قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الحادي عشر

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الحادي عشر

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الحادي عشر

اليوم أتم اكرم عامه 32، جلس يتناول فطوره و بيده صندوق رسائل والدته، انهى هو قراءه جميع ما به من رسائل عدى اثنتين اختصت والدته احداهما بزواجه و عاهدته ألا يفتحها حتى يفعل و الاخرى اختصها بهذا اليوم، اليوم الذى وصل فيه لسن والده عندما خرج معها من بيت العائله كما فهم من كلماتها.
قرأ الرساله و وجهه ينكمش غضبا، ضيقا، رفضا و اشتياقا كاد يقتله.

والدته باختصار شديد طلبت منه شيئين الاول - ان يعود للعائله و يُعيد حق والده و اسمه و كل ما تخلى عنه - و الثانى - وصيه تخص شقيقته و زواجها - لا يصدق كيف بعد كل ما صار من العائله ترغب والدته بأن يكون زواج شقيقته من احد افراد تلك العائله بل و توصيه بذلك مهما كلف الامر ان كانت شقيقته لم تتزوج بعد.
لم فكرت والدته في امرا كهذا، لا يدرى! و لماذا وضعت حملا ثقيلا هكذا على كتفه، ايضا لا يدرى!

هو لم يعرف احدا من العائله سوى فارس و الذى اخبره ان سيتقدم لفتاه يحبها، كيف يطمئن لاى فرد من افراد تلك العائله و الاسوء من كل هذا انه حتى لا يعرف اين شقيقته!
اجل يسعى هو و فارس بل و توصل لبعض الخيوط التى قد تساعده و لكنه لم يصل بعد.

اغلق الرساله و هو يُفكر في خطواته التاليه، تفكير، تحليل، عقلانيه يمتاز بها، المهم و الاهم، ثم قرار وضعه قيد التنفيذ رافعا سماعه هاتفه يطلب رقم فارس رنين، رنين ثم اجابه، ترحيب سريع ثم سؤال مباشر: كنت قولت من فتره عن رغبه مازن في الشغل معايا،.

صدق فارس على كلامه و اخبره بمدى تحمس مازن لهذا فلقد حاول العمل في عده اماكن و لكنه لم يستقر حتى الان، فرفع اكرم عينه ناظرا للرساله قليلا ثم هتف بثقه متخذا اولى خطواته تجاه تلك العائله لرؤيه ما تخفيه من ماضٍ بل و حاضر ايضا: انا موافق، هستناه النهارده في مكتبى.

إلغى مواعيدى النهارده يا هبه، و هاتِ لي اخر صفقات وقعنا عليها، و اه في ضيوف انا بانتظارهم.
قالها اكرم و هو يدلف لمكتبه و هبه خلفه تسجل ما يطلبه منها حتى جلس على مقعده فسألته عن رغبته في اى امر اخر بعمليه فنفى ذلك و تحركت هى للخارج..

اندمجت في عملها و من وقت لاخر تهاتف معتز لتطمئن عليه ففى النهايه هى امرأه عاشقه، تركت الهاتف و على وجهها ابتسامه هادئه لتجد اصوات ضحكات تعلو بالمكان يعقبها تقدم رجلين لداخل غرفتها و القى احدهم السلام فرفعت عينها اليهم مردده اياه لتتوقف نظراتها على احدهم كأنها تحاول تذكر اين رأته من قبل بينما هتف مازن بدهشه تملكت منه و فرحه سكنت قلبه: مش معقول هبه!

نظر فارس اليه قليلا و من لمعه الفرحه بعينيه ادرك ان المنكبه على الاوراق امامه هى الفتاه الذى يبحث عنها شقيقه فابتسم و عاد ببصره للجالسه امامه و بدا انها تحاول التذكر ثم سرعان ما ابتسمت و هى تنهض تشير بسبابتها مردده: بشمهندس مازن!
اتسعت ابتسامته مرحبا بها، سؤال عن احوالها، و حديث قصير عن المشروع الذى اشتركا به من قبل، ثم سؤال متعجب و هو ينظر حوله فهى بغرفه السكرتاريه: انتِ بتعملى ايه هنا؟

رفعت كتفها ببساطه لتجيبه بهدوء و هو تشير حولها بيدها: بشتغل.
عقد ما بين حاجبيه متناسيا ما جاء من اجله و هو يستند على المقعد امام المكتب بيده بينما فارس يتابعه عاقدا ذراعيه امام صدره و هو يرى انبهار اخيه بها و هو يتمتم باستنكار مشيرا حوله هو الاخر: سكرتيره!

ابتسمت هبه متجاوزه نبرته المستنكره و اجابته بتوضيح بسيط و لكنه حمل من المرح ما يُزيد اعجابه بها: لما بدأت اشتغل هنا كنت لسه مدخلتش هندسه و بعد كده الباشمهندس اكرم مقدرش يستغنى عنى.
انهت كلماتها بابتسامه واسعه فقد يعتقد البعض انها تحزن و لكنها على العكس تماما فهى تعشق عملها هذا و تعشق اعتماده عليها كما لو كانت شريكته و ليست سكرتيرته الخاصه.

حمحم فارس لينبه مازن لوجوده عله ينتبه لنظراته و حواره الذى يتمادى به فنظرت اليه هبه فأشار مازن عليه معرفا: فارس اخويا الكبير،
ثم نظر لفارس مشيرا لهبه معرفا: دى المهندسه هبه كنت حكيت لك على المشروع ايام الجامعه فاكر!

اومأ فارس بابتسامه هادئه مرحبا بها لتلتقط عيناه حلقتها الذهبيه التى تزين بنصرها الايسر فنقل بصره بضيق بينها و بين شقيقه الذى يبدو انه لم ينتبه فهتف بترحاب متعمدا: اهلا بيكِ يا، انسه هبه.
ضغط احرف كلمته فردت تحيته و هى تبتسم بخجل متمتمه بسعاده متذكره رفيق عمرها الان: مدام، اهلا بحضرتك.
اختفت ابتسامه مازن تدريجيا و هو يحملق بها مرددا خلفها بدهشه: مدام!

نظرت اليه لتُفاجأها ملامحه العابسه التى خالفت ابتسامته الواسعه فور دخوله إلى هنا و اجابته بهدوء حرج و لكنه استشف فرحتها بما تقوله: اه انا مكتوب كتابى.
ببساطه تقولها و هى لا تدرك ان بساطتها تلك دمرت حلما سعى اليه من سنوات مضت.
بفرحتها هذه قتلت خطواته في طريق طالما اراد السير فيه.
انتقلت عينه لاصابعها لينظر لحلقتها الذهبيه و التى اخبرته ان الحلم ها هنا انتهى، ببساطه كما تقول.

شعر بيد فارس على كتفه فلم يرفع عينه عن اصبعها و تمتم بهدوء: ألف مبروك.
و لا يعرف ما صار بعد ذلك او بصوره ادق لم يشعر، خطوات مشتته، ترحاب تائه، حوار عقيم، و حديث عن عمل، ثم موافقه اكرم، توقيع عقود، و اتمام الشراكه.
بينما هو في تفكيره يصب عليها اسواط لومه.
كان يجب ألا تتزوج، ألا تُحب و ألا تسمح لأخر بسرقه حلمه.
و لكن يعود ضميره ليجلده هو بسياط الندم.

فمن اين لها ان تعرف انه يريدها زوجه، ان تعرف انه احبها و ان تنتظره لتحقق حلمه.
هو لم يعبر بل لم يحاول حتى و لم يخبرها و لو عن رغبته بها و الان ما الداعى للومها!
عندما كان يرسم هو الطريق لها سارت هى بطريق غيره، عندما زين حلمه باسمها حققت هى حلم غيره و كلما تذكرها في غربته كانت تملئ هى قلب غيره.
و الان الحلم الذى عاد لاجله استيقظ منه على اسوء ما يكون فما الحاجه لوجوده هنا بعد الان!

افاق على حوار اكرم و فارس ليعود للواقع من حوله و مرت دقائق اخرى و كان خارج الشركه ينظر اليها و لا يدرى ان كان سيعود حقا اليها أم لا؟

اصوات ضحات عاليه، ركض و مرح، مشاكسه الصغيره و عبث جنه معها حتى جلست متعبه على العشب اسفل الشجره المفضله لديها فاتجهت شذى اليها لتنام على فخذها بلهاث هى الاخرى، مر بعض الوقت حتى نهضت شذى بحماس و هتفت: يلا نلعب.
ابتسمت جنه و هى ترتب لها خصلاتها المشعثه قليلا اثر نومها و هى تتسائل عما سيلعبانه فأجابتها شذى بضحكه: الغميضه.

ضيقت جنه عينها و هى تتذكر يوم استدرجتها شذى بتلك اللعبه لغرفه ذلك المتعجرف، قلبت عينها بنفور ثم عادت تنظر لشذى صائحه بحماس اكبر و نبرتها تحمل من المرح الكثير: و المره دى بقى هتودينى فين يا عفريته!

قهقهت شذى متذكره ما تتحدث عنه جنه و اخذت تقسم لها انها فقط ستلعب، جاءت سلمى على اصواتهم و قررت العوده للجموح بحياتها دون ان تأبه بما سيحدث و بدأت هذا باللعب معهم ولكن بعد ان احضروا حنين لتجلس معهم بدلا من اعتكافها بغرفتها.
ركض هنا و هناك، ضحكات ملئت المكان من حولهم، تبديل للادوار، لهاث و تعب و مر الوقت ما بين ركض و مرح.

عاد عاصم للمنزل استمع لاصواتهم العاليه فاتجه للحديقه الخلفيه يراقبهم، صراخ سلمى، مراوغه شذى و ضحكات حنين و ركض جنه خلفهم تحاول العثور على احدهم.

استند على جذع احدى الاشجار يتابع شغبهم هذا و قد راقه كثيرا حيره صاحبه الابريق العسلى و هى تدور و يدها تبحث في الهواء من حولها، تقترب منها شذى لتدغدغها فتصرخ، تُمسك سلمى باسدالها تجذبه فتتململ في نزق، و تحاول حنين مساعدتها و هى تجلس على كرسيها ممتنعه عن اللعب لاصابه قدمها فتمدحها، داعب جانب فمه مستمتعا حتى وجدها تتوقف و هى تتنهد بقوه صارخه بطفوليه لذيذه اثارت رجولته واضعه يديها الاثنتين على جانب رأسها: كفايه بقى انا دوخت.

و صراخات اعتراض من سلمى و اتهامها بالغش من شذى لتصرخ بهم بحنق زاد ابتسامته اتساعا.

نزع سترته ليضعها على احد الفروع بجواره رافعا اكمام قميصه للاعلى و هو يوشك على الجلوس على جذع الشجره و لكن دون ان ينتبه سقطت مفاتيحه ارضا ليُصدر صوتا جذب انتباه جنه على الفور، فتحركت مسرعه باتجاهه و هى تبتسم فشهقت شذى و هى تراه ينحنى ليلتقط مفتاحه الذى اصدر صوتا مره اخرى لتُكمل هى طريقها اليه و عندما اوشكت حنين على الصراخ بها تخبرها جلست سلمى بجوارها و هى تمنعها فالوضع يبدو ممتعا و وافقتها حنين على الفور فرؤيتها لعاصم يحاول الابتعاد عن مرمى يد جنه جعلتها تغرق في نوبه ضحك حتى دمعت عينيها،.

انتبه عاصم لاقترابها منه فاعتدل واقفا يحاول تجاوز يدها التى انطلقت في الهواء تبحث عنه، تأتى يمينا فيذهب يسارا، تتقدم فيتراجع تصرخ به اعتقادا انه احدى شقيقاته فتتسع ابتسامته حتى كادت تنطلق ضحكاته و يبدو ان الامر اعجبه فتمادى به،
اخذت شذى تقفز مستمتعه و هى تصرخ ضاحكه و صوت المفتاح بيده و الذى استغله حتى يحتفظ بانتباه جنه معه كاد يجعلها تجن و هى تحاول الامساك به.

اشار عاصم لشقيقاته بيده محييا و هو يرى ضحكاتهم العابثه حتى صرخت جنه و هى تقف بتعب: يخرب عقلك يا سلمى اقفى بقى تعبت.
نظر اليها عاصم ليتبين شفتيها التى تزمها ضيقا فوضع حلقه المفتاح على اصبعه و اخذ يُديرها عده مرات فتمتمت جنه بابتسامه صفراء تحاول بها استجداء رأفتهم بها و هى تميل لتستند بيديها على ركبتيها: انتِ حبيبتى يا شذى، كفايه بقى نفسى اتقطع.

توقف عاصم عن اصدرا صوتا و هو يرتب ثيابه ليتركهم و يرحل فكفى عبثا هامسا بسخريه مازحه: حبيبتى ايه بس!
و لقربها منه مالت برأسها للامام قليلا و عطره يصلها لتعقد ما بين حاجبيها متسائله بهمس: انا عارفه الريحه دى..

هم بالتحرك و لم ينتبه لها ثم توقف محدقا بها بدهشه و هى تُمسك بقميصه صارخه بفرحه، رفع احدى حاجبيه ساخرا و عيناه تنتقل بين يدها القابضه عليه و بين وجهها الضاحك و هى تجذبه خلفها تحاول نزع الربطه عن عينها بيدها الاخرى هاتفه بانتصار: اخيرا، طلعتِ روحى يا سلمى.

كان يتحرك معها وفقا لجذبها فقط و ابتسامته لا تفارق وجهه حتى هتفت بعدما نزعت الربطه لتغمض عينها تحاول استقبال اشعه الشمس: انتِ بتتحركى بالراحه ليه كده! انتِ طخنتِ يا سلمى؟

فتحت عينها لتُفاجئ بالفتيات امامها في حاله هستيريه من الضحك المتواصل فتوقفت و هى تزدرد ريقها ببطء و لا قدره لها على تخيل الامر حتى و لكنها نفت توقعها و الذى دفع بالقلق لقلبها و استدارت بهدوء لتجد عيناها تواجه صدره فشهقت بحده و هى تجذب يدها عنه بعنف مرتده للخلف عده خطوات: يا نهار مش فايت.

ضيق عينيه يطالعها بعبث و ابتسامه خبيثه تتراقص على شفتيه، ناظرا اليها لحظات اختفت فيها انفاسها حتى تحدث بجرأه رغبه منه في اخجالها لتتورد وجنتيها كما يحب ان يراها: متأكده ان انتِ اللى طلع روحك!
و قد كان له ما اراد، اندفعت الدماء لوجهها خجلا، غضبا و ارتباكا من موقف لم تكن تحلم ان تُوضع به في اسوء احلامها و خاصه معه هو.

و لكنه لم يكتفى و لم يصمت بل اضاف باستنكار ماكر و هو يرفع ذراعه امامها مظهرا عضلات عضده: ثم انا راضى ذمتك انا طخين! دا انا حتى رياضى و رشيق اهه.

حلقت ضحكات الفتيات من حولها مجددا مع ابتسامته المشاغبه و حصونه السوداء التى حاوطتها بمرح تختبره به لاول مره و خاصه معها، و اعلنت هى رايه الاستسلام منطلقه ركضا باتجاه المنزل و لكنها لم تنتبه فتعثرت باسدالها لتسقط ارضا في مشهد من اسوء ما يكون لتندفع ضحكاته هو هذه المره تخترق اذنها و هو يهتف: حاسبى.
نهضت بارتباك اشد و هى تكاد تبكى من فرط توترها، ضيقها و خجلها امامه بالذات.

اقتربت الفتيات منه و هو مازال يتابعها لتستند سلمى عليه ضاحكه: هتقتل نفسها.
ارتفعت ضحكاتهم مجددا حتى وكزته حنين بمرفقها تعاتبه على التمادى معها و ارباكها لهذا الحد: مكنش المفروض تعمل كده و تضحك عليها بالمنظر ده.
ابتسم متذكرا تعثرها منذ لحظات هاتفا بنبره حاول جمعها بلامبالاه: هى اللى مجنونه.

ثم اندمج معهم في حوار مضحك و شذى تُعلق بسعاده على ضحكاته منذ قليل و الذى لا ترتفع هكذا الا مرات قليله حتى جلس ارضا امام حنين ليُمسك بيدها متحدثا بخصوص عرض فارس لها: ليه رافضه فارس يا حنين؟ و هل انتِ متأكده من قرارك و ارد عليه خلاص و لا محتاجه وقت تفكرى؟

اختفت ابتسامه سلمى تدريجيا و نظرت لحنين لترى تفحصها بها و على شفتيها الرفض فاتجهت لعاصم جالسه بجواره و تأبطت ذراعه هاتفه باقرار لتضع حنين امام الامر الواقع: لا يا عاصم انت تقول له مبروك اتفضل علشان نشرب الشربات و لولولولولى.
ابتسم عاصم لفرحتها التى رسمتها ببراعه على وجهها ثم عاد ببصره لحنين متسائلا: مظبوط الكلام ده يا حنين!

اغلقت حنين عينها لحظات فضحكت سلمى تمنعها من التفكير حتى لتقف قائله بمزاح و قوه نبرتها اخبرت حنين ان سلمى انهت الامر بل و جعلت الامر يبدو لعاصم موافقه حقا: خلاص بقى يا كازانوفا متكسفهاش.
ثم اضافت بمرح و هى تضع يدها على كتف حنين تضغطه بخفه كأنها تحذرها: انا أقنعتها تنجز و توافق يمكن ألاقى في الفرح عريس مناسب، انا عاوزه اتجوز برده.
نهض عاصم واقفا يطالعها بحده صارخا بها: عاوزه ايه يا سلمى!

ابتعدت عنه خطوات للخلف تقهقه لتهمس بتراجع: دا طبعا بعد موافقتك يعنى، ثم عادت اليها روح التمرد لتضع يدها بخصرها معانده بدلال: و بعدين انا الكبيره على فكره.
قبض عاصم كفه و هى تتمايل امامه برعونه و دلال اشعل غيرته عليها و اشار لها لتقترب قائلا: انتِ بعدتِ ليه طيب قربى هنتكلم.
ضحكت حنين مرغمه و سلمى تشيح بيدها مبتعده عنه اكثر صارخه: لا انت ايدك تقيله، اقصد كلامك يعنى..

ضحك عاصم و هو يجذب يدها ليحاوطها ضاما كتفها لصدره و باليد الاخرى ضم رأس حنين اليه فأسرعت شذى تتعلق بعنقه ليغلق عينه مفكرا للحظات انه من الممكن ان يأتى يوما ليخلو المنزل من عناد سلمى و تمردها، هدوء حنين و حنانها، و بعد زمنا دلال شذى و مشاغبتها و ربما يخلو ايضا من جنته.
فتح عينه مانعا عقله من الاسترسال بأفكاره التى باتت تشغل معظمها ان لم يكن جميعها و تمتم بهدوء: ربنا يخليكوا ليا.

ارتفع رنين الهاتف بيد اكرم ليجده عاصم فأجابه بضيق ليخبره باختصار عن معرفته لمكان شقيقته فهرع اكرم اليه.
اجتمعت العائلات معا و قصت ليلى عليهم مكالمه والدها فانتفض اكرم واقفا ليصرخ بغضب: انا مش هسمح لحد يأذيها.
وقف عاصم امامه قائلا بقوه و ثقه: مش هنسمح.
تجاهله اكرم و هو يستمع لحديث هاله القلق: طيب هنتصرف ازاى!

اشاح اكرم يده بسخريه و هو يهدر بنفاذ صبر متجاهلا وصيه والدته ببقائه و شقيقته وسط العائله: هاخدها و ابعد.
و هنا جاء الرفض قاطعا عندما هدر عاصم بصوت اكبر: لا.
التفت اليه اكرم و غضبه يعميه الان فهل بعدما عثر عليها يخسرها هكذا ببساطه، ابدا لن يسمح و ان كلفه الامر حياته.

نهض فارس ليضع يده على كتف عاصم متمتما بهدوء ينافى ما اصاب الجميع من ارتباك في هذا الموقف: ليه لا يا عاصم اكرم فعلا لازم يبعد بها من هنا لانها بالنسبه لهم عار و انت عارف البنت لما بتبقي عار بيبقى حياتها الثمن.
انتفض عاصم بغضب تعجبه الجميع عدا عز الذى راقب الامر و القرار الذى اتخذه ليلا بعد تفكير عميق يترسخ بعقله اكثر و خاصه عندما صاح عاصم و هو يدفع يد فارس عنه: انا هحميها منهم كلهم.

ثار اكرم قبالته فالموضوع حياه شقيقته ربما يستطيع هو مجابهتهم و لكنها لن تفعل و هتف باستنكار هازئ اثار جنون عاصم اكثر: هتحميها ازاى بقى! و بصفتك مين!
ثم اشاح بيده بسخريه جعلت القليل الباقى من عقل عاصم ينفذ: اتكلم كلام معقول،
كاد عاصم يهجم عليه يغير خريطه وجهه و لكن يد فارس منعته،
فهل يدرك احد ما يموج بصدره الان!

لا يفكر فيما يسمى ما يشعر به، و لا لماذا يشعر به من الاساس، و لا من تكون بالنسبه اليه غير انها ابنه خاله، فقط يفكر و يشعر و يعرف انه ابدا لن يتحمل فكره خروجها من حياته و لن يسمح بهذا، ابدا.
قطع عز الفرصه عليهم لاستكمال خلافهم و تمتم بثقه و هو ينظر لشقيقه - اسامه - و قد قرر الافصاح عن قراره: انا عندى حل هيحل المشكله دى كلها!

عم الصمت قليلا و مع نظرات عز ادرك اسامه ما يهدف اليه فيبدو ان التاريخ يعيد نفسه بكل ما به من تفاصيل فابتسم مانحا اياه الموافقه على قراره.
بينما تحدث اكرم ناهيا الامر: الموضوع مش محتاج حلول انا هاخد اختى و همشى انا مستحيل اعرض حياتها و حياتى كمان للخطر.

اتجهت ليلى اليه تمسك بيده ليغمره شعور غريب و جزء من والده يحتضن كفه بمثل هذا الدفئ و قبل ان تنطق تحدث عز مجددا و هو يطمئن اكرم: الحل اللى عندى يا اكرم مفيد في حاجتين اولا ان انت و جنه هتفضلوا وسط العيله، ثانيا هنحمى جنه من بطش كباره العيله و انت كفيل تحمى نفسك.
عقد ما بين حاجبيه و ليلى تتوسله بنظراتها ان يستمع اليهم فتمتم بتساؤل: و ايه هو الحل؟
ابتسم عز ناظرا لشقيقه مجددا و هتف بثقه: ان جنه تتجوز.

صمت خيم المكان و تعجُب صاحبهم بينما طارت جنون عاصم تكاد تحرق والده على عرضه، حسنا هو يرغب في حمايتها، و ابدا لن يسمح بسوء يمسها و لكن ان يتركوها تعيش و يدفعوه هو للموت!
كان وقع الكلمه كفيلا باشعال نيران غضبه، اندفاعه و غيرته.
تخيل عالم خاص بها و لكن مع اخر كان له وقعا مؤلما على نفسه، كمن يلقى بحفنه ملح على جرح حى، ببساطه هم يسحبون روحه تدريجيا دون التفكير في وقع الامر عليه.

بعرضهم هذا هو سيراها و لكن يُجبر نفسه على عدم رؤيتها، سيشعر بها و يجبر نفسه على قتل شعوره، يرى ابريقها العسلى و يمتنع مجبرا عن الغرق فيه.
عاد للواقع مع تساؤلات الحضور عن كيف يحميها أمرا كهذا فأردف اسامه هذه المره و هو يبادل شقيقه الابتسامه: مش الجواز نفسه لكن جوازها من شخص معين هو اللي هيحميها.

و عادت التساؤلات عمن سيكون حاميها بينما هو حك جانب فمه بغضب اسود فهو لن يسمح بحدوث ما يقولون، هو فقط سيحميها.
سيمحو كل من يقترب منها، سيحرق كل من يفكر في أذيتها، سيفعل ما في مقدرته و ما لا يقدر عليه ايضا و لكنه ابدا لن يسمح لها بالزواج من غيره.
و و الله لو بمقدور رجلا أخر حمايتها سيقتله حتى لا يكون امامهم غيره.
عاصم عز الحصرى.
اتسعت عينه بدهشه عندما هتف عز باسمه يحاول استيعاب ما قيل.

عندها صاح اكرم بحنق فهذا اخر شخصا قد يتمناه لشقيقته: و دا هيحميها ازاى؟
تنهد عز متذكرا ما صار بالماضى و تمتم موضحا الامر باختصار: لما اسامه قرر يتجوز هاله و حصلت مشاكل كان ابوها عاوز يقتلها لما فكرت تعصيه و كان فعلا ناوى يقتلها بس هروبهم منعه و لما اتجوزوا رجعوا تاني و لما ابوها فكر يأذيها فاكرين مين منعه!
هتفت هاله بتذكر: حمايا.

اردف عز و هو يتذكر موقف والده: بالظبط كده و قال وقتها لوالد - هاله - دى بقت من عائله الحصري و طالما بقت مرأه ابنى يبقى بقت مننا و قتلها يعتبر تعدى و هيبقى بينا و بينكوا باب تار، وقتها الحاج مدحت تراجع تماما عن فكره أذيتها علشان ميفتحش تيار دم جديد.
اردفت ليلى بعدما ادركت ما يشيرون اليه: و دلوقت لما عاصم يتجوز جنه بابا مش هيقدر يأذيها لانه مش هيفكر يفتح باب عداوه مع حمايا، صح كده؟

اومأ عز موافقا: بالظبط كده.
بينما كان اكرم في تفكير اخر، هذا الحل كما يزعون يحقق وصيه والدته تماما.
عودتهم للعائله و زواج شقيقته من احد افرادها.
و لكن ان يكون هذا الفرد هو هذا المتعجرف هذا ما سيجبره على التفكير في الامر قليلا.
نظرت نهال لعاصم و هى ترى به حمايه متكامله لابنه شقيقتها فرجلا مثله بقوته، مركزه، عدم تهوانه و عنفه اذا تطلب الامر دون تفكير بالعواقب، هو المراد تماما لمواجهه بطش الكبار.

اقترب عز من عاصم واضعا يده على كتفه يسأله بهدوء: ايه رأيك يا عاصم!
قطع اكرم اجابه عاصم وهو يهتف: المفروض الكلام ده ناخد فيه رأى جنه الاول.
و هنا حاول عز اقناعه ان العائله لن تتخلى عنهم مجددا و ان هذا هو الامر الصائب الان بينما عاصم يواجه الان صراعه الداخلى المعتاد بين عقل يكاد يجن من افعاله و قلبا جن بالفعل منذ لقاءها.
يحدثه عقله ساخرا هل حقا يسعى لحمايتها فقط!

و ان كان يفعل فلماذا احرقته فكره زواجها و لماذا يُسعده زواجه منها!
هل يدق قلبه لا لضخ دمه فقط كما اعتاد بل ليعيش بداخله امرأه!
و يصرخ قلبه بالاجابه و لكنه يصم اذنيه عمدا عن سماعها.
فكيف يصارح نفسه انه يريد ان يتزوجها، ينام كل ليله على صوتها و يستيقظ في الصباح على همساتها!
كيف يعبر عن رغبته بأسرها بين ذراعيه و مداعبه جفونها بشفتيه، عن رغبته باخبارها بحبه كل يوم و سماعها منها كل دقيقه!

كيف يشرح شغفه بنُسخ صغيره منها ليداعبها و يدللها عندما تنشغل هي عنه، هوسه بالغرق في ابريقها العسلى و رغبته بازاله دموعها و رسم الضحكه على ثغرها الوردى!
كيف يقول انه يريد ان يكون هو من يزين بنصرها بحلقه ذهبيه تحمل اسمه و تزين هي عمره بوجودها، انه يريد ان يكون هو من يزين جيدها بالماسات و يمنحها الدفئ بقبلاته!

كيف يقول ان امنيته رؤيتها تكبر و تكبر حتى تصير عجوز بشعر ابيض و اسنان متكسره و تجاعيد تملأ وجهها!
و مع كل اجابات قلبه لم يسمعها بل وتجاهلها، هو فقط و فقط يحميها.
و اقنعه عقله هو ابن الحصرى بسيطرته و تحكمه لا يقبل ان يخرج شيئا عن طوعه هذا فقط و لا يوجد اى شئ تافه اخر.
لم يدرك مدى شروده سوى عندما صرخ والده بوجهه فحمحم و هو يجيب على سؤاله: انا موافق.

فرحت ليلى بشده و منحته نهال نظرات امتنان بينما اشاح اكرم بوجهه عنه هو يوافق الان فقط لصالحها و السبب الاكبر هو وصيه والدته.
تجاوز عاصم نظرات الجميع من حوله و تمتم بجديه: انا مش عاوز جنه تعرف حاجه عن الاتفاق ده و الامور تمشى طبيعى.

وافقه الجميع و هنا طلب اكرم رؤيتها فابتسمت ليلى و هى ترى لهفته و قبل ان تصعد قال و هو ينزع سلسال يرتديها بعنقه يتدلى منها سوار صغير: بلاش تقولى لها انه انا اديها دى بس و هى هتعرفنى.
اخذتها ليلى و تحركت للاعلى طرقت باب الغرفه التى اجتمعت الفتيات بها بعدما اصدر عاصم اوامره بعدم الخروج لوجود ضيوف بالاسفل، توضيح بسيط ثم استدعاء بنبره حانيه: في ضيف عاوز يشوفك يا جنه.

نهضت واقفه تنظر لها بتعجب عبرت عنه بسؤالها المباشر: ضيف عاوزنى انا! مين ده؟
ابتسمت ليلى و اقتربت منها ممسكه بيدها مما دفع القلق لقلبها حتى وضعت شيئا ما بيدها فنظرت جنه اليه لتتسع عينها بصدمه و هى ترى سوارها التى اجبرت اكرم على ارتدائه عندما كانت صغيره، رفعت عينها لليلى التى ابتسمت لها بحنان لتلمع عينها بالدموع و هى تردد بصوت متقطع كأنها تتأكد: ا، اك، اكرم، اكرم.

و مع اماءه ليلى ركضت جنه دون التفكير في اى شئ فقط هرولت لرؤيته، و شاركتها دموعها لتتساقط على وجنتيها معلنه عن مدى فرحتها، اشتياقها و احتياجها له.

و بمجرد ان هبطت عده درجات حتى تبينت الجلوس، نقلت بصرها بينهم في لهفه، ثلاث شباب لا تعرفهم و عاصم معهم كان اول من انتبه اليها تلاه هذا الذى لمعت عينه بدهشه فور رؤيتها، عوده قليله للماضى، خاصه يوم المؤتمر لتتذكره، هو بنظراته، تعجبت هى يومها مدى الارتباط في الشبه بينه و بين شقيقها و لكنها ابدا لم تكن تتخيل انه بالفعل شقيقها.

خرجت منها شهقه صغيره و هى تضع يدها على فمها لا تصدق و كذلك هو فور ان رأها تطلع اليها بدهشه، عرف هو ابريق العسل خاصتها و لكنه كذب احساسه ذلك اليوم و يا ليته لم يفعل.

تقدم اليها خطوه فهبطت هى باقى الدرجات بسرعه لتقف عند اول الدرج تنظر اليه دون ادنى انتباه لمن حولهم، اقترب هو خطوه اخرى فكادت تعودها للخلف من فرط تعجبها، خوفها و التشتت الذى اصابها و لكنها لم تفعل بل تحركت للامام مسرعه مع تلك الدموع التى غشت عينها فلم تنتبه للمقعد امامها تعثرت به لتسقط ارضا ليركض هو اليها يحاوط كتفيها بكفيه يُنهضها و عينه تخبرها بوضوح عن شوقه اليها، لهفته لرؤيتها، ندمه و اعتذاره.

رفعت يدها ببطء و وضعتها على وجنته كأنها لا تصدق انها في واقع الان، مررت اصابعها على وجهه بينما اغلق هو عينه و هو يستوعب عدم تصديقها للامر، لتتساقط يديها على كتفيه ثم تهبط لتحتضن يديه لتتوه اصابعها الصغيره في دفء كفه كما كانت تفعل دائما بصغرها فضغط هو يدها بخفه لتطلق هى اه طويله قبل ان ترتفع يديها لتحاوط عنقه دافنه وجهها في كتفه تاركه العنان لانفاسها بالتقطع بكاءا و جسدها بالانتفاض اشتياقا و يدها تتمسك به خوفا و عتابا.

لا يدرى متى او كيف سقطت دمعه هاربه لتبلل حجابها ضاما اياها اليه بقوه اكبر، كان يخفيها به بقسوه و لين، يعتذر اليها بقوه و ضعف، يعبر عن لوعته و شوقه بشغف و حنان.
جمع حضنه كل ما فقدته في حياتها، كانت تتمسك به كغريق يتمسك بأخر طوق نجاه، كطفل وجد امه بعدما عانى من مراره التيه، كفقير اكتسي بعدما قاس برد العرى.
عادت هى لوطنها بعد طول غربه، الان و الان فقط تستطع القول انها وجدت الدفء بعد طول صقيع حياتها.

تطلع الجميع بهم في حنان جارف فما هذا الذى يعادل فرحه اللقاء بعد فراق دام سنوات و سنوات حتى اكتفى كلاهما من البعد و كانت هذه حراره اللقاء.
بينما يقف عاصم يتلوى غيظا لا يدرى مصدره، يد اكرم على خصرها و يده الاخرى تُمسد ظهرها، انفه التى اختفى في طيات حجابها و وجنته تلامس خاصتها، يديها التى تتمسك بثيابه و عينها التى تخفيها في كتفه، شهقاتها على صدره و راحتها بين يديه.

شعور كوى قلبه ليختبر لاول مره ما معنى شعور الغيره حقا.
يغار على شقيقاته و لكن ها هنا يختلف الامر، حارق و بشده يكاد يمزق صدره و براكين نفسه تشتعل ليُبعدها عن حضن اخيها قسرا ربما ليحتضنها هو.
لتكن يديه محل يدى شقيقها تداعب خصرها، لتكن وجنته هى ما تعاكس وجنتها و ربما شفتيه من تفعل.

نفض رأسه يمنع ما يسرى بداخلها من افكار وقحه و هو يرى اكرم يبتعد عنها لتمحى اصابعه دموعها ليزداد هو غيظا و صوت الحمقاء يقتله مع بحه الشجن الذى ظهرت جليه بصوتها و هى تقول بعتاب: قولت لك متسافرش و تسيبني بس انت عاندت و بعدت.
ضم وجهها بكفيه يعتذر بضعف تعجبه عاصم في رجلا مثله: انا اسف حقك عليا.

ضربت صدره بيدها غاضبه و لمعت عينها بطفوليتها كأنها تريد استعاده فتاه الخمس سنوات و هى تتمسك بأخيها فهتف اكرم مره اخرى: سامحينى يا جنتى.
اشتعلت اوداج عاصم و هو يستمع ل اللقب الذى اطلقه اكرم، فهى جنته هو و فقط.
ابتسمت جنه و هى تفتح يدها ليظهر سلساله و سوارها فابتسم بالمقابل و هى ترفع يدها لتضعها حول عنقه متمتمه بتذكر: فاكر قولت لك ايه و انا بلبسك الاسوره دى اول مره.

اتسعت ابتسامته بحنين و هو يتذكر عندما كانت في عيد ميلادها الخامس و رغم انه من المفترض ان تكون الهدايا لها لكنها اهدته هذا السوار فهمس مرددا ما قالت له وقتها: قولتِ علشان لما تتوه نعرف نلاقيك.
ضحكه قصيره فارقت شفتيها و هى تحاول تذكر ملامحه وقتها و رفضه الرجولى الصغير و هتفت مجددا: طيب فاكر انت قولت لي ايه؟

انتهت من وضع السلسال فأمسك يدها مقبلا اياها و هى يردد رده وقتها بنزق: اضايقت جامد و اعترضت و قولت لك دي بناتي و انا راجل.
ضحكت و هى تحتضنه مره اخرى و تمتمت بشرود و هى تتذكر كلمات والدتها لوالدها: و انا قولت لك بعدها هتفضل في نظرى راجلى الاول و الاخير.

ابعدها عنه ضاما كتفها اليه ليطبع قبله على جبينها لترفع هى عينها للحضور اخيرا لتجد هاله تجلس على اريكه مجاوره فابتعدت عنه متجه اليها لترحب بها بفرحه، ثم حديث قصير و سعدت لما اتاها من اعتقاد فسألت مباشره: حضرتك يا طنط اللى عرفتِ اكرم مكانى!
ابتسمت هاله لتُجلسها بجوارها نافيه برأسها ثم اشارت على عاصم هاتفه بتوضيح: لا عاصم اللى عرفه.

استدارت لتنظر اليه ليهولها نظرات الغضب المشتعله بعينيه لترمش بعينها عده مرات ونظراتها تلمع بخوفها المعتاد منه و لكنها لن تستطيع انكار امتنانها له على اول امر جيد يقوم به منذ تاريخ وجودها هنا، حاوطها هو بحصونه السوداء قليلا و مازال صدره يشتعل غيظا و غيره و لكنها هربت من حصار عينيه مسرعه متجاهله حتى كلمه شكر.

اقترب اكرم منها مقررا اخبارها بأن من تجلس وسطهم الان هم عائلتها، نظرت اليه بابتسامه واسعه وهو يهتف: في حاجه مهمه لازم تعرفيها.
عقدت حاجبيها متسائله فنظر حوله لحظات و قد تأهب الجميع لرد فعلها حتى عاد ببصره اليها مصرحا: اهلنا يا جنه، اهل بابا و ماما هن...

قاطعته بعصبيه و هى تشيح بوجهها عنه متذكره غضب والدها الدائم منهم، كره حديثه عنهم حتى باتت تكرههم دون ان تعرفهم حتى و هتفت بكره واضح و نفور اشعل الخوف بقلب افراد العائله: مش عاوزه اتكلم عن حد فيهم ابدا، انا عندى عيله واحده و هى انت، بابا مكنش بيحبهم و انا بكرههم و مش عاوزه ابدا اعرفهم.

نظر اليها اكرم متعجبا كرهها الزائد و لكن يبدو ان والده كان بحق يكرههم على عكس والدته التى طالبته بالرجوع اليهم، رفع عينه ليجد ليلى تطالعه برفض و تنهيه عن القول فنظر ارضا محتفظا بالصمت فربما عدم معرفتها بالامر الان هو الحل الامثل.
ابتسمت ليلى تحاول تجاوز التوتر الذى اصابهم و امسكت يدها لتلتفت جنه اليها مبتسمه حتى فجرت ليلى ما لديها من قنبله بعثرت جنه تماما: جنه، عاصم طلب ايدك من اخوكِ.

ثم وضعت يدها على وجنتها بدفء ام و هى تردف: توافقى تتجوزيه!
اتسعت عين جنه بذهول اصاب اطرافها بشلل عاجزه تماما عن الحركه مع شهقه خوف فارقت شفتيها.
زواج!
ومن ذلك المتعجرف، من ذلك الذى تكرهه كما لم تفعل مع احد، ذلك الذى اهانها و اذلها و فعل كل ما يجلب الدموع لعينيها، ذلك الذى وضعته موضع كوثر و كرهته مثلما تكرهها و اكثر.

صراخه بها، غضبه عليها، عنفه معها، غروره و تعجرفه، اوامره و تعليماته، صوته العالى، وجهه العابس، خوفها منه، كرهها له، رغبتها في عدم رؤيته، نفورها و اشمئزازها من قربه.
كل هذا ينتهى ببساطه بعقد زواج يجمع اسمها باسمه، امضاء يدفع بجسدها لجسده، وعد لتعانق روحها روحه، كيف هذا و هى حتى لا تطيق ان تكون انفاسها في نفس مكان انفاسه!
كيف هذا و هى تكره ان تلتقى عينها بعينيه!

بحق الاله كيف هذا و هى تكره مجرد ذكر اسمه!
افاقت من شرودها الذى رسم على وجهها اشد علامات الرفض ليحترق بها قلب عاصم و هو يترقب ردها عندما وضع اكرم يده على كتفها يتسائل بعدما رأى بعين عاصم ما دفعه للاطمئنان قليلا: ايه رايك يا جنه! تحبى تاخدى وقت تفكرى!
و هنا رفعت عينها اليه بقلق لون مقلتيها و خوف اشعل روحها و هى تهتف: لا.
ابتسم اكرم محاولا استشفاف موافقتها او رفضها صراحهً: لا يعنى انتِ موافقه!

انتفض جسدها لمجرد الفكره و حركت رأسها مسرعه نفيا و هى تصيح بتوتر و تردد و الاسوء بفزع: لا لا.
و قبل ان يتحدث احد او حتى تنظر اليهم اختبئت بكتف اكرم هامسه بخوف قتل عاصم و هو يراه بها و للاسف هو السبب فيه: خدنى من هنا، انا عاوزه امشى.
حاولت ليلى الاقتراب منها و لكن اكرم اوقفها باشاره بعينه و هو يضم جنه متحركا بها للخارج مخبرا اياهم انه بحاجه للتحدث معها بمفرده.

جلس و اجلسها بجواره يُمسك بيدها، يتحدث و يستفسر و يحاورها و احيانا يكذب، هو يرغب في تنفيذ وصيه والدته، يرغب في معرفه اسرار الماضى التى دُفنت، عرف ان جنه هنا منذ شهور و هذا يعنى انها اعتادت عليهم، تحبهم و لا مشكله لديها في القرب منهم، زواجها من عاصم ربما افضل حل في الوقت الحاضر، هو مدرك جيدا لغرور عاصم وتعجرفه و لكنه اليوم ادرك خوفه عليها و اهتمامه لامرها ليس من حديثه فقط و لكن من نظراته ايضا، ربما لم يلاحظ احد و لكنه لاحظ نظرات الترقب و الانتظار بعينيه عندما سألت والدته شقيقته عن رأيها و رأى نظرات الصدمه عند رفضها له، المتعجرف تعركل بإبريق شقيقته العسلى و ان اخفى ذلك، و حقيقه هو كأخ لها لا يتمنى زوجا افضل منه اليها، مكانته، منصبه، حياه اجتماعيه رائعه، مستوى مادى عظيم، رجولته و قوته، سيطرته و اخيرا ما رأى اليوم في عينيه من اعجابه و حبه.

ماذا قد يتمنى لشقيقته اكثر من ذلك.
حاول معها لاقناعها بكل ما يملك من طرق مستنبطا انها تحكم عليه ظاهريا لم تحاول التعرف عليه او فهم قلبه بدلا من مواقفه.
هو رجلٌ و يفهم جيدا ما يفعله عاصم بعنجهيته و لمسئوليته تجاهها سيدفعها لفرصه ربما تكون اصح و اصدق و افضل الفرص بحياتها.
رغم عدم حبه لعاصم، عدم قبوله لتعجرفه إلا انه للعجب يشعر بالاطمئنان على شقيقته معه.

يشعر بأنه حقا من سيحميها و يدافع عنها بل و يُفديها بنفسه قبل اى شئ اخر.
ولهذا اوضح و اوضح وشرح و فسر حتى قبلت جنه بحديثه رغما هنا فهو و ان لم يتعمد أجبرها و هى تعودت على الخنوع دائما و ها قد خضعت.
قطع فارس حديثه معها عندما جذب اكرم بعيدا ليخبره ان كبار العائله سيكونون هنا بحلول نهايه الاسبوع فلابد من عقد القران قبل نهايته.

عاد اكرم اليها مشتتا فكيف يقنعها بهذا التعجل الان و لكنه كما اجبرها للموافقه اجبرها على قبول الامر بحجه انها هنا منذ شهور و لابد انها اعتادت عليه، و بعد اعتراض، خوف، تردد و امام اصرار شقيقها التى شعرت به يرغمها دون ارادتها وافقت و قلبها يصرخ خوفا فحتى بعد عودته لا تجد الامان الكامل فهو سلمها ببساطه شديده لغيره، لغيره تكرهه كما لم تكره احد..

و لرغبه اكرم في منحهم فرصه اكبر للتعرف على بعضهم البعض طلب من عاصم ان تظل جنه في بيته و كزوجته و لكن دون الدخول بها حتى تعتاد عليه و تتوقف عن فزعها منه و تَقَبَل عاصم ذلك بالفعل فهو كان سيفعله دون طلب فهو لن يعترف بحبه و رغبته بها حتى تتخلص من كرهها له و خوفها منه و تحبه بل و تصرخ بها اليه اولا.

و اكتمالا للترتيبات الضروريه لوجود كبار العائله هنا قرر فارس ان يطالب والد حنين بعقد قرانه عليها ايضا و بعد مشاورات و تفكير تم الاتفاق على الامر على ان يكون العقد قبل نهايه الاسبوع.

اصطحب اكرم جنه معه للخارج لتقضيه يوما مستعيده ذكرياتها معه بينما اجتمعت ليلى ببناتها مخبره اياهم حقيقه جنه و علاقتهم الاسريه، تعجب و اعتراض و تمرد من سلمى على عدم اخبارها و عتاب من حنين على اخفاء الامر و لكن شرحت ليلى ما اجبرها على ذلك ثم اخبرتهم بالمفاجأه الكبرى و هى زواج شقيقهم من جنه في القريب، فرحه ام حزن، تعجب مستنكر ام دهشه سعاده، فقط حاله غريبه من عدم استيعاب لما صار و خاصه مع معرفه حنين عن عقد قرانها هى الاخرى في غضون ايام.

مرت الايام و قررت سلمى مفاتحه والدها في امر عملها فهى لن تتنازل عنه الان رغم معرفتها انه لن يوافق بالاضافه لعاصم الذى لا تتعدى موافقته نسبه الواحد بالمائه و لكنها ستهدف لموافقه والدها و بعدها لن يستطيع عاصم الرفض.

يعتقد كل ذى قوه انه الاقوى و يا ليته يدرك ان لكل ظالم من يُظلمه و لكل قوى من يُضعفه.
عندها و يتوقف كل شئ، تتبدل خارطه افكاره و تتبعثر نبضات قلبه.
و امام من ظلمها، ابكاها و اشعرها باليتم قولا و فعلا كاد عقله يجن غضبا و جسده يشتعل قسوه و هو يتحرك ليدلف للشركه التى تستقر بها زوجه خاله.
مع كل خطوه يتوعدها، ستندم اشد الندم و يعرف كيف يفعل هذا.

خطوات متزنه، عين حاده و انفاس ملتهبه تكاد تحرقها و هو لم يراها بعد.
كانت كوثر جالسه بمكتبها تطالع بعض الاوراق التي جعلتها في قمه غضبها فأرباح الشركه تتناقص و معظم صفقاتها تفشل و هبطت اسهمها لمستوي متدنى في الاونه الاخيره و لا احد يعرف السبب.

ارتفع رنين الهاتف الداخلى و قبل ان تُجيب وجدت باب الغرفه يُفتح ليدخل هو بحضوره الطاغى ليجلس على المقعد امام المكتب واضعا قدم فوق الاخرى ناظرا اليها بثبات ادهشها ثم ما لبث ان دب الرعب بأوصالها، اشارت للسكرتيره بالخروج بعدما كانت تصرخ به لدخوله المفاجئ مغلقه الباب خلفها لتترك كوثر تكاد تلتقط انفاسها و هى تخمن سر هذا الزياره الغير متوقعه ابدا.

و بأقصى ما تملك من ثبات نظرت اليه مرحبه به بعمليه متمتمه بثقه اعجبته رغم شعوره الاول بتوترها: سياده النقيب عاصم الحصري بنفسه في مكتبى انا مش مصدقه نفسى.
ارتفع جانب شفتيه بابتسامه هادئه و هو يستند بمرفقه على المكتب امامها دون رد فاعتدلت هى في جلستها مستنده بظهرها على مقعدها تتسائل مجددا: رغم انك تشرف في اى وقت بس احب اعرف سبب الزياره!

ظل على صمته قليلا فأخرجت هى عبله سجائرها تُشعل احداها لتنفس بها غضبها، توترها و ارتباكها فاتسعت ابتسامته اكثر مع اهتزاز قدمها و الذى اوضحه صوت حذائها، نقرها بأصابعها على المكتب و دخان سيجارتها يحوم حولها لتلاحقه بأخر مسرعه.

ظل الصمت بينهم لحظات قبل ان تمتد يد عاصم ليعبث بكرة بلوريه تمثل خريطه للعالم موضوعه على المكتب امامه ليُديرها بصمت و هو يبتسم بلامبالاه و عينه تحمل نظره مشاغبه ثم تحدث بهدوء شديد محافظا على ابتسامته مع بطء نبرته و تقطع كلماته: جنه، ماجد، الالفى.

ظل ينظر للبلوره قليلا قبل ان تتسع ابتسامته ليرفع عينه لتقع على تلك التي اتسعت عينها بدهشه ثم اخذت تسعل بتوتر وضح جليا له عندما اطفأت سيجارتها بسرعه لتستند بيديها الاثنتين على المكتب امامها ثم قالت بتلعثم و هى تتجنب النظر اليه: معرفش عنها حاجه.

ثم امتدت يدها لعلبه سجائرها مره اخرى لتُخرج واحده و تشعلها لتسحب نفسا عميقا زاد من اتساع ابتسامته مستمتعا بارتباكها، ثم مال للامام قليلا هامسا بخفوت: متأكده؟

اومأت مرتبكه فهمهم عاصم متفهما ثم نهض مقتربا منها حتى وقف خلفها و انحنى بجذعه واضعا يد على المكتب و يدا على المقعد الذي تجلس عليه ليُديره قليلا لتواجهه و نظر لعينها مباشره لترى هى جحيما معد لها في عينيه و اسهمه السوداء تخترق صدرها لتستقر بقلبها لينتفض هلعا و همس بنبره تحمل من القسوه بقدر ما تحمل من الهدوء: يعنى متعرفيش حاجه، و لا مضتيها على تنازل عن ورثها، و لا حرمتيها من دراستها، و لا ضربتيها يوم المؤتمر، و لا كنتِ بتعامليها على انها خدامه عندك، لانك ببساطه متعرفيش حاجه عنها، مظبوط!

عادت بجسدها للخلف بخوف لم تستطع اخفاؤه هذا المره، كذبت على اكرم هى من قبل و لكنها حتما لن تستطيع الكذب على عاصم مهما فعلت فهو قبل ان يأتى اليها بالتأكيد عرف ما يريد، فوظيفته أماتت قلبه و علمته جيدا كيف يتعامل مع اكثر المجرمين احترافا أفسيجد صعوبه في التعامل معها!

اقترب منها اكثر حتى اصبحت المسافه بين وجهها و وجهه لا تُذكر هاتفا بأمر صارم و مازال على هدوءه: عاوز العقد و عليه توقيعك بالتنازل عن الورث لصاحبته.
ثم ابتعد عنها واضعا يديه بجيب بنطاله قائلا باقرار حاسم اكثر من كونه سؤال: تمام؟

دفعت المقعد بجسدها للخلف لتبتعد عنه قليلا و ازدردت ريقها بصعوبه متمتمه بصوت متردد و لكن حمل من الاصرار ما دفعه للجنون غضبا: هي اتنازلت و خلاص و انا اللي بنيت الشركه و كبرتها و كل ده مجهودى حتى لو بفلوس ماجد لكن انا اللى تعبت فيها و مش مستعده اتنازل عنها لحد حتى لو لبنته.

ضحكه قصيره تبعها برفع اصابعه ليمررها بخصلاته محاولا كبح جماح نفسه حتى لا يقتلها و صدقا لن يندم ان فعل ثم فاجأها بهدوءه و الاغرب قبوله صائحا: و انا موافق، افرحى بالشركه زي ما انتِ عاوزه.
ثم ابتسم بسخريه و هو يشير بيده على المكان من حوله باستخفاف مانحا اياها اجابه على تساؤلات الجميع عن سبب تدهور احوال الشركه عندما همس ببطء و غمزه عابثه: رغم انى اعتقد انك مش هتفرحى بيها كتير.

حدقت به بذهول، ببساطه يخبرها انه السبب، هو من يدفع جهدها كله دفعا للهاويه، هو يستغل سلطته، قوته و مكانته في سوق العمل ليسحقها و هى الساذجه لم تفهم.
كانت محقه عندما ادركها الخوف من خروج تلك اليتيمه من بيتها و ها هى بدايه الحرب فقط و البقيه تأتى.

نهضت عن مقعدها بغضب و هى تضع السيجاره على حرف المطفأه لتصيح به و يا ليتها لم تفعل: انت، انت السبب في اللى بيحصل في الشركه، هتستفيد ايه لما الشركه تقع؟ انت فاكر انك كده هترجع لها حقها و ورثها!
ثم اشارت له بسبابتها هادره دون ان تأبه لاى شئ: غلطان، كده حقها مش هيرجع.

خطوات قليله باتجاهها تراجعتها هى مسرعه و هى ترى عيناه تشتعل بالجحيم فهى ضغطت على اسوء ما يكرهه و يغضبه دون ان تُدرك ثم توقفت لتتسع عينها بصدمه و هو يمد يده ليسحب سيجارتها المشتعله ليمنحها اياها ضاحكا فحملقت به و كالمغيبه و دون فهما لفعلته اخذتها منه فتراجع خطوه و ردد بادعاء للتفكير: امممم، هستفيد ايه؟
ثم نقر على المكتب و هو يردد مجددا ماطا شفتيه دلاله على استغراقه في التفكير: هستفيد ايه؟

ليتوقف بعدها و بخطوات واسعه تحرك ليقف امامها و قال بصوت هادئ يناقض انفاسه المتسارعه و هو يمنعها تفكير سيرهقها دون داعٍ: متشغليش بالك باللى انا هستفاده،
ثم ابتسم مائلا عليها قليلا ليشملها بنظراته ببطء ادخل الذعر لقلبها متمتما بتساؤل: و بعدين مين قال ان حقها مش هيرجع!
عاد برأسه للخلف عابثا و هو يرفع احدى حاجبيه بدهشه مصطنعه مشيرا على صدره بسبابته ليتسائل باستنكار: انا قولت مش هيرجع!

ثم ضحك بمرونه و هو يعدها غامزا بثقه: هيرجع و كامل و حياتك.
تسمرت كوثر مكانها و هى تعجز تماما عن الحركه، الرد او حتى ابداء اى فعل امام نظراته، كلماته، ثقته، قوته و ما تعرفه عن قسوته و تبلد احساسه.
اطلق صفيرا قبل ان يقترب مسرعا منها ليجذب سيجارتها من بين اصابعها بعدما كادت تحرقها دون ان تنتبه لها تلك التى تجمدت تماما لتلمح عينها ابتسامته المخيفه تتراقص بثقه مستهزءا بها: حاسبي تحرقي ايدك،.

ثم استدار و وضع السيجاره بالمطفأه مره اخرى ثم عاد اليها و هي مازالت متخشبه مكانها قائلا هو ينظر ليديه ينفضها بهدوء: هقولك مقوله حلوه انا بحبها و كانوا دايما يقولوها لنا و احنا صغيرين اللي بيلعب بالنار بتحرقه
ثم رفع رأسه مانحا اياها نظره غضب اهلكت كل مقاومتها امامه لتضع يدها على صدرها تحاول تجنب قلقها منهيا حواره و وجوده بأخر كلماته: حافظى على نفسك بقى يا، مدام كوثر..

وقف امام بابا مكتبها و قد اختفت ابتسامته لتحتد عيناه بقسوه قبل ان ينفذ خطته البديله فأخرج هاتفه طالبا احد الارقام ليقول كلمه واحده قبل ان يبتسم بخبث مدركا ما سيسقط على رأسها من مصائب شتى: نفذ.
و بالداخل هى تحاول ضبط انفاسها التى تسارعت بقلق، فسياده النقيب لم يمنحها فرصه لتُفكر بل قرر و واجب عليها التنفيذ و لكنها ابدا لن تفعل.

تهمها حياتها و لكن ماذا تعنى الحياه بدون رفاهيه، سعاده، اموال و مكانه مرموقه.
هى من شيدت كل هذا هنا فكيف تتخلى الان؟
هو لا يعرف شفقه، لا يرحم و لا حتى يتعامل مع من يعادى بلين او عدل فقط يسعى لاسقاط جمرات محترقه على من يقف بوجهه و هى ببساطه تقف و تدرك تماما انها ستحترق و لكن ابدا لن تتنازل و ستنجح في النجاه بنفسها فا هى على وشك انهاء ما بدأته للهروب من هنا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة