قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية حورية بين يدي شيطان للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

سُرقت الحروف من بين شفتاها ولم تعد تدري بأيًا منها تبدأ وصلة الدفاع عن نفسها...!
كادت تصرخ والفزع يجعل قلبها متحجرًا بأنين مكتوم، ثم همست بحروف متقطعة:
-لا، لم آآ...
ولكنه بدا كالذي تحركه الشياطين متخليًا عن كل ما يملك من ثبات او تعقل لتشتعل بوصلة الجنون بعقله فتقوده لحاقة مجهولة...!
قبض على ذراعاها بعنف وهو يسألها مستنكرًا:.

-لا؟! أوتكذبين؟ انا متأكد انه اخبرك، بالتأكيد هو جاء ليراكِ خصيصًا لذلك السبب
بدأت تهز رأسها نافية بهيستريا وهي تخبره:
-لا لم اكن اعلم اقسم بالله، صحيح انه كان يود اخباري بشيء ولكنه لم يفعل
ترك ذراعها بتلقائية مباغتة وهو يمسح على خصلاتها مخللاً فيها اصابعه بانفعال واضح، لتدور هي للحظة تكاد تسقط ارضًا من قوة اعصار الدوار الذي لفح بكيانها الركيك...!

ليركض هو لها يحيط خصرها تلقائيا قبل ان تسقط، فاستندت هي على صدره تتنفس بشكل ملحوظ وكأنها تحاول تنظيم ما بعثره التوتر..!
فسألها هو دون تفكير:
-هل أنتِ بخير؟
كان يسألها وهو يتجه بها نحو الفراش لتجلس جواره، بينما هي تشعر بالخدر في كل اطرافها، تشعر به وبعجزه وبالنيران التي تهز كيانه ولكنها لا تملك ما يرمم ذلك الاقتناص في كيانه وروحه...

كان رأسها ارضًا وخصلاتها حول وجهها بضعف، ليبعد هو خصلاتها برقة وهو يلامس وجنتها بحنان فطري وصوته يخرج هادئًا متغللًا اياه نغمات مضطربة وهو يهمس:
-حور، هل أنتِ بخير؟
هزت رأسها بضعف ثم بدأت ترفعها ببطء لترفع إصبعها بتلقائية تتحسس ذقنه النامية وهي تردد بصوت مبحوح:
-اقسمتُ لك أنني لم اكن اعلم ولو علمت لكنت منعته بالتأكيد، هل تصدقني عاصي؟

كاد يرتعش من تأثيرها المُهلك عليه، تأثيرها الذي يجعله في اشد حالات ضعفه، وشوقه امامها!
أبعد يداها عنه بقليل من الحدة وهو ينهض زافرًا انفاسه بعمق، لا يدري فعليًا هل يصدقها ام لا؟!
ولكنه يدري أن جزء كبير داخله يخضع لسيطرتها الساحرة في سحب شظايا الشك داخله...!

كانت تقف خلفه في اللحظة التالية، تتنفس ببطء وكأن روحها ستُزهق، وتسأل السؤال الذي تعلم أن اجابته لن تُرضيها بل ستهدم شيءً وتزرع شوكًا قاسيًا داخلها:
-لو أراد علي أن تطلقني ليترك شقيقتك أسيل، هل ستطلقني عاصي؟
اهتز فكه بعنف عندما صفعه سؤالها بقسوة، الاجابة يحفظها عقله ولكن داخله شيء يرفض صكها ونطقها بصوت عالي وكأنه حينها سيقتل شيء كاد ينمو!..

داخله نيران ملتهبة تحرقه بقسوة ولا يدري لها علاج، نار تحرق كرامته لأنه نقض وعده بالقسوة الدائمة معها ونار اخرى يجهل مصدرها ولكنها اشتعلت حول قلبه الذي بدأ ينبض بخوف من ذلك اليوم...!
استدار لها اخيرًا بعد صراع تغلب فيه العقل كالعادة ليرد بصوت قاسي قاطع:
-هذا شيء مؤكد، أنتِ لا تعني لي شيء أمام حبي لشقيقتي يا حور، لا اود تذكيرك أنني تنازلت وتزوجتك من اجل اشقائي من الاساس!

ثم استدار مرة اخرى يكمل مزمجرًا بعنف:
-ولكني لن استسلم لذلك اللعين بتلك السهولة
حينها كانت حور تبتسم بسخرية، يا الهي، تشعر بنزيف روحها وكرامتها، كرامتها التي رممتها نوعًا ما قبل فترة ولكنها عادت تُدميها بطريقة أسوء واقسى!
إلى متى ستضعف امامه؟!، إلى متى ستبرر له وتتحجج فقط لكي لا تقسو كما يفعل هو...!
وفجأة انفجرت تلطم نفسها بعنف وهي تصرخ بصوت شبه هيستيري:.

-اللعنة عليّ وعلى ذلك العشق، إلى متى سأظل هكذا إلى متى، في كل مرة اعتقد انني اكتفيت وأقسو، اعود لألين كالبلهاء وانا ابرر لك فتعود الصفعة لي بطريقة اقسى واعنف...!
ثم بدت كمن أدركت شيء مهم كان مغلف بالظلام وفجأة اُنير بفجاجة، فعادت تزمجر كالمجنونة وهي تمزق اطراف ملابسها وتضرب جسدها بقوة وكأنها مشمئزة منه:.

-أتعني أن كل ما حدث كان مجرد رغبة صحيح؟ رجل امامه زوجته فلم يستطع تمالك نفسه! هل اصبحت حالتي ميؤس منها لتلك الدرجة حتى بدأت اتهيئ أنه كان شيء أكثر من الرغبة بكثير...!؟
كان يضم قبضتاه معًا يضغط عليها بعنف، يشعر بالعجز يتملكه فلا يستطع الانسجام مع انجراف مشاعره او حتى التمسك بقناع القسوة والصلابة...

اقترب منها واخيرًا ليرفعها عن الارض ثم امسك يداها بيد بقوة محاولاً السيطرة على انفعالها وباليد الاخرى كان يغطي ما تبقى من جسدها وهو يقول بنبرة تصارع الحنان حتى لا يسيطر عليه فيغير مجرى حواره:
-اهدئي، لم يكن بيننا سوى الانجذاب الجسدي حور! ولن يكن، لن تجدي مقابل لذلك العشق الذي يضخ داخلك فيُستحسن أن تقنعي نفسك بذلك
ثم تركها ببساطة ليغادر الغرفة وكأنه يهرب من تواجده امامها اكثر من ذلك...

بينما هي كالعادة أنهارت في وصلة بكاء عنيفة تعبر عن الألم الذي تشعر به...!

بدأ ظافر يفتح عيناه رويدًا رويدًا، ضربه ضوء قوي جعله يغلق عيناه مرة اخرى بانزعاج واضح...!
عاد ليفتحها مرة اخرى ببطء لتقع عيناه على آخر شخص كان يتوقع رؤيته في تلك الدنيا...
بينما الاخر وضع قدم فوق الاخرى وهو يبتسم ابتسامة بادرة قائلاً:
-اهلاً بك سيد ظافر، اشتقنا لك يا رجل!
كز ظافر على أسنانه بعنف، بدأت الرؤية المشوشة تتضح امامه شيءً فشيء ولكن حتى الان هناك نقطة مفقودة...!

حاول تهدأة نفسه وهو يرد مستنكرًا:
-اشتقت لي؟! اعتذر ولكني لم اشتاق اطلاقًا بل لم اكن اتمنى رؤيتك لباقي حياتي سيد عزيز
حينها نهض المدعو ب عزيز ليقترب منه بخطى بطيئة اشبه بخطى الذئب ثم تشدق بخبث دفين:
-وانا لم اكن اتمنى ذلك ولكن للضرورة احكام سيد ظافر، بالتأكيد لم اكن اتمنى رؤية قاتل والدي!
قال اخر كلماته بسخرية ولكنها محترقة، ليرد ظافر نافيًا دون تردد:.

-لقد اخبرتك أني ليس لي علاقة بموت والدك، هذه اقدار!
انفجر الاخر صارخًا فيه بجنون:
-ولكنك مَن تسببت في خسارته كل ما يملك! وإلا لما كانت أتته الازمة القلبية وتوفي!
لم يهتز لظافر جفن وهو يخبره:
-كان مجرد رد فعل على قتله لزوج عمتي وإلصاق التهمة فيّ بكل بساطة وتفجج!
أنقض عليه عزيز يمسكه من ياقة قميصه وهو يصرخ فيه بعصبية مفرطة:.

-سأقتلك، سأريك الجحيم في الدنيا يا ظافر، ولكني لن اقتلك بتلك السهولة، سأعذبك واجعل روحك تتلوى من الالم قبل ان اقتلك! سأُصيبك في مَن تُحب حتى تزهق روحك من الالم...
ولم يأتي في عقل وقلب ظافر في تلك اللحظات سوى صغيرته التي يرتجف قلبه متخيلاً أي مكروه قد يحدث لها فيقتله وهو على قيد الحياه فعليًا...!
حينها اتسعت ابتسامة ذلك الشيطان وهو يومئ مؤكدًا:.

-نعم نعم، هي مَن تُفكر بها الان، تلك الصغيرة التي تزوجتها، وفي المقام الثاني طفلك الحبيب عمار!
كاد ظافر أن يظهر القلق الذي استوطن ملامحه بتجبر ولكنه حافظ على ثباته وحروفه الباردة وهو ينطق بهدوء تام:
-الاثنان لن تستطع الاقتراب منهم، لأنني لن اقف مُكتف الأيدي يا سيد!
كاد عزيز ينفجر في الضحك وهو يقول:.

-ولكن يجب أن تعلم أين هو طفلك في البداية يا ظافر، اما بالنسبة لزوجتك، ريم! أعتقد أن علاقتك بها متوترة بقدر كافي فلا تكن واثقًا أنك تستطع السيطرة عليها...
ثم ابتعد وهو يحك ذقنه مفكرًا ببرود مُهلك:
-أتخيل مظهرك عندما تراها ذات يوم هنا، بين أحضاني وفي فراشي، مؤكد ستُصاب بأزمة قلبية كوالدي تمامًا أليس كذلك؟!
حينها نطق ظافر هادرًا بعنف وقد برزت عروقه بانفعال مُخيف:.

-ريم ليست تلك العاهرة أطياف يا عزيز، ريم ماسة لن اسمح بأي قذر مثلك ان يُدنسها!
اقترب بوجهه من ظافر حتى تقابلت الأعين في طريق طويل ملغم بالحقد والبغض، ليهمس بنبرة ناعمة كجلد الافعى:
-لا يهمني إن كان بأرادتها او لا، المهم أن ذلك اليوم سيأتي أعدك!
ثم ابتعد وهو يشير لرجاله بجدية:.

-فكوه واتركوه، انا لم أتي بك لهنا لأي سبب اخر سوى أنني أردت اخبارك انني قادر على كل شيء، قادر على جلبك هنا دون ارادتك وجعلك تحت سطوتي، لأثبت لك أنك الاضعف في تلك الحرب يا ظافر!
بينما ظافر كانت اعصابه مشدودة بقسوة، وقلبه مُحترق بفتيل كلماته الملعونة، وغيرته الحمقاء الدموية سيطرت عليه تمامًا حتى كاد أن يقتله بمجرد ان تحرر...!

ولكنه غادر بالفعل وهو يحاول إقناع نفسه بالانتظار، واول ما فعله هو التوجه لريم...!

طرق الباب عدة مرات بسرعة ولهفة لم يستطع اخفاءها، ففُتح له الباب بالفعل بعد دقيقتان، وجد الخادمة امامه وصوت ضجة يأتي من الداخل فنظر للخادمة متساءلاً بهدوء ؛
-هل يوجد ضيوف؟
اومأت مؤكدة بهدوء:
-نعم، ضيوف لريم هانم!
عقد ما بين حاجباه وهو يفكر بعدم فهم، أي ضيوف هؤلاء؟!..
دلف بهدوء للداخل ليقف متجمدًا مكانه يحاولوالاستيعاب عندما سمع صوت سيدة ما تقول:
-أتينا اليوم لنطلب الانسة ريم للزواج من ابني حسن.

حينها أدرك ظافر أن تلك الليلة لن تنتهي إلا بجريمة فعلية...!

بعد يومان...
طيلة اليومان وعاصي لم يغمض له جفن، يبحث عن علي وأسيل في كل مكان في البصرة ثم عاد ليبحث في بغداد ايضًا، بدأ يفقد اعصابه تمامًا وهو يتخيل ما قد يفعله علي ب شقيقته الوحيدة!..
وصل منزله اخيرًا فركضت والدته نحوه بلهفة تسأله بقلق واضح:
-هل وجدتهم يا بني؟
هز رأسه نافيًا وهو يتخطاها مغمغمًا بجمود:
-لا لم اجدهم، ولكنني سأجدهم أعدك.

ثم وبخطى سريعة كان يتجه لغرفة حور، فتح الباب دون مقدمات بعنف لتشهق حور بفزع متمتمة:
-عاصي! أفزعتني..!
جذبها من ذراعها بعنف له وهو يُخرج هاتفه مرددًا بصوت أجش:
-سأفزعك فعليًا إن لم تفعلي ما أقوله لكِ
سألته بقلق:
-ماذا تريد؟!
أعطاها هاتفه ثم قال بحدة جامدة:.

-مؤكد علي أعطاكِ رقمًا له لتتصلين به إن اضطررتي له، أتصلي به الان واخبريه أنكِ يجب أن ترينه وبأسرع وقت، وحينها سأتصرف انا معه رجل امام رجل دون ان يتخفى مني كالفئران!
ومن دون تردد كانت حور تدفع يده بعيدًا عنها وهي تستطرد بإباء:
-لا، لن افعل، لن اسلمك شقيقي على طبق من ذهب!

وبكل الانفعال، بكل ذرة شعور بالعجز، بكل الشعور بالقهر الذين تملكوه تلك الفترة كان يقبض على خصلاتها بيداه بعنف وهو يصيح فيها بصوت مُقلق:
-ستفعلي، اقسم بالله الذي لا اقسم به كذب، إن لم تفعلي يا حور اؤكد لكِ أنني سأفعل بكِ ما يجعلك تتوسلينه المجيء لينقذك من بين يداي فعليًا!
هزت رأسها نافية رغم القلق المتدافع داخلها:
-لن افعل مهما فعلت بي، لن اعطيك رقبة اخي!

ودون أن يشعر بنفسه كان يصعفها بعنف وهو يصيح بجنون:
-ستفعلين، لن أترك شقيقتي لتصبح ضحية جديدة لجرم علي الجبوري!
ثم دفعها على الفراش بعنف حتى تأوهت بألم تحتجز تلك الدموع داخلها، بينما هو لا يرى امامه سوى صورة شقيقاه وهما غارقان بدماؤهم، والشيطان لا يرسم له سوى صورة اسيل وقد بدأت تغرق بدماءها مثلهم تمامًا وعلى يد نفس القاتل...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة