قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

كانت دموعها كجريان الأمطار على نهر من الكبت والألام، كان ساكنًا فحركها هجوم الامطار...!
ظلت دموعها تهبط بصمت بينما هو يحدق بها بشراسة ولكنه لم يتحرك إنشًا واحدًا، بدا وكأنه يقنع نفسه ويحاول عكس تيار فطرته ليأذيها!..
اقترب منها حتى اصبح قريبًا جدًا فظنت أنه سيضربها حتمًا، فأغمض هو عيناه والغل يتوحش داخله شيءً فشيء ليخرج صوته أجش جامدًا وهو يخبرها:.

-للمرة الاخيرة أقول لكِ أخبريني حور، أنا لا أريد اذيتك لا تجبرينني على ذلك!
ظلت تهز رأسها نافية بهيسترية، يضعها بين فكي كالمخالب القاسية من تخطيط القدر المُهلك!
رفعت عيناها له بنظرة راجية وهي تهمس:
-عاصي ارجوك أفهمني، أنت تحاول حماية شقيقتك، هل تريد مني أن أرمي شقيقي في النيران؟
كلماتها كانت كلكمة لذلك الثبات الذي يحاول بثه داخله، ليمسكها من ذراعاها يضغط عليهما وهو يهزها بعنف:.

-وهنا تكمن المصيبة يا حور، أنكِ لا تستعبين حتى الان أنني أنا وعائلتي في وضع المجني عليه وليس الجاني، إن شقيقاكِ قتلا شقيقاي ورغم ذلك أنا لم أمس أي شخص من عائلتك بسوء، بغض البصر عن معاملتي السيئة الجارحة معك والتي تعد شيء هين جدًا امام قتل الارواح المتعمد، القتل الذي لا يغفره الله والقانون فيه فمن أكون انا لأسامح بتلك السهولة؟!

والكارثة كانت بالنسبة لحور أنها تدرك كل ذلك، تدرك الألم الذي ينبض داخله مستوطنًا ما تبقى من إنسانيته لتصبح شظايا فتتها الألم...
ولكن فطرتها الانثوية تغلب عقلها فتجعلها تندب حظها وضعفها وتضحيتها تلك...!
فتحت عيناها مرة اخرى لتجده ينهض مبتعدًا عنها وهو يهز رأسه وكأنه على وشك الجنون..!
نهضت ببطء تنظر له لتجده فجأة يمسك برأسه ويهتز نوعًا ما وكأنه على وشك أن يفقد وعيه!..
ركضت حور بفزع نحوه تسأله:.

-عاصي ما بك؟
ولكنه نفض يداها عنه باشمئزاز صارخًا:
-ابتعدي لا تحاولين حتى لمسي!
حينها بدات تشير له بيداها متمتمة:
-ارجوك اهدأ، سأفعل ما تريد ولكن اهدأ لا تنفعل أكثر عاصي
-اتصلي به الان
قالها وهو يمد يده لها بهاتفه لتأخذه هي بيد تحمل رعشة واضحة لتطلب رقم علي الذي أملاه عليها ولكن وجدته مغلق، فحدقت بعاصي بسرعة وهي تتشدق ب:
-هاتفه مغلق الان..

اقترب من الفراش ببطء مغمضًا عيناه لأول مرة يهاجمه ذلك الدوار، وتلقائيًا ركضت هي تجاهه تحتضنه بفزع وكأنها تخشى شبح فقدانه الذي يلوح لها:
-ارجوك لا تفعل هذا، لا تُخيفيني عاصي، انا لا استطع تخيل تلك الدنيا بدونك!
نطق بصوت واهن بعض الشيء ولكنه مازال محتفظ بخشونته:.

-ابتعدي حور، لا تدعين العشق رجاءًا، مَن يعشق يشعر بمعشوقه يا زوجتي العزيزة، اما أنتِ تُشعريني أحيانًا انني ظالم متجبر سادي اعشق العنف والمعاملة الجارحة اعشق الاهانة واعشق انقلاب حياتي هكذا! أ آآ
ولكن في اللحظة التالية وجدت نفسها تكتم باقي حروفه بشفتاها، لا تدري من أين اقتحمتها الجرأة فأقحمتها في دائرة اخرى دون نهاية!..

شعرت برجفته الخفيفة ورفضه الواضح عندما قطعت القبلة وابتعدت عنه، ظلت مقتربة منه تسمع أنفاسه السريعة الخشنة، لتهمس بصوت مبحوح امام وجهه:
-أنت روحي عاصي، هل يوجد مَن لا يشعر بروحه؟! لو لم اكن اشعر بك لما تحملت تلك الحياة ولو ساعة واحدة، اقسم انني لم اكن لأهتم بعشيرة او غيرها! ولكنني ابرر لك دائمًا بجراحك الغائرة
وبحركة مباغتة كان يجذبها من خصرها ليلصقها به..

ليطبع قبلة عميقة على جانب ثغرها الذي يطيح بعقله، ثم زفر بعمق مجبرًا نفسه على الابتعاد.

إنتبهت ريم على الفور لظافر الذي كان كمن تلبسه شيطان يرفض الخروج منه الا بعد ارتكاب ابشع الجرائم...!
فنهضت على الفور وهي تنطق بحروف متفرقة كالشرق والغرب:
-انتهى حديثنا يمكنكم المغادرة حتى لا نعطلكم اكثر!
سار عاصي يلتهم خطوات سريعة متهورة نحو ريم ليقبض على ذراعها بعنف وهو يصيح في الجميع:
-ليس لدينا بنات للزواج يا سيدة.

ثم سحب ريم خلفه ليصعد بها نحو الأعلى بخطى مجنونة أشعرت ريم بفاجعة ما حدث فبدأت تتحدث بصوت خافت:
-ظافر رجاءًا انتظر لأشرح لك
ولكنه لم ينطق بحرف واحد، الغضب الذي بداخله مَحى الأبجدية داخله فبدا كرجل محترق بدائي في عالم العشق والغيرة...!

وصل بها للغرفة وأغلق الباب خلفهم بالمفتاح ليضعه في جيب سرواله، عادت ريم للخلف بسرعة حتى اصبحت ملتصقة بالحائط وكأنها تحتمي به، بدأ ظافر هو الاخر يقترب منها حتى اصبح على بُعد خطوة واحدة واخيرًا انفجر طوفان جنونه الهيسيتري وهو يصرخ مزمجرًا فيها:
-كيف تجلسين مع رجل يطلبك للزواج وأنتِ متزوجة؟ كيف؟ اجيبي؟!
ظلت تهز رأسها نافية بلهفة:
-ولكني لم أقابله لأنني موافقة بل، آآ...

قاطعها وهو يقترب منها فهزت رأسها نافية وهي تشير له بيدها كالأطفال تمامًا:
-ابتعد، لا تقترب ابتعد وإلا...
رفع حاجبه الأيسر ساخرًا:
-وإلا ماذا؟
كادت تبكي فعليًا وهي تهمس بنبرة بريئة كطفلة مرتعدة:
-سأبكي...
رغمًا عنه ابتسم وكاد ينفجر ضاحكًا ولكنه تماسك بصعوبة على براءتها التي تطلق افواجًا من العشق الدفين داخله متناغمًا مع لحن براءتها فيشكلا أعزوفة رائعة من العشق المتكامل...!

اقترب منها اكثر فاكثر حتى اصبح شبه ملتصقًا بها يبعد خصلاتها بطرف إصبعه عن وجهها الناعم وهو يهمس:
-لمَ لا تقدرين تلك الغيرة التي تحرق احشائي ريم؟ أنا اغااااار وبجنون
ثم رفع وجهها فجأة بقوة وهو يهدر فيها بعنف فاحت منه الغيرة:
-أنتِ لي ولن تكوني لسواي، أنتِ ملكِ ريم ولا يحل لكِ الجلوس حتى مع رجل غريب!
كانت ريم تومئ موافقة عدة مرات بسرعة، ليرفع حاجباه بمكر وهو يغمغم:
-ولكنني سأعاقبك بالتأكيد.

ثم رسم الخشونة مغموسة بالشراسة على خلفية ملامحه الخشنة، لتتابع ريم بلهفة:
-سأخبرك بشيء مهم تذكرته يجب أن اخبرك به ولا تعاقبني
وبالرغم من أنه متيقن أنها تحاول إلهاءه عن عقابه الذي سيتلذذ به حتمًا، إلا انه ابتسم وكأنه يجاري ابنته البلهاء وقال:
-أخبريني صغيرتي
ابتلعت ريقها وهي تستطرد بوهن:.

-أنا لم أتفق ابدًا مع أطياف، حتى أنني لا ادري ما الذي كانت تفعله عندنا ذاك اليوم! ولكن عندما قلت ما قلته حينها ظننت أنني أرد لك الصفعة
زفر ظافر بعمق أكثر من مرة، ليقترب اكثر حتى بدأت انفاسها تضطرب وهي تحدق به بتوتر لتشعر بكهرباء تضرب جسدها عندما لثم رقبتها البيضاء بعمق وهو يردد دافنًا وجهه عند رقبتها:
-أعلم، ولكنني ادركتٌ ذلك متأخرًا...

ولم يقوى على الابتعاد، يشعر بوحوش داخله تطالبه بها، تطالب امتلاكها تتهافت شوقًا لصك ملكيته على كل إنش بها...!
كان يود التوقف، يود الابتعاد ولكنه كان طلب صعب المنال خاصةً عندما لامست شفتاه شفتاها المكتنزة فنفذت كل ذرة كانت تحثه على التوقف...
سحبها له اكثر يلصقها به وهي كانت منصهرة بين يداه لا تستطع سوى الاستجابة...
إلى أن لاح سؤال بعقلها فجأة فحاولت الابتعاد وهي تردد لاهثة:.

-ظافر، هل لك علاقة بموت والدي فعلاً؟
استطاعت انتشاله من حالة الشجن والتعمق التي كان يغرق بها ببساطة بسؤالها الجامد، فكان رده هو الاخر لا يقل تأثيرًا عليها:
-نعم، كان لي علاقة يا ريم!

بعد يومان...
دلفت حور إلى الغرفة بهدوء قاتل، منذ اخر مرة كل الذي تعلمه أن علي هاتفه مغلق حتى تلك اللحظة، فشعرت أنها فرصة اخرى من القدر لفض ذلك الاشتباك الدموي الذي كان على وشك الحدوث...
جالت بنظرها في إنحاء الغرفة لتجد عاصي مازال نائمًا، عقدت حاجباها بقلق وهي تقترب منه هامسة بصوت متوجس:
-عاصي...

ولكن لم تجد رد، جلست على طرف الفراش جواره لتشهق بخوف حقيقي عندما وجدت جسده ينتفض بشكل ملحوظ، فمدت يدها تلقائيًا ترفع عنه الغطاء لتجد وجهه متعرق بكثرة وهو ينتفض ويردد عدة كلمات بهيستيرية جعلت تيقن أنه مُصاب ب حمى!
مدت يدها تتحس وجهه بفزع وهي تهمس:
-عاصي، عاصي هل تسمعني؟!

ولكنه بدا وكأنه في عالم آخر، يغمغم ببضع كلمات ويزداد تعرقه، اقتربت بلهفة حانية تطبع قبلة امومية رقيقة على جبينه لو كان متيقظًا لكان ردها لها عدة قبلات متلهفة يلتهم فيها ثغرها...!
كادت تنهض بسرعة لتجلب له طبيب او ما شابه ذلك ولكنه امسك يداها بضعف وهو يغمغم بشيء غير مفهوم تمامًا...
فاقتربت حور من فمه لتسمع واردفت:
-ماذا تقول اخبرني حبيبي؟

سمعت صوته الواهن الذي جمدها مكانها وهي تحاول استيعاب تلك التعويذة التي اُلقيت على مسامعها:
-أنا أعشقك، أنتِ، أنا، حور، أنا أموت عليكِ حد الهوس حبيبتي!

وفي الخارج عندما كان هاتف عاصي يرن باسم علي ظنًا منه أنها حور لان عاصي ارسل له رسالة بأسم حور...
امسكت والدة عاصي الهاتف لتغلق الاتصال ثم بدأت تكتب له رسالة مختصرة ولكن نتائجها تعلن بداية حرب لم تنتهي بعد
لا يمكنني الحديث، ولكن مهما حدث لا تأتي ولا تجيب على اتصالاتي الفترة القادمة يا علي، حور !
تنهدت وهي تحدق بالرسالة قبل ان تضغط ارسال ثم رمت نظرة مترددة نحو الغرفة وهي تهمس بصوت متوتر بعض الشيء:.

-اعتذر حور ولكن لا يمكنني ان اسمح لأبني أن يقابل ذلك القاتل علي ليصبح قاتل مثله!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة