قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

بعد فترة اخرى...
كان ظافر مع اطياف امام المأذون، يقف جامد صامت، لا يعلم هل يسير خطوة صحيحة ام يتم خطوة مدمرة ستقضي على المتبقي من ربيع حياته...!
ولكن على اي حال الكارثة اصبحت قيد التنفيذ!..
دلفا معا نحو المأذون وبدأت بالفعل اجراءات الزواج، كان ظافر شارد بتلك الصغيرة التي تثبت له في كل مرة انها صغيرة بالفعل ولن تنظر للامور من زاوية اخرى ابدا...
انتبه من شروده على صوت أطياف وهي تصيح بفرح فيه:.

-لقد عدت زوجتك ظافر
تلقائيا اشمئز من تلك الحقيقة التي تثير غريزته العنيفة ولكنه تماسك عندما قال بابتسامة باردة:
-نعم لقد كنت حاضر، مبارك لكِ
تجاهلت بروده الواضح وهي تقنع نفسها أنه طبعه المعتاد، دقائق معدودة وبمجرد ان انتهوا تماما وجدته ينهض وهو يخبرها بخشونة:
-هيا لنحضر عمار
ولم تستطع سوى ان تومئ مؤكدة بهدوء وتسير معه ليغادرا سويا...

وعندما احضروا عمار من المكان الذي كان يقطن به، توجها نحو منزل ظافر وكان ظافر سعادته لا توصف بقربه من طفله الوحيد عمار مرة اخرى، بالرغم من ان سعادته تلك ينقصها صغيرته الغاضبة عليه...!
ظل عمار يلعب حولهم بسعادة لتستغل اطياف ذلك وهي تقترب من ظافر ببطء حتى اصبحت ملتصقة به فمدت يداها تتحسس صدره الصلب هامسة:
-اشتقت لك كثيرا يا ظافر
رسم ابتسامة غريبة على شفتاه وهو يهمس لها بعبث:
-وانا ايضا.

نهضت بلهفة تمسك يداه لتسحبه معها وهي تقول بخبث انثوي لا يعرف للحياء معنى:
-هيا عمار منشغل بالألعاب والتلفاز
-هيا، ولكن لا تتعجلي كثيرا افضل.

قالها ظافر وقد ألقى ظافر نظرة اخيرة على عمار ثم تنهد اكثر من مرة ليومئ موافقا لها، دلفا للغرفة معا فبدأ ظافر يقترب منها ببطء، مد يداه يحيط خصرها وهو ينساب تحت ظل صوت اخر داخله، ليطبع قبلة بطيئة على شفتاها سرعان ما كانت هي تبادله لتصبح قبلة مجنونة مغموسة برغبة قطعت كل حبالها بالعشق...!
تجرأت يداه اكثر واكثر وبدأ يجردها من ملابسها وهو يميل بها نحو الفراش...

وصل ابراهيم الجبوري مع حور وعلي الى منزل عاصي، كانت حور في قمة انهيارها، لا تستطع التصديق انها ستسير على ذلك العهد الذي قطعته في نفس المكان، ستفعل ولكن تلك المرة ستدون دماء روحها خطاها لداخل المنزل...!
خرج عاصي على صوت الحارس وهو يناديه:
-سيد عاصي، يا سيدي
ولكنه توقف متجمدا مكانه وهو يرى حور امامه، ووالدها يلقي بها كقطعة رخيصة نحو عاصي مرددًا بصوت أجش قاسي:.

-تفضل زوجتك يا سيد عاصي، ردها الان وامامنا، انا اعلم ان علي هو مَن اجبرك ولكن انت تعلم انه ليس لدينا بنات تعود مطلقة لبيت والدها بهذه السرعة.!
كان الصمت هو الطريق الوحيد الذي اتخذه عاصي، ولكنه كان طريق ملغم بأشواك الحيرة وضربات الجنون داخله، يود لو يخنق والدها الحقير ذاك ويخنق نفسه بعدها لانه تسبب في تلك الكسرة التي تلفح بكيانها كله...
تردد كثيرا ولكنه لم يستطع النطق سوى ب:.

-ولكني طلقتها، لو لم اكن اريد لما طلقتها من الاساس ولا يستطع اي شخص اجباري
للمرة الثانية يقتل كبرياء الانثى داخلها بخنجر جملته الباردة
لا يريدها، !
ولكن كفى للصبر حدود، نظرت له بعيناها الحمراء تزمجر بهيسترية:
-ومن قال لك أنني اريدك من الاساس! هو اجبرني على العودة الى ذلك المنزل
صفعها حينها والدها بكل القسوة والجبروت الذين تربوا داخله مع مرور الزمن ليصرخ فيها:.

-اخرسي ايتها اللعينة، عندما يتحدث الرجال لا تتحدثين ابدا
حينها تدخل عاصي وهو يهدر فيه بعنف وقد برزت عروقه منتفضة لقلب تلوى ألمًا:
-ابراااااهيم، اياك ان تفعلها مرة اخرى، هي لا تزال زوجتي وانا لا اسمح لاي شخص بأهانة زوجتي حتى والدها.

وما بين الشد والجذب ذاك انتبهوا لحور التي كانت تنظر له بتشوش ثم في اللحظة التالية كانت تسقط على الارض فاقدة وعيها، فانتفض عاصي يصرخ بأسمها بهلع وهو يهبط نحوها ولكن ازدادت صفعة الصدمة قسوة عندما انتبه للدماء التي بدأت تتدفق من بين قدماها فشعر وكأن نفس المشهد يتكرر ولكن باختلاف الزمن، وربما النتيجة!

شخصا ما يجلس في غرفة صغيرة يضم جسده له بيداه وعيناه مسلطة على اللاشيء، يهتز بعنف صامت غريب!
دلف شخصا اخر له وهو يحمل صينية طعام مرددا بصوت يائس حانق:
-الى متى ستظل هكذا؟!
خرج صوته شارد، هائم وكأنه من عالم آخر:
-الى أن يصحو الميت ليخبرني انه قد عفا عني او...
هز الاخر رأسه نافيا بسرعة وهو يخبره بحدة وكأنه ينتشل فكرة الموت النفسي وليس الجسدي من رأسه:
-لا لا، لن يحدث ما تفكر به ابدا.

رفع له نظره ليجد نظرة قُتل انسان داخلها الف مرة وهو في ذلك السجن المهلك، ليقول:
-ولما؟ أليس افضل ان اعترف بذنبي من ان اظل سجين طيلة حياتي هكذا
سارع الاخر بالتبرير له:
-انت لست سجين، انا فقط اخشى عليك من تهورك وجنونك هذا
صدحت ضحكة ساخرة منه، ليلعن الاخر نفسه وهو يتمتم معتذرا:
-لم اقصد سامحني اخي
اشاح عنه بناظريه ثم هتف بخشونة:
-ولو تقصد، انا فعليا مجنون، انا مريض نفسي مصاب بالأنفصام في الشخصية.

لم يتحمل شقيقه فنهض وهو يصيح بانفعال انفجر من كثرة الكتمان:
-ماذا افعل لتصمت عن تلك الهراءات!
صرخ به الاخر في المقابل:
-تتركني اعترف لهم بذنبي
ازداد صراخه المذهول الذي شابه التهكم وهو يخبره مستنكرا:.

-تخبرهم ماذا؟! تخبرهم انك الذي قتلت حسين الشهاوي وليس علي الجبوري؟! ستذهب لعاصي الشهاوي لتقول اعتذر انا مريض نفسي وعندما ذهب علي وشقيقته من مقر الحادث كان ابنكم مصاب فقط في جانبه الايمن فأكملت انا وقتلته تماما...!؟

كان عاصي أمام غرفة الطوارئ بالمستشفى، ينتظر والقلق يستوطن كل خلية حية بخلاياه، والندم يشوبه مدمرًا ثباته الشعوري!..
يتمنى لو لم يفعل، يتمنى لو كان تركها معه وعاملها بجفاء كما كان، يتمنى ويتمنى فتصبح الامنيات على قيد خيوط العقل ليس إلا...!
انتبه للطبيب الذي خرج يمسح وجهه بأرهاق فسأله عاصي بلهفة لم يستطع اخفاءها:
-ماذا حدث لها؟ إنها المرة الثانية التي تُصاب بنزيف فيها!

هز الطبيب رأسه بأسف وهو يخبره:
-اعتذر سيد عاصي ولكن للاسف فقدنا الجنين، عوض الله عليكما
ثم ربت على كتفه عدة مرات وهو يتخطاه بهدوء، وكم كانت ثقيلة كلماته على ذلك القلب الذي يستجدي تخفيف ضغط ضربات القدر عليه...!؟
نظر بأعين زائغة لوالدته التي طالعته بأشفاق مرددة بهمس:
-قدر الله وماشاء فعل...

شعر بنصل حاد ينغرز بصدره كلما زاد ادراك الحقيقة داخل ثنايا عقله، هو فقد طفله، فقد النبتة المزروعة لتُحيي عشق محكوم عليه بالموت، فقد طفله من المرأة التي عشقها دون ارادته، فقد طفله من حوريته!..
سار دون أن ينطق بحرف للغرفة، وهنا نطق ابراهيم بنبرة جافة:
-لا افهم ما كل هذه الدراما، كيف يصبح الحال إن كان طفل عمره سنوات وليس اسابيع؟!

وهنا لم يستطع علي أن يتمالك نفسه أكثر، فانقض عليه يصرخ فيه مزمجرًا بجنون ولكن دون أن يمسه:
-من ماذا انت مخلوق! أليس لديك لا شعور ولا احساس؟ ألا تشعر ببعض الشفقة على تلك المسكينة؟ لا ادري ماذا فعلنا ليكن شخص مثلك والدنا
رفع ابراهيم يده ودون تردد كان يصفعه بعنف غير مبالي بالحشد الذي تجمع على صراخ علي!..

شهقات مختلفة صدرت عن الجميع واولهم أسيل التي لم تتوقع أن يهين أب رجل مثل علي وامام الجميع بهذه الطريقة!..
بينما علي كان يحترق داخليًا، بدا وكأن النيران تتصاعد من بين عيناه التي احتدت فبدا الشيطان ساكنًا فيها وعروقه التي كادت تخترق جسده...!
خاصةً مع صراخ ابراهيم المنفعل وكأنه على حق:
-اصمت ايها اللعين، كيف تجرؤ ان تصرخ على والدك بهذه الطريقة؟! ولكن العيب ليس منك بل من التي لم تستطع تربيتك كالرجال.

وهنا تدخلت أسيل بسرعة وهي تسحب علي من ذراعه متمتمة بصوت خافت:
-علي ارجوك تعالى معي ارجوووك
وبالفعل سار معها دون نطق كلمة لتنظر والدة اسيل للجميع وهي تصيح بضيق واضح:
-انتهى الفيلم هيا من فضلكم كل شخص يعود كما كان!

سارت أسيل مع علي بصمت حتى دلفا إلى المصعد ليهبطا للدور الارضي، وبمجرد أن اُغلق الباب عليهما اقتربت أسيل من علي حتى وقفت على طرف أصابعها وامسكت وجهه بيداها ثم طبعت قبلة عميقة على وجنته التي صفعه والده عليها...
في البداية تجمد علي مكانه وعقله يحاول ترجمة لمساتها التي تلهب مشاعره كالعادة، خاصةً وهمسها الذي كان كترنيمة تثير داخله شتى المشاعر التي تجعله يود الانقضاض عليها تخترق اذنيه:.

-انا أعشقك علي...
كلمة واحدة كانت كفيلة ان تُطلق سراح الشياطين التي اختُزنت داخله لتحل محلها عاطفة مهتاجة وعشق موقد يحتاج للهيب الشعور بها لتكتمل البراكين اشتعالاً...!
كادت تبتعد ولكن يداه كانت الاسرع لتحيط خصرها ببطء وهو يُقربها منه اكثر ويده قبضت على خصرها بينما الاخرى تزيح الخصلة التي ظهرت من اسفل حجابها الصغير وهو يهمس بصوت أجش:
-عيدي ما قلتيه الان أسيل.

كان يتحدث بهدوء وهو يضغط على الزر الذي يُعطل المصعد، لتبتلع اسيل ريقها بتوتر وهي ترى تأثير كلمتها الصغيرة يزداد عن المتوقع...
بللت شفتاها بتوتر ثم همست بتلعثم:
-لقد قلت، آآ قلت أني، أني أعشقك علي
أغمض عيناه وهو يستمتع بطرب الكلمة على مسامعه، أصبح ملتصق بها وأنفه تلتقط رائحتها التي يعشقها فأردفت اسيل بصوت يكاد يسمع:
-علي نحن بالمصعد!
هز رأسه بلامُبالاه وهو يأمرها بهدوء تام:
-عيديها مرة اخرى.

رمته بنظرة شك ولكن زفرت بتوتر وراحت تكرر:
-أعشقك علي، اعشقك وبجنون ولا اريد سواك
دفن وجهه عند رقبتها يملأ رئتيه بعبقها الذي يسكره وهو يهمس بأنفاس سريعة:
-همسك ذاك يجعلني اود فعل اشياء وجودنا بالمصعد يمنعني من فعلها
ضربته على كتفه بحرج واضح:
-علي
امسك يداها الاثنان بيد واحدة وهو يقترب من شفتاها بحركة خاطفة متمتمًا بصوت خشن من فرط عاطفته:
-تبًا لعلي واليوم الذي وُلد به.

والتهم باقي حروفها المعترضة ليُسكت اعتراضها بطريقته، شفتاه تتناغم تلقائيًا مع رنين شفتاه بينما هي كالمسحورة لم تستطع سوى ان تستكين بين يداه، مرت دقائق وهو لا يريد ترك شفتاها وشهدها إلى أن دفعته أسيل هامسة من وسط لهاثها:
-يكفي علي ستفضحنا
اومأ عدة مرات مؤكدًا وهو يمسك يدها ويعتدل في وقفته:
-نعم معكِ حق يجب أن نذهب لغرقة الحديقة ونُشهدها على ملحمة عشق من نوع آخر...

قال اخر كلماته وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر لتغزو الحمرة وجهها الصغير، فعضت على شفتاها بتلقائية ثم تابعت:
-أنت قليل الادب وبلا حياء ايضًا
تلاعب بحاجبيه وهو يردد بعبث بينما يقترب منها ببطء وكأنه على وشك تذوق شفتاها مرة اخرى:
-اعلم حبيبتي ولكن الشوق يحرقني وانتِ لا تشعرين...
وبحركة مفاجئة كانت تضغط على الزر ليعمل المصعد مرة اخرى فابتسمت بانتصار طفولي...

ليبادلها هو الابتسامة ولكنها غامضة تناسب الافكار التي تتأرجح بعقله وقد وجد انسب حل ليمنع عاصي من محاولة طلاقه هو واسيل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة