قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل العاشر

خطوات و يلج المطبخ كالريح، إختطفني من العتبة الى إحدى الزوايا كالبرق، ركنني بقوته على الجدار، ضمني الى صدره، أنفاسه لاهثة، يعدوا، يتقطع أنفاسه، نبضاته..
نظراته ينبعث منهما بريق منكسر، متخاذل، حائر..
يبتلعني في جسده، يغتالني بمشاعره المضطربة..
أحاول الفكاك منه، أتملل بين ذراعيه لكي أتملص من الحصار الرهيب القوي الذي أفرض علي يوري، و لا شيء يحركني ساكنا سوى الخوف، الخوف بأن يرانا أحد بهذه الحالة..

يضعضعه بشيء من الغرابة في أركان جسده اللاهثة، المتهاوية..
يعمنا الهدوء..
الصمت سيد الموقف..
إنحنى على وجهي، إقترب على شفتاي، يحاول تقبيلي، أنهلت صفعة على وجهه جعلني أتلوى ألما من أصابعي التي أحسست أنها تكسرت بقوة وجهه الحديدي..
أردفت قائلة كيف تجرؤ أيها الوقع
إمتلكه الغضب فدفعني بقوته..
إرتطمت على الأرض، تدلت يداي و جذعي كله، إبتعد قليلا، أوصد الباب خلفه، تقدم نحوي.

يشحذ مخالبه، ظهرت أنيابه، يتسلل الشر في عينيه الرماديتين، ملامحه تفيض العنف..
إغتالني الخوف، إصطك ركبتاي، أسناني، جسدي..
تهاوى على فوقي، يكبلني الشلل، و لا أستطيع الحراك، أحسست نفسي دمية مشدودة الى الأعلى بخيوط لا مرئيّة، يتحكمني كما يريد!
كنت ملقاة على الأرض كجثة هامدة..
لم أمتلك سوى التطلع اليه بنظرات الإستنجاد و التي تطفح على عيني..
تجرد من رحمته، دنش الإحتفال و هو في أوج إشتعاله و تعطشه للدماء..

غرز أنيابه في عنقي، أحس يضغط عليها حتى دخلت بأكمله، إنفجر الدم من عنقي يرسم على فستاني خطوطا حمراء، إمتدها الى شعري، خدي، كأنه نهر يتدفق ماء معدنيا..
أتلوى ألما في داخلي، أعجز عن الحركة، أعجز حتى عن العويل، تجول عيناي في الزوايا، تطلب الرحمة، أطلب أن يتوقف، و لكني لا أستطيع النطق
كلبني سيطرته على جسدي، عقد لساني..
تسلل الي الضعف تدريجيا، ثم توقف فجأة
توقف الألم، هدأ كل شيء..

تركني كدمية مريمة على الأرض..
حدق بي جيدا بشيء من التعالي و الإزدراء..
لاحظ صدري يعلوا و يهبط شيئا فشيئا، حتى توقف نبضاتي، و زاغت عيناي، أظلمت الدنيا أمامي شيئا فشيئا حتى إختفى كل شيء!
لم أعد أشعر نفسي، جسدي، وجودي! لا شيء إلا الظلام!
...
الحاشية:.

مد يوري يده المذعورة تجاه ماريا، كذبت عيناه عليه، كذبت يديه، حدق بها جيدا لم يستطع أن يتأكد، وضع يده على فمها، إنها لا تتنفس أبدا، تفقد نبضاتها، لا شيء يتحرك، لم يصدق!
يا إلهي هل ماتت؟! هل حقا ماتت؟!
حول بصره ببط يتأملها برعب، لقد كانت ممدودة على الأرض يتلونها الأحمر، و قد تجمد الدم في شعرها الأسود، جزء من وجهها، عنقها، فستانها..
يا إلهي ماذا فعلت بها؟!

إسترجع أنفاسه، تذكر ما غاب عنه! نعم لقد عضها بقوة في لحظة غضب إمتلكه فترك تمزقا كبيرا في عنقها حيث تدفق الدم بغزارة..!
ماتت! لقد أزهقت روحها الصغيرة و البريئة، يجب أن أنقذها! يجب أن أفعل شيئا
وضع أذنه على صدرها، لا شيء، وضع فمه على فمها حتى يعطيها تنفسوا صناعيا، و لكن لا جدوى
حملها بين ذراعيه، شدها بقوة، هرع نحو الباب، إجتز العتبة، خطوة واحدة و تسمر رجلاه، لم يقوى على الحركة، داهمه اليأس.

لم يكن يعرف الى أين يسير..
كيف سينقدها و قد مات!
الى أين يتجه..
وضع جثتها الهامدة على الأرض، جثا على ركبتيه، مد يده، تسمر عيناه عليها، يا للفضاعة! يا للهول! ماذا فعلت بها!
تصبب العرق على جنبه، أصابته لحظة إنهيار نفسي، إرتعش جلده. إرتجفت أنامله..
جهش بالبكاء، بكاء تحول من النحيب و النشيج الى صياح هستيري، فقد عقله، جن جنونه، و بدأ الجميع يجتمعون حوله..

إرتمى أرضا يضمها إليها بهستيرية و يقبلها بجنون..
أنا آسف، أنا آسف، سامحني، لقد قتلتك، أنا وحش، وحش..
ثم ضحك ضحكة كالبكاء، ضحكة مجللة كالرعد محملة بوابل من الدموع، يردف و يتردد بنبرة ضاحكة أنا وحش، أنا وحش.

إنهمك بالجمع بالظنون و الثرثرة بينما يغتالهم الرعب على المشهد المروع..
- لقد جن يوري حقا، لقد جن!
- هل هو من قتلها فعلا
- أنظر إليه، لقد فقد عقله، إنه يضحك و يبكي في آن واحد!

أسرع إستيفن نحو الصراخ و الضجيج، عقد الهلع لسانه، لم يكن يطيق النطق كما لم يكن يطيق المشهد..
جثة ماريا هالكة على حصن يوري، بشرتها باهتة بيضاء فقدت كل دمها، عينيها غائرتان، قليل من الدم القاني ينزف ببطء من عنقها المجروح، و يتسلل مضمضا على شعرها، جزء من وجهها..
ماذا فعلتم بماريا، ماذا فعلتم بحبيبتي
و هنالك يوري أيضا، مسمّر بماريا، يندد بنبرة بين البكاء و الضحك أنا وحش أنا وحش
دفعه بعيدا عنها..

دلف نحوها بشيء من اليأس الممزوج بالبؤس و الألم، مد يديه المدعورتين، أنامله المرتجفة
ثم غرس رأسها في صدره، و راح يبكي بأنين حزين، و هو يردد ماذا فعلتم بها، ماذا فعلتم بحبيبتي ماريا
ببطء شديد إنحنى برأسه المثقل ليستقر على صدرها، و هو يجهش باكيا كالطفل..
شبك أصابعه ليضم ساقيها التي بدت من النحافة و كأنها أعواد يضمها الى صدره..
مسكينة ماريا تمتم ميرنا بشيء من الحزن..

سكنت عينا إستيفن على جثتها لبرهة، و لم يحرك ساكنا و كأن شيئا لا يعنيه في هذا الحياة
لقد أخدوا مني حبيبتي، شرودها، عذبوها ثم قتلوها، نعم قتلوا ماريا و هي في عنفوان شبابها، و جمالها..
و كانت دموعه تتسابق في وجهها كالماء المعطرة تغسل حياتها البالية التي إنتهت من هذا العالم..
لقد قتلوك يا صغيرتي..
سرعان ما تحلل تعبير الشفقة على وجه إستيفن الى غضب مارد..

إنتفض من مثوله أمام جثة حبيبته، و امتدت يده نحو يوري الذي بدا للجميع أنه فقد عقله تماما، أمسك قميصه وعلى محيا يوري ملامح الألم و الفزع
إستوضحها بلهجة ثائرة
هل أنت من قتلها؟! هل أنت من فعل بها هذا!؟
لم يكن حواس يوري حاضرا، كان مسمرا في مكانه كشجرة قطع أغصانها، لا يتحرك، عيناه تسكنان نحو لا شيء، فمه مفتوح على مصراعيه..
هزه إستيفن بكل قوته
تكلم أيها الوغد الحقير، هذا أنت فعل بها هذا.

إنفجر يوري ضاحكا في اللحظة نفسها أجهش بالبكاء و بدأ يردد مرة أخرى أنا وحش، أنا وحش
لم يتمالك إستيفن نفسه، إنهال عليه بالضربات و اللكمات كالمجنون ذون أي توقف، في عينيه شرارة لا ينطفئ، و غضب عارم لا يهدأ
و يوري لا يقاوم ككيس باللكمات، أنفقت أوداجه، و أصفر وجهه..
إندفعت بينهم إيسبيلا، أمسكت إستيفن، تشبثت به، أوقفته بقوتها..
توقف يا أخي، توقف، لن يعيد هذا ماريا الى الحياة.

كانت أنفاسه لاهثة، جفا ريقه، نال التعب على جسده المتهاوي..
و للحظة إنفجر باكيا على صدر أخته، داهمه الضعف و الحيرة، لم يعد يعرف كيف يتصرف! ماريا رحلت أمامه! ماتت! تركته!
ضمته الى صدرها، ألجمت على الكلام، لم يبك من قبل! منذ أن كان طفلا! من أين جاءت هذه الدموع؟!
مسدت راحتها في شعره..
إهدء أخي
فجر حمم بركان دموعه الدافئة في صدرها..
...

هنالك يوري أيضا، جاثم على ركبتيه، إستعاد نفسه، تسمر عيناه نحو جثة ماريا..
دلف نحوها، إرتفع عويله..
أمسكوا أبناء أعمامه، ليون و جون، سحبوه من ذراعه..
أتركوني، أنا من قتلها، سأموت معها
حاولوا إسكاته، أرجوك، أتركها، لن تعود الى الحياة..
لا، أتركوني، ماريا، يا إلهي ماذا فعلت بها
حاولوا و لكن لم يفلحوا..
إقتادوه الى غرفته..
خاطب هيري إخوانه.

سوف أهتم جثة ماريا، و لكن راقبوا يوري و لا تدعوه يخرج من غرفته حتى لو إقتضى الأمر الى تكبيله بالسلاسل، فهو لم يعد يتصرف كالعاقل
...
وسط دهول و فوضى الأفكار الذي جحظت الجميع، جاءت سيارة ترجل منها رجلان، توجها نحو الجثة أمام عتبة المطبق، سحبوها، إقتادوها في السيارة الى دار للتجهيز الجنازة..

معتمة تلك المساء، سودا، مظلمة، يوم كتب لها الموت، سرقت البسمة عن شفتيها، و خيمت الظلام على وجودها، و فرق بينها و بين حبيبها، فما كانت حياتها البالية سوى سلسلة متواصلة من بؤس و الشقاء، أليمة كانت حياتها! عذبتها و لا تباليها! مطرت من أجفانها بدمعة على خدودها كثيرا!
أمس كانت تضحك و تهمس بأنها ستنخطب قريبا، ولكن اليوم إقتادوها الى دار للتجهيز الأموات الوحيدة في الجزيرة..

أدخلوها في غرفة مظلمة، إلا بصيص من الضوء في إنارة خافتة، سكون عميق، أجسام متاهوية مصطفة..
دخل شاب عريض المنكبين و الصدر، رمادي الشعر، ببطء جردها من ثيابها الخرقة البالية، وضع جسدها المتهاوية الباردة بعدم الإكتراث قرب جثث رهيبة قيدت أرجلهم و أيديهم و كممت أفواههم، و قد عصبت أعينهم..
ألقى هيري نظرة خاطفة على الجو الرهيب التى توحيان بحالة من الترقب و الغموض قبل أن يشق طريقه الى خارج الغرفة..

خرج رجل في الخمسين ذو لحية معقوفة يبدوا وقورا، يحمل صليبا في يده، و إمرأة قاربت الأربعين مازالت تحتفظ بجمال بديع..
إستنتج هيري بأنهما الزوجين المالكان لهذا الدار ( سيد و سيدة فرانسيسكو )..
تبادلا إبتسامات خفيفة قبل أن يتبادلا بالمصافحات
مساء الخير يا سيدة و سيد فرانسيكو!
و بلباقة الإنجليزيين أمسك هيري برقة يد السيدة و قبلها..
مساء النور، لا بد أنك سيد كلاوس أكوادور.

إبتسم بلباقة ورد برقة نعم أنا هو، حدثت حادثة مروع لإحدى خادماتنا في القصر، و أرجوا منكم أن تجهزوا الجثة قبل حلول صباح الغد، لأنها من الممكن أن..
قاطعه الرجل أعرف، لا تقلق، لدينا برنامج جيد حول هذا الأمر، لن تستيقظ!
إطمئن هيري على كلام الرجل، و أستطرد بإهتمام
لابد أنكم تستخدمون نوع من الحقن الذي يجعلهم ينامون الى الأبد، أليس كذلك!؟
نعم بالتأكيد.

ردها بشيء من الثقة التي لا توحى من ملامحه المتجهم تحت وطأة الخوف و التردد على الإجابة الصحيحة..! ترى ماذا يخفي هذا الرجل!
إبتلع ريقه و تكلف بإبتسامة مزيفة حتى يخرج هيري عن الدار بأسرع وقت ممكن دون أن يلاحظ بأنه لا يرغب بوجوه..
إبتلع ريقه و أعتدر لهيري
أنا آسف لدي عمل طويل هذا المساء
صافحه بشيء من التوتر، و خرج هيري يخالجه الغرابة عن تصرفاته..
...
الحاشية:.

هرول الرجل و زوجته بعجلة شديدة تقتاد خطواتهم السريعة نحو الغرفة المظلمة، فتحوا الباب على مصارعيه..
وجدوا إبنهم الشاب الذي لم يضيع دقيقة على الشروع في العمل، فكبل جثتها العارية بسلاسل حديدة على السرير المعدني..
لَبْس الأب كيس بلاستيكي بعجلة بينما يجهز إبنه الأدوات اللازمة لكي يجعلا ماريا ميتة الى الأبد، قد تتحول الى مصاص الدماء في أي لحظة، فيجب أن يفعلا بسرعة مراسم القتل قبل أن تستيقظ..

شخ صدرها الى نهاية سرتها بسكين حاد بيديه الماهراتان في جزر، أخرج من بطنها كل الحاويات، أمعائها، قلبها، كليتيها، كبدها، ذون أن يرف له جفن..
قام بخياطتها بإحتراف..
ثم ترك الباقي لإبنه، من غسل، و ترتيب للشعر، و حتى المكياج..
تلمظ الشاب لعابه و هو ينظر جسدها الجميلة التي جعلت الأيام خرقة بالية بين يدي يوري و زوجته، مسحوا بها - متى شاؤوا - حذائهم، ضرباتهم، إهانتهم، عتبة قصرهم، مخاط المطبخ، حتى ماتت!

لم يبق من ملامحها سوى عينيها العسيلتين تبدوا دمية جميلة و الهواء يسبح بين جدران أحشائها الفارغة..
رفع كفه في وجهها، تلمس بأصابعه الكبيرة صدرها المتهدل، إمتقع وجهه، و هو يدرأ يده في بطنه. تبا، إنها جميلة حقا
كان يتوارى خجلا من تعليقات أفكاره..
يغسلها و هو يتفرج على جسدها بخبث يخالجه الخجل!
...

رجع هيري الى القصر باكرا، إستلقى على سريره منهكا، لكنه سرعان ما غفا على غير عادته في مثل هذه الظهيرة اللاهبة، فلم يستيقظ الا على صوت إرتطام الباب هز أركان الغرفة فهب من نومه مرعوبا
وجد إيسبيلا واقفة أمامه بشخامة، يتدلى السيجارة من بين شفتيها المغرورتين
خاطبته بغموض هل إنتهى...!
نعم كل شيء إنتهى، قال الرجل بأنها لن تستيقظ.

هذا جميل! كان يخيفني فكرة أنها قد تتحول الى المصاص الدماء، لا أريد أن يعرف أخي الغبي، لن يفهم أن هناك فرق بين مصاص الدماء المتحول و مصاص الدماء بالفطرة، المتحول أكثر تعطشا للدماء، أكثر وحشية، لا يستطيع أن يسطر عليهم، إنهم حيوانات و يعيشون في الظلام لأن الشمس تحرقهم..
إستطرد هيري
إن تحولت ماريا فليس هناك رجاء من أن تعود كما كانت، فهي كالميتة لا محالة و لا رجاء من عودتها..

جلس هيري بشيء من الكسل و هو يحمل رأسه الثقيل بين كفيه..
رمقها بنظرة حانية و أردف يطمئنها لا تقلقي، ماريا ماتت الى الأبد، و لن تزعجك!
جلست إيسبيلا قرب هيري تظهر ليونة جسمها و جمالها، أنوثتها الطاغية، و شهوتها البشعة بينما إنتشر الحرارة في جسد هيري، أزاح بيده شعرها الشرقاء ليظهر جمال عنقها فتكحل بعينيه الناعستين، إبتسم بخبث و قال بإهانة مهدبة..

لا أحد يصدق أن هذا الجمال يخفي خلفة كثير من الحقد و الغرور.
دفعت يده بغضب، و ردت في الحقيقة لم أكن أتمنى لها الموت، كنت أخطط شيئا آخر قبل أن يأخد يوري حياتها، ( إبتسمت بخبث ) و استطردت
من كان يتوقع بأن يكون يوري هو من يخلصنا منها الى الأبد
نظر إليها هيري بتحرش صامت، تكلم بكلام أغاظها
و لكنه كان يحبها كثيرا، ألم ترى كيف جن جنونه عندما ماتت، حبيبتي من أفضل أن تبحثي رجلا يحبك.

تمالكت أعصابها، وردت بغرور لم يعد يهم بعد اليوم، لقد ماتت حبيبته و لن يجد غيري، مع أن الوضع يقدم لصالحي فهو ميئوس الآن و سأفيض إليه بعطفي
كتم هيري إنفعاله...
نظرت إليه بإزدراء و أردفت بسخرية هل ما زال يخالجك وهم إمتلاكي، من الأفضل أن تنسى شعور الغيرة، فأنا إمرأة حرة و لا يعجبني أن يسيطر علي أحد
أمسكها بقوة من شعرها و تأوّهت بألم مع إبتسامة خبيثة في ثغرتها..

خاطبته بإستفزاز كم أنت رجل منحط، أنت لا تساوي درة من رجولة يوري أبدا
لاحظت علامات الإنفعال بادية على وجهه، و هي تتلذ بإستفزازها السادي..
طوَّق قبضته في عنقها، وضع شفتيه اللهثتين على شفتيها، و قبلها بإرغام حاولت الفكاك منه لكي تستسلم للحظة الممتعة في الأخير، و تبادله القبلة العنيفة..

في اللحظة نفسها بزغت ميرنا أمامهم فجأة، أعقد الدهشة لسانها، إرتفعت أجفانها حتى بدت حدقتا عينيها بينما تضع يديها المرتجفتين على فمها..
دفعت إيسبيلا هيري في لحظة رعب إغتالها، تجمدت في مكانها..
إستدار هيري ليجد ميرنا واقفة قرب الباب، علا وجهه الشحوب، و بدأ يتمتم، و قبل أن يولد حرف الأول على شفتيه هرولت ميرنا التي تكاد تغرق مقلتيها في نهر من الدموع، جرى هيري خلفها، حتى لا تفضحهم..
...

ركنت إيسبيلا نفسها في إحدى الزوايا و قد إستولى عليها الخوف من الفضيحة، سرعان ما تحلل الى جرأة مخيفة..
تمالكت نفسها، قامت تعدل ملابسها المتبعثرة على جسدها المتهالك، رتبت شعرها، و خرجت من الغرفة بهدوء و كأنها لم تفعل شيئا، إمرأة جريئة، تتمتع بقدرة فائقة على إخفاء إنفعالها و خاطبت نفسها بثقة إنها مجرد خادمة، يكفي أن أهددها فحسب حتى تسكت للأبد
حافظت على وتيرة ملامحها الرصينة و هي تتجه الى غرفة يوري..

أولجت الغرفة، لطمت الباب خلفها برقة..
وجدت ليون و جون مع يوري الدي أصبح هادئا، عيناه ثابتان على السقف، فمه مطبق، و قد قيدت رجليه و يديه بحبل قوي..
أحست براحة في داخلها...
كيف حالكم أيها التوأمان خاطبتهم بطرافة طفولية..
رد ليون بمرارة نحن منهكان حقا، كان يحاول الإنتحار فأخرجنا كل مواد خشبية يمكن أن يستعملها في طعن نفسه، حتى أننا كبلناه كما ترى، و لكنه هدء أخيرا
خاطبت إيسبيلا يوري و هي تقترب نحوه ببطء.

كيف حالك يا عزيزي، هل أنت بخير الآن
كان صامتا مثل الجليد، لا يحرك جفنا، مازال نظراته سامرة فوق السقف..
تكلم جون يتسلل اليه اليأس في ملامحه المنهكة لا تتعب نفسك سيدة كلاوس، لقد كان هكذا ساعات، لا يأكل و لا يشرب و لا حتى يتكلم كأن وتيرة الحياة إنقطعت عنه
تنهدت إيسبيلا بزفرة مريحة و كأن حالته يعطيها بشيء من الأمل لكي تنجوا من فضيحتها..
و عقب جون على كلامه هل يمكنك أن تراقبه، نحن منهكان و سنخرج.

هزت إيسبيلا ببطء رأسها المثقل تأذنهم بالخروج، بينما تبتسم بإبتسامة خفيفة، لقد كان همها ثقيلا، و أحست بإختفائه تدريجيا كلما لمحت حالته اليائسة..
حين هم جون بالخروج من الباب مع ليون لاحظ بأنه نسي شيئا، تاهت نظراته في وجه إيسبيلا، ثم هتف آه تذكرت، سيزوره طبيب نفسي بعد ساعة، عليك بأخده الى مكتب يا إيسبيلا عندما يأتي..
...

لم يمكن يوري هو الوحيد الدي كان يحتاج الى طبيب نفسي و كان إستيفن أيضا في حالة صدمة و حزن عميق، تسري الألم في دمه، يحاول أن ينسى و لكن كانت الحزن تكبله فتوجه نحو أقرب حانة للقصر، شرب حتى الثمالة، و كانت الأفكار و التساؤلات تلاطم رأسه، تبا للبشريين! لماذا هم ضعاف هكذا و يموتون بسهولة؟ لماذا لم أقع في حب إمرأة قوية لا تموت! تبا للضعفاء!

سرت رجفة خفيفة في أنامله، نظر الى يده، إبتسم بجنون أنظر إلي، أنا ضعيف أيضا! لماذا أبدوا بشريا ضعيفا رغم أن أمي و أبي مصاص الدماء، هل حقا أنا إبنهم البيولوجي أم أنهم تبنوني، لطالما شعرت أن أمي ليست أمي الحقيقية، و أبي ليس أبي الحقيقي! أنا بشري، و هم مصاص الدماء!

تسلسلته شكوك يخالطه حقد و إنفعال تبا لهؤلاء الوحوش، أقسم أنني سأنتقم لك يا ماريا! سأقتل هؤلاء المصاص الدماء! سأصطادهم و أقتلهم واحدا تلوا الأخر، لقد أخدوك مني!
نظر الى النادل حنقة، و أمسك قميصه و هو ثمل، أيها الوغد، هل أنت مصاص الدماء، سأقتلك
دفعه النادل و ترنح إستيفن على مقعده، إرتطم على الأرض
صاح النادل بعصبية على الحارس أخرجوا هذا السكران المجنون من حانتي، ظل يكلم نفسه طوال الوقت، المجنون!

سحبوه من ذراعيه و هو يقاوم بضعف، إقتادوه خلف حاويات القمامة، سرعان ما وقف برجليه المرتجفتين..
غادر المكان و إتجه نحو القصر و هو يترنح يمكنه و يسره..
و كان الشوارع مظلمة و مقفرة إلا من كلاب و قطط ضالة فأخد إستيفن يتلمس طريقه بقدمين مرتعشتين حتى وصل الى القصر، و ألصق وجهه بباب حديدي كبير.
تناهى الى مسمعه شخير الحارس و هو يغظ في نوم عميق..

أولج في داخل، تقتاد خطواته الى غرفته، يتسلل ببطء حتى لا يراه أحد بهذه الحالة، و كان الجميع نيام من الإنهاك و روع المشهد اليوم..
كانت الوعكة تباغته و هو يقاوم بشدة، حتى نالت أطرافه، خارت قواه، فهوى، و لكن يدا حانية تلقفته قبل أن يرتطم رأسه بالأرض، و جرته الى الفراش..
راحت تُمسح جبينه المحفر، و تهدئ من روعه..

وضع شفتيه على شفتيها برقة، أنفاسه لاهثة، بادلته بالقبلة، ثم دس رأسه في صدرها الدافئ و راح يغط في نوم عميق..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة