قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل التاسع

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل التاسع

رواية حلم السندريلا للكاتبة عليا حمدي الفصل التاسع

مساء الفل يا فله.
هتف بها معتز و هو يدلف للشركه في زياره مفاجأه لهبه التى اتسعت ابتسامتها بحب غلف نظراتها و هى تنهض ليمد يده مصافحا اياها رافعا يدها لفمه طابعا قبله دافئه اعلاها لتبتسم بخجل متمتمه بمرح و هى تعود لتستند على مكتبها بعنج خطف نظراته لجسدها باشتهاء: اتفضل يا فندم، اساعد حضرتك ازاى؟

قهقه معتز و هى يقترب منها حتى و قف امامها مستندا بكلتا يديه على المكتب حولها فصارت حبيسه ذراعيه لتنظر لعينيه بخجل واضح و هى تختبر هذا الشعور لاول مره.
منذ ان عقد قرانه عليها و هو لا يتخاذل في معاملتها كالاميرات بل اكثر، يبثها نظرات طالما انتظرتها منه بالذات، يحدثها بلغه طالما اشتاقت لسماعها من بين شفتيه، تمنحها يده لمسات تُشعل نيران حبها له اكثر و اكثر كل يوما عن سابقه..

اخرجها من شرودها به كعادتها ليحاوط امواج عينها كسباح ماهر هامسا بنبره مشتهيه و ربما لم تفهمها ففرحت بها: عاوز مدام هبه بس بسرعه، بسرعه قوى.
ارتفعت ضحكتها تملأ المكان فراقب هو ملامحها باعجاب حتى دفعته بعيدا عنها لتجلس و يجلس امامها هاتفا بنفاذ صبر: لسه قدامك كتير!
نفت برأسها و هى تنظر لاوراق ما امامها فتسائل و هو يعبث بعده ملفات امامه على مكتبها: هو مديرك دا كان اسمه كرم، كريم مش فاكر، لسه موجود؟

ضحكت على مظهره و هى يحاول تذكر اسم اكرم و الذى ذكرته امامه من قبل مره او مرتين على الاكثر متمتمه: اسمه اكرم يا معتز، و اه لسه موجود.
اخذ يلعب و يعبث بما يعلو مكتبها حتى تنتهى مما تفعله و اثناء ذلك سحب احد الكروت الخاصه بالشركه من صندوق صغير امامه ليقرأ اسم الشركه و اسم صاحبها اسفله لتتسع عينه بدهشه و هو يردد بصدمه: اكرم ماجد الالفى!
ثم صاح بصدمه تعجبتها: مش معقول، ماجد الالفى؟

و قبل ان تستفسر عن سبب دهشته نهض واقفا ينظر حوله هاتفا بفضول: لازم اقابله.
فامسكت يده توقفه امامها تحاول رى تعجبها و دهشتها صائحه بنفاذ صبر: في ايه يا معتز؟ ايه اللى حصل؟
نظر اليها و الدهشه تملأ ملامحه هاتفا: هفهمك كل حاجه بعدين بس لازم اقابله ضرورى.
و بالفعل دقائق و كان يقف امامه ينظر اليه بتفحص حتى هتف به: انت اكرم ماجد الالفى!

و هنا ادرك اكرم الوضع فنهض وافقا امامه مستندا على مقدمه مكتبه باسترخاء متمتما بسخريه: واحد كمان من العيله؟
فعقد معتز حاجبيه مرددا خلفه كأنه يستنتج ما يلمح له: انت عرفت حد من العيله!
اومأ اكرم موافقا بملل فكرهه لهذا العائله يزداد و خاصه من الذى يقف امامه فهو يتذكره جيدا و يتذكر نظراته الذى يصفها بالوقحه لسكرتيرته و تسائل بلامبالاه: تقدر تقول كده، انت مين بقى؟

ابتسم معتز بتعجب مرح يمد يده ليصافحه هاتفا بتعريف عن نفسه: انا معتز ابقى ابن نجلاء الحصرى، اخت جوز عمتك..
صمت اكرم ثواني يتذكر ثم اضاف بتهكم فيبدو ان كل هذه العائله ليست بسويه: ابن عمة عاصم الحصرى، صح كده!
اومأ معتز موافقا و نبرته يزداد فضولها و عيناه تشتعل برغبه في المعرفه و كأن امامه كنز ثمين يبحث عنه منذ زمن: مظبوط، قولى فين اهلك؟ كنتوا فين كل الوقت ده؟ وليه محاولتوش ترجعوا هنا تانى!

زم اكرم شفتيه كارها ان يفتح حوار جديد في مثل هذا الموضوع و جابه بوضوح و اختصار: اهلى ماتوا و انا مايلزمنيش حد من العيله دى اساسا.
ثم عقد حاجبيه مستفسرا: ثم انت عرفت طريقى منين؟ من عاصم!
ضحك معتز نافيا و هو يشير على الباب التى تجلس هبه خارجه متمتما بسعاده: لا انا عرفت بالصدفه من مراتى.

كز اكرم اسنانه غضبا، اذا فهو متزوج و كان ينظر لاخرى بنظرات جريئه هكذا، فيبدو انه هو من يستحق لقب وقح و لكنه تجاوز الامر متعجبا: مراتك؟!
فاتسعت ابتسامه معتز و هو يجيبه بفخر: اه، هبه تبقي مراتى..
اتسعت عين اكرم بعدم استيعاب فهو يعرف ان هبه عقدت قرانها و لكنه لم يكن يتوقع ابدا انه لشخص كهذا و لكنه تمتم باقتضاب: الف مبروك.
شكر، مصافحه، مجاملات لطيفه لا داعى لها ثم استئذان و رحيل.

جلست جنه مع الفتيات بصاله الاستقبال يمرحون سويا حتى اقتربت ليلى منهم و جلست بجوار جنه و هى تمد يدها لها بشئ ما، اخذته جنه بحيره لتجده الهاتف الذى حاولت ليلى منحه لها من قبل فاعترضت ولكن ليلى اصرت هاتفه بصرامه: المره اللى فاتت انا كنت هموت من القلق عليكِ، من فضلك خذيه يا جنه.

منحتها جنه نظره شاكره ثم دفعت به اليها مجددا هاتفه بتوضيح: انا بدأت اجمع من مرتبى و هشترى واحد بس انا مش هقدر اقبل ده انا اسفه..
هو انتِ بتعاندي و خلاص خدي الزفت خليه معاكِ!
انتفضت جنه على صوته لتنظر اليه بدهشه لا تدرى متى عاد من عمله او منذ متى يستمع اليهم و لكنها كالعاده تجاهلته و نظرت لليلى مجددا مردفه كأنه لم يتحدث: مش هين..

قاطعها عاصم بصوت عالي كأنه يخبرها انها ستستمع اليه شاءت أم أبت: بطلى كلام كتير هتاخديه و خلاص، كفايه اللي حصل مش كل شويه هنقلق على حضرتك يعنى..
وضعت حنين يدها على كتفه هامسه بهدوء: عاصم براحه مش كده..
بينما نهضت جنه واقفه تعطيه ظهرها متمتمه بنبره مهتزه خرجت رغما عنها عبرت عن خوفها منه: محدش طلب من حضرتك تقلق عليا و ياريت بعد اذنك ملكش دعوه بأى حاجه تخصنى انا بتكلم مع طنط ليلى و ياريت ما تتدخلش.

هاج و ماج و جن جنونه و كاد يقترب خطوه اخرى تجاهها لتطبع اصابعه صفعه على وجهها ربما تفهم ان ما قالته اكبر خطأ فعلته بحياتها..
فصوت عالى، اوامر، نفور، غضب و كره واضح في حديثها بل و الاكثر خوف يشمل نبرتها و مع ذلك تتحدث!

وقفت سلمى امامه تحاول بعثره تفكيره بينما جذبت ليلى جنه تجاهها قليلا و الحمد لله انها لم تراه او ترى نظرته التى وترت والدته شخصيا و همست برجاء: علشان خاطرى انا يا جنه اسمعى كلامى و صدقينى انا هخصم فلوسه من مرتبك، بلاش اقلق عليكِ تانى علشانى انا.

و امام نبرتها القلقه و نظرتها الحانيه و اصرارها ايضا لم تستطع جنه الكسر بخاطرها و لكنها قبلته بشرط ان يُخصم ثمنه من مرتبها و بالطبع لم تعترض ليلى، و تجاهلت بركان الغضب خلفها و صعدت للاعلى مسرعه..
خرج عز من غرفته بعد ان انهى صلاته يتسائل عما حدث و لكن ليلى انهت الموضوع ببساطه دون جدال حتى اخبره عاصم ان فارس هاتفه مجددا و اعاد رغبته بالحضور ليخبره عز انه هاتفه هو الاخر و اخذ موعدا بالغد..

رقص قبل سلمى فرحا و هى تغادرهم للاعلى مع حنين و دلفت على جنه كالاعصار تصرخ بسعاده تعجبها كلا من حنين و جنه و عندما تسائلا عن السبب همست سلمى بمرح و هى تجلس اامامهم: اقول على سرى و لا اسكت احسن!
همست لها حنين بالمقابل مازحه بسعاده هى الاخرى بينما تتابعهم جنه بابتسامه واسعه: قولى يا اخت سلمى قولى متقلقيش مش هنفضحك..

ضحكت سلمى فتبادلت جنه و حنين النظرات المندهشه مع ضحكهم عليها حتى صرخت بفرحه عارمه: انا مبسوطه قوى قوى قوى..
قالتها بعنج قاتل فقهقهت كلا من حنين و جنه بينما اردفت سلمى بنظره حالمه تخالف تماما طبعها النارى: هيجى عندنا بكره، اووووف اخيرا هشوفه.
عقدت حنين حاجبيها دهشه بينما حدقت بها جنه بعدم استيعاب و هى تقول معبره عن دهشتها: هو مين ده؟

جلست سلمى امامهم مجددا تهمس بحذر و بنبره ذائبه معبره تماما عما يختلج قلبها: فارس..
شهقت حنين بدهشه غير مصدقه و كذلك جنه رغم انها لا تعرف من هو حتى صاحت حنين بتعجب: مش معقول يا سلمى، انتِ بتحبيه؟
قاطعتها سلمى و هى تصيح معترفه بحبه بفرحه واضحه تكاد تقفز من عينيها: بحبه بس! بحبه قوى، بحبه جدا جدا جدا يا حنين..

ثم اخذت تحكى عن حبها له او ربما تعلقها به منذ ان كانت طفله في الابتدائيه و كلا من حنين و جنه يستمعا اليها بانصات و دهشه و الاكثر تعجبا من كيف تحولت سلمى من عنفوانها و تمردها لمثل هذه الرومانسيه و الحالميه؟

و على العشب نام الشقيقين يتحدثون سويا مع بعض المزاح و العبارات الساخره التى لا يتخلى عنها مازن ابدا..
لكزه مازن في كتفه هاتفا بمزاح و لكن بداخله رغبه حقيقيه ليعرف مشاعر اخيه: احكى لي بقى يا عم عن حبيبه القلب.
و أى حبيبه هى!
هى حلم بل اكبر حلم، عينها، نظراتها، حبها للحياه، براءتها و مرحها، هى انثى له بكل النساء.
كم يشتاق ليمطرها بكلمات حبه و عبارات غزله.

كم يتلهف ليشعر بجسدها بين ذراعيه يمنح لقلبه دفئ طالما اراده.
كم تتمنى شفتاه ان تحتضن خاصتها عله يستطيع التنفس بعد ذلك.
كم يحتاجها، يحتاجها و يحتاجها.
ارتفع مازن بجسده بعدما وجد رد شقيقه صمتا فاستند على مرفقه يراقب تعابير وجهه التى صُبغت بحبه فابتسم بمرح يتابعه حتى لم يعد يستطيع كتم ضحكته فضحك دافعا اياه بغلظه ليستفيق من خيالاته: ايه يا عم، انا بقولك احكى لي مش اسرح فيها.

نهض فارس بغضب دافعا مازن ارضا لينهض فوقه يلكمه بغيظ في كتفه و وجهه حتى صرخ به مازن ضاحكا: بلاش ضرب، بلاش ضرب كله الا وسامتى يا وحش..
قهقه فارس بصخب مبتعدا عنه لينهض مازن نافضا ملابسه جالسا بجواره يضحك هو الاخر حتى صمت فارس قليلا و همس معبرا و لو قليلا عما يشعر به: كل اللى اقدر اقوله انها بالنسبه ليا حياه جديده مستنى ابدأها بفارغ الصبر.

ابتسم مازن يربت على كتفه بود هاتفا و للحظه تخلى عن مزاحه: ربنا يوفقك معاها و يجعلها من نصيبك يا فارس يا ابن امى و ابويا.
نظر اليه فارس و ابتسامته تتسع معتدلا ليلقى اليه بسؤاله هو الاخر: احكى لي انت بقى يا برنس.
ادعى مازن الغباء و هو ينظر له بلامبالاه مصطنعه متمتما: احكى ايه بس هو انا عندى حاجه تتحكى!

دفعه فارس بكتفه قبل ان يلكمه بخفه في بطنه حتى ابعده مازن عنه هاتفا بحده مصطنعه: ايه يا عم انت، انت شايفنى كيس قطن كل شويه ضرب ضرب!
ارتفعت ضحكه فارس مجددا و هو ينظر لملامح مازن المغتاظه ثم قال ما بين ضحكاته: احكى يا دنجوان احكى.
فمزح مازن مره اخرى يتهرب هافتا بغرور: دنجوان ليه بس؟ انا مليش دعوه بحد خالص صدقنى..

فضحك فارس و هو يعتدل ناظرا اليه باستنكار هادرا به كأنه بعاتبه: ما المشكله انك ملكش دعوه بحد، واد حلو، جنتل، معاه فلوس، مهندس قد الدنيا و ميصاحبش بنات! ليه الدنيا خربت؟

ضحك مازن على مظهره المستنكر ثم صمت قليلا يحاول تذكر ملامحها جيدا و لكنه فشل فهمس باشتياق لايام رائعه قضاها ايام جامعته و هو يسرق النظرات اليها: هى بس اللى شغلتنى يا فارس، يمكن لانى مكنتش فارق معاها اساسا و لا اهتمت انا مين او شكلى ايه او بتعامل ازاى!

نظر اليه فارس يتابع ملامحه التى تحاول تذكر ما عاشه بالماضى: كنت اكبر منها و كان معايا ثلاثه زمايلى و كنا مسئولين على مجموعه من دفعتهم من ولدين و بنتين، كانت ادب لامتناهى، اخلاق مشوفتش زيها، تعامل في قمه الاحترام، قويه و عناديه و عندها اصرار و عزيمه رهيبه..

اتسعت ابتسامته و هو يردف متذكرا بعضا من موافقه معها: كانت مندفعه و عندها روح المغامره و التجربه كانت دائما تقول مش مشكله افشل بس المهم اتعلم، حبيت اهتمامها بدراستها و حبها لمجالها، انبهرت بقوه شخصيتها و ازاى مكنتش بتسمح لحد يتجاوز اى حد من الحدود معاها، كانت بتعرف امتى تتكلم و امتى تسكت، امتى تطلب و امتى تطنش، كانت مختلفه و مبهره في كل حاجه..

صمت و نظر لفارس هاتفا باصرار و تمسكا بقراره: مقدرتش اعبر عن اعجابى بيها لان وقتها كان ممكن تحرجنى جدا بأنى لسه مجرد طالب و يمكن لانى حسيت انها متحمله و عندها استعداد للمسئوليه اكتر منى فقررت انى اكمل دراستى و اتخرج و اعافر علشان استحقها و اقدر اوصل لها..
ثم انهى حديثه بمزاح كعادته: و ادينى اهه مستنى اعرف لها طريق و انا هجرى فيه عالطول..

رفع فارس احدى حاجبيه ناظرا لوجه شقيقه المبتسم بشغف و تمتم بمرح و لكن كان مقصده ان يخبره انه ربما لا يجد الواقع كما يرغب به: و افرض بقى لقيتها ارتبطت مثلا!
تجهم وجه مازن و هو يردد خلفه رافعا جانب شفتيه بسخط: هى ممكن تكون اتخطبت!
فأومأ فارس برأسه موافقا ليردف و يمنحه جواب اكثر قسوه: و مش بعيد تكون اتجوزت و معاها عيل او اتنين..

زفر مازن و مط شفتيه باستياء فا ها هو الصغير المدلل يُسحب شيئا يرغبه من بين يديه: يبقى دا النصيب!
ثم صمت و الاستياء بادٍ بوضوح على وجهه فاشفق فارس عليه فربما يحبها مازن حقا و يستطيع الاجتماع بها يوما ما..

حاول ابعاده عن جو التفكير لانه من اقسى ما يكون و هتف بجديه و هو يلفت انتباهه لشيئا يحبه بل و ينتظره: انا اتكلمت مع أكرم علشان تشتغل معاه و هو قالى هيفكر و لو وافق تتقابلوا و تشوف الوضع و ان عجبك الموضوع و لقيت نفسك فيه تبدأ معاه عالطول، ايه رأيك!

انتبه مازن فورا فلا يوجد بحياته احسن او افضل من عمله و حقا طوال الايام الماضيه التى عقبت عودته من السفر و التى قضاها بلا عمل يكاد يشعر باختناق حقا وافقه سريعا بحماس: موافق طبعا هى دى عاوزه كلام اتمنى بس امك تفك الحصار ده علشان انا بدات أتخنق..
و هكذا انتهى الحوار بعوده مازن لمرحه و شرود فارس في يوم الغد حيث انه اخيرا سيعبر عن حبه علنا للجميع، و ليحدث ما يحدث.

و حيث انه دائما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن اضطر فارس للسفر لعده ايام بسبب العمل و لم يستطيع التأجيل للاسف مما سبب الاحباط و الحزن لسلمى فاحتجزت نفسها بغرفتها بعيدا عن شغب الفتيات بالخارج..
جلست شذى مع حنين و جنه بالحديقه يتهامسون عن كيفيه اخراج سلمى من حاله الحزن التى لا تليق بها مطلقا..
تفكير و تفكير، تخطيط ثم فكره و قرار عندما هتفت جنه: خروجه، سلمى بتحب الخروج.

مطت شذى شفتيها بسخط متمتمه بضيق: و انا هخرج ازاى يا جنه و ابيه عاصم لسه زعلان منى و مش بيتكلم معايا اصلا!
نظرت جنه لحنين التى شردت بعيدا عنهم قليلا و هتفت بها لتنتبه لهم قائله: حنين تقنعه.
نظرت اليها حنين بسذاجه ثم ضحكت باستهزاء هاتفه بنفى: انسى، انا مش هتكلم مع عاصم عن خروج ابدا..
تدلى كتفى شذى باحباط و هى تعقد ذراعيها امام صدرها هاتفه و هى تودع الفكره: و انا كده كده مش هعرف اكمله، هنعمل ايه بقى!

صمتت جنه و نظرت ارضا تفكر بينما تبادلت شذى و حنين النظرات و قد خطر لكلاهما نفس الفكره تقريبا عندما تبادلا الابتسامات ينظروا لجنه حتى رفعت رأسها لتُفاجأ بنظراتهم التى تعجبتها قليلا ثم سرعان ما خمنت ما يريدون فهتفت بسخريه: نعم، لا انسى خالص انا مليش دعوه و مش هتكلم مع البنى ادم ده ابدا..
رسمت شذى اكثر وجوهها براءه و رمشت بعينها بطفوليه لتهتمس برجاء: بليييز يا جنه علشان خاطر سلمى.

رفضت جنه مجددا و هى تهمس كأنها تحدث نفسها: هو اصلا هيسمع ليا بتاع ايه؟ و بصفتى مين؟ لا مليش دعوه انا مش ناقصه خناق و زعيق النهارده كمان.
ابتسمت حنين بهدوء هامسه لها تحاول اقناعها: علشان خاطرى يا جنه و ان شاء الله مش هيزعق..

و قبل ان تجيبها جنه ارتفع رنين الهاتف بجيب عبائتها فانتفضت تدفعه عنها بخضه فضحكت كلا من حنين و شذى عليها ثم هدأت و امسكته واجابت فوصلها صوت زهره تطمئن عليها فابتسمت جنه و هى تتحدث معها بسعاده حتى هتفت زهره و اخذت تدعو لها كثيرا و هى تقول بشكر و امتنان: ربنا يبارك في عمرك يا بنتى انا كويسه خالص و الممرضه بتهتم بيا كتر خيرك تعبتِ علشانى..
عقدت جنه حاجبيها متسائله بدهشه: ممرضه!

فأجابتها زهره و كانت مفاجئه و هى تحكى لها عن تلك الممرضه التى ذهبت لمنزلها في اليوم التالى ليوم وجود جنه عندها و قالت ان جنه من ارسلتها..
فأمسكت جنه لسانها قسرا حتى لا تخبرها انها لم ترسل أحدا حتى لا تُقلقها فألقت اليها بكثير من السلام و اغلقت الخط معها..
هاتفت ليلى اثناء وجودها بعملها و استفسرت عن الامر ربما تكون ليلى من فعلت و لكنها نفت ذلك و اخبرتها ان تسأل عاصم لربما يعرف عن الامر..

ترددت قليلا و فكرت في تجاهل الامر و لكن كيف تفعل و ربما يعود هذا الامر على زهره بالضرر او الاذى، نهضت لتدلف لتبحث عنه و تسأله و لكن قبل ان تفعل حانت منها التفاته لشرفه غرفته لتجده واقفا بها ينظر اليهم و يبدو انه يقف من مده فارتبكت قليلا ثم نهضت ووقفت اسفل الشرفه رافعه رأسها اليه فنظر لها بتعجب فظهر الحرج بوضوح على ملامحها و هو تقول بتوتر و كم تبغض ان تفعل هذا: عاوزاك في كلمتين لو سمحت..

رفع احدى حاجبيه مستنكرا مع ليه شفاه ساخره و تركها و دلف، فعقدت جنه حاجبيها متعجبه ثم نظرت لحنين خلفها متسائله بحيره و ضيق: افهم انا ايه كده! هينزل و لا لأ يعنى!
كتمت حنين ضحكه و هى تضغط شفتيها بقوه محركه كتفيها لاعلى علامه جهلها عما يقصده برد فعله هذا..

فجلست بجوارها تذم فيه و حنين تضحك على غضبها بانطلاقه، و بعد القليل من الوقت نهضت لتدلف للداخل مع حنين و شذى و لكن اوقفتها ام على لتحدثها فتحركت الفتيات للاعلى بينما هى وقفت تستمع لما تقوله ام على التى هتفت لها برجاء: ممكن تعملي قهوه لكابتن عاصم بدالى!
فرغت جنه فاها متمتمه بتساؤل و هى تشير لصدرها بيدها: انا!

تذكرت ام على عندما طلب منها عاصم قهوته و سألها هو عن تلك المره التى اعدت فيها القهوه باختلاف عن سابقها و لم تكررها مره اخرى فأخبرته ان جنه من اعدتها ذلك اليوم فطلب منها بخبث جعلها تعدها له بدلا منها و واقفت هى بترحاب فهى ترغب بالخروج للتسوق مبكرا و ها هى تخبر جنه و لكن كيف..
استدعت وجه الارهاق و تمتمت: معلش يا بنتى اعمليها بدالى على ما اخرج اجيب شويه طلبات ضرورى للغدا..

كزت جنه على اسنانها بغيظ و كرهها له يزداد فهى طلبت منه التحدث معها و لكنه لم يجيبها حتى و هى ستعد له قهوته بل و تأخذها له بنفسها، و كم كانت ترغب بطلب الامر من حنين و لكن هى مهما اعتادت عليهم تظل مجرد عامله لديهم، حسنا ليس واجبها و لكنها ستفعله فقط لاجل تلك السيده العجوز..

وقفت بالمطبخ تعدها و هى تضرب قدمها بالارض بحنق هامسه بغل و ضيق: يعني اطلب منه اكلمه ميردش عليا حتى، و دلوقتى انا اللي اعمله قهوه! اعمل فيه ايه بس و الله حلال فيه احطله بدل السكر ملح او شطه حتى..
دا انتِ شايله منى قوى بقى!

انتفضت جنه شاهقه و هى تستدير لتتفاجئ به يقف امام الباب عاقدا ذراعيه امام صدره وعلي وجهه ابتسامه جانبيه و في عينيه نظره عابثه فزمت شفتيها ضيقا فمجرد النظر لوجهه يصيبها بالغضب و الضيق و للاسف الخوف..
تجاهل عاصم نظراتها التى اخفتها سريعا و هى تلتفت للموقد فقال متسائلا: كنتِ عاوزه ايه منى؟

اغلقت الموقد و رفعت القهوه لتضعها بالفنجان الصغير و اتجهت اليه اعطته اياه و قالت و هى تتحاشى النظر اليه: كنت بس عاوزه اسأل حضرتك بعت ممرضه لداده زهره؟
اخذ الفنجان من يدها و هو يجيبها بمراوغه متلذذا باحمرار وجنتها ارتباكا: الدكتور اللي بعت مش انا.
زفرت جنه بضيق اشد و هى تكره تحاورها معه و لكنها يجب ان تطمئن على زهره مهما كلفها الامر: بس يعنى حضرتك اللي طلبت منه!

رفع عاصم فنجان القهوه لفمه مرتشفا القليل منها ثم اجابها و مازال يراوغ: ست كبيره و كان لازم حد ياخد باله منها.
و هنا اطمأنت رغم غضبها منه و لكن يجب عليها شكره راغمه: جزاك الله عنها كل خير..
فابتسم لها مرتشفا من فنجانه مره اخرى هامسا بشغب و هو يحاوطها بحصونه السوداء لتنظر هى ارضا منتظره منه ان يقف جانبا لتستطيع المرور او يرحل مشكورا و لكنه تمتم بدلا من هذا: حلوه قوى..

عقدت حاجبيها خوفا و ارتباكا من نبرته الهادئه ببحه صوته الرجوليه و لكنها رفعت عينها اليه بضيق واضح فأردف بخبث: القهوه اقصد..
تجاوزت الامر رغم ان وجنتها لم تفعل و عبرت عن خجلها و هتفت بحده: ممكن تعدينى لو سمحت!
ابتعد عاصم عن الباب و هو يدرك ان تلك الفتاه لا تفعل شيئا سوا انها تفقده عقله، تجاوزته جنه و لكنها توقفت و هى تفكر قليلا ثم بأقصى ما تملك من قوه التفتت اليه مجددا هامسه: ممكن اقول حاجه؟

نظر اليها عاصم بترقب مانحا اياها اماءه بسيطه من رأسه فأخذت نفسا عميقا تنظر ارضا و هى تقول بحرج: اعتقد شذى اتعلمت كويس من غلطتها ممكن كفايه عقاب لحد كده، هى زعلانه جدا انك متضايق منها و انا مش حابه اكون السبب في خلاف زى دا بينكم،.

ثم رفعت عينها اليه و لدهشته اختفت نظرات كرهها و نفورها منه لتحل محلها نظره رجاء فأخذ نفسها عميقا قائلا بصوته الخشن و نبره محايده: شذى غلطت في حقك و كان لازم تتعاقب و اشد من كده كمان.
فأسرعت جنه بتوضيح موقفها و هتفت بدفاع: انا مش زعلانه منها صدقنى، هى مهما كان لسه طفله و لازم هتغلط علشان تتعلم من اخطائها و دورنا اننا نوجهها للصح خصوصا انها بتحبك جدا و تجاهلك ليها صعب عليها.

تعلقت عيناه بها و هى يستمع لحوارها المنمق الهادئ و لاول مره يتحدثا معا بعقل و هدوء هكذا و كم راقه هذا، ارتبكت عندما لاحظت نظراته بل و صمته ايضا فأعطته ظهرها تشتمه داخلها مغرور و همت بالرحيل و لكنها توقفت مره اخرى متذكره رغبتهم بالخروج فزفرت بغضب مكتوم و عادت للخلف مجددا لتواجهه لتجده يبتسم و هى يرفع احدى حاجبيه متسائلا عما تريد هذه المره فهمست بخفوت خجل: انا اسفه بس ممكن اطلب طلب؟

استند على الحائط خلفه باستمتاع منتظر طلبها فارتبكت بشده مع نظرته و ابتسامته الذى حاول اخفاءها: البنات حابين يخرجوا بس خايفين يقولوا ليك لانك معاقب شذى و كده، ممكن تخرجهم؟
اتسعت عينه هى من تطلب منه ان يفعل شيئا لشقيقاته! عجبا!

اقترب منها خطوه ينظر اليها بدهشه مستمتعه متسائلا بنبره زلزلت جسدها خوفا و أشعرها بهدوء كلماته انها تمادت و تدخلت فيما لا يعنيها: و انتِ بقى مش خايفه و جايه تطلبى منى اخرج اخواتى!
كأنه يخبرها ببساطه انها لا تساوى اى شئ هنا و انها بالفعل تمادت فازداد ارتباكها و عادت خطوتين للخلف معتذره بما تبقى لها من احترام بعد كلمته: انا اسفه مش قصدى طبعا، انا بس حاولت اعمل حاجه تفرحهم، انا اسفه.

و تحركت من امامه مسرعه، فعقد حاجبيه ضيقا ربما هو تعجب و بشده انها هى ما تطالبه بشئ هكذا!،
و ربما تسائل داخله من تكون هى لتسأله ان يفعل شيئا لشقيقاته!
و ربما اراد ان يوضح لها انها لا تمثل الكثير بهذا المنزل رغم شعوره هو شخصيا بالعكس!
و لكن نظرتها الحرجه و ملامحها المتجهمه ضايقته بل و بشده، ليُدرك انه من حقها ان تطالبه بأى شئ بل و من حقها عليه ان ينفذه، بصفتها من؟ لا فارق.

مر القليل من الوقت حتى اقترب موعد الغداء و جلست الفتيات معا بانتظار الطعام عدا سلمى انتظرت بالاعلى، شهقت شذى بخضه عندما شعرت فجأه بأحدهم يحملها و لكنها فور ان رأته تشبثت بعنقه بفرحه و هو يقول بابتسامه هادئه: هتفضلى مخصمانى كده كتير!
برمت شفتيها و عينها تعتذر له عما فعلته و لكنها هتفت بمرح: انت اللي مخاصمني على فكره.
قبلها عاصم على وجنتها هامسا بجوار اذنها: طيب انا جاي اصالحك اعمل ايه بقى؟

تعلقت بعنقه تعانقه بقوه و عبرت عن اعتذارها بهمس خافت: انا اسفه يا ابيه صدقنى مش هتكرر تانى و مش هغلط تانى ابدا.
بادلها الحضن بأخر احتواها بحنانه التى تراه جنه الان لاول مره منذ ان جاءت لهذا المنزل مما دفع بابتسامه حانيه لشفتيها و رغما عنها تخيلت اكرم و هو يحاوطها كما يفعل عاصم مع شذى الان..

لمعت عينها بدموعها و لكنها افاقت من تخليها على ضحكات شذى بعدما قبلت عاصم على وجنته بقوه حتى دفعها عنه و نظر لحنين ثم رمق جنه بنظره خاطفه قائلا بحذر: ايه رأيكم نتغدى برا النهارده!
و كما توقع صرخت شذى بصخب موافقه و نهضت حنين بشغف موافقه و اخبرته انها ستصعد لسلمى تخبرها على الفور و قبل ان تفعل ابتسمت جنه و هى تتحرك باتجاه المطبخ و لكنها تجمدت مكانها و صوته يصلها قائلا بجديه: انتِ رايحه فين؟

استدارت جنه له بتعجب ثم اشارت على المطبخ بقلق من نظرته المتفحصه و تمتمت: هدخل.
ثم اعطته ظهرها لترحل مجددا و قبل ان تفعل وصلها صوته مره اخرى و لكن بنبره قويه آمره: انتِ هتطلعى تلبسى علشان تيجى معانا..
عقدت ما بين حاجبيها بدهشه قائله باستنكار: اجى معاكوا فين؟ لا معلش مش هينفع.
فأخر ما قد ترغب به في حياتها ان تذهب مع هذا الكائن مكان ما، ابدا لن تفعل.

و عناد بعناد رفع رأسه ينظر اليها بجديه موافقا اياها: و انا قولت هتيجى يا اما مفيش خروج.
و هنا كان اقناعها دور شذى و حنين و التى اجبرتها بالنهايه على الذهاب معهم لترمقه قبل ان تصعد بنظره نافره اشعلت اوداج غضبه و لكنها احييت روح العناد بداخله..
و دون ان يفكر كثيرا عن سبب ما فعل صعد ليستعد هو الاخر.

سبب موافقته لطلبها، سبب رغبته في فرحتها، كان يتعجب اهتمام شقيقاته و حبهم لها و عدم وجود رسميه بينهم كما كان مع من سبقها و لكنه الان يفهم ما ألقته تلك الحمقاء بقلوبهم و ألقت اقوى منه بعقله هو، فتبا لها.

اخذ حماما وارتدى ملابسه و عندما هبط للاسفل ابتسم بسخريه فمن فرط حماسهم استعدوا قبل ان ينتهى هو حتى، و بمجرد ان رأته سلمى اطلقت صفيرا باعجاب واضح: ايوه بقى، ايه يا سياده النقيب انت ناوى تجيب عروسه النهارده و لا ايه؟
لتلاحقها شذى بغيظ و هى تقترب منه قليلا تنظر اليه بتهديد: لو اتعاكست النهارده انا هتخانق على فكره..

بينما حنين ظهرت غيرتها عليه بوضوح عندما اقتربت منه و قبل ان تقترب حتى وصلها شذى عطره الذى يمنحه جاذبيه خاصه فهمست و هى تعقد حاجبيها بضيق حقيقى: عاصم انا مش قولت لك قبل كده بلاش البرفيوم ده.

استند على سياج الدرج ينتظر انتهائهم من الاسطوانه المعتاد عليها و لكن الان و لسببا ما التفت لينظر لجنه التى رمقته بنظره بطرف عينها ثم تجاهلته فمهما ارتدى سيظل ذلك الغرور المعتوه الذى مزق رساله والدتها و هشم برواز صورتهم..

داخل السياره ارتفعت ضحكات شذى و سلمى و مزاحهم السخيف كما يعتقد عاصم و يعتاد ايضا بينما من حين لاخر ينظر لجنه بالمرآه ليستمتع قليلا بغمازتها الصغيره التى تظهر فور ان تتسع شفتيها بابتسامه واسعه..
حتى هتفت شذى و هى تنظر لعاصم و قالت بفرحه و حماس: انا حلمت حلم جميل قوى امبارح.
همهمت حنين و قالت بحنان ساخر: خير اللهم اجعله خير حلمتِ بايه؟

حدقت بعاصم قليلا ثم انفجرت ضاحكه و هى تقول من بين ضحكاتها: حلمت ان ابيه عاصم بيتجوز..
صمت خيم على السياره قليلا ثم انفجرت الفتيات ضحكا بينما ابتسم عاصم على رد فعلهم فهم محقون فشخص مثله كيف له ان يتزوج!
و عبرت سلمى عن ذلك بوضوح عندما هتفت و هى تربت على كتفه: طيب و دى حاجه حلوه! دا الله يكون في عونها اللي هتتجوزه.

دفع عاصم يدها عنه فازدادت ضحكاتها فهى بحق لا تتخيل ان يتزوج اخيها، يلتزم بامرأه و بيت، بل و يحبها و يدللها، و ينجنب اطفال بل و يربيهم ايضا فهو لا يطيق نفسه فكيف يطيق نفوس اخرى!
و هنا عضت شذى على شفتيها بعبث و هو تنظر له بمرح و متوقعه ضربه قاسيه بعد ما ستقوله الان: انا شوفت مين العروسه كمان.
ترقب الجميع اجابتها على سؤال سلمى: ايه ده بجد مين؟

فحمحمت شذى قليلا ثم اخفت وجهها بيدها متجنبه اى ضربات مفاجئه و هتفت بصوت عالى: جنه.
شعرت جنه بدلو ماء بارد يُسكب عليها و تجمدت الابتسامه على وجهها و هى تنظر بذهول لشذى و للوضع التى وضعتها به و خاصه عندما اهتزت السياره من ضحكات سلمى و حنين و الاسوء عندما اتسعت ابتسامه عاصم ناظراً اليها في المرآه يحاصرها بنظراته و هو يتسائل بخبث: و ايه اللى حصل يا شذى؟

رفعت سلمى حاجبيها بدهشه فشقيقها مُأكد قد وقع لا نقاش في هذا، بينما تبادلت معها حنين النظرات الماكره و هم ينظرون اليه غير مدركين ما حل بجنه في هذا اللحظه تحديدا و خاصه و شذى تردف برومانسيه غير مدركه كليا لتأثير ما تقول على جنه بل و عاصم ايضا: كنتوا بترقصوا سوا و انت كل شويه توشوشها و هي تضحك و بعدين بوستها.

ثم انهت كلامها الذى سحب الدم من وجه جنه بقسوه لا تدركها هى عندما تسائلت بفضول: انتوا ممكن تتجوزوا فعلا يا ابيه؟
انتفضت جنه و همت بالصراخ حاولت و حاولت و لكن صوتها لم يخرج، هى ابدا ابدا لن تتزوجه و ان كان اخر الرجال على وجه الارض، كيف تسمح بتحكم اخر في حياتها و الاهم شخصا مثله بقسوته و تعنته بل و غروره!
كيف تسمح بأن تعيش اسيره داخل قضبان سجن جديد يرسمه اخر لها!

كيف تسمح للخوف بأن يظل حولهاا، معها و داخلها دائما؟
هى تكرهه و بشده و لا ترغب بأى نوعا من العلاقات معه حتى و ان كانت لا معنى لها؟
فماذا ان كانت زواج!
اغلقت عينها و شعور بالاشمئزاز يحتاجها بقوه بينما هو يراقبها من المرآه ليصدمه رد فعلها و كيف ان غضبها و نفورها منه لم يختفى رغم خجلها الواضح، خوف، قلق، غضب، ارتباك، نفور و اشمئزاز رأى هو كل هذا على ملامحها فزفر بقوه متجاهلا الامر.

الامر الذى كان على وشك التفكير فيه او ربما فعل.
ان يتخيلها بجواره، بين ذراعيه، يستيقظ على ابريقها العسلى، ينام على قبلاتها الدافئه، يحضنها، يرى خصلاتها، تفوز اصابعه بملمس بشرتها و يرتاح من تعبه بين ذراعيها او ربما يضع رأسه على فخذها لتعبث بخصلاته بحنان ينتظره منها و منها فقط!
و في المقابل يرى هو اشمئزاز و نفور منها، اللعنه.

في مدخل احد المولات الكبيره توقف ناظرا اليهم متسائلا و قد قرر ان يمنحهم رخصه التحكم في اليوم: تحبوا تعملوا ايه الاول؟
و كان الاتفاق على دخول السينما و بعد جدال بينهم استقر الجميع على فيلما كوميديا و قد كان،.

اندمجت جنه معهم و نست او تناست ما حدث و ما شعرت به قبل قليل و انتهى الفيلم و حان وقت المحطه التاليه و قد ترك لهم حريه الاختيار ايضا فاتفق الجميع على شعورهم القارص بالجوع و قد كان و دقائق و جلسوا ينتظرون ما سيحضره عاصم لهم من مطعم المول..

وقف ينظر اليهم من بعيد يضحكون و يتجادلون سويا باندماج و أُلفه فابتسم و هو يراقبهم حتى جذبه صوتا حوله فاستدار ينظر ليجد شابين يضحكون و يتهامسون و اصابعهم تشير لطاوله شقيقاته فاحتدت عينه و هو يتابعهم و يتابع حوارهم..
- شايف البنبونايه اللى هناك دى!
• دول 3 مش واحده يا عم.
- لا اللى لابسه بنى دى زى القمر.

و ادرك عاصم ان الحوار عن جنه فأغلق عينه يتماسك فهو بمكان عام و لكن لم يتوقف الشابان عند هذا الحد بل استمر جدالهم..
• تصدق صح يخرب بيت جمال عنيها بس ممكن تكون عدسات
- و اذا لو هى كلها على بعضها صاروووخ.
• لا في دى معاك حق
- اوف بقى ياريتنى مكان ايديها..

استدار عاصم بحده ليجد جنه تضع يدها على فمها تمنع ضحكتها فجن جنونه و هو يخمن ببساطه ما يشغل تفكيرهم فرفع يده يحك جانب فمه بغضب اعمى و لكنه تحرك باتجاههم و ابتسامه سوداء ترتسم على شفتيه، استند على الطاوله امامهم منحيا بجذعه ليهمس بنبره رجوليه ادركها الشابان على الفور: حلوين، صح؟
ابتسم الشابان ليغمزه احدهم قائلا بوقاحه: عجبوك انت كمان!

اتسعت ابتسامه عاصم و هو يمنح لنفسه حق قتلهم ببساطه: مش هتكلموهم طيب؟ مش يمكن لوحدهم!
حك الفتى عنقه بتفكير ثم هتف بموافقه: معاك حق قوم يا بنى ناكل عيش.
ليضحك الاخر ناهضا معه مردفا: قصدك ناكل ملبن، شيكولاته، بسكوووووته.

ضرب كفه بكف رفيقه و تحركا باتجاه الطاوله التى يتجمع الفتيات حولها بينما حرك عاصم رأسه يمينا و يسارا حتى صدر صوت طقطقه عنقه و تحرك باتجاه الكاشير هاتفا و هو يتجه للطاوله هو الاخر: الغى الطلبيه.

وصل الشباب للطاوله و قبل ان تستدير الفتيات لندائهم كان عاصم يلكمه بغضب ليسقط ارضا و يباغط الثانى قبل ان يبتعد ليسقط بجواره و لم يكتفى بل انخفض يفرغ شحنه غضبه كلها بهم و هو يتذكر حديثهم، نبراتهم بل و ايحاءاتهم الوقحه..
حتى صرخ به شيخ مسن: مينفعش كده يا ابني بلاش تستقوى على خلق الله حرام عليك!

اعتدل عاصم ناظرا اليه بغضب اسود و هدر قائلا: بيعاكسوا اخواتي و اتجرأوا و كلموهم و اتعدوا على حرمه اهل بيتى، يبقى اعمل فيهم ايه؟
احتدت عين الرجل و هو يضم ابنته الواقفه لكتفه كأنه يحميها و صاح بغضب: تموتهم.
اتسعت ابتسامه عاصم الغاضبه و هتف بحنق و هو ينظر للبقايا الواضحه من وجه الشابان: و دا اللى انا بعمله.

جاء أمن المكان فأخرج عاصم بطاقته الشخصيه فتراجعوا قليلا و تحرك هو باتجاه الفتيات هاتفا موجها حديثه لرجال الامن: اطلبوا لهم الاسعاف..
ثم نظر للفتيات هادرا و هو يشير باصبعه للطريق امامه: اتفضلوا قدامى.

ساد الصمت بالسياره و كاد عاصم يُزيد من سرعته فربما يستطيع الحد من غضبه الذى يزداد كلما تذكر كلمات الشابان و لكن همسة جنه بأن يبطئ اجبرته على السير بسرعه معتدله، عاتبته حنين بخفوت: حرام عليك يا عاصم مكنش المفروض تأذيهم كده.

شدد قبضته على عجله القياده و هو يهتف بسخريه و انفاسه تتسارع بشكل اخبرها بوضوح عن غضبه: حرام! و اما يقعدوا يعكسوكوا مش حرام، لما يفضلوا باصين عليكم مش حرام، لما يقولوا كلام قذر عنكم مش حرام، و ضربي لهم هو اللي حرام؟

صمتت حنين مدركه ان هذا ليس بوقت عتاب او حديث فعاصم في اكثر اوقاته غضبا و لكن جنه لم تفهم هذا بل همست بخفوت: الرسول عليه الصلاه والسلام قال ليس الشديد بالصرعه انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، كان ممكن تتكلم معاهم بهدوء م...

قاطعها بعنف و خرجت نبرته ساخره و لكن ما جمد الدماء بعروقها جرأته التى وصلت لحد الوقاحه: تصدقى عندك حق، يعني اللي كان بيشعر فيكِ كان المفروض اقوله بهدوء عيب يا حبيبى ميصحش، و اللي كان عايز يبوسك اقوله بالراحه غلط يا بابا مينفعش، على الاساس انهم يعنى مايعرفوش؟
و لم يدرك ما قال حتى هتفت سلمى بضيق و هى تشعر به يُحرج جنه بل و يمس كرامتها و احترامها: عاصم دا مش اسلوب مينفعش كده.

زفر بقوه فهو بالفعل تعدى حدود الاحترام في التحدث معها، ضرب بقبضته على عجله القياده و صمت ما بقى من الطريق و هو يسب من دفعه لمثل هذا الغضب و الذى دفعه ايضا ليغضبها بل و يُبكيها.
لمعت عين جنه بالدموع و هى تضغط على شفتيها مانعه غصه حاوطت قلبها، من سخريته، ادانته، وقاحته و قله ادبه معها.

حتى وصلت للمنزل و بمجرد ان ترجلت من السياره اسرعت للداخل و لكنه بحركه سريعه لحق بها لن يعتذر و لكن على الاقل ليطيب خاطرها و لكن بمجرد ان رأته امامها مجددا تساقطت دموعها رغما عنها و هى تهتف بوجهه بحزن و غضب و كره شديد له: انا قولت لك ابعد عنى، ليه مصمم كل مره تجرحنى اكثر، انا بكرهك، ابعد عنى و ارتاح و ريحنى.

ثم تركته و ركضت مسرعه للاعلى و عندما دلفت حنين و سلمى التى كانت تحمل شذى بعدما غطت في نوم عميق لم يجدوا احد منهم فاتجهت كلا منهما لغرفتها بصمت.
اما هو فكاد يكسر باب غرفتها و يدخل ليكسر رأسها من شده غضبه و لكنه اكتفى بضرب يده بالحائط حتى ما عاد قادر على تحمل ضربه اخرى فجلس على فراشه ينظر ليده بغضب و هو يُدرك حقيقه جديده و هى انه بجوار تلك الفتاه يفقد ما يملك من عقل، اتزان و هدوء..

لست النساء ماذا نقول
احبك جدا
احبك جدا و اعرف أنى أعيش بمنفى و أنتِ بمنفى
و بينى و بينك
ريحٌ
و غيمٌ
و برقٌ
و رعدٌ
و ثلجٌ
و نار
و أعرف ان الوصول لعينيكِ وهمٌ
و أعرف ان الوصول اليكِ انتحارٌ
و يسعدنى
أن أُمزق نفسى لأجلك أيتها الغاليه
و لو خيرونى
لكررت حبك للمره الثانيه.
نزار قبانى
خطوات تفصله عن منزل حلم العمر.

ها هو يتجه ليتحدث مع والدها، ليعبر، ليشرح كيف يحب و كيف يرغب و ماذا على استعداد ان يفعل لاجل ان تكون امرأته و في بيته و تحمل اسمه.
يعلم ان الرفض احتمالا اكبر من الموافقه، يعلم ان الطريق للخساره اقصر بكثير من طريق المكسب و لكنه سيفعل كل ما يستطيع ليفوز مهما كلفه الامر.
توقف امام الباب الرئيسى للمنزل يتحكم في انفعاله الداخلى، قلقه، توتره و الاسوء تفكيره و ظنونه التى تكاد تفتك به.

تمالك ما بقى من اعصابه و قرر اتخاذ الخطوه و ليرى النتيجه ايا كانت.
دقائق قليله و ها هو يجلس امام عز يتحدث بهدوء و رزانه رغم ما يموج في صدره من انفعالات.
تحدث باعتياديه، حوار خاص بالعمل، حوار قصير عن العائله جاهد فارس فيه الا يتحدث عن اكرم احتراما لرغبته، مزاح و بالنهايه تصريح بالمفاجئه هاتفا بقوه و ثقه: بصراحه يا عمى انا جاى اطلب ايد الدكتوره حنين.

تأكد عاصم من شكوكه و لكنه لم يعاتب و لم يتحدث مدركا ان فارس اخفى عنه رغبه منه ان يكون اول الحديث امام والده و احترم هو ذلك منه بل و ازداد يقينا ان فارس رجلا يطمئن على شقيقته معه.

تنهد عز متقبلا الصدمه بجداره رغم معرفته السابقه للامر و لكن ان تكون حنين هى من في وجه المدفع اثار قلقه كثيرا و عبر عنه قائلا بجديه نقلت التوتر لقلب فارس ايضا: انت عارف ايه عواقب طلبك ده؟ عارف ايه ممكن يحصل و ايه ممكن يواجهك انت و هى!
ضم فارس قبضته متجاهلا احساس الخوف الذى اصابه عليها و اعتدل ناظرا لعز باصرار واضح و عزيمه قويه و اخذ يقطع عليه وعدا بل ألف وعد بأن يحميها.

يلقى امامه كل حبه دفعه واحده دون خجل او اخفاء، يخبره انه لن يتنازل عنها لخوف من ماضٍ مات و لابد ان ينتهى.
يمنحه اقرار و عهد بأن تكون له اكثر مما تكون روحه، ان يحفظها في نفسه و في قلبه ما كُتب له من عمر.
و امام ثقته، اصراره، ارادته و قوه كلماته شعر عز بالاطمئنان على ابنته و لو قليلا.

محمد منحه وعد بالحفاظ على ابنته حتى و ان لم يفعل ابنه، و فارس يمنحه و عد اكبر بالحفاظ على من ملكت قلبه و تمناها ملكه لبيته.
فماذا يتمنى الاب اكثر من السعاده، الراحه و الحب لابنته و خاصه حنين و التى تستحق اكثر مما يكنه لها فارس حتى.

و هنا نظر عز لعاصم الذى وضع يده على كتفه قائلا بثقه هو الاخر: انا واثق في فارس يا بابا و عارف انه هيقدر يحميها و يحافظ عليها ثم ان الزمن اتغير و لازم جدى يعرف اننا مستحيل ندفن نفسنا دلوقت زى ما عمل هو مع ولاده زمان.

نظر عز امامه بهدوء يُفكر، فمثل هذا القرار لن يمر بسلام و لكن حان الوقت للتحرر و تمتم بقرار قاطع و هو يتذكر حديثه مع محمد الذى اخبره عن موقف فارس و اصراره: انا موافق مبدأيا يا فارس بس طبعا قرار حنين اهم و رفضى او قبولى هيعتمد بالنهايه على قرارها هى.
ابتسم فارس بصوره وضحت مدى فرحه قلبه و ما هذا الذى يسعده اكثر من انه وفى بوعده الذى قطعه لها منذ كانا اطفالا لا يفقهون الكثير.

و رحل على اتفاق بالاجابه على طلبه في خلال ايام و كم سينتظر هو ذلك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة