قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثامن

كان بريق الأمل يتلألأ في عيناي الداكنتان، أدندن في سري بكلمات الحب، و قد شقت السعادة و البشاش طريقها في قسمات وجهي، كان كل شيء واضح في حركاتي و مشي و إنهالي في العمل و الإنهاك منها ذون ضجر أو ملل، لا أتذمر في أي شيء و لا أشكوا من التعب بل صرت أخدم الجميع برحابة صدر و الإبتسامة تمتلك ملامح شفتاي الرقيقتان، نعم إنه رقيق حقا بعد تلك القبلة و بعد تلك اللمسات الدافئة من يد إستيفن، كم هو ساحر ووسيم، أشعر بأن عاصفة أخرى عاطفية حلت بي و لا أستطيع أن أنكرها أنني بت أشعر شيئا تجاهه و لا أستطيع أن أصفها إنها مختلفة تماما عما شعرت من قبل إتجاه يوري، إن ما أشعر تجاهه أشبه بالحصول على كل شيء تتمناه في هذا العالم، تتمثلك السكينة و الطمأنينة و الهدوء و الإنشراح في الصدر، حقا لا أعرف كيف أصفها! إنها تفوق وصفي..

لحظات بزغت ميرنا و تبعتها هاني و إمرأة غريبة أمامي في المطبق!
لفتهم ملامح وجهي الشارد، و دندنتي و كأنني غبت في عالم الحب و السرحان..
كنت أقوم بتحضير الغذاء رغم عدم وجود الجميع إلا إلينا و الخدم..
رمقتني المجهولة بخلسة ذات ملامح وجه قبيح مختلف في تقاسيمه، ثم همست في أذن هاني التي جالت عيناها في زوايا المطبق..
همسة، هل هي تلك الفتاة!
هزت هاني رأسها و قد علا وجهها المدور الشحوب..

إفترشوا على المطبق، و أنهمكوا في جدلهم و ثرثرتهم الفضفاضة الفارغة، لم أهتم..
أعددت صينية لألينا فسوف آخدها في المكتب كالعادة حيث تقضي جل وقتها هناك..
يخامرني فكرة البكاء بمجرد أن أتذكر ليلة البارحة، مسكينة هي! لقد كان يحتضنها حالة من الحزن التي لا توصف! فأحيانا حب إنسان معين قد لا يكون نصيبنا..

أشفق عليها! في الواقع الحب يُرينا الأمور حسب مقاييسه الظالمة غالبا، فلا عدل في أحكامه، تحزننا الوحدة فيتملكنا هاجس غريب، و نجازف في حب إنسان إحتمال الخسارة فيه كبيرة!
مسكينة ألينا، ذلك الحبيب الدي يبكيها و يعبث بمزاجها، ليس معنيا بوجعها، حتى أنه لا يدري بأنها تهدر زمن أنوثتها الثمين في حبه!
تبا، الى متى صرت خبيرة في أمور الحب!

توجهت الى المكتب، أجر مائدة صغيرة ذات عجلات تحمل صينية الغداء! كم هي طريقة كلاسيكية فرنسية..

أحيانا أسأل نفسي كثيرا، روتينية حياتهم أشبه بكثير بروتينية حياة البشريين، الكل لديهم طموح مستقبلية، ينهضون في الصباح، ينامون في الليل، يأكلون طعاما عاديا في المائدة، حتى أنني لا أراهم يشربون الدماء! أحيانا أشعر بخدعة غريبة و كأنني في فيلم غير حقيقي لو أن يوري تنم قسمات وجهه وحش مرعب عندما يتغدا في دمي بنشوة عارمة! و إيسبيلا مثل لبؤة تشحذ مخالبها يوميا في إنتظار ساعة التي تنقض في على أنني فريستها!

لولا هما لما شككت عائلة أكوادور أبدا!
تسللت كقطة الى المكتب، تجرني خطاي الى مكان جلوس ألينا..
كانت تضع رجليها الطولتين ببعضها، رمقتني بخلسة تحت نظارتها و لكن سرعان ما سرح نظرها في كتابها..
الصمت تسود المكان، سكنت عيناي لبرهة نحوها، تتصرف و كأنني غير موجودة..
طريقة جلوسها في الأريكة، هدوءها، نظراتها الثابتة على الكتاب، زم شفتيها، فك مطبق! كل هذا يشعرني بعدم الرحاب..

وضعت الصينية على الطاولة أمامها، و قفت أمامها يخامرني توتر غريب!
خاطبتها هل أضع لك السكر في العصير يا آنستي
نظرت إلي بإستعلاء، رفعت ذراعها، و حركت أطراف أصابعها بإزدراء أغاظني، تشيرني بالإنصراف..
قلت لها بهدوء أستعطف بقلبها هل أنت غاضبة مني بشأن تلك الليلة، أنا آسفة حقا لم أقصد...
قاطعتني بتجهم لا تتصرف و كأنك هزمتني يا ماريا..

لوى فمها بسخرية ربما يكون إستيفن ينزاح الى جانبك الآن و لكن لن يطول الأمر حتى يكون ملك لي وحدي
تسمرت في مكاني بصمت
وقفت أمامي، جالت عيناها بإزداء في تفاصيل جسمي، تسللت بين شفتيها ضحكة.

خاطبتني برقة يشكل العواصف رثة كالزمن، أنظر الى نفسك جيدا، و أنظر إلي جيدا، هل أبدوا لك شحادة مثلك رخيصة تبيع جسدك بكل سهولة و تتبع الرجال كما يتبع الكلب الجائع رائحة الأكل، إذن أنت تعرف من تكون سيدة إستيفن المستقبلية و من تكون عشيقة للرغبات العابرة...
إجتمع الدموع في عيناي، يخامرني فكرة البكاء، جرحتني بشدة!
علا وجهها حزن دقيق! قطبت حاجبيها..
ببطء شديد إنحنى رأسها لتستقر عَلى كتفي و حضنتي بدفء.

أنتي مسكينة! أشفق عليك! تقدم الكثير من الخدمات مقابل قليل من النقود!
خاطبتني بسخرية بينما يتحرك يدها في ظهري برقة و حنان!
إشتطت غضبا فدفعتها لتفترش لحافا على الأريكة، إنعرجت على الباب و هي تضحك بهستيرية مجنونة!
توجهت الى المطبق أسرع الخطى، أتمتم بغضب كلمات مبهمة منخفض لكي لا يسمعه أحد اللعنة، وقحة، ماذا تظن بي..

وجدت هاني و ميرنا و صديقتهما مازالوا هناك، ينهمكون في ثرثراتهم الفضفاضة، سمعت إسمي صدفة، تسمرت في مكاني..
- ماريا مجرد قحبة صغيرة و الرجال في المنزل يتبادلون الأدوار عليها!
- حقا إستغربت كثيرا عندما رأيتها اليوم، فتاة صغيرة لديها ملامح بريئة لن تتوقع أن تكون بهذا العهر و النجاسة
- هي يتيمة، لو كان لديها أهل كان ممن الممكن أن يوقفوها! و يضعوا لها حدا في تصرفاتها الشهوانية!

- تخيل بهذا العمر الصغير نامت مع رجلين، ماذا سيحدث بعد سنوات، تذوب و تتراقص مع الخمر في بيوت العاهرات و ستتغاضى أجرا كبير بجسدها الطري البرونزي الدافيء!
- يا للقرب، من الأحسن أن تُمارس دعارتها خارج قصرنا! فأنا لن أتحمل حتى الأكل معها بعض اليوم!
- هؤلاء البشريين ليس لديهم شرف و لا كرامة مثلنا! يبيعون روحهم و جسدهم بكل سهولة مقابل المال!
...

ما أن وقعت كلماتهم في أذني حتى أصبت بحالة هستيرية إتهموني بالجنون و التخلف و الغباء..
صوتي عال في عصبية و نرفزة..
أشتم و أتفوه باللعن و ألفاظ لا أعرف من أين تأتي..
اللعنة عليكم جميعا، تستغلون الإشاعات بصورة وقحة، تنتهكون بسمعتي و تقدحون شرفي تحت مسامعي، سأنال منكم و تستطيعون الوثوق بي بهذا الصدد، لن أرحمكم! أيتها العاهرات!، الخ
كان شجارا عنيفا دارت بيني و بينهم، إنعرجوا على الباب..

أبتلع ريقي و أحس بعيناي تزوغان، ثم إنتفضت منهكة لأجلس على كرسي قريب و أنا أردد بغيظ. سأنال منكم، عاهرات!، الخ
تبا لهم، أخدوا كل ذرة سعادة في حياتي، كسروا سعفة الأمل مرة أخرى..
قلبي تتسارع دقاته كما يبدوا متعبا يائسا مهزوما..

كلهم كذابون منافقون، يضحكون لي بكلمات معسولة في وجودي، لكنهم يكرهوني، يغتابوني في غيابي، يتهموني بالفسق و العهر، لأنني لست بالنسبة لهم سوى بشرية باعت روحها بكل سهولة، عبثوا بي و هزؤوا بشرفي..
لم أعد أشعر بكرامة نفسي بعد ما دقت اليوم من إهانات..
لم أعد أشعر حتى بجسدي
أنا لست عاهرة، تبا لكم.

ضحكت ضحكة كالبكاء و الدموع ينهمر مني ثم أردفت بنبرة حزينة أنا مازلت عدراء، أنا لست عاهرة، أنا مجرد إنسانة تبحث الحب و الإستقرار لكي أعطي بسخاء، تبا لكم جميعا، كيف تقدحون بشرفي بهذه السهولة.

لحظات مرت، إعتدلت بجلستي، نشفت دموعي، كففتها براحتي لا لن أسمح لهم بتحطيمي، أقسم أنني لن أتركهم هكذا، سأنتقم لجرح كرامتي و إهانتي و أديقهم نفس الكأس الدي دوقوني، لن أرحمهم!
أكملت عملي في تنظيف المطبق و ترتيبها حتى العصر..
ذهبت الى غرفتي و رغم التعب الدي يحل في جسدي هرولت الى الحمام أستحم، آخد حمام ساخنا، أسدلت شعري القصير الفحمي على أكتافي..

غيرت ثيابي، كلها معدومة الألوان! إنني حقا رثة الزمن كما تقول عني ألينا، تلك الوقحة، لبست غير مهتمة بهندامي..
خرجت الى الشرفة، سكنت عيناي لبرهة نحو اللاشيء و كأنني أستعيد بعضا من جروحي اليوم..
لمحت سيارة يوري سيارة فيراري كلاسيكية أسود، يعبر البوابات
لم أتحرك ساكنا و كأن شيئا لا يعنيني!
خرج من سيارات، شعره الأسود متموج و مصفف بطريقة أقرب الى الفوضى منها الى تنسيق كالعادة..
نظر الي من تحت..

تنم قسمات وجهه ملامح الغرور و الغلظة..
توجه الى داخل القصر يسرع الخطى، و لا أعرف لم شعرت بأنه متجه نحوي..
مرت دقائق، بزغ أمامي فجأة..
أطلق زفرة قوية مثقلة بالغضب، عيناه يتطاير منهما الشرر، و كأنه يتحين الفرصة لإعتلاء العرش و فرض السلطة بالصورة التي يريده..

كانت خطواته صامتة منزلقة، مهابة، متجهم الوجه، مقطب الجبين، نظراته الكسلى الى شعره الفوضوي الكثيف الدي يتوج رأسه، كل شيء تقريبا يذكرك بذلك الحيوان العظيم ( ملك الغابة )
رغم كل شيء حملقت بتحد بعيناي الواسعتان، و صحت بعصبية
ماذا تريد؟!

هب على فجأة كحيوان نرجسي و ثبتني بكل قوته على الجدار، متمسكا بكتفاي النحيلتان بقبضته الفولاندية، قوي البنية، عريض الصدر، مفتول العضلات، ملامحه تفيض بالشر، وجهه يدل على رصانة و ثبات..
خاطبني بهدوء يشكل العواصف ألم أقل لك من قبل ان تبتعد عن إستيفن، لا تدفعني الى تأديبك!!
قلت بثقة أغاظته لماذا!؟ ألا يشرع لي أن أستدفئ بحب رجل مثل ما تستدفئ بحب أنثى، لقد كنت ليلة البارحة مع زوجتك! و أنا مع حبيبي!

إنهال ضربة قوية على الجدار جعلها تتناثر علي..
قل مرة أخرى حبيبي و ستكون الضربة الثانية على وجهك
إرتفعت أجفانه حتى بدت حدقتا عينيه الرماديتين كالمجنون..
تسارع نبضات قلبي في بركة من الرعب، و أرتسمت ملامح الإندهاش و الإرتباك على وجهي، توسع عيناي بصمت!
ما هذا الجنون الدي تملك يوري فجأة عندما قلت حبيبي!
هل يعقل بأنه يغار حقا علي من إستيفن! ما هذه المهزلة! إنه رجل متزوج أم أنه نسي ذلك..

دققت ملامحه، نظرت إليه، قسمات وجهه توحى بالألم و الحسرة..
إبتسمت في داخلي، هل يحبني يوري! ما هذا الجنون؟! لماذا أبتسم و كأنني أستلذ و أجد متعة في هذا النوع من العشق الجنوني
أي عشق هذا!، هل حقا يكون الرجل قاسي مع الأنثى التي يحبها!
قلت له بلا خجل هل تحبّني يوري، قل لي
بدأ التأثر جليا على قسمات وجهه، أفلتني من قبضاته التى كانت تثبتني بقوة على الجدار.

رد بسرعة بنبرة مرتبكة أيتها المجنونة، ماذا تقولين! بالطبع أنا لا أحبك، مالذي تهدرين اليوم و كأنك سكرت بعقلك الضعيف، غبية
أدار حدقتي عينيه الى مكان غير وجهي..
بدت على وجهه علامات الخجل، و بدت على قسمات وجهي ملامح الصدمة و الإندهاش!
لحظات إنبثقت إيسبيلا في الشرفة فجأة..

متجهمة كالعادة، فحتى لو حافظت على وجهها المتجهم بتقاسيم وجهها تكشف تفاصيل إمرأة ذات إنجازات رجالية الطابع، تتدلى السيجارة من بين شفتيها الغليظتين طوال الوقت، تعاني اللهاث من أجل مزيد من الإنجازات و الطموح، يتملكها الجشع و الأنانية..
صاحت بعصبية و نرفزة في وجه يوري..
لقد كنت أنتظرك في المركز التغدية، ظليت أنتظر و لكنك لم تأتي
مشى ببرودة أمامها و إنعرج على باب الشرفة
لحقته و هي تصيح خلفه بغضب.

اللعنة عليك، لا تتجاهلني هكذا، أقسم أنني لن أتحمل هذا رغم أنني تغاضيت ما فعلت بي ليلة البارحة..
سحقا، إسمعني أيها اللعين!

تتبعت خطاه و هي تصيح خلفة بعصبية و نرفزة..
هو واصل السير..
تقدمت إليه، لحقته، أمسكته، شددت ذراعه، وقفت بجواره، كتفه يلامس كتفها، نظر إليها بتهكم، ملامحه باردة!
رمقته بنظرة إزدراء
همست في إذنه ألهذا الحد تهمك تلك البشرية
دفع يدها بعصبية
إستدار يواصل السير بخطوات سريعة تجاه غرفته، لحقته بسرعة داخل الغرفة، لطمت الباب خلفها، مظهرها كالح من العصبية..

حدقها بعنف، وقف أمامها بثبات، خاطبها بقوة لا تفتحي معي ذلك الموضوع مرة أخرى، فأنا لن أوافق أبدا!
رفعت إيسبيلا حاجبيها، إبتسمت بخبث
ردت بسخرية لماذا، هل لأنك تحبها، تلك الوضيعة
عبر يوري قسمات وجهه عن الإنكار، أشاح وجهه، تنهد بقوة، خاطبها لماذا تقولين ذلك! كم مرة قلت لك بأنني لا أحب ماريا..
قالت له بإستخفاف اذن لماذا ترفض!

و لماذا تحوم حولها، هل أبدوا لك ساذجة يا عزيزي، أنا لم أعد أريدها في قصري! يجب أن تتخلص منها بأسرع وقت!
رماها بنظرة إستنكار و ربما إستفهام..
رد بإنفعال مستحيل، قلت لك مستحيل! هذا قصري و لن تخرج ماريا الى أي مكان، أتفهمين يا إيسبيلا..
و كان ملامج يوري تنم على الجدية و التحدي..

إختلجت مشاعر إيسبيلا و لم تعد تتصرف بشكل سوي. ، تقطب حاجبيها، و تتكرر معدل طرف عينيها الباهتة، إنحنى رأسها المثقل، تحدق نحو اللاشيء
تبدوا إستحوادية و غير سوية بعينها اللتين يزوغان كأنما باغتتها وعكة مفاجأة، نالت الإرتعاش أطراف أصابعها التي بأت تمسحها في رقبتها كأنما علق بها شيء..
و ظهر أنيابها الحادة، و بريق في عينيها
ثم تسللت ضحكة في شفتيها الغاضبتين، بدأ تتمتم قبل أن تنطق الحرف الأول.

أتعلم شيئا يا يوري، أنا جائعة
وأختفت كسرعة البرق، سرعة كالريح تخدع العيون، إنطلق يوري خلفها، و أمسكها بكل قوته قبل أن تذهب الى ماريا و تقتلها..
إهدئي يا عزيزتي، حسنا سنفعل ما تقولين!
سرعان ما تراجع الجنون عن إيسبيلا حتى بدت السعادة تملأ قسمات وجهها، و بدا الضوء يختفي من عينيها اللتين كانتا تبرقان كالأسود في الليالي..

أكثر شيء يخيفه يوري هي إيسبيلا التي تكون قد غرست أنيابها في رقبة ماريا و نشفت كل دمها بكل نشوة، كم كان يراوده تلك الكوابيس التي تكون ماريا جثة هامدة، باهتة اللون كالثلج! و إيسبيلا واقفة أمامها تبحر بدمها!

يبدوا أن ما يخافه سيتحقق إن لم يستجب لطلبات إيسبيلا الجشعة، و لكن ما هو؟! تلك الطلب التى تخص ماريا و الذي كان يرفض يوري بكل عنف قبل أن يخضع لرغباتها! بمجرد التفكير ما سينتظر ماريا تخيفني حتى أنا! ماذا يكون يا ترى!
لماذا تفعل إيسبيلا ذلك!؟ جشعا للمال أو رغبة للإنتقام!
ماذا كان تلك المقولة التى كانت تردد دوما، آه، من يرشني بالماء أرشه بالنار..
حقا فالتسامح كلمة غريبة في قاموس النساء!

رجعت إيسبيلا في مركز الصحية و التغدية لمصاص الدماء، سعيدة مبتسمة، من الواضح أنها تموت من السعادة عندما إستجاب يوري لطلبها، نظرة عينيها اللامعة، و الإسترخاء في قسماتها و حركاتها رغم ملامح وجهها الغليظ..
توجهت الى المكتب تسرع خطواتها الثابتة، إقتحمت نحو ضجيج و تذمرات تتباين و يعلو في غرفة الإجتماع، غرفة مظلمة إلا من بصيص ضوء خافت
كانت ملامحها رصينة و صوتها عميق و هي تخاطب الجميع.

إسمعوني يا سادة، كل شيء سوف يحدث قريبا!
إرتسمت ملامح الدهشة في وجوه الجميع..
تسائل أحدهم بنغم عدائي
هل أنت متأكدة بأنها هي!
نظرت اليهم يشيء من الثقة التى لا توحى ملامحها المتجهمة المنكر تحت وطأة خوف من يوري! هو بالطبع لا يعرف ما تخطط وراء ما قالت له البارحة و اليوم!
رددت عليهم بثقة نعم بالطبع، و ستنهي جميع مشكلاتنا
بدت على وجوههم علامات الحماس و الشغف..

تكلم رجل أنهكته السنين، و بيضت شعر راْسه حتى الثمالة، مع أن جميع من في القاعة رجال كبار و مسنون
خاطبها بهدوء و رزانة أتمنى أن تكوني صادقة، فما حدث قبل سنوات مع أخيك لم يكن في صالحنا
إنتفض من جلسته رجل سمين دحداح أصلع الرأس و قال لإيسبيلا منفعلا لقد نسينا الماضي، و لكن إن تكرر مرة أخرى لن نسكت لك، نحن بحاجة الى دم نقي حتى يتجدد عروقنا مرة أخرى
إقتحم الضجيج قلعة الهدوء..

أقلقها جو الصخب، إنتفضت مرتعشة، و كأن البحر تبخرت مياهه..
ظهر ملامح إيسبيلا قليلا من الإرتباك سرعان ما تحلل الى ثقة، فأردفت تقول إهدئي أيها السادة، أنا متأكدة بأن كل شيء سوف يجري كما خططنا، صدقوني
رد ذلك العجوز السمين بكل إستخفاف يجب أن تعرف أن الإخفاق في هذا لن تكون لصالحك لأنك سبق و تزوجت هؤلاء الذئاب الهمجيين الذين لا يردعهم قانون و لا شرف، أنت حقا مهددة بالإستقالة من المنصب!

كتمت إيسبيلا غيظها من ذلك العجوز النتن، و تمسكت بموقفها بالصمود و الجرأة كالعادة، لم تعقبه و تركته يستخفها و يهددها، رجل حقير ميال للسخرية اللادغة
خرجت من القاعة و في قسمات وجهها كثير من الشرود و كأنها تبحر في ذاكرتها..
سأستعيد منصبي السابق، و سأصبح ( تفطن ) رئيسة رؤساء العالم السفلي
ضحكت بشراسة و سأتخلص من تلك الوضيعة، عصفورين بحجر واحد.

توجهت الى البوابات و طلبت في طريقها أكياس من الدماء، لأنها سوف تحتفل الليلة بنجاحها القريب، و ستتخلص من ماريا بينما ستستعيد منصبها السابق! ملامحها تفيض الشرر و التخطيط!
ماذا سيحدث لماريا يا ترى! مسكينة، ربما علينا أن نقوم بتعزيتها في أيامها الأخير في القصر!
...

كان يوري يتأهب للنوم، شارد و مضطرب لأنه يعرف بأنه سوف يضحي بماريا قريبا، يجب أن أضحي بها لأن إيسبيلا لن تتركها، ما سيحدث لماريا أهون عليها من الموت، و لكن الجيد أنها لن تموت! رغم الآلام التي سوف تقاسيه، يا إلهي كيف يمكنني أن أكون بهذا القسوة! أشعر أن إيسبيلا تذهب ما تبقى من شفقتي و رحمتي للبشرية، إنها إمرأة باردة، لا أعرف كيف طاوع قلبي بمحبتها من قبل، إنها تسيطرني تماما بعقليتها القاسية و الباردة، يجب أن أفعل شيئا، يجب أن تخرج ماريا من هذا قصر يوم الحفلة، لن يلاحظها أحد، سأنقدها و سأكون بطلها، ستشكرني..

تفاعل مع أحداث بطولته المستقبلية بينما تدفق الدماء في وجنتيه و هو يتخيل ماريا تحتضنه و تشكره و يكون في عينيها بطل الأبطال لا مثيل له..

نعم ماريا سوف تحبّني، يا إلهي ( ضرب رأسه بغباء) ماذا أقول؟ أنا غبي حقا! متى أصبحت أهتم بلفت نظرها، أنا فقط أستمتع بها كأي غداء له طعم لذيذ! العشق الذي يكون بين سيد و خادمته يكون غريبا نوعا ما، و لا أظنه حدث في هذا الزمن و غيره! و لكن ماذا سيحدث إن عشقتها فعلا، شفتيها الطريتان، جسدها الصغيرالطري، أنوثتها البريئة..

تململ فوق فراشه، و هو يغوص في عالمه الرومانسي، تُكوَّر على نفسه، شد الغطاء ليستر ما تبقى جسده للمرتعش، إستثارت شهيته، و برز عضلات وجهه و أنيابه عاطشة للدم ماريا الدافئ..
إنتفض من فراشه بحماسة..
سأذهب إليها، لا أستطيع أن أتحمل، أحتاج الى دمائها الساخن الذي يجري في عروق تلك الصغيرة.

توجه بثقة و بخطوات رزينة الى غرفة ماريا في الطابق العلوي، بإمكانه أن يختفي بسرعة كالبرق و لكن هذه القوة تهدر كثير من الطاقة! لم يحتج! مشى بهدوءه
تسلل في غرفتها..
وصلته همسات، إختلس النظرة من فتحة الباب..
وجد إستيفن بجانبها، إستثار غيظه، لم ينتظر كثيرا..
دفع الباب بقوة، عابس الملامح، متجهم الوجه، مقطب الجبين..
تكلم بنغم عدائي ماذا تفعل في غرفة ماريا
إندلع الدهشة في قسمات إستيفن..

تنهد بإستفهام بأي حق يجعلك تسألني؟!
إشتاط يوري غضبا سرعان ما تحلل الى تعبير عن غضبه..
إسمع، لا أريد الإشتباك معك و لكن لا يعجبني هذا الوضع، أصبح الجميع يتحدثون عن شرفها بسبب تسللك في غرفتها ليليا!
نظره بسخرية من طرف عينه اليمنى، تسللت ضحكة بين شفتيه الساخرتان، ثم هتف آه، و أنت هنا كحارسها!
بادره يوري بإنفعال، يمسك قبضات يده كأنه على وشك أن يضربه
تأدب معي أيها الطفل! و إلا..

قاطعه إستيفن بكل إستخفاف ينظر إليه مباشرة في عينيه و إلا ماذا يا يوري، تضربني لأنك تريد ماريا لنفسك
دخلت ماريا بينهم، تحاول ان تلطف الجو..
تستأنف الموقف بشكل مروع إذهب يوري، أنصحك بالرحيل مما أدى الى شجار حاد بين يوري و إستيفن، ما أبشع غيرة الرجل فهو يؤدي حقا الى عرصات الموت!
ثم تحول الشجار الى فوضى عارم و تبادل باللكمات، نواح ماريا، إحتكاكات، شتائم، تذمرات يعلوا ضجيجها، يوقط الجميع..

أصاب ماريا الإرتباك و انتفضت مرتعشة و هي لا تعرف ماذا تفعل! و كيف تتصرف! تخاف أن يؤدي أحدهم الآخر..
حتى ظهرت ألينا، إنبثقت أمامهم فجأة، و صاحت بكل قوتها ماذا تفعلون، توقفوا
خجل يوري من أخته و توقف بسرعة، لقد كان متمسكا بشعر إستيفن الذهبي الطويل و التي أصابته صداع حاد، و كان إستيفن متمسكا بطرف قميص يوري يحاول أن يسدد ضربة قبل أن تظهر ألينا فجأة أمامهم..

وقفا الإثنان بغباء، نظرت إليهم ألينا بإزدراء و شفقة عليهم، تتذكر كيف كانا يصارعان بعضهما في الثانوية، إنهما لا يكبران أبدا
رمقت بخلسة لماريا، كم تكرهها و خاصة أن أخوها و الرجل الدي تحبه يتشاجران بسببها..
كتمت غيظها، هززت رأسها، تحاول بيأس أن تدفع دموعها، علا وجهها الحزن و الشحوب
رمقتهم بحسرة قبل أن تشق طريقها الى الخارج مهرولة..
إنبثق يوري خلفها، يناديها، أختي، إنتظري، ليس كما تظنين، إنتظري!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة