قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الخامس والعشرون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الخامس والعشرون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الخامس والعشرون

هذه هى الحياه، شئت أم أبيت، لن تتعافى دون ان تتألم، لن تتعلم دون ان تخطئ، لن تنجح دون ان تفشل و لن تحب دون ان تفقد.

و ان كان هناك من يظن ان الحياه ستتوقف وقتما يقع لتساعده على النهوض فهنيئا له بأبد السقوط.
مازن لم يسقط و لم ينتظر ان يُجبر فقط تقبل انه تبعثر مع رحيل شقيقه، فقد عفويته و مرحه، فقد سنده و فقد امانه و الذى مهما منحته الحياه دونه دون.
خرج بغضب من غرفته يصرخ بذلك الموظف الذى تأخر باحضار ما طلبه من ملفات، لينظر للاخر بحده ينهره و بعنف القى اوامره و دلف مغلقا الباب خلفه.

دلفت هبه للمكتب تُلقى الصباح لتجد الجميع في حاله من التأهب لتتسائل بفضول لتخبرها تلك التى حلت محلها ك سكرتيره لاكرم هناء ، بما يفعله مازن و الذى لم يعد جديدا عليه منذ وفاه شقيقه اى منذ ما يقارب العام،
تجاوزت الامر بنظره شفقه لباب غرفته ثم اتجهت لغرفتها - تلك التى خصصها اكرم لاجلها لا كسكرتيره و لكن كمصممه بعد ان عادت لعملها منذ عده اشهر و قبلتها هى بكل سرور و ان كان متأخرا -.

توقفت عند غرفه مها تطرق الباب بخفه ثم طلت برأسها تهتف بضحكه واسعه و هى ترى محمود يجالسها تاركا غرفته كالمعتاد منه مؤخرا: صباح اللعب و الفرفشه.
ابتسمت مها و كذلك محمود الذى استدار ناظرا اليها بغيظ مرددا: صباح الرخامه.

و بعد مزاحهم المعتاد كلما قطعت حديثه مع مها، تسائلت عن اخبار العائله، مما اعاد لمها نظرتها الحزينه مجددا، قد يبدو العام وقتا طويلا و لكن في بيتهم كان اشبه بيومين، ربما لانه الا الان لم يستطع احد تجاوز تلك الصدمه و خاصه حنين.
في ذلك الوقت دلف اكرم ناظرا اليهم بجديه ثم تسائل: مجتمعين هنا ليه كده؟

ثم ثبت نظره على محمود قائلا بحده فقد فاض به الكيل: ياريت يا استاذ محمود لما تبقى موجود في مكتبك تعرفنى علشان محتاجك في الشغل اذا مكنش دا هيعطلك.
اخفض بصره فهو مدرك انه مخطىء فليست المره الاولى التى يتقاعس فيها عن انهاء المطلوب منه، و عندما لاحظ اكرم ذلك هتف بغضب: انك تبص في الارض مش هيفيدنى بحاجه، اتفضل على مكتبك و الشغل اللى طلبته منك بأى شكل يتسلم النهارده.

نظر لمها متجاوزا الامر بابتسامه و ان كان في قمه احراجه امامها و خرج، ليعيد اكرم بصره بينها و هبه مصرحا: عرفتوا اننا رايحين الموقع النهارده؟
اومأت مها و كذلك هبه التى تحركت للخارج فور اجابته استدار ناظرا لمها قليلا قبل ان تختفى جميع نظراته الحاده و الجاده ليحل محلها نظره هدوء و احتواء جعلها تستغربه و هو يتسائل بلطف: اخباركم ايه يا بشمهندسه؟
اشارت بهدوء و مازلت تتعجب تغيره الحمد لله.

تنحنح قليلا ثم اردف متسائلا مجددا: و حنين وضعها ايه دلوقت!
ازدرد ريقه بصعوبه و اكمل بحزن: يعنى، هتحتاج تدخل المستشفى تانى؟!
وضعت مها يدها على فمها لتتماسك تجبر مقلتيها على عدم الاستسلام لدموعها التى تهدد بالسقوط و لكنها مع نبرته، سؤاله و تذكرها لما تعيشه حنين و تراه هى بها كل يوم، لم تستطع، استدارت تعطيه ظهرها تحاول تجميع شتات نفسها، منعت محمود من التحدث بهذا الامر نهائيا و لكن كيف تمنع هذا،.

اخذت نفسا عميقا و عادت تنظر اليه لتجده ينتظرها محترما صمتها، كسرتها و صعوبه موقفها فأشارت لا مش هتدخل تانى، عاصم رافض تماما و عنده حق وجودها في المستشفى مش هيفيدها، بس هى ان شاء الله هتتحسن.

نظرت ارضا ودرات عينها يمينا و يسارا بقله حيله و رغما عنها وجدت نفسها تحدق به بعدها بتوسل تشير متمتمه بشفتين مرتعشتين و حركه يد عنيفه كأنها تسأله و كم كانت ترجوه الرد بالايجاب هى اكيد هتبقى كويسه، اكيد هترجع حنين القديمه، مش هتفضل عايشه كأنها خيال كده، هتضحك و تفرح و تعيش تانى.

توقفت يدها و لكن لم تستطع ايقاف دموعها التى انهمرت بلا استئذان، فقرر اكرم الانسحاب لعجزه عن فعل اى شئ فقط قال و يا ليته لم يفعل: باذن الله هتبقى افضل من الاول، شده و هتزول.
التفتت له بحده لتحدق به بعدم استيعاب ادركه هو فخرج تاركا اياها تتابعه بنظراتها الحارقه و هي تتعجب هدوءه.
أيقول مجرد شده و ستزول؟
هل ما مرت به حنين بهذه البساطه؟
لقد توفي زوجها، بين يديها، يوم زفافهما.

ذلك اليوم الذى تفرح فيه كل فتاه بفستانها الابيض ليصبح بالنسبه لها اسوء ايامها و ابشع ما تواجه في كوابيسها، يوم تحول فيه كل جميل بحياتها لسراب، يوم فقدت فيه ليس فقط زوجها و انما روحها و احلامها بالاضافه لصوتها الذى لا يعلم احد ان كانت فقدته قسرا أم لم يعد لديها ما تقوله!
ليأتي هو و بكل بهدوء يقول انها شده و ستزول؟
أكرم الالفى، لن يكف ابدا عن جعلها تتعجب ردود افعاله.

عاده ما يحتاج القلب لهدنه مما اعتاد عليه،
فمن اعتاد السكون يوما ما سينفجر منفسا عما سكن عنه كثيرا،
و من اعتاد الغضب في مره ما سيفاجئ الجميع بهدوءه فما عاد لديه قدره على الغضب،
و لكن من اعتاد قلبه الحب، السعاده و الدلال كيف يتحمل الفراق، الحزن و الفقد؟!
من اعتادت الاستيقاظ على صوته كيف تقضى بقيه عمرها دون سماعه؟
من اعتادت عبثه بضحكتها كيف تبتسم شفتيها دون مزاحه؟

من اعتادت وجوده يحاوطها كيف لها ان تعيش بدونه!
يقولون الوقت كافى لعلاج كل ألم و لكن ما بال الوقت يزيد ألمها!
مرت ايام، اسابيع و اشهر و ها قد قاربت سنه على الانتهاء بدونه و لكنها بدونها ايضا،
فقدت فارس و فقدها الجميع، ما عادت ابتسامتها تعرف لشفتيها طريق، ما عاد صوتها يُسمع و ما عادت روحها ساكنه بل باتت بقايا امرأه بعثرها قدرها.

امرأه تجلس ليلا نهارا امام باب شرفتها تنظر لمدخل منزلهم عله يدخل، امرأه تنام تعبا و تستيقظ فزعا على صورته، امرأه ما عاد يعنيها من العالم كله سوا تلك الرسمه الذى منحها اياها سابقا، رسمه كانت حياتها التى انتهت برحيله.
الألم لن يُمحى و الذكريات لن تُنسى و لكن ما دام التصديق بالواقع قيد التوقف لن تُعاش الحياه.
و هى مازالت ابعد ما يكون عن التصديق.

تساقطت دموع ليلى التى وقفت تراقب صغيرتها الجالسه ارضا دون حراك، تنعى ابنتها التى فقدتها و هى على قيد الحياه، ربتت جنه على كتفها هامسه بأسى: تانى يا عمتو!
و دون ان تترك عينها صغيرتها اجابت بيأس و قلب حزين: سنه يا جنه، سنه و انا مسمعتش صوتها، سنه و انا شايفاها قدامى بتموت نفسها بالبطئ، سنه و حنين مفيش اى تحسن،.

ثم استدارت و عيناها تحكى معاناه قلب الام: اعمل ايه تانى، مستشفى دخلتها، ادويه و اخدت، علاج نفسى و مفيش فايده اعمل ايه، انا عاوزه بنتى يا جنه، عاوزه بنتى ترجعلى تانى.
اغلقت جنه عينها تحاول تمالك ما يصيب قلبها من غصه مؤلمه على ما وصلت اليه فرحه المنزل، تلك الفتاه البشوشه و الهادئه و التى بوجودها نعم هذا المنزل بالحياه و الان لم تعد موجوده.

احضرت ام على الطعام فأخذته جنه منها و دلفت لحنين ساعدتها لتجلس بجوارها على الفراش و لم تبد اى اعتراض، دون مقاومه جلست، تناولت طعامها و دون اى تعابير على وجهها انتهت و هى لا تعرف ماذا تناولت حتى و نهضت عائده لمكانها بجوار الشرفه تنظر للخارج تضم الصوره لصدرها بصمت.
جاءت سلمى و امجد لزيارتهم في ذلك اليوم و اجتمعت العائله باسفل عدى عاصم الذى سافر في عمل منذ عده اسابيع و على وشك الرجوع.

بل عاد استقبله الجميع مرحبين بعودته بينما نهضت جنه للمطبخ دون حديث طويل معه، في الفتره الاخيره زادت نقاشاتهم، خناقات و مهاوشات، عادت لغرفتها، و شيدت بينها و بينه الكثير و الكثير من الحواجز، او ربما الظروف من فعلت و ربما خوفها، ما حدث مع حنين ارعبها، اخبرها ان الحياه لن تقف بصف من يحتاجها ابدا، ان السعاده، الاجتماع و الحب لن يكون مقابلهم السلام و الاطمئنان ابدا، و ان كان هناك من يملك دليلا اقوى مما بيدها فاليقنعها بالعكس.

عادت لنقطه الصفر و اسوء، تتلوى ألما و لكنها تكتوى بنار خوفها و فزعها لا عليها بل عليه هو، تخسر نفسها لا فارق لكن تخسره لن تستطيع ان تظل على قيد الحياه، خسرت والدتها و فقدت والدها و عاشت دون شقيقها و الان و بينما هو املها الوحيد، ملجأها الوحيد، حمايتها، قوتها و حياتها لن تتحمل فكره ان يصيبه سوء.

دلف للمطبخ يبحث عنها متذكرا شجارهم الاخير في ذلك المساء قبيل سفره، لم يرضى هو بحواجزها، يتفهمهما ربما و لكنه لا يقبل.
لا يقبل ان تكون معه و بعيده عنه مجددا، لا يقبل ان تكون زوجته و اصعب النساء عليه، و ابدا ابدا لن يقبل ان يحبها كل هذا الحب و يدرك ان مقابله موجود و هى تمنعه عنه.
بعجز اعطته ظهرها متمتمه ببرود اجادت اصطناعه رغم نزيف قلبها الصامت: حمدلله على السلامه.

عقد حاجبيه ناظرا لظهرها، عندما بدأت هي تكمل ما كانت تفعله و اردفت بنفس البرود الذى اشعل غضبه: انت قولت هتيجى كمان يومين، رجعت بدري ليه؟!
اتسعت عينه ثواني يراقب حركتها بدهشه و لم يستطع الا ان يقول ساخطا: هي دى وحشتنى!
ابتلعت ريقها و اغمضت عينها قليلا ثم اكلمت بنفس البرود الذي يكويها قبله و كأنها ابدا لا تبالى: شوفت حنين؟

ابتسم بسخريه و قبل ان تغضبه بكلماتها البارده اكثر تحرك للخارج ليتركها تنحنى ارضا تبكى لهفتها لحضنه، لاشتياقها لامانها فوق كتفه و لوجعها مما تسببه له و لها من ألم.
دلف عاصم لغرفته القى بجسده على الفراش، ينظر لسقف غرفته بشرود لو اخبره احد انه سيصيبه يوما لقال مجنون.
و لكن ان لم يشرد هو من يفعل، شقيقته التى اصبحت جسد فقط بلا حياه، بقايا امرأه ببقايا روح و فتات قلب،.

جنته التى باتت جحيم يصيبه بنار تكوى صدره، تنهى صبره و تشعل غضبه، جنته التى يدرك ان ما تفعله ضعف و خوف و لكن ما عاد لديه قوه،
نصف نفسه الذى فقدها يوم فقد رفيق عمره، ضحكته لفارس و مزاحه، همه الذى لا يملك غيره ليلقيه بجعبته، روحه التى انقسمت و ما باتت قوته تكفى لاصلاحها.

اغلق عينه يمسح وجهه بضعف لم يعرفه ابن الحصرى يوما لحظات ثم اعاد فتحتها فان ضعف هو الان لن يستقيم امرا بعده، وقت الحزن لم يأتى بعد، وقت البكاء لم يحن فقط وقت القوه و الثبات ليُعيد الامور لناصبها الصحيح.

تعج الغرفه بأصوات الاجهزه الموصله بصدره على الدوام،
حراره الغرفه البارده و نوافذها المغلقه،
جسده المسجي على الفراش و اجفانه المتهالكه،
اقتربت نهال منه تمرر يدها ببطئ على خصلاته البيضاء و التى ازداد شيبها منذ فقد سنده الاكبر،.

ضمت اصابعه بكفها تطمئن عليه فمنذ نكسته يوم وفاه فارس لم يتحمل قلبه فظل مربوطا بالاجهزه الطبيه، افترق جفناه ببطء يبتسم لها بهدوء فترقرقت عينها بالدموع تسأله بقلق: عامل ايه دلوقتى؟
صمت لحظات تجمعت بها الدموع في عينيه هو الاخر و همس بخفوت مكسور: ابنى واحشنى يا ام فارس.
رفعت نظرها للاعلي لتمنع باستماته تساقط دموعها ثم تمتمت بقلب يتمزق ألما: ادعيله يا محمد، هو في مكان احسن دلوقت.

اغمض عينه ثواني ولاحظت هى اضطراب الارقام على شاشه الجهاز جوارها فتحدثت سريعا محاوله ابعاد تفكيره عما يؤذي قلبه و قلبها: بابا كلمني النهارده.
فتح عينه مجددا و تسائل و ان كان لا يشغله اى امر: خير؟
اومأت برأسها و هى تتذكر مكالمه والدها: كان عايزنا نسافر الصعيد، نسيب القاهره بمشاكلها و نقضى يومين وسطهم هناك.
ابتسم بشحوب و هو لا يبالى بالامر: حلوه الفكره هتفيدك.

عارضته هاتفه باقرار: انا مش هروح لو مش هتيجي معانا.
نظر للغرفه حوله و اردف: هسافر ازاى كده يا أم فارس؟
ابتلعت غصه تمكنت من قلبها فهو منذ وفاه فارس لا يناديها سوي بهذا الاسم و اخبرته عن كل ما ستقوم به من تجهيزات لنقله هناك فنالت موافقته و بقى موافقه مازن و بالطبع حياه.

لا يمكن تحقيق النجاح الا اذا احببت ما تقوم به.
ديل كارنيجى
و هى لا فقط تحب ما تعمل بل و على استعداد تام لتقديم كل ما تملك من طاقه، جهد و عزيمه لتصل لاقصى النجاح به بل و اكثر.
اليوم تتجه الى موقع الانشاء لتراه، لتطلع على اخر المستجدات، و لذلك هى في قمه سعادتها.

اتجه مازن و اكرم للتحدث مع العمال و المسئولين بينما انطلقت هبه تعاين و تسجل و اما مها فقط كان تستمتع بالرؤيه، انطلقت من طابق لاخر، و من غرفه لاخرى و من هنا لهناك لاسفل و لاعلى حتى توقفت في ذلك الطابق الاخير تنظر للاسفل من شرفته تبتسم مستقبله نسمات الهواء و التى رغم حرارتها كانت مستمتعه بها.

لاحظت تجمع الجميع بالاسفل للمغادره فابتسمت متجهه للداخل لتلحق بهم و لكن ذلك العامل الذى وقف امامها يسد عليها طريق الخروج شتتها قليلا، و للمره الالف يلفها عجزها و تكويها علتها، فلا صوت لديها لتتحدث و لا صراخ اليها سيصل من هذا العلو، حاولت الابتعاد عنه و لكنه كان اشبه بالخارج عن حدود وعيه، ترنح بسيط، و اعين بارزه، و ضحكه سخيفه و غير متزنه عكرت صفو سعادتها بتخيلها مدى سوء الوضع الذى قيدت فيه،.

حاولت الخروج و لكنه لم يسمح لها، عامل في وقت استراحته لن يسأل احد عنه، منح لعقله الراحه و دفع لجسده بالرغبه، و اتت هى و بكماء ف يا مرحبا بها.
في الاسفل القى اكرم السلام هاما بالرحيل و لكنه لاحظ عدم وجود مها، فتسائل فأخبرته هبه انها تقدمت لداخل المبنى و لم تعد،.

ابتسم مدركا كم شغفها بالعمل رافعا عينه لاعلى ربما يراها ليجدها في شرفه الطابق الاخير و يبدو على ملامحها القلق ليجد احدا يجذبها بعنف للداخل، تجمدت الدماء بعروقه و انطلق ركضا للاعلى بينما تعجب مازن ما حدث و هم بالدخول ورائه و لكن وجود هبه التى لفها القلق من اضطراب اكرم المفاجئ ابقاه بجانبها.

حاولت مها التحرك و الابتعاد عنه و لكن قوته زادت ضعفها و خاصه عندما جذب قدمها لتسقط ارضا ليضرب هو بعدها رأسها عده مرات بالارضيه الصلبه لتتلاشى الرؤيه جزيئا و لم يبقى سوى ضباب تشبوه رؤيه ذلك الرجل و انفاسه حتى لفها الظلام مستقبلا اياها بداخله لتجهل ما حدث بعد ذلك.

استند اكرم على حافه الجدار بعد ان وصل للطابق الاخير اخيرا و انفاسه تحاربه هاربه لتتسع عيناه صدمه سرعان ما تحول لغضب و هى يرى محاولات ذلك القذر للتمكن من تلك المستكينه امامه، هجم عليه يبعدها عنها، لكمات غاضبه، تفريغ شحنه شعوره بعجزها و كل هذا وسط ضحكات الرجل و تأوهات ساخره كأنه لا يتألم بل يستمتع.

شهقت هبه بصدمه و هى ترى اكرم يتقدم باتجاههم حاملا مها فاقده الوعى متقطعا الانفاس لتساعده بوضعها داخل السياره لتنطلق بهم للمشفى.
استيقظت مها لتجد هبه بجوارها تطمئن عليها متسائله بعاطفه قلقه: مها، انتِ كويسه؟
اومأت مها و هى لا تدرى ما حدث بعد تلك الصدمات التى تعانى الان عاقبتها من صداع يحطم رأسها.
فعادت هبه التساؤل ببطء و هى تتعجب كيف صار كل هذا: ايه اللى حصل؟ ازاى وصلتى للحاله دى؟

عقدت مها حاجبيها تحاول التذكر فتساقطت دموعها ببطء فاعتقدت هبه انه وجعا فرتبت على كتفها تهدأها مسرعه بقول: خلاص خلاص، المهم انك بخير.
اشارت مها بقلق اوعى تكونى قولتِ لحد اللى حصل!
ابتسمت هبه باستنكار تجيبها: محدش يعرف ايه اللى حصل اصلا، احنا اتفاجأنا بالباشمهندس أكرم بيجرى يدخل المبنى تانى بعدين لقيناه خارج بيكِ مغمى عليكِ حتى مازن سأله يفهم منه مردش عليه.

ثم تذكرت صائحه: صحيح هخرج اطمنهم عليكِ اكيد قلقانين.
امسكت مها يدها تشير بتوجس حد من العيله يعرف انى هنا؟
نفت هبه برأسها مبتسمه بتذكر و اجابتها: احنا مفكرناش في حد كنا خايفين عليكِ بس، معتز و محمود هيقتلونى لو عرفوا.
حركت مها يدها مسرعه بلا قبل ان تشير بتوسل متعرفيش حد يا هبه، مش عاوزه اى حد خالص يعرف و لا حتى معتز.

عقدت هبه حاجبيها متسائله و لكن نظره مها الحزينه و القلقه جعلتها توافقها و ان كانت لا تفهم و لكن اسوء ما قد تتخيله لن يصل لسوء حقيقه ما كان على وشك الحدوث.
اطمئنوا عليها و ها هى بالسياره في طريق العوده للمنزل و لكنها تخشى، ان ايعرف احد خاصه عاصم، تخشى غضبه، تخشى عليه نفسه، و اما محمود فهى لا ترغب بمعرفته ابدا.

اوصلت رغبتها لثلاثتهم مترجيه منهم الا يعرف احد بما صار و بنظره اكثر شمولا خصت اكرم بها ادركها و لكن صعب عليه تنفيذها.

صدق من قال اذا اردت ان تؤلم احدا فألم من يحب.
عندما يعانى من يعنى لك الكثير تعانى مثله و اكثر، عندما يحزن تحزن اضعاف حزنه، و عندما تعجز امام عجزه تنهار كل قوه محتمله بك.

و ها قد انحنى ابن الحصرى ضعفا امام قدم تلك التى لم تعد سوا جسد رغما عنها يتنفس، ربت على ركبتها لم تعبأ، حاول انهاضها من جلستها ارضا لم تعارض، اجلسها على الفراش جالسا بجوارها يضم وجهها الشاحب بكفيه متمتما بأسى: مش ناويه تتكلمى معايا بقى؟
و عينها تحدق بالشرفه لا تتحرك، انفاسها منتظمه و جسدها ساكن و كأنه ليس بموجود،.

و كمحاوله منه لتأكد انها ما زالت مدركه للواقع حاول سحب تلك الرسمه من بين يديها ليجدها تتشبث بها كما لم تفعل حتى مع حياتها.
مضى عليه بعض الوقت يحاول التحدث، ينتظر الاستجابه، و لو فقط اماءه بسيطه و لكنها لا تحرك ساكنا.

بدأ ينفعل لربما ترحمه من صمتها هذا و لكنها ايضا لم تجفل حتى لصوته العالى، قرر ايلامها، جعلها تصدق واقعها لتعيش بقيه حياتها، قرر المصارحه بالحقيقه بأسلوب قاسٍ ربما على نفسه قبلها فضرب المنضده بجواره بعنف لم يؤثر بها و صاح يصرخ: هتفضلي كده لحد امتى!؟ فارس مات يا حنين، فارس مبقاش موجود و مش هيبقى موجود تانى.
انتظر اثر كلماته عليها، رجفه، بكاء او ربما صراخ و لكن قابله صمت و اعين تحدق بالشرفه فقط.

تحرك بعجز يحوم بالغرفه و هو يغطى وجهه بكفيه مناعا غصه قلبه بغضبه الاعمى و بعنف دفع بيده يضرب حافه الشرفه لربما الالم يمحى شعوره بالعجز و تحرك للخارج و قبل ان يغلق الباب وجدها تنهض ببطء كأنها مغيبه لتجلس ارضا امام الشرفه مجددا دون ان اهتمام بأيا مما يحدث، زفر بيأس و اغلق الباب.

لا يعرف كيف التصرف، و لا يعرف حتى سبب جلوسها هكذا، و لكن صدق الطبيب عندما قال لا يفل الحديد الا الحديد، خشى عليها النتيجه و لكن ما تعيشه الان اسوء من اى نتيجه كانت.
اتجه لغرفته و لكنه وجد تلك الجنه التى صارت جحيما امامه فنظر اليها لحظات ثم تحرك دون كلمه واحده و لكنها لاحظت جرح يده فتحركت خلفه مسرعه متغاضيه عن كل ما تشيده من حواجز، امسكت يده فتوقف فهتفت بجزع: ايدك مجروحه!

ابتسم بسخريه و هو يسحب يده منها متمتما و هذا اخر ما يعنيه الان: لا كتر خيرك انك لاحظتِ.
و تركها متجها لغرفته و اغلق الباب و دون ان تفكر تحركت مسرعه خلفه لتفتح الباب دون استئذان لتجده جالسا على طرف الفراش، رفع رأسه اليه ببطء متسائلا بملل: خير؟!

اتجهت لاحدى الادراج بالغرفه لتخرج منها صندوق الاسعافات الاوليه ثم تحركت لتجلس بجواره جاذبه يده اليها دون تحدث، فجذب يده منها مجددا و نهض دالفا للمرحاض ليجدها خلفه فحدق بها بتعجب و صاح مستنكرا بسخط: انتِ رايحه فين؟

و بدون ان تُجيب او تسمح لنفسها بالتراجع امسكت بيده جاذبه اياه معها داخل المرحاض ثم وضعت يده اسفل المياه حتى تزيل قطرات الدماء العالقه بها و تربت على جرحه بهدوء تغسله فاستسلم لها فلا طاقه له لجدال، تمنع او حتى محاوله فهم.
انتهت و خرجت و خرج معها اجلسته على الفراش مجددا و بدأت بتضميد يده و تلك ليست المره الاولى فهو اعتاد ان يؤذى نفسه كلما غضب، عجز او تألم لربما وجعه الملموس يمحى وجع روحه.

و لكن هى، هى ايضا ألم لا و لن ينتهى من حياته!
و الاسوء انه معها يصبح اخر هو نفسه لا يعرفه،
تذهب قوته وغضبه بقربها، تذهب قسوته و غلظته امامها، يختفي تحجر قلبه وسط حصار عينها، فلا يسأله احد اين يكون هو عندما تكون هى؟!
تركت يده اخيرا و نهضت واقفه تتحدث بهدوء ينافى رغبتها بالبكاء تعنفه و توقفه عن أذيه نفسه: حاول متضغطش قوى على ايدك.
رفع عينه اليها ساخرا: ليه هتوجعنى؟

نظرت لعينه لتتفاجئ بكم الارهاق و الالم الذى غلفها و كيف لا،
فابن الحصرى يعيش المشاعر مضعفه، غضبه اعمى، حبه لامشروط، قوته لا تنتهى و لذلك فان حزنه مُهلك.
اشاحت بعينها عنه فأمسك يدها ليجعلها تستدير تنظر اليه مجددا فهتف بحديث لا يقوله لسانه بل يبكى به قلبه: في جروح بتوجعنى اكتر من دا يا جنه، في جروح تانيه بتنزف لحد ما قربت انتهى، في جرح تانيه محتاجه تتعالج...

و صمت ثوانى محدقا بها و تمتم بعدها بمكانتها عنده صريحه: محتاجك تعالجيها، يا جنتى.
و رغم عينها التى واست عيناه، و يديها التى عانقته مجازا، و دموعه التى بللت ملابسها و هو يلجأ لصدرها لتشاركه دموعها، منعت هى كل هذا و ببطء سحبت يدها من بين كفيه لتتحدث بلامبالاه قتلته: و انا مش دكتور.

و خرجت، خرجت ليغلق هو عينه دون حتى ان يغضب، ليلقى بعدها جسده على الفراش، رفع يده امام عينه ينظر اليها قليلا ثم ابتسم بسخريه يشدد ضمته فيتألم فتزداد ابتسامته،
هذا هو الحاصل عندما يعشق انانيه،
هذا هو المقابل عندما يحلم بواقع معها لتكن منها صفعه تخبره ان بحياتها و حياته لا مكان للاحلام، فقط واقع و يليق بابن الحصرى.
اتسعت ابتسامته اكثر، فو الله ما خُلق بعد ما يعز عرش روحه حتى و ان تزلزل كل كيانه بداخله.

فاللعنه على هذا الحب الذى يحنيه و يضعفه.

نحب، نتعلق، نحارب لنصل لقلب من تعلق القلب به، نسعى بكل الطرق.
فيصبح قلبه الغايه و قلبنا الوسيله، انفاسه حياه و انفاسنا القرينه،
و لكن ليس كل من عشق تنازل و ليس كل من تعلق خضع.

تحبه، حاربت الجميع من اجله، تجاهلت كل التحذيرات و كل الحقائق التى ادعت عدم رؤيتها لانها فقط لا ترغب بأى امر اخر سواه، و لكن مع قوه عشقها فهى آبيه، و من فرط حنانها فهى قويه، و مع عشق قلبها تهوى كبريائها، و رغم كل تجاهلاتها لامور شتى ابدا لن تتجاهل كرامتها.
استيقظ معتز صباحا ليجد الفراش خاليا منها، اعتدل جالسا يستعيد ما حدث الليله الماضيه مساءا.
Flash Back.

جالسا بمكتبه يتابع بعض الاعمال بملل، اتته، ابهجته و عرضت عليه الخروج معها لتناول العشاء و قضاء سهره فلقد مر الكثير من الوقت على انفرادهم بحياتهم الخاصه، موافقه سريعه منه، طريق قصير، ثم جلوسه معها في مكان هادئ يطل على النيل يتميز بأضواءه الخافته و موسيقاه الكلاسيكيه القديمه، ابتسمت تتمتم متسائله باعجاب: حلو المكان هنا قوى، بس مش شبهك كده؟

ابتسم و هو يخمن معنى كلماتها و لكنه اراد سماعها صريحه فرفع احدى حاجبيه بابتسامه جانبيه قائلا: مش شبهى ازاى! مش فاهم؟!
نظرت حولها معدده مزايا المكان و التى تنافى صخب حياته: موسيقى هاديه، نيل و المكان اصلا تحسه عاطفى كده و اللى انا اعرفه عنك انك بتحب الاماكن الصاخبه، الهيصه و اللى فيها بنات كتير.

و انهت كلماتها بغمزه عابثه و ضحكه هادئه، قهقه على كلماتها ثم اجابها و قد صدق احساسها: انا فعلا بقالى كتير مش باجى المكان هنا بس كنت دايما هنا ايام ثانوى و اول ايام الجامعه، ايام ما كنت محترم و في حالى، شويه.
ضحكت تستمع اليه و هو يردف: المكان هنا بيفكرنى بنفسى زمان، بيفكرنى بذكريات حلوه انا متأكد ان عمرى ما هنساها،.

ثم صمت قليلا متذكرا انه ايضا اول مكان جمعه ب سالى لتبدأ بعدها حياته الصاخبه حقا، لاحظت شروده و قررت الا تسمح له بمثله اليوم، و بالفعل حورات كثيره، ضحك اكثر، مزاح، غضب مصطنع، طفولتها و مشاغباتها القديمه، عبثه و فتره مراهقته المستهتره،
حتى صرخت و قد لاحظت تأخرهم: يالهوى الساعه 2 يا معتز.
و بلامبالاه اجاب: و ايه المشكله؟

بدأت تلملم اشيائها و هى تستعد للنهوض تهتف بغيظ: عندنا شغل الصبح يا استاذ، يلا نقوم.
و بالفعل نهضا و لكن على وشك الخروج من المكان تجمد مكانه و هو يستمع لصوت انثوى يردد اسمه بنبره مندهشه،
معتز!

استدارت هبه تنظر للمنادى لتجدها فتاه جميله بل رائعه الجمال، جسد ممشوق تظهره ملابسها بوضوح، ملامحها الواضحه و التى ابرزتها الوان مكياجها الهادئه، خصلاتها البنيه التى ظهرت من خلف ما يطلقون عليه حجاب، فعقدت حاجبيها تتسائل عن من تكون فعادت ببصرها لمعتز لتتعجب انه مازال تعطيهم ظهره، انفاسه متسارعه و عيناه تنظر يمينا و يسارا بارتباك،
اما هو تجمد لا يدرى ما حدث له، نبضات قلبه الثائره، صوتها!

تلك التى أنب نفسه مرارا و مرارا على تركه لها،
تلك التى ظن ان قلبه لن يدق لغيرها مهما كان،
تلك التى عاش اشهر بين نيران مقارنتها بزوجته،
تلك اول و اكثر امرأه اثرت بحياته سابقا،
و الان و بعد ان اعتقد ان حياته على وشك الاستقرار ها قد عادت لتبعثره مجددا،
اقترب الصوت منه اكثر مردده باسمه مجددا: معتز،.

اغلق عينه لحظه تابعته هبه بتعجب و الغضب بدأ يتسلل لروحها من مدى تأثره بهذه على الرغم من انه لم يراها بعد، استدار بهدوء ليجدها امامه، لم تتغير، فقط ظلت جميله مثلما كانت دائما، عينها الواسعه و التى كان يعشق التحديق بهما، شفتاها المرسومه بأكثر الالوان تأثيرا على رجولته، و ابتسامتها التى تفتنه و كم كان يعشق رؤيتها.

تعلقت عينه بها غافلا عن اتساع عين تلك التى تسمى زوجته، و هى ترى تحديقه، لهفته، و انفاسه المضطربه،
تحدثت الفتاه مجددا بابتسامه اوسع: معتز ازيك؟!
نقلت هبه بصرها بينهم بدهشه و غيرتها تكاد تفتك بها و لكن ذهبت غيرتها ادراج الرياح ليحل محلها صدمه عندما نطق معتز بصوت متهدج: ساالى!
و لم ينطق بكلمه اخرى فقط سحب يد هبه و خرج من المكان مسرعا.
Back..

نهض و هو لا يعرف كيف يواجهها، ماذا يقول فالليله الماضيه بمجرد ان رحلا من المطعم لم تنطق بحرف واحد حتى وصلا للمنزل لتنام دون التحدث معه مانعه اياه من المحاوله حتى،
خرج ليجدها تقف بالمطبخ تحضر الفطور فكعادته دائما احتضنها من الخلف يقبل جانب عنقها متمتما و كأن شيئا لم يكن: صباح الفل يا فله.
ابتعدت بجسدها عن مرمي يده و قبلاته و اجابته باقتضاب: صباح النور.

اتجه اليها و جذب ما بيدها و وضعه على الطاوله الرخاميه و جعلها تلتفت له و نظر لعينها التي تاه بين امواجها الهادره غضبا و هى تبعدها عنه ناظره ارضا عاقده ذراعيها امام صدرها تستمتع اليه: اغضبى، زعقى، اسألى، عاتبى، بس ماتسكتيش كده.

اجعل ترغب بالغضب، بالغضب منه و عليه، بالغضب لان قلبه مازال مشغولا، لان روحه ما زالت ملك لغيرها، تغضب لانه اهانها بشرود بغيرها في وجودها، اساء اليها بنبضاته التى تبعثرت بغيرها في وجودها،
و نعم تحتاج للصراخ به بأقصى ما تملك من صوت، لتخبره عن قسوه احساسها و هى ترى اضطرابه بغيرها، عن مدى ألمها و هى تدرك ان تلك الفتاه هى التى تمتم باسمها في مرضه سابقا،.

و حتما تتمنى سؤاله، عمن تكون، من تلك التى تخطفه من نفسه و منها، من تلك التى تتملكه حتى و هى بعيده لدرجه انتفاضه قلبه هكذا بقربها،
و للاسف يميل قلبها لمعاتبته، فكيف يسمح لنفسه بأخذها لاكثر الاماكن ربطته بالماضى، ذلك المكان الذى اخبرها ان به ذكريات لن تُمحى و من الواضح انه وجد به سبب ذكرياته،.

و لكنها تجاهلت كل ما تشعر به و رفعت عينها اليه ببطء تنظر اليه قليلا ثم تمتمت بصرامه نادرا ما تتحدث بها معه: لو عندك حاجه عاوز تقولها اتفضل سمعاك،
صمت ثوان فرمقته بنظره ساخره ثم تحركت لتخرج و لكنه امسك بيدها حملها واضعا اياه على الطاوله الرخاميه امامه مانعا نزولها بوقوفه امامها تماما و تحدث بصدق ما يشعر به حقا: انتِ عارفه انا كنت ازاى قبل كده، عارفه اني مكنتش ملاك، و عارفه انى غلط كتير، بس..

رفع كفها يقبله و هو حقا يعنى كل كلمه تخرج منه: بس عارفه كمان انى اتغيرت علشانك، بقيت واحد تانى او يمكن رجعت لمعتز القديم، علشانك انتِ و بس، عارفه كويس انى بحبك و مبقتش اقدر استغنى عنك يا هبه.
و لاول مره منذ زواجهم تشعر به يقولها مستجديا حبها ليعفو عنه، يقولها ربما لانه يعرف انها امامها تخنع و لسماعها يهفو قلبها فتنسى ما حدث و تسامح،.

لاول مره لا تفرح بها كما كانت تفعل بل شعرت بها حجه واهيه يتعلق بها ربما لانها اخبرته من قبل ان حبها له هو نقطه ضعفها،
ابعدته عنها قليلا و هتفت بحده و صرامه لاول مره يراها بها بل و امواجها الهادره بعينها تخفى حبها عنه و بجداره و كأنه لم يكن ابدا من قبل: حوار انك كنت حاجه و اتغيرت مش شماعه هتعلق عليها كل اخطائك و انا هتقبل و هتعدى يا معتز،.

و بحده اعتدلت واقفه دافعه اياه عده خطوات بعيدا عنها فما عاشته البارحه اهانه لقلبها و انوثتها و ارتباكه لفتاه اخرى امامها تشعر به اهانه لكرامتها، صاحت تعرفه جيدا انها باستطاعتها محو ما تحمله من عشق في قلبها ان فكر فقط ان يهدر كرامتها، تعرفه جيدا ان مكانته لديها لا تساوى اى شئ امام كبريائها و عزه انوثتها: انا مش هعاتب و لا هتكلم، و لا هسألك ايه جواك، و لا مين دى و لا حاسس ناحيتها بايه، بس افتكر كويس يا معتز انى لو اضطريت اختار بين قلبى و كرامتى،.

صمتت قليلا لتنظر لعينه التى طالعتها بصدمه خشيه من سماع ما على وشك قوله، عينه التى توسلتها الا تقلل من شأنه لديها فمشاعرها ناحيته، حبها، قربها و اهتمامها هو ما يبقىه انسانا، هو ما يبقىه قويا متمسكا بها، هو ما غيره و هو من سيحافظ عليه و لكنها القت بكل توسلاته ارضا و اردفت بقوه: هختار كرامتى و هدوس على قلبى و مش هيهمنى يا معتز،.

و تركته و خرجت و لا تدرى ما اخلفته في نفسه من خوف جديد و عند جديد، تحداه الاخرين بأهميته سابقا فابتعد هو ليخبرهم انهم لا شئ، اهملته والدته و تخلى عنه ابيه و فضلت اخته الرحيل و ها هى السند الوحيد الذى اعتقد انه لن يميل قد مال، و مال هو معه.

غرفه الاجتماعات، الاضاءه الخافته، شاشه العرض و كلا يبدى رأيه و فكرته في المشروع الجديد، انتهت هبه من سرد فكرتها و التى نالت اعجاب الجميع ليتم التقييم و حان دور مها و التى ارتبكت خشيه الا تستطيع ايصال ما تريد شرحه للجميع، نهضت تحاول، و لكن صعب على بعض الحضور فهمها ربما لان طريقتها المستخدمه خاطئه، اشارات غريبه و اعتمدت هى على لغتها المميزه و التى لا يفهمها الجميع، اعترض هذا و ابتسم اخر و هو يعبر عن عدم استيعابه، و مع الهمهمات الصادره من حولها شعرت بخزى يغلفها، نظرت لمحمود ربما تستمد منه بعض القوه، و جدته ينظر للجميع ثم يعود بنظره اليها شافقا فازداد احراجها و عادت لمكانها جالسه بصمت.

نهض اكرم يحمل التصاميم من امامها و اعطاها لهبه التى يعرف تمام المعرفه انها ملمه بها و طلب منها تولى مهمه ايصالها للحضور، بدأت بسرد الفكره و توضيح لفتاتها المميزه و ارائها المختلفه، لمساتها البسيطه التى تزيد اتقانها، فنالت كثير الاعجاب و نبرات الانبهار تعالت حولها، فعادت ابتسامتها رويدا رويدا و عندما رفعت عينها لتنظر لمحمود و جدت على وجهه ابتسامه و تعبير اشبه ب معلش ثم نظره فخر جعلتها تبتسم اكثر،.

انتهى الاجتماع و بدأ الجميع في التعليق على تصاميمها المميزه و تهنتئها على افكارها، و اقترب مازن متمتما بفخر حقيقى خلف قناع مرحه: ما شاء الله دماغ الماظ.
اتسعت ابتسامتها بنظره شكر، و غمزه من محمود يشيد بها: انا فخور بيها جدا.
و كذلك ابتسم اكرم بهدوء و تحدث بصدق سعادته لوجود مثلها بشركته: فعلا يا باشمهندسه، وجودك معانا في الشركه قدم لها كتير.

نظرت اليه لتجد في عينيه ما يأكد صدق كلماته حقا فازدادت سعادتها و هى تعتبرها شهاده تسعد و تفخر بها.
تحركت لتخرج و هبه تحادثها و لم تنتبه لنداء اكرم من خلفها، نظر اليه مازن يسأله: كنت عاوزها في ايه؟!
عقد اكرم حاجبيه متعجبا سؤاله و اجابه بارتباك شبه واضح: كنت هطمن على حنين.
نظر اليه قليلا ثم ابتسم ليلقى بسؤاله التالى و الذى لم يتوقعه اكرم ابدا: بتحبها يا أكرم؟!

و اكثر من ما قد تحبه الحياه هو التعجيز، تجعلك تشعر انه لا طاقه لديك ليوم جديد، لا قوه تملكها لمعضله اخرى، تجعلك تشعر انك تائه و لا سبيل للعوده.
و هذا ما قد منحته الحياه لابن الحصرى من جديد، كأنها تخبره، ان كنت مازالت قويا، فمازالت جعبتى لم تنفذ بعد .
دلف عاصم لقسم الشرطه ليجد حامد بانتظاره: عاصم باشا اتفضل..

تقدم اليه عاصم و صافحه و اتجهوا سويا لغرفته و هناك جلس عاصم و استند بساعده على المكتب مقتربا من حامد قائلا: مين؟
اعتدل حامد و اضاف بعمليه و هو يعطي عاصم ملف المتهم: عطوه واد خريج سجون، ممسوك في اكتر من قضيه قبل كده، و معروف انه قاتل مأجور، بس كان كل مره يخرج ببساطه بدون اي دليل دا ان قدرنا نمسكه اصلا، معارفه كتير وتقريبا له ضلع في الداخليه، انا لما عرفت انه هو استغربت اننا وجدنا ادله عليه!

تصفح عاصم ملفه باهتمام ثم رفع راسه و هتف: عايز اشوفه..
رفع حامد سماعه الهاتف و هم بطلب العسكري ليجلب له المتهم و لكن عاصم اوقفه و قال بنبره تطلب خدمه: لا انا عايز اشوفه لوحدنا في الزنزانه..
نظر اليه حامد متوجسا خفيه، فغضب عاصم الحصري يعرفه الجميع و لكنه بالنهايه نهض و اشار للباب: اتفضل، و اثناء خروجهم تحدث حامد: هو كمان طلب يشوفك و رافض يعترف تماما..

نظر اليه عاصم بطرف عينه ثم همس بغضب: غالي و الطلب رخيص.
وصلوا للزنزانه الانفراديه المحتجز بها المتهم و بمجرد ان فتح الباب و دلف عاصم و نظر اليه اقتحمت ذاكرته صوره فارس و هو مسجي على الارض مضرح بدمائه، فشدد قبضتيه بغضب و حاول السيطره بقدر الامكان على غضبه حتى يحين وقته...

تقدم حامد من المتهم و الذي يبدو كأحد الاطفال الضاله بجسده النحيل و قصر قامته و لكن عيناه حاده بشكل مخيف و لكن اتقف الفريسه مهما كانت قوتها بوجه الاسد!
اوقفه حامد معتقلا ياقه قميصه و دفعه باتجاه عاصم فضحك الفتى و هو يندفع بقوه اثر الدفعه ليتوقف امام عاصم مباشره قائلا بسخريه: يا اهلا يا اهلا بسياده النقيب..

ثم اقترب منه اكثر و رفع يده نافضا القميص الخاص بعاصم ضاربا كتفه عده مرات و قال محاولا اثاره غضبه: منور يا باشا، اخبارك ايه، ان شاء الله بخير!
نظر عاصم لطرف قميصه الذي لامسه ذلك الفتي ثم ضغط شفتيه رافعا راسه ناظرا بجواره و ابتسامته الجانبيه تأخذ موضعها ثم عاد ببصره اخيرا للفتي الذي كان على وجهه ابتسامه بلهاء و لكن وصل لعاصم مغذاها المتحدى و الواثق جيدا..

نظر عاصم لحامد و قال و هو يمسح جانب فمه بحركته المعتاده و الان تحديدا غضبا بحجم الدنيا و اكبر: سيبنا لوحدنا يا حضره الظابط..
نقل حامد نظره بينهم كلاهما يواجه الاخر بنظرات قاسيه متحديه رغم الابتسامه التي تظهر على وجهيهما، يبدو ان القادم لا ينم عن خير ابدا، و لكنه اومأ و خرج فهو يعلم جيدا ان عاصم لن يفعل شيئا يضر بحياته ومهنته..

اتجه عاصم بهدوء ليجلس على المقعد الوحيد بالغرفه فاستند الفتي بجذعه الصغير على قبضان الزنزانه مترقبا ما سيقوله سياده النقيب..
لحظات قليله اتبعها الفتي بقوله الساخر: مكنتش اعرف ان لما هطلبك هتيجي فورا واضح ان البدله الميري علمتك الانضباط.
اتسعت ابتسامه عاصم و رفع يده لفمه مجددا مبتعدا بنظره عن الفتي امامه حاكا اسفل ذقنه باصابعه الخشنه...

قهقه الفتي و هو يتحرك حول المقعد الجالس عليه عاصم و يردد: كنت صعبان عليا قوى يومها، صاحبك و صديق عمرك بيتصفى دمه قدامك و انت مش قادر تعمله حاجه و واقف عاجز زي الولايا، و لا اختك المسكينه اللى مفرحتش بفستانها، و لا أمه يا حرااام فقدان الضني غالي برده،
ثم توقف و مال على عاصم قليلا و همس بشماته: بس انا كنت فرحان..
ضحك بقوه و اضاف بعبث و نبره ساخره: بستمتع بألام الناس بشكل انت متتخيلوش،.

وضع يده على كتف عاصم و همس بجوار اذنه: واجعتك مش كده، خليتك ايد ورا و ايد قدام مش عارف تعمل حاجه، حرقت قلبك على صاحبك و اختك كمان، شوفت بقي اني قدرت اعمل فيك كتير،.

في الثانيه التاليه كان الفتي بمحل عاصم على المقعد و عاصم يثبته بمعصمه ضاغطا راسه على حرف المقعد و هو يحدق به بنظرات غاضبه تحرقه حرقا، جعلت الفتي رغم قوته التي استعرضها منذ قليل يرتعد خوفا و لكنه حافظ على ابتسامته الساخره فهو بيده رقبه ابن الحصري.
ضرب عاصم بكفه على وجنته عده مرات مضاعفا الضغط على عنقه و همس بصوت يشبه الرعد في قوته: انت معملتش اى حاجه غير انك حللت دمك على ايدى،.

حاول الفتي استجماع باقي قوته و هتف بلامبالاه يدعيها: مش هتستفيد حاجه،.

ابتعد عاصم عنه فاعتدل الفتي ليفاجأه عاصم بمرفقه الذي اصطدم بانفه بقوه ليرتد للخلف بالمقعد الذي يجلس عليه، اطلق الفتي تاوها بسيطا و لكنه اتبعه بضحكات ساخره جعلت البقيه الباقيه من عقل عاصم تختفي لتتسع ابتسامته بشكل مرعب و اتجه ببطء للفتي امامه الذي زحف بجسده للخلف و لكن عاصم اطبق بقدمه على ركبته ليصرخ الفتي بقوه مهوله بعد تأكده من انكسار عظامه فتحدث عاصم ببطء: عيب عليك تصرخ كده زي الولايا،.

ثم انخفض عاصم فجاه واضعا كلتا يديه على كتف الفتي مثبتا عنقه دافعا ركبته - عاصم - لتصطدم باعلي انف الفتي ليترنح ساقطا ارضا بعدما ابتعد عاصم عنه، تركه لحظات ربما سيجعله يعد الثوانى كأنها اعوام..
انخفض عاصم و جذبه من قميصه و همس امام عينيه الذي لم يعد الفتي يري بها شيئا: مين اللي حرضك؟

اغلق الفتي عينه فهو اراد ان يستفزه، اراد ان يشعره بعجزه، اراد ان يخبره انه استطاع ايلامه بقتل صديقه و لكنه بالنهايه هو من تكاد روحه تفارق جسده.
رفعه عاصم اكثر ثم تركه ليسقط ارضا مجددا ضاربا اياه بقدمه في صدره ليتلوي الفتي ارضا صارخا بألم عندما رفعه عاصم و تمتم ضاغطا على حروفه: ميييييين؟!
تحدث الفتي اخيرا بهمس باستسلام مقررا القاء قذيفته و هو يكاد يسمح لجفونه بالبقاء مفتوحه: جدك...

خرج عاصم من مقر الشرطه و هو يهندم ملابسه اثر ما فعله بهذا الفتي ثم رفع يده ضاغطا على شعره بغضب عاصف و عيونه تحكي قصصا عن ثوارن بركان قادم.
هل جده هو المسئول عن كل ما عاشوه! هل جده هو من امر بقتل رفيق عمره! هل جده من رمل اخته و التي هي حفيدته و بكل دم بارد؟!
يتذكر ان جده هو من وقف بجوار جد فارس - مدحت - ليواسيه و يستعيدوا معا ايام شبابهم عندما كانوا عونا و سندا لبعضهم البعد في اصعب الاوقات،.

هل جده هو من القي بهم جميعا في حجيم الفراق و لوعه الموت،
رفع يده ماسحا جانب فمه بعنف، اقترب من حامد طالبا اياه بعدم اتخاذ اى اجراء رسمى الان، فليمنحه فقط فرصه صغيره قبل التحرك، و وافقه الاخر مقدرا مدى سخافه ما وقع على عاتقه من مسئوليه،
صعد لسيارته و انطلق بها بسرعه مهوله، ماذا يجب عليه ان يفعل الان!؟

هل يسمح بالقاء القبض على جده - كبير عائله الحصري - ليكون عبره لكل من يفكر في اذيه عائلته او احد يخصه؟
ام ينتظر ليتأكد من صحه كلام ذلك الفتي؟
ام يترك حق فارس دون اخذه فهذا جده بعد كل شئ؟
ولكن هذا صديقه ايضا!

أينسي دماء صديقه التي اراقت هدر، أينسي دموع اخته و عدم تقبلها للواقع حتى الان، أينسي انكسار مازن و وجع قلبه، أينسي والد فارس الذي اصبح طريح الفراش بعدما انكسر ظهره بفقدانه ولده و كأن جسده يشهد على خسارته للوتد القائم عليه، أينسي تلك الام التي بكت من الدموع ما يكفي و يفيض بعدما خسرت قطعه من روحها، كيف ينسي تلك العائله التي خسرت ضلعها الاول والاغلي؟!
ام يتذكر كل هذا و يتصرف كعاصم الحصري دون تفكير؟

يتذكر قول الله تعالي يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا .

توقف بسيارته بقوه عندما مرت من امامه سيده كبيره ليلاحظ ان الاشاره حمراء، ضرب بقبضته على المقود امامه، ابن الحصرى عاجز عن اتخاذ قراره، عاجز عن كسر عائلته، ماذا سيفعل والده و كيف ستتقبل شقيقته الامر، كيف ستجتمع العائله مجددا بعد فضيحه كهذه.
افاق على صوت ابواق السيارات خلفه، فانطلق بالسياره مجددا و هو يشعر انه بين شقي الرحي، هذا الاختيار سيكلفه الكثير و الاخر سيكلفه اكثر.

ارتفع رنين هاتفه برقم يخص عمله و الذى اعطاه امرا بسرعه الحضور لمهمه جديده تتطلب سفره عده ايام، تلقى الامر و اغلق.
لا وقت امامه لكل هذه التساؤلات، هو رجل العائله، هو السند و العون لهم،
سند ابيه، قوه اخته، امان والدته و رجل امرأته،
هو سيحمل كل شئ على عاتقه سواء يستطيع او لا، سواء يقدر عليه او لا، سيحمله رغم ثقله، سيحمله رغم كل شئ.

بتحبها يا اكرم؟
صرح بها مازن بشكل جعل اكرم يلتفت له بحده: ايه؟، انت بتقول ايه؟
و تركه دون انتظار رد باتجاه مكتبه فلحق به مازن عنادا، و دلف خلفه مغلقا الباب متحدثا باقرار لا سؤال: بقول انك بتحبها يا اكرم.
نظر اكرم اليه قليلا دون كلمه ثم تحدث ببطء و لا نيه له للنفى و لكنه فضل المراوغه: هى مين دى؟
ابتسم مازن من محاولاته الفاشله للهروب و استند على المكتب امامه مصرحا: بشمهندسه مها..

زفر اكرم بقوه مستندا بمرفقيه على المكتب امامه واضعا وجهه بين يديه و صمت، نظر مازن اليه متذكرا نفسه عندما كان يخرج حرائق قلبه على شكل زفرات متتاليه فتأكد من ظنه فقال بتعجب: بس انت مش بتظهر حاجه ابدا، قدامها هي و خطيبها، لا بشوف غضب و لا حزن و لا حتى وجع في عينك، اللي خلاني الاحظ لهفتك عليها يوم ما تعبت في الموقع، الفخر اللي كان في عينك لما الكل شجعها النهارده،.

و متذكرا مواقف شتى اضاف: انت حتى دايما بتضحك و تهزر لا و بتوصي خطيبها ازاى يحافظ عليها، رغم ان اي راجل مكانك كان هيحاول يفرق بينهم علشان يفوز بيها، انت ازاي كده؟!
لم يرفع اكرم وجهه عن كفيه و لكنه ابتسم بكل وجعه الذي يخفيه حتى عن نفسه احيانا،
بكل الم مزق قلبه و هو يرى محمود سبب ضحكتها،
و لكن أيهم السبب!؟ لا و الله، فضحكتها تكفى.

تحدث بخفوت و مازال على وضعه مقتنعا بكل كلمه يقولها: الراجل لما يضحك قوى و هو جنب واحده بيحبها دا حاجه من اتنين، ياما سعيد معاها جدا و هي سبب فرحته دى، ياما بيتألم جدا و مفيش في ايده غير انه يضحك،.

رفع راسه اخيرا ليتعجب مازن ابتسامته الهادئه و رغم لمعه الحب التى ظهرت بوضوح و هو يتحدث عنها الا انه مقتنع تماما بما يقول، لا تحمل عينيه اسى او فقد فقط اغلق على قلبه فلم يعد يحق له غير هذا: الحب مش امتلاك يا مازن او على الاقل بالنسبه لي مش امتلاك، في ناس بتخسر حبها لمجرد ان اللى بتحبه مش بيادلها نفس الشعور، الحب مش اني اتجوزها و ابقي خلاص فوزت بيها، لا،.

و ازداد لمعان عينه بصدق عاطفته و قوتها بل و بثبات ما زال يتحدث بفخر كأنه فاز بها حقا: الحب اني اسعي دايما لضحكتها حتى لو مش بسببي، اني احميها دايما حتى لو مش بايدي، اني افرح لفرحها و أتالم اشد الالم لوجعها، اني و بكامل ارادتي و انا بضحك و مقتنع تماما اشجع اللي بتحبه و بيحبها انه يطلبها للجواز، الحب مش كلام يتقال و لا وصف يتوصف، الحب اكبر و اعظم احساس بتحس بيه و بس،.

و بثقه نظر لمازن مردفا دون خجل او اخفاء: مش هنكر اني بحبها، و انى اتمنيتها زوجه ليا، لكن يشهد ربنا عليا اني مفكرتش فيها ابدا كزوجه بعد خطوبتها و لا هفكر فيها و بكل فخر و سعاده هشاركها فرحتها و هي بتحقق حلم حياتها مع محمود، و يكفى انها تكون سعيده.
و للمره الالف ادرك مازن ان ما كان يكنه لهبه لم يكن سوا انبهار، اعجاب او ربما حتى مجرد تعلق واهى اوهم نفسه بامتلاكه،.

فابتسم مدركا انه كذب الكذبه و صدقها و لكنه ها هو للمره الثانيه يرى معنى الحب الحقيقى،
ذلك التى تجسد سابقا بعين شقيقه و الان يراه بعين اكرم و للاسف كلاهما خسر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة