قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثاني والعشرون

لا أعرف متى و كيف جثا يوري طالبا مني زواجه، لقد مررت بهذا سيناريو من قبل
كلهم كذابون، خائنون، و لكن مددت يدي فقط لكي أغيض لا أدري، جميع من في منزل و أتباهى أمام إستيفن و إيسبيلا و أثير حقدهما، و أنا ألوح الخاتم بيدي بطريقة تقتلهم!
هذا كان نيتي في البداية، و لكني لم أتخيل أن يأخد المجرى مني الى مطاف آخر، فلم تكن هذه الليلة ليلة إعلان خطبة فحسب بل كان أيضا ليلة ستغير حياتي الى الأبد..

كنت جالسة في مائدة جميلة، الهواء الذي أستنشقه مفعم بالراحة، عندما دخلت فرقة موسيقية يحملون أدواتهم و يعزفون موسيقى ناعمة و هادئة و تبعها إمراتين رشيقتين يحملان ثوب زفاف كبير..
ماذا يجري! لم أصدق، ظننت أنني أشاهد فيلما لست بطلتها..
لم أعرف كيف سأواصل دور الشخصية التي إخترته من البداية في خوض هذه اللعبة الدنيئة!
و لكني متأكدة أنني لا أستطيع ان أواصل بإرتباكي هذه!

بتفجعي، بإرتعاب، الفكرة وحدها ترعبني، أن أتعلق بالأمل، ثم أقع فوق الهاوية و لا أعود بعدها ماريا، سأختفي بين دهاليز اليأس و الخيبة..
هل هذا ما يحدث حقا في عالمي وواقعي الذي تعودت فيه الخيبة..
و لماذا يحدث الآن، لماذا لم يتحقق من قبل، في زمن كان قلبي المسكين متعلقا به..
و اليوم يحدث بعد أن قررت أن أعدم بشريتي، أن أبدد الرحمة من قلبي، بعد أن تعهدت بالشر، بعد أن قررت أن أبيد العواطف من مشاعري!

ترى ماذا تخبئ لي المستقبل! و ما هذه اللعبة التي يلعب القدر فيّ..
كل هذه الأفكار كان تهاجمني لحظة التي وضعوني في ثوب الأبيض الذي يشكل كابوس بالنسبة لي بسبب ما حدث من قبل! حتى أنني تسائلت ما إن كان يلعب بي مثل ما فعل إستيفن!
و لكني، و كنت بلهاء ماريا دوما و لن أتغير! إستسلمت لتلك اللحظات الحالمة بكل طواعيه، و نسيت خططي و مشاريعي، و كل ما فكرت في الأوان الأخيرة..

أن لا أحلم، أن لا أتعلق بالأمل، أن أحقق إنتقامي..
كنت كمن لم يخطط للشر أبدا..
كنت أمامه بريئة، يتلألأ وجهي الذي تحول خلال هذه اللحظات الى خشطة طرية!
و عيناي، إنهما يتلألئان مثل جرو صغير! لطيف!
يا لها من تحول سريع، كيف قدرت ذلك!
لم يكن هذا نفاقا، كان نابعا من قلب ماريا البلهاء القديمة التي تتعلق بسرابيب الرومانسية!
كان وجهي و الأصح وجهها يشرق مثل ضوء الشمس، حتى تكاد تسع من في القاعة جميعا.

لا أعرف أكثرهم، و لكن ثمة وجوه لمحتها من قبل، في الحفلات الماضية..
ربما أصدقاؤه أو أقارب لا أعرف له، و لكن ليس هذا موضوعنا الآن..
موضوعنا هو موضوع النظرات المتبادلة، لقد عادت تلك النظرة الغبية في وجهي، نظرة التي تتحول الى يدين للإمساك به، و لابد أنه شعر بذلك، ليس هو فحسب، لقد شعر الجميع بشرودي به، خاصة و الكاهن يردد هل تقبل به! عدة مرات..
لم أفق من شرودي ليس قبل أن يطبع قبلة في فمي..

و أنتهى المراسيم، و تحولت الى شخص آخر، ليس ماريا القديمة و لا ماريا التي تلعب دور الشريرة، و رغم أن الماريتين في داخلي إلا أن ماريا ثالثة ظهرت في حياتي..
تلك المفعة بالأمل، و التي يضحك وجهها بإستمرار..
** ** **
ظننت بأننا سوف نعود الى القصر، و لكنني لاحظت أن السيارة تتجه الى مكان آخر ثم وقفت في مكان!
ما، و ترجلنا، و كان هناك طائرة في إنتظارنا
إنه لا يكتفي بدهشتي، كيف يفعل هذا!

قال لي و قد حواني بذراعه الطويل..
- أنا أستطيع أن أريك أشياء لم تتخيلها يوما..!
- هل أنت جني يا يوري! الجني الذي يستطيع أن يحقق أي أمنية!
- أنا أفضل من الجني
قبلني قبلة طويلة في وجنتي ثم إستطرد
- هل يستطيع الجني أن يفعل هذا!
لم أشعر الدموع التي تترقرق من فرط السعادة..
- لماذا تبكين!
- لم أشعر ذلك!
لامست ماء تسيل من وجهي و ضحكنا..

ركبنا الطائرة، إنها ليست أول مرة أركب به، و لكن طائرة خاصة كهذه بالطبع إنها تجربتي الأولى معها..
و كان هناك نادل بخدمتنا، كنت مثل قطة فوق حضنة بعد أن خلعت الى السماء، و نمت فوق صدره جعله يعتقد أنني لم أنضج بعد..
و نزلنا في جزيرة أخرى، إنها جزيرة ساحرة، و لكن بدت لي و كأنها مهجورة، ليس هناك سياح. لا أحد إلا المضيف الذي إستقبلنا بحفاوة، و بعض الخدم هنا و هناك..

رغم المنتجع الكبير، و المطاعم، و الأكواخ السياحية، إلا أنني لا ألمح أي زوار هنا..
تذكرني تلك الأفلام الرعب، حيث مجموعة من الشباب يأتون الى جزيرة مهجورة كهذا ثم يظهر
سفاح مجنون، و يقتل واحد تلو الآخر..
لاحظ الإرتعاب و عدم الراحة في وجهي، و قال
- هل هناك شيء لا يعجبك؟
قلت له بحزم..
- ما هو الغرض من إحضاري الى هذه الجزيرة المهجورة عمدا!

- هذه الجزيرة ليست على خارطة الأرض، إنها جزيرة خاصة تعيش فيها قبيلتي كما أنها ليست مهجورة
- ليست على خارطة الأرض، أنا أحذرك يا يوري إن كنت تستخدم هذه الرحلة لكي تعبث معي..
ضحك بوحشية، حتى توقعت أن يبصق رأتيه..
- إهدئي يا مارتي الصغيرة، أنت دائما تحولين الأشياء و ترتابين من كل شيء!
بسرعة إنحنى ليرفني بكتيه و يحملني الى السماء ثم يدور معي، و لكني تملصت به كطفلة مشاغبة. ، جريت..
طلب مني العودة..

و لكني جريت أكثر و ركضت، قائلة
أمسكني إن كنت تقدر!
لا أدري كيف تغيرت وجهه، و هو يطلب مني العودة سريعا، ظننت أنها مزحة منه و هو يقول
أقول لكي إرجعي، لا تعرفين ما يكون هناك!
و فجأة أصتدم بمجموعة ذئاب لاهثة و متوحشة، تخرج بين الأشجار..
إرتعبت، و ارتدت الى الوراء، و إذا هو دئب بلون الأبيض أمامي، شعرت بالمحاصرة
بين يوري، أين تركني!

ظننت أن الذئب الأبيض يهاجمني فجثوت مرتعبة إلا أنه تجاوزني، الى حيث تكون مجموعة من دئب..
نظرت إليهم و كأن حرب يوشك أن تقع بينهم، و لكنهم تفاهموا بنواح و نظرات، و
فجأة لا أدري كيف حصل..
تحولت المجموعة الى شبان وسماء، في نظراتهم القسوة و التعالي، و تحول الذئب الأبيض الى يوري..
قال أحدهم بخبث و قال
شممنا رائحتها من بعيد، لديها نكهة فراولا برائحة حفلة شواء..

عرف يوري ما يتحدث عنه، فمنذ زمن بعيد شممني هو أيضا و هذا ما قادني إليه على ما أظن إن رائحتي تجد مخلوقات الظلام كلهم..
عرف يومها أنني لست بشرية عادية..
أحقا ما يقولون..
تسائل أحدهم..
- من تكون هذه الجميلة يا يوري!
- إنها زوجتي!
- تبا إنها لذيذة..
ومض عيني يوري، فقال الشاب مرتبكا..
- آسف لم أقصد ما قلت..

بدا و كأنه القائد لهذه المجموعة، فقد لوح لهم، و هرعوا جميعا الى الغابة بعد أن تحولوا الى دئاب، و كأنها فعل سحر، فهو لا يحدث كما أرى في الأفلام حيث يتحول الإنسان ببطء الى دئب، تتحول عضلات يديه و رجليه، ثم تظهر بالمنقار ثم تتقوس الظهر..
ليس شيء كهذه حدث أصلا..
كما رأيت يبدوا أنهم لا يتفقون مع يوري، و لا يحبونه، ربما يعود السبب على أنه هجين!
مضينا يومين هناك و كأنه حلم لا يتكرر..

طاردني في البحر، و أكلنا السلمون في الشاطئ، و راقبنا النجوم
بالفعل قمنا بكل شيء هنا..
و قد حان الوقت للعود ة، و رغم أنه صار زوجي و رغم أنني أحبه إلا أنني لم أشعر بشيء مختلف تجاه يوري، قبل أن نخرج من القصر كان سيدي و أثناء عودتنا الى القصر لا يزال سيدي
أسألته بريبة أثناء عودتنا بالطائرة...
- هل أصبحنا حقا زوجين!
اومأ لي مؤكدا
- أنت زوجتي الآن..
- ماذا عن إيسبيلا، هل قمت بطلاقها!

- ليس بعد، الإجراء لا يزال يجري، آخر جلسة الطلاق سوف تجري بعد يومين..
- هل أنت متأكد
أخرج الورقة من جيبه
- هذا تؤكد، سأتطلق منها بهذا التاريخ!
سألته عن أقاربه و أخته، كيف سنخبرهم..
أجاب دونما إهتمام
- كل شيء في أوانه..
نزلت الطائرنا، ركبنا سيارة كانت بإنتظارنا و أنطلقت بنا الى القصر، في حين كان سائقه ينظر إلينا في ريبة..

عندما رجعنا الى القصر لم يكن هناك أحد يشك بنا، لقد كان الجميع على طبيعتهم، و لكن تسائلوا أين كنا طوال يومين كاملين..
و تركت ذلك في خيالهم، و لكن ليس شيئا جديد ا، إنهم يعرفون تلك العلاقة المشينة بيننا، و لكن لا أحد يتخيل أنني أصبحت زوجته، و أنني الآن سيدة الجديدة في هذا القصر..

أول ما قمت به بعد أن وثبت على قصري، بالطبع يحق لي من الآن أن أقول قصري و أتصرف فيها كيفما أشاء، طلبت من احد خدم الرجال أن يحولوا أشيائي الى الغرفة الأخرى، غرفة يوري..
يوري ليس موجودا، إنه لا يعرف ما أفعل، سأجعل هذا مفاجأة جميلة!
رتبت ملابسي في خزانته، و يا لها من غرفة..
إنها أوسع من غرفتي بعشر مرات، كما أنه لديه حمام بحجم الصالون..

حدث أن إعترضت طريقي ألينا مرة أخرى، و يبدوا أنها لم تتعلم شيئا من الدرس السابق
لاتزال ترى أنني ليس لي الحق بهذا التصرف..
قالت بسخرية و هي تنظر إلى من بعيد ذون أن تتدخل..
- أتحسبين مضاجعة أخي تجعلك سيدة القصر!
كنت أريد أن أكسر كلامها و أقول لها ما حدث في هادين اليومين و لكني تدكرت كلام يوري
كل شيء في أوانه كل ما يهم الآن هو يوري، أنا لا أريد أن أفعل أي شيء سيفسد علاقتي معه..
و هكذا أجبتها ببرودة..

- بدلا من أن تصب جهدك فيّ و في أخيك، حول جهدك هذا الى إستيفن!
إنفجرت بغضب، و صاحت بجنون، و توقعت منها صفعة أو ضربة أو أي شيء تترك لعنان نفسها، و لكن حين لمحت أخوها إستخدمت معي تلك الأساليب القديمة..
فرمت نفسها على الأرض، باكية، و هرع أخوها بقلق فهي حامل و ربما تأدت..
فقالت بوجه البريء نفسه الذي أستخدمها لشري
- قلت لها بأنه لا يصح أن تتحول الى غرفة أخي، فأنت لم تتطلق من زوجتك بعد و لكنها دفعتني!

طلب منها الهدوء ثم نادى ميرنا و أخدتها الى غرفتها
أردت أن أقول لها بأنها تكذب، و لكنه لم بعطيني الفرصة، فأمسك ذراعي بغضب و جرني الى غرفته قائلا بهدوء يباغته العتاب
- تحولت الى غرفتي، ذون أن تخبرني يا ماريا!
- آسفة يا يوري، أردته لمفاجأتك!
- ألم أقل لكي بأن كل شيء سيجري في أونه، لماذا تتعجلين!
و نادى الخادم، ليعيد أشيائي بأدراجه، تحاملت، أنا بالتأكيد لن أدعه يرى دموعي!

هرعت الى الحديقة الخلفية، و سالت دموعي بغزارة..
ها أنا حزينة بعد يوم واحد من زواجي!
و لكني أقسم أنني سأنتقم من تلك اللعينة أخته، اقسم أنها سوف تبكي و تنهار و أقف فوقها ضاحكة، سترين يا ألينا!
أحدهم يربت كتفي، إستدرت إنه يوري..
قلت ببرودة
- ماذا الآن، هل ستعيدني خادمة المنزل كما أعدت أشيائي الى غرفتي!
- لم أعيدها الى غرفتك، فتحت لكي غرفة جديدة، كانت لأمي و أبي!

وجدت الإبتسامة سبيلها الى شفتاي المكورتان، وأردف
- كانت مغلقة لزمن طويل، حتى أنني لم أسمح لأحد أن يفتحه بعد رحيلهم، إنها المرة الأولى التي أفتح لأحد!
إحتضنه بسعادة، و كنت أقبله عندما ظهر إستيفن أمامنا..
بدا كأنه أصيب بصاعقة..
و لكنه تمالك نفسه فهو ليس لديه الحق بالغيرة بعدما فعل بي، تراجعت خطواته الى الخلف و تركنا نكمل أين تركنا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة