قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية حي الورد للكاتب علي اليوسفي الفصل الحادي والثلاثون

رواية حي الورد للكاتب علي اليوسفي الفصل الحادي والثلاثون

رواية حي الورد للكاتب علي اليوسفي الفصل الحادي والثلاثون

((( هو: فوق جبينه كتب قدره، لكنّ ماضيه طواه كطيّ الكتب فأصبح محتواه محرماً على سواه.
هي: في كل ليلة تقسم على الجهاد، لكنها في نهاية المطاف تعود ذليلة عند قدميّ الماضي. ))).

إحساس عارم بالضيق تملك خطاب منذ تلك الليلة التي فشلت فيها خطته، فاتخذت مساراً كان أقسى على مياس وأدهى من أي شيء آخر، خاصة وأنه لم يقبض على صلاح الذي هرب منذ ذاك اليوم واختفى كحبة الملح في بركة ماء، لم يجرؤ على محادثتها ولا يعلم السبب حقيقة، مايعرفه أنه لن يستطيع أن يسمع صوتها وهي متعبة، هكذا ظنّ!

كعادته التي لايتركها، جالساً على كرسيه الملكيّ الأسود، يقابل المدينة الساحرة من مخبأه المتخفي في الجبال، يمرّر إصبعه السبابة بحركات دائرية تحت ذقنه المشذب بترتيب، وفي مقلتيه وميضٌ يلتمع بين الحين والآخر، بدى كما لو أنه شاردُ الذهن في تفكير عقيم.

قاطع لحظات صفائه تلك قرعٌ مختصر أتبعه فتح الباب دون انتظار الإذن، دلف سهيل بخطوات متعجلة تنطق ملامحه بالتهليل لما يحمله من نبأٍ سار، وقف أمام الطاولة فاستدار خطاب بكرسيه عاقداً تقاسيمه باستفسار، أجلى الآخر حلقه ليتحدث بلهاث متسارع: سيدي أحملُ لك خبراً سارّاً.
زادت العقدة بين حاجبيه وهو يشير له بالمتابعة فأضاف الأول بلهفة: مياس، لقد عادت إلى العمل.

كان اتساع عينيه أول ردات فعله، أعقبها انحلال كفه ليعتدل في جلسته، كمن لم يصدق ماسمع استفسر بحاجبين مرتفعين: عادت إلى عملها؟
اماء سهيل بالإيجاب فبانت الدهشة واضحة على وجه خطاب، الذي أشار لسهيل بالرحيل بأصبعه ثم لفّ كرسيه ليعود مقابل المنظر الخلّاب، هذه الفتاة!

تحوّلت مفاجأته تلك إلى ابتسامة ثم قهقهة عالية، حين ظنّ أنها قد كُسِرت وربما تدخل في أزمةٍ نفسية، لكنها وكالعادة خيّبت ظنه، إنها لا تكفّ عن إدهاشه أبداً، مفاجآتها لا تنضب البتة، وفي جعبتها مازالت تحمل الكثير من الخُدع، تشكلت على ثغره ابتسامة مُعجبة معبقة بالخبث والمكر، لابدّ له من تهنئتها بالسلامة إذاً!

رفع هاتفه دون تردد ليطلب رقمها ووجهه ينطق بمشاعر صادقة لم يألفها قبلاً، مرّت الثواني ثقيلة عليه حتى أتاه صوتها، وياللغرابة!
كانت نبرتها قوية، متينة لاتنمّ عن ضعفٍ أو انهيارٍ مما ضاعف من إعجابه بها، ابتسامة باردة تشكلت على ثغره حينما هتفت: نعم ياخفاش؟

رفع وجهه للأعلى بتلذذ وقد اتسعت ابتسامته، شهق خطاب نفساً عميقاً، قبل أن يقول بصدق: دعيني أكن صادقاً معكِ مياس، في كل مرة تنجحين في إثارة إعجابي، تقفين باعتداد حين أعتقد أنك انهرتِ حقا.

التمعت العبرات في مقلتيها مجدداً رغم صدق نبرته، لم يكن يسخر منها لكنها تشعر بكل الخيبات التي تلقتها تخنقها، تريد التخفيف عن قلبها الذي احتقن بجروح نتنة لكنها لم تجد إلى الانفجار من سبيل بعد، واتصال خطاب هذا ليخبرها أنها لم تكن على قدر الرهان ليس إلا، تنفست بعمق لتثبط انفعالاتها ورائد يراقبها بطرف عينه وقد أدار محرك السيارة وتحرك فوق الطريق بالفعل، في حين تابع خفاش: لم أظنّ أنكِ ستعودين قريباً، على الأقل الآن!

رغم مايعتمل داخلها لكنها لن تسمح بإظهار انكسارها، تبسمت ساخرة لتجيبه بنبرة هازئة: وأترك لك الساحة لتمرح كما بدا لك؟ لم أجنّ بعد لأفعلها.
رغم سخريتها منه لكنه انفجر ضاحكاً على جوابها، ليس تهكماً إنما إعجاباً، لم تنتظره لينهي وصلة ضحكه فزمجرت بضيق: هل تشعر بالملل فلم تجدْ سواي أمامك ليضحكك ياخفاش؟

قطع قهقهته وارتفع صدره بنفسٍ عميق، لمعت في ذهنه فكرة جريئة رغم خطورتها، فقرر تحديها مجيباً بنبرة ملؤها الغرور: بل جئتكُ بتحدٍّ جديد يامياس، اعتبريه انتقال الى مستوى جديد من اللعبة.
تغضن جبينها بعدم راحة وضمّت حاجبيها مستمعةً له يتابع حديثه المتعجرف: صلاح، هرب مني أيضاً ولغاية اللحظة لم أصلْ إليه، فما رأيك أن يكون هو رهاننا الجديد، من يصل إليه أولاً يربح هذه الجولة؟

لم تشعر حيال عرضه بالراحة خاصة وأن الخفاش عادة حذر للغاية، حتى وإن صدقت أنه لم يقتل صلاح بعد، فكيف تصدق أنه لا يستدرجها إلى فخٍّ جديد؟ ليس طبيعياً أن يُغيّر الخفاش أسلوبه بهذه السهولة، إنها أُحجية جديدة ويجب أن تفكك رموزها في أسرع وقت، انتبهت لاستهلاكها وقتاً طويلاً في التفكير فهمست بدون تردد: موافقة.

ملامح انتصار سعيد اعتلت وجهه حالما سمع موافقتها فأردف: تعجبينني يا مياس، لم أتوقع منكِ أقلّ من القبول.

أسندت ظهرها إلى الخلف وقد عادت البسمة الساخرة لتحتلّ محياها، وبكل ما أوتيت من كبرياء مغرور أجابت كأنها توجه رسالةً الى كل من استضعفها وخذلها يوماً: اسمعني جيداً ياخفاش لأنني لن أعيد ماسأقول مجدداً، انا امرأة لا أنحني لأحد، أسقطُ واقفةً وأمرض لكني لا أموت، ولا أسكت إلا عندما تنضب مفرداتي، أنصحك وقتها بأن تتقي شري، فما يدور في خاطري حينها لن يصل إليه مستوى تفكيرك أبداً مهما كنتَ ذكياً.

لم يمهلها الوقت لتسمع جوابه فقط أغلق الهاتف من فوره، بدى كأنه غير عابئٍ بتهديدها، سارحاً متوهماً صورتها وقد ارتسمت على الأفق المفتوح، ثم نطق بإعجاب بائن: أنا متأكدٌ من هذا يا مياس، كما أنني متأكد من أنني...
قطع جملته قبل أن ينفلت لسانه باعتراف لطيف وهو يشهق نفساً قوياً، لم يكن من السهولة بمكان أن يعترف بهكذا أمر بتلك البساطة، فكيف الحال إن كانت عدوّه اللدود؟

عاد مبتسماً من جديد مقابلاً خيالها المرتسم بعيداً، كم شعر بالفراغ أثناء غيابها، وبعودتها سيعود المرح مرة ثانية إلى حياته، هذه النوعية من النساء لم يسبق وأن قابله من قبل، مزيج الغرور والكبرياء مع جمالٍ لطيف وشخصية قوية، خليط رائع للغاية لتتعامل معه.

تطورت اللعبة معها وقد وصلت إلى مستوىً لم يفكر فيه حقاً، لكنه سعيد بطريقة ما، ذبذبات لطيفة تداعب صدره كلما غلبته أو غلبها، الأمر تعدى كونه تحدياً، لقد بات رهاناً على حياة!

منذ أن أغلق الهاتف قبل لحظات وضعت سبابتها بين أسنانها تعض عليه وقد تلاقى حاجبيها بتفكير، فيما ظلّ رائد يراقبها بزاوية عينه، موزعاً نظره بينها وبين الطريق، حتى أصابه الملل فتساءل بفضول: مالذي يريده هذه المرة؟
بعيون ضيقة مُستريبة أجابته: لا أعلم بالضبط، لكني لا أستبشر خيراً.
أماء موافقاً حديثها ومنذ متى يتوقعون خيراً من الخفاش؟

عقبت بعد لحظة بنبرة عادية: يقول أنّ صلاح هرب منه هو الآخر، ويتحداني للإمساك به.
طالعها بنظرة سريعة ثم عقب: لقد هرب صلاح بالفعل، لكن كيف نتأكد من صدق حديث خفاش؟
أجابت ببساطة: بأن نقبل التحدي.
استهجن رائد هاتفاً: ربما كان فخاً مياس.
رمقته بانزعاجٍ واضح في محياها و نبرتها: وهل لديكَ حلٌّ آخر لنعرف كذبه من صدقه؟

ألجمتْ اندفاعه بهذا الجواب ولم يجد مايقوله فزفر بقوة والتزم الصمت المضطرب، عاد ليسألها بهدوء بعد لحظات: أين تريدين أن أوصلكِ الآن؟

ارتخت تعابيرها المشدودة وبأصبعيها فركت جبينها بقوة فذلك الصداع الرهيب مازال يفتك برأسها دونما رحمة، ناظرت الطريق من نافذتها لتكتشف حلول الظلام قبل أن تتطلع صوب رائد قائلة برسمية: لقد تأخر الوقت على أية حال، خذني إلى المنزل، لكن غداً يجب أن تكون في مركز المكافحة للضرورة.

لم تخطئ أذناه تلك المعاملة الجديدة التي باتت تعامله بها، فأدرك أنّ إخفاؤه لأمر عمار أحدث شرخاً كبيراً في علاقة الصداقة التي تجمعهما، زفر من أنفه بقوة وهو يشير لها إيجاباً، لم يُدرك رائد أنها على شفا الانهيار وترغب بالعودة إلى أدويتها بسرعة، ربما يبدو الأمر غريباً لكنها تهرب!

مايزال مازن جالساً قبالة شقيقه منذ مايقارب الساعتين، لم ينطق أويس بعدُ بحرف، استقرّ فوق كرسيٍّ عادي، محنيّ الرأس بشكل مخزٍ، أنظاره ثبتها على نقطة ثابتة في الأرضية، يعبث بكفيه المتعانقة في أحضانه، ومازن قابله على كرسيٍّ ثانٍ يطالعه بصبر، أدرك حدوث أمر كبير جعله يطلب الحديث معه، وكم يتمنى لو أنّ شقيقه يخبره بكلّ مايعتمل داخله ليساعده، تطلع إلى شاشة هاتفه ليطالع الساعة فاكتشف أنّ الظلام قد بدأ زحفه على الحيّ، وكتلة الجمود الجالس قبالته لم يتحدث بعد، يبدو أنها ليلة طويلة جداً.

مرت لحظات عديدة حتى شعر مازن بالبرد يتسلل إلى عظامه، أجلى حلقه ثم سأل أخاه: سأحضر لنفسي كوباً من الشاي، هل أحسبُ حسابك؟

لم يجدْ منه أية ردة فعل كما توقع، فاستقام مازن متجهاً صوب المطبخ الصغير في آخر الممر وغاب فيه لبضع لحظات، ثم عاد يحمل في يده قدحين من الشاي الساخن، وقد عبثت رائحته بمعدة أويس الفارغة فحفزتها، استقرّ القدحان فوق الطاولة القريبة ثم اتجه مازن إلى المدفأة الكهربائية ليقوم بتشغيلها، أنهى مهامه ثم عاد جالساً مكانه وفي اعتقاده أنّ أويس لن يتحدث قريباً.

أما الأخير فهو نظرياً يريد التحدث بكل ما يؤلمه، لكن عملياً الأمر أصعب بكثير مما يبدو عليه، ربما لأنّ مايريد التفوّه به ليس مشرفاً البتة من وجهة نظره، تتعالى الكلمات كل ثانية تريد الخروج لكنه يخنقها في كل مرة، عادت كلمات مياس القاسية تتردد في ذهنه فتسبب له صداعاً مؤلماً، ويعود ليجلد ذاته حتى أنهكه الوجع، مدّ مازن يده إلى كوبه لكنه أوقفها في منتصف الطريق حين سمع همس أويس: لبعض الذكريات أشباح قبيحة الشكل، ذات شعر مجعد وأظلافٌ طويلة متسخة.

لم يفهم ماقال حرفياً، لكنه أعاد ظهره إلى الخلف ليسمع باقي جملة أويس بنبرة متأثرة: أطيافه البعيدة تلهث دوماً لتصل إليّ، لا يريد تركي لسبيلي.
اختنق صوته في آخر جملةٍ نطقها، قبل أن يرفع مقلتيه التي التمعت مضيفاً بهمس مبحوح: أنا لستُ سيئأً مازن، صدقني..
شعر مازن بالحزن المصحوب بالشفقة حياله إلا أنه سرعان مااغتال تلك المشاعر قبل أن يلحظها أويس، ثم أجابه بعقلانية: أنت لستَ سيئاً أويس، أنت فقط مريض.

رمش بعينيه مرات عدة ولم يسأل أو يستنكر مما شجع مازن للمتابعة بحذر: اسمع، من منطلق مكاني كطبيب، ومما فعلته في مياس، فأنا أعتقد أنك، أعتذر عن الكلمة القاسية لكنك مريض نفسي.
ترقب ردة فعله على هذه الكلمة الغليظة معتقداً جهل أخاه بما يعاني، إلا أن أويس فاجأه عندما أعلن بهدوء: أعلم هذا.

بدت الصدمة واضحةً على محيّا مازن في حين لعق أويس شفتيه قبل أن يرفع رأسه إليه، مضيفاً بلهفة: أقسم لك مازن أنا أكره أن أؤذي أحداً سواي، لكني لا استطيع السيطرة على غضبي.
لوهلة شعر بالتخبّط مما قال، بينما صوّب الآخر أنظاره إلى كفيه المتعانقتين مضيفاً: أنا لستُ غبياً مازن، لكني أُحسّ بمشاعر عنيفة تعصف بي دائماً فتشجعني على فعل أشياء كثيرة لا تتخيلها، لكني لا أريد صدقني.

يعترف مازن أن أويس فاجأه بل وشّوشه كلياً، حين ظنّ أنه شخّص مرضه بطريقة صحيحة اكتشف أنه لم يفعل، أسدل أويس أجفانه أثناء استناده إلى الخلف ليقابل السقف ثم تابع: أعلم أنك متفاجؤٌ مازن، لكني لستُ عنيفاً بالفطرة، هناك سبب...
قطع كلمته وهو يعود لإغماض عينيه نافخاً الهواء من أنفه بقوة، مما ترك مازن في حيرة فحاول الاستفهام منه: أخبرني أويس، هل جربتَ زيارة طبيب نفسي من قبل؟

هز رأسه نافياً ليجيب بهدوء: لا، كنتُ أُعالج نفسي ذاتياً ولكني لم أُشفى ولن أفعل قط.
بان اليأس والقنوط واضحاً أثناء جملته الأخيرة، لكن أكثر ما جذب انتباه مازن كانت العبارة الأولى، استراب مما يقصده شقيقه فسأل بصراحة: كيف عالجتَ نفسكَ أويس؟

تنهيدة عميقة خرجت من جوف أويس ثم استقام بتردد وهدوء، للوهلة الأولى ظنّ مازن بأنه على وشك المغادرة لكن شقيقه خالف ظنونه، حين نزع سترته الجلدية ليرميها على كرسيه، طالع أخاه المندهش بارتباكٍ طفيف قبل أن ينزع قميصه أثناء استدارته إلى الخلف، فتح مازن عيناه على وسعهما من هول المفاجأة، ندوب كثيرة تنوّعت بين الحروق الخفيفة والجراح السطحية، وآثار جلدات سياطٍ قديمة، استقام مازن من مكانه وقد سيطرت عليه الصدمة كلياً فاستدار حتى بات أمامه، قابله أويس بمقلٍ ملتمعةٍ تأثراً في حين كان مازن ينظر إلى بطنه المشدودة وصدره، وكما توقع تماماً كانت هناك بضع ندوب أخرى لكن الآثار على ظهره كانت أكثر وأعمق فسيطرت الصدمة عليه حتى شلّت لسانه، فقد ظنّ أنه استطاع تشخيص مرض أويس منذ تلك الليلة، كان يظنه شخصيةً عنيفة أو ساديّة بمعنى أدق، لربما كان وقع هذا التحليل أقلّ وطأةً على مازن مما يراه أمامه، ظلّ أويس متطلعاً أمامه ضاغطاً على فكيه بقوة، لم يحبذ يوماً أن يكتشف أحدهم مايعاني لكنّ مياس تدفعه إلى أكثر الأشياء جنوناً...

أطبق الصمت الثقيل على صدره حتى كاد يختنق حرفياً، لقد بذل مجهوداً عظيماً ليعترف لشقيقه بأحد أكبر أسراره في حين يقف الآخر مذهولاً بصدمة، تنبّه مازن إلى الوقت الطويل الذي استهلكه فأجلى حلقه بارتباك ثم عاد جالساً على كرسيه، أخفض أويس رأسه زافراً بامتهان عظيم ولوهلة تسرب إليه الندم لما فعل، إلا أن حديث مازن التالي حجّم ندمه، فهمس مازن بهدوء: بإمكانك الجلوس أويس.

بهدوء ظاهريّ ارتدى قميصه وعاد جالساً على كرسيه، ثبّت أنظاره على الأرض كمجرم ينتظر صدور حكم الإعدام بحقه، عقله مشوّش تماماً كأنه في منتصف حفلٍ صاخب فلا يسمع حتى أفكاره هو، ولم يكن مازن بأقلّ منه تشوشاً وضياعاً، تأمل جلسة شقيقه كالمذنب فزفر بثقل، لم يعتقد أنّ مرضه أصعب مما تخيل، استغرقه الأمر بضع دقائق حتى تمالك نفسه فأجلى حلقه ثم همس بنبرة طبية مُفسراً: اسمع أويس، طبياً يطلق على هذا المرض الذي تعاني منه اسم إيذاء النفس المتعمد.

رفع أويس رأسه نحو شقيقه الذي أردف: أي أن تقوم بإيذاء نفسك بشكل متعمد عن طريق الجروح أو الحروق، وحتى الجَلْد.
لم يبدُ عليه الاهتمام بما سمع في حين تابع مازن بتساؤل: بالتأكيد هذا المرض له علاج، ولكن في البداية يجب أن أعرف السبب الحقيقي الذي يدفعك إلى فعل هذا بنفسك؟

شرد للحظات كما لو أنه يتفكر ثم حرك رأسه بالسلب قائلاً بخفوت: لا أدري بالضبط ولكن، حين تروادني ذكريات مؤلمة تنتفض أحاسيسي بعنف، فأجد هذا الحل الأفضل لنسيانها.
أمال مازن رأسه إلى الجانب معقباً: تقصد أنك تلجأ الى هذا السلوك كأسلوب للتغلب على مشاعر صعبة أو ذكريات مؤلمة؟

أماء إيجاباً بخفة كأن تفسير مازن راقه حقاً وأصاب كبد الحقيقة، نفخ مازن بخفة وهو يفرك جبينه بأصبعه، بالكاد تمالك نفسه من الصدمة ثم طالع شقيقه متحدثاً: الأمر الجيد أنّ نوع المرض الذي تعاني منه يسمى بالسطحي المعتدل، أي أنّ ميولك هذه لاتتعدى إيذاء جلدك دون إلحاق الأذى بأعضائك الحيوية، وهذا أمرٌ مبشرٌ إلى حدٍّ ما، أما عن علاجك...

قاطع جملته متعمداً يعاين وقع الكلمات عليه، وأدرك أويس مقصده فوراً حين أردف بحذر: لنستطيع علاجك يجب أولاً أن أعرف السبب الأساسي الذي يسبب لك الذكريات المؤلمة؟

أجفل ناظريه للأسفل وبدى عليه التأثر واضحاً ثم زفر بقوة أثناء إخفائه لوجهه بين كفيه، فأيقن مازن أنه ليس مُستعداً بعد لكشفِ سره، لم يحاول الضغط عليه بل تركه على راحته، حتى ارتفع رأس الآخر و نطق مُغيّراً الموضوع برمته: لقد اعترفتُ لها لكنها لم تأبه.
انعقدت ملامح مازن بعدم فهم فيما تابع أويس بهمس مختنق وابتسامة ساخرة: أخبرتها بحقيقة مشاعري فلم تهتم ولا حتى تتأثر، كأني بالنسبة لها لا أحد.

هنا وقد انفرجت تقاسيم مازن حين أدرك مغزى حديثه، إذاً هذا هو سبب تداعي صمود أويس، لقد اعترف لمياس بحقيقة مشاعره وهي لم تستمع إليه مما أودى به إلى هذه الحال، ربما صدق من قال ربّ ضارةٍ نافعة!
عاد إلى صمته من جديد محاولاً وأد دمعه داخل مآقيه، فربت مازن على كتفه المتهدل بيأس قائلاً بتشجيع: ربما مياس لم تسامح أويس الحالي، لكني متأكدٌ من أنها ستسامحك لو تحسنتَ، عليك بالعلاج أويس.

لم تصدر عنه أية ردة فيما تابع مازن حديثه: لاتسمح لأيّ موقفٍ مضى أن يعبث بذاكرتك، لاتواصل الهرب من تلك الأطياف التي تلاحقك بل قاومها حتى تُركعها تحت قدميك، لاتخفْ من شكلها القبيح بل قلّم أظافرها المتسخة وسرّح شعرها المجعد، حتى تغدو أجمل.

لامست تلك الكلمات روحه فسكنت بعض أوجاعه، لم يعقب إلا أنه قلّب حديث شقيقه في عقله، ربما حان الوقت للإقلاع عن أسلوب الراحة الزائف ذاك، ربما هي فرصةٌ جيدة لكسب غفران مياس، ومن يدري ربما حتى قلبها؟
راقبه مازن باهتمام جليٍّ حتى يأس من معاودته للحديث مجدداً، تنبّه إلى تأخر الوقت لكنه لم يتحدث، تاركاً المجال كاملاً لأويس بالتفكير في كلّ مافعل ويفعل، وماسيفعله في القادم من الأيام...

فراغٌ أسود هو كل ماحولها، أصواتٌ متداخلة تأتيها من الخارج لكنها لا تعرف أين البوابة، بدت كما لو أنها في غرفة مغلقة تماماً، كيف ستخرج؟

، كعمياء سارت تتلمس الجدران بيدها بحثاً عن البوابة إلا أنها لم تعثر على باب أو حتى نافذة، على مايبدو فالطريقة الوحيدة للخروج هي أن تكسر أحد الجدران، بباطن كفها مسحت على الجدار أمامها تتلمسه، لكمته بيدها المجردة فتألمت دون أن تحدث به خدشاً، لم تيأس وبكل ما أوتيت من عزم عادت لتتسدد ضربة ثانية، ثم ثالثة ورابعة ولم تعبأ بكفها الذي بدأ نزيفه، يدٌ أخرى ظهرت من العدم بدأت تساعدها، تطلعت مياس إلى الجسد بجانبها فلم تتعرف عليه بسبب العتمة المحيطة، ظلّ يضرب بكلتا يديه الحائط حتى أحدث فيه ثغراً مرئياً ليدخل النور إلى الغرفة المظلمة، ابتسمت باتساع ثم تطلعت إلى الجسد بجوارها فلم تجد أحداً، تلفتت حولها بجنون لكنها لم تره، فجأة سمعت صوتاً يتبعه صدىً، يقول كلمة واحدة فقط: سامحيني.

انتفضت جالسةً بعد هذا الحلم الغريب، تطلعت إلى العتمة المحيطة حولها فأدركت أنها في غرفتها، تذكرت عودتها منذ بضع سويعات إلى المنزل لتصعد إلى غرفتها فوراً دون حتى أن تحادث أحداً، بالكاد تمكنت من ابتلاع أدويتها لتسقط بعدها في نوم إجباري.

بالاستعانة بنور القمر الخفيف الذي ينبعث من نافذتها الزجاجية بحثت عن الهاتف حتى وجدته، تفحصت الساعة فوجدتها قد تجاوزت منتصف الليل بقليل، عادت لترمي نفسها فوق الفراش وذلك الحلم الغريب يؤرق مضجعها، ربما لم ترَ ملامح من ساعدها لكنها على يقين بأنه عمار، استجداؤه لمسامحتها أحدث بلبلةً داخلها، فوضى عارمة وتضارب في المشاعر والأحاسيس، تعايش حرباً داخلية لا ترحم، دوماً كانت حاقدة عليه وتمقتُ حتى سماع اسمه، لكنها الآن تشعر بأنها مشتتة ولا تعرف حقيقة إحساسها حياله، الضجيج في رأسها أرغمها على إغلاق عينيها مُصدرةً آهاً متوجعة، اعتدلت جالسةً تريد تبريد النار المشتعلة داخلها لكنها وجدت الكوب بجانبها فارغاً، تأففت بضيق أثناء نفض الغطاء عنها لتترجل إلى المطبخ تجلب لنفسها كوب ماء بارد، أثناء عودتها بعد قليل لاحظت إضاءة غرفة والدتها ما تزال مُضاءة، حثها عقلها على الذهاب والحديث معها لكن قلبها المسوّد من ناحيتها منعها، كادت تدخل إلى غرفتها حين حسم عقلها الصراع، هي مشوشة وبحاجة ماسّة للحديث مع أحدهم، أو ربما تفريغ شحنات الغضب داخلها، فتجاوزت غرفتها بخطى ثقيلة.

من كان بينه وبين خالقه خيطٌ من الطاعة يظلّ الرضا مرسوماً في محيّاه حتى في أشدِّ الظروف قسوة، يقبلُ على الله في كل عقدةٍ وكله يقين بأنّ لن يردّ خالي الوفاض أبداً.

هكذا كانت عليا، في كلّ ليلة حينما تنام العيون تستيقظ ذكرياتها التي تأبى فراقها فتهجر فراشها إلى سجادتها، بعد ركعتين خفيفتين سلمتْ عليا ثم رفعت يديها إلى خالقها تناجيه، رغماً عنها احتقنتْ مقلتيها بالدمع وصراخ مياس يتردد في عقلها، نار حارقة شبت في صدرها وتنهيدة معبقة بألم السنين خرجت من جوفها، لعقت شفتيها المرتجفة بتأثر ثم راحت تدعو بهسيسٍ خفيض: إلهي، لا ربّ لي سواك أسأله حاجتي، ولا قادر على قضاء حاجتي إلا أنت، أسألكَ بقدرتك التي حفظتَ بها يونس في بطن الحوت، أن تُخرجني من سواد أيامي، وبرحمتك التي شفيتَ بها أيوبٌ أن تشفي قلبي السقيم، اللهم إني أستودعتُك ابنتي مياس عندك يامن لاتضيع ودائعه، فاحفظها يا الله، وعافها واعفِ عنها.

لم تُدرك أنّ همسها الباكي قد وصل إلى مياس الواقفة خارج غرفتها، فلامس دعاؤها الصادق حنايا قلبها المتحجر، أخذت نفساً عميقاً لتثبط به انفعالاتها لتطرق على الباب برفق، انتبهت عليا إلى الطرقات المتتالية على بابها فأسدلت جفناها بهدوء لتسقط عبرة متألمة من عينيها، أخفضت يديها لتمسح بهما على وجهها وصدرها، ثم استقامت تالياً لتطوي سجادتها قائلة بصوت ضعيف يكاد يسمع: تفضل.

لم تلتفت فور فتح الباب، ظلت ترتب السجادة وتمسح عبراتها ظناً منها أن الطارق كان والدتها، لكن في لحظة خاطفة التفتت لترى مياس قابعة أمام بابها بهامةٍ مكسورة وملامح وجه موجوعة، خفق قلبها بعنف جعلها تتراجع خطوتين للخلف حتى اصطدمت بسريرها، حالة ابنتها المشعثة لم تُرحها، ولكم تمنت أن تجري إليها لتحتضنها، لكن وبصورة تلقائية عادت كلمات مياس تلك الليلة يتردد صداها داخل عقلها لتسبب لها شللاً مؤقتاً، إلا أن هذا لم يشمل مقلتيها التي أمطرت بدموع جارية، طالعتها مياس بنظرات خاوية ومازالت على وقفتها امام الباب، لم تعرف حقيقة مشاعرها في هذه اللحظة، فقط علمت أنها تريد كتفاً تسند ميلها عليه، لكن عنفوانها منعها من طلب ذلك.

ذلك الثقل الذي يتزايد على كتفها أرهقها، تلك القوة التي تدعيها في وجه كل الخذلان الذي عايشته واهنة، كاذبة، قناعها ضعيف وقد يتداعى في أية لحظة.
تقدمت مياس بضع خطوات إلى الداخل، ومقلتيها ثابتةٌ على وجه أمها الباكي حتى غدت أمامها، فيما كانت عليا تناجيها بمقلٍ معتذرة دامعة، ورغم أنها قرأت اعتذارها الصادق إلا أنها أبت إلا القسوة، تنفست مياس بقوة قبل أن تقول بهمس واهٍ: لقد خدعتني.

اهتزّ جسدها و ارتجفت قدميها أمام عتاب ابنتها القاسية، فيما أضافت الأخيرة بلوم لاذع كأنما تتعمد إيلامها: خنتِ ثقتي بك، لم أتعود منكِ يوماً أن تخفي عني أمراً مهماً كهذا، كيف لي أن أثق بك من جديد؟

ثبتت عليا مقلتيها على أرضية غرفتها بخزيٍّ تلبسها، وقد جمعت كلتا كفيها تضمهما معاً أمام صدرها لتخفي ارتجافتهما ولم تنبس بحرف، برودها الخادع ألهب غضب مياس فصرخت بقهر: أخبريني؟ كيف لي أن أثق بك مجدداً عليا؟ تحدثي؟
إلى هذا الحد وكفى!
لقد تمادت مياس كثيراً!

رفعت عليا يدها لتسقط فوق وجنة مياس في مفاجأة صادمة لكلتيهما، استدار وجهها إلى الناحية الثانية وقد فتحت عيناها عن آخرهما بدهشة، في حين تطلعت عليا إلى كفها المرتجفة بعدم تصديق، لقد فعلتها حقاً! طوال سنواتها الثلاثة والعشرين لم تمدّ يدها عليها ولكنها الآن فعلت، ومياس من دفعتها إلى ذلك، رغم قسوة المفاجأة إلا أنها لم تندم، كوّرت كفها لتسدله بجانبها و بنظرات قاسية شملتها لتعقب بتوبيخ غليظ: لقد تجاوزتِ حدّكِ مياس، سكتُ عن أفعالك وتجاهلكِ لي منذ تلك الليلة لكني لن أصمت بعد اليوم، تسألين كيف ستثقين بي؟ وكأنكِ كنتِ تثقين بي قبلاً؟

مازالت مقلتيها المحتقنة تحبس عبراتها دون أن تتطلع إلى وجه أمها، في حين تابعت عليها صياحها اللائم بحزن: أنتِ بإمكانك الغياب عني لعام كامل دون أن أرى طيفك حتى ولايحق لي سؤالك، أنت تستطيعين أن تغيري رقم هاتفك دون أن تخبريني ولا يحق لي أن أسأل، أنتِ تغيبين خارجاً حتى الصباح وأنا لا أعلم مكانك ولا يحق لي أن أسأل.

رعشةٌ فظيعة سرت في بدنها وهي تستذكر مواقف مياس المشابهة معها، حتى تابعت أخيراً بشفتين مرتجفتين: يتمّ إدخالكِ إلى المستشفى وأنتِ بحالة غريبة، ثم تعتقدين أنني حمقاء وتخبرينني أنّ الأمر حادث سير بسيط، ويجب أن أصدق أعذارك السخيفة دون أن أسأل، وتسألين كيف ستثقين أنتِ بي؟

صرخت في آخر عبارتها بكلّ ما أوتيت من قهر وكسرةِ نفس، حقاً مياس بكلامها اللاذع خدشت كبرياء عليا وقلّبت عليها المواجع فاستحقت هذا التوبيخ الحارق، ظلّ صدرها يتعالى بجنون فيما كانت الأخرى لغاية اللحظة صامتة، وجهها مايزال مصوّباً نحو الناحية التانية، مرّت الثوان بطيئة وبعض الريبة تسللتْ إلى عليا بسبب حال ابنتها الصامتة حتى الآن، ببطءٍ وهدوء أدارت مياس محياها صوب والدتها، عاتبتها بمقلتيها الحمراوين ودموعها المحتقنة حتى سمحت لإحداهن بالسقوط حين همست بصوت أجوف: ليتكِ فعلتها منذ زمن.

تقهقرت القسوة اللحظية التي تلبست عليا أمام عتاب ابنتها الصامت، إلا أنها لم تفهم ما قالته فهتفت تناديها بهمس متردد: مياس.
أضافت الأخيرة بعد أن ارتفع صدرها بتنهيدة عميقة وبللت شفتيها: تعلمين؟ معكِ حق بكل حرف قلته، أنا قاسية وناكرةٌ للجميل، لكن من السبب في هذا برأيك؟

لم تعلم إن كانت مياس تعاتبها أم توبخها فالتزمت الصمت التام، في حين انهارت حصون مياس لتتابع عبراتها متسابقةً فوق خديها أثناء متابعتها بنحيب: الشعور بالنقص يدفعني لارتكاب حماقات لا تفسير لها، دائماً يراودني إحساس بالدونية رغم حنانك وعطفك أمي لذلك اخترتُ الابتعاد.

بدت كلماتها فوضوية لامعنى لها، لكن عليا شعرت بما يعتمل داخل صدر ابنتها، عضت مياس على شفتها السفلى بقوة حتى كادت تدميها ثم أضافت بنشيج هامس: لقد رأيته.
تفاجأت عليا من عبارتها وقبل أن تسأل عن مقصدها أردفت الأخرى ببكاء: لقد ذهبتُ للقائه، ظننتُ أنني سأنتقم لكل لحظة شعرت فيها بالنقص في الحنان بسببه، لكل ثانية اشتقتُ فيها لكلمة أبي، لكني تألمتْ.

لم تعد قدماها قادرتان على حملها فسقطت تحت قدميّ والدتها تنتحب بقهر، ظلّت الصدمة مسيطرة على عليا أثناء استماعها لعويل مياس: كم رغبتُ أن يكون سليماً لأوجعه، تخيلتُ مواقف كثيرة سأجعله يشعر بالندم فيها وكم سأكون سعيدة بهذا، لكني اليوم لم أكن سعيدة أمي.

جلست قبالة ابنتها لتحتويها بحزن وعبراتها تواسيها، ومازال الذهول مرسوماً على محياها بصدمة ماتسمعه من مياس، انتفضت الأخرى بقهر لا يُحتمل وهي بين أحضان والدتها الدافئة لتصرخ بوجع: لقد نجحتُ وأوجعته لكني تألمتُ مثله تماماً، لم أفرح لأني جعلته على شفا الموت ثم نجا بمعجزة، كنتُ أسمع عن طعم الانتقام لكني لم أدرك أنه لاذع إلى هذه الدرجة.
همست عليا كأنها تهدهدها برفق وهي تغمض عينيها: شششش، يكفي مياس يكفي.

حركت رأسها بالسلب وهي تعترف بأنين: الأمر مؤلم و أنا تائهة أمي، أكرهه ولا أريده أن يتوجع، أشتهي قتله لكني لا أريده أن يموت، مالذي يجري؟

ضمتها عليا بقوة أكبر وهي تشعر بأنها منهارةٌ فعلياً، خشيت عليها من نوبةٍ جديدة فتركتها تبكي و تفرغ كل مايحدث داخلها دفعةً واحدة، لم توقفها ولم تتحدث، أدركت أنّ مياس مُشتتة ومشاعرها جامحة ولا تملك عليها سلطاناً، ربما إن أخرجتها ستخفف عن نفسها بعض الثقل، وصدق حدس عليا، وقد كان...

مرت لحظاتٌ طوال حتى شعرت بتثاقل جسدها فأدركت أنها نامت، حاولت إبعادها عن أحضانها لكن مياس كانت متمسكةً بها بقوة كطفلٍ عنيد لايريد ترك أمه، فتناولت وسادتها وسحبت غطاء فراشها الثقيل لتسقطه فوقهما ثم استلقت ورأس مياس فوق صدرها، ظلت تربت على كتفها بمواساة وأسدلت جفنيها بهدوء، وحديث مياس يتقلب بين جنبات عقلها لتكتشف عليا جانباً جديداً كان مدفوناً داخل شخصية ابنتها القاسية، إنها إنسانةٌ طبيعية وكل الشراسة والصلابة التي تتعامل بها ليست سوى جداراً أنشأته لتخفي حقيقتها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة