رواية خدعة إبليس للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثامن والثلاثون
سارت بهدوء إلى أن وصلت إلى أعتاب الشرفة و دلفت إليها و لكنها و شعرت بيد تحاوط عيناها من الخلف.
-أيهم؟
عقد حاجبياه و قال: -دا بجد بقا
ابتسمت سيلين و قالت: -طب ايه مش هتشيل ايدك،؟
قبل عنقها من الخلف بنعومة و قال بهمس: -شيلتها
نظرت سيلين إلى الطاولة الموضوعة في وسط الشرفة و قالت باسمه: -عشا رومانسي بصراحة متوقعتش
امسك يدها و جعلها تجلس و قال: -مبعملش حاجه متوقعة
نظرت سيلين اليه بدهشة و قالت: -على فكرة انا مش زعلانه يعني...
قطعها أيهم و امسك يدها و رفعها في اتجاه و قبل باطنها قائلا: -عارف انك كدابه
سحبت يدها و قالت: -عادي و بعدين انت كنت بتعمل بما انك جيت دلوقتي؟
-طالبة معاكي نكد صح؟
-معلش بقا كل شوية اشوفك بتباس قدام عيني و انك متجوز أصلا
-كُلي
-أيهم متعديش الموضوع بالطريقة دي؟ لازم نحط نهاية؟!
زفر أيهم بضيق و قال: -دا وقته؟
-وقته هيجي امتى؟ على فكرة الموضوع صعب اوي و مش عارفه استحمله.
-طب أجلي الكلام دا لحد ما تعملي العملية
تنهدت باستياء و بدأت في تناول الطعام و لكن بعد ذلك تركت الشوكة من يدها و قامت واقفت خلف سور الشرفة لتنظر إلى الشارع الذي أصبح فارغ.
شعرت به خلفها، فالتفت إليه و قالت: -أيهم انا عايزة ارجع روسيا
كز على اسنانه بغضب و لكنه حافظ على انفعاله و قال: -ليه؟
-مش حابه العيشة كدا
-مالها كدا؟
زفرت سيلين بحنق من بروده المعتاد و قالت: -انت عجبك كدا يعني؟
-انتي فاكره اني هطلقك مثلا، سيلين اعرفي ان إيه حاجه بعملها مبرجعش فيها و لو رجعت دا بيكون بسبب وجود بديل تاني.
-يعني انت مش عايز تطلقني عشان كدا؟!، أيهم انا مش الطفلة اللي كانت في الملجأ
-و انا مش عايز اشوفك غير الطفلة اللي كانت في الملجأ
ترقرقت الدموع بعيناها و قالت بسئم: -أيهم مش طايقه وجودك مع ايه واحدة غيري و انت مش هتعمل دا؟! يبقى خلاص انا اللي امشي.
حاوط وجهها بيداه و أسند جبنه على جبهتها لتتلامس انفهم و قال: -اتعودي علي الوضع و بعدين هيبقي عادي
ابتعدت عنه و نظرت له بسخرية و قالت: -بجد عادي و اتعود، تمام يا أيهم بس على فكرة انا ممكن اخلص من مراتك و ابنك و انت عارف ان الموضوع سهل اوي.
أيهم بغضب: -اسكتي
نظرت له و لامعت عيناها دامعه و ذهبت إلى فراشها و تمددت عليه و قامت بتغطية نفسها جيدا و اوصدت عيناها لتذرف منها الدموع، تنهد أيهم و خرج خلفها و القي نظرة عليها و بعد ذلك نام بجوارها محاوطا خصرها من الخلف.
-بتحبني؟
تعجبت سيلين من سؤاله فهي طالما قالت هذا، التفتت و نظرت له قائله: بتسأل؟!
سألته مستنكرة
-مستغرب حبك ليا الصراحة يعني لو سحر مش هيبقى بالطريقة دي
-و انا بس ممكن عشان بحبك من زمان
تنهدت بضيق و استدارت لتنام على جانبها و أعطت له ظهرها، حاوط خصرها من الخلف مرة أخرى و التصق بظهرها.
-انا عايزة انام
شدد قبضته عليها و قال: - سيلين سيبي مي و ابنها
-بجد و انا المفروض انفذ كلام دا ليه؟
-هعملك اللي انتي عايزها
ذرفت الدموع من عينها رغما عنها، اوصدت عينها لتستجمع قوتها و ازدارت ريقها
التفتت له قائلة: هتقدر؟
نظر لها جيدا لمعرفة ما يدور بعقلها فهي يعلم جيدا بأنها ستكون لديها نوايا خبيثة.
-عايزة ايه؟
-عايزك انت
-ازاي؟ مش فاهم سألها متعجباً فهو ليس شيئا كي تملكه
أشارت بسبابتها على موضع قلبه و قالت قلبك عايزها يبقى ليا
-انتي بقيتي مراتي عايزة ايه تاني
-مش كفاية و بعدين انت خايف عليها؟
حدق بها بشده، تعبيراتها، ايماءاتها، غضبها، غيرتها كل تلك الأشياء كانت مميزة للغاية حتى في ضعفها مميزة، تبدو و كأنها فريدة من نوعها حقا، فهو عاش مع مي كثيرا و لكن لم يجد بها شي منها و لم يجد بأخرى، لم ينكر بأنها حمقاء فهو إلى الآن تطلب منه أن يحبها و لم تعلم أنه يعشقها و لم يدق قلبه سوى لها، فهو احبها منذ زمن و قرر التغاضي عن ذلك و الابتعاد عنه و لكن لم يستطع.
تعجبت سيلين منه فهو ينظر لها بغرابة و كانت نظرته عميقة و سألته: هتفضل كدا؟
لامس وجنتها بأنامله تعرفي انك مميزة اوي
بعدت سيلين يده بعنف و زفرت بضيق قائلة: انا بتكلم جد دلوقتي...
قامت لتجلس، تعجب من أفعالها فهي لديها انفصام في الشخصية تارة تهدأ و تارة تثور
-سيلين؟
الفتت برأسها و حدقت بعيناه بحدة فرغم امتلاكها ملامحها هادئة الا انها بها بعض الحدة تحدثت بنبرة مهددة:.
-انا مش هصبر كتير على وجودك معاها و مستعدة اخلص عليهم
و هدأت من حدتها قائلة: -انا مبحبش أذى حد يا أيهم بس بجد مش قادرة شوية كارمن و شوية ماجي و مراتك و الباقي اللي معرفش ليهم اسم، دا غير اني معرفش حاجه عنك أصلا، و حتى معرفش انت متجوزني ليه؟!
-سيلين الموضوع دا هينتهي ازاي؟
-و في حاجه تاني، المرة اللي فاتت لما قولتلي انك عملتلي الإجهاض بسبب اني عندي مريضة و لازم ادخل العمليات، بس بعد كدا مش هبقي مريضة.
قطبت ملامحه بشكل ملحوظ و قال: -شايفني مناسب اني اكون اب؟
صمتت سيلين قليلا و قالت: -و مازن مش ابنك؟
-لا ابن مي بس يا سيلين ارتاحي بقا، انا مخلفتش من مي و لا هخلف من غيرها
ابتلعت سيلين ريقها و قالت بدهشة: -معنى كدا الحادثة اللي حصلت ليها انت اللي كنت السبب فيها!
قام أيهم و قال بضيق: -انا غلطان اني جيت
-انت ازاي كدا؟، تأذي واحدة و المفروض انها مراتك عشان انت بس مش قابل فكرة.
نظر إليها ببرود و قال: -قولتلك اني اسوا مما تتخيلي
سيلين بحزن: -هو انت كنت هتعمل معايا كدا صح؟
تنهد ايهم و خرج من الغرفة و تركها بهدوء، كانت سيلين مصدومة لا تصدق بأنه يفعل ذلك.
لا تستوعب بأنها تحب شخص بتلك الأنانية و القسوة، خرجت خلفه و قالت: -أيهم
توقف أيهم و التفتت إليها ليرى ماذا تريد، اقتربت منه و حاوطت عنقه و قالت: -بحبك
-روحي على اوضتك يا سيلين
ابتعدت عنه قليلا و قالت: -مش هتفضل معايا؟
نظر أيهم اليها و حدق بعيناها قائلا ببرود: -لا
-على فكرة كلامي ميزعلش و...
قطعها ايهم واضعا سبابته على شفتيها و قال: -اسكتي يا سيلين، و روحي عشان تنامي.
صمتت سيلين و قالت: -هتسيبني لوحدي؟
قطب جبينه و قال ببرود: -طيب هروح اشوف ماجي و ارجعلك
سيلين باقتضاب: -هتيجي معايا يا تمشي...
-تمام هريحك عشان عندك عملية الصبح.
مر شهرين و قد تعافت سيلين تماما و اصحبت صحتها جيدة، طرقت ماجي باب الغرفة و دخلت اليها و قالت:
-سيلي هتنزلي هتفطري و لا؟
-هنزل هو أيهم مشي امتى؟
تنهدت ماجي و قالت: -الصبح بدري و بعدين ما هو كان جنبك طول الشهرين عايزة ايه تاني
سيلين بحيرة: -عايزة اعرف مين أيهم و ليه بيعمل كدا؟
-اكيد هيجي يوم و يقولك.
سيلين بحنق: -ماجي انا مش مرتاحة لأي حاجه هنا، ايهم غامض جدا و أفعاله غير متوقعه مثلا ايه اللي يخلي يفضل جنبي و انا تعبانة.
ماجي باستغراب: -قولتلك انه بيحبك
زفرت سيلين بحنق و قالت: -مش متأكدة يا ماجي، و لا عندي احساس بكدا حتى!
-تعرفي انك غربية اوي يا سيلين و بعدين في ايه حصل خليكي كدا، انتي من اسبوع كنتي كويسه.
سيلين باستياء: -ماجي انا حامل و خايفه اقوله لأنها هتبقى نفس النتيجة
اتسعت عيناها بدهشة و قالت بصدمة: -حامل؟! ازاي دا يحصل و أيهم لو عرف هتبقى مصيبة...