قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشر

ظلت حور طوال الليل تفعل له كمادات لتنخفض حرارته، ترعاه بقلبها الملهوف قبل يداها، تقبل جبينه كل لحظة وكأنها تتأكد أنه جوارها، وأن هاجس الخوف مجرد ذبذبات لا يمدها الواقع بدعمه..!
بدأ عاصي يفتح عيناه رويدًا رويدًا وهو يحرك يداه بتلقائية لتصطدم يده بخصلات ناعمة، فتح عيناه بسرعة ليجد حور تنام على جانب الفراش وتضع يداها اسفل وجهها وكأنها كانت تراقبه ولكنها غفت ولم تشعر...!

للحظة ماجت عيناه بالشفقة منصهرة وسط لفائف عشق متناثرة، ليمد إصبعه برقة يبعد خصلاتها عن عيناها، يبدو أنها ظلت طوال الليل جواره!
قالها لنفسه وهو يقترب بعقل مُغيب ليرفع رأسها ببطء ويضعها على صدره فتصبح نائمة على صدره...
أنفاسها كانت تداعب رقبته فتجعله يود احتضانها، يود زرعها بين احضانه ولا يُخرجها ابدًا...

وبالفعل لف يداه حول خصرها برقة حتى لا يوقظها ثم ضمها له بحنان ينعم بذلك الاحساس الذي يُنعش خلاياه...
ظل يتحسس رأسها بحنان كطفلة صغيرة وهو يهمس بصوت حمل شجن واضح:
-آآه من قرب أهلكني، ومن بُعد أحرقني!
بدأت حور تفتح عيناها رويدًا رويدًا وما إن شعر بها هو حتى دفعها ولكن برفق نوعًا ما ليردف وكأنه غاضب:
-ماذا تفعلين هنا؟
للحظات امتلكها التوتر فبدأت ترد بتلعثم:
-ك آآ، أنت كنت مريض!

كان ينظر لها بصمت، وكأنه يستجدي ملامحها الطفولية لتسحب حروف الشكر من بين شفتاه، ثم همس بالفعل:
-شكرًا، وقريبًا سأرد لكِ معروفك هذا
رفعت حاجبها مستنكرة بشدة:
-ولكنه لم يكن معروفًا يا عاصي، لقد كان واجب عليّ لانك زوجي ورفيق دربي!
منحنى الحديث بدأ يأخذ مجرى اخر لا يريده، لذلك نهض ببطء وهو يزفر متمتمًا بملل:
-لا تبدأين تلك الاسطوانة رجاءًا...
لملمت خصلاتها المبعثرة وهي تخبره بتردد:.

-والدتك أتت اطمئنت عليك واخبرتني أن أسيل اتصلت وطمأنتها انها بخير، ومعنى أنها استطاعت الاتصال انها بخير بالفعل، ولكنها لم تستطع انتظارك حتى تخبرك بنفسها لانها غادرت صباح باكر
ثم نهضت هي الاخرى عندما وجدته يقابل كلامها بالصمت البارد، تنهدت بصمت، بدأت تعتاد على قانون الشد والجذب ذاك، مرة يلين ومرة يعود أقسى من الاول...!

وفجأة وجدته يسحبها من يداها له لتصبح بين احضانه، وقبل ان تنطق كان يستند عليها بيداه وكأنه مُتعب ويستطرد بصوت أجش:
-ستعاونيني لأخذ حمامًا باردًا، الدوار مازال يداهمني!
لمجرد الفكرة استوطن الاحمرار وجهها الصغير لتهز رأسها نافية بصوت مبحوح:
-لا، ماذا تقول! بالطبع لا
جذبها من خصرها ببطء وهو يسير، يحدق بعيناها التي تهتز بعنف لامعة ببريق يعلمه جيدًا، ليهمس بصوت كسحر يخضعها له:
-نعم...
رمشت ببلاهة هامسة:.

-ماذا؟!
عاد يكرر بنفس النبرة:
-نعم، قوليها
همست كالبلهاء:
-نعم
اصبحوا امام المرحاض فخلع التيشرت برشاقة وبحركة سريعة لتبتلع ريقها بتوتر وهي تشيح بنظرها عنه، فوجدته يقترب اكثر لاثمًا وجنتها بعمق وهو يردد بعبث:
-لا تقلقي سأستحم بأدبي!
حينها لم تستطع سوى ان تطلق ضحكة صغيرة خافتة على ذكر سيرة الأدب ثم تبعته بخجل كاد يحرقها بينما هو يستمع لنداء قلبه قليلاً ثم سيعاود الخضوع لعقله ايضًا بعد قليل بالتأكيد...!

كانت أسيل تقف خلف باب الغرفة التي يحبسها بها علي منذ أن اختطفها ذاك اليوم، نعم اختطفها وماذا يُسمى ما فعل غير ذلك!..
سمعت صوت خطواته القريبة فعلمت أنه وصل، امسكت المزهرية التي كانت موضوعة ووقفت خلف الباب استعدادًا لما ستفعله الان...
لازالت تتذكر عندما اعطاها هاتفها لدقائق تتصل بهم بشقيقها فقط ثم عاد يأخذه منها...!

وربما هذا ما زادها اصرار على الهروب، على الفكاك من بين قبضتا ذلك القاتل بأي طريقة كانت...
وبالفعل فُتح الباب وعلي ينادي باسمها بقلق:
-اسيل
وفي اللحظة التالية كانت تضربه على رأسه بالمزهرية بقوة جعلته يسقط ارضًا وهو ممسك برأسه يتأوه بألم واضح وسرعان ما كان ينزف...

لوهله ألمها قلبه غارزًا ذلك المشهد بمخيلتها الحمقاء التي أمرتها أن تفعل تلك الفعلة الشنيعة، ولكنها نفضت اللوم عن قلبها بأصرار على الهرب وبالفعل سحبت حقيبتها التي حضرتها واخذت المفتاح ولم يكن هناك وقت للبحث عن هاتفها فخرجت مسرعة متجاهلة أنين علي الذي يهمس بأسمها قبل ان يغيب عن الوعي...
خرجت من ذلك الفندق الصغير وهي لا تعلم حتى أين هي، ظلت تركض وتركض مبتعدة عن الفندق، تركض ولا تفكر سوى بالهرب فقط...

لا تعلم ما ينتظرها بعد الهرب ذلك وماهو اسوء منه...!
ظلت تركض إلى ان وجدت من يسحبها له بعنف ويكتم شهقتها قبل ان تصرخ و...

دلفت والدة ريهام إلى الغرفة بهدوء لتجد ابنتها تلقي الهاتف بغضب على الفراش، فجلست على طرف الفراش وهي تردد بحنق:
-مازال لا يجيب على هاتفه ايضًا؟!
اومأت مؤكدة ثم انفجرت تصرخ مزمجرة بعصبية مفرطة:
-منذ خطبتنا وهو يتجاهلني من الاساس، يجيب على اتصالي مرة ويتجاهله ألف مرة، لا يتصل بي ولو مرة واحدة، لا يعزمني على عشاء في الخارج كأي اثنان تمت خطبتهم
مطت والدتها شفتاها بأسف وهي تردف:.

-والدك يعتقد أن علاقتكما جيدة، لذلك لم ينهيها!
إحتدت نظرات ريهام وهي تحذر والدتها بجدية تامة:
-ولن يعلم، لن تنتهي خطبتي ب عاصي يا أمي، عاصي دخل عقلي ولن يخرج منه!
ضيقت الاخرى عيناها وهي تسألها متوجسة:
-يعني؟ ماذا ستفعلين الان!؟
رفعت ريهام رأسها وهي تنظر للاشيء، وداخلها شيء يردد بصوت جمهوري سيطر على زمام العقل والروح
عاصي لها، اصبح لها وانتهى الامر !
لم تنظر لوالدتها وهي تتابع بشرود:.

-بالتأكيد زوجته هي سبب ذلك الجفاء
ثم نظرت لها بهدوء متشدقة ب:
-انا سأتصرف، اتركيني الان يا امي رجاءًا
هزت والدتها رأسها بقلة حيلة ثم نهضت بالفعل لتغادر فأمسكت ريهام بهاتفها تتصل برقم ما ثم وضعت الهاتف على اذنها منتظرة الرد، دقيقة وجاءها الرد بصوت رجولي اجش:
-مرحبًا
ردت بابتسامة غريبة:
-مرحبًا حسين، احتاجك بشيء مهم
سألها الطرف الاخر:
-بالتأكيد ريهام، انا بالخدمة دائمًا.

-سأخبرك ولكنه شيء في غاية السرية وايضًا لا يحتاج تردد، هل ستستطع ام أرى شخصًا اخر؟!
-لا تقلقي، اخبريني
اخفضت صوتها ثم بدأت تسرد له ما تفكر به رويدًا رويدًا وبحروف متقنة وعقل ماكر متيقظ مدبر...

صباح يوم...
كانت حور تقف في الحديقة امام بعض الزهور والأشجار لترويها بابتسامة ناعمة ووجه ابيض متورد مبتسم للحياة التي أظهرت له جانبًا من التقبل!..
وفجأة وجدت من يحيطها من الخلف ليمسك ب رشاش المياه وهو شبه محتضنها من الخلف، ثم ردد بصوت هادئ ولكن لاح به بعض المرح:
-لا تُمسك هكذا، بل هكذا!

عضت حور على شفتها السفلية بحرج، قُربه منها بهذه الطريقة يُسبب حالة من الهذيان لثنايا العقل التي تحاول التدرج تحت حالة التصنم الاجباري...
فحاولت اخراج صوتها الذي خرج متوترًا مبحوحًا:
-ح، حسنًا أنا سأفعلها اتركها عاصي
هز رأسه نافيًا وهو مازال يحيطها من الخلف، فتابع بعبث دغدغ حواسها:
-لا، الوضع جيد جدًا هنا
همست بحروف مشتتة كحالتها المثيرة للشفقة:
-عاصي!

تأوه عاصي بصوت مكتوم، يا الهي، مجرد همسة منها تفعل به الافاعيل، تجعله يود دفنها بين احضانه فلا يسمع صوتها الناعم هذا ولا يراها سواه...!
عاد لرشده وهو يحاول سحبها منه:
-اعطيني اياها انا سأسقيهم
هزت رأسها هي الاخرى بعناد:
-لا لا، أنا مَن بدأت بها وانا مَن ستُنهيها اتركها
-قلتُ لكِ اتركيها وتخلي عن هذا العِند قليلاً...

ظل يحاول جذبها من بين يداها وهي تحاول الحفاظ عليها، والمياه تتناثر عليهم نوعًا ما، ولكن عندما ازداد الشد والجذب بينهم ارتمى رشاش المياه لأعلى فغرقهم تمامًا بالمياه مما جعل حور تشهق من المفاجأة وملمس المياه على جسدها...

وعاصي تجمد مكانه للحظة مبهوتًا يحدق بها وبه بأعين متسعة ثم وفي اللحظة التالية التي كانت خيط رفيع ينساب من بين جوانح عشقه المتخفي كان ينفجر ضاحكًا على مظهرهما لتشاركه حور الضحك بأريحية، كلاً منهما يتعامل بتلقائية في تلك اللحظات، دون ان يفكر هو انها شقيقة القتلة، ودون ان تفكر هي انه مَن أهانها بكثرة في الفترة الماضية!

بدأا يتوقفا عن الضحك تدريجيًا، فكادت حور أن تسير بهدوء ولكن قدماها اهتزت وسط الارض المبللة لتترنح في وقفتها ثم كادت تسقط صارخة بألم:
-ااااه، عاصي!
نطقها لأسمه كان بمنتهى التلقائية ورد فعله المتهافت للحاق بها كان تلقائي ايضًا...
امسك بها ليحيط خصرها بحركة عفوية قبل أن تسقط، ليظل الاثنان على حالتهم الساكنة، والأعين تتلاقى في طريق مظلم أضاءه وميض العشق!..

تحركت إصابع عاصي دون ارادة منه لتتحسس وجنة حور التي اغمضت عيناها بتلقائية تستمتع بملمس يداه على وجنتها، لتسمع همسه الذي أطرب اذنها بعدها:
-أنتِ جميلة، جميلة جدًا حور!
حينها بدأت تفتح عيناها ببطء، لتطل عيناها البندقية الطفولية، فأعادته رشده وهي تذكره لمَن تنتمي، هب منتصبًا في وقفته ليبعدها عنه فتنحنحت هي الاخرى بحرج ثم هتفت:
-شكرًا لك.

اومأ برأسه دون رد فكادت حور أن تسير ولكنه قاطعًا صارخًا بصوت مستنكر:
-انتظري، هل ستدخلين هكذا؟
قالها وهو يشير لملابسها التي اصبحت ملتصقة بها بسبب المياه، فعقدت هي حاجباها بعدم فهم يليه همسها ببلاهه:
-نعم، لماذا؟!
كز على أسنانه بغيظ واضح تفجر في اورته لمجرد تخيله ان رجل اخر يمكن ان يراها بهذا المنظر الذي جعله يكاد يحترق شوقًا لها...!

فاقترب منها بخطوة سريعة مما جعلها ترتد للخلف بقلق، ودون تردد كان يحملها بين ذراعاه كريشة خفيفة فشهقت هي معترضة برقة:
-ماذا تفعل عاصي اتركني!
نفى بصوت حازم خشن:
-ليست زوجتي مَن تسير بملابس ملتصقة هكذا ويراها مَن يراها من الخدم
ورغمًا عنها ارتسمت ابتسامة تلقائية على ثغرها، ودقات قلبها تهتز بعنف مجنون، يغار، عاصي يغار...!
امنية ثانية من امنياتها تحققت، وكم أنت كريم يا الله!

همستها لنفسها وهي تلف يداها حول رقبته، وبصوت عذب رقيق تهمس دون ان تعير صدمته المرتعشة وتصلبه اهتمام:
-انا اعشقك عاصي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة