قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس

وفي قانون الحياه، قد تتمنى مائة شيء، ولكن تنال الشيء الذي لا تتمناه...!
ركضوا جميعهم نحو حور التي كانت وكأنهم سلبوها السبب الذي يُبقيها على بقاع تلك الحياه...!
عدا عاصي الذي كان جامدًا مكانه، ملامحه متصلبة بقسوة حُفرت بين ثناياه...! وداخله يخبره أنها مجرد خدعة سخيفة منها مرة اخرى...
بدأوا يحاولون استعادتها لوعيها، وعندما بدأت تستعيد وعيها نطقت هامسة بما يُمليه عليها قلبها:
-ع، عاصي!

والذهول كان التعبير الاول والاخير الذي ارتسم على وجوههم جميعًا، إلا حماتها التي انكمشت قسمات وجهها بغضب متأجج كالنيران...!
بينما عاصي، شيء لا يعلم مصدره اهتز داخله بعنف عندما همست بأسمه بتلك الطريقة وكأنها تتوسل قربه، ولكن سرعان ما استعاد قناعه البارد الذي يكمم مشاعره خاصةً عندما حدجته ريهام بنظرة ذات مغزى وهي تردف بهدوء يخفي خلفه الكثير:
-تعال يا عاصي لترى ما بها خادمتك..!

وضغطت على حروف خادمتك وكأنها تُذكره بها، ليقترب هو ببطء حتى اصبح امامهم، حينها خرج صوته اجش وهو يخبرهم:
-تفضلوا لجلستكم وأنا سأساعدها لتصل لغرفتها وأعود
عندها تدخلت والدة ريهام قائلة:
-لمَ أنت؟ ألا يوجد خدم في هذا البيت الكبير يا عاصي؟!
كز على أسنانه بغيظ لا يدري ما الذي دفنه بين جوارحه، ثم قال دون تفكير:
-لانها زوجتي، زوجتي يا سيدة زهراء.

لم يهتم بصدمتهم، ولا الشهقات التي صدرت عن ريهام ووالدته التي لم تتوقع أن يخبرهم بتلك السهولة...
فتابعت بسرعة تحاول تصحيح ذاك الاضطراب الذي قام به عاصي:
-يقصد الفصلية التي اخذها من بيت الجبوري، حور!
حينها همس والد ريهام مستنكرًا:
-هذه هي ابنة ابراهيم الجبوري؟
اومأت والدته مؤكدة دون رد، بينما عاصي حمل حور برفق بين ذراعيه، فلم تكن استعادت وعيها كاملاً، ف بدت وكأنها مُخدرة...!

اقترابها منه بتلك الطريقة رمَى سلامًا على قلبه الساكن فجعله ينتفض متأثرًا بذلك القرب...
ليتنهد بصوت عالي، ثم ضغط على خصرها بيداه وكأنه يود ان يُرسل لها اضطرابه، فلم تفعل هي سوى ان تأوهت بصوت منخفض وهي تضم نفسها بأحضانه اكثر متشبثة بياقة قميصه...
واخيرًا وصل بها لغرفتها فوضعها برفق على الفراش وكاد يبتعد ولكنها لم تبعد يداها عن عنقه، أغمض عيناه ورائحتها تغمر روحه بعمق، عمق جعله يخشى ما بعده...!

ليهمس بصوت رجولي خشن:
-حور، هل أنتِ بخير؟!
هزت رأسها نافية كطفلة بريئة متألمة بقدر براءتها:
-لا، لستُ بخير يا عاصي، احتاجك، احتاجك اكثر من اي شيء!
لا تعلم اين سلطة العقل على لسانها، ولكن عندما يزيد الوجع عن حده مستوطنًا روحك، يصبح العقل مجرد رماد يُعيق الطريق قليلاً فقط...!
وهو الاخر كان مأخوذًا بسحر تلك اللحظات، ليقترب منها اكثر ثم رفع إصبعه يتحسس وجنتها بنعومة هامسًا:
-انا هنا، جوارك.

خففت قبضتها عن عنقه ليتمدد جوارها بتلقائية، ودون تفكير كانت تضع رأسها عند صدره، أنفاسها الساخنة تصفع صدره الاسمر الذي ظهر من الازرار الاولية التي يتركها مفتوحة دائمًا، ثم استطردت بصوت مبحوح:.

-انا اتألم، اتألم يا عاصي بمفردي، بدأت اشعر انني في عالم آخر، عالم لا استطيع حتى أن اصدر فيه آآه متوجعة، ان اصرخ حتى يخف ذلك الألم قليلاً، لم اعد احتمل، اقسم بالله لم اعد احتمل يا عاصي سينفجر قلبي من ثقل الألم عليه!
قالت اخر حروفها بشهقات متقطعة وهي تدفن وجهها في صدره، بينما هو كالجماد ظاهريًا، بينما داخله وغزات مختلفة قاسية تؤلمه وتؤلم قلبه الذي اعتقده الصلب الذي لا يلين...!

لاول مره هي بين احضانه، ولكنها رمت على كاهله حملاً ثقيلاً، حِمل التخفيف عنها وهو يريد مَن يخفف عنه..!
كان يعتقد انه اذا سبب لها ألمًا عميقًا، كاسرًا، سينزاح ذلك الجبل من الألم والهم عن صدره، ولكن بدا العكس تمامًا..
رفع وجهها الاحمر له، لتقول هي بحروف متقطعة:.

-لا تتزوجها، لا تتزوجها ارجوك يا عاصي، والله إن رأيت ما بقلبي لك لأدركت أنك تزوجت واحدة بجميع نساء الارض، ليست متميزة بحسبها او نسبها، وانما بعشقها لك...
كان مصدوم، شريد بين بحور اعترافاتها العديدة التي تسقط على اذناه كرعد الشتاء الذي لا ينتهي!..
تعشقه...؟!
تعشق مَن يكرهها من دون رجال الارض!، تعشق مَن يود تخليص حق شقيقاه بعذابها وذُلها...!

وعندما تذكر شقيقاه عادت عيناه الرمادية لقسوتها الدفينة ليبعدها عن احضانه بعنف، مرددًا بصوت لا يُظهر تعبيره:
-لا، اخطأتي، هي متميزة بكرهي لها يا حور، كرهي الذي لم أكنه لشخص في حياتي الا هي وعائلتها القذرة!
صفعها رده بقسوة، رده أسقطها لسابع ارض بعدما بدأت تحلق في سابع سماء بين احضانه...!

لتبتعد عنه ببطء لتعود وتتكور على نفسها كالجنين، بينما هو يؤنب نفسه وبشدة على تساهله معها، فأكمل بحدة علها تخف من شعوره بالخذلان من نفسه التي ضعفت لوهلة:
-لا استطيع ان اظل هكذا في تعداد الموتى وانا متزوج من اكثر واحدة اكرهها في هذه الحياه، لا استطيع ان اتذكر مقتل شقيقاي كلما نظرت لوجهها، لا استطيع ان انجب منها وأزرع الكره في قلوب اطفالي تجاه جدهم وخالهم وجدتهم!

ثم استدار يأخذ نفسًا عميقًا وهو يتابع بجمود:
-سنُقيم حفل الخطبة قريبًا ومن بعده الزواج، ارجو الا تُثيرين المشاكل والا تعرفين جيدًا ما هو رد فعلي!
ثم سار ليغادر الغرفة، تاركًا اياها دموعها تهبط ببطء صامت دون ان تصدر صوت منخفض تعبر به عن ألمها العميق حتى...!

بلحظة كان ظافر يقبض على ذراع ريم التي انتفضت بقلق تزامنًا مع شهقة أطياف طليقته التي لم تصدق عيناها عندما رأته...!
وهو الاخر لم يقل صدمة عنهم، بل كانت صدمته عميقة الاثر، فظل يسألها مستنكرًا بسرعة:
-ما الذي تهذي به هذه؟! وماذا تفعل في منزلكم؟!

حاولت ريم اخراج الحروف من فاهها عنوة، ولكنها فشلت وبجدارة عندما رأت ذلك الغضب الذي يستوطن جذور نظراته، غضب مجنون شيطاني احتل عيناه البنية حتى لم تعد ترى سواه الان...
ليهزها بعنف صارخًا بجنون لا يبالي بأي شيء:
-اجيبيني؟! هل هي صديقتك يا ريم؟ اجيبي هل كلامها صحيح، هل كانت على اتفاق معكِ؟
عضت ريم على شفتاها بخوف هامسة:
-نعم ولكن...

حينها إنفجر كل ما كان يحاول التحكم به، ليجذبها من شعرها بعنف صارخًا وهو يدفعها نحو الحائط حتى اصطدمت به بعنف متألمة:
-نعم! اتفقتما على ماذا يا حقيره..! هل هذا جزائي؟ مجرد طفلة قذرة تضحك على ظافر الزبيدي؟!
حاولت أطياف التدخل عندما وجدت ظافر تحكمت به شياطينه تحكمًا كاملاً:
-ظافر انتظر...
لم يتردد وهو يقترب مزمجرًا كأسد يود تعذيب فريسته قبل الانقضاض عليها:
-اخرسي، لا اود سماع صوتك، هيا الى الخارج!

شهقت أطياف بخوف متراجعة...
وعندما كاد يترك ريم ليتجه لها، ركضت بسرعة الى الخارج، حينها أغلق ظافر الباب بإحكام وهو يعود لريم مره اخرى...
ظلت تتراجع ريم ببطء وهي تهز رأسها نافية:
-ظافر اسمعني، انت اخطأت الفهم
ضربها بيداه السمراء العريضة عند كتفاها بعنف وهو يتابع صراخه الهيستيري:.

-اسمع ماذا؟! تتفقين عليّ مع هذه العاهرة؟ كيف لم استطع معرفة معدنك الحقيقي؟ كيف اعتقدتك مجرد طفلة بريئة طيلة هذه السنوات بينما أنتِ مثلها تمامًا بل وأكثر عهرًا وقذارة، على الاقل هي لم تنل ولو واحد بالمائة مما نلتيه أنتِ!
بدأت دموعها تهبط لا اراديًا، بحياتها لم ترى ظافر بهذه الحالة ابدًا، بدا وكأنه شخص آخر، شخص آخر غير الذي كان يتأوه هامسًا بأسمها، شوقًا لها منذ قليل!..

انتبهت له عندما عقد حاجباه بسخرية وهو يسألها:
-ولكن ما لم افهمه حتى الان، ما هو المقابل لخدماتك لهذه الحقيره؟! لا يُعقل ان يكون المال وأنتِ تعيشين بمنزل ابراهيم الجبوري...
لم تستطع ريم الاجابة من وسط شهقاتها التي ملأت المكان، لتظر نظرة ماكرة شيطانية حلقت من خلف الألغام التي تشتعل داخله وهو يهتف مقتربًا منها:.

-أنتِ نفذتي ما اردتيه واصبحتي زوجتي ومقربة مني جدًا، نجحتي بما اردتيه واستفدتي رغم انني لا ادري ما هي الفائدة، حان دوري الان لأستفيد من تلك الزيجة الفاشلة!
اتسعت عيناها برعب وهي تهمس تلقائيًا:
-ماذا تقصد؟!
بدأ يقترب منها اكثر ثم خلع التيشرت الخاص به بحركة سريعة اجفلت منها ريم التي انكمشت على نفسها بقلق فاق الطبيعي بمراحل، ليرد بنبرة كفحيح الافعى:.

-اقصد انني يجب ان استفاد من هذا الزواج قليلاً، اجعلك زوجتي مثلاً؟!
انتفض قلبها بذعر واضح وهو يكشف لها نيته الشيطانية الجنونية، خاصةً عندما جذبها له بحركة مباغتة ليُقبلها بعنف بينما هي تصرخ محاولة الفرار من بين قبضتاه، و...

دلف علي الى الغرفة بهدوء، يتنهد بصوت مسموع وهو يبحث بناظريه عن أسيل التي لم تكن متواجدة في الغرفة...
إنتفض قلبه هلعًا وهو يتفحص الغرفة بسرعة، فعم الهدوء جوانب قلبه الملتاع عندما سمع صوت المياه من المرحاض، كاد يستدير ليخلع ملابسه ولكن وجدها تخرج ببطء وهي ترتدي قميص للنوم يكشف اكثر مما يخفي...!
سقط لبه صريع ذلك المظهر، مظهرها الذي يُذيب الحجر، ما بالك بقلب عاشق متلهف لقطرة عشق من معشوقته!..

اقترب منها ببطء لا ارادي، لم يعد للعقل مكان في تلك اللحظات التي رفعت راية الاستسلام للهب شوقها...
اصبح على بُعد خطوة منها يتفحصها بنظراته من اعلاها الى اسفلها، يلتهمها بعيناه بشوق جائع، رفع عيناه لوجهها، يُدقق في تفاصيله التي يعشقها، لم يتحمل اكثر ومشاعره تتكاتف عليه، وبلحظة كانت شفتاه تمتزج بشفتاها...

ولذهوله، بادلته هي القبلة ببطء، فعاد له جزء من عقله الذي كاد يفقده بعد رؤيتها بهذا المظهر، ليبتعد على الفور متمتمًا بصوت أجش:
-اعتذر، لا يمكن ان يحدث
وكاد يبتعد تمامًا ولكن همستها الضعيفة بأسمه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير:
-علي...
ثم تابعت بصوت مبحوح ترجوه فعليًا!، :
-ارجوك لا تبتعد، انا اريدك يا علي..

بدت له ليست طبيعية بالمرة وهي تتلمس ذقنه الطويل نوعًا ما وتتابع بنفس الهمس الذي يلاعب اوتاره الحساسة:
-اريد ان اصبح زوجتك قولاً وفعلاً، اريد أن اشعر انني انثى مرغوبة فعليًا، هل هذا كثير عليّ يا علي؟
سب علي بصوت مكتوم، الغبية لا تعلم ما يشتعل بصدره...!
لتقترب اكثر حتى اصبحت ملتصقة به وهمست:.

-اريد ان اتمتع بشعور انني انثى كاملة، انثى يكتفي زوجها بها، انثى تستطيع التأثير بشخص، اريد ان انسى مَن انت ومَن انا...
ثم احتضنته ببطء تلف ذراعاها على ظهره متابعة وانفاسها تداعب اذنه:
-اريد ان اكون معك فقط...
بالرغم من يقينه أنها عندما تستعيد رشدها وتعود اسيل تلك، ستلومه وتلوم نفسها على ما حدث، الا انه لم يستطع سوى الخضوع لرغبتها في النشوى كأنثى، في تغذية شعور الانثى داخلها...

رفعها من خصرها بخفة بين ذراعيه، وهو يردف بصوت خشن مثخن بالعاطفة:
-وانا اريدك بكافة جوارحي يا ابنة الشهاوي!..
ولم يُسمع اي حديث بعدها، كانت نظرات، همسات عاشقة تطرب اذن اسيل ظنًا منها انها مدحًا لانوثتها، ولكنها لم تكن مدحًا لها ولانوثتها بقدر ما هي همسات عاشقة، همسات كانت اسيل فاقدة البصر والبصيرة تجاهها...!

بعد أيام قليلة...
خرج عاصي من مكتبه بعدما أنهى بعض اعماله، وكاد يتجه لشركته الخاصة ولكنه توقف للحظة ينظر لغرفة حور المغلقة، حور التي لا يراها سوى صدف، يتجاهلها وهي اخيرًا قررت تجاهله، او قررت مداوة جراحها بمعنى اصح!
سار بهدوء حتى قابل والدته، فقاطعها قبل ان تتحدث:
-هل رأيتي حور يا أمي؟
أشاحت به بيداها قائلة بحنق واضح:
-ومَن حور تلك حتى تسألني انا عنها؟!
اغمض عيناه مستغفرًا وهو يبرر لها بهدوء:.

-اسألك إن كنتي رأيتيها فقط يا امي، فهل رأيتيها ام لا؟!
هزت رأسها نافية وهي تتخطاه:
-لا، الحمدلله لم ارها حتى لا تعكر مزاجي ولكني اظن انني لمحتها تسير باتجاه الحديقة
اومأ عاصي موافقًا وهو يتجه للحديقة بهدوء، ويبرر لعقله الذي يُعنفه انه يبحث عنها حتى لا تغيب عن عيناه فقط..
وبالفعل اصبح في الحديقة ولكنه لم يرى حور وحدها، بل رأى شخص اخر وحور تحتضنه بلهفة جعلت الدماء تغلي بعروقه...

ورغبة اجرامية تنتشر بين دماءه تحثه على قتلهما، اصبحت خطواته سريعة وهو يتجه لهم مناديًا بصوت رجولي اجش أرعب حور التي ارتعشت بعنف وهي تدرك ان الدمار قادم لا محالة:
-حور...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة