قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

للحظات تجمد عاصي مكانه مذهول من الجملة التي اخترقت اذنيه كالرعد الذي شتت ثناياه بجبروته!..
ألهذه الدرجة أصبحت تكرهه، تكره تلك الحياة التي تجمعهم سويًا بين احضانها وإن كانت قاسية قليلاً..؟!
أطرق رأسه ارضًا بصمت تام، الأجابة لن ترطب تلك الجروح التي اصبحت تنزف بلا توقف، الاجابة ستصبح السم لها وليس الترياق!..
سمع صوتها الحاد وهي تسأله صارخة باستنكار:.

-ألهذه الدرجة حياتي ليست لها قيمة عندك حتى تصمت هكذا؟
حينها رفع رأسه، وعقله مَن كان يجيب لا قلبه المكتوي ألمًا:
-إن كانت هذه الروح ليست لها قيمة عندكِ لتضعينها في اختيارات، فكيف ستصبح لها قيمة عند الآخرين؟
رده كان قاسيًا نعم، ولكن احيانًا يكون العلاج لاذع كالعلقم!..
ثم بدأ يقترب منها ببطء وهو يكمل بصوت اجش غير مصدق:
-تقولين أنني ذنب يكفره الله لكِ في الدنيا ثم تودين الموت كافرة؟!

ارتعشت شفتاها وهي تهمس بصوت شاحب:
-الموت كافرة!
اومأ مؤكدًا وراح يخبرها بصلابة لا تحمل ذرة من التردد:
-نعم، لأنني لن أطلقكِ ابدًا، سبق واخبرتك انكِ ستظلين زوجتي لحين موت احدنا!
لحظة كانت الفاصل فخرجت هي من حالة الأستكانة لحالة الهياج الهيستيري وهي تصرخ فيه بانفعال:
-ولكني لا اريد ذلك لمَ لا تحاول أن تفهمني؟!
ظهرت شبح ابتسامة ملتوية على ثغره وهو يقول:
-ولأنني أفهمك أقول ذلك.

ثم همس داخله بحروف تمنى لو تخرج للنور
أقول ذلك لأنكِ إن شعرتي برفضي ومبالاتي مرة أخرى ستشعرين بشيء اسوء بمراحل من الان!
استدار وكأنه سيرحل ثم هتف بهدوء تام برغم الأمواج التي تتقلب في بحور مشاعره:
-سأغادر، لأترككِ تقررين ما تودين فعله، تموتين كافرة بعد كل ذلك ام تعيشين معي!
وبالفعل خرج ولكنه وقف امام الباب وقلبه ينتفض بارتعاد حقيقي، ماذا لو فعلتها؟!
ماذا لو رفضت أخر خيط ينساب من املها وإيمانها؟!..

لم يستطع الانتظار ففتح الباب بسرعة ليجدها قد نزلت بالفعل ورأسها ارضًا...
من دون تردد ركض نحوها ليضمها له بكل قوته، يضمها له لدرجة انها شعرت أن ضلعاها سيُكسرا!..
يدفن وجهه عند رقبتها التي يغطيها شعرها الناعم، يلثم رقبتها بعمق وكأنه يود الشعور بها فعليًا، ليخرج صوته متحشرجًا من شتى المشاعر:
-لا تفعلين بي ذلك مرة اخرى، ارجوكِ!

حاولت هي ابعاده ولكنه كان أقوى، بدأت تشعر بتلك الذبذبات تعاود تشتيت صلابتها المصطنعة، خاصةً وأنفاسه الحارة تصفع رقبتها بعنف عاطفي وكأنها تقص عليها مدى شوق صاحبها لها...!
واخيرًا استطاعت دفعه بعيدًا عنها ليمسك هو وجهها بين يداه، عيناه تخترق حواجز جمود عيناها وصوته الخشن يخرج باتزان وهدوء تام:
-ستظلين زوجتي، أنتِ امرأتي، ملكي، عشقي، أنتِ كُتبتي على أسمي وفي قدري للأبد
ثم احتدت نبرته قليلاً وهو يحذرها:.

-ولكن ذلك لن يجعلني أتهاون معكِ إن كررتي ما فعلتيه
زفرت هي بصوت مسموع ثم دفعته بعيدا عنها تماما، لا تنكر تلك الفرحة التي تسربت لثغرها من حديثه الذي لطالما انتظرته، ولكن لا مانع ايضا اذا ردت له قليل مما فعله بها!..

بينما في الاسفل كان علي يركض سابقًا المأذون الذي أحضره لتقف امامه والدة أسيل فجأة مغمغة:
-من الذي سمح لك أن تدخل ذلك المنزل؟!
كز على أسنانه بعنف وهو يخبرها بصوت حاد:
-شقيقتي المُحتحزة بذلك المنزل هي مَن أعطتني ذلك الحق
وقبل أن تنطق بالمزيد كان يركض نحو غرفة حور، فتح الباب دون تردد ليجد حور تكاد تخرج فاحضتنها بسرعة ملهوفة وهو يهمس متساءلاً بنبرة استوطنها التوجس:
-هل انتِ بخير؟ هل فعل لكِ شيءً؟!

هزت رأسها نافية ولكن قبل أن تنطق كان هو يحدق بعاصي بنظرة عدائية شرسة ويردد:
-لا تخافي إن فعل، اقسم ألا اتركه إلا بعد أن اخذ حقكِ منه!
هزت رأسها نافية وهي تضم وجهه بين يداها بحنان:
-لم يفعل اقسم بالله، لا تقلق عليّ يا علي لم اعد حور تلك التي تصمت!
عقد علي ما بين حاجباه وهو يسألها:
-وما الذي تغير فجأةً هكذا؟
والاجابة كانت من عاصي الذي تدخل ليجيب بصوت اجش ولكنه هادئ:.

-الذي تغير أنك لم تعد قاتل حسين يا علي، ما اكتشفته مؤخرًا أنك لست القاتل!
والصدمة تلك المرة كانت من نصيب علي الذي إتسعت عيناه بذهول واضح، للحظة شعر أن تلك الدنيا ما هي إلا فجوة، فجوة قاسية تبتلعك دون أن تشعر ولا تتركك إلا بعد انتشال قوي من القدر...!
فهمس بحروف مقطعة وكأنه يحاول الاستيعاب:
-لم آآ، لم افهم!
تنهد عاصي مقتربًا منه ثم استطرد:.

-اخبرني احدهم أنه مريض نفسي وهو الذي قتله بعد أن هربت أنت وحور من مقر الحادث، يعني أنت تركته على قيد الحياة!
هنا سمعوا شهقة حادة من والدة عاصي وأسيل اللتان استمعتا للجملة الأخيرة، الصدمة مُفرحة أضافت لونًا زاهيًا لصفحات تلك الحياة، ومُحزنة ايضًا قضت على وردية ما تبقى من تلك الحياة!..
ركضت بسرعة تجاه اسيل تجاه عاصي تسأله:
-عاصي، عاصي هل أنت متأكد؟
اومأ مؤكدًا بتنهيدة عميقة:.

-اولاً ما الذي يجعل شخص يتهم نفسه بجريمة لم يفعلها، ثانيًا التوتر الذي كان واضحًا على مظهر شقيقه يوضح أنه صادق، ثالثًا أنا لن اصمت سأجده وسأتحقق من ذلك وسأدخله مستشفى الامراض العقلية إن كان مريض فعلاً...
حينها نطقت والدته بصوت مذبذب ضائع شارد:
-لا اعلم ما اقوله سوى، سامحوني! خاصةً أنتِ يا حور رجاءًا، قدري لي روح الام التي كانت تحترق!

وحور لم تبدي أي رد فعل، بل كانت صامتة إلى أن قالت بصوت خالي من التعبير:
-وانا لن اغفر لأن روحي احترقت منذ زمن!
ثم غادرت تلك الغرفة لتلحق بها أسيل وعلي، ولكن قبل أن يخرج علي أوقفه عاصي مناديًا:
-انتظر لحظة
نظر له علي بطرف عيناه ليتنحنح عاصي قبل أن يقول بحروف أجبرها على الخروج:.

-أنا لن أعتذر لك لأنك بالتأكيد كنت ستفعل اكثر ما فعلته انا إن كنت مكاني لأنك رجل مثلي، ولكن إن كنت سأعتذر ف سأعتذر لحور بل أرجو إن تطلب الأمر
وقبل أن ينطق علي كان عاصي يشير له بإصبعه محذرًا بشراسة:
-ولا تظن أنك ستستطع تطليقها مني! لن تخرج من ذلك المنزل
في تلك اللحظة تذكر علي ذلك المأذون فركض للأسفل بسرعة ليجده قد غادر!..
تنهد بخفوت لينظر لعاصي مغمغمًا بصوت رجولي جاد:.

-لن أستطع أن احكم لأنني لم اكن متواجدًا مع حور ولن اشعر بشعورها مهما كنت قريب منها، لذلك سأترك لها الحكم، إن ارادت الطلاق فهو كذلك وإن لم ترد فلن اجبرها..!
وهنا كانت المشكلة تكمن بالنسبة ل عاصي!..
ولكن عينا وعقل علي كانا على نقطة مُحددة، وهي ان حور لو ارادت الطلاق فعليًا ما كانت ترددت وهي تسأل علي عن المأذون الذي طلبته، ولكنها تناسته!..
وقبل أن ينصرف علي كانت اسيل تقترب من عاصي مرددة بهدوء ناعم:.

-عاصي هل يمكن أن يظل علي معي في غرفة الضيوف
اعترض علي بحدة:
-اسييييل، انا لا اتوسل لأي شخص! سأظل بذلك الفندق حتى نجد لنا منزل مناسب
هزت رأسها نافية بضيق لينطق عاصي حينها بجدية:
-يمكنكم البقاء مؤقتًا، لأن أسيل لها نصيب في هذا المنزل مثلي تمامًا
ثم غادر بكل هدوء لتظل أسيل تتوسل علي البقاء وهي تقنعه أنه سيظل بقرب حور مستغلة نقطة ضعفه...!

بعد فترة...
كانت أسيل مع علي في الغرفة التي خُصصت لهم، تنتقل معه من هنا إلى هنا بسعادة، إلى أن جذبها له فجأة بقوة لدرجة أن سقط على الفراش وهي فوقه...
إنحسرت الكلمات بين شفتاها واضطربت أنفاسها وهي تعي ذلك القرب الذي أجج عاطفتهما...
استندت على صدره بيداها وهي تهمس بصوت متوتر:
-علي، اتركني ماذا إن دخل احدهم؟
هز رأسه نافيًا، ثم تابع بعبث يخبرها:
-لن يحدث لأنني أغلقت الباب.

ثم فجأة نهض لينقلب فينعكس الوضع فتصبح أسيل اسفله وهو فوقها، رفع أصابعه يتحسس جانب وجهها برقة تُذيب الحجر..!
وأنفاسها المضطربة كانت كالوقود الذي يُصب على نيران شوقه وعشقه لها...
فاقترب اكثر من وجهها وهو يسألها بخشونة:
-هل تعلمين مدى شوقي لكِ؟!
هزت رأسها نافية بدلال، عيناها ترسم شوقها هي الاخرى له، لقربه، لكلماته المعسولة التي تدغدغ انوثتها، لكل شيء!
ثم همست ببحة انثوية:
-لا، لا اعلم، هل يمكنك أن تخبرني؟

عض شفته السفلية وهو يغمزها بطرف عيناه بمكر مشتاق:
-على الرحب والسعة سيدتي!
وفي اللحظة التالية كان يقتنص قبلة عميقة لشفتاها علها تروي شوقه وجنونه اللذان مذقاه في بُعدها تلك الفترة...
وهي كالعادة مستسلمة، مؤيدة لذلك الطوفان الذي يسحبها معه، ولكن قبل أن تتجرأ يداه أكثر كانت تبتعد هي لتردد بسرعة:
-علي، علي انتظر
نظر لها متساءلاً بأنفاس سريعة:
-ماذا؟
أخبرته بنبرة طفولية متوسلة:.

-يجب أن تحضر كل شيء يخصك من ذلك الفندق وانا يجب ان اشتري شيء من الصيدلية ضروري
حينها أستعاد رشده فسألها مستفسرًا:
-تذكرت، هل علمت والدتك أنكِ لستِ حامل؟
هزت رأسها نافية بهدوء:
-لا بالطبع لم أخبرها، ولكن طالما عرفنا جميعنا حقيقة ما حدث لا داعي لهذه الكذبة!
اومأ علي موافقًا ثم نهض يهندم ملابسه وهي كذلك، إلى أن انتهيا فمر على حور ليسألها إن ارادت شيئًا ولكن بالطبع لم ترد...

غادرا المنزل معًا ليركبا سيارة اجرة...
وعلى بُعد مسافة كان شخصان يراقبانهم من بعيد، فأخرج احدهم الهاتف ليتصل بشخص ما فأتاه صوت سارة بهدوء بعد قليل:
-هل تم؟
هز رأسه نافيًا:
-لا، ليس بعد، خرجا الان من المنزل
-بمجرد أن تهبط من السيارة نفذ على الفور
-امرك سيدتي
ثم اغلق الهاتف وهو يلحق بهم بسرعة، وبالفعل بعد مسافة وصلا فترجل علي من السيارة وهو يخبرها بهدوء:
-انتظريني هنا سأحضرهم وآتي بسرعة.

اومأت موافقة ولكن ما إن نزل علي حتى رأت هاتفه الذي يبدو أنه سقط منه فامسكت به وهي تنزل من السيارة بسرعة تلقائية وهي تنادي على علي:
-علي انتظر لقد آآ...
ولكن فجأة كانت السيارة تقترب منها بسرعة رهيبة ليصرخ كلاً من أسيل وعلي برعب ولكن تلك السيارة لم ولن تكن تستوعب تلك الصرخة المذبوحة فاصطدمت بها دون مقدمات...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة