قصص و روايات - قصص مخيفة :

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث

رواية خادمتي اللذيذة للكاتبة ميمونة كاليسي الفصل الثالث

بين إستيفن و يوري تختلج فيه مشاعري المضطربة المتشتته، تكللها غرابة عجيبة من جانبي، و من جانب أخرى تلك الأسرار المدفونة في القصر
أتأمل مشاعري تجاه يوري، فأحس لوعة حارقة تضرم أحشائي، إنني أحبه كثيرا، بل يزداد هذا الحب كلما أطلت بقائي في هذا المكان، كان لطيف جدا معي، يكللني بعطفه الدافئ..
أما إستيفن، لديه نظرات تحمل معنى، معنى لا أفهمها، غامض، لا يتكلم كثيرا.

و حين يفقس عبارات، إنما تكون عبارات باردة جريئة، تجرحني في أكثر الأحيان!
أما مشاعري تجاهه، فأنا لست متأكدة ما هو بالضبط؟ كل ما أعرف هو أنه ينتابني إضطراب حاد و نبضات غير منتظمة برؤيته، فأرغب بالهروب!
أو لعلي أهرب من إعتراف مشاعري تجاهه!
خرجت من غرفتي، و قد دنت الثريا للغروب، و كان يوم عطلة إختفى الجميع عن القصر، أما انا فليس لدي مكان أذهب به، و لا أنتمى هنا أيضا!

أنا روح ضائعة تقاسي الوحدة، قلبي يغالب فراغ عميق مهجور تنعق فيها غربان الوحدة و الكابة...
أكره نفسي التي تحترق أوصالها تجاه رجل يستمتع مع زوجته إجازة عطلة في جزيرة هاواي!
أمقت نفسي الغبية وقعت في حب رجل متزوج!
أمقت مشاعري المضطربة تجاه إستيفن!

كنت أمسح دموعي الحارة عن خدي بكفي الممتلئة حين خرج أمامي إستيفن و أنا أنزل من الدرج، نظرت إليه أقيس عيونه، إنها لا تحمل أي معنى للمودة و الشفقة، عيونه ثاقبتان تنظر إليً ببرودة.

. أبحر في الذاكرة، صباح أمس، في معمل الرسم، كان في عينيه بريق و سحر صعب عليَّ تخلصه..
عيناه زرقاوين باردين، و شعره لون ذهبي غامض منسدلان على كتفيه، ذراعين طويلتين، مولع بأقمصة البيضاء، و دائما يترك أزرار قميصه مفتوح من الأعلى!
لديه نظرة ثاقبة حادقة، يحب أن يراقب أكثر قبل أن يتكلم!
تجنبت نظراته كعادتي، و جاوزته خطوات..
فقال ألن تذهبي الى بلادك، إنه عظلة!
قلت ماذا عنك.

قال أنا أحب هذا المكان، و خاصة هذه الأوقات، عندما يساد الجو الهدوء! لا أحد يزعجني
قلت ببرودة لا تقلق، لن أزعجك
و مضيت في مشيتي حتى و صلت الى المطبق..
تمسكت عروة الباب قليلا، أتنفس الصعداء، تلك الإضطرابات الحاد زارتني مرة أخرى عندما رأيته..
لبثت دقائق حتى إختفي تلك الشعور الغريبة، التي جعلت نبضاتي غير منتظمة!
وفجأة دونما شعور، أغمضت عيناي و بدوت نائمة للحظة حين سمعت صوت غريبا!

فتحت عيوني، و بدأ الصوت يقترب شيئا فشيئا!
دارت نظراتي حول المكان!
و لكن لا أجد أحدا!
إنه مرة أخرى ذلك الصوت، صوت إمرأة، صوت غريب و حزين..
يقول إرحلي من هنا، بسرعة، الوقت ينفد منك! إرحلي
ظننت بأني قد أصبت بالجنون، أسمع الصوت، و لكني لا أرى أحدا!
صرخت بأعلا صوتي كالمجنونة من أنت! من أنت!
و لكن كالعادة، إختفت!

تناسيت الأمر. و لعلي أحتاج الى طبيب نفسي، يشخص حالتي، اسمع أصوات، أحب بشدة رجل متزوج، إشعر بالإضطراب على إستيفن! يجعلني بعض الأحيان أفقد التوازن، أتخيل أشياء غريبة!
خرجت من المطبق، و قد حلَّ ظلام الليل قبل قليل، مشيت على الردهة الطويلة بين الغرف، لا أعرف أين يقودان لي قدماي، إنعطفت يسارا، مشيت قليلا، وصلت نهاية الردهة..

كان هناك صورة كبيرة معلقة على جدار القصر العتيق، تبدو قدمية، ألوانها قد تزايلت و فقدت نظارتها!
تأملت، صورة إمرة باهرة ساحرة، عيناها رماديان عميقان كعينى يوري، الأنف القرنفلي الدقيق، شفتان رقيقتان، أشبه بأليان!
و لعلها صورة أمهم..!
و لكن شدني هذه الصورة التي تشبه زمن الجريح، تركت في محطة باردة تلقي الإهمال كروح في سحابة الضياع و الوحدة!

الرياح العاتبة تضرب النوافد ببعضها، و الستائر تتماوج كبحر غاضب، و الإنارة خافضة في الردهة، و كان الطقس شديدة البرودة، يشعرني بعدم الراحة..
أشحت وجهي عن تلك الصورة، و أتجه نظراتي العميقة الى البلورة الناعمة فوق المدخنة، إستهوتني بشكل غريب، جعلني أطيل النظر، تتحرك و كأن فيها أراوح جميلة تتماوج تحتها، شعرت كأنها تستحودني، أو أستحودها!

و في لحظة، سمعت صوت خلفي، تملكني الذعر، و أدرت وجهي ببطئ، إنه هو إستيفن..
ماذا تفعلين هنا!
وجه كالح مجدور!
بادرت بالإعتدار على الفور، أنا آسفة، آسفة، كنت
و لكنه قاطعني بنبرة باردة لا يجب أن تكوني هنا..
قلت و أنا أخشى أن يسمع نبضات قلبي المفضوحة حسنا، سأذهب.

أمسك كتفي النحيلة يهزني بقوة و قد لاح في وجهه نظرة مخيفة و جادة إسمعني، يجب أن لا تأتي هذا الجانب من القصر أبدا، و بإختصار لا تتجولي في القصر عندما يحل ظلام الليل، خاصة عند غياب الجميع
عن ماذا تتحدث يا استيفن!
ألم يخبرك يوري شيئا! ألم يمنعك...
قاطعته أنت تتصرف بغرابة! أتركني! فهمت! لن آتي! و لكن لماذا يجب أن تعاملني أنا وحدي بهذه القسوة! هل تمقتني الى هذه الدرجة!

هدءت نظراته، فقال و ثمة قلق حائر على وجهه ألم تفهمي، أنت لست بأمان هنا
قلت الشخص الوحيد الذي لا أشعر بأمان معه هو أنت! بصراحة أنت تخيفني! ترهبني! أتركني
بعد أن صراحته بكلماتي الغضابة الفضيعة، هرولت في الردهة، ثم صعدت الى غرفتي!
دخلت غرفتي مغلقة الباب ورائي، يداهمني نوبات قلق وحزن و كآبة، و خفقفان وصلت الى درجة المئوية..

إرتميت على سريري، منفرجة الساقين، نافدة غرفتي مفتوح، و صوت الريح قد إشتَّد، و لا آبه شيئا، حتى سمعت دقدقة..

شخص ما يدق بابي..
فتحت الباب، و أنفاسي متلاحقة، أبلع ريقي، لم أجد أحدا، خامرني خوف محيَّر و أرتسم الرعب صحنة وجهي، إرتفع حاجباي، و توسع عيناي الداكنتان..
خرجت أتفقد أحدا، مشيت في الظلام، ثم خرجت الى الشرفة، حيث وجدت هناك يوري جالسا كعادته، يكتاسه الوحدة!
قلت، و يخامرني سعادة عجيبة أنت هنا، يوري، لم تذهب!
يوري بنبرة هادئة لقد رجعت من الرحلة قبل قليل
قلت أين إيسبيلا، هل رجعت هي أيضا.

يوري لا، أنا وحدي فقط
قلت لماذا؟!
يوري أنت السبب!

و لوهلة توقف قلبي عن النبضات، كل شيء توقف، إلا الزمن، و ساد بيننا صمت دامت للحظات
إقترب مني، و همس في أذني
أنت سبب رجوعي، يا ماريا!

شخص ما يدق بابي..

ماريا
فتحت الباب، و أنفاسي متلاحقة، أبلع ريقي، لم أجد أحدا، خامرني خوف محيَّر و أرتسم الرعب صحنة وجهي، إرتفع حاجباي، و توسع عيناي الداكنتان..
خرجت أتفقد أحدا، مشيت في الظلام، ثم خرجت الى الشرفة، حيث وجدت هناك يوري جالسا كعادته، يكتاسه الوحدة!
قلت، و يخامرني سعادة عجيبة أنت هنا، يوري، لم تذهب!
يوري بنبرة هادئة لقد رجعت من الرحلة قبل قليل
قلت أين إيسبيلا، هل رجعت هي أيضا
يوري لا، أنا وحدي فقط.

قلت لماذا؟!
يوري أنت السبب!

ماريا
و لوهلة توقف قلبي عن النبضات، كل شيء توقف، إلا الزمن، و ساد بيننا صمت دامت للحظات.

ماريا
إقترب مني، و همس في أذني
أنت سبب رجوعي، يا ماريا!
أخد الوشاح من رأسي، و بدأ يفك أزرار فستاني، و كنت كالصنم، تخثر الكلام في حلقي، غطست في أمواج توتر بلا حدود، و جدمت عيناي من الحركة..
و حين فك زر أو زرين، توقف، و أنحنى فوق رقبتي، فشعرت بألم طفيف، كأنه يغرسني قليلا بأسنانه..
و بدلا من أن أقول له توقف، كنت أفحُّ كأفعى مشلولة..
و للحظة، تزوغ عيناي..
أفقد الرؤية ببطئ..
و كأني أدخل في غيبوبة..

ثم إنفلت عظامي و لا أذكر شيئا سوى أنني فقدت الوعي بين ذراعيه! و أن قواي تنزف مني.

إستيقظت في الصباح و أنا في أبخرة دماء متصاعدة، و روحي في كثافة تعب غير مسبوق!
و كأن الموت يضع ترتيبا في قراباتي!
تذكرت ليلة البارحة!
البلورة الناعمة، و صورة المرأة الأنيقة فوق الجدار!
وجه إستيفن المجدور، لمحاته المخيفة!
طلب مني أن أصعد الى غرفتي و أن لا أخرج!
كان حقا مخيفا!
و بعض لحظات، سمعت دقدقة مخيفة!
خرجت لأجد يوري!ّ.

يوري لقد كان لطيفا، إنحنى على رقبتي!
يقبلني! لا تلك ليست قبلة، بل عضة! عضة أشبه بعضة الدئاب!
لا أتدكر شيئا، سوى أنني فقدت نفسي!
شَّل جوارحي!
ذهبت الى الحمام، وكان التعب يتسلل إلي تدريجيا! مع ألم مباغت في عنقي!
أحس بعمق الجرح التي تركها يوري على رقبتي!
أعجز عن التذكر ما حدث ليلة البارحة بالضبط!
ثم شعرت بحزن شديد! أدركت بأنني أسيرة تحاول عبثا أن تهرب قدرها!

دخل إستيفن في غرفتي، و كان في سلوكي توترواضح!

كان متشنج الأعصاب، لا أعرف ما يثير غضبه الكاسح كاد أن يزلزل الأرض بصوته الصاخب
ما كنت تفعلين ليلة البارحة خارج غرفتك، ألا تعقلين أيتها الغبية، السادجة!
ثم أمسك يدي، و أنا أتحملق نظراتي تحت الأرض بغباء..
نظر الى عنقي، ثم قال لقد كان القمر مكتملا، هذا ليس خطأ يوري!
نظرت إليه بإستغراب ماذا تقصد؟! أنا لا أتذكر ما حدث لي بالضبط
قال بروردة من الأفضل أن لا تتذكر..
ثم خرج بهدوء...

كانت مشاعري مختلجة، و لا أعرف ماذا يحدث، أو ما أشعر!
أشعر بخوف شديد، أشعر بمستقبل مجهول ينتظرني، أشعر بسر مخيف!
أشعر بالوحدة، لأنني فقدت الثقة تماما من هم حولي!
تلك العضة فوق رقبتي، أشعر أنها ليست بحادث!
و تحديرات إستيفن التي تقلقني!
تلك الإضطرابات الحادة عندما أقابله! عندما ألمح نظراته!
ماذا عن تلك الأصوات الهامسة!
الصورة الغريبة في الردهة!

البلورة الناعمة التي بدت كأنها تستحودني، و تريدني أن أسبح في داخلها!
ماذا يحدث بحق الحجيم!

هل أتوهم كل هذا، أم أن هناك حقائق من ورائها!
و لكن عاجلا أم آجلا، سوف أعرف!، سوف أكتشف!
خرجت من غرفتي، و نزلت من الدرج!
متأنقة على زي الخادمة!
إنها علامة العبودية!
و لوهلة، أدركت أنني أسيرة تحاول عبثا أن تهرب من قدرها!
لم أدهب الى المطبق كعادتي كل صباح، لأنها عطلة!

و في العطلة..
لا أحد يبقي في القصر!
إلا أنا، اللاجئة المسكينة!
و لكني لماذا أبقي وحدي هنا، سوف أتمشى خارج القصر! جزيرة جلاجابوس الساحرة! سوف أراقب الطيور و أتنفس الصعداء! سوف أمشي على ضفة النهر، أراقب الحيوانات الزاحفة!
فكرة رائعة، سأتخلص من مشاعري المسمومة!

و لأول مرة أخطو خطوة خارج القصر مند أن أتيت هنا!
شعرت بفرح و إبتهاج شديد! نعم، عجوزة لارى الشمطاء ليست موجودة، و تلك متكبرة الأنيقة!
لا أحد يمنعني. أن أغوص في فرحي!
تلك العجوز كانت تصيح كل ما لمحتني قرب البوابات
إياك أن تخرجي يا ماريا
إيسبيلا تصيح:
إن خرجت، فأنت مطرودة!
يوري يقول بحنان
هناك في الخارج، ليست بأمان! أنت فتاة صغيرة!

شعرت بغرابة شديدة على مناعتهم الزائدة بالخروج!
تملكني فضول لا أستطيع أن أكبحهها!
و لذا خرجت و أنا أتحذر من الحارس، لقد كان مشغولا يتابع مباريات كرة القدم!

في الخارج، ربيع، أرض خضراء برياحه المعطرة، نسيم الصبا..!
مشيت قليلا، و بهجة جميلة في ملامحي السعيدة..
طالعت من قريب وجوه بشر، كالحة، مكفهرة، تراقبني بإستمرار
ثم وصلني هسيسات أخافتني أكثر، إنها خادمة قصر إكوادور
كيف عرفوني.! يطالعوني و كأن هذا مكتوب في جبيني، خادمة قصر إكوادور
عدلت مشيتي، و جعلتها سريعة، و بخطواتي المتتالية وصلت الى ضفة النهر، و أنفاسي مبهورة! ينتابني نوبات هلع شديد..

جلست فوق حجر كبير، أتسائل!؟ من هؤلاء الناس لماذا أشعر و كأنهم يعرفون من أنا، و ما يختلج من داخلي
هل أنا فلم مصور، طالعه الجميع!

روحي تائهة، أشعر بحيرة شديدة، أكبر من البحر و أقسى من الصحراء!
أنا ضائعة في نفسي، و هذا العالم المجهول!
لا أفهم ما يحدث! و لا ما يحدث فعلا يفهمني!
أعيش كل لحطة و أنا لا أدري و لا أعرف ما يخبأ لي حياتي! و ما سيمر بي من لحظات غريبة أعجز عن تفسيرها!
أتخيل نفسي ضحية لأحد أفلام الرعب في هوليوود!
تدفق الدموع في عيناي الحائرتان، المكتئبتان!

و فجاة شعرت بيد تلمسني، فوق كتفي، يد باردة! جعلني أشعر بقشعريرة تسري في أنحاء جسدي!
طالعته بخوف!.
لقد فاجأني، أنه إستيفن مرة أخرى!

آنستي، دعي البكاء و القلق، و قل لي ما هي مشكلتك؟!
قلت بصوت غاضب
مشكلتي، تريد أن تعرف مشكلتي!؟ أنه أنت و يوري! مالذي بالضبط تخفيان عني! من هؤلاء الناس، و لماذا يطلعوني بغرابة!
إستيفن، لقد حذرتك، و لكن لا داعي لأشرح لك، لانك سوف تعرفين قريبا
و قبل أن ألفط بكلمة أخرى، شعرت بألم في رقبتي، و نبضات حادة غبر منتظمة، ثم بدأ عضلتي القلبية ترتجف!

ستعرفون قريبا في الحلقات التالية
ما هو تلك البلورة الناعمة التى تستحوذ الأرواح؟!
عن سر عائلة إكوادور كلاوس التى أخفت مند قرن!؟
صورة المرأة و ماضيها و أصوات التي تصل الى ماريا الصغيرة؟!
ما هذه الجزيرة بالضبط، جزر جلاجابوس!؟
السر الذي بين ايسبيلا و ابن عّم يوري سيد هنري كلاوس!
لماذا تشعر ماريا إضرابات حادة تجاه استيفن!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة