قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خدعة إبليس للكاتبة أسماء صلاح الفصل الأول

رواية خدعة إبليس للكاتبة أسماء صلاح الفصل الأول

رواية خدعة إبليس للكاتبة أسماء صلاح الفصل الأول

هل الحياة التي جعلتي سيئة ام انا اختارت ذلك؟! تردد ذلك السؤال كثيرا بخاطري، في كل مرة انتهى من عمل سئ سواء أن كان قتل أو سرقة أو احتيال علي الآخرين، كنت أحزن كثيرا عندما افعل ذلك و لكن بعد انتهاء العملية بساعات اعود إلى نفسي، ايمكن أن يكون شعور الذنب مؤقت، ام ان قدرتي على ذلك لم تكن تستحق العناء و بالنهاية لا أحب ما أفعله و لكني أفعله، فدائماً ما نريده يصبح صعب المنال بل منعدم.

تنهدت سيلين باستياء فتلك الأفكار تشوش عقلها كثيرا، و تفسد مزاجها على الأغلب فحتى أن شعرت بأنها سيئة لوهلة بالطبع جميعا سيئون لا يوجد شخص مثالي و ذلك ما علمته طوال حياتها، فهي تعاني كثيرا فقد انقلبت حياتها فجأة لتصبح ابنة رجل مافيا، فهي ابنه متبناه لم تشعر للحظة بأنها سعيدة في ذلك المنزل منذ أن دعست اول خطوة به، فدائماً تشعر بأن تلك الحياة لم تكن حياتها و لا يجب أن تكون، قطع شرودها قدوم ديفيد و لوح لها بيده، انتبهت إليه و ارتسمت ابتسامته باهته على ثغرها فهي لم تكرهه و لكنها لا تحمل له أي مشاعر و هو لا يتركها و شأنها قط.

-ماذا تفعلين؟
ردت عليه بوجه عابس فهو يراها جالسة فسحقا لذلك الأسئلة الساذجة و التي ستدعي حوار بلا فائدة من الأساس: -لا شي كما تراني جالسة
صمت ديفيد ليبحث عن موضوع آخر لكي يفتح الأحاديث معها فحتى أن كانت لا تحبه فهو يحاول و بالتأكيد سيحصل عليها: -هل جهزت للعمل القادم
رددت بنبرة محتدة: -نعم عندما يحين الموعد سوف نذهب إلى مصر و انا ارى ان لا يوجد داعي لقدومك فانا استطيع إنهاء العمل بمفردي.

اعترض ديفيد مسرعا: -لا و والدك لم يقبل ذلك
سئمت سيلين فهي اصحبت خبيرة في ذلك و تعلم بأن لا داعي من ذهابه معها و لكن بالنهاية رآها لم يفيد فاكتفيت بذلك القدر: -افعل ما تريد و انا سوف اجهز نفسي للسفر.

؟
استيقظت مي كالعادتها مبكرا و قامت تفيق طفلها ذو الست أعوام و البسته ثياب المدرسة و بعد ذلك انزلته عندما أتى الباص الخاص به، و عادت إلى الشقة و اجهزت السفرة
و دخلت إلى الغرفة لكي توقظه، تفاجأت به يحاوط خصرها فشهقت بخوف، همس إليها بخفوت: -متخافيش يا حياتي و بعدين مجرد ما قومتي صحيت.

ابتسمت مي و قد أعلن قلبها عن نغماته المتراقصة، فكلماته تجعلها مثل فتاة مراهقة تعيش اول حب لها و التفتت إليه لتقابله بابتسامتها المشرقة
-بحبك اوي يا يوسف
-و انا كمان
-يلا عشان تفطر
-عندي شغل مهم أوي والله مش هلحق، ذمت شفتيها بحزن، ابتسم على طفولتها و قبل شفاها بحب و بعد ذلك غادر.

تعلقت نظراتها به فهي تعشقه إلى حد يستحيل تحدده و تنهدت بسعادة، فمنذ أن تزوجت به ابتسمت الحياة لها مرة أخرى فهو ابن عمها الذي عشقته منذ أجل و لم تستطيع الحصول عليها و لكن بعد أن توفي زوجها التي لم تحبه قط و ارغمت على الزواج منه و لكن بالنهاية تشعر بأن عوضها عن كل سوء مرت به.

ذهب يوسف إلى عمله و بمجرد جلوسه على المكتب، طرق الباب و دخل صديقه بالعمل هادي، لم يتفاءل بقدومه بتلك السرعة و لكن بالطبع لم ينتهي العمل بل يزداد
كان ملامح وجه عابس متجمدة: -خبر مش حلو خالص
اوصد عيناه لوهله و طرد زفيرا و تسأل عما يكون ذلك.

فاكمل هادي حديثه: -مافيا دولية، زعيمها راجل روسي و بنته هي اللي بتقوم بكل حاجه، كل يوم في بلد شكل عندك بقا سرقة و نصب و احتيال و بيقولوا ان العملية الجاية في مصر
شعر بالفضول و الدهشة و تسأل باستفهام: -و انت عرفت ازاي؟
-اللواء محمود لسه مبلغني و قال إن القضية معانا و اننا لازم نقيض عليها
-طب ايه الصعب في كدا اكيد هنعرف نوقعها.

تنهد هادي شاعرا بالضيق فيوسف يستهن كثيرا: -محدش يعرف ليها اسم و لا شكل، و هي بتتقمس عادات وتقاليد البلد اللي بتروحها فعشان كدا محدش عرف يقبض عليها، المصيبة بقا مش في كدا
-ايه هي؟
اردف هادي مفسرا: -مافيا تانية ظهرت جديد و الله اعلم كانت موجودة و لا و المعروف عن صاحبها انه ابليس محدش بيشوفه و لا حتى بتظهر أعماله تقريبا يعني محدش شافه و عاش
قطب جبنيه متعجبا: -اومال ازاي عرفت مثلا؟

-الإخبار دي جايه من جهات عليا
-يعني ايه ابليس إيه التهريج دا و بعدين لازم يتقبض عليه
تنهد هادي باستياء فتلك القضية مستحيلة و من المحتل أن تقضي على مسيرتهم المهنية أو حياتهم: -تمام، في ظابط جديد هيجي من اسماعيلية
-تمام اول ما يوصل القاهرة يجي على هنا
-اولا هي بنت تمام
غضب يوسف فهو يكره العمل مع السيدات خصوصا اذا كان الامر خطيرا و اردف بضيق بين: -تمام ادينا هنشوف...

مضيت الايام سريعا و قام ديفيد بتنفيذ كل شي يتعلق بالمهمة القادمة، و جلب كل المعلومات الخاصة بها، لم أعلم لماذا أخشى تلك المهمة مع أنني قومت بأصعب منها، يمكن ذلك التوتر بسبب وجودي مكان احد ضباط الشرطة
احتمال و لكن أشعر بشي غريب يدعوني للقلق منها كثيرا، و لكن مع ذلك أشعر بالسعادة لأنني عدت إلى بلدي التي غادرتها منذ زمن بعيد، نظرت إلى ذلك المكان من شرفه سيارتها و ظهر شيخ ابتسامتها التي فارقتها.

فهي قضيت سنوات كثيرا في ذلك الميتم الذي أصبح مهجوراً و مدمراً تماماً.
فتحت باب السيارة و ترجلت منها و سارت بخطوات بطيئة تستعيد بها ذكرياتها التي مرت
قبل أن تحرك الباب الحديد لتدخل، ردت على هاتفها: -ماذا؟
أخبرها ديفيد مسرعا: -النقيب الاء سوف تأتي القاهرة في الغدا، مستعدة لذلك؟
أخبرته سيلين بإيجاز لكي تغلق المكالمة فورا: -نعم، سوف أغلق الأن و غدا سوف أقوم بمهمتي كما اتفقنا.

سألها ديفيد: -لم تأتي إلى المنزل
لم يجد منها إجابة و تلقى صفير يعلن انقطاع المكالمة.

،
مع بداية يوم مشرق استعدت الاء لكي تغادر منزلها لكي تذهب إلى عملها في القاهرة، ركبت القطار و انتظرت إلى أن مضيت ساعات سفرها
قامت مستعدة لتهبط من القطار فقد اقتربت محطتها حملت حقيبتها و ذهبت لتقف بالقرب من الباب
توقف القطار و نزلت منه و سارت وسط الزحم و لكن فجأة سحبها احد من الخلف و وضع مناديل به مخدر فقدت وعيها على الفور
أخذها ذلك الشخص و هو يسندها لكي لا يلاحظه أحد و خرج من المحطة.

ذهب في اتجاه السيارة التي تنتظره و وضعها في شنطتها
و بعد ذلك فتح الباب و ركب قائلا: كل الأمور تمام يا أستاذة
ابتسمت بهدوء و استدارت بجسدها و أخذت الشنطة التي وضعتها في المقعد الخلفي و أعطيتها له
لمعت عيناه برضا و قال بنبرة تحمل القليل من القلق: أمان و لا إيه؟ دي ظابط و هيبقى فيها سجن على طول
إجابته ببرود: -و لا انت شوفتني و لا أنا شوفتك.

غادر السيارة و بعد ذلك انطلقت و وصلت إلى قصرها، ترجلت منها و كان ديفيد في انتظارها و تقدم بخطواته ليسالها بقلق: -ماذا حدث؟
-كل شي جيدا لا تقلق
-أين هي؟
-في شنطة السيارة، اريد التخلص منها خلال لحظات كما اتفقنا
-حسنا
ذهب ديفيد في اتجاه السيارة و أخرجها منها و بعد ذلك أمر رجاله: تخلصوا منها
رد عليه أحدهم: و لكنها مازالت على قيد الحياة؟

اخرج ديفيد سلاحه و أطلق عليها النار و تأكد بأنها فارقت الحياة و بعد ذلك تركهم و غادر
دخل إليها، نظرت سيلين له باستفسار
اومأ برأسه ليدل بأنه أنهى مهمته بنجاح
جلس بجوارها و اقترب منها كثيرا و قال: سيلين متى سنتجوز؟
ابتعدت عنه قليلا لتضع مسافة بينهم و قالت: الوقت غير مناسب الان و انت تعلم اننا في مصر لإنهاء عملنا
-اعلم و لكن انتِ تعلمني بأنني احبك
-ليس لدينا وقتاً للحب
-اذا لم يأتي الوقت ابدا يا سيلين.

شردت سيلين قليلا و تذكرت نفسها من قبل حتى أن كانت لا تتذكر الكثير فيكفي انها لا تذُكر غيره
افاقها و هو يمرر انامله على وجهها ليبعد خصلاتها عنه
شعرت سيلين بالنفور اثر لمسته و قالت: -سوف اخلد للنوم
-حسنا، هل ستذهبين غدا إلى قسم الشرطة
-أجل سوف اعيش حياة الاء لفترة محددة.

تعجبت مي من شروده و وضعت يدها عليه و تسألت: -مالك يا حبيبي
ابتسم و قال: -شغل يا حبيبتي
-طب خلص اكل و ارتاح شوية يا يوسف، انت دلوقتي في البيت
صمت و عبث بمعلقته و بعد ذلك تناول القليل من الطعام، قطع مي الصمت و قالت: انا كنت عند الدكتورة انهاردة
يوسف بقلق: -ليه يا حبيبتي؟
تركت مي المعلقة من يدها و أبعدت الصحن عنها و قالت بحزن: -عشان الحمل اتأخر أوي.

رتب على يدها و قال: -ممكن متفكريش في الموضوع دا و يعين سيبها على ربنا و كمان انتي معاكي مازن
-يوسف انا بحس انك مش عايز تخلف مني
-لا يا حبيبتي بس مش عايزة تتعبي و تلفي كتير مش عايز غير راحتك و بس
ابتسمت مي و قالت: -بجد؟
-اكيد.

ذهب يوسف إلى عمله و دخل إلى مكتبه و طلب قهوته، ارتشف بعض منها
دخل هادي له عندما علم بمجيئه
-ايه الاخبار؟
عقد يوسف حاجباه في استياء مفيش المهم فين المقدم الاء سعيد؟
-المفروض انها وصلت امبارح القاهرة، ايه الخطة للقبض على العصابة
شعر يوسف بالحيرة فمن الصعب الوصول لهم أو التعرف عليهم حتى و لم يجد فكرة لتحددها.

-مش عارف بس كل اللي نعرفه انها ست و بيكون معاه واحد، الاتنين من أصل روسي بس طبعا هي بتتقمص جميع الأدوار فمن المستحيل نعرفها
هادي بضيق: -فعلا بس اكيد ليها حل، و الاء هتنضم للفريق
-يارب تكون مش جايه تهزر بس لاني مبحبش شغل الستات
قطع حديثهم دقات الباب و دخولها، قامت الاء بأداء التحية و بعد ذلك قدمت نفسها قائلة بحزم و ملامح وجه صارمة: - النقيب الاء سعيد يا افندم.

نظر يوسف لها من أسفل قدمها إلى أعلى رأسها و قام ليتجه إليها و لف حولها
كانت تقف ثابتة حتى لم يرمش لها جفن، تعجب هادي هو الآخر بدهشة فيوسف كان يقصد توتيرها
-تمام اكيد انتي عارفه الشغل
-اكيد يا افندم
-اتفضلي على مكتبك و هادي باشا هيبلغك بكل التفاصيل المطلوبة
-تمام يا افندم
خرجت الاء من المكتب
- بصراحة الوجه الملائكي دا مش نافع مع الشخصية قالها يوسف بدهشة و هو يعود إلى مقعده مرة اخرى.

-هي حلوة و دا مطلوب مش احسن ما تكون شكلها وحش
يوسف باقتضاب: -هنا مكان شغل يا هادي، و ياريت يكون التعامل معاها علي قد المهمة
-اكيد انا بهرز، هتخليها معانا العملية الجاية و لا؟
ابتسم يوسف بخبث: -اكيد و عايز اشوف شغلها بقا و لو فشلت هرجعها مكان ما جات
هادي باستغراب: -الموضوع صعب و دي ست يا يوسف
-محدش قالها تدخل في فريق كله يا رجالة، روح بلغها بالتفاصيل و كمان ساعتين هنتحرك.

هادي باستياء: -تمام و أمري و أمرها لله حد يبهدل مزة بعيون زرقة كدا
نظر إليه بحده أحسنه على الصمت و جعلته يغادر مسرعا و ذهب إلى الاء ليخبرها بإداء مهمة صعبه في أول يوم عملها و احتمال أن يكون الأخير....

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة