قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والثلاثون

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والثلاثون

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والثلاثون

تعالت صرخات نيره وهي تقف علي قارعه، بينما نظرت ياسمين إلى السياره المُتجهه ناحيتها بسرعه البرق ومن شده خضتها تجمدت في المُنتصف دون ان تُحرك ساكناً، وهنا هرولت نيره بإتجاهها علي الفور ثم قامت بإزاحتها للجهه الاخري ليرتطم جسد ياسمين أرضاً وقد غابت عن الوعي كُلياً...

مرت السياره سريعاً وقد اوشكت علي تدمير ياسمين علي بُعد سنتيمترات، لكن الله لم يُرد بها أذي وانجاها بأقل الخسائر، حيث فقدت الطفل أثر رهبتها من المشهد...
جثت نيره علي ركبتيه في مُنتصف الطريق وظلت تصرُخ بهيستيريه وجسدها ينتفض من شده الفزع وهي تحتضن ياسمين إليها...
تجمع الماره حولهما وبدأ الناس في تقديم المُساعدات بينما أمسكت نيره الهاتف وأجرت إتصالاً بشقيقها وما أن أجابها حتى هتفت بنبرآت مُرتعشه...

الحقني يا حمزه. الحق ياسمين.
هب حمزه واقفاً من شده القلق ثم هتف بنبرآت مُتلهفه...
فين ياسمين! مالها!
نيره ببكاء مرير: اتعرضت لحادثه ووقعت في نص الطريق.
جحظت عيناي حمزه في صدمه حتى تابع بعصبيه...
إنتوا فين بالظبط. إنطقي!
نيره مُكمله: اخدتها في عربيه واحده وهنروح مستشفى (، ).
حمزه وهو يُهرول بملابس البيت بإتجاه باب القصر دون أن يرُد علي حديث والدته: طيب انا جاي حالاً.

القي حمزه الهاتف أرضاً ومن ثم هرول بإتجاه سيارته بينما أخذ نادر ينادي عليه ولكن لا حياه لمن تُنادي.
دلف حمزه داخل سيارته وبعدها قاد السياره مُتجهاً لتلك المشفي بينما قرر نادر تتبعه بالسياره إلى حيث يذهب...
مر ما يقرُب من الربع ساعه حتى اصطف حمزه سيارته بجانب تلك المشفي وأيضاً نادر ومن ثم دلفوا سوياً للداخل، ليقوم نادر بإلاستفسار في غرفه الاستقبال حيث ارشدوه بمكان الحاله...

صعدوا الدرج فور تلقيهم المعلومات، وما أن وصلوا إلى الطابق العلوي وجدوا نيره تجلس إلى أحد المقاعد وتبكي بحُرقه...
هرول حمزه بإتجاهها وبعدها أمسك كلتا ذراعيها ثم ردد بإنهيار والدموع تنساب من عينيه...
فين ياسمين! ايه اللي حصل! انا سايبها امانه معاكِ.
وضعت نيره كفيها علي وجهها ثم أجهشت بالبكاء بصوتاً عالياً وهي تهتف.

كان في عربيه هتخبطها. وانا ما عرفتش اعمل ايه غير اني ابعدها بإيدي، ولما وقعت علي الأرض أغم عليها.
حمزه بضربات قلب سريعه: يعني ما حصلهاش حاجه!
نيره وهي توميء برأسها سلباً: لا. بس انا خايفه علي البيبي.
في تلك اللحظه تدخل نادر في الحديث حيث قام بنزع زوجته من بين ذراعي حمزه وقام بضمها إلى وهو يُردد في هدوء.
أهدي كفايه عياط.

نيره بإنهيار: لو البيبي جراله حاجه مش هسامح نفسي، علشان انا اللي اصريت عليها انها تيجي معايا.
نادر بحنو: ادعيلها بس.
إتجه حمزه حيث الغرفه التي توجد بها ياسمين ومن ثم اسند رأسه إلى بابها والدموع تسقط من عينيه تلقائياً وهو يُردد بخفوت...
ربي إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللُطف فيه. ابعد عنها الشر يارب. انا راضي بقضائك يارب، بس ما تورينيش فيها شر.

مر ما يقرُب من الربع ساعه ليجد الطبيب يتجه خارج غرفه العمليات ثم تابع مُوجهاً حديثه ل حمزه...
حضرتك زوج المريضه!
حمزه بترقُب: أيوه!
الطبيب بثبات: ممكن تتفضل معايا شويه علي المكتب.
اومأ حمزه برأسه مُتفهماً وترجل بصحبه الطبيب إلى مكتبه وهو يخشي كلماتاً قد تجعله يفقد توازنه ويحتل الإنهيار جسده بالكامل...
جلس الطبيب إلى مقعده بينما جلس حمزه إلى المقعد المُقابل له وهنا تابع الطبيب شارحاً.

هي المدام إتعرضت لحاله إجهاض مُسبقه!
حمزه بتأكيد: أيوه.
الطبيب بأسف: للاسف حصل إجهاض للمره التانيه ودا أدي لضعف نشاط الرحم عندها. يعني اصبح في حاله خمول وعلشان يحصل حمل جديد، لازم الرحم يستعيد نشاطه وشفاءه من جديد ودا هياخد وقت كبير جداً، وطبعاً مع الادويه والمُنشطات كُل حاجه هترجع لطبيعتها. بس سامحني إني هقولك دا ممكن علاجه ياخد سنين وخصوصاً إن مرات حضرتك سنها صُغير ف ما استحملتش تكرار الإجهاض.

تنهد حمزه طويلاً، ود لو يصرُخ من شده وجعه لكلمات الطبيب ولكنه لا يجب عليه أن يضعف، فهي هُناك في تلك الغرفه تنتظر قوته لتتخذ منها عُكازاً تستند عليه، وهنا تابع حمزه بثبات...
وهي عامله ايه يا دكتور!
الطبيب بهدوء: ما تقلقش هي بخير. بمُجرد ما تفوق من تأثير البنج تقدروا تشوفوها.
حمزه بتساؤل: ويا تري ينفع انقل رعايتها في البيت افضل من انها تفضل في المستشفي.

الطبيب مُكملاً: لو هتقدروا تقوموا بالدور. اللي بيقوم بيه المُمرضات هنا، وتواظب علي الادويه في مواعيدها تقدر تاخذها معاك من بُكرا.
حمزه بتفهُم وهو ينهض عن مقعده: تمام. شكرا يا دكتور.

أيه! ايه اللي حصل وامتي!
أردفت دعاء بتلك الكلمات في فزع وهي تُحادث السيده كوثر أثناء جلوسها في منزل شقيقها محمد الجيار بينما تابعت كوثر ببكاء.
حمزه ونادر، راحولها المستشفي دلوقتي.
دعاء بخوف: وهي عامله ايه دلوقتي!
كوثر بأسف: سقطت الجنين.
دعاء بصريخ: أجهضت تاني! لا حول ولا قوه الا بالله، قوليلي عنوان المستشفى بسرعه.
املتها كوثر العنوان ومن ثم أغلقت الهاتف معها وهي تُردد بنبرآت باكيه...

عملت ايه بس في حياتها علشان تشوف كُل الوجع دا!
محمد بحُزن: أهدي يا دعاء دا قضاء ربنا. اللهم لا اعتراض.
ياسين مُتدخلاً بحسم: يلا يا جماعه علشان نروح نطمن عليها.

احمدي ربنا انك كُنتِ مغطيه وشك وإلا كان زمان نيره معترفه عليكِ.
أردف قاسم بتلك الكلمات في عصبيه بينما تابعت سندرا وهي تُحادثه هاتفياً...
ما تقلقش محدش شافني. بس مش دي المُشكله، المُشكله الاكبر إني معرفتش اخبطها بالعربيه. مرات إبنك انقذتها مين تحت عَجل العربيه.
قاسم بغيظ: كُنتِ اخلصي منهم هم الإتنين. علي العموم اهي أجهضت وخلاص.
سندرا بذهول: هي كانت حامل!
قاسم بتهكم: مالك هتتعاطفي معاها ولا أيه!

سندرا مُكمله: طبعاً لا. بس اول مره اسمع الخبر دا.
قاسم بثبات: اهو افرحي بقا مُخططك، مجاش فشنك.

طيب انا جاي حالاً يا نادر. مسافه السكه.
أردف هشام بتلك الكلمات وهو ينهض عن الفراش بهدوء شديد خوفاً من أن تستمع زوجته للمُحادثه بينه وبين شقيقه ف تُصاب بالجنون.
قام بفتح الخزانه في هدوء خشيتاً ان تستيقظ ومن ثم ارتدي ملابسه واسرع مُتجهاً إلى المشفي.

وصل الجميع إلى المشفي في آنٍ واحد وبدأوا في السؤال عن حاله ياسمين وقد اجابهم نادر مُطمئناً إياهم بأنها في حاله جيده ولكن قد خسرت الجنين.
نظر السيد محمد بإتجاه حمزه الذي يجلس بمعزلٍ عنهم ومن ثم سعي بخُطواته نحو حمزه وما أن وصل إليه حتى ربت علي كتفه، بكفه وهو يجلس بجانبه مُردداً.
اوعي تيأس يا حمزه يابني. وعسي ان تكرهوا شيئاً وهو خيراً لكم.

حمزه بنبرآت مُختنقه: مش مهم انا. انا خايف عليها هي. لو تعرف اد أيه نفسها تكون ام وبتحب الاطفال أزاي. قلبي بيوجعني لما يكون نفسها في حاجه ومش عارف اجيبهالها، ودا اكبر مثال حرفياً. انا عارف إن مش من حقي اعترض، وإن ربنا له حكمه في كُل اللي بيحصل، بس ياسمين لسه طفله واللي بيحصل دا أكبر من قدرتها. هتستحمله أزاي.
محمد بحنو: وإنت روحت فين!

حمزه بدموع في مُقلتيه: ضعفها هو مُنتهي الضعف بالنسبالي. مفيش حد في الدُنيا هيفهم حُبي للروح دي، محدش هيقدر يستوعب قد ايه ضحكتها بتحيي كُل ذره فيا، محدش هيفهم اللي بينا غير ربنا. محدش هيحس بوجعي غيره.
محمد بهدوء: من رضي بقضاء ربه، ارضاه الله بجمال قدره. اعمل اللي عليك وحاول تسند ضعفها، واصبروا سوا وصدقني ربنا رحيم أوي.
حمزه بتفهُم: ونعم بالله.

مر الكثير من الوقت ومازلت ياسمين في غيبوبه نومها لم تفق بعد بينما تابع حمزه بنبرآت ثابته مُحدثاً الجميع...
يا جماعه. بعد أذنكم كُل واحد يرجع بيته وانا هفضل مع مراتي. وبُكرا الصبح هاخدها للقصر.
نيره ببكاء: مش همشي من غير ما اسمع صوتها، علشان انا السبب.
إقترب حمزه من شقيقته ومن ثم قام بضمها إليه مُردداً بثبات.

محدش له ذنب في حاجه ولا حتى إنتي يا نيره. ربنا هو اللي رايد دا. وكفايه إنه سخرك علشان تكوني سبب في إنها لسه بيننا.
نيره بهيستيريه: طيب عاوزه اسمع صوتها بس.
حمزه بحنو وهو يُقبل جبين شقيقته: اوعدك بكرا الصبح هتكون عندك في القصر.

إقتنعت نيره بحديث شقيقها وبالفعل إتجه الجميع عائدين إلى منازلهم بأمر من حمزه الذي دلف داخل الغرفه التي تقطُن بها زوجته ليجدها مُسجاه علي الفراش وقد دبل جفنيها بشكل كبير وأصطبغت شفتيها باللوان الأزرق وهي تضع كلتا ذراعيه جانباً في حاله إستسلام كامله...
رمقها حمزه بحُزن مُنمق حيث رفض الضعف واقسم علي الثبات امامها وما أن جلس بجانبها إلى الفراش حتى أمسك كفها ثم قبله مُردداً بحنو.

عاوز اعترفلك بحاجه، انا عارف إنك نايمه ومش هتسمعي كلمه من اللي انا هقولها أصلاً، بس خليني اقولك شويه حاجات عُمري ما قولتها قبل كدا، انا حبيتك من يوم ما شوفتك في بيت قاسم الطوخي. أُعجبت بحيائك وانا فاكر انك الخدامه. مش هنكر إني انجذبت لعينك وكُنت شغوف إني اعرف النقاب دا خافي وراه ايه! عارفه كمان لما قرأت المُذكره وشوفتك كاتبه تاريخ اول شخص آذاكي وضربك بالقلم، كان نفس التاريخ اللي كتبته في مُذكرتي لما قومت مخضوض من النوم وحسيت إن روحي بتروح مني. ساعتها دعيت ربنا كتير انه يسامحني علي أي دمعه نزلت من عينك، واتأكدت إنك النُص اللي هيكملني بجد، النُص اللي كُله خير وهيجر نصه التاني ل طريقه، ومش ناسي اول كلمه بحبك طلعت منك وإنتِ بتحضنيني وانا زي الغبي قولتلك خلينا اخوات، رغم كُل البلاوي اللي عملتها دي، بس ربنا كان لسه مُصر أنه يكافئني بيكِ، ونعم المُكافأه. سكن ما بيتهزش، حنيه العالم باللي فيه، جوهره عارفه أزاي تصون جوزها واسرار بيتها، صابره دايماً علي الإبتلاء بقلب راضي، ودايماً علاج سريع المفعول لمشاكلي وعصبيتي. أزاي بعد كُل دا ما حبكيش. أزاي ماسندكيش بكُل ذره فيا. إنتِ خليتيني أحبك غصب عني، لان اللي زيك ما ينفعش، ما يتحبش. انا بعشقك يا ملاكي الصُغير. وعارف اد أيه نفسك في طفلي، وعلي فكره كُنت بسمعك دايماً وإنتِ بتصلي وبتدعي بدعي وكُنت بردد وراكِ أمين، بس ممكن علشاني ما تضعفيش. دمعتك بتضعفني. ممكن ما تعيطيش علشان ابان قوي قدامك!، ممكن!

أجهش حمزه بالبكاء، عقب إنهاء حديثه وهو يضع كفيها امام شفتيه ويبكي بحُرقه بينما تابعت هي بنبرآت واهنه...
وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مُصيبه، قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.
حمزه بحنو: صدق الله العظيم.
ياسمين بوهن: اوعدك مش هعيط، بس إنت امسح دموعك الاول واوعدني نفس الوعد.
حمزه وهو يضُمها إلى صدره: اوعدك.

أسندت رأسها إلى صدره ثم غطت في النوم من جديد بينما وضع هو الغطاء عليها ثم اغمض جفنيه في إرهاق...

في صباح اليوم التالي
أزاي اختي تكون في المُستشفي وما تقوليش!، ملكش حق تعمل كدا!
أردفت رنيم بتلك الكلمات في صُراخ بينما تابع هشام بثبات.
رنيم. لاحظي إن نبره صوتك عليت أوي.
رنيم بعصبيه: هو دا اللي مضايقك. يعني مش حاسس بوجعي لما اعرف انها في المستشفي وانا نايمه هنا.
تنهد هشام بعُمق ومن ثم أسرع بخُطواته نحوها ثم تابع بهدوء.

يا حبيبتي. إنتِ واحده حامل وليكي عُذرك. إزاي هقومك من نومك واقولك خبر يُخضك فجأه كدا.
رنيم وهي تبكي بين أحضانه: نفسي ياسمين تفرح بقا.
هشام بحنو: ادعيلها. ويلا جهزي نفسك، علشان حمزه كلمني وقالي انه واخدها علي القصر.
نيره بحزن: حاضر.

مُستعده يا ياسمينتي!
أردف حمزه بتلك الكلمات وهو يحملها بين ذراعيه مُتجهاً خارج باب الغرفه في حين استقبله وائل بالخارج ثم ردد بهدوء.
الف سلامه يا مدام ياسمين.
ياسمين بهدوء: الله يسلمك.
حمزه بتساؤل: وصلت لاي حاجه عن العربيه دي!
وائل مُكملاً: للاسف لسه. انا بلغت البوليس، وخدنا اقوال نيره. وهي قالتلنا علي بعض الارقام اللي كانت موجوده علي العربيه، ولو حصل اي جديد هيبلغونا.
حمزه بثبات: تمام.

أتجه حمزه بزوجته خارج باب المشفي، ليقوم وائل بقياده السياره التي تنقلها إلى القصر، وبالفعل وصلوا جميعاً إلى القصر ليقوم حمزه بحملها بين ذراعيه من جديد، ومن ثم صعد الدرج وقام بإدخالها إلى الغرفه، واضعاً إياها في الفراش...
هرولت نيره ناحيتها ومن ثم قامت بضمها وهي تبكي في حُزن مُردده...
أنا أسفه يا قلبي سامحيني.
ياسمين بإرهاق: أسفه علي ايه يا حبيبتي!، دا قضاء ربنا.
نيره بحزن: مش زعلانه مني يا ياسمين!

ياسمين بحنو: طبعاً لا. كفايه عياط بقا.
في تلك اللحظه إقتربت نيره من حمزه ثم قامت بمد يدها له وهي تُتابع.
الساعه بتاعتك يا حمزه.
حمزه بإستغراب وهو ينظُر للساعه القابعه بين كف نيره: دي كانت ضايعه مني. لقيتها فين دي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة