قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل السابع والعشرون

مرت الأيام مند أن رحلت ماريا من هذا القصر، و يوري بقي لي وحدي، كنت أتلهف بأن نعود كما كنا سابقا، و أتمنى أن يحس بي لكنه لم يكن ينظر إلي أكثر من نظرته السابقة، و لم يكن يراني سوى زوجته السابقة التي تهيم فيه حبا..
لكن كنت مطمئنة اني أستطيع الحصول على حبه متى أردت، و لكن لدي عمل يجب أن أقوم به و أهم بكثير من مشاكلي الشخصية،.

قالوا لي بأن الترياق التي صنعوها من دم ماريا النقية جاهزة، فقد بقي أن نعيد السلالة المالكة الى الحياة، إنهم مدفونون في هذا القصر كما أدكر لو أسعفني ذاكرتي جيدا أظن المكان في جانب الغربي من القلعة المهجوز..
قبل أكثر من أربعة آلاف عام، كان الأرض غير الأرض، كان البشريون بالنسبة لنا كالخراف بالنسبة لهم، كانوا مجرد قطيع يسير الى مصيره التعس في رضا و إستسلام،.

كنا نحتجزهم في قلوع نوفر لهم كل ما لذ و طاب من الأكل حتى نستمتع لاحقا بلحم طري من أجسادهم السمينة المربربة التي تنضج منه قطرات النعيم..
الأوفر حظا منهم هم الخدم و الحراس، أما البقية فلقد أعمتهم ما فيه من ترف و دلال حتى باتوا لا يدركون أنهم مجرد طعام نجهز عليهم في الولائم العامة و الخاصة..

و يزيد على ذلك أنهم يظلون طوال اليوم مستلقين بلا عمل و لا فائدة كأنهم جثث هامدة و كان يعجبهم ذلك، غير ذلك نحرص على تكاثرهم، كما نضع ديك واحد لعشر دجاجات مربربات...
هذا ما حكت لي جدتي عن تاريخنا، و مجدنا، أريد أن أعيد ذلك العصر الذي كان لنا عزة و شموخ، كم أكره هؤلاء البشريين يتظاهرون و كان لديهم الحق في العيش في الحكم، يتظاهرون و كأنهم لديهم الحق في الذنيا، إنهم مجرد خراف..

ثم بدأو يثقلون كاهلهم بالثياب المختلفة أشكالها و ألوانها، يخنقون أنفسهم بالياقات و الكرافات، بلا سبب و لا داع، متخيلا أن في كل هذا التهريج يجعلهم مثلنا..
لم كل هذا أيها الإنسان الغبي؟ لماذا تضيع عمرك في أوهام أنكم مهمون!
تصور لو أن أي حيوان، فعل ما فعلتم، و أرتدى من الملابس ما إرتديتم و صنع لنفسه هيبة ووقار مثل ما صنعتم، ترى كنا نضحك عليه و نستخفه!

في وقت متأخر من الليل تسللت بخطى ثابتة نحو قلعة الجانبية من القصر،
كل شيء هاديء و مثير، لاحقا أدركني مساعدتي و مساعدي و هما يشهقان رعبا لكني لمحت في أعينهم ذلك البريق، بريق إثارة لا شك فيها، صدورهم تعلو و تهبط..
تلامست أصابعنا حيث وقفنا هناك خلف الجدار و هي تتحرك مبعثرة االغبار من حولها، وثبنا إلى الداخل حيث يتوارى الموتى تحت توابيت أنيقة و مزخرفة
الظلام كان عارما فأضأنا المصابيح.

فتحنا أحد توابيت التي تعود الى ملكة إليزابيت..
لمعت عيناي حماسة، ثم أزحت الغظاء الحجري التي تغلف التابوت جانبا..
شاهدنا إمرأة تشريحيا هي كذلك من شعر أبيض تلفت، و جلد جاف إلتصقت بعظامها، أخدت الترياف بسرعة و حقنتها من دراعها..
ثم إنتظرت، ضحكت بنشوة، أطلقت صهلولة مزقت الصمت و الظلام، لا أعرف السبب بالضبط لكن الأمر راق لي كثير..
ثم تابعت بصوت رنان يروق لي شخصيا من دون شك.

أيتها الملكة قومي، قومي الى الحكم الأبدي
قلت هذه الكلمات و قد بدت وجهي يتقلص من النشوة لقول هذه الكلمات، كلمات لم تعد في قاموسنا..
و فجأة تعالى صوتها..
صوت المرأة التي كانت ترقد كجثة هامدة في التابوت!
في البداية أخدت المرأة تزوم بصوت عجيب كأنها تستيقظ من نوم عميق دام لآلآف السنسن..
إلتفت إليها غير مصدقة أن ترياقي قد نجحت..
إنني أعدتها إلى الحياة، و لن تكافئني سوى أن تجعلني الملكة الأخرى معها.

ثم بدأت المرأة تتحرك
ببطء يصعب تمييزه حركت المرأة يديها، ثم ذراعيها، ثم إعتدلت جالسة على الأرض و أنا أواصل الطقوس بصوت مبحوح لفرط الإنفعال..
أيتها الملكة، قومي إلى الحكم الأبدي
حتى وقفت المرأة في النهاية أمامنا مغمضة العينين
لكننا لم نتوقف عن ترديد الطقوس، بل أخد صوتنا يعلو و يعلو إلى أن فتحت المرأة عينيها فجأة، لنرى فجأة ذلك الوهج العجيب الذي أحاط عينيه.

و توقفت بفزع عن ترديد تعاويذ متراجعة إلى الوراء، ذاهلة..
إكتشفت أن من تقف أمامي متعطشة لدم، لو شربت دماء أهل القرية جميعا ستظل عطشى..
فقدت القدرة على الحركة لفرط الذهول، لأواصل التحديق في المرأة التي تلتفت حولها محاولا تعرف المكان التي وجدت نفسها فيه، قبل أن تلتفت نحو مساعدتي و التي لم تتوقف عن ترديد الطقوس بحماسة..
إنقضت المرأة على عنق مساعدتي التي تحولت إلى لوحة ثلاثية الأبعاد للرعب و الهلع..

و رفعت يدها الأخرى على مساعدي فرفعته بيد واحد في الهواء مخرسا صراخه..
فأغمضت عيني منتظرة صوت تهشم عنقه!
نظرت إلىّ بوجه جامد الملامح و عينين متوهجتين، و من ذون أن تتكلم فهمتها تقول..
أدركني بالطعام، و إلا صرت التالي
خرجت مغلقة الجدار خلفي..
نظرت الى السماء، و رحت أعب الهواء بجرعات كبيرة ليهدأ قلبي، فلا يثب من صدري، إهدأ يا قلبي..

عضضت لساني من ألم النشوة، إنتي أسمع صراخهم الآن، تصاعد النشوة في دمي، دمي يغلي...
ثم فتحت هاتفي، و قرأت عليهم طلبات ملكتنا الجديدة، فلسوف نستقبلها بوليمة بشرية لم تحلم بها في حياتها غدا..
أحسست بغرور و ثقة تملأ نفسي، لقد بقي شيء الوحيد الذي لم أظفر به، إنه هو، هو وحده، أتلهف إليه، أجل لقد إطمأننت الآن أنني إمرأة تستطيع الحصول أي شيء..

و في نفس الليلة دخلت إلى الحجرة، و رفع الى عينيه و سألني ما أريد، إضطربت بعض الشيء و لكني إقتربت منه، و شعرت برغبة تعصف بي، فلم أدر إلا و قد إحتصنته بين ذراعي ووضعت فمي على فمه..
و لا شك أن يوري قد إعترته دهشة شديدة، فقد سادت لحظة صمت، ثم رأيته يدفعني بعيدا عنه، و يرفع يده فيهوي بها علي في صفعة لم أذق مثلها في حياتي قط..

و لم أحس يوما بألم الخدلان و لا مرارة الهزيمة كما أحسست بهما في تلك الليلة..
إنسحبت من الغرفة في بطء و عدت الى فراشي في غرف الضيوف و أرتميت عليه، و قد أخدتني الرجفة كأنني في النزع الأخير..
ترى لو كنت قد ذهبت الى هيري، أو الى أي مخلقوق سواه، لما مر بي سكون الليل كما مر بي معه! أقسم أنني لو فعلت لكنت الآن مستلقية في فراشهم..

و طال بي التفكير حتى صممت في النهاية على أن أذهب الى هيري، إنه الوحيد الذي يحبي..
جردت من ثيابي قطعة قطعة، لقد رغبت في أن يراني عارية..
ثم تسللت الى غرفته المجاورة الى غرفتي..
يا الله، وجدته مع ميرنا، عقدت الدهشة لساني، هؤلاء الخدم الذين يحاولون إستيلاء رجالي، طغح الكيل، و لم أعد أحتمل، و بدأ إنفعالي يتزايد رويدا رويدا كأني أبصق الحقد الذي يتراكم فوق روحي تجاه الخادمات..

بل أخدت أغمرها بما لذ و طاب من ألفاط التهديد و الإهانة..
أخدت تعذر، لكني لم أتركها، بل إنهلت عليها رفسا و لكما
حتى ردعني هيري صارخا
توقفي، ستقتلين الفتاة!
يا إلهي، . متى أصبحت مقودة بعاطفتي و مشاعري، حتى أنني لم أحسب مقدار ما سأتلقى من إهانات ما كنت في غنى عنه..
إنسحبت من الحجرة أحاول جهدي أن أخفي حزني..
دعني أصف لك المرأة التي فضلها مني هيري..

فتاة قدرة، قدارتها أسملت تخفي أي حسن فيها، القدارة جعلت ثوبها صلبا لا يرف و لا يهز كأنه من جلد مدبوغ..
تخيل جميع رجالي يفضلون مني نساء قدرات بشعات المنظر، يضحكن لهم في إغراء، عالمهم تخلصت على إصطياد أسيادهم..

أنا ألينا، دعيني أجول لك بخواطري، فاريك ما أنا و كيف كنت و هو طفلين عابثين لاهيين، لا نكاد نفترق إلا ساعة نأوي إلى فراشنا..
كنا أنا و استيفن جارين، و شبنا في الحياة كالأخوة، نلهو و نلعب و نرتاد نفس المدرسة..
و أنتم تعلمون، أن العائلات التي بينها مثل هذا التقارب و التحاب تحاول دائما أن تربط بين أبنائها بالزواج، فتزوج أخي أخته، و كنت أنتظر أيضا بدوري الذي سيجعله نصيبي..

و هكذا نشأت في هذا الوهم و أنا أسمع من أمهاتنا و آبائنا أنه سيتزوجني عندما نكبر..
أما هو فكان لا يكاد يقيم للمسألة وزنا، و مرت السنون و مات والديي، فكان هو أول من يقف بجانبي و يساندني..
و لست أدرك ما حل بنفسي وقتذاك، فقط إعتراني ما يعتري كل فتاة عندما تتحول من طفلة الى إمرأة..

هذا الصبي اللاهي العابث الذي كنت أعدو خلفه لأقدفه بالحصى و أغمره بالمياه و الذي كان يمسكني بين ذراعيه أو يجذبني من شعري فيلقي بي على الأرض، و يجلس فوقي بيديه و ركبتيه، ذون أن تتحرك له مشاعر..
هذا الصبي الذي لم أك أرى فيه إلا وسيلة للهو و زميل لعب..
أتدري كيف أصبحت أراه و هو يحضنني و يعزيني في فراق والديي، يعطف بي و يغمرني بحنانه..

و مرت الأيام و أنا أكافح حبي، أحاول أن أخمده فلا يخمد، حتى وقعت الواقعة..
اليوم التي أتى بها أخي فتاة عربية من قبة بعيدة..
لقد كانت إذا ما ضمت بمجلسنا، لا يكاد هو يرفع عنها ببصره..
كنت انصت إليه، و كان ينصت إليها..
كنت لا أحس إلا وجوده، و كان لا يحس إلا وجودها..
و عندما أشاد بحبه لها، و تمت الخطبة و تحدد الزواج بعد بضعة أسابيع
أي يأس عصف بنفسي وقتذاك! تمنيت لها الموت..

لم يكن يخطر ببالي قط أن أمنيتي الشريرة هذه يمكن أن يصبح حقيقة واقعة..
كان النبأ مروعا، و صدمني صدمة قاسية، رغم أنني كنت أعتبره أمنية عزيزة
فأندفعت أبكي في مرارة، و أفقت من بكائي لأجده هو الآخر يبكي
فوسوس لي الشيطان بأن أستفيد من هذه الفرصة السانحة..
حاولت أن أخفف من لوعه، حتى وجدته في أحد الليالي مخمورا
الحقيقة أنه لن يستطيع أن ينجو من براثني، و الحقيقة الأخرى أنه لم يرد أن ينجو مني..

جمعتني و إياه حجرة واحدة، فأستسلم سريعا أمام هجومي و أنهار مقاومته فرفع الراية البيضاء..
و تكرر لقائنا بعد ذلك، حتى برح يوم الذي تهلل وجهي فرحا عندما طلب يدي للزواج..
و عادت ماريا من الموت، و لكني أحسست منها برعدة و أنتابني منها خوف شديد، أخاف أن يعاوده داء حبها، و أن تنتزعه مني مرة ثانية، و حاولت جهدي بأن أكافح حبي، و لكني في الأخير هزمت.

إستيفن لم يستطع أن ينساها و كذلك لم يستطع أن يتخلى عني فكان أن يتقدم أحدنا للزواج و ان تبقي الأخرى عشيقة له..
و لكني كنت أعرف بأنه لا معنى لكرامة في الحب بعكس ماريا التي تتباهى و تقاوم إستيفن و كأنها ملكة كليوباترا، مع أنها مجرد خادمة وضيعة!
هي تلجأ الى الغرور كحيلة للتغطية!
قلت بأنه يجب أن يتناس حجم المقاومة مع قيمة ما يدافع المرء عنه..
بالنسبة لحالتها لم يكن هناك داع لمقاومة من أي نوع!

دعنا ننفجر ضاحكين، و نتبادل ألف نكتة على هذه الفكرة..
لكن بالأول يجب أن نعود الى موضوعنا..
لا داعي أن أشرح لك بأن الرجل يهوى المرأة الصعبة المنال، و جرى إستيفن مثل أي رجل خلفها، حتى إقتنع بالاخير بأنه لا سبيل لحصول عليها إلا بالزواج..
لا يغرنك بهذا الطلب فليست سوى وليد لحظة، و لكن بعد أن عرف إستيفن مقدار الواجب الملقاة عليه عندما عرف بأنني حامل قرر أن يتخلى عن نزوته العابرة..

أو على الأقل هذا ما ظننت في البداية، لكني كنت مخطأة، ظننت أن زواجنا سيبعدها عنا، لكن الإنتقام أجهش في قلبها، فأوقعت أخي أيضا في غرامها و طلقته من زوجته، عاود الغيرة في قلب إستيفن، إزدادت نيران الغيرة في قلبه تأججا، فصار يعاملني بجفاف
قل لي هل أستحق كل هذا لأني أحببته!
هل يحق لك أن تتهمني لأنني أحببت هذا الرجل!
إن المرء ليصاب بالحب كما يصاب بمرض من الأمراض..
و مع ذلك لا يسعني إلا أن أحبه..

طويت غيرتي في صدري. راضية بقليل من العطف الذي يشاركني فيه كل من حوله ممن يستحقون العطف منه كالشحاذين و الكلاب الضالة و القطط الجائعة
حتى جاء يوم و قد طوى أمتعته راحلا إلى غير رجعة..
أصررت عليه أن لا يتركني، لكنه إعتذر لي بحزن قائلا، بأنني أستحق زوجا أفضل منه، و أنه غير قادر على إعطاء حقي، فمن الأفضل أن يرحل بدلا من أن يعذبني بوجوده الذي لا طائل منه..
أخبرته بأنني أريده هكذا، و أنه لا داعي بأن يتغير!

أخبرته بأنني أحبه بما هو!
توسلته، بكيت بين رجليه، ترجيته، لكنه في الأخير رحل..
إنني أكاد أبكي بمجرد أن أتذكر هذه النهاية..
لكن عزائي الوحيد الآن هو أن ماريا تقاسي المرة أيضا..
و مع أننا إستطعنا أن نطرد ماريا من هنا إلا أننا الإثنين نبقي خاسرين
يوري و إستيفن قلبهما معها و إن حدث أن يكونا معنا بجسديهما..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة