قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الحادي عشر

ما أطول قائمةالأشياء التي لا نتوقعها فوق العادة حتى تحدث، فالمستقبل مظلم يراوغنا حتى يتربص بِنَا كقنبلة موقوته، نعم كل شيء موقوت، الوقت الذي ماتت ماريا، و لحظة إكتشاف ميرنا حقيقة إيسبيلا التي تخفي تحت جلدها إبليس الشهوة، و إستيفن الذي يتلمظ بسكرته حتى وقع في شباك أحبلته جيدا أصابع رشيقة، و إمرأة الورق و القلم، لقد كانت تتربص عليه منذ زمن، و كان هو في لحظة إنسياع لحزنه وسكرته، و هي في لحظة نيران عواطفها كبركان هائجة، فحدث كل شيء للحظات إنتهى بدهشة صباحية حين إستيقظ إستيفن ليجد نفسه عاريا وسط أحضان إلينا، تأملها مذعورا، و أخد للحظات يستوعب ما حدث ليلة البارحة..

تذكر لمساتها المشبوهة، حضورها المربك، قبلة داخل زوبعة الغيبوبة
لحظات و مرت عليه ذاكرة شفافة كشال من دانييل يحفها الرياح..
هنا ثمة قدر مضاد، و تورط عشقي!
إنسحب تحتها بخفة، يحاذر أن يقوم بأي حركة حتى لا تستيقظ..
تسلل تدريجيا من الرداء..
وضع ملابسه على عجل..
إستيقظت قبل إنفراجه على الباب..
تبادلا نظرات صامتة..
نظر إليها متفحصا جسدها الناصع البياض، لا يستدير بل يحملق فيها بكل بلاهة و حماقة بينما تقطر خجلا..

سحبت الرداء، شدتها، تغضي ما تبقى من جسدها..
إحساس غامض، تحرش الصمت..
بهدوء مربك في ثقته قال سأذهب، سيكون هناك جنازة هذا الصباح
حملقت إليه بصمت، وجنتيها محمرتين..
رغبت بالحديث و لكن صوتها إنسحب خجلا الى قاع حلقها، لم تستطع النطق..
إبتسم لها بتحايل محاولا الهروب من الموقف المحرج..

خرج بعجلة، أثار هذا نفسه شعورا نسبيا بالإرتياح، ولكن ثمة كآبة كانت تشوب في قسمات وجهه، إستدرجه الى دهاليز الذكريات، سيكون هناك جنازة، سيرى حبيبته ماريا ميتة تغير مذاق شفتيها، سمرتها الغجرية..
تحسر على أيامها المعدودة التي تعذبت في هذا القصر و لم ينقدها، إكشر أنيابه، أقسم أنه سوف ينتقم لها..

الإنتقام، أيكون محاولة غير معلنة للبحث عن أحاسيس مرضية خارج تلك الشعور بالذنب و التأنيب لأنه لم ينقدها أو أنه خانها يوم وفاتها مع إلينا..
رفع كفييه في وجهها المكفهر، أطال في التفكير، بزغت في ذهنه فكره..
هتف بإهتمام آه، لابد أن أخبر السكان بما جرى، لا بد أن أطلعهم على الحقيقة المرة
حمل نفسه و خرج.

هنالك إلينا تتوارى خجلا فوق فراش إستيفن، عطره الذي يخترق حواسها، تزاحم اللحظات اللية البارحة في ذاكرتها، يستفزها إستفزاز حميمي صامت، كان لحظة شاهقة في سكرته التصاعدي، عنف التحدي المستمر، رغبات متبادلة، نظرات لاهثة، شهوة مستترة..

أطلقت صوتا، يتردد صداه في الأرجاء معلنا..
أحبك، أحبك إستيفن
لبست على عجل قبل أن يدخل أحد في الغرفة يغري صيحتها الغبية
خرجت و دبيب إرتعاشية لازال يتلاعب بأرجلها..

الحاشية:
يتمهل في كل شيء بأصابعه اللدنة، يمشط شعرها الفحمي ببطء، وضع لها آخر اللمسات في وجهها، الكحل، أحمر الشفاه..
حار كثيرا في إنتقاء فستانها، لأنها أجمل جثة يقوم بتحضيرها في حياته، و لكنه أخير إختارها..
إنتقاه بعناية كبيرة لتبدو فاتنة في آخر فستان ترتديه قبل أن تنتقل من هذا العالم
كان يحضرها بإهتمام و كأنه يعد لها للعرس و ليست للمقبرة..

تنهد بإرتياح لقد أصبح كل شيء جاهزة، تبدو ملاكا جميلا، طبع قبلة في جبينها كأنه يودعها، في وجهه مسحة من الحزن يقطع نياط قلبه..
سوف أشتاق إليها..
حملها فأحس أنها نحيلة و أزغب، وضعها في تابوت كئيب، تاهت نظراته في وجهها، ماذا نسيت ياترى
هتف بجدل طفولي
آه، تذكرت
وضع ورود حمراء في جانبيها، أثار هذا في نفسه شعورا نسبيا بالإرتياح..

أخد التابوت الى صالة كبيرة يتوسطها الكراسي و الورود، سيعج هذا المكان قريبا بأهالي الجزيرة، يودعها من يعرفها و من لا يعرفها، من يحبها و من يكرهها..
هكذا هي طبيعة أهل هذا الجزيرة، يتشاركون في التعازي و حفلات الزفاف و الأعياد...
دَنا موعد الجنازة و كان الشاب العريض منهمك في إتمام ما يستلزمه من تحضيرات نهائية، و القلق و التوتر باديان عليه كلما حضر أحد على الصالة بالرغم من إنتهائه أغلب الترتيبات..

حضر الجميع بثيابهم السوداء و لم يعتذر أحد، حتى يوري الدي كانت صدمته تحير الجميع، كيف لا؟! و هو الذي قتلها و ها هو ذَا يلهث بكيا خلفها، يهجم عليه شلالا من الكآبة يجرفه الى حيث لا يدري من المنحدرات، و الصدمات، يسحبه ليون و إيسبيلا من ذراعيه ذون أن ينهار أمامهم، لكنه كان يبكي كالطفل، كان يائسا و ضعيفا، يندد بشهيقه في أرجاء الصالة..

كان هناك إستيفن أيضا يرتدي بدلة سوداء بإهمال وضعها على جسده وسط مأساه حقيقية تستحوذ على كيانه كله و ينهمر فيها إنغماسا، ينبعث في عينيه بريق منكسر، متخاذل، حائر..

عاث في عينيه جثتها في التابوت الأسود، كانت ترتدي ثوب ديباج أسود مزين بشرائط حمراء، تبدوا ملاكا نائما إلا أن لون سمرتها الغجرية إختفت ليحل محلها بياض ثلجي، و شفتان جليدية، ترقرق في محجريه دموع و حزن مريع، تمنى أن يكون ما رَآه و أحس به ليس سوى كابوس من أحلامه المروعة، و لكن كان الواقع مؤلما، لم يستطع أن يتحمل المشهد، و خرج من الصالة ليتربع و يفترش لحافا في الخارج..

هناك أيضا في الصالة إلينا التي قررت الذهاب الى الجنازة بذريعة التعزية و لكنها في الواقع كانت تطارد إستيفن حتى مربع عزله، فخرجت أيضا تلهث خلفه..
نظر إليها بلا مبالات..
إبتسمت له و لكن لم يأبه لها..
مكثت واقفة قربه بحضور صامت إستفز كراهيته الذي كان يخفي في داخله..
صاح في وجهها ماذا تفعلين بقربي
إبتلعت ريقها، أحاول أن أواسيك قليلا.

هو بنبرة عدائي توقفي عن مطاردتي، أنا لن أستطيع نسيانها، لن أكون لك حبيبا مخلصا و أخونك معها في ذكرياتي
هي بنبرة نشوة أنثى
أنا لم أطلب منك أن تنساها، و لن أطلب أبدا
جلست بقربه..
نظر إليها، عينان مملوءتان بالحياة، ينبض في غوريهما سحر آخاد صعب عليه التخلص منه، فقام بتقبيلها، و تسلل الكآبة عنه تدريجيا!
هي كانت تحبه و تريد، و هو كان يريد أن يتخلص من حزنه، تبدوا صفقة عادلة، أليس كدالك؟!

إنتهى مراسم الجنازة و جرت الامور في الداخل بسرعة كبيرة، خرج الحاضرون، و كانت ألسنتهم تلهج بحزن مسكينة، ماتت وهي صغيرة جداً
إختطفوا تابوتها في سيارة، خرج خلفها عائلة إكوادور وحدهم إلا إستيفن، بقي خلفهم..
كان يشاهدها من بعيد، أعلا تلة الضريحة، ينظر إليها و هم يزجون تابوتها في حفرة عميقة بنظرة حزن و أسي، و لكنه كان يحاول أن يكتم أنفاسه اللاهثة
لما إنتهوا راحوا يسددون سهامهم الدامية الى قبرها.

أحدهم يقول في صلف وحقد
لم يبقي سوى أن يدفنوها
و قال الآخر و هو يتنهد بإرتياح غامر
و أخيرا تركتنا
و الثالث مستهزئا من كان يحتاج اليها من الأول، بشرية مقرفة
الرابع ساخرا سوف نشتاق الى عهرها..
تَرَكُوا الساحة فاضية إلا يوري الذي طلب منهم أن يتركوه ليودعها و ذلك الشاب العريض حتى يدفنها فيما بعد..
كان يوري جاثم ركبتيه على الأرض، يترقرق دموعه على الحفرة، يضعضعه الحيرة و الكآبة في أركان جسده المتهاوي..

سامحني يا ماريا، سامحني، لقد أنهيت حياتك بيداي هاتين، أنا رجل حقير، أرجوك سامحني
كان يتملل في مكانه و هو يجهش باكيا، و يتحسر على عمل الوحشي الدي قام بها تجاه ماريا، تجاه فتاة الذي أخدها صغيرة و رباها كأخ كبير لها، و لكنه في النهاية أفرط على حياتها و أخد منها!
كان الوقت مساءا و الغيوم تغضي السماء. فدنى وقت الغروب، و المسكين لم يجد مكان يخدشه سوى نفسه، فحمل حاله و تركها...

دنى الشاب على الحفرة، ألقى نظرة خاطفة قبل أن يدفنها..
تزاحم جمل في ذهنه..
لا أصدق أنني سأدفن فتاة جميلة كالورد، لو كان الأمر بيدي لأحتفظتها في ثلاجة زجاجية حتى أتفرج بجمالها..
رفع نظرته الى السماء، رأى غيمة تغضي الدنيا عتمة مربكة
أسرع الى مجرفته..
إنهال عليها بعض التراب..
سمع صوتا عميقا، و غريبا..
ثمة إحساس يخبره بأن الصوت يأتي من التابوت..

لم يهتم، أخد ينهال عليها بالتراب حتى سمع طرقة قوية هزت صداه أرجاء الضريحة..
إغتاله الخوف، تمالك نفسه، كان متأكدا من موتها، ربما يكون حيوانا او حشرة..
تبا، الحشرة لا تصدر صوتا كهذا..
زحف على الحفرة و هو يتنهد و يدرأ يده في بطنه..
أزاح بعض التراب فوق التابوت..
قلبه يكاد يطير من مكانه، يكاد ينفجر، يضعضعه الرعب أركان جسده..
تشجع، فتح أخيرا..

تجمد عينيه المذعورتين، و أنزوى على جدار الحفرة و هو يرتجف خوفا و هلعا..

كان الهلع يبدوا فرسا جامحا في قسمات وجهه، حبس أنفاسه، أحس بالإختناق، تكاد أنشدتها تلتهمه، تسرى رعشة الرعب في أركان جسده المتهاوي، دار عيناه في وجهها الكالح الثلجي، مخالب يديها الطويلتين، مناخرها المدببة، أذنيها الممتدان الى الأعلى، عينيها الغائرتين الحمراوين..
دلفت نحوه مثل السلحفاة
إصفر وجهه، شرنقه الهلع..
خانت رجليه، لم يستطع الهروب..
خانت لسانه، لم يستطع الصراخ..

تجمد في مكانه، تدور عيناه في محجريهما، فمه مفتوح على مصراعيه كالأبله..
وقفت كالشبح و كأنها لا تقف على رجلين مغلولتين المعرجتين، يغطي شعرها الأسود الطويل مساحة شاسعة من وجهها و كتفيها، تغير كل شيء كان يذكرنا بماريا
تغير لون سمرتها الغجرية الى لون أبيض شبحيي، لون عينيها أصبح يعكس بريق القمر و كأنها مرآة ممزوج بلون دموي..

ثوبها، نعم ذلك الفستان الدي إختارها الشاب العريض بعناية، صارت مبللة، و كأنها خارج لتوه من المستنقع..

مشت بخطى متعثرة، ثم سقطت فوقه و كأن تيار الحياة إنقطع عنها فجأة..
إستولى عليه الرعب، إصطك ركبتاه، كيف لحظتها أن يتوقع بأنها تهوي فوقه دون أن تلتهمه بأنيابها الحادة..
كانت أنفاسها لاهثة، نطقت بصوت ضعيف حاول بجد أن يلتقطها..
رددت أنا عطشة، عطشه
أطلق زفرة مريحة، لن تلتهمني، أليس كذلك
إبتلع خوفه، أخرجها من الحفرة، و كانت تبدوا ضعيفة، و خائرة القوى..

تحسس بنبضاتها حتى يتأكد بأنها حقا حية أم أنه يهلوس فحسب لأنه حسب علمه لقد أخرج أبوه كل أنظمة الحياة في داخلها ليلة البارحة..
وضع أذنه في صدرها، ذقاة قلبها القوي يكاد يفجر ضلوعها، لم يصدق!
تحسس نبضاتها! إنها ضعيفة!
كانت تململ بضعف. و تردد. أنا عطشى، أرجوك، أنا عطشى.

تحير قليلا، ماذا سيفعل؟! إنها ليست ميتة حتى يذفنها؟! سيخبر أبوه بهذا الشأن! و لكن هل سيتركها هنا..! ليس جيدا! ماذا إن لم يجدها عندما يعود! ماذا لو قرر أبوها بقتلها ثانية!
تقاذفت التوقعات و الأسئلة الإستفهامية في ذهنه، لن يستطيع أن يفرط بحياة شابة جميلة حتى و إن كانت ميتة بالنسبة لأبيه! سيقول بأنها وحش و سيقتلها ذون أن يرف له جفن!

قرر أن يأخدها الى الدار و يخفيها في القبو، من الأرجح أنها تكون مرتاحة هناك حتى تستعيد قوتها!
حملها بكل سهولة في ذراعيه، فهو شاب طويل و عريض كالغول، حتى أنه لا يجد مقاسات تلائمه في المتاجر العادية، ملابسه ركيكة يخيطها بنفسه، يضعها بإهمال.
كانت الدنيا قد خيمتها الظلام إلا بصيص من ضوء القمر..
وصل أخيرا الى الدار و كان مغلقا، أخرج مفتاحه، دارها على الباب مرتين، إنفتحت، سحبها الى الداخل..

أنار الإضاءة، أزعجها الضوء..
قام بتضفئتها، أشعل شمعة، أوقد نارا قربها حتى تستدفئ..
أسرع لها بالماء لأنها عطشى..
شكرته بلطف..
سألته ما اسمك أيها الشاب
رد مبتسما جيري
وضعت الزجاجة في فمها، تغير ملامح وجهها و كأنها تحس بالإشمئزاز، بصقت مرة واحدة أمامه..
خاطبته منزعجة
هل هذا حقا ماء، إن طعمه مقرف جداً!
إعتدر منها، أخد الزجاجة من يدها، ذوقها بنفسه..
رد بمرح أنت تمزحين أليس كذلك، إنها ماء.

أسرعت و خطفته من يده، ذوقه مرة أخرى..
خاطبته بغضب توقف عن اللعب، هذا ليس ماءا، لا أستطيع إبتلاعه إنه ثقيل و مقرف
تاهت نظراته في الزوايا، يستذكر شيئا ما، هتف آه تذكرت، أنت تحتاجين الى دماء بما أنك تحولت الى مصاص الدماء
إنفجرت ضاحكة في وجهه، خاطبته بسخرية مصاص الدماء، أنت مضحك أيها الفتى الضخم، أنا تحولت الى مصاص الدماء أي مزحة سخيفة كهذا
جرح يده بسكين صغير أخرجها من جيبه..
سال منه الدم..

أحست ماريا بإحساس غريب، تجمع الخطوط حول عينيها فيما تغير الى لون أحمر ذموي، تغير مذاق شفتيها و أحست بالشعور مريع!
ما أصعب شعور ماريا و هي تقاوم بشدة، يظل ينخر فيها من الداخل و يلازمها، ما أصعب الشعور بالجوع، و العطش للدم، إنه شعور مخيف و موجع..

قام تكميم جرحه بسرعة عندما لاحظ التغير المخيف في وجه ماريا، في تلك اللحظة أدركت ماريا أنها شيئا في داخلها قد تغير، شعرت بأنها تحمل في أحشائها وحشا جائعا و مخيفا! درأت يدها في بظنها، تقاوم غريزتها الحيوانية بصعوبة، إنه كالبحر الهائج، غريزية طاغية..

إنطفئت شعلة جنونها و صاحت ثائرة..
إن كان الدم ما أحتاجه فهيا إفعل شيئا و إلا سأنقض عليك و أجف عروقك
إنتفض يجري من مكانه، و ذهب الى الثلاجة، فهم كالعادة يحتفظون بعضا منها لأسباب ضرورية..
كان هناك عشر أكياس مملوءة بالذم، أخذ بعضا منها..

لم تصدق ماريا ذلك الشعور الدي تسرى في أركان جسدها بينما تشرب الدم كيسا بعد أخر، كان شعورا خياليا أوقعها في سطوة الشهوة و الجنون، شهوة الدم الحارقة لا نظير من غيرها من شهوات الدنيا، كان مسكّن المتعة، عواصف اللذة داخل زوبعة الجنون..
لم تكن تشعر أنها تضحك بجنون و تبكي بسعادة في آن واحد، يتردد شهقاتها في أرجاء المكان، و هي تستلذ الذم في الأكياس حتى أنهت كله و لم يبق قطرة حتى فالثلاجة..

طلبت أخرى ثانية، صعقها رده..
صاحت بجنون كيف لم يبق، أنا مازلت عطشه
رد بدهشة لقد شربت ثلاجة كاملة، لا أستطيع أن أساعدك.
لحظتها أخد عطشها في تزايد، و ظل شهوة الذم ينخر عليها من الداخل..
طلب منه أن يساعدها، إنها تشعر بالإختناق، طلبت من أن يقتلها، لم تعد تستطيع أن تعيش هكذا، كان شعورا موجعا. عضلة قلبها يرتجف، تلتقط أنفاسها بصعوبة
جف حلقها، يشرنقها الهلع..
تمسكت بقميصه الركيك، رددت أرجوك يا جيري، ساعدني.

تململ قليلا قبل أن يبصق الحرف الأول امم، حسنا سأفكر!
تذكر مركز التغدية حيث يتردد فيها المصاص الدماء ليحصلوا على غدائهم اليومي..
هتف بسعادة هيا لنذهب، سآخده الى المركز
تمرغ قلب ماريا في أنهار السرور، روحها تفيض من السعادة بمجرد أن تذكرت طعم الدم، كانت تتوارى بعطشها، تترنح يمكنه و يسره..
إختطفها بسيارة جيب..
إقتادها الى المركز أخيرا، و كان مبني ضخم يشير لائحة عدم دخول البشريين.

ركن سيارته بالقرب، طلب منها أن تنزل بإقتضاب..
هبطت من السيارة و دبيب إرتعاشية يتلاعب برجليها، مشت بخطى متعثرة، غابت في داخل..
كان هناك حارس قرب بوابة الدخول..
رجل سمين دحداح، يتلقف سيجارة بين شفتيه الغليظتين..
كان الممر مغلقا، وجدت الجميع يدخلون ببطاقة..
لمح الحارس من عينيها الشرود
خاطبها بملل أين بطاقتك!
ردت بخوف ليس لدي واحدة.

خاطبها إذن تفضلي من هذا الباب إن كنت عضوا جديدا في الجزيرة، سيقومون بتسجيلك و صنع لك بطاقة
إنسابت في مدخل حديدي ضيق من زواق مربع الحارس..
مشت في ممر طويل، وجدت مكتبة في إحدى جانبيها..
ترددت قبل أن تطرقها، خرجت إمرأة رشيقة القوام تلبس نظارات طبية..
خاطبتها بنبرة أنثى، تفضلي بالدخول، تفضلي بالجلوس
تربعت على الكرسي..
جلست المرأة مقابلها، أخرجت بعض وثائق تطلب منها أن تملأها..

وجدت ماريا حروف غريبة و كتابات عجيبة و رسوم مختلطة في الورقة، تاهت نظراتها حائرة على الأوراق الكثيرة التي لا تفهم منها حرف..
لاحظت المرأة الشرود من عيني ماريا الواسعتين..
يبدوا أنك لا تعرفين لغة القديمة
ردت ماريا بسرعة نعم، لا أعرفها
إبتسمت المرأة بلطف و خطفت الأوراق من بين يديها..
رتبت نظارتها، بينما تسحب القلم عن الغطاء..
خاطبتها مستفسرًا أخبرني إسمك إسم عائلتك، عمرك!
ردت ماريا فيصل دسامية..

تغير نظرة المرأة، و لاح في ملامحها دهشة عجيبة فيما تاهت نظراتها في وجه ماريا
خاطبتها بلكنتها هل قلت دسامهة، عائلة دسامهة هيدر في Middle East
أجابت ماريا بعجب مستتر نعم، و كيف تعرف عائلتي
إبتلعت المرأة ريقها، و طلبت بعصبية أن تنصرف ماريا من هنا حالا..
إستفسرت ماريا و لكن ألن تخبريني عن السبب!
واصلت المرأة إحتجاجها بنبرة عالية..

ألا تعرف عائلتك، و ماذا فعلت بِنَا، بالإضافة أنت ماوتيشنية، و لا نقدم المساعدة لهم
ثم سحبتها من يدها و جرتها الى الخارج..
و كان شعورا بالإنكسار و الذل هيمن عليها بالإضافة الى العطش الدي ظل ينخر فيها من داخل و يقتلها ألف قتلة..
عادت خائبة الى جيري بخطواتها المتعثرة، و كان ينتظرها بسيارته في الخارج..
سألها بفضول و اهتمام هل حصلت الدم؟! هل إختفى جوعك!

أجابت بأسف لا، بل طردوني عندما سمعوا إسم عائلتي الدسامية
بدى في نظرات جيري لحظة حماس حقيقية إنفجرت في داخله فجأة
هل حقا هذا إسم عائلتك، إنهم مشهورون في عالم مصاص الدماء بحروبهم الدامية، لقد كان أبي يحكي لي عنهم كثيرا عندما كنت صغيرا، عن بطولاتهم، تاريخهم، و فصيلة دمهم النادرة الدي يفعل الأعاجيب و المعجزة.

كانت ماريا لم تكن في حالة يسمح لها أن تستمع بتاريخ عائلتها الغابرة، كان العطش يزداد في كل دقيقية، تذرأ يدها في صدرها، أعصابها في نرفزة
صاحت ماذا الآن، لن أستطيع أن أستمر هكذا..

هتف جيري بحماس عرفت، لهذا لم تموتي، و لم تتحولي الى وحش، هز كتفها ماريا لا تركيز على عطشك، أنت تستطيعين أن تسطير عليها، بما أنك سيطرت عليها الى هذا الوقت، بالعادة الماوتشينية لا يستطيع أن يسيطر عطشه للحظة، يسفك قرية كاملة و يظل هكذا وحشا مجنونا ينقض كل من يراه
إستفسرته ماذا تقصد الماوتشينية..
إبتسم بخفة و قال ساخرا لو كنت تعرفين! إنهم مخلوقات ليلية مخيفة، كانوا بشرا مثلك و تحولوا الى مصاص دماء.

خاطبته تلك المرأة أطلقت علي بماوتشينية! هل أعتبر واحدا منهم!
رد جيري بتردد في الحقيقة أنت نوعا ما ماوتشينية، و لكنك مختلفة، لا تقلقي، لست مثلهم (إبتلع ريقه ) أنت لست مثلهم أليس كدلك؟!
إبتسمت ماريا بإبتسامة تتجاهل جوعها و عطشها الشديد الدي وصل الى حده
و أجابت بمكر و هي تحملق عنقه لا تقلق، لن ألتهمك بما أنك الوحيد الدي يطعنني الدم
سرت قشعريرة غريبة في أركان جسد جيري، تمالك نفسه..

رد بصعوبة في تنفسه بالطبع، سأساعدك، لدينا مكتبة كبيرة في الدار و أنا متأكد أننا سنجد حل مشكلتك في إحدى الكتب التاريخية القديمة
إنبعث في نفس ماريا الأمل..
و كانا قد إنطلقا قبل أن تنتهي البارت..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة