رواية خدعة إبليس للكاتبة أسماء صلاح الفصل الثالث والأربعون
أخرجت سيلين هاتفها على الفور و اتصلت بأيمان قائلة: -امشي من عندك يا ايمان، أيهم في الحفلة، خلي بالك من إياد
و بعد ذلك قفلت معها و توقفت فهي كانت تشعر به خلفها، التفتت لتجده يتقدم ناحيتها كانت تشعر بالخوف و القلق و لكن حتما سوف كان يحدث ذلك.
كان لا يصدق بأنها رآها بعد تلك المدة فهي بحث كثيرا و لم يجدها، كانت سيلين تنظر إليه فهي لا تعلم ماذا سيفعل بها الآن و لكن أقل شي سيفعله هو صفعها بالتأكيد.
اقترب منها و حاوط بذراعيه ليضمها إليه، تصلبت سيلين بين ذراعيه و ظلت كما هي
تنهد أيهم بارتياح و قال: -وحشتني اوي، دورت عليكي كتير، ازاي قدرتي تبعد عني كل دا؟
ابتعد عنها و حاوط وجهها و قال: -ليه كل دا؟
أبعدت سيلين يداه و قالت: -من فضلك احنا هنا مش لوحدنا و في ناس مينفعش
-هو ايه اللي مينفعش انتي ناسيه انك مراتي
-لا فاكره أن مراتك اللي الناس تعرفها واقفه بعيد عننا بخطوات.
أيهم بضيق من تصرفها تمام، ساعدتك بقا كنتي فين؟
-مش دا المهم دلوقتي، انت تفضل تروح لأهلك اللي واقفين في انتظارك و انا مش عايزة منك غير حاجه واحدة و هي الطلاق و ياريت يكون بسرعة عشان لو رفضت هضطر أجل لرفع قضية خلع.
نظر لها بغضب و كز على أسنانه و قام بصفعها قائلا: -انسى اني اطلقك فاهمه و انسى انك تبعدي عني تاني
وضعت يدها على وجنتها إثر صفعته و قالت: -دا اللي كنت متوقعها منك بس انا مش هعيش معاك تاني و لا حتى دقيقة واحدة و دلوقتي قدامك دقيقتين يا تمشي يا هروح اقول لمراتك انك متجوز عليها.
-روحي
نظرت له سيلين بدهشة و قالت: -بجد
امسك يدها و سحبها خلفه قائلا: -تعالي و انا هقولها
افلتت سيلين قبضته و قالت بعصبية: -متلمسنيش تاني
لم يستطيع تحملها و قبض علي ساعدها بعنف و سحبها خلفه و ذهب إلى سيارته و وضعها بداخلها قائلا:
-أقسم بالله كلمه منك كمان و هقتلك
صفع الباب بقوة و ذهب ليركب و أرسل رساله لوالده و أخبره بذهابه لوجود عمل طاري
سيلين بضيق: -هتوديني فين دلوقتي؟
-اخرسي.
صمتت سيلين و تنهدت فهي الان تشعر بالاطمئنان على اياد فهو حتى لم يشعر بوجوده، وصلوا إلى المنزل.
نظرت سيلين إلى ذلك القصر الذي خرجت منه منذ سنوات و قالت: -أيهم من فضلك ارحمني بقا
انزلها من السيارة و سحبها خلفه و دخلوا إلى القصر، تعجبت سيلين من عدم وجود ماجي و لكنها لم تهتم و لكن تملكها شعورها بالخوف و قالت:
-هتعمل ايه؟
ترك ذراعها و قال: -و لا حاجه يا سيلين، متقلقيش أخرى اوي احبسك هنا؟
-طلقني و وفر كل حاجه علي نفسك و عليا
-لا مفيش طلاق.
سحبها خلفه و صعد إلى الغرفة و دفعها بداخلها و قال: -هتفضلي محبوسة هنا لحد ما ترجعي لعقلك، و على فكرة حاجتك اللي سيبتها زي ما هي
سيلين بنفاذ صبر: -مش عايزة ايه حاجه منك يا أيهم؟، خليني امشي
كان غضبه يزداد بسبب تصميمها على الذهاب و انها هربت لمدة كبيرة و قال بحدة ارعبتها:
-تمشي ليه؟ معاكي مين عشان تروحيله
نظرت إليه باستياء و قالت: -انا حره، و خلاص مبقتش عايزة أعيش معاك و عشان كدا هربت و سيبت البيت.
قبض على خصلات شعرها بعنف و قال: -خلاص عيشي معايا غصبن عنك
ترقرقت الدموع بعيناها و قالت بألم: -شعري...
ارخي قبضته عليها و أنحني ليقبل شفتيها و لكن أدارت وجهها بعيدا عنه و ذلك جعله يشتاط غضبا و يفقد اعصابه.
دفعها لتسقط على الفراش و قال بغضب و انفعال: -لدرجة دي؟
نظرت سيلين له و قالت: -طلقني لاني مش هفضل هنا حتى لو دا كان ضد رغبتك
جلس على الفراش و سحبها من ذراعها و الصقها به و قال: -لحد دلوقتي انتي مشوفتيش مني حاجه
-انت عايز ايه؟ على فكرة من حقي اعمل كدا و ياريت تراعي أنت دا و تسيبني
-من حقك انك تسيبي جوزك و تهربي
تنهد بعد ذلك و امسك يدها و قال: -سيلين انا عايزك...
اخفضت نظرها و سحبت يدها و قالت: -اعتبر نفسك مشوفتنيش و دا أفضل لينا، أنت خليك في حياتك و انا عجبني حياتي كدا
صمت يوسف و نظر إليها و قال: -تمام براحتك هطلقك
مرر أنامله على وجنتيها و اقترب منها و قبل خدها الأيسر، اوصدت عيناها و شعرت بضربات قلبها تزداد و قالت:
-أيهم، انا عايزة اروح
-مش لما اطلقك الأول
نظرت له سيلين بشك و قالت: -لا انا عايزة امشي و...
قطعها مقبلا شفتيها بشوق و بعد ذلك ابتعد عنها احترمي انك على ذمه راجل
صمتت سيلين فهي تريد الذهاب لرؤية إياد و الاطمئنان عليه و لكنها لا تريده أن يشك بها و يتركها بهدوء، فإن حصلت على حريتها سوف ترحل و تذهب إلى بلد آخر بعيدا عنه...
رفع ذقنها اليه لينظر لها و حدق بعيناها الذي اشتاق لرؤيتهم فهو لا يعلم لما تريد الابتعاد عنه بتلك الطريقة.
قرب وجه منها و أسند جبهته على جبتها لتتلامس أنفهم معا و قال: -المشكلة اني مش هعرف اسيبك
هربت الدماء من جسدها و شعرت بالخوف فهي تخشى من أن يجبرها على العيش معه و تريد الذهاب بأي طريقه.
و بعد ذلك التهم شفتيها ليقبلهم بقوة و شغف...
إياد بحزن: -لين فين؟
احتضنته ايمان و قالت باستياء: -موجودة يا حبيبي بس عندها شغل و بعدين انا معاك اهو
زم شفتيه و قال: -عايز اكلم لين
-لين قالت اروحك عشان تنام و الصبح هتلاقيها موجودة هنا؟
إياد بقلق: -انا هفضل احاي (صاحي) لحد ما أشوف لين
ابتسمت ايمان و داعبت خصلات شعره الناعم و قبلت وجنته قائلة: -و انا هفضل احاية معاك...
أيهم بدهشة: -ايه دا؟
زفرت سيلين بحنق فهي نسيت ذلك الأمر و لم تتوقع منه ملاحظته فهو مر عليه ثلاث سنوات:
-و لا حاجه عملت عملية و...
قطعها يوسف بنبرة محتدة: -دي ندبة ولادة قيصرية مش عملية
ارتبكت سيلين و قالت بتوتر: -ايه الكلام دا؟!
امسك ذراعها بقوة و كان يغرس اظافره ليخترق جلدها بعنف
-انطقي؟
افلتت يدها منه و تغرغرت الدموع بعيناها و قالت بصوت باكي: -كنت حامل يا ايهم، و عشان كدا مشيت كنت عارفه انك هتعمل نفس اللي عملته المرة اللي فاتت، و انا كنت عايزة احتفظ بالطفل.
قطب ما بين حاجبياه و تسأل بدهشة: -خدعتني يعني
-لا بس انت مش عايز، لكن انا محتاجة و مش طالبة منك حاجه غير انك تطلقني
-عنده كام سنه
-تلت سنين
-و انا ميت صح؟
-لسه صغير بكرا لما يسأل هقوله كدا
-تعرفي انا ممكن أعمل فيكي ايه؟
نظرت له نظرة توحي بأنها لا تخشى ذلك فهي اعتادت، ارجعت ظهرها للخلف و قالت: -و لا إيه حاجه، يعني اكيد مش هتقتلني و تخلي طفل صغير يعيش من غير امه و يتربى في ملجأ أيتام، و لو حصل فدا هيكون قدره.
تعجب من يأسها الذي ظهر مفرطا و كأنها لا تريد الحياة: -بجد؟ و لما انتي كدا ليه...
قطعته سيلين قائلة: -محدش بيحاكم قدره و انا لما عرفت اني حامل لمرة التانيه هربت و عيشت فترة صعبة كنت خايفه انك توصلي، بس عديت الفترة و القدر يشاء اني اقبلك هنا و مهربتش لاني عايزة اوجهك، عارفه انك مكنتش عايز تخلف مني و حتى جوازنا كان عبارة عن تملك و إجبار بس دا كله مش فارق معايا، أهم حاجه عندي دلوقتي هي ابني.
ابتسمت بحزن و اردفت: -طلقني و انسى اني دخلت حياتك اصلا و اوعدك اني زي ما حفظت اسرارك ديما، هكون حافظة لدا و حتى ابنك مش هيعرف بوجودك.
ابتسم ساخرا و قال باستهزاء: -بجد؟!، انتي هربتي و كنتي حامل كمان يعني بتستغفلني
ابتسمت سيلين عندما عادت اليها ذكرياتها معه، فهو ديما يسخر من حديثها و لكن كانوا أصدقاء لم يفترقوا عن بعض سوى لساعات النوم و التي كانوا يتركوها لكي يجلسوا معا لمشاهدة النجوم.
سألها متعجبا عندما شردت: -سيلين روحتي فين؟
نظرت له و هبطت دموعها و قالت: -أيهم هو انت مبتحبنيش ليه؟
لم ينتظر منها ذلك السؤال و لم يعلم كيف خطر على عقلها، و قام مغادرا الفراش و قال:
-البسي عشان تمشي
ضحكت سيلين و لكن تلك الضحكة لم تعبر عن سعادة بل من حزنها و خيبة أملها التي تزداد و اختلطت بها البكاء و قالت بقهر:.
-قولتها كتير اوي لحد ما بقيت تتعبني و توجع قلبي، تعرف اني بغير منها اوي و اتمنيت اني ابقى مكانها حتى كل حاجه مزيفة بس حلوة.
ابتسمت ساخرة من حديثها و أكملت: -حلوة لأنها معاك، لما بشوف صورك معاها قلبي بيتحرق، عارفه اني اكيد مستحقش حاجات كتير بس كل حاجه كانت غصبن عني بس عايزك تسيبني للأبد و المعنى انك تطلقني و تنسى انك اتجوزتني أو أنك عندك ابن مني...
التفت لها و قال: -و انتي هتنسي
-هعيش على أمل اني انسى زي ما عيشت على آمال كتير مستحيلة، هستني ورقتي و عايزها في أسرع وقت من فضلك
خرج يوسف إلى الشرفة و لم يرد عليها
قامت سيلين و ارتديت ملابسها و بعد ذلك دلفت إلى المرحاض و غسلت وجهها و جففته بالمنشفة و خرجت، ألقت نظرة عليه و تقدمت ناحية الباب لتذهب و لكن اوفقها صوته قائلا: -سيلين
التفتت سيلين له لترى ماذا يريد و قالت: -نعم يا أيهم؟
-...