قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الأول

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الأول

رواية حوريتي الصغيرة للكاتبة علياء شعبان الفصل الأول

الفصل الأول حوريتي الصغيره.
في أحد ليالي الربيع المعتدله، تُعاكس الرياح الأجواء وتتساقط أوراق الأشجار كمن يشهد علي نهايه حياته في هذه الدنيا، ولكن تلك الأشجار تحزن علي فقدان رفيقها ومن كان لهم رحيماً بإهتمامه...

هناك داخل هذا المنزل الصغير في إحدي القري بمحافظه المنيا حيث تجلس هي إلى فراشها الوثير، ذو الأغطيه البسيطه تحتضن تلك الصغيره، والوجع يحتل دقات قلبها لا مفر. وباتت دموعها تنهمر دون توقف او مرحله جفاف تمهلها وقتاً لإعاده ملاً مخزونها اليومي من العَبرات...
ظلت ساكنه الحركه ناظره صوب السماء من نافذه غرفتها ومن ثم تنهدت طويلاً قبل أن تتجه ببصرها ناحيه صغيرتها النائمه...

نصيبك كدا يا بنتي، نصيبك من الدنيا إنك تكملي حياتك من غير أب. اللهم لا اعتراض.
أردفت رنيم بتلك الكلمات في وجع تلك الفتاه ذات الخامسه والعشرون من عمرها، تتميز بملامح بسيطه ولكنها باتت تميل للإكتئاب عقب وفاه زوجها، فقد تزوجت رنيم في العشرون من عمرها دون رغبتها في الزواج من هذا الشخص ولكن تحت إصرار والدها وما تعرضت له من صدمات في خلال تلك الفتره، وافقت هي راضيه بقضاء الله وإختياره لها.

في تلك اللحظه طبعت رنيم قُبله علي وجنتي إبنتها ثم تابعت بنبرآت أكثر وجعاً...
ربنا يرحمك يا ياسر. ويجعلك مثواك الجنه.
وهنا نهضت من فراشها بعد أن تأكدت أن إبنتها قد غطت في سُباتاً عميق لتتجه ناحيه الشرفه وتجلس إلى أحد المقاعد الخشبيه داخلها ومن ثم شردت لما حدث قبل خمس سنوات ماضيه...
#Flash back.

قامت رنيم بضم ساقيها إلى صدرها ثم أجهشت في البكاء وقد علي صوت نحيبها بطريقه أقلقت والدتها التي إتجهت ناحيه باب الغرفه وظلت تطرقه في توجس هاتفه بقلق...
يا رنيم إفتحي يا بنتي ما تعمليش في نفسك كدا.
تنهدت رنيم في آسي ثم تابعت من بين نحيبها...
إنتوا ليه مش عاوزين تفهموني يا أمي. أنا مش عاوزه أتجوز.
الأم بقلق ونبرآت هادئه: طيب إفتحي يا حبيبتي وخلينا نتكلم.

بدأت رنيم تمحي عَبراتها المتساقطه بأطراف أصابعها ثم إتجهت ناحيه باب الغرفه وقامت بفتحه في وهن مُردده...
هنتكلم في أيه يا أمي، هو مش ابويا خد قرار جوازي من غير ما يرجعلي خلاص!
الأم بأسف وهي تحتضن إبنتها: أهدي يا بنتي وأسمعيني كويس.
جلست رنيم إلى الفراش مره أخري ومن ثم تابعت بنبرآت خافته...
سمعاكي يا أمي.

الام بهدوء: لازم تفهمي يا بنتي إنِ مفيش حد عارف سبب رفضك للجواز غيري. أوعي تفتكري يا رنيم إني مش حاسه بيكِ، دا انا قلبي واكلني عليكي أوي يا بنتي. بس لازم تقدري أن ابوكي ميعرفش اي حاجه عن أسرارك وعاوزلك الخير يا حبيبتي. وإن كان الشخص اللي حبك متمسكش بيكي ولا وفي بوعده ف دا مش معناه إنها نهايه العالم، بكرا تحبي جوزك يا بنتي. لأن عمرك ما هتقفي قدام النصيب، وياسر هو نصيبك وقدرك. وماينفعش تعارضي حاجه إختارهالك ربنا.

إمتعق وجه رنيم بالضيق ثم ظلت تشهق كالطفله الصغيره مُردده...
ليه يا أمي سابني كدا بدون أسباب مُقنعه! أنا مش مُتخيله حياتي مع شخص وقلبي مع شخص تاني. أنا مش خاينه يا أمي علشان اعمل كدا. محتاجه أبعد عن كُل الضغوط دي علشان اقدر اخد قرار.
أخفضت كريمان رأسها فقد أحست بصحه كلام إبنتها ولكنها لا تستطع الوقوف أمام قرارات زوجها (عبد الواحد) وهنا تابعت بألم...

أبوكي أخد قراره خلاص ومش عاوز يسمعنا يا بنتي، سامحيني وحاولي تحبي خطيبك وتتأقلمي. إنتِ عارفه إن دي عادتنا وتقاليدنا في الصعيد والحب مش معترف فيه بينا.
رنيم بنبرآت هادره: بس انا مش عاوزه أتجوز ياسر او غيره. ولا حتى أحب. أنا خلاص يا أمي تعبت.
في تلك اللحظه قامت السيده كاريمان بإحتضان إبنتها ثم رددت بنبرآت خافته...
ربنا يريحك قلبك يا بنتي، ويجازي اللي كان السبب.!

وهنا دلف عبد الواحد ذو الملامح الجامده والصوت الخشن ثم تابع بنبرآت حازمه...
قومي يا بنتي شوفي خطيبك، علشان نحدد ميعاد نجيب فيه الدهب.
رمقتهُ رنيم بأعيناً حمراء ثم إبتلعت ريقها بصعوبه شديده وهي تُتابع...
بردو يا بابا.
نظر لها والدها بنفس تلك النظرات الجامده ومن ثم والاهم ظهره قائلاً...
قرار مافيهوش رجعه. ماتخليش خطيبك يستني كتير.

إتجه السيد عبد الواحد خارج الغرفه في حين قامت رنيم بمحو دموعها ومن ثم نهضت مُتجهه ناحيه خزانتها وسط نظرات والدتها المستغربه...
إنزلي يا ماما قوليلهم إني جايه.
الام بتساؤل: رنيم إنتِ كويسه!
تنسمت رنيم الهواء ثم شهقت في صلابه وهي تُرجع خُصلات شعرها للوراء وتقوم بعقصهم في مرونه...
أنا تمام اوي يا امي، شويه وهنزل.

إنصاعت كريمان لحديث إبنتها رغم عدم إرتياحها لرده فعلها بينما تجهزت رنيم تماماً ووضعت حجابها الهاديء، ومن ثم إتجهت إلى غرفه الضيافه حين ينتظرها خطيبها...
ما أن رأها ياسر حتى تهللت أسارير وجهه وتابع بنبرآت هائمه...
أزيك يا رنيم.
رنيم بثبات: أنا كويسه.
ياسر بسعاده: يارب دايماً في أحسن حال يا ست البنات.
قاطعتهم السيده كريمان قائله...
أنا أقوم اعملكم حاجه تشربوها.
ياسر بحب: تسلم ايدك يا ست الكل.

دلفت السيده كاريمان خارج الغُرفه حتى تترك لهم فرصه الحديث علي إنفراد، وهنا تابع ياسر بنبرآت مُتسائله...
لو مافيهاش إزعاج ممكن أسألك سؤال يا آنسه رنيم!
رنيم بنفس الثبات وهي تنظر للجهه الأخري: أسأل.
ياسر بحزن: ليه دايماً بحس أنك مغصوبه عليا ومش حابه تقابليني!
رنيم وهي تُغمض عينيها في ضيق: علشان هو كدا فعلاً.
#current time
عوده للوقت الحالي.

أفاقت رنيم من شرودها علي صوت والدتها التي تدلف داخل الغرفه مُردده.
يا بنتي كفايه اللي بتعمليه في نفسك دا، عدي سنه علي وفاه جوزك ولسه حابسه نفسك جوا الأوضه ومش عاوزه تكلمي حد خالص.
واصلت رنيم بكائها وهي تهتف بنبرآت باكيه...
ظلمته كتير وهو عايش يا أمي. إستحمل مني كتير أوي. معرفتش قيمته غير لما مات.

كريمان بحزن: كفايه يا بنتي عينك مش شيفاها من الدموع. وبعدين دا قضاء ربنا أدعيله بالرحمه يا رنيم هو أكيد محتاج دعواتك. لأنك أكتر شخص كان ياسر بيحبه، وقومي معايا طالما جويريه نامت علشان عوزاكي في موضوع.
أشاحت رنيم بوجهها للجهه الأخري ثم تابعت بضيق...
لو هتكلميني عن موضوع هشام. يبقي مفيش داعي منه. أنا هاخد جوري في حضني وهنام. ولو سمحتي يا أمي أقفلي النور وإنتِ خارجه.

كريمان بتفهم: ماشي يا بنتي. ربنا يهديكِ ويريح قلبك.

في أحد أيام فصل الربيع حيث إزدهار وتفتح الورود بألوانها وأشكالها الزاهيه وسط مساحات هائله من الرقعه الخضراء والحقول بإختلاف ثمارها.

مالت تلك الفتاه ذات الثمانيه عشر عاماً بجسدها للأمام ثم جثت علي ركبتيها بخفه وأمسكت بأطراف أصابعها الصغيره تلك الزهره بيضاء اللون ثم قربت أنفها لتتنسم عبيرها، ف تلك الصغيره عاشقه لأزهار الياسمين، ولم تكن هذه الفتاه في ريعان شبابها بأقل جمالاً وإشراقه من أزهار الياسمين، ولم تكن هذه الصفات مشتركه بينهم فقط، بل تُدعي تلك الجميله ياسمين.

ياسمين منصور الجيار، تسكن في إحدي القري بمحافظه المنيا، شديده الجمال، ترتدي دائماً حجابا يغطي ما يجب تغطيته (خمار). إلتحقت بالصف الثالث الثانوي، وقد إقتربت من نهايه العام الدراسي لتتأهل لمرحله جديده وتستطع أخيراً تحقيق حلم والدها وقد أصرت علي عدم خذله...

يعمل والدها تاجر للأزهار، حيث يقوم بزراعه ورود بأنواعها المختلفه وما أن تنضُج يقوم ببيعها في الاسواق علي الفور، ولشده حبه لأزهار الياسمين قام بتسميه إبنته الوحيده بنفس الاسم وخاصه بعد موت والدتها أثناء ولادتها، أصبح هو كُل عائلتها، وتعمل ياسمين معه في الحقل في موسم حصاد هذه الأزهار...

يمتلك منصور الجيار شركه كبيره في القاهره لصناعه وبيع الملابس قد ورثها عن والده وتشاركه فيها شقيقته وزوجها، ولإصراره علي البقاء في بلدته والعمل في حرفته المستحبه، قام بترك زمام المسؤليه وإدارتها ل شقيقته (دعاء الجيار) و زوجها (قاسم الطوخي)وابنيه (هشام ونادر)...

أخذت ياسمين شهيقاً ثم أخرجته في هدوء وهي تنظر للحقل الخاص بهم في سعاده، وذلك لنمو الثمار بشكل مُبهج للغايه.
ياسمين بسعاده: تحفه أوي، الحقل شكله يجنن.
منصور بحُب: مش ياسمنتي زرعتهم معايا لازم يكونوا حلوين.
دارت ياسمين بجسدها ثم قامت بإحتضانه قائله.
ياسمين بفرحه: هنحصدهم أمتي يا بابا! انا هحصد الياسمين كله لوحدي!

منصور بضحك: ولا ياسمين ولا غيره. فاضل أسبوعين علي أمتحاناتك يا دكتوره. ولا عاوزه تخذليني.
إبتعدت ياسمين عنه بعض الشيء ثم قطبت حاجبيها بإستنكار.
ياسمين بزعل: معقول يا بابا أنا أعمل كدا! أنا بعمل اللي عليا وبذاكر كل دروسي أول بأول. وربنا ما بيضيعش تعب حد.
مسح منصور بكفه علي رأسها في حنو...

منصور بحُب: ونعم بالله. بس لازم نجتهد أكتر الفتره دي لأن المسؤليه زادت أوي يا ياسمينتي ووعد الموسم الجاي، هخليكي تحصدي الياسمين كله لوحدك.
ياسمين بفهم: تمام. بس أوعدني.
منصور بحب: إن شاء الله.
جذبت ياسمين يد والدها في حب ثم قامت بطبع قُبله حانيه عليها وووو...
ياسمين بمرح: طيب يلا بينا علي البيت، هناكل سوا وبعدين أرجع الشغل تاني وانا هذاكر.
منصور بهدوء: ماشي يا دكتوره.

أزاي التصميم ماوصلش للشركه يا قاسم!
أردفت دعاء بتلك الكلمات في إستغراب شديد، بينما هتف زوجها مزمجراً...
قاسم بضيق: الباشا إبنك هو اللي استلم التصميم من الفندق علشان نصمم لهم اليوني فورم (uni form) الخاص بالعاملين في الفندق. والكلام دا من تلات اسابيع ولسه عارف من مسؤل الفندق بالموضوع دا!

دعاء فاغره فاهها: أيه! من تلات اسابيع سلموا التصميم ل نادر وهو ماوصلش دا للشركه!، لاااااا أكيد في حاجه غلط.
قاسم بغضب عارم: ولا غلط ولا حاجه. إبنك طول عمره مستهتر وماشي وري نزواته ومش فارق معاه الشغل ولا أبوه حتي.
إقتربت دعاء منه في توتر ثم مسحت بأطراف أصابعها علي ظهره محاوله تهدئته...
دعاء بقلق: طيب أهدي، وهنعرف منه كل حاجه.
قاسم وهو يجز علي أسنانه: المحروس لسه نايم مش كدا!
دعاء بتوتر: اه ل ل لسسسه.

أبعدها قاسم بذراعه ثم إتجه بخطي سريعه إلى غرفه ابنه وهو ينتوي له أشد الوعيد وما أن دلف داخل الغرفه حتى وجد ابنه متسطح علي فراشه وغارق في نوماً عميق، ليقترب منه ثم يهتف عالياً...
قاسم بصرامه: ناااااادر. إنت يا بني آدم!
إنتفض جسد نادر نتيجه إرتفاع نبرآت والده المليئه بالجمود ومن ثم جلس القرفصاء علي الفراش وهو يدعك عيناه بأطراف أصابعه...
نادر بخفوت: في أيه يا بابا. حد بيصحي بني آدم كدا!

إقترب قاسم من مكان ابنه أكثر ثم قام بإمساكه من ياقه قميصه وهو يهتف بغيظ.
قاسم بصرامه: فين التصميم الخاص بالزي الرسمي اللي استلمته من فندق (bonsoir) من 3 اسابيع أنطق!
حك نادر رأسه بأطراف أصابعه في هدوء ثم تابع بعد دقائق من التفكير...
نادر ببلاهه: اه ما انا ما عجبنيش الشغل معاهم، ف رميت الورق.

قاسم بصدمه: رميته! إنت شكلك إتجننت علي الأخر وهتبوظلي كل شغلي. من هنا ورايح مفيش شغل في الشركه ومفيش مليم واحد مني. ووريني هتصرف علي نفسك منين.
نادر وهو يزفُر بضيق: خلصت الأسطوانه بتاعت كُل يوم يا بابا. يلا أطلعوا بقا من الأوضه عاوزه أنام.
جدحه قاسم بعدوانيه وآسف علي سوء تربيته له ثم أسرع بالدلوف خارج الغرفه وتبعته دعاء التي تعمل دائماً علي تهدئته في حالات الطواريء...

دلف قاسم داخل غرفته ثم نزع جاكته القماشي عنه وقام بإلقائه علي الفراش وهو يتابع...
قاسم بصرامه: انا هنام ساعتين وتصحيني. علشان أروح الشركه.
دعاء وهي توميء برأسها: ح ح حاضر
قاسم مكملاً: اه وما تنسيش تقفلي باب الأوضه والنور وراكي.
تلعثمت دعاء قليلاً قبل أن تتابع ب...
دعاء مُتسائله: حاجه تاني يا قاسم!
قاسم بثبات: لا.

إنصاعت دعاء لحديثه ثم إتجهت مسرعه خارج الغرفه وهي تلوم ابنها لتسببه في تعكير مزاج والده وإشتعال الأجواء داخل المنزل...
إتجهت دعاء في تلك اللحظه ناحيه غرفه ابنها الأكبر (هشام)، لشده قلقها عليه، منذ قراره بالعمل بعيداً عن شركات والده والبقاء وحيداً داخل غرفته بإستمرار...

وهنا قامت دعاء بقرع باب الغرفه في هدوء دون إجابه ومن ثم قررت فتح باب الغرفه، لتجد ابنها مستلقياً إلى فراشه ونائماً وما أن خطت بضع خُطوات داخل الغرفه حتى سمعته يصرخ بنبرآت هادره...
لا لا لا لا يا رنيم. أوعي تسيبيني. أنا جاي أخدك أهو،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة