قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثامن والعشرون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثامن والعشرون

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل الثامن والعشرون

حاولت حنين التماسك و التغلب على انهيارها و اخرجت هاتفها تحاول الاتصال بعاصم و لكن هاتفه كان مغلقا، حاولت مره و اخرى و اخرى و لكن بلا فائده القت بالهاتف على الفراش و القت بجسدها ايضا تصرخ بلوعه، متذكره حضن فارس الذى دائما ما احتواها، كلامه الذى دائما ما طمأنها و وجوده الدائم معها: انا محتاجه لك يا فارس، محتاجه لك قوى..

اما بالخارج استعد مدحت و امين لما اتفقوا على فعله و اتجهوا للغرفه الجالس بها مازن،
تقدم مدحت منه فوقف مازن امامه فنظر اليه مدحت بحده و هتف باقرار و قرار لا حديث فيه و لا رجوع عنه: هتخرج دلوجت و تنزل تحت هتلاجي المأذون تمضي على جسميه الجواز من غير و لا كلمه، فاهم كلامي و لا اجول تاني!
اتسعت عين مازن بصدمه صائحا و قد تجمدت خلايا عقله: مأذون و جواز؟

تقدم منه امين و تحدث بقوه هو الاخر و باعتقاد كلا منهما انهما هكذا يدافعا عن شرف العائله: ايوه جواز، البلد كلياتها عرفت الخبر و مهما كان دا شرف عيله الحصري و مهسمحش لحد يلطخه عاد، هتكتب عليها دلوجت و هترجع انت وياها على دواركم و مرايدش اشوف خلجتكم اهنه واصل..
ابتعد مازن عنهم هاتفا بغضب يمتنع عن قتل ما تبقى من شقيقه: الكلام ده مش هيحصل، انا راجل متجوز و دى مراه اخويا و بعدين انا و هي مغلطناش..

هدر مدحت به و هو يمسك بتلابيب قميصه بعدما دفعه بكتفه عده مرات: اجسم بعزه و جلال الله لو ما سمعتش الكلام و نفذته دلوجت لكون جاتلها و جاتلك انت كُمان، مش على اخر الزمن يجي عيال يلطخوا سمعتنا في التراب، سامع يا ابن الشرجاوى..
ابتعد مازن عنه و اشاح بيده بغضب تملك كل خليه من جسده دافعا بعادتهم و تقاليدهم غرض الحائط: انا مش هتجوزها حتى لو كلفني الموضوع حياتي..

اقترب امين منه و لى الذراع هو الحل كما اعتقد: و مايفرجش معاك سمعتها الشينه! مايفرجش معاك ان كلفك الموضوع حياتها عاد، و لما انت بتحترمها اكده ليه غلطت معاها؟
صرخ باعلى ما يملك من صوت ربما يستمعوا اليه: يا خلق يا ناس افهموا انا و هي مغلطناش و انا مش هتجوزها، ارجوك يا جدى اسمعنى، ادينى فرصه اشرح لك اللى ح..
ضرب امين بعصاه الارض مقاطعا اياه صائحا بقرار نهائي: يبجي هجتلها بيدي.

اتسعت عين مازن بصدمه و هو يري الحاج امين يخرج سلاحه من بين طيات ملابسه و يتجه مسرعا لغرفتها و لكن قبل ان يفتح الباب اعترض مازن طريقه و فرد كلتا ذراعيه على الباب مانعا اياه من التقدم، فصاح به امين و لم يرف طرفه حتى و ان رفض مازن مجددا سيقتلها لا محاله: جررت و لا اغسل عارنا بيدى؟
ضرب مازن رأسه بالباب عده مرات و صرخ بغضب و ألم عصف بقلبه: موافق، موافق.

انتفضت حنين بالداخل اثر سماعها لصوته بينما نظر هو للاسفل وجد الجميع مجتمع و هذا يعني ان لا احد منهم معترضا على هذا القرار فنظر لجده مجددا اخذا نفسا عميقا يهتف بصرامه: عايز اتكلم معاها لوحدنا..
نظر اليه مدحت بغضب: انت كيف بتطلب ا...
قاطعه مازن هاتفا: دا شرطي.
رفع امين عصاه و هم باسقاطها على رأس مازن و لكن مدحت اوقفه موافقا اياه مانحا اياه اخر فرصه بالطلب و التشرط: ادخل، و خبرها لانها مخبراش بحاجه.

طرق الباب عده مرات قبل ان يفتحه و يدلف و بمجرد ان رآته حنين انتفضت واقفه و عندما وجدته يغلق الباب تجمدت الدماء بعروقها وهمست: بشمهندس انت..
رفع كفه امامها و همس بالمقابل يمنعها الانفعال، التحدث و تضيع وقتها و وقته: ارجوكِ اهدي و اسمعيني احنا واقعين في مصيبه..
ضمت يديها لصدرها منتظره بقيه كلماته فنظر اليها بتوتر و ارتباك لا يدرى ما رد فعلها على ما سيقوله و لكن لابد من قوله: المأذون تحت،.

اتسعت عينها بصدمه فاغلق عينه و تمتم بقله حيله: علشان يجوزنا.
شهقت بعنف مرتده للخلف و هي تصرخ لا تتخيل ما يصير معها و لا طاقه لها على تحمله: لا، لا يمكن يحصل، لا...
رفع يديه الاثنتين امامها يمنعها و همس بترجي: بالله عليكِ اهدي احنا لازم نفكر هنخرج من الورطه دي ازاى!
و لكن هدوء من اين تعرفه حنين الان صاحت به: انا مراه فارس و هفضل مراه فارس و مش ممكن اتجوز غيره حتى لو هيقتلوني.

ضرب جبهته بكلتا يديه و حرك عينه هنا و هناك ثم هتف بغضب و صوته يعلو: انا كمان مش عايز اتجوز، بس دول فعلا هيقتلوني ويقتلوكِ...
اخذت تدور برأسها يمينا و يسارا ثم هتفت بأخر طوق نجاه قد تتمسك به: عاصم، عاصم هيقدر يمنعهم.

اخرج هاتفه مسرعا و حاول الاتصال بعاصم عده مرات لم يستطع فالهاتف مغلق، هم بالقاء الهاتف من شده غضبه و لكنه توقف و طلب احد الارقام الاخرى حتى اتاه الرد، تحدث مازن مسرعا: اكرم باقصي ما فيك من سرعه تكون في الصعيد دلوقت..
انتفض اكرم من مجلسه بجوار جنه يستفسر بتعجب: في ايه يا مازن؟

اتجه مازن للحائط خلفه ضاربا عليه بكفه عده مرات و صاح بتوتر بالغ و كل خلاياه ترفض تصديق ما يحدث معهم: انا و الدكتوره حنين هنتجوز.
شهقت حنين و جلست على الفراش تبكي بحرقه بينما صاح اكرم بعدم تصديق: انت متصل تهزر يا مازن؟!

صاح مازن بغضب تملك منه: اهزر ايه يا اكرم، الجوازه دي لازم تتمنع و انا مش قادر اعمل حاجه جدها و جدى بيهددونا حياتنا مقابل جوازنا، اتصرف يا اكرم هات شرطه، هات بلطجيه حتى، اتصرف و تعالي، لازم نمنعهم لازم.
اغلق الخط و الشياطين تتراقص امامه و صوت حنين الباكي خلفه يفقده عقله اكثر،
نظرت جنه لاكرم عندما وجدته يندفع ليبدل ملابسه: فيه ايه يا اكرم؟

تحدث و هو يتحرك هنا و هناك يجمع اغراضه: اللي فهمته انهم بيجوزوا حنين لمازن بالعافيه، حياتهم مقابل جوازهم، امين و مدحت من ناويين يجبوها البر.
شهقت جنه بعدم استيعاب فما الذى قد يدفعهم لفعل هذا، خرج اكرم و هى ينبهها جيدا: عاصم كان بيقول انه هيرجع النهارده لو جه هنا عرفيه و خليه يجي هناك بسرعه، و انتِ متفكريش تخرجي من البيت و مقدرش اخدك هناك في وضع زى ده.

اومأت جنه و بالفعل رحل اكرم و بعدها بحوالي نصف ساعه دق جرس الباب نهضت جنه مسرعه لتفتح لتجده عاصم و بمجرد ان راها حتى عقد حاجبيه: مالك معيطه ليه؟
تلعثمت جنه و هي تخبره ما اخبرها به اكرم لتشتعل اوداجه غضبا و هو يصرخ بعصبيه مفرطه: يعملوا ايه؟ يجوزوها ازاى؟

احتدت عيناه بقوه و اخرج هاتفه و طلب احد الارقام حتى اجابه الطرف الاخر فصاح عاصم به: تقدر تطلع لى تصريح بالقبض على المتهم امين الحصري في جريمه قتل فارس الشرقاوى، انا نازل الصعيد حالا.
شهقت جنه مرتده للخلف بعنف بينما هو اصبح وجهه اشبه ببراكين ثائره ستحرق الجميع لا محاله.

اما هناك في تلك السرايا، صعد امين لغرفه حفيدته و دلف جاذبا اياها من ذراعها بقوه ليخرج بها من الغرفه متجاهلا بكاءها و صرخاتها المستمره اوقفها ثم امسك يدها بقوه محاولا اخراج دبله فارس العالقه باصبعها فصاحت بألم محاوله منعه بكل ما تملك من قوه و لكنه بالنهايه اخرجها بعدما ادمع عينيها و ادمى قلبها و قبل ان يصل للمأذون همس باذنها: هتجولي موافجه برضاكِ و الا قسما عظما اجتله قدامك و اجتلك وياه و مخليش جنس مخلوج يحزن عليكم...

نظرت لوجهه برعب حقيقي و هو يجعلها تتحسس سلاحه من اسفل عبائته، تحركت تشعر انها تتجه لقبرها و ربما لو هذا حقيقى لكان اهون مما يحدث الان، ها هم ينفذون حكم الاعدام عليها،.

ظلت تعافر و تعافر حتى وصلت اليهم بالاسفل و هنا توقفت كل محاولاتها بالهروب فور ان رأت والدها يجلس بجوار المأذون منتظرا اياها بملامح غاضبه مما جمد الدماء بعروقها، صلب قلبها و كسر روحها، و فكره واحده تجتاح عقلها هى بالفعل ماتت يوم مات فارس، ماتت يوم كُسر سندها به، ابتعد عنها و ابتعدت معه روحها،.

لا أخ، لا اب و لا اسره، و ان كان والدها من اصدر الحكم بالاعدام و بل و يقف امامها لينفذه، ما الذي قد يؤلمها بحياتها مجددا، ما الذي قد تعافر لتعيشه او تبقي لاجله!
يرغبون بتزويجها فليفعلوا فما بات فيها ليس سوى جسد لم تعد ترغب به حتى.
و هنا جذبت ذراعها من يد جدها و نقلت بصرها بين الجميع باستسلام تام ثم اتجهت لتجلس بجوار المأذون من الجهه الاخرى و دموعها تنساب على وجنتها و صوره فارس بيدها...

و بالفعل تم الزواج و ما دفع الجميع للاستغراب انه عندما سألها المأذون على موافقتها دون ان تفكر للحظه حتى ابدت موافقتها فلا مقدره لها على رؤيه دماء احدهم امامها مره اخرى.
و بعد ان رحل المأذون ظلت هي مكانها فاقترب والدها منها: حنين،
نهضت واقفه تبتعد عنه و كأن صوته يؤذيها تنظر ارضا تتجاهله، فلم يتحدث عز بكلمه واحده اخرى، فاقتربت ليلي منها لتحاول جعلها ترفع وجهها اليهم: بنتي ح...

و لكن حنين ابتعدت عن مرمى يدها و هى تشعر بظلال سوداء تحاوطها و كان اخر ما قالته: ماتت، حنين بنتكم ماتت.
و سقطت فاقده لوعيها فانتفض الجميع ليقترب منها و لكن مازن وقف بينهم و بين جسد حنين المسجي ارضا و صاح بهم و هو ينتفض غضبا و حزنا: خذلتوها، كلكم ظلموتها، كانت بتموت من غيره و النهارده انتم قتلتوها،
ثم صاح بغضب رافعا اصبعه بوجههم: محدش له الحق دلوقتى يقرب منها ابدا، سامعين؟ ابداااااااااا.

حملها مازن و صعد بها للاعلي و كانت حياه هي من تبعته دلف للغرفه وضع حنين على الفراش فجلست حياه بجوارها تبكي،
اتجه اليها مازن بعدما امتلئت عينه بالدموع و جلس على ركبتيه امامها و امسك كلتا يديها ضاغطا كفها و همس باعتذار و ضعف: انا اسف، حقك عليا و الله انا اسف..

تساقطت دموعه رغما عنه و اردف و هو يشعر انها فقط من تستطيع سماعه و هى فقط من تستطيع فهمه: و الله العظيم ما غلطت، انتِ مش مصدقه اللي الكل صدقه يا حياه صح؟
رفعت يدها مسرعه تحاوط وجهه فانتفض جسده و هي تصيح تحاول مواساته: مصدقاك يا مازن، ماتعتذرش انت عملت الصح.

رفع عينه الباكيه اليها ثم نظر لحنين و تمتم و دموعه تخونه تباعا: مكنتش متخيل اني هكون سبب الم كبير كده في حياتها، مراه فارس يا حياه مراه اخويا، كلهم دفنوها بالحيا.
احتضنت راسه بقوه فتشنج جسده بين يديها يحاول كتم انفاسه الباكيه و لكنه لم يستطع: انا اسف مش قصدى أذيكِ، بس مكنش بايدى حاجه اعملها، مكنش بايدى حل تاني.

انتفض جسده بقوه و انتفضت معه هى و كلا منهما لا يدرى ما يخبأه القدر بالمستقبل، ان كان مستقبل مشرق او ان كان معتم و لكن كل ما يعرفوه الان ان تلك التي هربت من الواقع باغماءها قلبها الان ممزقا و روحها تالفه، فهي الان اشبه ببقايا امرأه، او اقل.

وصل اكرم للسرايا اخيرا ترجل من السياره و انطلق مسرعا للداخل وجد كبار العائله مجتمعين بالصاله الخارجيه و حاله من الوجوم تسيطر عليهم...
القي السلام و تبعه مباشره بسؤاله: ايه اللي بيحصل هنا بالظبط؟
ضرب مدحت بعصاه على الارض يجيبه باقتضاب: اللي حوصل حوصل و خلاص..
شدد اكرم قبضتيه و تجاهل كل الحضور يتسائل: فين جدى مجدى؟

اشارت نهال له على غرفته، فصعد اكرم و صعدت معه شذى لتدله على مكان الغرفه و قبل ان يدلف وجد مازن يخرج من غرفه مجاوره و عندما رآه اكرم تقدم منه: ايه اللي حصل يا مازن؟
تنهد مازن بارهاق واضح على وجهه: اتجوزنا..
رمش اكرم عده مرات لا يستوعب كل ما يصير فما الذى قد يحدث لتؤول الامور لما آلت اليه: ازاى و ليه؟

رفع مازن يديه الاثنيتن لاعلي و هتف بالمقابل و يا ليته يملك اجابه: معرفش، انا معرفش ايه اللي حصل او ازاى او ليه؟ معرفش..
جذبه اكرم من يده و دلف لغرفه جده التي شعر بهم ما ان دلفا و فتح عينه بارهاق: ادخل يا ولدى..
اقترب اكرم منه مقبلا يده و جلس بجواره و جلس مازن بجواره من الطرف الاخر..

نظر مجدي لمازن و همس بترجي: سامحني يا ولدى مجدرتش امنعهم، هما اكده الصعايده في الشرف مايعرفوش ولادهم، اني عملت اكده مع بنتي زمان و عبد الرحمن عمل اكده مع بنته و دلوجت عز عمل اكده مع بنته.
اغمض مازن عينه لحظات و تمتم بانكسار: الظلم وحش قوى يا جدى و المسكينه اللى جوه دى مش كتير عليها اللى بيحصل ده، ذنبها ايه؟
نظر اكرم لمازن: ايه اللي حصل؟

سرد مازن ما حدث معه و انهي كلامه: و لما دخلت لقيت الدكتوره في وشي و بعدها حاولت افتح الباب كان مقفول و بعدها مفيش دقيقه لقيت العيله كلها قدامي، ثم اخذ يسرد ما حدث في السرايا بعدها..
شرد اكرم قليلا: بس بكلامك ده مفيش حاجه مثيره للشك و اللي هيحكم بقي اللي حصل مع حنين..
امسك مجدى بيد اكرم و هتف بخفوت: انا هخابرك الحجيجه دلوجت، اوعدني يا ولدى توزن الامور زين و تجف جار عيلتك كلياتها..

اومأ اكرم و انتبه مازن و هنا بدأ الجد يسرد تفاصيل الماضي على مسامعهم و كلما سرد القليل يجن جنون مازن و اكرم حتى انتهي.
صاح مازن بعدم تصديق: انت بتقول ايه يا جدى ازاى نجلاء هانم تعمل كده؟
مجدى بخفوت: انا ماخبرتش الحجيجه الا من جريب و من وجتها بحاول اكلم اكرم بس الظروف وجفت ضدى.

كان اكرم مصعوقا مما سمعه عما صار لوالدته و والده و له عندما كان ابن الخامسه من عمره، نظر اليه مجدى و ربت على ركبته يطلب مسامحته: سامحني يا ولدى انا اذيت امك كتير جوى، سامحني يا ولدى.
نظر اليه اكرم بدهشه أيطلب منه السماح؟ على ماذا تحديدا؟

على اتهام والدته بشرفها و تصديقه للامر!، على محاوله قتلها بدون اى رحمه تذكر!، على التشكيك بنسبه و انه ليس ابن ماجد الالفي!، على طرده لوالدته كأنها لم تكن ابنته، أم على دموع والدته التي دائما ما كانت تصادقها؟، اذا على وفاه والدته دون ان يحتضنه احد منهم او يقف بجواره، على ماذا يطلب السماح؟

نهض اكرم واقفا و هتف بثقه و اقرار: اولا حق اهلي هجيبه و منك انت اول واحد و اول حاجه هعملها اني هعتبر نفسي معرفتش في يوم من الايام ان ليا عيله، ثانيا عاوزك يا مازن تدور ورا الفضيحه اللي حصلت لمراتك لان ممكن ببساطه يكون ابوها السبب!، اما بقي معرفه الكل للحقيقه مش هيحصل غير برجوع جوز نجلاء الحصري بمزاجه او اجبارى وقتها بس هقول الحقيقه للكل.

صدع فجأه صوت سياره الشرطه بالاسفل فنظر مازن و اكرم لبعضهم باستغراب و سرعان ما خرجوا من الغرفه مسرعين، تفاجأ الجميع بعاصم يدلف و معه قوات الشرطه التي انتشرت لمدخل السرايا..
نهض عز يتعجب ما يحدث: في ايه يا عاصم و ايه الشرطه دي؟
نظر عاصم لجده بغضب عاصف: دول جايين يقبضوا على اللى قتل فارس..
انتفض قلب نهال و نهض مدحت ضاربا بعصاه الارض بينما تقدم مازن بترقب قاسى و تمتم بحذر: هو ايه هيجيب قاتل فارس هنا؟

تقدم عاصم ببطئ باتجاه جده خطوات اخرى: القاتل المأجور اعترف على الى حرضه.
صاح مدحت بغضب: ميييييين؟
صرح عاصم باسمه ليتوقف قلب الجميع حرفيا: الحاج امين الحصري.
تعالت الشهقات و الهمهمات غير المصدقه فتقدم عز من عاصم و صرخ بوجهه: انت اتجننت يا عاصم، جدك لا يمكن يعمل كده!

اشاح عاصم بيده و هو يحرق جده بنظراته: و اهو عمل يا عز بيه، ثم نظر للظابط خلفه متحدثا بهدوء ينافى ثوارن البراكين بداخله: تقدر تقبض عليه يا حضره الظابط.
تقدم مدحت واقفا امامه كمن يحميه و قد كان بالفعل يفعل: كيف تجول اكده، امين لا يمكن يعمل اكده واصل انا متوكد.
صاح امين بالمقابل يدافع عن نفسه: بااااه الكلام ده محصولش.

و هنا تقدم اكرم وصرح بقوه عن غضبه و الذى لا يصيبه الا نادرا: مش مصدقين ليه، دلوقت وثقتوا في بعض، وثقتوا في صداقتكم، فهمتوا يعني ايه التهديد يتحول لحقيقه، طيب كنتم بتهددوا ليه، دلوقت عاوزين ايه كل واحد يقف جنب التاني و يقول مش مصدق؟

اشاح بيده و اردف بغضب اعظم و كلماته تتردد بقوه في انحاء السرايا لتشهد تشتت جديد اقوى و اعنف و اكثر ألما: انتم السبب، انتم دمرتوا عيلتكم بأيديكم، استغنيتوا عن صداقتكوا علشان تفاهات و كذب،
و باحتقار اضاف و هو يحزن انه فرد من هذه العائله: كنتم لقمه سهله قوى للي حابب يفرقكم و فعلا نجحوا، بتدافعوا عن بعض ليه دلوقت؟ كنتم عملتوا ايه لبعض قبل كده، انتم خلاص زرعتوا وجه الوقت اللي تحصدوا فيه.

تقدم عز لوالده و تسائل و هو يمتنع عن التصديق فوالده لن يفعل هذا: قول ان الكلام ده كدب يا والدى! قول انه محصلش.
و هنا ايضا تقدم اكرم واقفا امامه مبتسما بسخريه مستغلا الجرح النازف بقلب الجميع الان ليضغط عليه بقوه: وحش الخذلان صح، وجعك اللى عمله، وجعك انه يعمل اللى انت مش متوقعه، اهو انت عملت ابشع منه مع بنتك، كسرت كل ثقتها فيك، انت قتلت بنتك بايدك،.

ثم صاح باشمئزاز يشمل بنظره الكبير قبل الصغير: يا خساره، بجد يا خساره..
صاح عز و اتهام عاصم يوقظ ابوته و يسلط ضميره عليه: انت مش فاهم الوضع ازاى؟ انا...
صرخ اكرم بغضب هادر جعل الجميع ينتفض: وضع ايه؟، قولى انك سمعتهم، قولى انك حاولت تفكر، لكن اول فعل و رد فعل كان الضرب و الاتهام، وصلت بينا للقتل، الطعن في الشرف و الجواز بالغصب مستنى ايه تانى، وضع، وضع ايه؟ انا بقيت مكسوف كوني فرض منكم، بقيت قرفان.

انفعل عاصم بغضب و رغم انه لا يعرف ما صار، لما صار و كيف، صاح دون اهتمام بكل ما يُقال، موجها كلامه لمازن: انا هاخد حنين و همشي و ورقه طلاقها توصلها بيت اهلها.
انصدم الجميع مما قاله و لكنه لم يأبه بهم بل صعد ليحضر حنين و لكن يد اكرم على كتفه اوقفته: لا يا عاصم حنين مش هترجع بيت اهلها و لا هتتطلق.

استدار عاصم اليه بغضب فاردف اكرم بحزم: حنين والدك كسرها و كسر قلبها بدون ما يسمعها، كان اول واحد رفع ايده عليها بدون حتى ما يسألها، و اما الاب يتخلى عن بنته و ثقتها فيه تتهز مش هتلجأ له تاني يا عاصم، و انت كنت فين لما احتاجتك، لاي سبب كان يمكن تكون معذور بس بالنسبه لها لا، بالنسبه لها احتاجك و ملقتكش و دا مش هيتنسي بسهوله، محدش له حق في حنين دلوقت غير جوزها، الراجل اللي حاول يمنع جدها و ابوها من قتلها، حنين هتخرج من هنا مع جوزها على بيته و بعدها هي و هو احرار ياخدوا القرار اللى يحبوه.

ضرب عاصم يده بالحائط بجواره و هو يكاد يجن جنونه و لكن منذ متي يستمع عاصم لما يقوله الغير؟
صعد مسرعا للاعلي بحث في الغرف حتى وجدها و ما زالت فاقده الوعي فحملها و هبط بها تاركا الجميع يراقبه بصمت مثلما فعلوا اول الامر،
تقدمت حياه من مازن تأبطت ذراعه تحركه معها للخارج هامسه: يلا نروح وراهم، حنين مش هتقبل حد منهم جنبها لما تفوق.

اخذت الشرطه امين وسط صيحات الرجال و لكن ها قد وقع السيف على الرقاب و حتى ان كان الامر بتدبير فهم بأنفسهم من خضعوا و هم بأنفسهم من سمحوا بوضع السيف من البدايه..
فالاضلع الاربعه لم تتفرق فحسب بل كُسرت بحيث لا مجال لتجميعهم مجددا.

استعدت هبه بسعاده لتستقبل معتز بعد عودته من العمل و تفاجأه بخبر حملها التي علمت عنه صباح اليوم بعد فتره لا بأس بها من الانتظار، ارتدت احدي قميصانها المفضله لديه و تعطرت بعطره المفضل لتستمع بعدها لقفل الباب يفتح فاتجهت مسرعه للخارج و وجهها يضوي بابتسامه مشرقه..
و لكنها تسمرت مكانها عندما وجدته يدلف و بجواره فتاه ما ترتدى فستان ابيض و بيدها باقة ورد صغيره و تلك لم تكن سوى المدعوه بسالي..

نقلت هبه بصرها بينهم باستغراب و هي تحاول ابعاد اى خاطر سئ عن تفكيرها، و اخذت تنظر لمعتز ثم لسالي ثم ليدها التى تمسك بيده عده مرات حتى خرج صوتها اخيرا و رغما عنها خرج مهزوزا: مي، يم، مين، د. د. د، دي يا معتز؟

ابتلع معتز ريقه بصعوبه و حاول اجابتها و لكن الكلمات توقفت على طرف لسانه و لم تخرج و لكن سالي اعفته من تلك المهمه عندما اقتربت منه و وضعت يديها بذراعه تقترب بجسدها منه هاتفه بضحكه واسعه: مراته...

كان مازن يقود السياره خلف سياره عاصم و حياه تجلس بجواره عندما وقف احدهم امام سياره مازن ليحاول التوقف بأسرع ما يمكنه حتى استطاع اخيرا و السياره تبعد اقل من متر واحد عن شادى الواقف امامه..
هبط مازن و تبعته حياه و لكنها وقفت امام باب السياره و لم تتقدم، اقترب مازن منه و هتف و قد اوشك هدوئه على النفاذ: خير؟

ابتسم شادى بسخريه و نظر لحياه قائلا بسخط و هو يتعمد السخريه: صحيح الطيور على اشكالها تقع، انتِ خنتينى و انتِ على ذمتى...
ثم نظر لمازن و اشار بيده عليه من اعلي لاسفل: و هو خانك و انتِ على ذمته...

حاول مازن بشتي الطرق التمسك بصبره و لكن اعصابه لم تتطاوعه فرفع يده ممسكا شادى من ياقه قميصه و هم بالتحدث عندما جزعت حياه و تقدمت منهم و عندما احس مازن بخطواتها نظر اليها بطرف عينه و هتف بحده قليلا ما يتعامل بها معها تحديدا: ادخلي العربيه و متخرجيش،
نقلت بصرها بينهم بقلق و تقدمت خطوه اخرى و لكن مازن صاح بحده اشد و نبرته تمنعها محاوله كسر كلمته: حياااااااااااه.

امتلئت عينها بالدموع و اسرعت بالعوده للسياره تنظر للخارج بترقب و قلق.
اعتدل مازن و نظر لشادى بغضب يحاول ربط خيوط الامر ببعضها و لكنه هذه المره اخطأ: انت اللي ورا الموضوع ده؟!
نظر اليه شادى باستغراب و حرك رأسه يمينا و يسارا باستنكار: موضوع ايه؟
دفعه مازن بحده و رفع اصبعه مهددا: اخر مره اشوف وشك قدامي، اخر مره و دا افضلك..

هم مازن بالتحرك لسيارته و لكنه تذكر شيئا و عاد اليه مره اخرى متسائلا ينتظر الاجابه بحذر شديد: انت اتهمت حياه بالخيانه، ليه؟
نظر اليه شادى باستغراب اشد و هتف بغضب و هو يتذكر ما اصابه عندما علم بالامر: و دا اللي هيفرق!
اقترب مازن منه محتجزا قميصه بين يديه مجددا و هدر به: اه هيفرق! مين اللي قالك؟ مين اللى دفعك انك تشك فيها؟ و ازاى قدرت بكل بساطه تصدق حاجه زى كده عن مراتك لمجرد انك سمعت؟

ابعده شادى بعنف و صاح هو الاخر و ظهر بصوته التألم فما كان يكنه لها من مشاعر ليس بقليل: فاكر ان الموضوع كان سهل عليا، انا كنت بعشقها، بس لما تيجي واحده و تقولي مراتك بتخونك وانا بعدها اعرف انها كانت بتحب دكتورها في الجامعه كان غ...
قاطعه مازن و قد اصابه ما خاف منه: واحده؟

نظر اليه شادى و عيناه تلمع بالدموع و هو يحدق بحياه من خلف الزجاج: اه واحده، جت قالتلي الحقيقه و دمرت كل حاجه حلوه كانت بينا، قتلت قلبى و ياما اتمنيت اني مكنتش اعرف الحقيقه..
شدد مازن قبضتيه و هدر بصوت رغم هدوئه يرعد و هو يخمن من الفاعله: مين دى؟
صاح شادى و هو لا يعرف عن المرأه سوى شكلها: معرفهاش بس اعرف انها قريبه اهلها، قالت انها حبت تعمل فيا خير و تساعدني اعرف ان مراتى خاينه..

ادرك مازن انه يتحدث عن نجلاء و هنا فقد اخر ابراج عقله فاندفع كالثور الهائج اليه لاكما اياه عده مرات حتى سقط شادى ارضا من دهشته...
خرجت حياه من السياره مسرعه و هتفت باسم مازن عده مرات لعله يستمع اليها و يتركه و لكنه لم يبالي ربما لانه كان بحاجه ليفرغ جرعه الغضب بداخله او ربما الحزن لا فارق، فاقتربت منه واضعه يدها على كتفه تحاول منعه حتى استجاب لها اخيرا...

نهض عن ذلك المسجي على الارض و امسك بمعصمها بقوه و اتجه بها للسياره و هي تبكي خوفا ثم دفعها للداخل مغلقا الباب بعنف و اتجه لمقعد القياده و انطلق بالسياره مسرعا..

وصل عاصم امام منزلهم هبط من السياره و اتجه للمقعد الاخر حمل حنين و اتجه بها للداخل و اثناء ذلك استيقظت حنين من اغماءها و حاولت تدارك الامر حولها و لكنها فشلت اغلقت عينها عده مرات و اعادت فتحها و بدأ ما حدث طوال اليوم و الامس يداهم عقلها حتى توقف كل شئ مع صفعه والدها و قوله انا بنتي ماتت يوم ما مات فارس .
تساقطت دموعها بضعف، قله حيله و خذلان،.

خذلان ممن اعتقدت انه الظهر و السند و لكنه اصبح كل متهم و مهاجم،
خذلان ممن اعتقدت انها ستلجأ لحضنه لتحتمي به لكنه اصبح لها الجحيم الذى قتل روحها قبل ثقتها،
خذلان ممن اعتقدت انه سيقف امام الجميع ليقول تلك ابنتى و لن اسمح بأى شئ يضرها لكنه اصبح القاضي و الجلاد، اصبح الحكم و الحاكم، و اصبح الموت بعدما كان الحياه،
خذلان ممن يقول الجميع ان بغيابه ينكسرون لكنه اصبح رغم وجوده سبب كسرتها.

ازدادت وتيره تنفسها فشعر بها عاصم فتوقف ناظرا اليها لحظه كانت اطول من الدهر عليه ثم اوقفها ارضا، رفعت بصرها اليه و عينها تحكي له قصصا من الالم و الخذلان فزفر بقوه ضاما اياها لصدره لتشهق باكيه بعنف يعبر و لو قليلا عما بداخلها...
ابعدها عن حضنه محاوطا وجهها بكفه و هم بالتحدث عندما قالت هى و باتت تشعر انها واقفه على ارض من زجاج على وشك الانكسار: انا انتهيت يا عاصم، انتهيت..

ضمها اليه مجددا و هتف بكل قوه استطاع تجميعها من روحه الممزقه: مش هسمح بحاجه تحصل تاني، مش هسمح انك تتأذي تاني، مش هسمح بوجع يمس قلبك تانى، حنين هترجع تعيش تاني، هتنسي كل حاجه صدقينى.
صاحت ببكاء انهيارا و هى تدفعه بصدره ليبتعد عنها: انت سمحت خلاص، كنت فين لما كنت محتاجه لك، سمحت خلاص يا عاصم، خلااااص كل حاجه انتهت، كل حاجه..

ثم صرخت و هى تتذكر كم كانت مطمئنه سابقا، كم كانت تجد الدفئ و الان تختبر الصقيع و بمفردها: كل حاجه انتهت لما فارس سابني، كل سند في حياتي اتكسر و كسرني معاه، فارس كان كل حاجه ليا و كل حاجه انتهت بغيابه عنى، انتهت يا عاصم، انتهت، قالت الاخيره بضعف و جسدها يتساقط لتلامس ركبتيها الارض تنتفض بكاءا...

لينظر اليها عاصم قليلا قبل ان يدرك ان ما قاله اكرم صحيحا، في هذه اللحظه وصل مازن و معه حياه ليقتربا منهم و بمجرد ان رأت حياه حنين الذي جعلت قلبها يبكي قبل عينها اتجهت اليها فورا محتضنه اياها بقوه لتتعالي شهقات حنين و تظل تردد باسم فارس بينما مازن و عاصم كلاهما يقف عاجزا،.

هدأت قليلا فاوقفتها حياه و تحركت بها لتدخلها للمنزل و لكن حنين لم تتحرك خطوه واحده، حاولت حياه دفعها و لكنها ظلت مكانها دون حركه فنظرت حياه لعاصم و مازن بنظره معناه لا استطيع فعل شئ..
اقترب عاصم منها واضعا يده على كتفها و تحرك بها و لكنها ايضا لم تستجيب فنظر اليها قائلا و مازال في كامل تماسكه او هكذا يدعى: يلا ندخل يا حنين انتِ محتاجه ترتاحي..

ابتعدت عن ذراعه الذى يحاوطها به و تحركت خطوتين للخلف بعيدا عن المنزل و همست و هى تنظر ارضا: حنين وجودها هنا انتهي، انا لا يمكن ادخل هنا تاني..
نظر اليها عاصم و بدأ غضبه يزداد او ربما عجزه صائحا بحرقه: يعني ايه يا حنين؟

رفعت عينها التي رغم ذبولها و حزنها القاتل كانت تبدو قويه مصممه على ما تقول: يعني انا مش هدخل البيت دا تاني، يعني عمرى ما هعيش مع اب و ام اول ما ظلموا ظلموا بنتهم، يعني انا بالنسبه لكم مت..
وصل الجميع و استمعوا لاخر كلمات نطقت بها لتنتفض ليلي مقتربه منها تلامس يدها بودها المعتاد: حنين حبيبتي انتِ...

ضحكت حنين بقوه و هي تدفع نفسها بعيدا عن يدى والدتها و هى ترى في ودها وجع اكبر و عينها تذرف الدموع قائله بسخريه لاذعه: حبيبتي!
تقدم عز ليقف امامها محاولا الثبات ليحاول ترميم ما هشمه و لكنه مخطئ فليس كل ما كُسر يُجبر: يا بنتي ا...

ابتعدت عنه خطوه للخلف و صاحت و بدأ جسدها ينتفض لا بكاءا بقدر ما كان غضبا، نفورا، ضعفا و هى في قمه خذلانها و تبعثرها: متقولش بنتي، انت اتخليت عني في عز ما كنت محتاجه لك، انت اول واحد وقف ضدى، انت خذلتنى يا بابا، خذلتني و عمرى ما هسامحك ابدا...

بدأت انفاسها تنخفض تدريجيا و جسدها يترنح و يلفها الظلام و لكنها قاومت ضعفها و صوت نبضاتها يمكن لجميعهم سماعه و اضافت ببطء و كأنها لم تعد في وعيها: عندك حق يا بابا، انا مت يوم ما فارس مات.

و تمردت قدمها لتستقبلها الارض شبه فاقده لوعيها، تدرك ما حولها قليلا، هلع الجميع اليها و لكن قبل ان يقترب منها احد وقف اكرم امامها و تحرك مازن باتجاهها فابتعد اكرم و اشار له عليها قائلا بهدوء و قد رأى ان هذا افضل ما قد يحدث: خد مراتك لبيتك..

انتفض عاصم من شده غضبه و تقدم باتجاههم و لكن منعه اكرم مقيدا حركته بصعوبه هاتفا بعقلانيه و مراعاه لقلبها الصغير و تجنبا لانهيار اخر و ربما المره القادمه لا تحمد عواقبه: اديها فرصه تستعيد نفسها اللي اهلك دفنوها،.

تجمد عاصم و غضبه يكاد يحرقه حرقا و هو يرى مازن يتجه بها للخارج وخلفه حياه، و لم يستطع احد اخر التحرك ليمنعه فكيف يعترف المذنب بذنبه و هو مازال مؤمنا انه ليس مذنبا، نظر اليهم اكرم نظره اخيره و رحل من امامهم مسرعا، متمنيا انه بيوم من الايام قد تتحسن الامور، بينما عاصم عصف به الغضب و العجز الذى كبله دون قدره على التصرف و خرج مسرعا من المنزل صاعدا لسيارته منطلقا بها يسابق الرياح في سرعتها لا وجهه له.

لا انا ضعيفه و لا خايفه
انا واحده عشت بمزاجي
انا واحده عشت مش شايفه او بعمل نفسى مش شايفه
لا انتبهت من التحذير و لا التفت للتبرير
فتحت قلبي بدون تفكير
فمر قطرك فوق مني بدون رحمه او شفقه
فكان لابد من التكفير
و كانت النهايه حتميه
انفاسي بتتسحب مني و قلبي فورا مات فيا
شريط بيمر قدامي و فيه كل ايامي
كنت خايفه من فراقك
كنت معميه بحنانك
فعشت تايهه عن الحقيقه
بس كفايه انا مش بريئه...
مراته...

اتسعت عين هبه بصدمه و هى تنظر ليد تلك الفتاه التي تحتضن يد زوجها و كلمه مراته تردد بأذنها تحاول اثبات نفسها كأنها متأكده ان هبه لن تصدقها و هذا ما حدث بالفعل عندما ضحكت و عقدت ساعديها امام صدرها وهتفت بما ادعته من ثبات: ايوه انا مراته، انتِ مين بقي؟

اغلق معتز عينه يجز على اسنانه بقوه عندما ضحكت سالي بالمقابل و هي تعيد خصلاتها خلف اذنها: اووو ما انا كمان مراته، مراته الجديده، اللي مهما لف و عرف و اتجوز غيرها برده رجع لها، اللي كان طول عمره بيتمناها و انتِ حاولتِ تاخدى مكانها...
امسكت فستانها و رفعته قليلا تتحداها بعينها بقسوه: بس النهارده بالفستان ده بثبت لك انك فشلتِ و قلب معتز فضل معايا و ليا، انا و بس..

و هنا نزع معتز يده منها و هتف بحده كأن هذا سيصلح موقفه او ربما يقويه: سالي!
نظرت اليه بنظرات بريئه و لم تكن بالفعل: نعم يا حبيبي..
و هنا اغلقت هبه عينها مانعه تماما دموعها من السقوط، اوقفت نزيف قلبها، حبست انفاسها، منعت حتى لسانها من التعبير عما يختلج قلبها، فقط اغلقت عينها كأنها بهذا تمحي كل ما تشعر به و يا ليتها تستطيع،
حبيبي!

مجرد كلمه نطقت بها تلك و لكنها كانت كسهم سام شق صدرها لينغرز بقلبها مميتا اياه..
و بهدوء تحسد عليه تحركت باتجاههم حتى وقفت امامهم مباشره و نظرت لمعتز دون ان تحيد بعينها عنه...
أيريد كسرها؟
تزوج اخرى و هو يعلم جيدا مدي حبها له، احضر اخرى لبيتها و هو يعلم جيدا مدى غيرتها عليه، سمح لاخرى بالاقتراب منه و سمح لنفسه بالاقتراب من اخرى،
ماذا يريد بهذا، إذلالها ام قتل قلبها؟

ام اثبات انه بحبها لن يشعر، اثبات انها بقلبه لن تسكن، اثبات ان ما فعلت و ما عاشت معه كان حلم جميل و لكن الاحلام لابد ان تنتهى و ها هو الواقع؟
كان هو يهرب بعينه منها و قد اربكته زرقه عينها و ثباتها و لاحظت هي ذلك فابتسمت..
هل يشعر بالخزى مما فعل، هل هو نادم الان على تلك الخطوه، هل هو يتحسر على تلك الفله التى قتلها للابد!؟
ابعدت نظرها عنه اخيرا و نظرت لزوجته و بابتسامه اوسع تمتمت: الف مبروك..

هنا حدق بها معتز بصدمه و عينه متسعه، توقع منها غضب، صراخ و حتى ان تضربه و لكن ما لم يتوقعه ابدا هو هذا الهدوء، و على ما يبدو انه و رغم ما مر على زواجهم لم يفهم زوجته جيدا.
نظرت اليها سالي باستغراب هي الاخرى فهي توقعت غضبها او طلبها للطلاق على اقل تقدير لانتهاء تلك العلاقه و لكن هذا الهدوء و هذه المباركه لم تستوعبهم ابدا و لكنها ابتسمت بوجه غريمتها و قالت بدلال و هي تميل على معتز: الله يبارك فيكِ،.

ابتسمت هبه و عادت ببصرها لمعتز التي تعلقت عينه بعينها الزرقاء التي لا يظهر بها الان ان كانت غاضبه او لا، ان كانت حزينه او لا، و لكن ما دب الرعب بقلبه ان حبها له و التي طالما نضحت به عينها لا يظهر ايضا.
ظل ينظر اليها ثوانى حتى تحدثت بخفوت و مازالت على ثباتها: مبروك..
اضطربت انفاسه و غامت عيناه في امواج عينها و شعر بنفسه مشتتا بين موقفها الظاهرى هذا و بين ما تحمله نفسها الان،.

و لكنها حسمت الامر عندما اعطته ظهرها و بمجرد ان اختفت عينه من امامها اغلقت عينها التي كانت تتوسلها لتفيض دموعها،
و وضعت يدها على قلبها الذي كان ينتفض بين جنبات صدرها كأنه طير ذبيح و هو كذلك بالفعل،
شعرت بانفاسها تخدعها لتضطرب، صوتها يعاندها ليصرخ، تحركت ببطء و كم كانت تود الركض،
حتى وصلت لغرفتهم سويا فدلفت و اغلقت الباب دون ان تنظر خلفها،.

اما بالخارج تابع هو ظهرها و هي تنصرف و كم ود ان يركض ليحتضنها مثلما اعتاد، ان يخبرها لما فعل هذا رغم انه لا يعرف السبب، منذ ذلك اليوم الذي قابل به سالي مجددا و هو يشعر ان القدر يطالبه باحياء قلبه الذي طالما تمناها..
هو احب هبه و من كل قلبه و لكن حبه لسالي مازال يسكنه، كم يتمني ان تتفهمه هبه و تفرح لفرحته رغم شعوره ان لا وجود لتلك الفرحه و لكن ربما لو تجاوزت هبه الامر يستطيع هو العيش بسعاده،.

وضعت سالي يدها على كتفه فالتفت اليها لتصيح بضحكه: انا فرحانه قوى يا ميزو و مش مصدقه اننا خلاص اتجوزنا، انت كمان فرحان يا حبيبي مش كده؟
شرد بفكره قليلا لذلك اليوم الذي كان يسير فيه مع هبه على شاطئ البحر في بدايه زواجهم و قد تجاوز الوقت منتصف الليل بالكثير، و قد خلى الشاطئ من الناس تقريبا.

Flashback
كانوا يلعبوا سويا و تراهنا على ان الفائز ينفذ للاخر طلبا، و بالفعل خسر معتز فركضت هبه بعيدا عنه و صوت ضحكاتها يطرب اذنه و هو يتابعها بشغف حتى توقفت قائله بدلال و ثقه: كالعاده خسرت الرهان قولتلك مش هتقدر عليا،
فتذمر ونهض مقتربا منها و هي تتراجع للخلف: انتِ بتغشي..

اخذت تضحك كثيرا حتى امسكها هو و ضحك معها محتضنا اياها من الخلف كعادته فسكنت بين يديه و أراحت رأسها على كتفه البحر امامها و الدنيا بأكملها بين يديها حتى همس بأذنها: فلتي هتطلب مني ايه؟
ضحكت بسعاده و هى تضم ذراعيه حول خصرها اكثر: عارف انى بعشق اسم فله منك، رغم انى بحب اسمى بس فله ليها مكان خاص بقلبي، بحس بيها انى ملكك و ليك و بس..

استند بذقنه اعلى كتفها يردف محتويا قلبها بقلبه و جسدها بجسده: طيب انا بلاحظ انك دائما بتنادينى باسمى، ليه بقي مش بتختارى اسم مميز ليا تحسي بيه اني ملكك انتِ و بس!

استدارت اليه و حاوطت وجهه بيديها و لمعت عينها بقوه حبه و همست بصدق احساسها ليلامس قلبه دون تفكير: لان اسمك لوحده مميز معتز العزه و الفخر، التفاني والكبرياء، الثقه والقوه، اسمك معناه جميل قوى و انا مقدرش اشوهه باسم تاني و انا ببقي سعيده جدا و انا بقوله..
استدارت مجددا و اعادت راسها على كتفه و اغمضت عينها تاركه اياه يتلذذ بكلماتها..
ثم همست بوتيره وترت احساسه وقتها: و طلبي منك، انك تفضل جنبي دائما..

Back.

عاد معتز من شروده على صوت سالى ينادى باسمه: ميزو، انت سامعنى؟
نظر اليها معتز قليلا و شعر براحه غير اعتياديه لانها لا تخاطبه باسمه و شعر كأن اسمه مرتبطا بهبه فقط، لا يجوز لشفاه اخرى غير خاصتها ان تنطق به، و لا يجوز لقلب اخر غير خاصتها ان يفخر بمعناه،
افاق مجددا على لمست سالي ليده تهتف بضيق: في ايه يا حبيبي؟

اشار لها بالتقدم امامه حتى دلف بها لغرفه اخرى مشيرا لها لتدلف مرددا بتوتر: غيرى هدومك و انا هاجي كمان شويه..
امسكت يده بغضب: انت رايح فين؟
سحب يده و نظر بتشتت لنواحي الغرفه و قال بارتباك: انا...
ثم استعاد نفسه و هتف و هو يغلق الباب: مش هتأخر يا سالي..
اغلق الباب و خرج اتجه للغرفه الرئيسيه التي تقبع هبه بداخلها وقف امامها قليلا لا تقوى قدمه على التحرك ليدلف لها،
ماذا سيقول؟ بما سيدافع عن نفسه؟

كيف يدافع و هو مذنب بحقها بل يشعر انه مذنب بحق نفسه ايضا؟
هو يعلم ان هدوءها خلفه براكين لا غاضبه بل متألمه..
يعلم انه اذي قلبها دون تفكير،
بغير عمد!
لا هو فعل ذلك بعمد، اجل لم يتعمد ايلامها و لكنه فعل،
تقدم خطوه اخرى يحاول الاستماع لصوتها علها تبكي و لكن لا صوت..
استدعي كل قوته رغم موقفه الضعيف و فتح الباب و دلف..

كانت جالسه على طرف فراشها تنظر للارض بدون اى رد فعل، ملامحها لاول مره تكون مبهمه بالنسبه له، تبدو هادئه غير مباليه و صدقا ذلك ما دفعه للتقدم اكثر...
اقترب منها و جذب المقعد وضعه امامها و جلس، ظل يتابعها قليلا ثم همس بتردد: هبه!
ظلت على وضعها فهم بالتحدث مجددا عندما تمتمت هي و هى تتذكر الايام الماضيه و خاصه منذ ذلك اليوم الذى رأوا به تلك المدعوه بسالى: من امتي بتتقابلوا؟

ازدرد ريقه بصعوبه و حمحم و لم يجب، رفعت هي بصرها اليه تحدق بوجهه بقوه مهوله ليرى هو بعينها نظره جديده عليه، نظره اخبرته انها تمحي كل شئ، كل شئ و لكن ببطء ربما سيقتله قبلها..
تابعت هي خلجات وجهه و تمتمت مجددا و هى تتذكر خزيه و اسفه و التى اعتقدت وقتها انه لموقف ما حدث بينهما و لكنها الان ادركت السبب الحقيقى: كل مره كنت بتحضني و تقولي اسف كانت خيانتك ليا السبب، صح؟

عقد حاجبيه بصدمه و تلاقت عينيهما هي بقوه غير معتاده و هو بضعف ربما معتاد، كان هو من ارتجفت عيناه اولا و همس بشرود و تشتت: خيانه!
اكملت و كأنها لم تسمعه: من يوم ما شوفتها و انا معاك و انت بتقابلها، صح؟
تاهت عيناه في جميع الانحاء عدى عينها فأردفت هي بابتسامه ساذجه: لما قولتلي خايف ضعفي بحبك يأذيكِ، كنت قاصد تنبهني انك بتأذينى و هتأذينى، صح؟

رفع نظره اليها مره اخرى لتُفاجئ هي بأسف متوسل يغلف نظراته فابتسمت بشرود و رفعت يدها و اشارت على قلبه باصبعها قائله باهانه واضحه: جبان...
اجل لم تخطئ قلبه بحق جبان،
عندما كان يخاف من الفقد دائما ما كان يَجرح بدلا من ان يُجرح،
و هذا ما فعله الان عندما احبها و خشي ابتعادها قرر جرحها قبل ان تجرحه،
هو لا يدرى هذا و لكنه يدرى جيدا ان ما فعل لا سبب له سوى خوفه و ربما حبه القديم...

نهضت و ابتعدت عنه تحدثه و كأنه غريب لا يخصها و لا يؤذيها و لا يمثل لها اى فارق: قوم روح لعروستك عيب تسيبها في ليله زى دى..
نهض هو الاخر و امسك معصمها و جعلها تنظر اليه و هو يريدها ان تعبر، تصرخ، تعاتب ربما ليهدأ هو قليلا و لكنه مادام لا يعرف رد فعلها سيظل يخمن و هذا يقتله: هبه بلاش تعملي كده، قو..

قاطعته و هي تسحب يدها من يده و مازالت على برودها تحدثت ببطء: انا ما عملتش حاجه انا بقولك عيب تسيب مراتك في يوم زى ده..
نظر اليها عاقدا حاجبيه يثير غضبها علها تجاريه: مش هتلوميني!
ابتسمت ببطء و هى تعقد ذراعيها امام صدرها: على ايه، هو انت عملت حاجه غلط؟ دا شرع ربنا و انا مليش حق ألومك،.

ظل يحدق بها غير مصدقا ما تتفوه به حتى اشارت له على باب الغرفه: اتفضل يلا و لا تحب اخرج انا من الاوضه دى علشان المدام الجديده!

امسك يدها بعدما طفح به الكيل و هو يكتسب من صمتها قوه ليتحدث و الا كان وجهه بالارض الان ان لامته: هبه انا مبقتش فاهمك، بس عايزك تفهمي حاجه واحده، البيت ده بيتك و الاوضه دى اوضتك، انا مكنتش هجيبها هنا بس ماما مرضتش نقعد في بيتها فكنت مضطر لحد ما الاقي شقه جديده، انا مش عارف عاوزه توصلي لايه بس لازم تفهمي انه في الاول و في الاخر انا جوزك و دا بيتك..

ابعدت يدها عنه بهدوء تعطيه ظهرها وتمتمت و كأنها لم تسمع كل ما قال او ربما لا تأبه: هتتأخر على العروسه..
نظر لظهرها التي اعطته اياه ثم خرج من الغرفه مسرعا مغلقا الباب خلفه بعنف..
و هنا نظرت هى للباب المغلق لتقترب من الفراش بعدها مسرعه تلتقط وسادتها لتكتم انفاسها بها تحاول كبح جماح صوتها، دموعها و لكنها لم تستطع، تشعر بنفسها ممزقه و بيد من؟، هو!

هو من واجهت الجميع لاجله، من صرخت بحبه متجاهله كل تحذير، من كانت على استعداد لاغضاب اخيها لاجله بل و فعلت، هو من سكن قلبها دون استئذان و تمكن منه ليعلن ان حياته او موته بيده هو، من كانت تتنفس لاجله لاجل ان تعيش معه حياه لا مثيل لها،
نهضت لتنظر لنفسها بالمرآه و هنا تهدمت اخر محاولاتها للتماسك عندما وضعت يدها تحسس موضع جنينها،.

هذا الطفل الذي لطاما حلمت به، ابن نصفه منها و نصفه منه، هذا الطفل الذي اخذت تتمني كيف سيكون، تتمني ان يكون مثل ابيه، حانيا محبا، تمنت ان تعشقه انثى مثلما عشقت هي، اخذت تتخيل نفسها معه و بجوارها زوجها ليركضوا سويا، تتخيل تذمر الطفل لاحتضان والده لها غيره منه عليها، تتخيل ضحكته التي ستراقبها هي و معتز بضحكه اكبر و بسعاده مضاعفه،.

لياتى هو بكل بساطه يدمر كل احلامها على صخره انانيته، يحطم كل ما تمنت يوما بواقع تتمني لو ماتت قبل ان تراه، هو لم يقتلها هي بل قتل روحها و قتل فرحتها بطفل ربما سيرى الدنيا بين اب لا يحب والدته بل و تزوج عليها، و رغم ما عاشته معه من ايام، اشهر و اعوام تشعر انها مجرد ثوانى،.

هو من كان يتعرف عليه قلبها قبل عينها اليوم كل كيانها ينكره، هو من كانت تهفو اليه قلبا و قالبا اليوم كل ما بها ينبذه، هو من كانت تردد اسمه حتى بينها و بين نفسها اليوم تنفر حتى من ذكر اسمه، هو من كانت تعشق و لكنه اليوم قتل بيده عشقها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة