قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

الدقائق التي مرت على علي كانت أقسى ما يمكن، كانت سيئة لدرجة أنه تمنى لو لم تكن تنتمي لتاريخ حياته!..
لحظة كانت ك رسمة سريعة حاكها القدر لتلك الحياة الحالكة إن اصبحت فارغة ممن نعشقهم...
صرخ بذبذبات مذبوحة وهو يحتضن أسيل التي فقدت الوعي، وحدث كل شيء بأقل من لحظات، شخص ما كان أقرب ل أسيل فجذبها بعنف قبل أن تصطدمها السيارة تمامًا فلم تطل السيارة سوى جزءها الأيسر فقط...

بدأ علي يهزها بلهفة وهو يصيح باسمها:
-أسيل، أسيل هيا حبيبتي افتحي عيناكِ
تقدم احدهم بزجاجة عطر له وردد بشفقة:
-تفضل
بدأ علي يوزع بضع قطرات منها على وجه أسيل التي استجابت بالفعل وبدأت تفتح عيناها ببطء وهي تحاول تحريك ذراعها متأوهه بألم عنيف يحط بذراعها وكتفها الأيسر...
احتضنها علي بقوة مغمضا عيناه وهو يتنفس بشكل مضطرب وكأنه كان على وشك أن يفقد تلك الحياة، للحظة كاد يجن جنونه وهو يتخيل حياته بدونها!..

رفع رأسها له يتحسسها بلهفة وهو يسألها بقلق وخوف واضحان:
-هل أنتِ بخير؟ بماذا تشعرين؟
هزت رأسها عاقدة حاجبيها بألم ثم أردفت لتخبره:
-أنا بخير ولكن، كتفي وذراعي يؤلماني
ومن دون تردد او تفكير كان علي يحملها بين ذراعاه بلهفة ويتجه بها نحو سيارة الاجرة التي كانت تنتظرهم ليصرخ في السائق أن ينطلق نحو اقرب مستشفى...
حتى أنه لم يتذكر أن يشكر ذلك الشخص الذي انقذ حياتها...

وصلا المستشفى فكان علي كالمجنون في تصرفاته وحديثه مع الممرضات او موظفين الاستقبال بينما اسيل تحاول تهدأته هامسة:
-علي، اهدأ انا بخير اقسم لك، إنه مجرد ألم في الذراع!
لم يرد عليها حتى دلفا إلى طبيب العظام، تقدم منهم بهدوء وهو ينظر لأسيل متساءلاً بنعومة:
-ما الذي حدث بالظبط هل يمكنكِ اخباري؟
حينها صرخ فيه علي بنفاذ صبر:
-وهل أنت نجار ام ماذا؟ افحصها لتعلم ما الذي حدث لذراعها.

تجاهله ذلك الطبيب ببرود وهو يقترب من أسيل ينوي امساك ذراعها ومنقطة كتفها ولكن صرخة علي التي كانت مغموسة بغيرة عاشق مجنون أوقفته:
-ماذا تفعل؟! ابتعد عنها حالاً
عقد الطبيب ما بين حاجباه بتوتر ليرمقه علي بنظرة حادة مُحذرة، نظرة حارقة نبعت من تلك النيران التي تحرق روحه بمجرد تخيل أنه يمس اي جزء من جسدها!..
ليقول بصوت أجش:
-احضر أي ممرضة لتساعدك ولكن أنت لن تمسها ابدًا...

تأفف الطبيب بملل وكاد يعترض ولكن مظهر علي الذي بدا وكأنه على وشك ارتكاب جريمة جعله يومئ موافقًا على مضض...
وبالفعل خرج يبحث عن ممرضة
حينها ظهرت ابتسامة أسيل التي كانت تحاول تماسك نفسها بصعوبة، غيرته الرجولية تعطيها شعور رائع يمس دواخل دواخلها بعمق مداعبًا بريق العشق الذي تكنه له...
نظر لها علي بطرف عيناه ليسألها بحدة:
-هل أعجبك ذلك؟
اومأت مؤكدة بابتسامة ماكرة متناسية ألمها:
-جدًا.

حينها استدار علي يُغلق ذلك الباب بكل هدوء ثم جذبها برفق من يدها السليمة وهي تسير معه ببراءة بلهاء...
ولكن فجأة إتسعت عيناها عندما اكتسح شفتاها بقبلة عميقة شغوفة ينتشلها بنفاذ صبر من شفتاها!..
قبلة اصبحت عدة قبلات تفقده صبره وتزيد اشتياقه لها، قبلة شهدت على تناغم رائع معزوف بينهما وقلوب طارت محلقة في سماء تلك العاطفة الجياشة...

واخيرًا تركها يلتقط أنفاسه وكأنه كان في سباق عنيف استهلك مشاعره كافة، يحدق باحمرارها الذي يدعوه لأكمال ما بدأه ولكن الوقت والزمان خاطئ!.
تنفس رائحتها بعمق وهو يخبرها بصوت خشن مثقل بالعاطفة:
-كنت أحتاج لتلك القبلة وبشدة...!
بينما هي تستند عليه بصمت مغموس بالخجل الواضح وهي تتيقن في كل دقيقة أنها تخطت مرحلة عشق ذلك الرجل بكثير...

وصل الرجلان للمكان الذي سيتقابلان به سارة، بمجرد أن وصلت ترجلت من سيارتها تقترب منهم متساءلة بتوتر بدا واضحًا حتى لأعمى العينان:
-ما الذي حدث؟ هل نفذتما؟!
هز احدهم رأسه موافقًا بنبرة شبه مترددة:
-نعم ولكن...
صرخت فيه بنفاذ صبر:
-ولكن ماذا اخبرني مباشرةً دون تردد
تأفف بحدة قبل ان يتابع بحدة شارحًا لها:.

-عندما اوشكنا أن نصطدم بها ظهر شخص فجأة وانتشلها قبل أن نصطدم بها تمامًا فاصطدم الجزء الايسر منها فقط بطرف السيارة!
إتسعت حدقتا سارة بغضب أعمى شيطاني وهي تزمجر فيهم بجنون:
-ماذا تعني! لم يتحقق اي شيء ولن استفاد بشيء
بدأت تتحرك بعصبية وهي تفكر...
لن تهدأ قبل أن تنتقم لحبيبها الذي ألقوا به في السجن وستحرم منه ربما سنوات...
نعم حبيبها، حبيبها ثامر الذي استطاع إقناعها بمهارة أنه لم يعشق أسيل يومًا...

ببساطة رسم بعقلها ما يريد رسمه فقط!
عادت تنظر لهم مرة اخرى وهي تأمرهم مفكرة:
-ستعيدون ما فشلتم به ولكن آآ...
قاطعها ذلك الرجل بحدة قائلاً:
-بالطبع لا، الشرطة ستبحث في ذلك الأمر بالتأكيد لأنه من الواضح أنه ليس صدفة وخاصةً أنه بكل تأكيد يوجد كاميرات مراقبة امام الفندق!
سألته زاجرة بغيظ:
-ماذا تعني؟
اجابها ببساطة:.

-أعني ستعطينا نصف الاموال التي اتفقنا عليها فقط لاننا لم نكمل المهمة على اكمل وجه ولكنها بالتأكيد تأذت
هزت رأسها نافية برفض قاطع:
-لا، بالطبع لا، ليس قبل أن تنفذا ما أريده
حينها فاحت نبرة شيطانية ماكرة لا تضاهي تفكيرها الصغير ولو بذرة من الاول الذي حذرها بخبث:
-ايتها السيدة الصغيرة لا انصحك بمعارضتنا لأن الثمن سيكون غالي، جدًا
عقدت ما بين حاجبيها تسأله متوجسة:
-ماذا تقصد؟!

بدأ الاثنان يقتربا منها والخبث يتراقص بين حدقتاهما والاول ينطق:
-نقصد أن حينها سنقضي بعض الوقت الممتع معكِ ونعتبر أننا دفعنا تلك الاموال لمتعتنا ليس لدينا أي مانع بالأضافة إلى أننا سنبلغ الشرطة بكل شيء لتتعلمي أن لا تعبثي مع من هم اكبر منكِ يا صغيرة...

إتسعت عيناها بفزع ولكن قبل أن تستطع الركض كان الاول يمسكها جيدًا ويضعها على الارض بعنف بينما الثاني بدأ يمزق ملابسها وصرخاتها تتعالى في الارجاء ولكن بالنسبة لقلوب لا يطل عليها نور الحياة فهي صماء عن ذلك الصراخ المستنجد...

بعد مرور أسبوعان...
أسبوعان مرا على عاصي وكأنهم دهر، دهر قاسي يمزق داخله رويدًا رويدًا، بحث عنها بكل مكان، كل مكان يمكن أن تذهب إليه ولكن لم يجدها، لم يجدها حتى كاد أن يفقد عقله فعليًا...!
وقد اكتشف أن اقوى عقاب وعلقم لروحه العاشقة هو ابتعادها عنها فشعر أن روحه تُسحب منه ببطء...

نظر لعلي الذي يدلف مع اسيل ضاحكًا بعد أن اطمئنا بعدم وجود كسر في ذراع أسيل ذلك اليوم، ودون أن يهتم بروحه التي تتلظى في نيران بُعدها عنه..
ركض وبكل جنون كان يجذبه من ملابسه بعنف ويلكمه بقسوة صارخًا:
-ستخبرني أين هي؟
مسح علي انفه ببرود وهو ينظر لأسيل التي تصنمت تشهق بخوف ليسألها:
-هل نزفت أسولتي؟
كادت تتفحصها بلهفة مرتعدة ولكن عاصي جذبه من ملابسه يهزه بجنون صارخًا:
-أين حور أين تخبئها؟

اخبره علي ببرود وهو يبعد يده عن ملابسه:
-اخبرتك مرارًا وتكرارًا أنني لا اعلم اين هي، انا اطمئن عليها عن طريق الهاتف نعم ولكني لا ادري اين هي
بدأ عاصي يمسح على شعره عدة مرات بجنون، يا الله سيفقد أخر ذرة متعقلة داخله إن لم يجدها، إن لم يكسر ضلوعها بين احضانه ويدمي شفتاها من شوقه لها ويضربها كالأطفال عندما يخطئون وسينتقم منها على ما فعلته به حتى لا تعيد تكرارها...!

غادر المنزل كعادته يوميًا ليعيد البحث مرة اخرى، بلا كلل او ملل بينما علي يراقبه باستمتاع...

بعد اسبوع آخر...
أغلقت حور الهاتف بعد أن تحدثت مع علي الذي ساعدها لتتقدم للعمل بشركة فُتحت مؤخرًا وقد كان صديقه القديم المالك المنزل شريك بها ايضًا لحسن الحظ...
حاولت تنظيم أنفاسها الهارده، آآه من ذلك الشوق الذي يحرق احشاءها، ومن تلك الروح التي تتلوى في بُعده رغم كل شيء!
ولكنها ستنفذ العهد الذي أخذته على نفسها بكل تأكيد...
توجهت نحو السكرتارية تسألها بنبرة متوترة مذبذبة:
-أين مكتب المدير من فضلك؟

سألتها الاخرى بابتسامة هادئة:
-أنتِ المتقدمة الجديدة أليس كذلك؟
اومأت حور مؤكدة فأشارت لها بنعومة نحو المكتب مرددة:
-تفضلي إنه ينتظرك...
وبالفعل دلفت حور ببطء، كان يعطيها ظهره ينظر للشرفة ولكن بمجرد أن استدار ونظر لها شهقت بصوت مسموع وهي تتراجع للخلف بذعر:
-عاصي!
اتسعت ابتسامته الخبيثة التي سرعان ما اختفت وهو يقترب منها ببطء مستطردًا بصوت ماكر مُخيف ذكرها بتلك الليلة التي تزوجته بها:.

-نعم عاصي، زوجك الذي بقيتي هاربة منه شهر كامل ظنًا منكِ أنه لن يجدك...

تشبثت قدماها بالأرض بقوة وكأنها تتحداها، وعيناه التي ترمي سهام مشتعلة حارقة استقرت بمنتصف قلبها لا تساعدها على ترسيخ شعورها بالثقة او الصلابة...!
بدأ يقترب منها رويدًا رويدًا وعيناه تتفحصها مرددًا بصوت أجش حمل لمحة من السخرية:
-هل اعتقدتي أنني سأهدأ قبل أن اجدك زوجتي العزيزة؟!
عاجلته بأول سؤال خطر على بالها:
-مَن الذي أخبرك بمكاني؟

عقد ما بين حاجباه، يضيق عيناه التي أشعرتها أنها امام ذئب يأهب غرائزه للأنقضاض عليها، ثم سألها:
-ماذا تقصدين؟ وهل يعلم احدهم مكانك!
هزت رأسها نافية بسرعة تنقذ نفسها من الوقوع بفخ حروفه الماكرة:
-لا، أقصد آآ أقصد بالتأكيد لم يأتيك الوحي ويُعلمك بمكاني!
اومأ مؤكدًا وهو يقترب اكثر حتى أصبح امامها تمامًا يجيبها بكل هدوء يحمل خلفه افواجًا من العواصف:
-نعم، لقد علمت بطريقتي، زوجكِ ليس سهلًا عزيزتي!

ظلت هي تتراجع للخلف بتوتر، مع كل خطوة يقتربها يزداد توترها ويزداد تهديده المُهلك لمشاعرها، تضطرب الأنفاس اكثر وتتأهب الحواس لمَ هو مرفوض عقليًا...!
ظلت تعود وتعود وهو يقترب، إلى أن جذبها فجأة لأحضانه، عله يُسكت أنين تلك الروح ومطلب الجسد بضمها إليه...
ولكنها وبكل تلقائية كانت تدفعه بعنف بعيدًا عنها مزمجرة:
-ابتعد عني.

ودون شعور كانت تترنح وتسقط على الأريكة خلفها، دنا منها ببطء يبتسم حتى قرب وجهه من وجهها كثيرًا، اضطربت أنفاسها وبدأت تبلل شفتاها بتوتر رهيب وهي تهمس متساءلة:
-ماذا ستفعل عاصي اتركني
هز رأسه نافيًا ببساطة:
-لن أفعل!
ازداد قربه، دقات قلبها كصرخات الطبول في حرب عنيفة، حرب أصبحت مسلوبة الراء...
رفع يده ببطء يتحسس قسمات وجهها باشتياق، يا الله كم اشتاقها، اشتاق لحضنها، اشتاق لملمس بشرتها...

فهمست هي بصوت مبحوح يصله بصعوبة:
-عاصي...
تأوه بخشونة وهو يضمها له بقوة، يدفن وجهه عند رقبتها المخفية اسفل حجابها ورائحتها تتخلل أنفه لتخدره ببطء، بينما يردد بصوت عاشق خالص:
-قلب عاصي وروحه التي لا يستطع الابتعاد عنها
رفع يداه يفك حجابها بلهفة يود امطار ناظريه بخصلاتها التي يعشقها، يود أن يخلل اصابعه فيها كما كان يفعل...
حاولت هي أن تدفعه معترضة بحدة خفيفة:
-اتركني عاصي، لا تفعل.

ولكنه لم يكن يعيرها اهتمام ابدًا، وبالفعل بعد لحظات كان يبتسم وهو يفرد خصلاتها هامسًا بصوت حاني:
-اشتقتُ لكِ، اشتقت لكل شيء بكِ!
حينها بدأت تهز رأسها نافية، للحظة كادت تضعف، كادت أن تصرخ باشتياقها له، كادت أن تخضع لسحر اللحظة كالعادة!
ولكنها نفضت غبار الضعف عنها بسرعة وهي تنهض لتلملم خصلاتها مذكرة نفسها بكل ما فعله معها، وما إن انتهت حتى همست له بحدة قاسية:
-ولكني لم اشتاق لك ابدًا ولن أشتاق!..

كادت أن تستدير لتغادر ولكن استدارت له مرة اخرى قائلة بصلابة:
-وإن كنت تعتقد أنك ستجبرني على العودة معك فأنك مُخطئ!
هز كتفاه ببساطة يخبرها:
-ومَن الذي قال أنني سأجبرك على العودة معي، على العكس تمامًا سأتركك حتى تقررين أنتِ العودة بأرادتك
هزت رأسها برضا ولكنها حذرته هاتفة بحدة:
-جيد ولكن لن تعترض طريقي مرة اخرى، وليكن بعلمك أنا سأعمل هنا لأنني لا أهرب من شيء سيء فعلته بل أنت مَن يجب أن يهرب!

ابتسم عاصي دون رد على شراستها، شراستها تلك ترضيه وتشعل نوع من حرب القط والفأرة!..
عدل من هندام قميصه وهو يجلس على مكتبه، ثم ردد بصوت اجش هادئ:
-حسنًا، من الغد ستكونين في رأس عملك، ألا وهو السكرتيرة الخاصة بي!
سعلت عدة مرات بتوتر وهي تحدق به، السكرتيرة الخاصة به يعني ذلك أنها ستكون تحت عيناه دائمًا، قريبة منه، ستختلط به كثيرًا وربما دومًا!
ترددت كثيرًا قبل أن تنطق بتحدي:.

-حسنًا اتفقنا، ولكن لن يعلم أي شخص أنني زوجتك
لم يتخل عن ابتسامته الماكرة وهو يومئ موافقًا على مضض:
-كما تريدين!
استدارت وكادت تذهب ولكن اوقفها عندما نادى عليها برقة:
-حور...
إلتفتت له بصمت ليشير لها بإصبعه أن تأتي، بالفعل اقتربت بحسن نية ولكن فجأة وجدته يجذبها من خصرها لتصبح ملتصقة بالمكتب وهو خلفه، ودون تردد كان ينتشل قبلة عميقة لشفتاها التي تستفزه منذ دخولها...!

إتسعت حدقتاها بعدم تصديق ليهمس هو ببساطة:
-تلك حتى أمسح أحمر الشفاه الذي تضعينه، وإن وضعتيه مجددًا سأعتبرها دعوة لأمسحه بنفسي!
ركضت للخارج بسرعة دون كلمة اخرى وهي تستمع لضحكاته الرجولية حتى لا تظهر له حمرة الخجل التي استوطنت وجنتاها تلقائيًا والتي تُدلي بنتيجة واحدة، انها مازالت تتأثر به!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة