قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السادس عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السادس عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السادس عشر

كانت مساءا ناعما، و كان القصر محتشدا، هنا تجلس ماريا أخيرا أمام المرآة في غرفة تبديل ملابس، إن كل شيء في مظهرها كان فاتنا، ترتعش أصابعها و قد تجمعت عينيها دموعا متجمدة كالجليد القاسي، انها لا تصدق كيف مرت الايام الثلاث الماضية بهذة السرعة، وكانها قطار سريع...

قالت مصففة الشعر وهى تثبت آخر المشابك فى شعر ماريا باحكام وقد لملمت خصلاتها لاعلى راسها بشكل غير منتظم بتموجات رائعة بعد ان وضعت تاجا صغيرا فوق جبينها، فبدت كاحدى الالهة الاغريقية القديمة..
صاحت جاز تبدين فاتنة جداً يا حبيبتي
تقف قربها بثوبها الفضي، في وجهها إبتسامة لامعة لم تفارقها منذ أن تعرفت ماريا..
قالت المصففة بإزعاج
اعتقد ان التاج يحتاج الى مشبك اخر لتثبيتة!

ناولتها ميرنا أحد المشابك الفضية الصغيرة، كانت هناك معهم في الغرفة لتتأكد أن كل شيء سيكون على مايراه..
قاطعتهم إيسبيلا و في يدها قلادة قصيرة..
أوه حبيبتي، تبدين فاتنة، هذا هدية إستيفن، سيكون سعيدا إذا إرتديت.

تبسمت ماريا متدكرة محاولات إيسبيلا الكثيرة و المستميتة في إقناعها بالبقاء في غرفتها جميع الوقت! أه كم هي مشتاقة الى إستيفن و عناقاته الحارة لها و مشاعره الجامحة نحوها..!
أكدت ميرنا و هي تعدل أطراف فستانها نعم إيسبيلا، ماريا فاتنة اليوم، أنت عروسة جميلة، إن إستيفن محظوظ بك...
أغررت عينى ماريا بالدموع قائلة لا أصدق أن اليوم زفافي..

صاحت جاز بقلق توقفي حبيبتي، لا تبكي، لا أظن أن إستيفن يرغبك بعينين تحيطهما هالك سوداء في ليلة زفافك، ستفسدين المكياج!؟
ثم مدت لها يد المساعدة لأغلاق القلادة باحكام...
و كانت القلادة من الذهب الابيض على شكل ماسات صغيرة مربعة متراصة، والتى تتلائم تماما مع خاتم خطبتها، التي أهدى لها أمس رغم انها لم تراه، لكنه أرسلها مع ميرنا مع بطاقة حب جميلة، و زهور الياسمين الرائعة...

الحاشية:
عزفت آلات الموسيقى و البيانو بمقطوعة الزفاف، و خرجت ميرنا أولا قبل العروس بصفتها الاشبينة الوحيدة فقد تقدمت بخطواتها، تتمايل في مشيتها بدلال ورقة بعينان شقيتان و ماكرتان تفترس كل الحضور لتأكد لهم بمدى ثقتها و جمالها
اقتربت من المدبح تلاقت نظرات عيناها بعينى اشبين العريس هيري كلاوس!

ولمحته يغمز اليها بعينه اعجابا فابتسمت له بغنج، كان وسيما و طويلا ذا شعر أسود وعينان رماديتان صافيتان، فقد تصالحا قبل الزفاف بقليل، و أخبرها انه يحبها هي، و إيسبيلا هي التي كانت تطارده في كل مكان!
قالت لنفسها وهى تقترب من مكانها امام المذبح، يبدو انني سأكون العروسة القادمة، مثيرة!
ظلت عينا إستيفن مركزتين على مدخل القاعة الجانبى الذى ستخرج منة العروسة...

وكانت الموسيقى تملا نغماتها الاجواء حين خرجت العروسة من الباب الخشبى ترفل فى ثوب الزفاف الفضى...
وضعت خمارا شفافا فوق وجهها اضاف اليها مزيجا من الرقة والغموض...
يلمع شفتاها المكتنزتين من تحت خمارها بلون احمر لامع...
كتم جميع الحضور انفاسهم منبهرين بطلتها الغير عادية، تاملت المكان من حولها بنظرات زائغة حائرة...
ففاجأها تصميم الزينة لقاعة علبة المجوهرات، لقد ملأ إستيفن الاركان بباقات الزهر الحمراء...

فى كل مكان تقع عيناها علية، وقد اضيئت الشموع الذهبية حولها...
زاد بريق نيرانها بهاء المكان وروعتة، مع الشرائط الحريرية الذهبية على المقاعد وقد اصبحت القاعة علبة المجوهرات...

كانت تتفرس فى الوجوة حولها بلا هدف وهى تخطو نحو المذبح، وقعت عيناها اخيرا على إستيفن..
مد يده نحوها، أمسكت به بشيء من الإرتجاف، لقد كانت تحلم هذه اللحظات طوال حياتها و لا تصدق أنه جاء أخير في وقت التى يئست من حدوثه
ستكون بعد قليلا زوجته..
أخرج الكاهن كتابه الكبير و بدأت مراسم الزفاف، و هو يلقي كلماته المتهدج
- هل تقبلين إستيفن زوجا لك
ردت بسعادة، و قلبها يدور مثل بندول الساعة
- نعم أقبل.

وصفق الجميع، ثم ألقى الكاهن بطقوسه ووجه نحو إستيفن
- هل تقبل إلينا كلاوس زوجة لك..
طال رده، و توتر الجميع، أحست ألينا بخوف يفتك قلبها، إستيفن، ما بك
ثم رد بشيء من التوتر
- أنا، أنا أقبل..
و تنهد الجميع بإرتياح، و صفقوا بسعادة
تجمدت ملامح الإرتياح و السرور في وجه إلينا، يحتضنها سحابة ودية، رغم ملامح إستيفن الكالح! فقبلها ببرودة و كأنه في عالم آخر!

إجتمع الجميع في قاعة الحفلة، و أخد الجميع مكانته في المائدة، أنواع مشتهية من الطعام، وقفت إيسبيلا بدلال في المسرح و كانت أنيقة جداً بثوبها الأسود الكلاسيكي الضيق و التي تظهر تفاصيل أردافها المكتنزة، أخدت الميكرفون و بدأت بخطابها الجميع عن تهنئة أخوها و أخت زوجها، ثم صاحت بدلال
- سيداتي و سادتي، لنأكل بحب و نشاهد الآن المسرح..
نزلت بخطواتها الرخوة نحو طاولة العروسين، و رفع ستار المسرح...

الحاشية
جسدها المتوتر بكيانه و هي ترتدي ثوب زفافها الفاتن، يراودها أحاسيس بين الخشية و الإقدام، نقائص مرهقة..
صاحت بميرنا بإنزعاج..
- ماذا تفعلين يا ماريا، هيا الجميع ينتظرك!
- و لكنك أين ذهبت! و لماذا تأخرت هكذا
- هل أنت غبية، ألم أقل لك بأن المراسم ستتأخر، كنّا ننتظر والد إستيفن على القدوم..

إلتقطت ماريا أنفاسها بصعوبة، تشد قبضة يديها، لم يكن شعورها مطمئنا، آه ها تقترب لحظة المفاجأة التي لا تخطر على البال..
شجعتها جاز
هيا، لنذهب!
خاطبت ماريا خطواتها المرتجفة نحو باب صغير، تتبعها جاز و لكن أوقفتها ميرنا
- جاز، إبقي هنا، و أنت يا ماريا تقدمي..
شدت قبضتها عروة الباب، سحبتها ببطء، دلفت نحو مكان مظلم، تاهت نظراتها، أغلقت ميرنا الباب ورائها و هي تضحك بشقاوة
خاطبتها جاز.

- ماذا يحدث يا ميرنا، لماذا أغلقت الباب..
- حبيبتي، أنت لا تعرفين! إبقي ساكتة و شاهدي.

رفع الستار الحمراء الكبير و التي تتدلى فوق السقف مثل السينما، و ظهرت ماريا بثوبها الأبيض تحت الضوء، تلمع مثل نجمة..
زاغت نظراتها تجول في الزوايا مثل البلهاء، تنظر الى الوسط المحتشد بالناس و هم يصفقون لها..
ماذا يحدث..؟! تبعثر أفكارها، كيانها! ماذا يحدث! تمالكت نفسها..!
يجب أن أبحث إستيفن..
هناك خطأ جسيم؟! أظن بأنها مقلب! نعم لابد أن يكون كذلك!
ربما يكون هذا نوعا من طقوس الزواج!

في لحظة وجدته، وجدت إستيفن متأنقا هناك قرب إلينا..
ماذا يحدث؟! لحظة؟! لماذا تبدوا لي عروسة..! ماذا يحدث؟!
حاولت إقناع نفسي كل هذا حلم؟! إنه كابوس؟!
قلت بصوت أجش يقطنها مرارة
- إستيفن..
صحت بأعلى صوتي
- إستيفن..
ضحك الجميع مهللين، ماذا يحدث؟! هل جن الجميع!
تناهى في أذني صوت ساخر...
- هيا إستيفن إذهب الى عروستك..

- هل هذا قربان، نعم لقد كان يحدث هذا في قرون البعيدة، حيث يضاجع الزوج أمام الجميع إحدى الجواري المملوكة لكي يتأكدوا بأنه رجل فحل، هذا هذا ما يحدث حقا هنا!
لا بد انها مزحة، أهكذا يبدأون المسارح!
ترقرق دموع حارة في خدي
صحت كالمجنونة
- أنا لست جارية مملوكة، أنا لست كدالك.

سكرات الموت تداعبني، الأرض يدور تحتي، أقف بين وعي و إغماء! قدماي! هل أقف عليهما، أم الأرض تقف علي..
لماذا تنظر إلي هكذا يا إستيفن، لقد أدار ظهره علي، آه طعنني من صميم..
أشعر بضعف تنهكني، أشعر بالموت تداعبني..
صحت بإسمه مرة أخرى، إستيفن، أرجوك! ماذا يحدث هنا! أرجوك يا إستيفن
خانتي قدماي فوقعت على الأرض، تعثرت بثوبي الكبير، تناثر أشلائي، و أجهشت ببكاء يتصدر في أرجاء القاعة..

عرفت بأنهم نصبوا لي فخا، أدركت الآن مضمون نظرات الجميع، لقد جعلوني فلما حزينا..
تباطأ الزمن..
إختفى لون العالم من حولي..
لم أعد أسمع أصوات المقهقهين، بل لم أعد أسمع أي شيء
لماذا فعلتم هذا بي؟! لماذا تحقدون إلي هذه الدرجة! ماذا فعلت بكم.
إستيفن، لماذا فعلت هذا بي؟!

إبتعدت عنهم و كأنني طفلة رضيعة لم تتعلم المشي، فتعثرت مرة أخرى!
إرتفعت تصفيقاتهم و قهقهاتهم..
اي كلمة اقولها سوف تسقط مثل فجر في بركة ساكنة، يضحكون!
لا، يكفي، يكفي، لا أريد السماع أي شيء، لا أريد، فقط أقتلوني أرجوكم، الى أين تركتوني، الموت أرحم بي هذا ألف مرة، أقتلوني
أضع يداي فوق أذني، أهز رأسي كالمجنون و أنا أصيح و أبكي..

شعرت بيد قوية تسحب يدي من أذني..
إلتفت إليه..
دققته بعدم التصديق..
إنحنى نحوي، حاملا إياي بدراعيه القوية، دون أن يعطيني الفرصة للتفكير
و قد تناهى بصوت أشبه كزئير خرافي
تبا لكم! إنها فتاة صغيرة!
لم تصدق عيناي، لقد كان هو..

لا شيء يشبه تلك الليلة، كل ما فيه محبط، مقيت، و يثير الإكتئاب..
لقد نط أمامها فجأة، و بات قامته كمسمار صدء..
مفاجئتها به كانت تامة..
هو كالأحجية المغلقة، و هي حالمة كقصيدة حب تائهة!
لقد أعلنت إستسلامها من بين ذراعيه، و مشى ببطء حول الجمع بخطواته المتثاقلة..
الصمت خيم على الجميع، ووقفوا مأخودين مدهوشين..
إنحدر عاديا في الدرب النازل من القصر، حتى هرت من بين يديه مطضربة، متعثرة.

لقد كان اللصمت كالأغنية الحزينة في وجهها، عل عينيها مشروع بكاء ناقص، تصارع الدمع..
أما هو فكان نهبا لمزيج من مشاعر الخوف و القلق..
و كلاهما صامت، يحدقان بعضهما..
و في لمحة تبرعمت على ثغرته إبتسامة باهتة، و سألها:
- هل أنت بخير..
أشاحت بوجهها متظاهرة بعدم سماعه، لأنها تعرف بأنها قد تنهار أمامه في أي وقت، ، قلبها يخفق بعنف..

و لكن عبثا كان محاولاتها، لقد دفع الكتمان معدتها للدوا ر، و أنساب دمعة حارقة من عينيها المتورمتين
روحها صارت في أنفها فلم تتمالك، و أخدت تبكي بكاءا يشبه التفجع عن حياتها كلها
جثمت على الأرض، منهارة الأعصاب، تلوك غيظها بنشيج و نحيب..
إرتسم الوجوم على وجه يوري، فأطلق من صدرة زفرة طويلة مرتفعة، فمن هو حتى يؤانسها في حزنها! ألم يسفح دموعها و دمها في ليالي عديدة حتى إنتزع آخر قطرة من ماء حياتها!

حاول أن يظفر بحرف، بكلمة، بهمسة، بصوت، عبثا كان محاولاته..
ضرب كفا بكف ذون أن يحرك فمه، اللعنة
إنتحى جانبا، و قرفص قربها بهدوء..
في وقت الدي نشف دموعها، كان هناك ليصغيها و يسمعها!
و قبل أن تتفوه بكلمة، تقدم إليها فجأة و أخدها بحضنه، يعانقها..
و كانت تعرف في سرها كم تحتاج الى حضن دافئ يحتويها لهذه اللحظة، رغم الألم الدي سببها سابقا..

و لكن اليوم لم يكن هو أداها، لقد كان حبيبها الدي تثق به كثيرا، ترك هذا أثرا عميقا في قلبها..
كم صارت وجبة سهلة للخيانة و الغدر..
يكفي، يكفي
ووثبت على رقبته صارخة..
كانت كالزوبعة تبرق حنقا و هياجا
- لماذا تفعلون هذا بي! لماذا تعاملونني هكذا!
- أنا آآ آسف! أنا آسف جدا، ماريا، سامحن، ي
كانت الكلمات تخرج من حلقه بصعوبة بالغة، عانقها بتصميم، و هو يغالب البكاء، و قد كور يداه خلف ظهرها المنحني!

نطت ماريا بحركة مفاجئة، عدائية، دفعته به، و تملصت منه!
و بعصبية زعقت أذنه
- إبق بعيدا عني، شفقتك و كأنها آخر ما أحتاج إليه، هل تظنني أنني نسيت تلك الأيام و الليالي الطويلة العجاف التي قضيتها في قصرك متألمة موحشة، مخصبة بالدموع و النحيب و الحسرة و النذم، لماذا أتيت بي إلى هنا يا يوري!
و أخدت تعاتبه طويلا، حتى إعتقد في سره بأنه أكثر إنسان تحقده في هذا الوقت..

- إن كنت تريد أن أعيش، أرجوك دعني بسلام، و إلا أقسم لك بأنني سأخلص نفسي من هذه الحياة البائسة!
كانت تبكي بصوت منخفض، و بعصبية، و نشيج!
كلامها يخز في نفسه مثل السكاكين، خاف أن تتأدب مرة أخرى بسببه فأنسحب بهدوء و قد فطر اليأس و الحزن في أضلاعه حتى الحسبان...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة