قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون

الدقائق التالية كانت مجرد هامش لتلك الحياه التي ضيقت جدرانها على روح تلك المسكينة...!
كانت تحدق به مذهولة مصدومة، تتمنى لو يخبرها احدهم انه مجرد كابوس...
ولكن بدا واقع مرير قاسي على القلب عندما هزها علي وهو يسحبها متمتمًا بصوت جاد:
-هيا حور
ولكن حور نفضت يداه عنها وهي تصرخ فيه بجنون:
-اتركني علي، لم أخبره ما اريد قبل ان ارحل.

تنهد علي وهو يتركها مضطرا، لتتقدم هي ببطء تجاه عاصي الذي كان يجاهد للحفاظ على ثباته، هو ادرك تمام الادراك أن حور اصبحت نقطة ضعفه، واصبح هو ضعيف امامها وهذا اخر ما يتمناه...
اصبحت امامه تمامًا، كانت عيناها تنطق بالكثير ولكن فاهها لا ينطق بشيء، يلتزم الصمت الذي يقتل كل خلية به...

ودون مقدمات كانت تصفعه بعنف صفعة دوت في الارجاء، صفعة لم تكن مجرد ألم جسدي بل كانت اكبر من ذلك بكثير، كانت نقطة تحول، نقطة انهيار شيء وتصلب شيء اخر...
شهقات مختلفة صدرت عن الجميع، لتهدر حور بحرقة دون ان تبالي بأي شخص:
-لم اندم على شيء بحياتي بقدر ما شعرت بالندم على موافقتي على الزواج منك عاصي!
اغمض عاصي عيناه يحاول اسكات ذلك الجنون الذي تخلقه الشياطين داخله، ليزمجر فجأة بصوت عالي في حور:.

-خذ شقيقتك يا علي قبل ان ارتكب جريمة يندم جميعنا عليها
وبالفعل تقدم علي بسرعة يسحب حور، صحيح انه لا يحب عاصي ولكنه يعلم جيدًا أن حور تجاوزت كل الحدود عندما ضربته وفي منتصف منزله!
فقال عاصي بجدية آمرة:
-ارمي يمين الطلاق يا علي
حينها رد علي بكل برود يعرف له معنى:
-لن افعل، أسيل ستظل زوجتي مادمت حيًا، وسيأتي يوم وأخذها
-اذن المحاكم بيننا وسأطلقها منك رغم ارادتك.

صرخ بها عاصي بحدة وحنق واضحان ولكن قابلهما علي ببرود ف كور عاصي قبضتاه معًا وهو يستطرد بغل تراقص في حدقتاه:
-لو تعلم الرغبة العمياء داخلي لقتلك لما قلت ذلك، الشيء الوحيد الذي يمنعني عن قتلك هو طبيعتي الغير سادية بالاضافة إلى أن شقيقتك تحملت عقابك بقدر كافي
بينما حور اكملت صراخها المنفعل ب عاصي:
-سأخرج وبأرادتي كما جئت لذلك المنزل بأرادتي، ولكن إن دخلته مرة اخرى لن ادخله كأول مرة ابدا!

وفي اللحظة التالية كانت تستدير وهي تخبر أسيل برأس مرفوعة وكبرياء جعل قناع الكسرة يتصدع ببطء:
-اخبري الخادمة أن تأتي لي بكل ما يخصني من فضلك أسيل، لأنني لن اخطو للداخل بنفسي
زفرت أسيل عدة مرات بضيق ثم اومأت موافقة بهدوء:
-حسنا انتظري دقائق
ثم توجهت للداخل بالفعل، لتشير حور نحو علي مرددة ببرود:
-اجلس يا علي، اجلس حتى تنتهي طمطم (فاطمة) من اعداد حقائبي.

وعلي كان يثق تمام الثقة أن كل ثبات حور وصلابتها تل تخفي في بواطنها انهيار مُعلن في عيناها اللامعة بدموع القهرة...!

وبالفعل بعد فترة انتهت وغادرت مع علي، لم تنطق بحرف واحد بل كانت ملتزمة الصمت وما اصعب الصمت عندما يكتم فوران ربما ينهي ذلك الانفجار الكامل إن تصدع...!
وصلا اخيرا لمنزلهم بعد فترة، وبمجرد أن طرقا الباب فتحت ريم التي تصنمت مكانها ما إن رأتهم امامها ثم سرعان ما صرخت وهي ترتمي بأحضان حور:
-حور، يا الله كم كنت احتاجك انتِ دائمًا تأتي بالوقت المناسب يا صديقتي الصدوقة.

بينما حور برغم مخالب الألم التي لاتزال تجعل جراحها تنزف الا انها ابتسمت وهي تحتضن ريم باشتياق حقيقي متابعة:
-اشتقتُ لكِ كثيرا يا مشاغبة!
رددت ريم بتوق حقيقي:
-اشتقت لكِ اكثر ياروح المشاغبة
حينها تدخل علي متنحنحًا بمرح خفيف يحاول تلطيف الجو به:
-يبدو أنني غير مرغوب هنا
فضحكت ريم وهي تحتضنه بمودة تلقائية اعتادتها في تعاملها مع علي وشقيقه الاخر المختفي حتى الان...

ولكن لم يستمر الجو المشحون بالحب حين أتى ابراهيم والد حور وهو يغمغم بصوت مصدوم:
-حور! وعلي؟!
ثم تقرب منهم بسرعة وهو يتشدق مستنكرًا:
-من أين لك الجرأة لتعود يا ابن الجبوري؟
رد علي بصوت أجش:
-من والدي، انا لم افعل شيءً خاطئًا لقد كان دفاع عن النفس
صاح فيه ابراهيم بحدة:
-لم هربت اذن ولم تقف كالرجال وتقول هذا؟!
اجاب علي بهدوء بارد:
-لانني اعلم انني لو قلت الف مرة لن يستمع لي شخصا!

نظر ابراهيم تجاه حور نظرة متفحصة تحمل سؤال واضح يتلهف للحصول على اجابة
ما الذي اتى بكِ ؟!
فقالت حور مستأنفة بسخرية دفينة:
-سأجيب قبل ان تسأل، عاصي طلقني يا ابي ولن اعود له مرة اخرى
لم تتوقع ابدا رد فعله الذي زاد من رنين روحها وآلام جراحها التي تنزف، لم تتوقع أن يسحبها من يدها كالطفل الصغير وهو يخبرها بحدة مفرطة:
-ستعودين يا حور، كيف لكِ أن تقولي هذا؟
ثم نظر ل علي صارخًا:.

-وانت كيف تفعل ذلك وهي لم تكمل الثلاث اشهر حتى متزوجة؟ تود تطليقها بعد شهران زواج يا علي
سحب حور معه للخارج يدفعها نحو السيارة وهي لا تردد سوى كلمة واحدة:
-لا تفعل يا ابي، ارجوك اتركني.

بينما علي يود تفليتها من بين يداه ولكنه كان كالذي تناسى كل شيء، تناسى انها ابنته، تناسى أن كرامتها المهدورة من كرامته، تناسى كل شيء لم يتذكر سوى وصمة العار التي ستُلصق به حتمًا ما إن يعلم الجميع أن ابنته لم تكمل الثلاث اشهر متزوجة وأتت له مُطلقة!..

بعد فترة...
كان عاصي يجلس امام الشرفة بشرود تام، عيناه تموج بشتى المشاعر، الألم، الهدوء، والاضطراب النفسي الذي يعتمل داخله...!
لا يدري ما فعله صحيح ام لا ولكن ما يعرفه حاليًا أنه لا يمكنه الاستسلام لتلك العائلة بتلك السهولة...!
دقيقة ووجد أسيل تقترب منه هامسة برقة:
-اشتقت للجلوس معك عاصي
ارتسمت ابتسامة حانية على ثغره وهو يجيب:
-وانا اكثر
جذبها من يدها لتجلس امامه وهو يسأله بصوت بدأ يلونه الخبث:.

-والان ستخبريني لماذا لم تؤيدي طلاقك من ذلك الرجل
عضت أسيل على شفتاها بحرج وأخفضت رأسها تفرك أصابعها بتوتر، بدأت الحمرة تزحف لوجنتاها ببطء فكانت تلك خير علامات لأجابة رفضت السطوع، فهمس عاصي بابتسامة حانية:
-وقعتي في عشق ذلك الثور يا أسيل
استغرقت أسيل دقيقة واحدة وكأنها تقنع نفسها المتقلبة بتلك الحقيقة المرفوضة داخلها، لتومئ مؤكدة بصوت مبحوح:
-نعم، لقد فعلت وعشقت ذلك الثور يا اخي ماذا عساي افعل!

ثم رفعت رأسها ببطء لتتابع بمكر انثوي توزع حروفها بمهارة لانتشال الاجابة:
-كما وقع اخي في عشق روحه التي غابت عنه مع غياب احدهم
صمت عاصي ينظر للجهة المقابلة، يا الهي، عندما يقع احدهم بعشق شخص، يصبح القلب رهن اشارة ذلك العشق، يتحكم به، يفرض سيطرته على منقطة القلب الضعيفة فيصبح الانسان على مهب ذلك العشق...!
واخيرا خرج صوته اجش وهو يخبرها:
-ربما، ولكني لا يجب ان افعل، لا يجب أن اسقط يا اسيل!

صمتت أسيل تعلم صراعه النفسي فصمت هو الآخر، ثم انتبه عندما سألته أسيل بهدوء تام:
-عاصي، ماذا كان سيحدث إن كان علي لم يقتل شقيقنا حسين؟!
رفع كتفاه وهو يرد بتلقائية:
-لا اعلم، ولكن بالتأكيد لكانت تغيرت اشياء كثيرة
امسكت اسيل بيداه وهي تربت عليها بحنان مرددة بحكمة تفوق عمرها عمرًا:
-تمسك بحبك ياعاصي، حور تعشقك ولا يعشق كلا منا احدهم كل يوم ولا يجده بسهولة.

حينها زفر عاصي بصوت مسموع ثم نظر لها وشعر في تلك اللحظات انه لا يحدثها بل يبرر لحور التي لا تغيب صورتها المنهارة من امام عيناه حتى تلك اللحظة:
-انا لم اتخل عنها، لا تنسي أن العدة تسعة اشهر، انا احتاج أن افكر جيدا في تلك الفترة هل سأستطيع نسيان الشرخ الذي بيننا ام لا، لانني لو قررت الان لن يكون قراري في صالحها وصالحي ابدا وسأستجب لعقلي!
اغمض عيناه بأرهاق نفسي يفوق كل القدرات وهو يستطرد:.

-ولا اعلم ايضا ماذا سأفعل حيال امر طلاقك او زواجك من ذلك ال علي ولكن ما اعلمه اننا نحتاج لمعجزة تغير كل شيء...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة