قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثاني والأربعون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثاني والأربعون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثاني والأربعون

بتعملى ايه يا سلمى؟!
هتفت بها مروه و هى تجلس على الاريكه بالخارج و يصلها صوت سلمى تعبث بالاطباق بالمطبخ، امالت رأسها للخارج و هى تجيبها بغيظ: بعمل كيك، امجد بيحبه..
ضحكت مروه بسخريه، و هى تجلس مستمتعه بالمسرحيه الكوميديه التى تشاهدها و تمتمت بخبث: اممم، ماشى.
لحظات و استمعت لصوت الباب يُفتح و يدلف امجد و معه والده و الارهاق يبدو بوضوح على وجهه..

نهضت مروه مستقبله اياهم و ساعدت زوجها على الجلوس بينما دلف امجد للمطبخ و هتف يفاجئها: متمردتى الجميله، بتعمل ايه؟
انتفضت، و استدارت له بغيظ ثم ابتسمت و طبعت قبله على وجنته هامسه بحب: وحشتنى..
حاوط وجهها بكفيه ليطبع قبله على جبينها متنهدا بتعب: و انتِ كمان وحشتينى جدا..
دفعته بمرفقها للخارج تأمره: غير هدومك و الاكل هيجهز حالا..

اومأ برأسه مقبلا اياها مره اخرى ثم تركها و خرج، بدأت تُسرع اكثر حتى لا تتأخر عليه، و لكنها فجاه شعرت بدوار غريب يلفها توقفت مستنده على الطاوله الرخاميه و وضعت يدها الاخرى على جبينها...
نظرت امامها بشرود فما تشعر به منذ بضعه ايام يدل على شيئا واحدا، شيئا غير متوقع ابدا، و لكن الان دوراها يزداد و بشكل سئ..
سقطت بجسدها ارضا، عاد امجد اليها ليُفاجئ بها بهذا الشكل فجلس امامها: سلمى حبيبتى، في ايه مالك؟

اسندها لتقف فيما تمتمت هى بضعف: مفيش انا كويسه، شويه د..
قطعت كلاهما و عينها تُغلق و سقطت فاقده لوعيها بين يديه، انتفض محاولا ايفاقتها و لكنها لم تستجيب له، مر بعض الوقت حتى استعادت وعيها...
فتحت عينها ببطء لتجد مروه جالسه قبالتها على الفراش و مصطفى واقف مستندا على الحائط المقابل لها بينما امجد يستند على باب الغرفه بكتفه عاقدا ذراعيه امام صدره ينظر اليها بنظره لم تفهمها..

اعتدلت جالسه و هى تنظر لوجههم الذى لا ينم عن خير ابدا و تسائلت بتعجب: في ايه؟
اقترب امجد منها قليلا و انخفض ناظرا اليها بتفحص هاتفا بعدم تصديق: انتِ بجد بتسألى في ايه؟ المفروض انا اللى اسألك في ايه؟
عقدت حاجبيها متعجبه تسأله باستنكار: تقصد ايه يا امجد؟ ايه اللى حصل؟

شعرت مروه ان امجد على وشك فقدان اعصابه الان فوقفت امامه دافعه اياه للخلف و نظرت لسلمى بحده مصرحه بما لم يخطر على بال سلمى يوما: في انك حامل، و عاوزين نعرف من مين يا سلمى؟

صباح الخيرات..
هتف بها اكرم صباحا وهى يدلف للشركه فنهضت هناء واقفه بضحكه واجابته: صباح النور يا بشمهندس..
استند على مكتبها بابتسامه: ها جدولنا عامل ايه النهارده؟
امسكت هناء بالمجلد الخاص بها لتبدأ بعمليه مفرطه: اجتماع مع شركه الساعه 10، و اجتماع مع عمال مصنع بعد الضهر، وا..
قلطعها بيده هاتفا بغيظ: قلبك اسود قوى، شايفه مزاجى رايق تقومى تنكدى عليا كده، ربنا يسامحك يا هناء، ربنا يسامحك..

تحرك مبتسما غامزا اياها لداخل مكتبه بينما وقفت هناء تتطلع للمكان الذى تركه فارغا هاتفه بذهول: ضحك ليا، ثم ابتسمت ملتفته لعملها و هى تضحك ببلاهه،
اقتربت مها منها و امسكت ورقه لتكتب لها فهناء مازالت لا تستطيع فهم لغه الاشاره خاصتها في ايه يا هناء بتضحكِ على ايه كده؟
قرأت هناء الورقه و ابتسمت و اجابتها بحالميه: اكرم...

احتدت عين مها و انتبهت كل اطرافها ناظره اليها بغضب فحمحمت هناء محاوله تصحيح ما فعلت: اقصد البشمهندس اكرم، ضحك ليا، يالهووووى.
رفعت مها احدى حاجبيها بدهشه ثم امسكت الورقه و وضعتها بحده على الطاوله فانتفضت هناء و انتبهت فكتبت مها احنا في الشغل يا هناء، في الشغل.

و تركتها مها و طرقت الباب و دلفت، رفع اكرم عينه لها و ابتسم ابتسامه جانبيه فأى صباح اجمل من بحر الفيروز خاصتها، اقتربت و وضعت الملف بيدها بقوه على المكتب، فنظر اليها بتعجب متسائل و هو يبتسم بخبث فأشارت له اخر صفقه و التصاميم المطلوبه علشان الاجتماع
اومأ برأسه و نظر للملف امامه و هى واقفه تنتظر تعليقه، فتحدث بهدوء و هو ينظر للاوراق امامه: انتِ كويسه؟ حاسس انك متضايقه مثلا؟

و قبل ان يرفع عينه ليرى اجابتها حتى طُرق الباب و دلفت هناء و بيدها صينيه تحمل عليها عده اصناف من الطعام، تعجب اكرم و كذلك مها فوضعت هناء الطعام امامه فنظر اكرم اليها متسائلا بدهشه و هو يشير باصبعه لما وضعته امامه: ايه ده يا هناء؟

نقلت مها بصرها بينهم و شعرت بغضب يتملك منها لا تدرى سببه فعقدت ذراعيها امام صدرها منتظره الاجابه، فابتسمت هناء بخجل و اجابته بدلال: حضرتك جاى بدرى عن العاده فأكيد مفطرتش فقولت اجيب لحضرتك الفطار..
رفعت مها حاجبيها بسخريه ثم زمت شفتيها بغضب و همت بالتدخل و لكنها ألجمت نفسها بسؤال واحد ما شأنك انتِ فصمتت و ظلت على صمتها بينما تكاد تحرقه و تحرقها بالنيران التى تحرقها غضبا..

نظر اكرم لمها و تعجب نظرات الغضب تجاه هناء و لكن على ما يبدو انها راقته كثيرا فنظر لهناء مبتسما ليزداد بحر الفيروز غضبا و غيره: متشكر جدا يا هناء والله، تسلمى و كتر خيرك جدا يعنى.
نظرت مها اليه و هى ترفع جانب شفتها باستهزاء و ازداد غضبها وب دأت قدمها تتحرك بتوتر عندما تحدثت هناء بضحكه مبالغ فيها: انت تؤمر يا بشمهندس..

نقل اكرم نظره بينهم و ابتسم بداخله و لكن كفى لهنا فلا يجوز التمادى لم يحن الوقت بعد و السكرتيره الحمقاء يبهرها الابتسام فقط فلابد من العبوس، رفع وجهه اليها و قد اخذ جديته المعتاده، فاعتدلت هناء في وقفتها مضطربه بينما ابتسمت مها اخيرا و هو يهتف بتوضيح: بس انا مبفطرش يا هناء، اطلبى لى القهوه بتاعتى، و اتفضلى على شغلك..

حملت الطعام من امامه و قالت بعمليه و لكن مازالت تحمل نبره مدللة: من عنيا يا بشمهندس هجيبها لحضرتك حالا..
تابعتها مها بعينها و هى تغمغم بكلمات بدت لاكرم غير مفهومه و لكنه خمن مضمونها فابتسم و لكن اخفى ابتسامته فور ان التفتت له و تمتم بلامبالاه و هو ينظر للملف امامه: طيبه هناء، هتبقى زوجه ممتازه..
شعرت مها بدلو ماء بارد يلقى فوقها، عقدت حاجبيها و هى تشعر بقلبها يؤلمها، كلمته ألمتها..

اغلق الملف و ظل ناظرا امامه دون ان يرفع عينه لها ثوانى ثم على غفله رفع عينه ليقول متسائلا بخبث: انتِ ايه رأيك فيها؟
لاحظ انطفاء بريق الفيروز ليلمع بحزن مس قلبه فنهض و امسك بالملف مبتسما ابتسامه جانبيه و اعطاها اياه متحدثا بخفوت مانحا قلبها الامان: بعتبرها زى اختى و اتمنلها احسن عريس، البنت طيبه جدا و تستاهل كل خير، مش ده رأيك برده؟.

و دون ان تنتبه اشرقت عينها مجددا لتومأ برأسها مسرعه موافقه على كلامه فابتسم و اعطاها الملف مشيرا بعينه للباب: طيب يالا اتفضلى على شغلك..
اخذت الملف و لكن قبل ان تخرج حمحم مناديا عليها: ثانيه يا بشمهندسه..!
استدارت له فقال بجديه و عمليه رسميه: في اجتماع كمان ساعتين ياريت تجهزى علشان انتِ اللى هتقدمى presentation و عايزه يتقدم بكفاءه، لازم الشركه التانيه تنبهر بيه، انا معتمد عليكِ؟

نظرت للثقه التى يغلفها بها في عينيه و ابتسمت و اومات برأسها موافقه و خرجت من الغرفه، و لكن قبل ان يُغلق الباب وجدها تضع الملف على طاوله هناء و ابتسمت لها و هى تحمل كوب القهوه منها و عادت اليه من جديد واضعه القهوه على المكتب امامه و اشارت ببراءه مبرره فعلتها هناء عندها شغل
اومأ برأسه مرددا بمكر: عارف عارف، و انتِ معندكيش؟
تجهم وجهها الذى حمل ابتسامه صفراء منذ قليل و اشارت لا عندى، عن اذنك.

و تركته و خرجت مغلقه الباب خلفها فأرخى جسده على المقعد ضاحكا بسعاده و تمتم بدراميه: يبدو انها مستحملتش جاذبيتى، انا لا اقاوم انا عارف..

عندما يتضارب العقل و القلب، نتيجه الصراع ستكون انت!
امجد ممكن تفتح ليا، من بالليل و انا بحاول اكلمك مش عارفه، ارجوك اسمعنى..

تمتمت بها سلمى و هى تتطرق باب غرفتهم من الداخل فبدون ان يسمعها اغلق باب الغرفه عليها تاركا اياها تكاد تجن من التفكير، بالامس طار جنونه على زوجه ابيه بعدما اطلقت سؤالها القاسى بدون اى خجل امامه و امام والده، اخرجها من المنزل بأسلوب اقرب للطرد، و لم يسمع منها حرفا اخر بل اغلق الباب عليها دون اى رد فعل حتى هذا الوقت...

صمتت مبتعده عن الباب لا تدرى ماذا تفعل فمنذ الامس و هى تحاول ان تجعله يستجيب لها و لكنه لم يفعل، نظرت للباب مسرعه فور سماعها لخطواته تقترب تبعها بفتح الباب و دلف اليها، منظره كان مروعا، شعره مشعث و عيناه حمراء غاضبه، يشدد قبضته بقوه و يتفحص ملامحها بعين اتهام لم تتوقع ان يطالعها بها يوما..

نهضت مقتربه منه و بمجرد ان لامست ذراعه بيدها دفع يدها عنه ممسكا ذراعها من الاعلى ضاغطا اياه بقوه جعلتها تنظر اليه بذهول و تألم و صاحت: امجد، ايدى!
ضغط يدها اكثر هاتفا بحده غاضبه: ايه بتوجعك؟ مش انتِ عاوزه تتكلمى؟! اتكلمى، فهمينى ايه اللى بيحصل؟
حاولت التملص من يده بقدر ما تملك من قوه و لكنها لم تستطع فانكمشت ملامحها بألم صارخه بعنف: سيب ايدى يا امجد، و اسمح لنا نتكلم بالعقل..

دفع يدها بقوه صارخا هو الاخر بغضب و ابتسامه ساخره ترتسم على وجهه: عقل! هو انتِ سيبتِ فيا عقل؟..
ضرب بيده الجدار بجواره بعنف هاتفا و هو ينفض يده في الهواء بتوجع: عاوزه تقولى ايه؟! كلام ايه هيتقال يا سلمى؟ كلام ايه؟!
نهضت واقفه تنظر له بدهشه فهى تكاد تجزم ان من امامها ليس امجد، بالتأكيد ليس هو؟
اقتربت واقفه امامه تطالع وجهه بتفحص و هتفت بمحاوله لتهدأته: امجد، اسمعنى ان..

امسك بكلتا كتفيها مقربا اياها منه ضاغطا جسدها بعنف تألمت لاجله و صاح هادرا: اسمع ايه!، انا عقيم و متعالجتش، مراتى فضلت سنه تقريبا و مفيش اطفال، و فجأه تبقى حامل! قوليلى اجيب عقل يسمع منين؟!
اتسعت عينها تحملق في وجهه هو ليس في حاله طبيعيه، مال عليها بوجهه الذى يهدر بغضب عاصف و هزها بعنف صارخا: ازاى قدرتِ تعملى فيا و في نفسك كده؟

صدمه شلت اطرافها عن الحركه و اعجزت لسانها عن النطق و مازالت تحدق في وجهه بذهول تام غير مصدقه ما تسمعه اذنها وغمغمت بعدم استيعاب و ربما باستيعاب تحاول تجاهله: انت، انت عاوز، تقول ايه يا امجد؟
حدق بوجهها قليلا ثم صرح هاتفا بحده بما يؤرق نومه منذ مده طويله: ليه رفضتِ نسافر سوا يا سلمى؟

ارتبكت قليلا محاوله اخفاء نظراتها عنه و لكنه قبض على فكها بقوه مثبتا نظراتها له و لكنها اسبلت جفنيها هروبا من عينه و تمتمت: شغل يا امجد، كان عندى شغل!
ضغط فكها بعنف اكبر و هو يقرب وجهها منه هاتفا بتساؤل قاسى: و ايه شغلك في عماره اللى في المهندسين يا سلمى؟
اتسعت عينها بصدمه و اضطربت ملامحها و هى تحدق به بصدمه جنونيه تبعتها بسؤال ذاهل: انت بتراقبنى يا امجد؟!

دفعها لتسقط على الفراش امامه و صرخ بها و هى يشيح بيده بعشوائيه: جاوبى على سؤالى بدون نقاش يا سلمى..
نهضت بعنفوان تمردها المعتاد لتصيح بالمقابل: هو ايه ده اللى بدون نقاش انت مستوعب انت بتقول ايه؟ انت بتتهمنى في شرفى، بتتهمنى في علاقتى بربنا و في دينى، انت بتشكك في اخلاقى يا امجد و بتقول بدون نقاش!

قبض على يدها مجددا و غضبه يتصاعد لدرجه غير محموده العواقب: صوتك ميعلاش قدامى ابدا، ، حذارى يا سلمى، سامعه!
امتلئت عينها بالدموع و لكنها جاهدت باخفائها و هى تهتف بقوه منافيه تماما وجع قلبها: و انا مش هسمحلك تغلط فيا و هسكت يا امجد.

رفع يده حتى كادت تسقط على وجهها و لكن مع شهقتها، صدمتها و تجمد نظرها على كفه، اخفض يده مقاوما الطاقه الهجوميه بداخله لا يعرف، مرتدا للخلف خطوتين موافقا و هو يهتف باحتقار جمد الدماء بعروقها: معاكِ حق كفايه غلط لحد كده، كفايه نغلط في حق بعض اكتر من كده.

ظلت تنظر لوجهه ثم استقرت عينها في سماء عينه التى لمعت بالدموع و الاسوء انها دموع كسر و عجز غلفتها نظرات غضب و حده، رفعت يدها لتضعها على وجهه و لكنه ابتعد عنها و نظر اليها قليلا ثم تحرك من امامها مسرعا للخارج صافعا الباب خلفه بقوه جعلتها تنتفض مكانها..

جلست على طرف الفراش و دموعها تتساقط و هى تضع يدها على اسفل بطنها تخاطب جنينها بضعف: مش عارفه افرح بيك و لا ازعل؟ مش عارفه ايه اللى حصل و ليه و ازاى؟ كل اللى اعرفه ان ماما مغلطتش ابدا، و بابا وجعها قوى.
رفعت ركبتيها لصدرها و ضمت نفسها و دموعها تزداد انهمارا و لا يوجد بداخلها اى عذر له على ما فعل، هى بالكاد تصدق انها ستصبح ام، لا تدرى كيف؟ و لكن رغبه الله فوق كل شئ!

و لكن ما لا تستطيع تصديقه انه يشكك بها، يتهمها بخيانته و التى تعد خيانه اكبر لربها..
يتهمها بأكبر الكبائر، و دون ان يتردد لحظه..
حسنا تعترف هى اخطأت عندما اخفت عليه عملها، و حسنا اخطأت عندما ذهبت لتلك العماره، و لكن ما لم تعترف به ابدا ان يتبعها هو.
هل وصلت بهم الامور لهذا الحد؟!

رفعت يدها تخفى وجهها بكفيها لحظات مرت و كانت الفاصله بحياتهم عندما اخفضت يدها و لمعت عينها باصرار اشتعل خلف دموعها المنهمره و هتفت بحده امتزجت بصدمتها و ضعفها: انت اللى قفلت الصفحه يا امجد، و صدقنى هتندم، بس ندمك مش هيفيد، ابدا..

يسير بدون هدف لم يفكر بالتجول بسيارته حتى، فقط ينظر للاشئ امامه..
لا يعرف شعوره الان؟
أهو غاضب؟! ربما،
أهو حزين؟! احتمال كبير،
هو في وضع اشبه بوضع شخص عاقل اتهموه بالجنون و ربما مجنون يحاولون استخدام عقله،
لم يكن يتوقع ان يصير معه امر كهذا..

امر ادى لفقدانه رشده حتى كاد يجن، لم يتخيل ان يأتى يوم لا يطيق به النظر لوجه متمردته، تلك المتمرده التى شعر انها تكمله منذ ان رأها اول مره، تلك التى احبها عقله حتى تملكت من قلبه فلم تدع له شيئا من نفسه فهو اصبح لها، تلك التى كان على أتم الاستعداد بالتضحيه بكل سعادته لاجل سعادتها، لماذا اوجعته لهذا الحد؟!
لماذا اخطات خطأ كهذا بحق نفسها و حقه و حق ربها؟!
كيف لها ان تصل لمثل هذا المستوى؟!

لو اخبره احد انها ستفعل لقتله حيا، لم يكن ليصدق عنها شئ كهذا مطلقا و لكن ما رأته عينه قتله هو،
رفضت السفر معه متعذره بعمل، يراها تدلف لعماره سكنيه و منها لشقه شاب اعزب و عندما يسألها عن وجهتها تُنكر، صمت و أكله صمته و لكن لم يستطيع مواجهتها و اقنع نفسه لربما لديها تبرير مقنع و لكنه لم يكن على استعداد لسماعه، و لكن ان تحمل بطفل و هو عقيم!

هذا كان اخر الطريق، لقد مزقت كل روابطهم معا، قتلت ما كان يجمعهم يوما..
بل فلتشكر السماء الان انه اردع نفسه عنها، فرغم كل ما فعلت لم يستطع اذيتها!
صدع صوت اذان الفجر حوله فتوقف ناظرا للمسجد على بعض عده خطوات منه و اغلق عينه لحظات فهو في اشد الحاجه لسجده، سجده ربما تُزيح هم صدره، و ربما تُريح تعب نفسه..

تحرك بخطوات بطيئه باتجاه المسجد توضأ و صلى فرضه و ما يتبعه من السنن ثم جلس يقرأ في كتاب الله، بعد بعض الوقت وجد جماعه من الشباب يلتفون حول شيخ كبير يكاد يقارب عمره سبعين عاما، يتحدث معهم و يلقى عليهم عده من احاديث النبى و يفسر ايات من القران الكريم..
اغلق كتاب الله بيده مصدقا ثم نهض و اقترب من هذا الجمع مستندا بظهره على احدى اعمده المسجد ضاما ركبتيه امامه مستمعا لما يسرده هذا الشيخ..

اخذ الشباب يلقون اسئله عده و الشيخ يجيبهم بأيات من القران، احاديث نبويه و مواقف من حياه الرسول دون اضافه او اطاله، ظل يستمع اليه بنفس هادئه و لكن فوران قلبه يدفعه دفعا ليسأل هذا الشيخ عن شكه، هواجسه التى دمرت قلبه و عقله بل و يعتبر دمرت حياته..
حتى انقذه احدهم و القى بسؤال اشبه بذلك الذى يعذب نفسه و كان ماذا قال الله و الرسول في سوء الظن.

انتبه امجد كل الانتباه و لاحظ ذلك الشيخ الذى كان يطالعه منذ مده طويله فابتسم و اجاب بصدر رحب قائلا نهى الله عز وجل عن سوء الظن بالاخرين حيث قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم وَلا تَجَسَّسُوا )، كما نهى الرسول عليه الصلاه و السلام عنه إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث، و لا تجسسوا و لا تحسسوا و لا تباغضوا، و كونوا عباد الله إخواناً.، و المغزى من ده هو ألا نسئ الظن بأحدنا الاخر فان هذا يولد كرها و نفور..

ظل امجد يستمع لكلامه و بدأ عقله يهدأ و تنزاح غمامه الغضب عنه ليحل مكانه مسرعا تفكير بسرعه الضوء ماذا ان كان مخطئ؟ ماذا ان كان الله قد انعم عليه بطفل رغم عقمه؟! ماذا ان كانت زوجته لم تظلمه و لم تظلم نفسها؟
وضع يده على رأسه و وجع رأسه يكاد يفتك به ماذا فعل؟
و عادت نفسه الاماره بالسوء تنازعه ان كانت بريئه حقا، لماذا كذبت؟ ما الذى دفعها لمنزل ذلك الشاب؟

افاق من تفكيره على شخص ما يضع يده على كتفه قائلا بحكمه هادئه: في علامات ندم على وجهك و دا مؤشر جيد يا ابنى..
استدار لذلك الشيخ الذى استند على كتفه ليجلس بجواره ارضا و ربت على ركبتيه هاتفا بود و ضحكه بشوشه: سلم امرك لله، و مش هيخذلك ابدا..
طأطأ رأسه ارضا و همس بضعف لا يدرى من اين وتاه الان: كل الطرق بتأدى لنتيجه واحده، و كلها بتدمر حياتى.

ابتسم الشيخ ناظرا ايه بتفحص و صرح بتساؤل: لما انت واثق انك وصلت لنهايه الطريق ليه في ملامح ندم و تفكير و تردد على وجهك؟
مسح امجد على وجهه بتنهيده خرجت من اعماق نفسه المتردده و تمتم بتيه: خايف اكون غلط، خايف اكون اتصرفت بتسرع، خايف اخسر الحاجه الحلوه اللى طلعت بيها من الدنيا.

اتسعت ابتسامه الشيخ و وضع يده على كتفه ضاربا اياه بخفه هاتفا بود و نصيحه: يبقى لسه موصلتش للنتيجه اللى انت بتزعم انها بتدمر حياتك، فكر، تدبر و زن امورك بالعقل، و اوعى تظلم حد يا بنى، فكر كويس قبل اى خطوه..
ضرب امجد بيده على رأسه يلاحقه ب رده بحده: مبقاش فيا عقل، مش عارف افكر، كل الطرق مقفله في وشى و مفيش غير طريق واحد، وهو الخيانه، ؛!

تجهم وجه الشيخ مستنبطا ما يتحدث امجد عنه و غمغم بحرص: لا حول و لا قوه الا بالله، استغفر الله يا ابنى، اتهام كبير زى ده مينفعش نتهاون بيه كده..
حسنا هو لم يعتاد يوما ان يستشير احد في امور حياته الخاصه، لم يعتاد ان يصرح عما بداخله لاحد مهما كان كبيرا، و لكن حمل قلبه الان لا يُطاق و لعل هذا الغريب امامه يريح قلبه، لعل.

اعتدل في جلسته و سرد على مسامع الشيخ الكبير وضعه باختصار شديد دون تفاصيل مرهقه فصمت الشيخ قليلا ثم تمتم بهدوء: انت عارف ان الطريق اللى انت مشيت فيه طريق بيبعدك عن الموده، الرحمه و التوافق بين الزوجين و بيدفعك لطريق الشك، سوء الظن و المتاعب و اللى ممكن يهدم بيتك لحطام، هل فكرت تعيد تحليلك مره تانيه!، او حتى تتأكد من حمل مراتك مره تانيه؟، ربك تعالى قال ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) عارف دا معناه ايه؟، دا اسمه قذف محصنات انت مفيش في ايدك دليل واحد يجعلك تتهم زوجتك في شرفها و عرضها، هتقولى دليل زى ايه اقولك زى انك تكون شوفتها بتزنى او تكون امتنعت انت عن لمسها، المقصود دلائل قويه متقدرش تغض الطرف عنها..!

ربت على كتفه و اردف يحاول اصلاح تفكيره او ربما مساعدته على اصلاح وضعه: ربك نهى عن سوء الظن و قاال ان بعض الظن اثم . ، لان سوء الظن و الشك بيولد كره و بيدفعك لفعل ما لا ينبغى عليك فعله و قول ما لا ينبغى عليك قوله، انت لازم تدفع الشك دا عن قلبك و تواجه بما تعرفه عن حسن خلق زوجتك، تربيتها، نشأتها و دينها، لازم تواجهها باللى في عقلك من شك و ريبه لعله سوء ظن او تحليل خاطئ و ربما يزول بكلمه او توضيح بسيط...

ابتسم بود و بشاشه يكمل و قد لقى من امجد رغبه في حديثه، نصائحه: اتقى الله في زوجتك، و استعذ بالله من الشيطان الرجيم و متسمحش له و لا تستسلم لما يقذف به في قلبك من وساوس تجاه زوجتك، المواجهه و ايضاح الامور و الصراحه اساسات لدفع الشكوك و الهواجس بعيدا..

ثم هدأ و صمت قليلا قبل ان تتس ابتسامته بوقار يسرد على مسامعه ما يريحه: هقولك موقف لرسول الله خير الانبياء و المرسلين، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِيَ لِيَقْلِبَنِي وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ ) فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ شَيْئًا - ). ، يعنى وضح للناس علشان يتجنب سوء الظن..

ربك بيقول وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا عارف يعنى ايه؟، يعنى ينسبون اليهم ما هم بُراء منه لم يعلموه و لم يفعلوه، و اخيرا لازم يا ابنى تتبع الادب القرأنى في قول الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم وَلا تَجَسَّسُوا ) و هذا الادب القرانى من اسباب الراحه و الطمأنينه لان سوء الظن و الشك بيولد قلق و اضطراب و ممكن يدفعك للتفتيش و احيانا للتجسس، واجه زوجتك، طمنها و خليها تصارحك، اقف جنبها وقفه راجل عارف ربه و دينه و بيحبها و يخاف عليها، متفتحش للشيطان باب بينكم يا ابنى بلاش، و ربنا يهديك و يريح بالك و يصلح حالك..

ربت الشيخ على كتفه مؤازرا ونهض داعيا له بالهدى والطمأنينه بينما امجد يكاد يبكى من هول ما سمع، هو اتهمها في شرفها دون ان يسمع منها!
ماذا فعل! بحق الله ماذا فعل؟
كيف دفعته نفسه لتصديق ما فكر به؟! كيف وافقه عقله على اتهامها بهذا؟

نهض مسرعا مقررا الاعتذار ثم التحدث و الوصول لطريق صحيح يجمعهم معا من جديد، اخذ طريق العوده ركضا حتى كادت انفاسه تنقطع، صعد الدرج مسرعا كان يصعد درجتين بدرجتين، فتح باب المنزل ليواجهه الظلام من كل مكان..
توقف قليلا يلتقط انفاسه ثم اتجه لغرفتهم سويا مناديا باسمها: سلمى، سلمى، انتِ فين؟

لم يصله رد، فتح باب الغرفه و دلف ليجدها فارغه، خرج و بحث بالمنزل بأكمله و لكنه لم يجدها، دلف لغرفه النوم مره اخرى و هاجس مخيف يحاوطه و اتجه لدولاب ملابسها ليفتحه ليجده فارغا من بعض ملابسها بل الكثير منها..
استدار شادا خصلاته بغضب و ندم و جلس على الفراش ضاربا اياه بقبضته عده مرات، رفع يده على وجهه مهدئا نفسه متمتما كأنه يواسيها و يخبرها الصبر: اكيد في الشغل، اكيد هترجع تانى..

نهض و ابدل ملابسه و عقد نيته ان يتجه للشركه قبل ان يذهب لعمله، صعد لسيارته و جز على اسنانه بغضب ثم اغلق عينه محاولا الوصول للتصرف الامثل الان و لكن على ما يبدو انه لم يعد يستطيع حتى التفكير...

اتجهت مها لغرفه الاجتماعات و قبل دخولها تقدم محمود واقفا امامها و حمحم متسائلا: ازيك يا مها؟
اشاحت بوجهها عنه بهدوء و اومأت برأسها و حاولت تجاوزه لتدلف و لكنه اعترض طريقها مجددا فرفعت عينها اليه بغضب متعجب، نظر لفيروزيتها التى اشتاقها و ابتسم ملاحظا غضبها المتوتر و همس بمرح: حتى لو انفصلنا هنفضل زمايل يا مها، يعنى ممكن تبصى لى بابتسامه بلاش العصبيه دى.

زمت شفتيها بضيق و غضبها يزداد فأشارت بيدها على الباب خلفه ثم اشارت بحده ابعد عن طريقى يا محمود
زفر بقوه فما يفعله خطأ هو يعلم و لكنه لن يهدأ حتى يأخذ جواب سؤاله الذى يؤرق ليله منذ زمن طويل، و الذى صرح عنه مباشره: انتِ وافقتِ على العريس يا مها؟

في ذلك الوقت تقدم اكرم باتجاه غرفه الاجتماعات و عن بعد لاحظ وقوفهم سويا و بحركه سريعه كاد يهجم على محمود ليحطم وجهه خاصه بعد رؤيه ملامح مها الممتعضه و لكنه توقف منتظرا رد فعلها..
عقدت مها حاجبيها بنفور و تعجب من تدخله فيما لا يعنيه و لكن ما اثار فضولها كيف عرف فأشارت و هى ترمقه بتساؤل انت عرفت منين؟!
زمجر محمود بغضب فاجأها: مش مهم منين، المهم انتِ وافقتِ؟!

رمقته بغضب و حاولت المرور مره اخرى و لكنه مجددا اعترض طريقها فزفرت بغضب و كاد اكرم يتقدم و لكن محمود اسرع حتى يُوقف اياها هاتفا باجابه سؤالها علها تمنحه اجابتها: اكرم اللى قالى..
توقفت و نظرت اليه بدهشه و هى تتسائل بداخلها من اين لاكرم ان يعرف؟ امن الممكن ان عاصم اخبره؟ ولكن لما يخبره؟
لاحظ هو امارات الدهشه على وجهها فتسائل بترجى علها تجيبه: قوليلى يا مها، وافقتِ؟

نظرت اليه بحده مفرطه و صرحت باشاره و عينها تطلق اليه اسهم تحذيريه موافقتش و مش هوافق و حذارى تقف قدامى مره تانيه و الا،
ثم عادت للخلف خطوه مشيره بيدها بقوه ابعد عن طريقى.

نظر اليها و الى قوتها الجديده المنبعثه من نفس واثقه و امام غضبها لم يستطع سوا الابتعاد فرمقته بنظره استنكار ساخره و دلفت للغرفه، ابتسم محمود بسعاده و هم بدخول الغرفه و لكنه فوجئ بأكرم امامه ينظر اليه بغضب عاصف فاتسعت ابتسامه محمود متمتما بتحدى: القلب و ما يريد بقى.

نظر اليه اكرم من اعلى لاسفل و تطلب الامر منه كل قوته حتى لا يهشم وجهه و هتف بنبره صارمه: لو اتكرر اللى حصل دا مره تانيه، مش هيحصلك منى طيب يا محمود، و صبرى عليك مش بدأ ينفذ لأ دا نفذ خلاص..
و تركه و دلف للغرفه تفاجئ الجميع بملامحه الغاضبه، نظرت هبه لمها قائله: ماله داخل متضايق كده؟.
حركت مها كتفها بحركه متعجبه بمعنى لا اعرف.

جلس مازن بجواره متسائلا مدعيا عبثه بالاوراق: خير يا اكرم، وشك مايبشرش بالخير!
رمقه اكرم بطرف عينه ثم نظر امامه محاولا تجنب ان تصطدم نظراته بنظراتها و صاح بعصبيه و هو يضرب بيده على الطاوله امامه: فين الملف؟

انتفض الجميع و تبادلت هبه و مها النظرات و نظرت كلتاهما لسلمى التى كانت شبه مغيبه و بحكم ان مها بالقرب منه دفعت بالملف امامه و الذى كان يبعد مسافه يد عنه، رفع نظره اليها بغضب تعجبته هى و اخفضت بصرها مسرعه، لقد كان يبتسم منذ قليل ماذا حدث؟!

بدأ الاجتماع و كان من اسوء ما مر عليهم حتى اتى صاحب الشركه المطلوب تصاميم لها، فنهضت هبه لتسرد تفاصيل التصاميم و لكن اوقفها اكرم بهدوء ينافى احتراق صدره: صاحبه التصاميم تقوم تشرحها..

اضطربت مها فهى حاولت التملص من الامر بعدما نبهها هو صباحا ان الامر يعتمد عليها، فكرت بالاستعانه بهبه و لكن يبدو انه يصر كل الاصرار على اخجالها و امام نظراته الثاقبه نهضت بارتباك وافقه امام الجميع ثم اعطتهم ظهرها تعد جهاز البث امامها و اغلقت عينها للحظات ثم استدارت اليهم لترى نظرات اكرم المتحديه و التى لا تدرى لما و لكنها بعثت بداخلها قوه لا تدرى مصدرها فنظرت لمازن و اشارت على مجموعه الاقلام بجواره، فجذب احداهم و اعطاها اياه فأخذته و دون ان تشير بكلمه واحده اخذت تكتب على لوحه البث امامها و تسرد تفاصيل التصميم بكتابه و على وجهها امارات الثقه التى كان من شأنها ان تخفض معدلات غضب اكرم على اقل تقدير - الان - لتتصاعد معدلات افتخاره بها..

انتهت و اغلقت القلم و وضعته امام اكرم بقوه تقريبيه فنظر اليها برفعه حاجب مدركا انها فعلت هذا كقبول لتحديه لها و بالطبع نجحت..
قاطع نظرته لها تصفيق الجميع لينهض صاحب الشركه ناظرا اليها باعجاب واضح جعل اكرم ينهض من مكانه مسرعا و قد عاود اليه غضبه..

اقترب الرجل من مها و نظراته مثبته عليها و للحقيقه لقد اضطربت و بحركه تلقائيه تحركت لتقف خلف اكرم الواقف بجوارها فبدا الامر اشبه بالاحتماء به، ادار وجهه قليلا لينظر لها ليرى بعينها اضطراب فأدرك على الفور انها ما زالت تخشى التعامل و يبدو ان حادثه المبنى لم تختفى من تفكيرها بعد..
مد الرجل يده ليصافحها متعجبا اختباءها و هتف باعجاب واضح: الشغل ممتاز جدا يا بشمهندسه..

انتظر ان تصافحه و لكنها لم تفعل بل نظرت ارضا ثم اومأت برأسها له و لملمت اوراقها و تحركت مسرعه خارج الغرفه، صافحه اكرم بدلا عنها و تحرك الجميع للخارج..
و لكن هبه شعرت بدوار يلفها فجلست على كرسيها مجددا لاحظها مازن قبل خروجه فاقترب منها بتساؤل: انتِ كويسه؟

رفعت عينها بارهاق واضح و لاول مره لم ينجذب لعينها، لاول مره بقربها يشعر بقلبه طبيعيا، لم ينفعل، لم ينبض بعنف، لم يرى بها امواج البحر الذى عشقها من قبل ان كان ما شعر به يسمى عشقا، فهو ايقن انه مجرد افتتان، اوهم نفسه به، و للاسف لاعوام كثيره صدقه..
تمتمت بضعف بادٍ على ملامحها: الحمد لله..

نهضت لتتحرك و لكنها لم تتوازن فاختلت قدمها لتسقط ارضا فاقده لوعيها، انتفض مازن متحركا باتجاهها و حمل زجاجه ماء محاولا افاقتها لم يستطع، نهض واقفا و اسرع يطلب مها و بنفسى السرعه هاتف معتز الذى حضر في غضون نصف ساعه كان قد تم خلالها نقل هبه للمشفى و ذهب محمود معها و لهذا لم تذهب مها.
بمجرد وصول معتز اقترب منه محمود مسرعا هاتفا: هبه...
اضطرب معتز و قاطعه متسائلا بقلق: مالها؟ هبه مالها؟

ضحك محمود رابتا على كتفه و تمتم بسعاده غلبت غضبه منه: هبه حامل، هتبقى اب..
تنفس الصعداء و غمغم بشرود: ما انا عارف..
رمقه محمود بتساؤل: من امتى بقى؟ و ليه محدش فيكم فرحنا بخبر زى ده؟
ابتسم معتز بسخريه فهو حتى البارحه لم يكن لديه علم، و قبل ان ينطق بكلمه خرجت الممرضه من الداخل تسأل بابتسامه: مين فيكم معتز؟
اشار معتز على نفسه و تقدم اليها مصرحا بلهفه: انا.

اشارت له بالدخول و خرجت هى من الغرفه، تقدم معتز للداخل بخطوات بطيئه ليجد هبه مسطحه امام جهاز ما و الطبيبه بجوارها، اقترب منها واقفا بجوارها فنظرت اليه و ابتسمت بوهن قائله برسميه: من حقك تشوفه..
نظر اليها متسائلا فاشارت لشاشه جهاز السونار لتتعلق عينه بها ليرى كيف يتحرك طفله، لمعت عينه بدموع فرحه و اُثيرت مشاعره تجاه صغيره فامتدت يده تحتضن يدها و تممتم بعدم تصديق: دا، دا ابننا يا هبه..

ارتجفت شفتيها هى الاخرى فلا يوجد من هى اسعد منها الان، لكم مره تمنت وجوده معها، لكم مره تمنت اى يتابعا طفلهما معا يدها بيده وعين كلاهما تفيض بدمع الحب و الفرحه كما هو الحال الان،
ربما الان تحققت احدى امانيها معه، فسحقا للحزن فهى لم تتمنى شيئا بقدره هو، لم تتمنى احد غيره، و لم تتمنى حلما لا يحتويه، فهو اكبر احلامها، اسعدها و لكن اكثرها وجعا ايضا..

نهضت بهدوء بعدما ساعدها هو فابتسمت ريم الطبيبه و هتفت بعتاب: ربنا يهديكم لبعض، و ارحمى نفسك بقى يا هبه و كفايه ارهاق، انتِ ارهاقك نفسى مش جسدى..
امسك معتز يد هبه و اجلسها ببطء على الكرسى و تسائل و هى يرى انتفاخ بطنها للمره الاولى و الذى بالكاد يُرى: انا هتهم بيها شخصيا يا دكتوره بس هو عمر الجنين قد ايه؟
ابتسمت ريم و هى تخط عده تعليمات بالوصفه الطبيه و اجابته: اسبوع بالضبط و يكمل 6 شهور.

اتسعت عين معتز بدهشه و غمغم بتعجب: طيب ازاى مش باين عليها كده انا قبل ما اعرف بالحمل ملاحظتش حاجه خالص..
اتسعت ابتسامه ريم و هتفت و هى تستند بمرفقها على المكتب امامها: هبه جسمها ضعيف و كمان دا اول حمل فا بطنها مش ظاهره قوى، بس عامه في الكام شهر الباقيين دول هتظهر بوضوح و هتزيد بمعدل كبير، هيبان عليها الحمل متقلقش..

ابتسم و لكن قلبه ألمه، سته اشهر لا يعلم شيئا عن جنينه، لاحظ زياده في الوزن و لكن لم يُخيل له ابدا، سامحكِ الله على ما حرمتنى منه، سامحكِ الله..
ساعدها على النهوض بعدما اخذت صوره لصغيرها و خرجت معه لتجد محمود بانتظارهم و الذى بمجرد ان رأها احتضنها بقوه قائلا بلهفه: هبقى خال؟
ابتسمت و اومأت موافقه فنظر محمود لكلاهما متمتما بفرحه جنونيه: بعد قد ايه؟
ارتبكت هبه و اجابت بخفوت: 3 شهور.

اختفت ابتسامته و رفع احدى حاجبيه بتعجب: ازاى؟ انتِ حامل من امتى؟
اغلق معتز عينه منتظرا الاجابه فنظرت اليه و غمغمت بشرود و جراحها كلها تُفتح من جديد: عرفت يوم ما معتز اتجوز كنت حامل شهرين و نص،
شدد محمود قبضته و نظر لمعتز بغضب متسائلا: و انت بقى عرفت امتى؟
لم يستطع معتز الرد فاجابت هبه بدلا عنه: امبارح..

ابتسم محمود بسخريه ناظرا اليه من اعلى لاسفل مشفقا على حاله و لكن دائما الجزاء من جنس العمل، فهو ألم هبه في اعز احلامها و هى ألمته في اكبر احلامه، فهو يعلم مدى حب معتز للاطفال و كم كان يحدثه عما يرغب بفعله مع طفله و لكن ها هو عقابه بان حُرم من معرفه وجود طفله حتى..
اعلن هاتف معتز عن وصول رساله ففضها ليجد مها تحاول الطمئنان على هبه، فأجابها بما يُسكن قلقها، نظر اليه محمود متسائلا بلهفه: دى مها؟

رفع معتز عينه اليه بغضب و حاول كبح جماح ضيقه من محمود و اشاح بوجهه بعيدا و لكن لم تستطع هبه و نظرت اليه باحتقار و هتفت بتصريح مباشر: انت عارف يا محمود، انا ممكن يجى يوم و اقدر اسامح معتز على كل اللى عمله، بس انت، مها عمرها ما هتسامحك ابدا مهما حاولت، عارف ليه؟ لانها اغلى منك بكتير و غاليه عليك قوى و انت ما تستحقش، و تركتهم و تحركت للخارج فرمقه معتز بنظره غاضبه اخيره و لحق بهبه بينما اخفض محمود رأسه اسفا و ندما..

٭٭٭٭٭٭٭
قرات مها رساله معتز و هدأت قليلا و لكنها تفاجأت بأكرم يطرق باب الغرفه ثم اندفع للداخل و على وجهه كل امارات الغضب فنهضت واقفه تطالعه بدهشه حتى اقترب ضاربا المكتب بيده بقوه جعلتها تنتفض عاقده حاجبيها..
مال برأسه محدقا بها بحده و اشار باصبعه محذرا: لو اتكرر انى اشوفك واقفه مع اى موظف من الشركه بالمنظر اللى شوفته الصبح، هضطر اخد اجراء مش هيعجبك، فاهمانى!

حملقت به بدهشه تحاول استيعاب ما يقول و لكنها على الفور ادركت ما يشير اليه فعقدت ذراعيها امام صدرها تستمتع اليه ببرود، عندما اردف هو: مكان الشغل للشغل اما الكلام و الرومانسيه الفاضيه دى مش هنا و مش قدامى..

صرخ بكلمته الاخيره من فرط ضيقه التى لا يعرف كيف يصرفه عنه، ف غيرته تكاد تفتك به، عضت باطن وجنتها محاوله امتصاص غضبها حتى لا تندفع و لكنها لم تستطع فاشارت بيدها بحده مع حركه شفتيها العنيفه بحديثها الصامت راعى كلامك يا بشمهندس، حضرتك اللى فتحت باب سؤال لما عرفته عن العريس اللى اتقدملى اللى انا شخصيا مش عارفاه، و بعدين انا اتصرف زى ما يعجبنى طالما مش بغلط،.

كانت سلمى في طريقها لمها و لكنها توقفت على الباب لتستمع لحوارهم و ترى انفعالهم، , عندما صاح اكرم بضيق: و وقفتك معاه مش غلط!، يسألك و تجاوبيه مش غلط؟، مبدأ انك تتسامرى مع راجل غريب مش غلط؟

ضربت على المكتب هى الاخرى و اشارت و ملامح وجهها تصرخ مع احمرار وجنتيها و عينها انا مسمحلكش تكلمنى بالاسلوب ده ابدا، حضرتك هنا مجرد مدير واجب عليا انفذ اوامرك في حدود شغلى غير كده لا، انت مش واصى عليا علشان تحاكمنى ايه غلط و ايه صح!

لاحظت هى نظره الدائم لشفتيها و التى تكرر كلما تحدثت، كانت تتجاهل الامر و لكنها لاول مره تنتبه لتركيزه الشديد مع غضبه، و انتبهت اكثر لعدم رؤيته لحركه يدها ايضا، مهلا هل ما استنبطته صحيح؟
تنفس بعمق ناظرا لعينها التى فاضت بغضبها و تعجبها لما استنتجته من نظراته: صح يا بشمهندسه معاك حق، انا مليش حق اتدخل فعلا.

و تركها و خرج مسرعا دون ان يلتفت لسلمى التى كانت تتابع الموقف من بدايته، دلفت سلمى و جلست مها بغضب على مقعدها فتمتمت سلمى بذهول: ايه اللى حصل؟
اشارت مها بغضب شافنى واقفه مع محمود، جن جنونه عليا، مش فاهمه ليه؟ و ازاى يسمح لنفسه يتكلم كده؟ و بعدين اصلا ايه سمحله يقول لمحمود ان في عريس متقدم ليا
ابتسمت سلمى بعدم تصديق و نظرت للباب الذى خرج منه اكرم و غمغمت بثقه: بيغير!

ثم عادت ببصرها لمها التى رمقتها باستهزاء و لكن سلمى اردفت بما جعل مها تشتعل و قلبها ينبض بعنف: بيغير عليكِ يا مها، اكرم بيحبك.
رفعت مها عينها لسلمى و هذه المره بعدم استيعاب و كأن الكلمه اخترقت صدرها لتستقر بقلبها معلنه عن اضطراب قاسى انتابه فور تفكيرها لوهله ان ما تقوله سلمى صحيح، و تتمنى.

جلست سلمى على الكرسى وهتفت محاوله الوصول لامر ما: انت اخدتِ بالك ازاى كان بيبص على شفايفك، مكانش بيتابع حركه ايدك زينا كلنا، فاهمه يعنى ايه؟ يعنى اتعلم يقرأ الكلام على شفايفك يا مها، اكرم بيعاملك باختلاف عن الكل.
حملقت بها بصدمه دون استيعاب لما تقوله سلمى و التى اتسعت ابتسامتها مردفه بتفكير: انتِ قولتِ انه قال لمحمود على عريس؟ عريس ايه؟

سردت لها مها باختصار عن العريس المجهول الذى تقدم لخطبتها و التى رفضته دون تفكير فصرخت سلمى معنفه اياها: انتِ بتفكرى منين بالظبط؟، العريس دا اكيد اكرم يا مجنونه..

اتسعت عين مها بذهول ثم حركت رأسها نفيا فصرحت سلمى تعدد على اصابعها: اولا عاصم مخرجش من البيت طول الفتره اللى فاتت، قابل العريس امتى؟، الا اذا كان العريس راح له، ثانيا ايه يخلى عاصم يحكى لاكرم عن عريس متقدم ليكِ و الاهم انك رفضتيه؟ و انتِ عارفه ان عاصم مبيقولش حاجه تخصنا لاى حد، ، ثالثا لو قولنا عاصم قال، ايه يخلى اكرم يقول لمحمود و هو عارف انك كنتِ بتحبيه و مخطوبين!، رابعا بقى ايه يخلى محمود يسألك؟ و ايه يخلى اكرم يغضب؟

نظرت اليها مها بتفكير فكلام سلمى يبدو منطقيا و لكنها مازالت لا تستطيع التصديق، فاردفت سلمى و ابتسامتها تتسع تطمل باقى البراهين التى غفلت مها عن رؤيتها: ايه يخلى اكرم يرمى الورد اللى جابه محمود؟، ايه يخليه يجى يزعق فيكِ بالشكل دا؟، و الاهم دخوله الاجتماع بغضب لاول مره و اللى فهمنا دلوقتى ان السبب انه شافك؟ لو دى مش غيرة يبقى ايه يا مها؟

تحولت ابتسامتها لضحكه قصيره لتسخر من تلك التى فتحت فمها لا تستوعب مدى حقيقه الامر: و على رأى نزار قبانى اذا ثار الرجل غيرة، فاعلمى يا حواء انكِ امتلكتِ عاشقا ، ، حدقت بها قليلا ثم اضافت بثقه و تأكيد: اكرم بيحبك.
اخفضت مها بصرها تحاول استجماع عقلها و لكن نبضات قلبها العنيفه و التى تشعر بها لاول مره جعلتها لا تستطيع التفكير...

ما هذا الذى تشعر به؟ مجرد شعورها بأن ما تقوله سلمى صحيح جعل قلبها يكاد يرقص فرحا،
هناك سعاده غريبه تجتاحها، هناك فرحه تسكن نفسها،
لطالما شعرت بشعور غريب بجوار اكرم، سواء كان خجل، ارتباك، ثقه، قوه و الاجمل سعاده..
أمن الممكن ان يكون حقا...!
ابتسمت تلقائيا دون ان تدرى السبب فراقبتها سلمى ثم تمتمت بخبث: واضح كده ان في حقيقه جواكِ و ظهرت اخيرا..!

اجل حقيقه كانت منذ ان رأته و لكن انجرافها خلف الحاجه للحب دفعتها لمحمود و الذى لم يستطع منع شعورها حتى تجاه اكرم، دائما ما كان يربكها، رؤيته كانت تُثير شيئا بداخلها، غالبا ما يزداد خجلها امامه، دائما ما كان اكرم و لكنها لم تدرك..

اخذ اكرم يحوم بغرفته كالمجنون، يكاد يكسر كل ما يقابله، يشعر برغبه عارمه في تحطيم كل شئ، لا يحق له! اجل هى محقه؟ و لكن ماذا يفعل!
كيف يتأكد من ان كانت ترغب به ام لا؟
كيف يرضى قلبه دون جرحا برجولته؟
كيف يمنحها نفسه دون شعوره بميل قلبها لاخر؟
ما زال محمود بداخلها، كلما سيُذكر اسمه ستتذكره، كلما ستراه سترتبك، كيف يتحمل شيئا كهذا؟
و الاسوء كيف يتغاضى عن هذا؟

رفع رأسه لاعلى متمتما بضعف و حنينه لوالدته يشتد: اشتقت لكِ يا امى، انا محتاج ليكِ قوى، محتاج احكيلك و تنصحينى، محتاج ارتاح في حضنك يا امى، وحشتينى قوى و تعبت من غيرك قوى..

جلس على الاريكه محاولا تمالك ألم قلبه و بدأ في نزع ربطه عنقه شاعرا بها تخنقه خنقا و هو يغلق عينه متذكرا كلمات والدته له و غمغم متذكرا عندما كان طفلا ينام على فخذها ليسرد لها ما يرهقه: حاولت بكل الطرق ادفن حبها جوايا مقدرتش، مفيش واحده قدرت تشاركك في قلبى غيرها، انا حبتها بس مش قادر اقولها، قلقان و خايف و متردد، تعبت من كتر ما بعمل قوى و قادر اتحمل، قلبى ضعف يا امى و قوتى بتهرب منى، انا اه بحبها و مستعد افديها بعمرى بس مش هتحمل اكون مهرب ليها من غيرى، مش هتحمل يكون في قلبها حد غيرى، مش هتحمل يا امى و مش عارف اعمل ايه؟ محتاج ليكِ قوى، محتاج ليكِ يا امى.

و للحظه تجسدت جنه امامه، و لعل تلك الصغيره تداويه، لعلها تساعده، نهض حاملا جاكيت بذلته و خرج من الغرفه مسرعا، و على باب الشركه تصادف مع امجد دالفا اقترب منه محييا: يا اهلا يا اهلا دكتور امجد ايه النور ده؟
ابتسم امجد مصافحا اياه مرددا بحبور: اهلا بيك يا بشمهندس...
و بعد الحوار المعتاد عن الاحوال و خلافه بادر امجد متسائلا: سلمى هنا؟

اومأ اكرم قائلا: المفروض خرجت، اعتقد، ، ثم ابتسم و ربت على كتفه مشكرا في سلمى هاتفا بصدق: بهنيك بجد على زوجه رائعه و موهوبه زى سلمى، ابهرتنى في شغلها الاخير..
عقد امجد ما بين حاجبيه متعجبا و هتف بابتسامه: شغل ايه؟
اجابه اكرم غير مدركا ان اجابته اصابت امجد في مقتل: شقه عريس جديد في عماره ، سافر لشغل و ساب الشقه في ايدى و انا سلمتها لسلمى و النتيجه مبهره...

تجهم وجه امجد و اضطربت انفاسه هاتفا بحده و يتمنى ان تكون الاجابه لصالحه: سلمى كانت بتروح الشقه و العريس كان فيها يعنى؟
تعجب اكرم تساؤله المبطن بالشك و لكن اجابه ببساطه: راحت مرتين، مره علشان تشوف المكان، و مره انا طلبت منه تقابلنا هناك غير كده شغلها كله كان هنا، و اساسا صاحب الشقه مسافر..

وضع امجد يده على فمه و هو يكاد يصفع نفسه، و هو يتذكر كلمات الشيخ واجه زوجتك باللى في قلبك ربما يكون سوء ظن او سوء تحليل و يزول بكلمه او توضيح بسيط
تحرك من امام اكرم دون ان يلقى السلام حتى و اخرج التحاليل القديمه التى تثبت انه عقيم و الذى احتفظ بها معه بالسياره، ناظرا اليها،
هذا هو امله الوحيد و ان كان خطأ فجمله و تفصيلا حياته دُمرت، و هو من دمرها بيده..

فسلمى لن تغفر له و لن تسامحه على ما قال و ما فعل..
طالما كانت متمردته و لكنها الان ستتمرد عليه و يبدو انه لن يستطيع مجابهتها فخطأه الان لا يُغتفر..

وضعت كوب القهوه على الكومود و اقتربت من ملابسه الموضوعه على الفراش، حملت قميصه مقربه اياه من انفها مستنشقه عطره بقوه لحظات حتى شعرت بيده تطوق خصرها بتملك مديرا اياها بسرعه ليحتضنها لصدره فدفنت وجهها بعنقه مستمتعه بذلك الشعور الذى طالما حرمت قلبها منه حتى وصلها همسه المغرى العابث: مش كده افضل، يعنى القميص و لا صاحب القميص؟

ابتسمت بخجل و تعلقت بعنقه اكثر فاتسعت ضحكته العابثه ليزداد ضغطه على خصرها غامزا بشغب: عامه القميص و صاحب القميص تحت امرك يا جنتى..
ضحكت بغنج ثم ابتعدت عنه مستنده بيدها على صدره و نظرت لعينه لتحاوطها حصونه السوداء بأسهم احترقت بعشقها و صرحت اخيرا بحبه لها و تمتمت بحب: وحشتنى قوى جنتى .

مال بشفتيه على جبينها ليطبع قبله طويله مغمغا: انتِ جنه عافرت علشان ادخلها، تاخدى وسام التميز بجدراه لانك الوحيده اللى تعبتِ قلب، عقل و روح عاصم الحصرى..
ضمها اليه اكثر و مال عليها بعبث يداعبها بأنفه بمكر: بس فداكِ عاصم الحصرى كله.
ابتسمت و ابتعدت عن مرمى يده هاتفه بارتباك: يالا علشان هتتأخر على ميعادك..

امسك يدها جاذبا اياها مجددا و هى يصيح بتملك و بنبره صبيانيه عابثه مع غمزه مشاكسه: يتأجل الميعاد، هو انا عندى اهم منك يا جميل..
اتسعت عينها بضحكه و هتفت بدهشه و عدم استيعاب: عااااصم!
اتسعت ابتسامته و لاعب حاجبيه بعبث و تمتم بتساؤل رغم ادراكه للاجابه جيدا: أُمرى!
دفعته بخفه بكتفه و ضحكتها تزداد و خجلها يتفاقم تصيح و حياءها يغلبها: بس بقى.

اقترب خطوه منها مائلا عليها بمراهقه انحرافيه: بس ايه؟ ايه بس؟ هو انا لسه عملت حاجه؟ دا احنا ايامنا ورد...
ابتعدت عنه و هى تضحك بعدم تصديق و تنظر اليه بذهول، أهذا عاصم؟!
مهلا، أهذا النقيب عاصم الحصرى؟!
كان مخيفها، و اصبح معذبها، ليصير حب قلبها، و الان هو مجنون..!

تراجعت خطوتين للخلف و هى تطالعه بدهشه ظهرت جليه في عينها فضحك بملئ صوته فاتسعت عينها اكتر و هى ترى اشراقه عينه مع ضحكته. , و امام دهشتها بعاصم الذى اخفاه عنها كثيرا اقترب بتفهم محتضنا اياها متنهدا بعمق و همس بجوار اذنها: هننسى كل حاجه، مش هنفتكر غير حاجه واحده بس..
ابعدها عنه ناظرا لعينها بقوه ليغرق في ابريقها العسلى الذى لمع بدموع فرحتها و اردف بثقه: انتِ انا، و انا انتِ، فاهمانى طبعا..!

اومأت برأسها بسرعه و دموعها تزداد تراكما فرفعت يدها تحاوط وجهه تلامسه ببطء و تردد حتى شعر بارتجافه يدها و التى اكدتها رعشه صوتها و هى تمتم بتساؤل خائف: عمرك ما هتبعد عنى يا عاصم، هتفضل دايما جنبى، انا مش هتحمل خساره جديده!
رفع يده مسرعا ليضم وجهها بكفيه مزيلا دموعها و همس بصدق عاطفته تجاهها: ابدا، هفضل احبك و كل يوم اكتر، و طول ما انا عايش مش هسمح انك تزعلى او تعيطى تانى ابدا، و دا وعدى ليكِ..

لامست كلماته قلبها فمنحها طمأنينه طالما بحثت عنها فارتكزت على اصابع قدمها لترتفع قليلا و عندما لاحظ هو اخفض رأسه لها فطبعت قبله دافئه على وجنته متمتمه بخفوت شديد بجوار اذنه: ربنا يديمك في حياتى..

داعب انفها بانفه ثم اقترب منها اكثر حتى كاد يٌقبلها و لكن طرقا قويا على الباب جعل كلاهما ينتفض و ابتعدت جنه مسرعه عده خطوات للخلف تنهدم ملابسها بارتباك بينما هو اسودت ملامح وجهه و حدق بالباب بنظرات غاضبه مميته حتى جنه تكاد تجزم انها شعرت بالخوف لوهله و لكن غلبها الضحك هذه المره عندما اندفعت سلمى للغرفه صارخه: انا جيييت..
استند عاصم على دولاب ملابسه بيده ضاربا اياه بقوه: ليه؟

نظرت اليه سلمى بعدما قبلته بود متعجبه و تمتمت بتساؤل: هو ايه اللى ليه يا عاصم؟
شدد قبضتيه بقوه و عقد ما بين حاجبيه بنظرات جعلت سلمى تضطرب بحق و هى تحدق به بحذر حتى هتف بحده: انتم حد موصيكوا علينا؟
رفعت سلمى اصبعها متسائله باستنكار متعجب: انتم مين؟! و حد مين؟!، , ثم نظرت لجنه متمتمه: هو في ايه؟!

حاولت جنه كتم ضحكتها و هى ترى نظرات عاصم الغاضبه فحالت نظراتها عنه لسلمى و غمغمت بلا مبالاه: بيهزر بيهزر، تعالى ننزل تحت..
و اصطحبتها لخارج الغرفه و لكن بمجرد ان خرجت سلمى امسك عاصم بيد جنه و جذبها للداخل هاتفا بحنق: ثوانى و هتحصلك يا سلمى..
اغلق الباب بقدمه و دفع بظهرها على الباب المغلق و استند بيديه عليه محاوطا اياها مبتسما بتلذذ لارتباكها و همس بنبره متطلبه: مبعرفش اسيب حقى..

طالعت النظرات المتلاعبه بعينه و هتفت باستنكار و هى تدفعه: حق ايه يا عاصم؟ ابعد حد يشوفنا!
ابتسم ابتسامه صفراء متمتما بسخريه: هو انا قافش واحده في الشارع! انتِ مراتى يا جنه هانم، ، اقترب منها مؤكدا بعبث: و في اوضتنا، , اقترب حتى صار ملاصقا لها ليخفض رأسه مستندا بجبينه على جبينها و ازداد همسه ببحه رجوليه اغوت قلبها: و لوحدنا..
حاولت ابعاده لم تستطع و ربما كالعاده دائما خانتها يدها لتقربه: ب..

لم يسمح لها بالتحدث متملكا شفتيها في قبله ناعمه اودعت بكيانها كله بين يديه...
طرقت سلمى الباب بعنف صارخه: جنه يالا..
انتفض كلاهما مجددا و لكن عاصم كان على وشك الانفجار و بحق كان غاضبا غاضبا بشده، ، نظرت اليه جنه و كادت تسقط ارضا من فرط ضحكها و لكن مظهره انبأها بخطوره الموقف على سلمى، فنظراته السوداء تهدد بأمر غير سار.

اقتربت منه و قالت بهدوء و هى تداعب وجنته بطفوليه: انت عندك ميعاد، و انا سلمى عاوزانى لما ترجع هنقعد سوا، بلاش تتعصب كده، بتخوفنى..
نظر لعينها الطفوليه و التى اندمج عسلها برجاءها فزفر بقوه محتنضا اياها دافنا وجهه بعنقها ثوانى و ابعدها عنه هاتفا بالم صدره من عشقه اللامتناهى لها: انتِ دمارى..

ابتسمت طابعه قبله على وجنته و خرجت مسرعه من امامه مغلقه الباب خلفها فنظر هو للباب و تنهد بابتسامه ساخره، تبا يا ابن الحصرى تبا..
جلست جنه مع سلمى بالحديقه يتسامرون و كانت سلمى تحاول جاهده ألا تُظهر شيئا اندمجت جنه معها ثم هتفت متذكره: المفروض انك تكونى في الشركه دلوقتى؟!
اومأت سلمى بالنفى و تمتمت بلا مبالاه: لا خلصت شغل.

ابتسمت جنه موافقه ثم اعتدلت ناظره لها بتفحص لتجدها شارده فأمسكت يدها متسائله بحنان: مالك يا سلمى؟ حاسه انك مش طبيعيه النهارده..؟!
حركت سلمى رأسها يمنيا و يسارا نافيه و هتفت بمحاوله لاخفاء الواقع: انا كويسه جدا.
ضغطت جنه يدها و ابتسمت و قد تأكد اعتقادها: فيكِ ايه يا سلمى؟ مش هتعرفى تخبى عليا، انا اكتر واحده خبيت وجعى جوايا صعب تضحكِ عليا بكلمه كويسه.

نظرت لعينها التى انطفأ بريق الضحك بها و عادت سؤالها مره اخرى: مالك؟
صمتت سلمى قليلا و لمعت عينها بالدموع ثم وضعت يدها اسفل بطنها و همست باهتزاز و توتر: انا حامل..
ابتسمت جنه بسعاده و ظهر ذلك جليا على وجهها و هى تصيح بفرحه: ما شاء الله لا قوه الابالله، انتِ بتتكلمى بجد، الله، الف الف مبروك يا سلمى..
ازدادت دموع سلمى و هى تضم جسدها بقوه و لتردد بتحشرج: بس امجد مش مصدق انه ابنه..!

اتسعت عين جنه و اختفت ابتسامتها بصدمه و هى تحاول استيعاب الكلمه و لكن لم تسنح لها الفرصه حيث وجدت عاصم يقترب عليهم فنهضت مقتربه من سلمى و تظاهرت بأنها تُمسك حجابها و لكنه بدأت تزيل دموعها و هى تقول بتصنع: حلوه لفه الطرحه دى.

ادركت سلمى ان عاصم قادم من نظرات جنه خلفها فأسرعت بازاله دموعها و اعتدلت كلتاهما جالستين فاقترب عاصم و وضع يده على كتف سلمى فنهضت واقفه فاحتضنها قائلا بود: اخبارك ايه يا متمرده هانم؟

و يا ليته لم يفعل ففور ان احتضنها تمسكت بملابسه بقوه و انهرت دموعها بغزاره جعلته يعقد حاجبيه تعجبا و شدد من ضمه لها و بدأ قلبه يُصدر انذارات قلق و عقله يصرح بامارات غضب، نظر لجنه ليجد عينها تتجنبه باصرار فأدرك ان الامر جدى و لو لم يكن كذلك لم تكن سلمى لتبكى فمرات بكائها على مدار عمرها قليله جدا، هناك ما يؤلمها، يؤلمها بقوه..

ابعدها عنه ببطء و هى تصر على اخفاء وجهها به فتمتم باصرار هو الاخر و هو يبعدها: بصي لى يا سلمى..
و بعد عده محاولات نظرت اليه ليجد عينها حمراء بشده و وجهها يخبره ان الامر كبيرا، هم بالتحدث و لكن جنه نظرت اليه لتؤشر له برأسها يمينا و يسارا رفضا كأنها تخبره انه ليس الوقت المناسب..
اخذ نفسا عميقا و رفع يده مزيلا دموعها و ربت على وجنتها متحدثا بهدوء ينافى غضبه الحارق: اطلعى ارتاحى شويه و نتكلم وقت تانى..

اومأت و تحركت للداخل فاحتدت عيناه مجددا و قبل ان يقترب من جنه ليقول حرفا واحده رفعت يدها هاتفه تبرأ نفسها و تقنعه انها لا تعرف: معرفش مالها كانت لسه هتتكلم و فجأه عيطت، متقلقش انت انا هتكلم معاها تقدر تعتمد عليا..
حاوط وجهها بيده طابعا قبله على جبينها متمتما بثقه: خدى بالك منها و انا مش هتأخر..

اومأت موافقه فتركها و رحل بينما هى كادت جمله سلمى الاخيره تُذهب بعقلها و لكن كيف حدث هذا؟ لابد ان تعرف و لكن ربما عليها الانتظار قليلا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة