قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس عشر

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الخامس عشر

كثير ما نضرم النار في رغباتنا المستعجلة دوما، لا نفكر بالعواقب التي تنتجها إثر ذلك..
كثير ما يكون لنا أنماط حياة متداخلة مزدحمة بالعواطف و الآمال و الخيبات..
كثير ما يكون عرجنا نابعا من طيبة قلبنا و سداجة كيوننا..
أفي تلك الصباح الصافي كان للحياة مذاق آخر للجميع؟!، أم فقدوا بعضا من فترات ما التسلسل الزمني، لم يحسبوا الوقت و هو يمر بسرعة في فجائع درامية!

و لكن لا أحد منهم يحاول فهم نزاعاته المحبوسة، لقد كانت إيسبيلا تلعن و تشتم و تصرخ بلهجات بديئة، و بهذا المقياس السيء، لم تكن حينها إختيارا جيدا للأنوثة الراقية..
أما إلينا فكانت تقبل زعاف الموت بيأس تام من حياتها لتنعتق من كبل الصدمة و الحزن، متعبة، تموء مثل قطة جريحة فوق فراش المستشفى، بعد أن فقدت بعضا من الزمن عندما شهقها حالة غيبوبة تامة..!

إيسبيلا بوجهها المتجهم و ميرنا بملامحها الوديعة القلقة موجودان معها في المستشفى..
ينساب تعاريج الغضب و الدموع و القلق على خدودهم..! و كأن حرب دموي قد إشتعلت و دعجت دمائهم على الأرض، و هم يعدون إستراتيجية محكمة لضرب عدوهم الدي هو عبارة عن فتاة واحدة ( ماريا)..
أمسكت ميرنا يد إلينا بحنان صديقة عطوفة، بينما يضرم في داخلها نار غضب بهاجس تفاصيله..

لم يكن ما يغضبها هي ماريا أكثر مما يغضبها نجاحها في حصول على حبيب يتمتع كل صفات الرجولة على حد تخيلها، الحاسد ربما يعفوا عن إنسان أذنب في حقه و لكن لا يستطيع غفران شخص نجح بشي فشل بِه!
أما إيسبيلا ترقص على أنغام الشتم:.

اللعنة، أنظروا الى تلك السمراء الفاجرة و ثقافتها العهر في سرقة الرجال، يمقتني بشدة تصرفاتها الوقحة البدائية و هي تحاول أن تكسب مكانة في قصري، لا لن أسمح لها، أقسم أنني لن أسمح لها، سألقنها درسا لن تنساه
إبتسمت إبتسامة جانبية و هي تنظر الى ورقة الفحص التحليل لإلينا..
كانت هذه بطاقة ربحها في إفساد ما يجمع بين ماريا و إستيف..
تمسكت به و لفقته تحت إبطها، إستفز ملامحها الماكرة إلينا و ميرنا.

ماذا يقول ورقة التحليل يا سيدة كلاوس!
رمقتهم بخلسة بينما تتجه نحو النافدة لا يخلوا من ملامحها مكر أنثوي و هي تدبر مكيدة يجهل عنها الجميع!
خاطبتهم لا شيء، لا شيء
أزعجهم هدوءها و نبراتها الرصينة التي تنم بالغموض..
لا بد أن هناك شيء ما يا إيسبيلا! إن هدوء هذا لم يعجبنا..
تململت قبل أن تبصق الجملة الأولى بثقة و هي تضع أظافرها اللدنة تحت ذقنها بطريقة خلابة و راقية.

حسنا، يمكنك أم تقولوا بأنني لدي خطة ستعيد إلينا لإستيفن، في نفس الوقت ستجعل ماريا خارج الساحة
إنتفضت إلينا كالسمك فوق سريرها، ..
إستثارت ميرنا بحماس..
ما هو، تلك الخطة التي تخلصنا من ماريا!

إستدارت إيسبيلا بهدوء، توجهت نحوهم ببطء متعمد، إقتربت، إنحنى رأسها ليستقر قرب آدانهم، وشوشت، و همست لهم بهسيسات أيقظت صخب حماسهم، و قطعت أنفاسهم دهشة، و كانت تضمر لهم بلحظة شاهقة يجعلون فيها ماريا ذليلة على أقدامهم...

الحاشية ١:
لم يكن في ذهن ماريا من أمور الدنيا شيءٌ سوى تأهب لتلك الليلة المنتظرة، يعتريها اللهفة والقلق في آن واحد..
و لكن شوقَها إليه كان طاغيًا على كل شيء، وظاهرًا لكلِّ مَن حولها من الحاقدين!
فحركاتُها وكلماتها وتعابير وجْهِها الَّذي لم تفارِقْه البسمة منذ ليلة البارحة حينما طلب إستيفن يدها للزواج، كلُّها تفضح ما تُحاول أن تُخفيه ماريا من فرحٍ وشوْقٍ ليوم الزِّفاف،.

كان قلْبُها الأبيض يتدفق فيه أنْهار السُّرور، يغمرَها حتَّى كادت رُوحُها تفيض من نواحيها بهجة.
في ذلك الصباح كقطر الندى، لم تكن ماريا وحيدة تدبر كل شيء، لقد كان قريبات إستيفن من جهة يلازمها و تحاول كل منهنَّ أن تساعدها في زفافِها، يشاركهن جميعًا في إقتناء فستانها إحدى أفخم محلات الجزيرة بسرورٍ واهتمامٍ غامرَين، من ملابس ومفارش وعطور، وكماليات وأدوات للزينة، وكلّ ما يتعلَّق بليلة الزّفاف.

يصطحبهم سائق خاص، و يلفهم بنصف شوارع و محلات الجزيرة..
في البداية أرْهقها تحديدُ ما تحتاجه ؛ فمستلزمات الزّفاف كثيرة، لن تتمكن من إتمام كلِّ التَّحضيرات على الموعِد الغد ؛
نصحتها (جاز) قريبة إستيفن أن تشتري الفستان أولا ثم الأشياء الصغيرة، يمكنها أن تكمل الباقي بعد الزواج فالمحلات لن تهرب منها..
كما أن باقي قريباته لم يترددن على تقديم المساعدة و المشورة لها!

جاز كانت أكبر واحدة بينهم، فتاة طويلة جذابة لديها مسحة ماكرة في خطوط وجهها، حاجبان رفيعتان، عيون مفترسة، شفتان كبيرتان ممتلؤتان، تعمل عارضة أزياء عالمية، في لحظة التي كانت هي في إجازة طلب منها إستيفن القدوم الى مساعدته..
أما إستيفن لقد كان يتولى في التَّجهيزات الكثيرة وكافَّة الإعدادات لحفلة زفاف الغد...

ثوب الزفاف:
كانت ماريا تترقَّب أن يحتويَها ذلك الرّداء الأبيض، قليل من الزينة، كلاسيكية، و يكون بسيطا، راقيا في نفس الوقت، تريد ثوب الَّذي طالما حلمتْ بارتِدائه والتَّباهي به كأميرات الأحلام في قصص الخيال.

أرادتْ ثوب زفافٍ مميَّز و غير مُلفت للنظر!، مفتوح الظهر، مختلف عن كلّ ما رأته من أثوابٍ من قبل؛ لذا حارت كثيرًا في انتقائه؛ ولكنَّها أخيرًا اختارته، انتقتْه بعناية كبيرة لتبْدُو فاتنة في ليلة العمْر.

قامت بتجْربة ثوبها، الدي جعل الفتيات ينبهر بها خاصة ( جاز) التي تتمتع بحس فاشيونستي، تكحل عينيها المفترستين جسم تلك الفتاة المتناسقة منحنية كغصن لدن رغم هزلها، كان جسدها أجمل من العارضات في قسماته، خصرها الهيفاء، عنقها الطويل، ظهرها المستقيم، و شعرها العنقودي الأسود الطويل..

لم يضيعوا الوقت! لقد قاموا بعد ذلك لزيارة المزيِّنة والمختصَّة بالتَّجميل للعناية ببشرتِها وتَحديد ما تودُّ عملَه بشعْرِها ووجهِها من زينةٍ في ليلة زفاف الغد!

و رغم أن كل شيء يجري بخير إلا أن القلق لم يفارقها للحظة..
يتسلل الخوف في أعماقها تدريجيا كلما تحس أن الأمر بات جديا..
تزداد دقات قلبها، ليلة زفافها لم يكن بعنيها أكثر مما يعنيها أن تتأكد كونها لم تكن تحلم! لقد كان هذه العجلة في الزواج ما يدعوها الى القلق و ربما الريبة..

كان إستيفن الأكثر قلقًا؛ و تعبا و منهكا بتحْضير قائمة المدعوين، والحرْص على وصول بطاقات الدَّعوة إلى كلّ الأهل والمعارف والأصدقاء.
و تزيين حديقة القصر، و قاعة الزفاف والاتِّفاق مع القائمين عليْها على كلِّ التَّحضيرات، وتَحديد عددِ الضُّيوف والطَّاولات الَّتي تلزم، وكيفيَّة تنظيمها وترْتيبها في القاعة.

و يزيده ذلك إحساس بأن تفضحه إلينا على ماريا ذون آية صفارات إندار، في لحظة إنسياب بعواطفها الجريحة، لقد كان يبحث عنها في أرجاء القصر و لكنه لم يجدها..
فهو لا يعرف بأنها في المستشفى يضمران هي و إيسبيلا الحاقدة بفطرتها إنتقاما جميلا في ليلة حفلة الزواج، و يجعلوا منها مسرحة الهزل..

و عندما إنتهوا من بناء خططهم الخبيثة، وقتها أنهت ماريا على شراء كل ما تحتاجه، و كان الوقت عصرا عندما تقابلت عيونهم على القصر، أغاظها إيسبيلا عن وجود جاز بقرب ماريا، هي تكره جاز، المشاحنات بينهم تحدث دائما لأنهما في نفس العمر! يقال إذا أعجبت المرأة نفسها و جسدها و مكانتها غارت من كل أنثى جميلة و ناجحة حتى لو كانت أنثى الحيوان!

إستدرجها لثوان دهاليز الماضي و هي تسلم عليهم بإبتسامات باهتة و مزيفة، تتدكر في مراهقتها عندما كانوا ثانوية كيف إنتزعت جاز من حبيبها لحظة تنافس غير شريف بينهم، كانوا يتنافسون في كل شيء، المكياج، الإستايل في الملابس، في الدروس حتى وصل الدناءة على مراهنة الشباب!
لم يعجب وجود جاز، تملقت لها بكلمات معسولة..
إشتقت لك يا إبنة خالتي، لماذا لم تتصلي بي يا حبيبتي!

ردت جاز بإهمال، مع إبتسامة جانبية و ضحكة منخفضة حقا! أنا أيضا
ثم مشت ببرودة مع ماريا، أغاضها إيسبيلا أكثر، و أثار في داخلها مبررا آخرا للإنتقام من ماريا..
إكشرت أنيابها، و حملقتهم بحقد و هم يختفون في الداخل...

وطال ما تعابثت مع نفسي أمام المرآة، أبدي زينتي، أتبرج على مفاتن فستاني، أرقص ضاربة الأرض بكعبي العالي، أدندن أغنيتي المفضلة غير أنني أشعر رأسي ثقيلا في أكتافي من التعب اليوم، لقد كان حقا يوما حافلا، أزعجني الشمس البارد في وقت الشتوي، أحسستها شديدة على البشرتي البيضاء التي تحولت من أسمر نحاسي بالشمس، الى ثلج الشتاء..

لم أكن أعبأ وقتها أي ضوء، بل أزيد بعدا بنظرات شمسية إستعرت منها جاز، هي فتاة جميلة، أجمل من تلك إيسبيلا، في نظري اليوم كانت عجوز شمطاء في الغابرين فقدت كل غوايات الأنوثة، امتص الدنائة و الحقد رحيق شبابها فتركها قاعا صفصفا، لا تعبأ الوحدة بعد أن تركها يوري..
أحسست بفكرة البكاء، بمجرد أن ذكرت إسمه لنفسي، كأن قلبي يتشقق! ترى ماذا حل به؟! ماذا يفعل في تلك الثقب المظلمة؟!

لماذا أتذكره الآن! غدا يوم زفافي، يا إلهي إنني أشعر بالضياع، ما هذه النقائض المرهقة؟!
أتزوج إستيفن و أنا لا زلت أفكر بيوري..! يا إلهي أنا غبية حقا، لماذا أبه ذلك الأحمق يوري الدي قتلني! لا لن أسامحه أبدا!

وأجهدت نفسي أن أقنع بأنني أكره يوري، بل إنني لم أحبه في حياتي.! إن حبي الأوحد الذي لا حب غيره، والذي لا يتغير، ولا يزول، ولا يفنى، ولا يندثر، هو ل إستيفن حبيبي..
نعم كنت أقنع نفسي كل هذا و أنا مدركة في داخلي و أعلم مدى ما عانيت من الهجر والفراق ومدى الحزن الذي يقطع نياط قلبي كلما ذكرت يوري وتذكرت ما حل به
يقول شاعر:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول..

ضحكت في داخلي من كل ما قلت بسخرية مريرة، أيعقل أن تحب رجلا سفك دماءك على الأرض، رجل شردك! لماذا يتطلب القلب دائما الحبيب النافر الدي يعدبنا؟!
لا، ليس صحيحا؟! قد يكون الحب الثاني هو الحب الحقيقي! طبعا إذا غدرك الأول..!
لا يوجد شيء إسمه حب إول أو حب ثاني، يوجد فقط حب خالص! تؤم روح! و أنا أعتقد أن إستيفن هو تؤم روحي الوحيد في هذا العالم!

قطع صوت قوي حبل أفكاري..
كان يأتي من باب غرفتي، تدفقت نحو الباب لابد أنه إستيفن، و كان قلبي يطير من الفرح شوقا للقائه..
أشد قبضتي بقوة على عروة الباب، أتنفس بعمق لكي أتخلص من توتري..
نعم سوف تلتقي عيناي بعنيه، لم أراه طيلة اليوم، تلتقي أنفاسنا الراعشة..
فتحت الباب بلهفة حاد أضبطها في داخلي..
لا، ليس هو! باغتتني الإحباط على وجهي بسرعة تظهر بوضوح..

إنها إيسبيلا اللعينة، وجهها الجليدي الغصة كغصن شجرة مقطوعة..
تبادلنا بنظرات صامتة..
يا إلهي كم أكرهها، خلت نفسي أفرغ عليها جبلا من الشتائم الذباحة ثم ما فتئ أن دعوتها بالدخول..
أكبت غضبي المدفون في داخلي كالبركان يعيد حممه إلى جوفه...

لم أستطع رغم ذلك أن أنبس ببنت شفة!
لقد عض الصمت على رقبتي، أعرف أنني لا أستطيع أن أشتم أخت حبيبي..
فما أنا إلا فاسقة، متملقة، أظهر حنانا مزيفا، خائنة في رأيها..

دخلت الغرفة بخطواتها البطيئة كالعادة، يجول عينيها في الزوايا، و الصمت يطبق المكان..
هل أتت لإزعاجي، لنهري و تهديدي كعادتها، بالإبتعاد عن أخيها! ربما أتت لكي تصفعني تفرغ علي كل شحنات غضبها!
ربما أنا مخطئة، مخطئة طبعا، ولكن لماذا أنا مخطئة؟ لماذا لا يكون أن أتت لقتلي؟
إنها هادئة، ملامحها أقل صرامة من العادة، نظراتها الثاقبة أقل حدة..
لابد أنها إستسلمت لواقع أنني سأصبح زوجة إخيها! و تريد الهدنة..

مدت يدها قبالتي، تبتسم بإبتسامة جانبية..
إرتبكت، ترددت على مصافحتها
خاطبتني مع ضحكة منخفضة هيا يا زوجة أخي، لن أعضك
يبدوا أنها جادة على مصالحتي..
و لكني كنت كمن يقف قبال تيار شديد هادر ولا يأمن على نفسه أن يبقي بمعزل، فقد تنحرف في أية لحظة لتخوض في اللجة المتلاطمة...
ولماذا لا أثق بنفسي، أنها تريد مصالحتي!
أشعر أن المستقبل أمامي وحشا مرعبا؟

أمسكت يدها بثقة، لاح في وجهها سعادة غامرة لا أعرف أهي بذلك تريد أن تدبر لي مكيدة، تتظاهر أنها صديقتي حتى تطعنني من الظهر!
أم أن إبتسامتها نابعة من قلب صادق!
خاطبتني أريد أن نبدأ صفحة جديدة و ننسى كل الماضي يا ماريا، فغدا ستكونين واحدة من عائلتي، و أنا أحب عائلتي و لا أفكر بأديتهم
تفحصت نظراتي الغير الواثقة
إستطردت أنا لن أؤدي عائلتي، أليس كذلك
قلت بتردد أبلع ريقي نعم هذا صحيح.

إبتسمت بينما تشد يدي بيديها الإثنان بقوة، إستطردت:
أنا سعيدة يا ماريا لأنك تصدقيني رغم كل ما إقترفته بحقك
و ذرفت دموعا حارة ( دموع التماسيح )، يقطع نياط قلبي، لا أصدق ما أرى..
هل هذه إيسبيلا حقا! تبكي و تعتذر..
لم أتمالك نفسي، إحتضنتها، أتخيلها أختي الكبيرة التي تمنيت حصولها..!

بزغت أمامنا ميرنا يسبقها صوتها و ضجيجها الحاد، مبهورة الأنفاس..
إندهشها المنطر الحنان بيني و بين إيسبيلا..
وقفت للحظة، ثم إبتلعت أنفاسها، و خاطبتنا..
هيا جميعكم الى الأسفل، لن تصدقوا ما يحدث في الأسفل
خرجنا بعجلة، تملؤني فضول جامح في معرفة ما يجري..
إنعرجنا عن الباب..
نزلنا من الدرج..
ترجفنا العجلة، الى الخارج، في حديقة القصر..

كانت المكان قد حاصرتنا بأطلالها الجميل التي أقامتها وسدت علينا الرؤية بمخيمات كبيرة و كراسي منظمة، و إنارة من كل جانب فتغشانا إضاءات كبيرة، مزينة كالنجوم، ما أجمل ما نظمه إستيفن؟! في يوم واحد، يعج غدا هذا المكان بحشد من الناس، ينظرون إلي و أنا متفاخرة بفستاني الأبيض، ما أشد فرحتي غدا! أشعر أنني أحلم!
خاطبتني إيسبيلا..
هيا الى الداخل يا ماريا، فرؤية العروسة بالعريس قبل الزواج يجلب حظا سيئا..

حملقت فيها بغباء
ماذا تقصد..
خاطبتني
يا إلهي، كم أنت جاهلة يا ماريا، هذا إحدى تقليد العائلة، لا يجب أن ترى إستيفن إلا ليلة الزواج..
قلت و حتى نهار الغد
خاطبتني نعم، لن تستطيعين رؤيته إلا في مراسم الزواج و التي تحدث في ليلة الغد
تركت الساحة، و لازمت غرفتي طوال الليل..
...
الحاشية:
تراها كانت تتوقع منذ سنين أمسية كهذه تدبر أكبر مكيدة يمكن أن يخطر في بال أحد..

خاطبت نفسها بثقة لن يكون غدا زواج ماريا بل زواج إلينا
أنقب بعض الشيء في ذاكرتها مثال أخدت منها كتاب، وإذا بعنوانها قاموس النساء، من يرشني بالماء أرشه بالنار!
أخافها فجأة وكأنها أكتشف معه ملامح وجهها الحقيق، تتلوى كالأفعى، هكذا و هي تسن أسنان الشر لماريا بليلة واحدة، وبعتمة داخليه تجعلها تتمهل في كل شيء، وتسير ببطء، دون اتجاه محدد؟
رِن هاتفها هلوا
إنها صوت أمها، أنعش السعادة في داخلها..

خاطبتها لماذا لم تصل بعد يا أمي، هيا تعالي بسرعة قبل أن يأتي إستيفن
أغلقت الخط، جلست في إحدى الكراسي المزينة بديكورها الوردي..
نظراتها ثاقبة في مدخل القصر، كاللبؤة جائعة، تنتظر فريستها بصبر واجم!
دخل سيارة إستيفن، هبط منها بعجل..
إستوقفته قبل دخوله في القصر..
خاطبته بصوت مرتبك إستيفن يا أخي..
و كأن زعاف الموت أقبل عليها يلتصق في قسمات وجهها القلقة، كم يتوهم..
لم يعجبه منظرها الغريب المثير الترقب و الخوف.

تكلم بعجلة. هل حدث شيء في غيابي، هل حدث شيء لماريا
ردت لا مهلا، ماريا بخير لم يحدث لها شيء، إلا أنها عرفت الحقيقة المرة! جعلها تلازم فراشها طوال الوقت و لا تريد حتى رؤيتك
سحقها كلامها كمدرات و أفلام ترتطم ببعضها، هل حدث ما كان يخاف منه، هل أخبرت إلينا ما فعلا معا بليالي عشق ساخنة! يا إلهي، لم يستطع أن يتمالك..
جرى نحو القصر، لابد أن يراها؟! يوضح لها. بأن ما حدث بينه و بين إلينا ليست كما يعتقد!

أوقفته إيسبيلا مرة أخرى
الى أين تجري!
رد بإنفعال
الى أين تظن، أنا أريد أن أرى ماريا
خاطبته
أنت حقا غبي يا أخي، إسمع ما سأقول لك أولا، ربما هي عرفت بشأن إلينا، و لكن هل ستخبرها أيضا بأنها حامل منك!؟
صدمه كلامها كالصاعقة، إنهار بلا شعور، نظر إليها بعينان تعانقان الموت
ماذا تقولين! إنها حامل! كيف حدث بهذه السرعة..

خاطبته هذا صحيح و لكن هل نسيت بأنها مصاص دماء مستأدب، الجنين في داخلهم يكبر بسرعة، حتى أن الدي حدث بينكما كان قبل ثلاثة أيام أو أربعة
غرقت العرق البارد من رأسه حتى قدميه، مصعوقا، يفهم بصعوبة ما يدور حوله، و لكنه لم يصدقها..
إندفع كالعاصفة بقرار لا تردده بعده..
تمنى أن كل هذا من إختراع إيسبيلا، كان فقط يريد أن يرى ماريا، أن يتلمس شعرها الأسود الحريري المرسل على ظهرها كشلال ينهمر من عَل!

أن يطبعها قبلة في فمها، يرى بشرتها الغجرية النقية، عينيها التي تُلِّح ببريق نحاسي..
وقف قرب بابها..
إشتد قبضته بقوه، تنفس بعمق مالئا رأتيه بالأكسجين..
قبل أن يدق الباب، أوقفته إيسبيلا، و ضعت في يده الأوراق..
نظر إليها. و يا للصدمة، إنها حقيقة، و كانت التحاليل تقول بأن إلينا حامل..

إنسحب من مكانه، دلف نحو غرفته، مكلوم خائف، حزين، حائر، لا يعرف ماذا يفعل؟!
و كانت لحظة مناسبة لإيسبيلا تبث سمومها..
خاطبته هذه الحقيقة يا أخي، يجب أن تنسى ماريا، بظهورك هكذا أمامها لن يساعدها
رد بيأس..
و لكن علي أن أراها..
خاطبته ماذا ستخبرها حينها، دعي الأمر لي، أنت عليك أن تتزوج إلينا، ليس هناك حل آخر
إنتفض من جلسته، يتفجر ححم بركانه الداخلية، و دخل الى الحمام، عاث نظراته على وجهه في المرآة.

تبا، أنا حقير! أنا واحد حقير لا يستحق الحياة، لقد جعلت تلك الفتاة حامل، هل يسعني أن أتزوج ماريا رغم ذلك!
جمع قبضته، و أهوى بها على المرآة حتى تحطمت و تناثرت شظايا ووجوها شوهاء..
اللعنة على نفسي. أنا لست رجلا، دائما أحل مشكلاتي بالهروب، سأخبر ماريا كل شيء و أعتدر لها، و يجب أن أتحمل مسؤولية تصرفاتي الطائشة..
لن يعيش ذلك الطفل بلا أب
خرج من الحمام...
متماسكا أعصابه.

و جد أمه في غرفته، جالسة قرب إيسبيلا على الأريكة..
خاطبها بغضب لماذا أنت هناك!
ردت
حبيبي إهدأ، أنا هنا لأجل حفيدي
إقتربت إيسبيلا على إستيفن، همست له
هيا يا أخي، إنها أمك، الى متى متى تعادينها، تصالح معها أرجوك بفضل حفيدها القادم
رد حسنا و لكن علي أن أخبر ماريا كل شيء
خاطبته كم أنت غبي يا أخي، ماذا ستخبرها! إنك تزيد حزنها فقط، دعي الأمر لي، سأخبرها
هز رأسه مطمئنا، و جلس قرب أمه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة