قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون والأخير

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون والأخير

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون والأخير

وبالفعل خلال لحظة كان عاصي يقف، بدأت الحروف تهتز بعنف بين شفتاها وذكرى ما حدث تتماوج بين ثنايا عقلها دون توقف...!
واخيرًا استطاعت النطق بحروف متقطعة لا يربطها سوى توترها وفزعها المفاجئ:
-عاصي، هذا الرجل، هذا الرجل هو مَن أختطفني ذلك اليوم هو وبعض الاشخاص!

اتسعت عينا عاصي بشراسة مبطنة، الغل الذي هشم دواخله كالصدئ في الحديد عاد ليطفو على سطح جوارحه الغائرة ليسب بصوت مسموع وهو يفتح الباب يكاد يترجل من السيارة بسرعة:
-لعنه الله ذلك الحقير سأقتله..
ولكن وجدوه يركب سيارة ما ويسير بها لذا ومن دون تردد كان عاصي يشغل المحرك وينطلق خلفه، بينما حور تردد بنبرة مرتعدة:
-عاصي لا، دعنا نعود رجاءًا لا تذهب خلفه لا نضمن ماذا نفعل.

ولكن عاصي لم يعطي كلامها أي اهتمام، كانت عيناه تتحرك مع حركة ذلك المعتوه تلقائيًا، وعقله لا يسير سوى في نقطة واحدة يتمحور حولها، أن ذلك اللعين تجرئ عليه وعلى أهم شخص بحياته وبأسوء الطرق...!
هبط ذلك الشخص بعد فترة امام احدى المنازل، نظر عاصي لحور بسرعة قائلاً بجدية حادة يُحذرها:
-لا تنزلي من السيارة مهما حدث، أفهمتي حور؟

كادت تعترض ولكنه لم يعطها الفرصة، ترجل من السيارة وهو يغلق الأبواب بعناية، ثم إنطلق خلف ذلك الشخص...
ولكن حور بالطبع لم تكن لتنتظر، القلق يدب باب مشاعرها في تلك اللحظات بعنف..!
ترجلت خلفه بتهور تسير خلفه وهي تنظر يمينًا ويسارًا، لتهمس تبث نفسها الشجاعة التي فرت ادراج الرياح:
-إن كان خيرًا فليكن معًا وإن لم يكن فأيضًا معًا...!

بينما عاصي تبع ذلك الشخص ولكن قبل أن يدلف لمنزله كان عاصي يسحبه من ملابسه بعنف وهو يصرخ فيه:
-أيها ال ماذا تريد من زوجتي؟!
والآخر كان مذهولاً يحدج بعاصي الذي كان كأعتى الرياح عندما تهاجم استكانة النسيم، بدأ عاصي يضربه بعنف ويكرر سؤاله بلا توقف:
-ما الذي كنت تريده منها؟ بماذا أذتك تلك المرأة؟
دفع عاصي عنه بقوة ثم صاح يسأله مستنكرًا:
-أي زوجة يا هذا؟! ومن أين لي أن اعلم مَن تكون زوجتك؟!

أمسكه عاصي من تلابيبه يزمجر فيه بجنون وكأنه سيرتكب جريمة حتمًا:
-زوجتي الحامل التي اختطفتموها أنت وبعض الأوغاد مثلك
وفي تلك اللحظة كانت حور تقف على بُعد مسافة قريبة منهم، تتابعهم بقلق رهيب وعيناها تكاد تخرج من مكانها لهفةً لتحتضن ذلك الوحش الكاسر الذي تعشقه...!
حينها إلتفت لها عاصي يهدر بانفعال:
-لمَ أتيتي؟ آآ...

وقبل أن يكمل باقي صياحه كان الآخر يُخرج سكين صغير مستغلاً إنشغال عاصي ب حور ثم ودون تردد كان يُصيب عاصي بها بعشوائية في بطنه...!
صرخة حور إنطلقت لحظة ولادة صرخة عاصي التلقائية المتألمة، نقطة واحدة كانت غائرة، صادمة، وما بعدها مجرد فراغ!
ولكن لحسن الحظ ان ذلك الرجل لم يغرزها بعاصي بل أصابه في جوف البطن فقط، أمسك به عاصي جيدًا حتى لا يفلت من بين يداه وراح يضربه بعنف اكبر واكثر...

وبالطبع كان الآخر يقاوم ولكن بنية عاصي الجسمانية ساعدته على الصمود، بدأ الرجل يلتقط أنفاسه اللاهثة بأرهاق مرددًا:
-حسنًا، حسنًا سأخبرك أنتظر!
امسكه عاصي بأحكام متجاهلاً ذلك الألم الذي يزداد داخله مع الحركة..
وبالفعل بدأ الرجل يتحدث ولكن بكلامه، كان ك من ينتقل من حقبة زمنية مشحونة لأخرى هادئة تفرغت من شتى الانفعالات الوهمية...!
-خطيبتك هي التي جاءت لي مع شخص أعرفه وطلبت مني أن أفعل ما فعلته.

كان عاصي على حافة جنونه من الذهول ولكن رغم ذلك سأله بصوت مشدود:
-خطيبتي مَن أيها اللعين؟
صمت الاخر برهة من الزمن ثم نطق بتوتر:
-لا اذكر جيدًا ولكن أعتقد كان أسمها ريهام!
حينها وبحركة مباغتة كان عاصي يضرب رأسه بقوة ليفقد الآخر وعيه بعد دقيقة تقريبًا، نهض عاصي يُخرج هاتفه ينوي الاتصال بالشرطة ولكن حور ركضت نحوه تنظر لجرحه بلهفة وهي تصيح فيه بخوف:.

-بماذا تشعر؟ هل يؤلمك؟ هل هو غائر؟ أنتظر لنراه قبل أن يزداد النزيف ويصبح الامر اخطر، لا لا بل هيا نذهب للمستشفى، ولكن انتظر لأربطها لك، عاصي آآ...
قاطع عاصي ثرثرتها الطفولية المرتعدة وهو يرفع وجهها له ببطء يضع إصبعه على شفتاها لتصمت، تلوى ثغره بابتسامة ماكرة وهو يهمس لها:
-أوتقولين أنكِ لا تحبيني؟ أنتِ تعشقيني حوريتي!..

للحظة توترت وهو يصل لأعمق احساسها مستغلاً تلك الزوبعة من المشاعر التي تتضادد داخلها، ولكنها اومأت وهي تعاود النظر لجرحه بنبرة طفولية:
-لقد كنت أكذب كما كنت تكذب أنت أيها الأحمق هل ارتحت الان؟ نعم انا أعشقك ولم أستطع أن اجبر نفسي على كرهك!..
رمى عاصي نظرة سريعة لذلك الرجل الفاقد الوعي وهو يردف مشاكسًا:.

-ما رأيك عندما يعود لوعيه أخبره أنتظر رجاءًا لنكمل حوارنا ثم هاجمني مرة اخرى كما تشاء لأن زوجتي العزيزة وأخيرًا حنت عليّ ؟!
بدت حور وكأنها انتبهت لتلك النقطة فابتعدت على الفور ليتصل عاصي بالشرطة وهو يبلغهم بما حدث بكل هدوء...

بعد فترة وبعد إنتهاء تحقيقات الشرطة كان عاصي يسحب حور بعد هدوء بعدما ساعده احدهم ووضع له ضمادة على جرحه...
نظرت له حور بتوتر متساءلة:
-إلى أين سنذهب الان؟
لم ينظر لها بل كانت نظراته تسبح في عالم آخر اتصاله مباشر بعقله فقط، ثم رد ب:
-سنقوم بشيء تأخرت كثيرًا في فعله.

ابتلعت حور ريقها بازدراد ولم تنطق مرة اخرى، وداخلها يعلم أن كلامها سيصبح مجرد صفر على اليسار في معادلة لا يُحيكها سوى عقله المذبذب بشتى الأحداث...!
وصلا امام منزل ريهام فأخرج عاصي خاتم خطبته من صندوق في السيارة وهنا ابتسمت حور تلقائيًا فهو لم يكن يرتديها ابدًا منذ أن ارتبط بتلك المعتوهه ريهام...
ترجل عاصي من السيارة بهدوء هامسًا لها:
-هيا تعالي حوريتي.

وبالرغم من القلق الذي لم تستطع منع وصول ألوانه لخلفية مشاعرها إلا انها سارت معه بكل هدوء بالفعل...
دلفا تجاه المنزل فأطرق عاصي الباب عدة مرات بهدوء، فتح له زاهر والد ريهام الباب ثم هتف بدهشة:
-عاصي! خيرًا تفضل
هز عاصي رأسه نافيًا بكل برود وهو يخبره:
-لم آتي لأتفضل...
ثم ألقى نظرة سريعة تجاه ريهام التي ظهرت تراقب الموقف بحذر، ليرمي الخاتم ارضًا باشمئزاز متابعًا:.

-جئت لأخبركم بأسفي وتقززي من نفسي لأني ناسبت واحدة ك ريهام وإن كان شكليًا، وليكن بعلمكم لم اكن مَن أختارها ابدًا، بل حاولت بشتى الطرق الذوقية أن اخبرها أنني لا اريدها ولكنها كانت أخبث مما توقعت، لدرجة أن ترسل بعض ال ليخطتفوا زوجتي ويهددوني بها وحتى الان لم ادري ماذا أرادوا منها...!
كان والد ريهام مذهول، يحدق بعاصي بأعين متسعة ترجوه النفي، لا يصدق أن ابنته الوحيدة تصل لهذا المستوى من التفكير...!

حينها زفر عاصي بصوت مسموع ثم استطرد:
-لو أردت لكنت أتهمتها في محضر رسمي امام الشرطة، ولكني اكتفيت أن ذلك الشخص أعترف للشرطة واخبرهم بأسمها لأنك لست برجل سيء ولم تؤذني يومًا بل ساعدتني، لذا أنا اترك لك الفرصة، إن استطعت إنقاذ ابنتك من تلك القضية بمعارفك فافعل!
ثم وبنفس البساطة امسك يد حور بحنان ليُقبلها بعمق امام أعين ريهام الحاقدة ليغادر معها بكل برود...

بمجرد أن ركبا السيارة نطقت حور هامسة بابتسامة عاشقة يُنيرها عشق عاد يصدح للنور وبقوة:
-عاصي...
همهم بصوت حاني وهو يبحث عن مفتاح السيارة بهدوء:
-قلبه...
لم تختفي ابتسامتها وهي تكمل متنهدة تنهيدة عميقة تصدر عن اعماقها:.

-هل أخبرتك يومًا أنك أفضل وأقوى الرجال بنظري؟ هل أخبرتك أنني اعشقك لدرجة أنني احيانًا اخشى أن احسد نفسي عليك، هل أخبرتك أنني عندما كنت اؤلمك بكلامي كنت امنع نفسي بصعوبة عن الارتماء بأحضانك والاعتذار منك...؟!
حينها إلتفت لها، يمسك كفاها الصغيران برفق بين يداه بينما يتشدق بعبث جعلها الخجل يفرد أطرافه على وجنتاها:.

-هل أخبرتكِ أنكِ تقولين هذا الكلام في الاوقات الخاطئة وأنني إن تهورت سنُمسك بقضية آداب...!
صدحت ضحكاتها الناعمة وهي تنظر للجهة الأخرى بخجل بينما هو يطبع قبلة عميقة في باطن كفها بحنان ثم شغل المقود ليعودا للمنزل بكل هدوء...

كانت أسيل تدلف مع علي الذي أصر أن يذهبا لطبيبة ليتأكد من شكه إن كانت اسيل تحمل طفله ام شوقه لذلك هو الذي يزرع تلك الأفكار بعقله...
بينما أسيل تعض على شفتاها بتوتر قائلة:
-علي، دعنا لا نهتم بشيء ليس له داعي، انا متأكدة أنه ليس حمل!
حينها نظر لها علي نظرة شائكة يهمس لها بحنق متعجب ولكنه مرح:
-لمَ؟ هل مكتوب على جبيني لا للإنجاب ؟!
هزت رأسها بحرج مغمغمة بسرعة:
-بالطبع لا، لا اقصد ذلك.

لم يعيرها اهتمام وهما يدلفان نحو الطبيبة ولحسن الحظ لم يكن هناك غيرهما فدلفا بسرعة...
قابلتهم الطبيبة بابتسامة في البداية بالطبع ثم بدأت تفحص أسيل بهدوء ثم قامت لها ب -تحليل-...
كانت أسيل تتنفس بعمق متوتر لا تدري لمَ، ولكن علي كان شيء داخله متحفز، متحمس لأن تحمل معشوقته طفله، تصبح أم لأولاده، يتحقق حلمه الاول والأخير...!
وبعد فترة كانت الطبيبة تمسك بنتيجة التحليل وتبتسم قائلة بنبرة بشوشة:.

-مبارك سيدة أسيل أنتِ حامل في شهر!
إتسعت عينا أسيل بذهول مغموس بالفرح، شعور آخر، شعور أن هناك نبتة لعشقهم تُزرع داخلها، قطعها منها ومنه تنبض داخله، شيء صغير سيجعل رابط العشق بينها أمتن وأطول...!
لحظات فقط وكان علي يحتضنها صارخًا بانفعال عاطفي وقد تناسى أنه امام الطبيبة:
-لقد اخبرتك، كنت أشعر، سأصبح أبًا!
واسيل كادت تبكي من فرط السعادة وهي تحتضنه وتومئ بلهفة بلا توقف...

بعد دقائق كانا يهبطان بهدوء من عند الطبيبة، فكانت أسيل تسير بسرعة كعادتها ولكن البهجة تضفي لمعة خاصة عليها...
حينها امسكها علي بسرعة يزجرها بقلق:
-لا تسيرين بسرعة هكذا، الان يوجد صغيري!..
ابتسمت أسيل بدلال تهمس له:
-حسنًا بعلولي كما تأمر..!
اتسعت حدقتا علي وردد مستنكرًا:
-بعلولك!؟
اومأت مؤكدة بنفس الابتسامة الطفولية:
-نعم، بعلي زوجي ولكني أضيف لها لمستي واجعلها بعلولي !

وفجأة كان علي يحملها بين ذراعيه ويصيح بعبث اختلط بالحنو العاشق:
-يا روح بعلولك أنتِ...!
فأحاطته اسيل مبتسمة بسعادة لم تغمر كافة ثناياها يومًا كالأن...

بعد يومان تقريبًا...
كانت والدة ريهام تعد حقائبهم بينما ريهام تبكي امام والدها الذي أصر على الرحيل من تلك المدينة نهائيًا...
حاولت امساك يده وهي تردد بتوسل:
-ابي ارجوك دعنا لا نذهب لا اريد أن اسافر كل شيء بحياتي متعلق بتلك البلد حتى اصدقائي كلهم...
ولكن والدها قاطعها بصراخ حاد يزمجر فيها بعصبية حادة:.

-اصمتي لا اريد سماع صوتك، سنغادر رغمًا عنكِ، يكفي مصائبك حتى الان ولكن العيب مني يبدو أنني كنت متساهلاً معكِ كثيرًا...
هزت رأسها نافية وهي تبكي هامسة:
-ابي لا...
ولكنه تجاهلها وهو يخرج من الغرفة بأسى بينما والدتها تلتزم الصمت لأنها إن نطقت ستزيد من جلد الكلمات لها بالطبع...
ويستمر توسل ريهام ولكن بالطبع قد نفذ القرار وانتهى الامر...!

بعد فترة...
سارت الحياة واخيرًا دون عقبات، حور منشغلة مع ريم تلك الفترة بالتجهيز لزفافها الذي تحدد خلال شهر واحد...
واخيرًا رأت حور طابعًا ورديًا ناعمًا لتلك الحياة، رأت من حنان وعشق عاصي ما أشعرها أنها في حلم ستستيقظ منه على واقع مرير قاسي كالعادة...!
بالطبع لم تتغير علاقتها ب حماتها العزيزة فذلك الحاجز بينهما لن يُحل إلا بمرور الايام والعشرة الطولية...

كما ابتهج المنزل بأكمله لخبر حمل أسيل التي تسع فرحتها العالم كله، صحيح أن علاقة علي وعاصي لم تصبح كالأخوات ولكنها ايضًا ليست سيئة...
وفي احدى الأيام انتبهت حور لهاتفها الذي يرن فتوجهت له بهدوء تجيب:
-السلام عليكم
صمتت فجأة وهي تسمع صوت الطرف الاخر وحروفه التي سقطت على اذناها كالرعد القاسي فتجمدت مكانها للحظات قبل أن يسقط الهاتف من يدها بذهول و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة