قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني عشر

خطر لي أمس أن أطلع على ما يدور حول حقيقة وجود مصاص الدماء، طالعت بعض الكتب من الفلاسفة و النظريات العلمية حول حقيقة هذه الكائنات الخرافية و التي أحطت إعجاب الجميع، وجدت أنها من أقدم و أكثر الأساطير إنتشارا في العالم، تقريبا كل ثقافة واحدة على وجه الأرض لديه نوع من الأسطورة حول كائنات تمص الدم، مما جعل الكثيرون يؤمنون بحقيقة وجودهم! بل يُزعم البعض أنهم شاهدوهم و صاحبوهم..

البعض سيسخر مما سأقول، و لكن ثق يا عزيزي القارئ بأن هذا ثمرة بحث عديد من الباحثون إكتشفوا على وجودهم من أدلة أثرية، فهناك الكثير من القبور لمصاص الدماء يكتشفها العلماء من حين لآخر، في حضارات فلكلور، و بابل، و سومر القديمة..
سؤال، لماذا برأيك وصلت الى هذه الشهرة رغم أن هناك خرافات عديدة لم تحض هذه الشهرة العجيبة!

لا نستطيع نكرانها، قد يكون من الغيبيات التي لا نعرفها! قد يكون المصاص الدماء الآن أقرب إليك مما تتصور، لذا أغلقوا نوافدكم جيدا، و شدو زأركم و أنتم تقرؤن هذه القصة..

في عتمة مربكة وصلوا أخيرا الى الدار، فهو بمثابة منزل خشبي من طراز القديم بقدر ماهو أشبه بكنيسة مهجورة، يظل فوق تل خلف غابة عميقة بطرقها الرزي الضيق
كانت ماريا في زوبعة جنونها العطشي، تتمسك كمن يتمسك بمثانته قرب حمام المطعم المزدحم..
كانت في أوج إشتعالها و جوعها للدم، و لكن قدرت أن تسيطر رغم شعورها بأنها قد تفقد سيطرتها في أي وقت..

نازلو بعجلة في سلالم ضيقة تؤدي الى الأسفل، و كان الظلام عميقا و لكن إستطاعت ماريا أن ترى كل شيء بوضوح كقطط الليل، فقد كانتا عينيها يبرقان كالألماس
أدركت بأنها تتمتع بقدرات جديدة، و قدرات أخرى لم تكتشفها بعد..
كان جيري الفتى الضخم يحمل في يده قدحا فيها شمعة ليستنير بطريقه الى الأسفل..
أولجا داخل غرفة مظلمة تحت القبو تحتوي كتبا كثيرا قاست بالغبار و الإهمال..

أوقد جيري نارا في الموقد الناري الدي يشعل أيام الشتاء في البلاد الأوربية..
ثم إنهمك بالبحث و أخد عدة كتب في المكتبة تحمل نفس المعاني
البشري المتحول الماوتشينية من هم؟! و كانت مكتوبة بلغة البابلية و الرومانية و الجورجية و هي اللغات التي يتكلم بها أكثر مصاص الدماء..
وضع كلها أمام طاولة و بدأ يتفقد العناوين، مرت لحظات، ثوان، ساعات، بدا في ملامحه اليأس، الغضب، الحنقة، إنفعال حاد..

صاح بنرفزة اللعنة، كلها عن تاريخ و تاريخ و قصص لا طائل عنها
رمى نفسه فوق أريكة مغبرة قرب ماريا، و كانت ماريا أنهكها ضعف شديد و صار الحمى يشتد في جسدها..
كانت متربعة، و كان انفاسها ثقيلا تعجز عن إلتقاظها..
تكلمت بنبرة متعبة لا جدوى، سأموت، نعم سأموت
إنتفض جيري من جلسته، إقترب منها، تفقد حرارتها
يا إلهي، يكاد يتفجر دروز جمجمتك من شدة الحر
إستطرد بحزن لا بد أن أخبر أبي و أمي و إلا لن تعيشين.

خاطبته بضعف إفعل ما تريد، أريد أن أتخلص من هذا العذاب، أطلب منه أن يقتلني، نعم يجب أن أموت
رد جيري بنغمة ثائرة تماسكي يا ماريا، أنت فتاة قوية لن تموتين، سأذهب و أخبرهم و سيساعدونا
إنطلق جيري بسرعة، أنه فتى لطيف و حساس، مشاعره مرهفة جداً!

الحاشية:
عشق مصاص الدماء! و ما أدراك ما هو عشقهم!

إنهم كائنات شاعرية يحملون في داخلهم كثير من عواطف إنسانية، إنهم إنسان و ليس إنسان بشري، برغم من أنهم لا يخلوا منهم الكبرياء و المكر إلا أن عشقهم هو أحلا عشق في العالم و قد لا يتكرر وجوده على وجه الأرض، عندما يحبون بشريا فيعتبر حبهم نادرا و جميلا لأنه يحمل كثير من الصدق رغم أنه لا يخلوا من الغيرة أو القتل و لكن حين يفقد هذا الكائن الشاعري ذَا مشاعر مرهقه حبه الوحيد ينتحر..

فالأمور بالنسبة يوري لم يكن مبسطة الى هذا الحد، فهو فقد الفتاة البشرية التي أحبها في حياته، فمشاعر هذا الكائن المرهف عندما يكون حزينا تجبره على النوم و يبقى نائما الى الأبد و لا يستيقظ أو يستيقظ بعد قرون طويلة أو ربما بلمسة من حبيبه الدي فقدها، تماما كقصة إسنووايت تستيقظ بقبلة الأمير عندما أكلت تفاحًا مسموما أو مسحورا!

تركه الجميع بسلامة، ربما لأنهم خافوا أن ينتحر من الحزن ففضلوا له الموت المؤقت بدلا من الموت الأبدي، وضعوه في كابوت مريح، سحبوه في الجانب الغريب من القصر حيث كنت أحكي لكم عنها كيف أن ماريا في يوم ما ذهبت الى ذلك الجانب الآخر من القصر وجدت بلورة ناعمة في نهاية الممر و صورة غريبة في الجدار
لا بد أنكم تتذكرون!

و لكن ما لا تعرفون هو عنما يكون خلف ذلك الجدار المعلق بالصورة، هل يكون خلفة غرفة، لا بل جناح كبير حيث يكون فيها كابوت عديدة راقدون فيها مصاص الدماء من العائلة، ربما يكون هذا صحيحا و لكن لم أستطع رؤيتها في خيالي سوى أن الجدار إنفتحت بإرادتها و سحبت كابوت يوري في الداخل، بصراحة لا أحد يعرف ماذا يكون خلف ذلك الجدار حتى عائلة يوري، و لكن سيأتي يوما يعرفون فيها سر العائلة، و نعرف أيضا!

الحزن كان يشوب في وجه إلينا، لقد فقدت لتو أخوها خلف الجدار، إنساب منها أنهار الحزن و الدموع حتى تفجرت في مقلتيها و ضمها إستيفن بحنان، إبتلعها في صدره ووعدها بأنها لن تكون وحيدة في حياتها و أنه سوف يعتني بها، أخد ميثاقا و كان من الأجدر له أن لا يأخد، لأنه يجهل عن المستقبل..

إطمئنت إلينا و تسلل السعادة في ملامحها تدريجيا، ربما فقدت أخوها مؤقتا و لكنها ربحت بفارس أحلامها مقابل خسارة قليلة، يا لها من صفقة دنيئة؟!
كان من الأجدر لها أيضا أن لا تتعلق عليه بهذه السرعة!
قد يكون يوما يتركها بمشاعر باردة و ينسى كل المواثيق!
قد يتردد في منحها إسمه، قد لا تخرج ماريا من قلبه أبدا!
لم يهمها كل هذا التوقعات و المستقبل المظلم، بل كانت تجهز نفسها في الحفلة الدي بقي منها يومان..

طلبت منه بدلال حبيبي إستيفن، هلا ذهبت معي الى السوق!
خاطبها بشرود لدي عمل كان يشغل تفكيري هذه الأيام، أريد أن أذهب الى مكان ما
ردت هي بإقتضاب حسنا
ثم أخدت ميرنا معها الى السوق..
نعم ميرنا و كانت قد قطعت علاقتها مع هيري، ندمت على ضياع زمن أنوثتها الثمينة في حبه، كانت تتحسر! و تتقزز في داخلها كلما ترى إيسبيلا!
لقد إكتشفت صورتهم الحقيقية، إمرأة بإبليس الشهوة، و رجل بلا إحساس!.

و لكن ماذا كان يشغل إستيفن! ذلك الإنتقام لهؤلاء المصاص الدماء الدي وعدها بنفسه! و لكن هل سيعرض عائلته في خطر بسبب طيشه، أخته و إلينا، بالطبع لن يستطيع أن يفعل هذا بهم! و ربما ليس قبل أن يستفسر كل شيء من أمه! لطالما لم ترده على جوابه! لماذا هو مختلف! و لكن هذه المرة سوف يهددها، و يهدد عالمهم بإكتشاف أسرارهم، و هذه جريمة نكراء تعاقب القانون على من يكشف أسرارهم على الملأ!

إقتادت خطواته ثائرة الى منزل كالقصر، جديد الطراز..
دخل ذون إستئدان بالرغم أن الحارس طلب منه أن يتمهل حتى يخبر السيدة عن قدومه...
نعم، لم يمر منه يوما أن عاملوه كإبن في هذا المكان، اللعنة عليهم!
و لكن هذه المرة هو مختلف، ناضج، قوي، ذكي و متعلم!
أولج في صالة الإستقبال و لطم الباب خلفه بقوة، صدر صوتا قويا يتردد في أرجاء القصر، و هزت الجدران!
خرجت أمه يسبقها صيحاتهم و شتائمها كالعادة..

و اللعنة على الجميع، من ضرب الباب بهذه القوة..
ظهرت أمامه و تفاجأت بقدومه، إكفهر قسمات وجهها الممتلى، و تأرجح منها شقاشق شحومها البيضاء..
تغير نبرتها الغليظة الى صوت أمومي حنون بني، لم أكن أعرف بأنه أنت
مشت نحوه تتمايل بمشيتها، تبدوا في عمر شابة سمينة في الثلاثينيات، و كانت متزينة بألماس و أحجار كريمة..

إستطردت بحنو تعال حبيبي، لنجلس هناك فيما إستطردت بعدها صيحة على الخدم هيا، تعالوا بالقهوة و المكسرات، بسرعة أيها الخدم الكسالى
كان هدوءه و رصانته عكس تصرفاته الهمجية قبل قليل..
جلس مرتاحا، إرتشف قهوته ببطء، تبادلا الصمت قليلا، و كانت تنتظر منه أن يتكلم أولا، و لكنه كان يلعب بأعصابها..
تكلم أخيرا سيدة مارتن، سأسألك مرة واحدة دون تكرار، و عليك أن تجيبني بصراحة، لا مزيد من المراوغات الكاذبة.

أغاظها كلامه، فرقعت أصابعها، إبتسمت بتحايل قل لي ماما، يا عزيزي
خاطبها بسخرية هه، الى متى كنت أمي؟! لن يصدق!
إستطرد بجدية هل أنا إبنك البيولوجي
إبتسمت بمكر بالطبع نعم، هل تريد أن تجري التحاليل البيولوجية مرة أخرى!
سألها مرة أخرى هل أبي هو أبي الحقيقي!
ضحكت كعادتها دوما في التواري و من يكون غيره أبا لك
خاطبها بنبرة قوية السؤال الأخير ؛ لماذا أنا مختلف..!

و قبل أن تبثق الكلمات قاطعها بوقفته المفاجأة و استطرد عفوا، لا تجب عن السؤال، أعرف ما ستقول و لكني سأذهب الى وكالة nasa للكائنات الغير طبيعية و أجري تحليلات لكي أعرف ما أكون..
توقف شعر رأسها الى أقمص قدميها فيما إنتفضت من جلستها بسرعة..
تكلمت بشيء من الحزن مخلوط بالشجن لا يا حبيبي، لا تدهب هناك فأنت لا تعرفهم من يكونون حقا! سيجعلون منك فأر التجارب، سأخبرك، أرجوك إجلس، سأخبرك كل شيء.

جلس بهدوء و عادت الى كلامها في الحقيقة يا إبني أنت قد ولدت متميزا عن غيرك فلا يوجد فصيلة مثلك في هذا العالم، أنت بشري من فصيلة الدماء النقيين و مصاص الدماء
رد بعجب و لكن يا أمي كيف أكون بشريا و أنتما والديي.

سرت سعادة طفيفة في وجه سيدة مارتن فهذا أول مرة يدعوها بأمي و أكملت حديثها أبوك ليس أبوك الحقيقي، أقصد البيولوجي، منذ زمن بعيد عندما كنت شابة طائشة أكره القوانين و أعشق التمرد فهربت من زوجي و ابنتي الى عالم البشريين، تعرفت على رجل بشري و كان صيادا ديسهامية و لم أكن أعرف ذلك، فقد كان يحاول أن يعرف مكان قبيلتي المصاص الدماء، فأوقعني على شباك الحب، و من كثرة ثقتي فيه و الحب قد أعماني وقتها أخبرته عن حقيقتي و كل شيء، و عن عائلتي، إستيقظت يوما و قد إختفى حتى أغراضه و مرت الأيام حتى داهمني اليأس في رجوعه لي، عندها عدت الى دياري لأجد جثث هاوية ببعضها، أبي و أمي و جميع عائلتي و أصدقائي و أقاربي، لقد كانت مجزرة لا تنسى، و بطريقة ما نجى أبوك و اختك عن المجزرة، كانت حادثة فضيعة إكتشفت بعدها أنني أحمل إبن السفّاح الدي قتل عائلتي، سامحني، لقد حاولت أن أقتلك و لكن أبوك منعني، إنه رجل رائع! تحمل خيانتي و فوق ذلك لم يتردد أن يمنحك إسمه.

أشاح إستيفن وجهه الذي ينم الحزن و الحيرة، و كان يدافع البكاء كونه إكتشف حقيقة لم يخطر في باله أبدا، .
إقتربت أمه نحوها تريد أن تبتلعه في حضنه، و لكن لم يستطع أن يسامحها! كانت مشاعره مضطربة، مختلجة، إنتفض من مكانه قبل أن تقترب منه، فهو لا يستطيع حتى النظر في وجهها! و رحل تجهش خلفه بالبكاء و تشهق بيأس!

الحاشية 2:
وصل جيري الى منزل والديه، لاهث الأنفاس، لقد جرى طويلا، وقف قليلا يحاول إلتقاط أنفاسه قبل أن يدق الباب..
فتحت له أمه، لاحظت الشحوب في وجهه، خاطبته بدهشة ما بك يا أبني! و أين كنت طوال اليوم و الليل؟!
اندفع نحو الداخل دون أن يتكلم معها، جالت عينه في الزوايا، وجد أبوه، إنه قرب موقد ناري يقرأ كتابا كالعادة..
سبق منه صوته، ناداه أبي، أبي
إقترب منه، أبي، عليك أن تأتي بسرعة معي.

داهمه الأب الدهشة و الغرابة خير با أبني، ماذا حدث
خاطبه تلك الفتاة قد إستيقظت
رده يستفسر هل تعني خادمة قصر إكوادور
إنتفض من جلسته قبل أن يكمل الجملة، و سحب سلاحه المعلقة بالجدار الدي يستعملها عادة للصيد..
أبي، ماذا تفعل!؟ لن نقتلها!
رد الأب بإنفعال هل أنت مجنون يا إبني، إنها ماوتشينية!
لا يا أبي إنها مختلفة، لقد كنت معها طوال الوقت وقدرت أن تسيطر عطشها.

لطمه بقوة في وجهه، و صاح الأب بعصبية أي أحمق ربيته بيداي هاتين..
آلمته خده، وضعها على يده، تكلم بعناد لست أحمقا يا أبي، إنها ديسهامية
تغير ملامحه و أوقع سلاحه على الأرض، رد أتعني إنها ديسهامية متحولة..
رد جيري بقوة نعم يا إبي، أنا متأكد
خاطبه بصوت خافت و كان يرتجف بقوة إبني، هل يعرف هذا أحد غيرك
رد جيري بإستغراب نعم، موظفة في مركز التغدية..!

إكفهر وجه سيد فرانسيكوا، وضع يديه على وجهه، ، و كان عاجزا عن التنفس من الصدمة، خارت قواه، أسندته زوجته و هي تخاطبه بدهشة
ما بك يا عزيزي، ما بك يا عزيزي.

كانت ليلة تتقاطر فيه الترقب و الخوف و تعصف التوقع عن حدوث أشياء فضيعة في عالم تجتاح فيها مستقبل عتم مملوءة بالمخاطر و كائنات وحشية سواء كانت كائنات تحب سفك الدماء أو اللتي تهوي الى شرب الدم...
هرول العجوز الخمسيني ( سيد فرنسيسكو)، تلقف على السلالم الى أعلا غرفته، في ملامحه مسحة من الجنون و العجلة غطت معالم خطوط وجهه الدي خطت السنون الغابرة..

كان يوظب و يلملم حاجاته و حاجات زوجته التي كان واقفة قربه في دهشة..
تندد باستغراب ماذا يحدث! ما بك! تكلم! الى أين نذهب!
هو مكبل في تفكير ه وهو الخروج من هذه الجزيرة بأسرع وقت، كأن القادم أفضع مما شاهدت البشرية في حياتها..
يشد أوتار سرعته و عجله، الى أبعد الحدود! أخرج حقائبهم السفرية وضعها ما يستطيع إلتقاطها بيديه، ملابسهم، صورهم، بعض كتبه، يهرول هنا وهنا ليلتقط ما يراها..

أنزل الحقائب في التحت بعد أن أوطبها، صاح بإبنه و لزوجته، و استرسل لهم بقوله هيا جميعكم حان الوقت
تلقفت الأم إبنتها الرضيعة النائمة في سريرها، و أخدتها بحضنها بعد أن لبستها المعطف الشتوي..

أقدم جيري بضخامته على وجه أبيه، وقف أمامه، لطالما كان فتى مطيعا مثل إمه تماما، كانوا يلجئون إليه عندما تؤول المحنات و يرحلون في كنفه دون أن يسألوا السبب! هو إعتاد أن يقرر شيئا و يجر للإنصياع لهم دون السؤال، و لكن الزمن غير كل شيء! لم يعد ذلك الفتى، و عليه أن يعامله على هذا الأساس
تكلم الأب بإستهجان حاد أنت لما تقف أمامي..! يشعر و كأن شيئا أمسكه بخناقة و يعيق هروبه المستعجل!

أردف يشد دراع إبنه لا تكن غبيا يا بني، لا تخاطر حياتك من أجل فتاة تعرفتها البارحة، هيا إذهب الى الخارج و قم بتعبئة البنزين في السيارة
كان يقف صامدا و رد بعناد ليس قبل أن تقول لي السبب!
تكلم الأب سأخبرك فيما نسافر، لم يبق الكثير
إبتسم جيري بسخرية مريرة و أردف ألم تفهم يا أبي، أنا لن أسافر معك و من الأجدر أن تخبرني كل شيء قبل رحيلك
قاطعت أصواتهم خطوات الأم و هي تحتضن صغيرتها..

أطبق الصمت في المكان، طلب منهم أن يسبقوهم الى السيارة..
خاطب إبنه بحزم أنت لم تعد صغيرا يا بني و تحتاج الى حمايتي و رعايتي، لدي مسؤوليات في عاتقي و انت حر فيما تفعل بحياتك و لكني ثق بأنك ستندم على عدم سفرك معي و خلال أيام ستتحول هذه الجزيرة الى جهنم بعينها، ليس لدي الوقت لأخبرك كل شيء، إفتح الكتاب، أرسلون و ستجد ما يقتل فضولك
و سلك دربه عابرا باب المنزل..

تقاطر في رأس جيري زحمة من الأفكار المتتالية، فجرى خلفه..
وجده قرب السيارة، دعاه أبي، إنتظر أبي
إرتسم السعادة في وجوه والديه ربما قرر الرحيل معهم، و لكن كان همه الوحيد ماريا..
خاطبهم أبي لدي سؤال؟! كيف اجعل تلك الفتاة تسيطر عطشها.

خاب الأب أمله، تنهد بأسي و أردف قائلا هناك نوع من كريستال ( أخد القلم و رسمها ) إنه يشبه هذا، تضع في رقبتها و تعود طبيعية و يختفي المرض و لن تتحول بعدها و لكن العطش لن يختفي إلا بواسطة دم مصاص الدماء المستئدب، إنهم تحتاج الى دم مختلط
أختطف جيري الورقة من يد والده بلهفة و أطرح سؤاله الأخير
أبي أين يمكن أن نجد هذه الكريستال، و هو بالضبط.

رد الأب قبل أن يدخل في السيارة، إنه كريستال صغير بحجم الظفر في داخل بلورة ناعمة يعود وقتها الى عصور القديمة إستخدموها الى إستحضار الشياطين، و لا أعرف له مكانا، لقد إختفت مند قرن عن المتحف البريطاني، عليك بحثها و إيجادها بسرعة لأنها ستتحول شيئا فشيئا الى ما هو أسوء من ماوتشينية..

سرى في أوردة جيري لحظة شرود و قشعريرة غريبة، تنهد ببطء، ودعهم بحرارة، قبل وجنتي أختها الصغيرة الوحيدة، أطبع قبلة على يد أمه، مسحت رأسه و أوصته بسلامة، حضن والده بقوة..
الأب مع السلام يا بني! لا تنسى أن تتواصل معنى، و إن صار المكان لا يُطاق إتصل بهذا الرجل و أعطاه ورقة فيها أرقام..

الحاشية 1:.

كان إستيفن يسرده الذكريات الى يوم كان مع ماريا يطلب يدها للزواج، و هو لم يكن حينها تداهمه إحساس بمسؤوليات تآل إليه و نكدها و تعب الحياة في الزواج مثل ما يداهمه الآن و هو يفكر عن طلب يد إلينا، الفكرة ترعبه و تشعره بغصة عجيبة و رغبة في الهروب، و لكنه يتذكر ما وعد منها، بأنه سيبقى بجانبها، كم هو يتمتع بإحساس الصدق و الوفاء، تأبط جأشه، و بأحد لها رغبته حتى يتأكد أنها تبادله مثل الشعورية بالإنصياع الى حياة الزوجة، ملل من حياة العزوبية و الوحدة و حان الوقت ليأسس عائلة..

بنبرة شاردة و هادئة خاطبها ألينا أنا أريد أن أتزوج، و لا أظن أنني سأجد فتاة رائعة مثلك لأسس معها عائلة جميلة، هل أنت من تلك الفئة التي يرغب بحياة الزوجية و تأسيس!

تقبلت الفكرة و تناغت و هي تحتضنه و تهزه من الفرح و تنشد لنفسها الأماني، بل حلقت في فضاءات أمانيها الى أبعد من ذلك بكثير، حلقت حيث شهر العسل، و أول حملها منه، و تأثيث بيتهم الجديد، و أماني أخرى كثيرة نامت في عينيها بلهفة إنتظار و شوق للمستقبل..
خاطبها بمرح إهدئي إلينا، حبيبتي إهدئي
هي بلهفة لنعلن خطبتنا حفلة ليلة الغد.

تململ قليلا و لم تعجبه التسرع و لكنه إقتنع أخيرا و رد و لم لا نجعلها، إنها وقت مناسب!

الحاشية 2:
بعد أن ضاق بها الكتمان، و صدع الألم جدرانه، تنبش العطش الدي كتمته طويلا و حبسته بين أضلاعها...
خرجت و لم تنتظر جيري، خرجت ليس في ثنايا ثوبها البالي التي جبلت من القبور سوى خلايا جافة ميتة عطشه..
جسدها الهزيل يترنح، و العالم يترنح أيضا أمامها، سالكة في غابة عتمة، تهم بالسقوط في كل خطوة و تلملم أطرافها جاهدة الوصول الى القصر..

إقتاد خطواتها المتعثرة أخيرا في الشارع، إقتعدت الرصيف، تستسلم للتعب و المرض و الإنهاك..
كانت ليلة شرهة تعوي في عظامها البرد و الجوع، عتمة إلا بصيص من الضوء الأحمر يقترب منها سواد عظيم إقتلع أوتاد قلبها و صبها ذعرا
لم تستطع مهادنته، أحدهم يقترب منها، إنتفضت..
بدا رجلان سمراوان قويا البنية، تفوح منهما روائح الفلاحين..
أرسلوا إشارات التعجب و الإستفهامية، في البداية..

! فتاة في مرمى الإشتهاء! لم يستطيعوا أن يفوتوا الفرصة!
من طبيعة الإنسان أن يظلم اذا لم يجد ما يمنعه من الظلم جديا
و لكنه ليس ظالما بطبعه!

أطلق أحدهم بنظرات توحى لهفة تحرش حاد إبتلعه على الفور بلهفة شهوة أكثر حدة..
إنها فتاة طرية، يا لحسن حضنا يا صديقي، فيما إقترب الآخر ليلتصق بها، و يخرج بين شفاه المقرفة أنفاس نتنة و رائحة إحتراق شيء ما!
تلاحق أنفاسها، و أصدرت أصواتا و جلبة تستجدي..
أرجوكم أتركوني، أتوسل إليكم، لا بد أن أصل الى القصر..
زاد استغاثاتها جمرة إشتعالهم..
إرتفع قهقهاتهم و سخرياتهم..

نتركك، لا تقلق سوف نتركك و لكن ليس قبل أن نحقق مرادنا.

عاث نظراتهم على جسدها النحيل بينما تتطاير الشرر منهم..
دفعها أحدهم على الأرض، و بدأ يفك زر سرواله الجنيز المغبر الفلاحي!
إرتفع تصفيق الآخر مهللا لفعل صديقه..
إبتسامات خبيثة و نوايا دنيئة لفتاة بريئة لم تسلم ساقيها لرجل من قبل، و سرها الخاصة مازال دفينا مثل شتلة واهية غلفها الحيّز الأسود بقفره ووحشته..
كانوا يريدون إغتصابها في العتمة، و تركها فيما بعد كدمية مرمية في حصايا الطرق..

دلفوا نحوها، إرتجفت، تلاحق أنفاسها، ثمة عواصف قادمة..
أسلمت أذنها لهمهمة تحرشاتهم، قهقهاتهم المقززة، إبتساماتهم الصفراء..
أخرج أحدهم سكينا من دشاشة ذابلة..
وضعها فوق ثوبها الرث، و كانت قد إنتفضت كقطة أغرقها المطر حتى الثمالة..
تموء بشكل جنوني، تفجرت براكين سكوتها، ردفته برجلها..

قاومتهم كلبوة متوحشة كما يقاتل المقاتلون جيشا..
و لكنها لم تستطع أن ترد رجلين ضخمين..
رفسوها بسهولة على الطين مرة أخرى..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة