قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

احيانًا تأتيك الحقائق صافعة اياك، ويصبح الواقع كحلم لم يكن على هواك، وتصبح تلك الصدمة عكس تجاه صداك...!
ظل عاصي يسب ويلعن، يتوعد ويثور بجنون، بينما الاخر صامت تمامًا!
دقائق اخرى مرت وعاصي كالتمثال المنحوت، كسجد سلبته منه الصدمة روحه لتبقيه كأشلاء في عرض بحر الحقائق...!
تذكر كل شيء، اهانته، قسوته، وصفعه لها تلك المرة، كل شيء جعله يكاد يبكي دمًا من الندم...

انتبه حينما أغلق المتحدث الخط وفي نفس اللحظة دلفت حور للغرفة فشعر أن القدر لن يتوانى عن صفعه ليسقط صريع صراعه!..
وكالعادة لم تعطه حور اهتمام بل إلتقطت بعض الملابس المتسخة وحملتها بهدوء ثم كادت تخرج من الغرفة ولكن أوقفها عاصي الذي نهض بسرعة وهو يتجه لها ليمسك معصمها بلهفة قائلاً:
-حور، حور انتظري ارجوكِ
اشتدت اعصابها التي كانت وكأنها موضوعة على مرجل فهمست بصوت حاد دون أن تنظر له:
-اترك ذراعي!

حينها، وفي تلك اللحظة إنفجرت كل مشاعر عاصي، الندم غرق نبرته الأجشة والتوسل كان باطنًا سميكًا لها وهو يقول:
-حور، لقد علمت شيء، علمت أهم شيء!
نظرت له بطرف عيناها متساءلة:
-ماذا؟
ابتلع ريقه بتوتر، شعر في تلك اللحظة أنه يقطع أخر خيط بينهما، ولكن شعور ما أخبره أنه ربما يهدم حاجز من الحواجز التي بُنيت مؤخرًا بينهما، وما بين إنعكاسات المشاعر تلك نطق بصوت هادئ ولكنه مشحون بمشاعر شتى:.

-علي لم يقتل شقيقي حسين، لقد كان مُصاب عندما تركتموه أنتم!
ضحكة ساخرة عالية إنطلقت من بين شفتا حور بتلقائية متألمة، يا الهي، شعور مُحطم، شعور كاسر خاصةً ومرارة الخسارة تستقر ببواطن روحها...!
عادت للخلف خطوتان، تحدق بعيناه اللامعة بوميض راجي، نادم، بينما عيناها هي جامدة، متخبطة ما بين الذهول و، الجنون!
فنطقت اخيرًا بصوت مبحوح بدا وكأنه يرجوه النفي:.

-هل تعني أن، أن عذابي هذا لم يكن بوجه حق؟! لم يكن دين وانا سددته، لم يكن تضحية، لم يكن تسديدًا لأنتقام موحش داخلك!
ثم رمت الملابس ارضًا وراحت تصرخ بهياج هيستيري:
-هل تعني أن كل عذابي لم يكن له معنى! كان صفحة تُركت قليلاً فجاءت الحقيقة لتغلقها بكل بساطة!

حينها لم تتحمل فسقطت ارضًا وهي تنفجر في بكاء عنيف، نشيج كان أقوى من قدرتها على التحمل، ربما كانت اسبابها جدار يسندها، ولكن تلك الحقيقة دمرت ذلك الجدار تمامًا!
رفعت رأسها وهي تصرخ وكأنها تناجي ربها باحتراق روحها:
-يا الله...
كانت شهقاتها تزداد بينما هو يتابعها بصمت، لن يكن كاذب إن قال أن روحه تحترق لأحتراقها، أن كل صرخة تخرج منها تنغرز كالأشواك بروحه التي ارتبطت بها دون شعور منه...!

خرج عن صمته ليهبط لمستواها بسرعة وهو يمسك وجهها بين يداه ويردد بصوت ملهوف يتوسلها التصديق:
-لا، لم يكن كذلك صدقيني، تلك التضحية لم تصبح بالارض، لولاكِ ربما لكان شقيقك مقتول وربما عشت انا بعذاب نفسي يقتلني بمرور الوقت، انتِ قدمتي شيء ثمين حور، ثمين جدًا!
دفعته بعيدًا عنها بعنف وهي تزمجر فيه بجنون:
-ابتعد عني، لا تحاول لمسي
ثم أشارت لتلك الملابس وتابعت بازدراء:.

-أنت اقذر من ملابس متسخة لم تُغسل منذ قرن، أنت اسوء شيء حدث بحياتي عاصي، انت ذنب يُكفره الله لي في الدنيا!..
وبالرغم من قساوة كلماتها التي جعلته كالبحر يبتلع في جوفه الكثير ولكنه سيود الانفجار حتمًا من كثرة ما ابتلع، الا أنه لم ينطق بشيء!
كادت تنهض ولكن عاصي كان الأسرع فجذبها له فجأة بعنف ليحتضنها رغم اعتراضها، كادت عيناه أن تدمع حرفيًا وهو يهمس بصوت مذبذب متوجع:.

-حور، اغفري لي، لن استطع اكمال تلك الحياة بدونك، حور، حور أنا اعشقك!
تصنمت مكانها للحظة وتلك الكلمة يتردد صداها داخلها، في تلك اللحظات رفع هو وجهها له ليستطرد همسه الخافت المُحمل بعاطفة خاصة لا يظهرها دومًا:
-أعشقك، أعشقك أكثر من أي شيء بتلك الحياة، كنت كاذب بكل شيء أنا عاشق لكِ ولكنني كنت أضعف من أن أعترف حتى لنفسي بذلك...
كانت جامدة، نظرتها خالية من شتى المشاعر، خاوية تحدق به فقط!

أعتقد أنها استجابة صامتة فاقترب ببطء منها ولكن بمجرد أن لامست شفتاه شفتاها حتى دفعته بكل قوتها ليترنح للخلف بذهول، فمسحت هي شفتاها بعنف بطرف ملابسها ثم بصقت ارضًا وقالت بتقزز واضح كان كنخجر إنغرز برجولته:
-لا ادري كيف اقنعك أنني اصبحت لا امقت في هذه الدنيا سوى لمستك، ولم اعد أريد ذلك العشق بل اصبحت اتقزز منه! أتعلم لمَ تركتك تقترب؟ لتشعر بأحساس الرفض والتقزز الذي اشعرتني اياه مرارًا وتكرارًا!..

دفعته وهي تحاول تخطيه مرددة بصوت صلب قاسي:
-أنا لن أبقى بهذا المنزل لحظة اخرى
فرد هو دون تردد بخشونة واعصاب كادت تنفجر من بروزها وإنصهارها:
-لن تخرجي من هذا المنزل إلا على قبرك يا امرأتي، ولن اتردد عن فعل اي شيء يبقيكِ معي حتى لو كَذبت ما قلته لكِ الان!
ابتسمت له باصفرار قائلة:
-وماذا كنت أتوقع منك!
ثم تخطته دون كلمة اخرى ليتنهد هو بصوت مسموع مُعذب:
-آآهٍ من ذلك العشق الذي لم يُكتب له سوى الوجع...!

بينما في الأسفل...
كانت صدمة والدة عاصي كبيرة وهي تسمع خبر أسيل الذي دمر أي مخططات لها او تحذيرات!..
جعلها تشعر ان حديثها كله لم يعد له أي قيمة..
اخذت ثواني قبل أن تهمس مذهولة:
-حامل! تحملين جنين قاتل شقيقك؟!
لم تكن أسيل تتحدث بل كانت صامتة، مستكينة وكأنها تنتظرها ان تفرغ ما بجبعتها، بينما الاخرى اردفت بغل دفين:.

-اسمعيني جيدًا يا اسيل، لن تدخلي ذلك المنزل مع ذلك القاتل ابدًا، لن أعدك بمعاملة جيدة لأطفالك منه بل لن اعدك بمعاملة من الاساس! سينقطع كل شيء بيننا الا من السلام كل فترة...
في تلك اللحظة اتت حور التي ضحكت ساخرة وبقوة:
-إنتهت المسرحية يا حماتي العزيزة، انتهى كل شيء!
لم تتوقف ولو لحظة للتفسير بل قالت بصوت جامد حاد:
-اعطيني هاتفي الذي اخذتيه مني
عقدت حماتها ما بين حاجبيها بتوتر ثم ردت:
-ولكن آآ عاصي...

فصرخت فيها حور بانفعال حاد جعل التي امامها تشعر أنها بينها شعرة وبين الجنون..!:
-لعنه الله ذلك اللعين، اعطيني هاتفي والان! بالفعل تنهدت وهي تسير بهدوء لتجلب لها هاتفها بينما أسيل ركضت للخارج شبه باكية وكلام والدتها يمزق روابط ثباتها شيءً فشيء!..
تفاجئ بها علي الذي كان ينتظر حور، طارت منه حروف المشاكسة ليحل محلها قلق ذريع وحروف متلعثمة تتساءل بلهفة:
-ما بكِ حبيبتي ما الذي حدث؟ هل حور بخير؟!

اومأت أسيل بسرعة وهي تخبره شاهقة بحروف متفرقة كالشرق والغرب:
-بخير بخير، ولكن انا آآ، عندما قلت لوالدتي أنني حامل اهتاجت واخبرتني ان كل صلاتي بهم ستنقطع!
احتضنها علي بحنان بحت، يُشعرها أن قلبه هو من يحتضنها وليس جسده، أن بكاءها شيء يجعل كيانه الرجولي يرتجف بعنف!..
بدأ يربت على خصلاتها بحنان هامسًا وكأنها طفلته:.

-لا تقلقي صغيرتي، ألا تعرفين طبع الأمهات؟ كلهن نفس النسخة، اليوم لستي ابنتي وغدًا أنتِ حبيبتي! جميعهن مصابات بالأنفصام.

في نفس اللحظات كانت سارة صديقة ثامر تستمع لهم، كانت على وشك الدخول للمنزل وهي تحمل ظرفًا كانت تود إعطاءه لأسيل، ولكن ما سمعته الان اهم بكثير...
اتسعت ابتسامتها الخبيثة وهي تتراجع بسرعة راكضة قبل أن يراها أي شخص لتستقل سيارة الاجرة التي كانت تنتظرها وهي تقول له:
-عد للسجن بسرعة
وبالفعل انطلق بها نحو السجن الذي يُسجن به ثامر...

عقلها الشيطاني يرسم لها العديد من الخطط التي سيرسمانها معًا بخطوط ذلك الخبر...!
وبالفعل وصلت وتقدمت من الضابط تأخذ اذن الزيارة، وبالفعل دلفت لثامر وبمجرد ان رأته حتى همست بابتسامة خبيثة:
-احضرت لك خبر سيجعلك سيعد جدًا عزيزي ثامر
تأججت عيناه بلهفة وهو يسألها:
-ماذا؟ هل اعطيتي صور خيانة علي ل أسيل؟ هل صدقتك!
هزت رأسها نافية بكل هدوء:
-لا بل شيء اهم من ذلك بكثير...

نظر لها باهتمام فتابعت بنبرة شيطانية تشعرك أن الشيطان هو ناطقها:
-سمعت أن أسيل حامل من ذلك الوغد علي!
للحظة تجهمت ملامحه بانزعاج واضح ولكن سرعان ما تبخر ادراج الرياح ليحل محله دخان شيطاني مُهلل وهو يهمس لها:
-لنساعدها لتتخلص من ذلك العبء نهائيًا اذن!؟..

كانت ريم تقف امام ابراهيم الجبوري وهي تقول بصوت حاد ثائر:
-انا اريد ان اتحدث مع حور او اراها، لن انتظر اكثر!
رفع كتفاه بلامبالاة وكأنها تتحدث عن اخرى غير ابنته، ابنته التي ألقت بنفسها بين ذراعي الجحيم لأجلهم جميعًا...!
ثم مط شفتاه وأخبرها ببرود ثلجي:
-ماذا افعل انا؟ زوجها لا يريد ولا يمكنني ان اجبره حتى لا اخرب حياتها!
حينها لم تتمالك ريم اعصابها بل صرخت فيه بجنون:.

-هل تعتقد أنك لا تخربها هكذا؟ أنت تدمرها بكل بساطة، أي اب أنت!
وفي اللحظة التالية ودون تردد كان يصفعها بعنف وهو يزمجر فيها بشراسة:
-اصمتي ايتها الحقيرة يبدو أنكِ لم تري تربية ابدًا!..

في الوقت ذاته كان ظافر يركض مسرعًا ليخرج من الشركة ولكن هذا الخروج كان حلم بعيد كل البُعد عن الواقع...
فهو بمجرد أن خرج وجد النار بالفعل اشتعلت بكل ارجاء الشركة...
اصبحت الدنيا مُعتمة من كثرة الدخان الذي انطلق بكل مكان في الشركة، بدأ ظافر يسعل بعنف وهو يرى احدهم ساقط والاخر يترنح والاخر يبدو أنه قطع نفسه تمامًا...
بدأ يشعر أن كل شيء ينهار امامه، كل شيء يفقد قيمته في تلك الحياة!

بدأ اختناقه يزداد وهو يشعر بانقباض نفسه، حاول التماسك، حاول الثبات وهو يقفز من هنا لهنا لينجو ولكن اسفًا، لم تسعفه انفاسه او قواه فبدأ يلتقط انفاسه بصعوبة قبل أن يسقط مكانه فاقدًا للوعي وربما بعد قليل للحياه بأكملها!..

وبعد فترة...
ريم كانت تمسك بهاتفها بعدما اغلقت مع حور، تنهدت بارتياح غائر واخيرًا استطاعت التحدث معها، شعرت ان نصف روحها الثاني عاد لها واخيرًا...!
وفجأة صدح رنين هاتفها فأجابت بخفوت:
-السلام عليكم
سمعت صوت خشن حاد ولكنه ضاحك يخبرها:
-كيف حالك يا صغيرة؟!
سألته بتوتر:
-من أنت؟
سمعت ضحكات عالية وهو يخبرها:
-انا شخص يعرفك ولا تعرفينه، المهم انا اتصلت لأخبرك أن تعدي لعزاء زوجك فهو الان في عداد الموتى...!

كانت حور في غرفتها، تجلس شاردة تائهة بين بحور افكارها كعادتها مؤخرًا...
تتذكر مكالمتها هي وصديقتها بعد أن قصت عليها كل ما حدث معها لتفجر كل المشاحنات المكتومة بين ثنايا روحها...

فلاش باك###
سألتها ريم بصوت هادئ يحمل لونًا واضحًا من الحزن والشفقة:
-ماذا سيحدث الان حور؟ بالتأكيد لن تظلي هكذا؟
هزت رأسها بيأس وكأنها تراها:
-لا اردي، اشعر انني كاليتيمة بلا سند في غابة ممتلئة بالذئاب!
سمعت صوت ريم الذي احتد وهي تنهرها:
-اصمتي يا عمياء واين ذهبت انا؟ قسمًا بالله لو يتركوني لأقطع لكِ تلك الذئاب يا قلب أختك...!

ابتسمت حور باشتياق حقيقي لذلك الدفاع الحاني، ذلك الدرع الذي يمد روحها بقوة تلقائية تتوسلها هي لتجتاحها...!
وفجأة نطقت بصوت شارد:
-إما الطلاق او الانتحار
شهقت ريم مصدومة:
-ماذا تهذين؟
حينها ردت حور بثقة ولكنها بليدة جامدة:
-كما سمعتي ريم، سأخيره بين ذلك وليس امامه خيار اخر انا جادة، ولكني واثقة أنه لن يتحمل عذاب ضمير آخر!
وقبل ان تغلق قالت بسرعة:
-حسنًا ريم لا تقلقي سأحدثك مرة اخرى.

ثم أغلقت بسرعة وهي تتصل ب علي الذي اجابها بعدم تصديق:
-حور، لا اصدق، أهبطي لي بسرعة انا بالأسفل انتظرك
ولكن حور قالت بسرعة:
-علي، احضر مأوذن وتعالى سريعًا رجاءًا...
وقبل ان تسمع اعتراضه كانت تغلق الخط...
باك###.

نهضت متوجهة لغرفة عاصي، بمجرد أن رآها نهض منتصبًا وهو يهمس بلهفة:
-حور!
دون ان ترد عليه كانت تصعد بسرعة لتقف على الشرفة بحركة رشيقة وهي تردد بصوت لا حياة فيه:
-إما الطلاق او الموت سيد عاصي!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة