمطم، يدوب ع أدك
-فاطيما: انا مش صغيرة يا ماما، أنا كبيرة
-زينب: طبعاااا يا حبيبتي

صلاح الدسوقي هو رب أسرة بسيط ومتواضع في أوائل الخمسينات من عمره، أنعم الله عليه بثلاثة من البنات هن ( ندي، نيرة، وفاطيما )، منذ ان تزوج صلاح بجارته زينب وهو في سفر دائم بحثاً عن لقمة العيش، إلى أن وجد عملاً في السعودية كمقاول تابع لأحد الشركات فأنتقل هو والأسرة للعيش هناك، ولأن مصاريف الحياة كانت باهظة عليه، اضطر أن يعمل ليلاً ونهاراً من اجل توفير حياة كريمة لبناته، وتحملت زوجته زينب مشاق الحياة معه..

كانت زينب تقتصد في المصاريف من أجل ادخار ما يلزم لتجهيز بناتها حينما يأتي موعد زفافهن، وبالتالي تتمكن من تجهيزهن بشكل يليق، ولا تضطر وقتها للاستدانة من احد.. وانعكس هذا على حياة البنات الثلاث..

ندى هي الابنة الكبرى لصلاح وزينب، أنهت عامها الأول في كلية التجارة التابعة لأحد الجامعات الخاصة بالسعودية، ولكن نظرا لعودة العائلة إلى القاهرة مرة اخرى، قامت بالانتساب إلى كلية التجارة ( قسم انجليش) بأحد الجامعات الخاصة للبنات، تمتاز ندى بطباع هادئة وشخصية حالمة، تعشق قراءة الروايات وخاصة النوع الرومانسي منها، وتنتظر أن يأتيها الحب الحلال فتغدق على محبوبها من أنهار الحب.. وكانت ندى تقضي معظم وقتها في الغربة في قراءة الروايات أو الذهاب لجارتهم من أجل قراءة الكتب الموجودة في مكتبتها القيمة.

ندى وجهها طفولي جميل، من النوع الذي تحب أن تنظر إليه، لديها عينان عسليتان، وشعرها مائل للون البني، هو مموج ولكن يضيفي جمالاً عليها، بشرتها بيضاء وهي متوسطة الطول..

نيرة هي الابنة الوسطى لصلاح وزينب، وهي طالبة في الصف الثاني الثانوي، هي من النوع المتمرد الجريء، تسعى دائماً للخروج عن المألوف، لطالما تذمرت من وضعهم المادي والاجتماعي، هي تريد أن تستمتع بكل شيء إلى أقصى حد، ولا تضع حدوداً لأي شيء، عانت معها زينب كثيراً من أجل أن تجمح تمردها.. وها هي نيرة قد عادت الآن للقاهرة لتنتظرها العديد من المفاجأت و.. والأحداث...

نيرة تمتاز بالبشرة البيضاء، والعيون البنية الواسعة، وشعرها أسود حريري، عيونها تعكس نظراتها الجرئية والقوية.. طباعها المتمردة تنعكس عليها في طريقة اللبس وفي شخصيتها، ورغم هذا فهي محبوبة ومرحة بين قريناتها، ولكن يعيبها الاندفاع والانسياق وراء كل ماهو جديد دون اي تفكير...

فاطيما هي الابنة الصغرى، وهي في الصف الرابع الابتدائي، تمتاز عن اختيها بأن روحها مرحة، صريحة، ولا تكتم ســــــراً لأحد ما، ورغم هذا هي متفوقة دراسياً، وتشبه ندى في امتلاكها للعيون العسلية والشعر المموج البني...

قبل عودة صلاح للقاهرة بشهر، قام بتكليف احد أصدقائه المقربين بإنهاء جميع الاجراءات المتعلقة بتحويل بناته سواء إلى الجامعة أوالمدارس، بالاضافة إلى هذا الانتهاء من استخراج التصاريح الخاصة بمكتبه الجديد الخاص بما يجيد فعله وهو ( مجال المقاولات )...

في شقة صلاح الدسوقي
صعدت زينب مع بناتها إلى شقتها القديمة، بينما ذهب والدهم صلاح إلى أحد المطاعم القريبة ليحضر لهم طعاماً جاهزاً، فتحت زينب الباب لتجد كل شيء كما تركته قبل سنوات عدة و...

-زينب: ياااااه، ده زي ما يكون امبارح
-فاطيما : ده بيتنا يا ماما
-زينب: ايوه يا طمطم
-فاطيما: حلو أوي
-نيرة بقرف: ده شكله أنتيكا وعفا عليه الزمن
-زينب: بس يا بت، انتي ايش فهمك في العفش والموبيليا
-نيرة: اووف
-ندى: تصدقي يا ماما أنا وحشني البيت أوي
-زينب: والنبي ما في البنات إلا انتي يا عاقلة يا راسية
-فاطيما: وأنا؟؟

-زينب: وانتي طبعاً يا أخر العنقود
-نيرة: أه وأنا طبعاً بنت البطة السودة
-زينب: لو لسانك ده يتعدل، ولا تتقص منه الحتة الزيادة هنرتاح
-نيرة: انا كده وهافضل كده
-ندى : سيبك منها يا زوزو، وخلينا نشوف هنحط الشنط فين، أنا فاكرة ان كانت أوضتنا هنا باين
-نيرة: اوووف يعني أنا هاقعد معاكو انتو الاتنين في أوضة واحدة
-ندى: ودي فيها ايه؟؟ ما احنا كنا أعدين سوا في السكن
-نيرة: لأ معلش أنا كان ليا لي أوضة لوحدي، دلوقتي هانقعد احنا التلاتة ازاي، وخصوصا مع القردة دي.

-فاطيما: انا مش قردة
-نيرة: صح، انتي زئردة
-فاطيما: ماما، شايفة نيرة بتغلس عليا ازاي
-زينب: بس انتو الاتنين
-ندى: يا بنتي الأوضة كبيرة وآآآ...
-زينب: هانبقى نقفلك البلكونة أما نفوق بعدين، وابقى اعديها فيها براحتك
-نيرة: اوووف، موت يا حمار
-زينب: بت اتعدلي معايا، في ايه مالك
-نيرة : سوري يا ماما، مقصدش بس أنا كنت عاوزة آآآ...
-زينب: خلاص أنا قولتلك اللي عندي، واتفضلوا بقى شاهلوا معايا خلونا ننجز
-ندى : حاضر
-نيرة: طيب
-فاطيما: اوك يا ماما

ساعدت الفتيات والدتهن في ترتيب المنزل، بدأوا بنزع الأغطية عن الأثاث، ثم قاموا بمرحلة التلميع والكنس، وانتهوا بمسح الأرضية وفرش السجاد و...
-نيرة: خلاااااص أنا موت، مش قادرة، هو شقى هناك وشقى هنا
-ندى: هانت
-نيرة: هانت ايه بس، هو في حاجة بتخلص
-ندى: يا بنتي سبيها على الله.

-فاطيما بصوت مرتفع : ماما أودي الجردل ده فين؟؟
-زينب من داخل غرفة نومها : حطيه في الطرقة الصغيرة اللي جمب الحمام
-فاطيما: طيب.

-نيرة: ياما كان نفسي بابا يكون من الأبهات الأغنية دول، اللي الفلوس عندهم زي الرز عشان نصرف كده براحتنا، ويبقى عندنا خدامين وشغالين يعملوا كل حاجة
-ندى: احمدي ربنا ع اللي احنا فيه، احنا أحسن من غيرنا كتير
-نيرة: هه، يا حسرة، على ايه بالظبط؟؟ ده احنا زي ما روحنا زي ما جينا، لا زيدنا حاجة ولا اتنيلنا حاسينا بحاجة
-ندى: يا ساتر يا رب عليكي، اييييه نسيتي اللي بابا عمله عشانا؟؟ ده يا عيني كان بيطلع من صباحبة ربنا مايرجعش إلا أخر الليل وكل ده مش عشان مين؟؟؟ عشانا احنا
-نيرة: هه.

-ندى : ونسيتي المدارس الخاصة إلا كنا فيها؟؟؟ ده كل مدرسة كانت بتاخد مصاريف في السنة اد كده، وهو حرام مستخسرش فينا حاجة
-نيرة: بطلي الكلام الخايب ده، تعليم ايه بس اللي ضيع فلوسه فيه، بابا أصلاً بخيل بيطلع القرش بالعافية
-ندى: اعوذو بالله منك، فعلاً الواحد غلطان انه بيتكلم معاكي، بكرة ربنا يبتليكي بواحد يطلع عينك وساعتها هتعرفي إن الله حق
-نيرة: لأ يا حبيبتي، أنا اللي هاتجوزه هايكون ليه شكل تاني خالص، غني ومز وعنده شقة وعربية، لأ وعاوز يتجوزني النهاردة قبل بكرة
-ندى: وده هياخد ع ايه ان شاء الله؟؟
-نيرة: ع جمالي طبعاً، هو هيلاقي زيي فين
-ندى : ممم.. فعلاً

عاد صلاح من الخارج وهو يحمل الطعام، ثم دلف إلى داخل المنزل و...

-صلاح: يا بنـــــات، يا زينب، تعالوا يا حبايبي، أنا جيبتلكم الأكل أهوو
-زينب: كويس يا حاج لأحسن أنا والعيال واقعين من الجوع
-ندى: جيبتلنا ايه يا بابا؟؟
-فاطيما: الريحة دي أنا عارفاها، دي كفتة صح؟؟؟
-صلاح: شاطرة يا طمطم، أنا جبتلكم كباب وكفتة
-فاطيما بفرحة: الله
-ندى: حلو أوي يا بابا
-نيرة: اهــا
-صلاح وهو يتجه لغرفة نومه : بقولك ايه يا زينب، عاوزك شوية
-زينب: حاضر يا حاج، جهزي السفرة يا ندى لحد ما أشوف أبوكي عاوز ايه

في غرفة النوم
-زينب: خير يا أبوصلاح، كنت عاوز ايه؟؟؟
-صلاح: اطمني يا زوزو، أنا بس مكونتش عاوز أتكلم قصاد البنات
-زينب: في ايه؟؟ انت قلقتني
-صلاح: أنا كنت عاوز أقولك إني خلصت اجراءات الوديعة بتاعة البنات، هما مش عارفين إني عامل ده عشانهم
-زينب: اه أطمن، محدش فيهم عارف حاجة، هما مفكرين ان اللي جاي يدوب ع أد اللي رايح، وبعدين ربنا يخليك ليهم يارب،ويديك طولة العمر وتفرح بيهم، ده انت بتتعب عشانهم، وطافح الدم بقالك سنين عشانهم.

-صلاح: هو أنا عندي أعز من بناتي، بس ماتنسيش إن الأعمار بيد الله، وأنا عاوز آئمن مستقبلهم
-زينب: ماتقلقش يا حاج، طول ما ايدنا في ايد بعض البنات هيبقوا بخير
-صلاح: أنا كمان خليت علي يجهز المكتب القديم ويوضبه عشان أبدأ شغل بأمر الله ع طول، مش عاوز اشع وقت اكتر من كده
-زينب: ان شاء الله ربنا هيفتحها في وشك، انت مخلص في شغلك وابن حلال، والرزق هتلاقيه جاي لحد عندك وأنا بدعيلك وربنا اللي عالم
-صلاح: أه يا زينب الله يكرمك، ادعيلي كتير، أنا محتاج لكل دعواتك.

-زينب : والله بدعيلك من غير حاجة يا حاج، بس لأجل عيونك هاكثف الدعاوي
-صلاح ضاحكاً: عيوني تيجي ايه جمب عيونك انتي يا زوزوو
-زينب بخجل: عيب يا حاج احنا كبرنا ع الكلام ده
-صلاح: كبرنا ايه بس، ده احنا لسه في عزنا
-زينب: ربنا يبارك في صحتك يارب، طب يالا بقى لأحسن البنات زمانتهم كلوا الكل كله
-صلاح: بالهنا والشفا ع قلبهم، ده انا أنزل أجيبلهم تاني
-زينب: ربنا ما يحرمني منك ولا من طيبة قلبك معايا ولا مع البنات

في غرفة البنات
-فاطيما: أنا هنام ع السرير ده
-ندى: براحتك يا طمطم
-نيرة: انا هنام جمب الشباك، وبعد كده المنطقة دي كلها بتاعتي
-فاطيما: ليه يعني؟؟
-نيرة: هو كده
-فاطيما: ماليش دعوة أنا ليا لي في الحتة دي زيك
-نيرة: طب جربي كده تقربي من حاجتي ولا من المكان بتاعي وأنا هأعلقك في النجفة اللي فوق دي
-فاطيما : والله لأقول لماما عليكي.

-نيرة بعدم اكتراث: قوليها، أل يعني هاخاف
-ندى: خيفي عليها يا نيروو شوية
-نيرة: يا ندى هي اللي بترازي فيا، وانا لو معملتش كده هلاقيها فوق دماغي
-ندى: هي حد غريب، دي اختك الصغيرة
-نيرة: دي ابتلاء
-ندى : ربنا يهديكي
-نيرة: سيبك منها، قوليلي هتعملي ايه
-ندى: في ايه؟؟

-نيرة: في الكلية وكده؟؟ هاتروحي تجيبي الجدول بتاعك امتى
-ندى : والله لسه فاضل اسبوع ع الدراسة، أما تبقى تبدأ أبقى أروح أجيبه بالمرة
-نيرة: بالذمة في واحدة تبقى في كلية تجارة انجليش وجامعة خاصة كمان وماترضاش تروح
-ندى: انتي هبلة، بقولك لسه بدري ع الدراسة
-نيرة: ده أنا لو من بدالك كنت روحت من دلوقتي أشوف الكلية عاملة ازاي ولا شكلها ايه من جوا
-ندى: هايفة.

-نيرة: الدور والباقي عليا أنا، ملاقوش إلا مدرسة حكومي معفنة يقدمولي فيها
-ندى: يا بنتي دي تجريبي، وكويسة جداااااا
-نيرة: وانتي تعرفي منين؟؟ الله أعلم بالأشكال اللي هاشوفها فيها، أكيد ولاد بوابين ولا ناس لوكال
-ندى: ياباي، ومالهم ولاد البوابين، مش بني آدمين زينا؟؟
-نيرة: اها، بس مش من مستوايا
-ندى: حوش حوش بنت الوزير اللي معاهم، يا بنتي ده انتي أبوكي مقاول مش وزير.

-نيرة: برضوه، كان المفروض يقدملي في مدرسة دولية ولا حاجة ع مستوى
-ندى: اهوو اللي حصل بقى، بكرة حالك يبقى أفضل
-نيرة: أفضل ازاي يعني؟؟ وبعدين مش كفاية ان بقالي سنة بتحايل عليه يغيرلي الموبايل ويجيبلي واحد حديث بدل العدة اللي عفا عليها الزمن دي
-ندى: ماله الموبايل، ماهو شغال وبيقول ألوو، عاوزة ايه تاني.

-نيرة: يا بنتي انتي مش عايشة في الدنيا ولا ايه، ده في موديلات حديثة وحاجات تخبل، اوووف ياما نفسي أجيب أغلى حاجة وأمسكها في ايدي كده واتمنظر بيها ع الناس
-ندى: اتجدعني في الامتحانات وهاتي مجموع كويس وساعتها هيبقى يجيبلك واحد جديد
-نيرة وهي تقلد والدها : واحد جديد !! يبقى انتي مش عارفة الحاج صلاح، ده هايجيبلي موبايل نص عمر ويقولي ده احدث حاجة يا بنتي، مهلش الظروف وابصر ايه...

-ندى: يبقى نصيبك جه كده
-نيرة: بلا قرف
- ندى : والله لو اتعملك ايه برضوه مش هايعجبك، ويالا اطفي النور خلينا ننام
-نيرة: اوووف، ماشي..!

-نيرة في نفسها : حاجات كتير في البيت ده لازم تتغير، مش هاسكت ع الوضع اللي احنا فيه ده، هانفضل كده لحد امتى نبان فقرا قصاد الناس، وبابا عمال يستخسر الحاجة الحلوة فينا، أنا مش هرتاح إلا لما أعمل اللي انا عاوزاه، واخليهم يجيبولي اللي انا عاوزاه، حتى لو بالعافية...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة