قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والأربعون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والأربعون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والأربعون

آمر الرائد سليم، العسكري بأن يأتي بسهيلة، لكنه تفاجئ أنه آتي بمفرده، فسأله سليم بصرامة: أنا قولت إيه يا عسكري؟ فين البنت!
فقال العسكري بتوتر: هي عند حاتم بيه في المكتب
قطب سليم ما بين حاجباه وتابع بحدة: بتعمل ايه عند حاتم؟
تلعثم العسكري وهو يُجيبه: م معرفش يا فندم هو قالي إطلع بره!
هب سليم واقفا وقال وهو يتجه صوب الباب بغضب: تاني حاتم والقذارة تاني! ماشي يا حاتم..

أسرع سليم خطواته وهو يكور قبضة يده بعصبية تامة، وصل إلي مكتب حاتم ليفتح ويدلف وتتسع عينيه بصدمة، فكانت سهيلة مازالت تقاومه..
فهتف سليم بصوتٍ جهوري: حاتم!
إنقض عليه مرة واحدة ليجذبه ويدفعه بقوة ويتراجع حاتم للخلف وهو يلتقط أنفاسه..
فتنهدت الصعداء ونهضت تعدل من هيئتها، بينما قال سليم بغضب جلي: أنت مش هتبطل ال ***** بتاعتك دي؟ هو أنا عشان تغاضيت عن المرة الي فاتت هتكررها تاني يا حاتم!

قال حاتم بضجر: يا سليم آآ...
قاطعه سليم بقتامة: إسمي الرائد سليم! وآقف إنتباه وإنت بتكلمني يا حضرت الظابط!
تأفف حاتم ثم وقف إنتباه كما آمره، ليقول سليم بجمود: أنت موقوف عن العمل لحين تحويلك للتحقيق!
أنهي جملته ثم نظر إلي سهيلة وقال بصرامة مخيفة: تعالي!

خرجت خلفه من المكتب وهي منكمشة على نفسها وتشهق عاليًا بمرارة، ثم فتح سليم باب مكتبه ليدلف وينتصب جالسًا على مقعده، ثم أشار لها بيده وهو يقول بجدية: إقعدي!
جلست وجسدها يرتعش وهي تضم نفسها بذراعيها، بينما تمعن سليم النظر إليها ثم أردف مستفسرا: قوليلي بقي أنتي إيه حكايتك؟!

أخذت تتنفس سريعًا وهي تمسح دموعها براحة يدها، بينما أزاح هو علبة المناديل الورقية في إتجاهها لتنتش منديلًا وتجفف دموعها بإرهاق، فتنهد سليم وراح يسألها مجددًا: جاوبي عليا؟!
إبتلعت ريقها بتوتر، وقالت بخفوت: أن أنا معملتش حاجة، هو الي إعتدي عليا!
مسح سليم على وجهه بكف يده ثم قال بثبات: مش قصدي على حاتم، تقرير الطب الشرعي أثبت إنك لسه عذراء إزاي فهميني؟

إنفجرت باكية مجددا وتعالت شهقاتها فتعجب سليم لحالتها تلك، فقال بتساؤل جادي: أنا عاوز أفهم؟ وعاوز إجابة مش عياط، إخلصي عشان معنديش صبر!
آتاه صوتها خافت جدا: ه هي الي عملت فيا كده!
سليم بنفاذ صبر: مش سامع أي حاجه، على صوتك وبصيلي وأنتي بتكلميني
رفعت سهيلة وجهها إليه، ثم عادت تقول من بين بكاؤها المرير: هي الي عملت فيا كده وشغلتني معاها وأنا حاولت أحافظ على نفسي بس.

سليم بجمود وقد إرتفع أحد حاجبيه: هي مين دي؟!
أجابته بخزي وهي تطرق رأسها للأسفل: أمي!

توقفت سيارة أمير أمام البناية المتواجد فيها منزل سهير، فترجل من السيارة وكذلك فعلت أروى، فأسرعت خطواتها لتصعد الدرج ركضًا وإتبعها أمير..
وصلت إلي الشقة وطرقت الباب عدة طرقات سريعة، لكن دون جدوى والصمت مخيما على المكان، إزدادت قلقًا وهي تقول ببكاء: محدش بيفتح!، والظاهر إن مفيش حد جوه..
تنهد أمير وقال بجدية: يمكن الجيران إشتكوا فعزلوا من هنا لمكان تاني!

حركت أروى رأسها بيأس وهي تتابع مرددة: مش عارفه، مش عارفه بس كانت سهيلة هتقولي على الأقل إنما ليه تلفونها مقفول!
مط أمير شفتيه وتابع مردفًا: مش عارف، خبطي على حد من الجيران وإسأليهم..
أروى بضيق: مفيش جيران هنا كتير غير شقة بس في الدور الأرضي..
قال بنبرة جادة: يبقي تسأليهم، تعالي...!
هبطا الدرج حتى وصلا إلي الطابق الأرضي، فراحت أروى تطرق الباب، ليفتح بعد قليل رجل في عقده الخمسون وسأل بجدية: نعم؟

فقالت أروى بإيجاز: لو سمحت متعرفش حاجة عن الشقة الي فوق والناس الي فيها راحت فين!
مط الرجل شفتيه بإستنكار، ثم تابع بضجر: لا معرفش ويارب ما يرجعوا ده حاجة تقرف أعوذ بالله من دي أشكال، أنهي جملته ليصفع الباب في وجههما لتتسع عينا أروى وكذلك أمير، ثم أغلق عينيه بغضب وأعاد فتحهما قائلًا بتأفف: يلا نمشي..

خرج من البناية وإتبعته أروى ولقد إنسابت العبرات فوق وجنتيها بغزارة وهي تقول من بين شهقاتها: أنا عاوزة أختي سهيلة فين فيييين!
مسح أمير على رأسه بحيره ثم قال بهدوء: ممكن يكون إتقبض عليهم على فكرة!
لطمت أروى على صدرها، ثم هتفت بذعر: إيه! يا حبيبتي يا سهيلة معقولة، دي ممكن يجرالها حاجة!
أمير بتهكم: ولما تشتغل كده مجرلهاش حاجة؟ حد قالها تعمل القرف الي بتعمله ده! وجاية دلوقتي تزعلي عليها أنتي كمان..

قالت أروى بغضب: أنت متعرفش حاجة، متعرفش حاجة خالص، سهيلة إتعذبت عشان تحميني ولا أنا ولا هي لينا ذنب في الارف ده، كله من سهير أمنا هي الي عملت فينا كده، سهيلة غلطت بس حافظت على نفسها سهيلة متستاهلش كده متستاهلش أبدًااا!
عقد أمير ما بين حاجباه وتابع بتساؤل: حافظت على نفسها إزاي؟

فأجابته أروى وهي تجفف دموعها بأنامل يدها: يعني سهيلة لسه بنت زيها زي أي بنت بنوت لسه متجوزتش! وإتعذبت عشان تبقي كده وعشاني..
إندهش أمير حين علم بذلك، لكنه قال بجدية: إركبي..
ثم إستقل السيارة لتصعد بجواره قائلة بتوسل: أنا عاوزة أختي أرجوك ساعدني أنا مش عارفه ياتري هي فين دلوقتي!
أدار أمير محرك السيارة وقال بإيجاز: مفيش قدامنا حل غير إننا نروح نسأل في أقرب قسم للمنطقه دي يمكن إتقبض عليهم فعلا..!

ذهل سليم حين قصت عليه سهيلة حياتها بالكامل، وقالت له أن والدتها هي التي أجبرتها على هذه الحياة الفاسدة، تعجب سليم فأي أم فهذه الدنيا تفعل ذلك في فتياتها!
أنهت سهيلة حديثها وإنفجرت باكية مجددًا، ثم قالت بتوسل: الله يخليك مترجعنيش الزنزانة دي تاني، أرجوك مترجعنيش..

أشفق سليم على حالها، فع على مدار خبرته في مجال عمله أصبح يُفرق بين الصادق والكاذب، ولقد لمس الصدق في حديثها الصريح معه، فأردف بجدية: مش هرجعك الزنزانة، بس إهدي!
أومأت له برأسها، ثم قالت بخفوت: هو، هو أنا كده هتسجن؟
قال هادئًا: هو طبعا موقفك أنتي غير كل البنات الي جت معاكي بس عاوزينهم يشهدوا أن مكنش ليكي علاقة فعلا، زائد إنك مكنتيش في وضع مُخل فتفائلي خير إن شاء الله!

تنهدت سهيلة بإرتياح قليلًا، ثم قالت بتوتر: م ممكن حضرتك تخليني أكلم أختي؟.
صمت سليم لبرهه ثم تابع بجدية: ماشي، بس مينفعش تقوللها إنك هنا، لأن مينفعش تشوفك نهائي حاليا..!
إبتلعت ريقها وقالت بحذر: بس هتسألني أنا فين ولازم أطمنها
زمجر سليم قائلًا بحدة: دي التعليمات ياإما بلاش من المكالمة خالص!
أومأت سهيلة رأسها وقالت بخوف: حاضر..
أعطاها سليم الهاتف الخاص به، وهو يقول بتنهيدة: إتفضلي..

أخذته منه بيد مرتعشه، ثم ضغطت أزراره وهي تزدرد ريقها بتوتر، ومن ثم وضعته على آذنها منتظرة الرد من شقيقتها..
في السيارة تفاجئت أروى بهاتفها يصدر رنين، فعقد أمير حاجباه وسألها: مين؟
فقالت بخفوت: مش عارفه رقم غريب..
أجابت على الإتصال وهي تضع الهاتف على آذنها: ألو مين..
فقالت سهيلة بلهفة: أروى
صاحت أروى بإشتياق: سهيلة، سهيلة حبيبتي إنتي فين؟

قالت سهيلة بصوتها الباكي: أنا كويسة يا حبيبتي متقلقيش عليا، بس حبيت أطمنك عليا مدوريش عليا أنا هبقي أكلمك لما أعرف
سألتها أروى بلهفه: يا سهيلة انتي فين وبتعيطي ليه بالله عليكي طمنيني وقوليلي أنتي فين أنا كنت هروح أسأل في القسم هو أنتي هناك؟

سهيلة بنفي ؛ لا يا أروى متروحيش، متخافيش عليا يا حبيبتي أنا كويسة مش هينفع أقولك أنا فين بس، بس بقولك إطمني لما تتيح ليا الفرصة أكلمك هكلمك على طول بس أنتي خلي بالك من نفسك!
أروى برجاء: قوليلي أنتي فين، الله يخليكي يا سهيلة متسبنيش كده، طب ليه مش عاوزة تقوليلي أنتي فين..
قالت سهيلة بإيجاز: معلش هقولك بعدين عشان خاطري متسألنيش دلوقتي بس أنا كويسة وهرجعلك قريب يا حبيبتي يلا سلام!

تفاجئت أروى أنها أغلقت الخط، فزفرت بضيق وهي تقول بحيرة: ليه مش راضية تقولي مكانها، ليه!
رد عليها أمير بإندهاش: يعني هي مش في القسم؟!
حركت أروى رأسها نافية وقالت بضيق: لأ ومش راضية تقولي مكانها، بس قالتلي إنها كويسة!
أومأ أمير برأسه وقال بجدية: كويس إنك إطمنتي..

في فيلا زياد..
قصت ماهيتاب على شقيقها علاقتها بذاك الشاب، كما أنها إعترفت بحبها له، فقال زياد بعدم إقتناع: الي بتعمليه ده إسمه هبل وقلة أدب، ده مش حب أبدا!
فصاحت ماهيتاب بتمرد: لأ حب ومش كل حاجه هتمانعوا فيها، أنا حرة أنت ملكش كلمة عليا يا زياد ومش عشان مراتك قالتلك هتيجي تشوف نفسك عليا!

أنهت كلامها لتتلقي صفعة قوية على وجهها، ليباغتها زياد بالثانية وهو يقول بغضب عارم: إخرسي، إخرسي يا سافلة يا قليلة الأدب! بتقوليلي أنا الكلام ده!
جذب خصلات شعرها بعنف وهو يقول جازا على أسنانه: ده أنا هدفنك هنا، وربنا لأربيكي يا ماهيتاب!
حاولت دارين تهدئته وهي تقول بخوف: يا زياد مش كده حرام عليك.

إلا أنه دفعها بيده وهو يقول بحدة: إخرسي أنتي يا دارين، ثم قال وعينيه تتوهج نارا: بتقولي ايه بقي يا ست ماهيتاب، مين الي ملوش كلمة عليكي، أقسم بالله لا في جامعة ولا نت ولا موبايل ولا خروج ولا دخول هسجنك هنا في الأوضة يا فاشلة
كادت أن تصيح به مرة أخري ليسكتها بصفعة مدوية وهو يقول صائحا: مسمعش حسك ده خالص، فاهمة ولا لأ؟!

إنفجرت ماهيتاب باكية فدفعها زياد لتهبط على الفراش، ثم فصل الحاسوب عن الكهرباء ونزع منه الأسلاك وأخذ الهاتف أيضا ليخرج من الغرفة وهو يقول بلهجة آمرة: دارين أخرجي من الأوضة..
دارين بإعتراض: لأ هقعد معاها شوية يا زي..
قاطعها بحدة: أنا قولت إيه؟

تنهدت دارين بنفاذ صبر وخرجت خلفه، تاركة ماهيتاب على حالتها البائسة تبكي بإنهيار، فدلفا إلي غرفتهما لتقول دارين بحنق: والله العظيم أنا غلطانة إني قولتلك أصلا! شوف عملت إيه ليه العنف ده حرام ع...
صاح زياد بغضب: هتخرسي ولا لأ يا دارين والله هقلب عليكي أنتي كمان!

صمتت دارين وجلست إلي جواره وراحت تربت على ظهره برفق وهي تقول بهدوء: طيب ممكن تهدي، أرجوك إهدي يا زياد حل الموضوع بالعقل مش بالعنف والضرب كده هي هتعند معاك
زياد بعصبية: خليها تعند وأنا هكسر عضمها!
دارين بجدية: مينفعش كده، لازم تفهم منها ليه عملت كده تواصل إنت مع الواد الي هي بتكلمه ده وخليها تسمع رده عليك يا زياد حل الموضوع متعقدوش أكتر متبقاش همجي!

أنهت جملتها لينظر لها بغضب وهو يقول: همجي! طب نامي يا دارين لحسن وربنا ما هيحصلك كويس
أومأت دارين برأسها وقالت بتفهم: هنام حاضر، آسفة يا زياد مكنش قصدي!
زفر زياد أنفاسه بضيق وهو يُفكر في إيجاد حل، فمنذ متي وماهيتاب بهذه الأخلاق والتطاول، لقد صُدم حين تلقي منها هذا الكلام!

في مركز الشرطة..
جلست سهيلة على الأريكة منكمشة على نفسها والإعياء واضحا عليها، لم يعرف سليم لما شعر بالإشفاق عليها وقد رق قلبه لها، فأنها قصت عليه معاناتها طوال سنوات متتالية، يعلم أنها أخطأت تماما في حق ذاتها حين صمتت عن كل هذا الهراء حين وافقت على فعل الكبائر من أجل والدتها التي ما كان منها إلا أن حطمتها تحطيما!
نهض عن كرسيه وإتجه إليها قائلًا بتساؤل: أنتي كويسة؟

أومأت له برأسها في صمت، بينما تعمق هو النظر في وجهها فكان ملئ بالكدمات أثر صفعات حاتم لها، تنهد بضيق وراح يسألها بثبات: جعانة؟
تفاجئت من سؤاله ذاك، فصمتت وحملقت به، فكرر هو بصلابة: ردي؟!
أومأت له وقد أطرقت رأسها بخجل، فقال هو بجمود: أنا خارج وراجع في إزازة مية هناك إغسلي وشك على ما أجي..
أنهي جملته وخرج مُغلقا الباب خلفه، فتنهدت سهيلة بحزن وهي تتحس وجهها بيديها ثم قالت بخفوت: يارب ساعدني!

بعد مرور نصف ساعة..
عاد سليم ومعه الطعام ثم وضعه أمامها على الأريكة وقال عابسا: كُلي!
إبتلعت ريقها بتوتر بالغ وفتحت الحقيبة البلاستيكية بيدين مرتجفتين، فجلس هو على كرسيه وهو يُتابعها بعينيه ثم قال بهدوء: تعرفي إني عمري ما عملت كده مع أي مسجون أو مسجونة ولو مأمور القسم شافني ممكن أتوقف عن العمل!

حملقت سهيلة به دون أن تتفوه بكلمة واحدة، فتابع هو رافعا أحد حاجبيه: في العادة محدش بيصعب عليا نهائي لان كلهم زبالة، بس أنا مصدقك وأنا نظرتي متخيبش!
ظلت سهيلة صامته وهي تستمع إليه، فقال بإيجاز: كُلي بسرعة عشان عاوز أستدعي الي إسمها سهير دي وأفهم إيه حكايتها هي كمان!

شرعت سهيلة في الطعام فكانت جائعة جدا، ومن حين لآخر كانت تختلس له النظرات فتراه محدقا بها فتتوقف عن الطعام ليأمرها بصرامة أن تستكمل، إلي أن إنتهت وقالت بخفوت وتوتر: آآ الحمدلله، ش شكرا..!
هتف سليم بصوتٍ قوي: يا عسكري..
آتي العسكري مؤديا التحية العسكرية: تمام يا فندم
قال سليم بجدية: هاتلي الي إسمها سهير من الحجز..
أومأ العسكري بطاعة وخرج ليعود بعد قليل جاذبا سهير معه..

إشمئزت سهيلة مُجرد أن رأتها فأصبحت تبغضها بشدة وإزدادت كرها فيها فوق كُرهها!
أشار سليم لها وهو يقول بحدة: إقعدي!
جلست سهير أمامه وهي تبتسم لسهيلة ببرود مستفز، فسأل سليم بجدية: إسمك وسنك!
أجابته بميوعة: سهير عبد الخالق ٥٥ سنة..
قال سليم بغضب: وأنتي بقي شغلتك الدعارة يا *****!
قالت بشراسة: لأ مش شغلتي أنا كنت عاملة حافلة وعزمت فيها كل معارفي.

قهقه سليم وقال ساخرًا: ده على أساس إنك كده هتنفي التهمة عن نفسك! ده أنتوا إتمسكتوا متلبسين وفي أوضاع مُخلة! التهمة لبساكي، لبساكي، الي عايز أعرفه منك دلوقتي، إزاي في أم في الدنيا تشغل بنتها معاها وتعرضها للقرف ده!
صمتت سهير طويلًا، ظلت تطلع إلي سهيلة بنظرات غريبة، حتى قالت بعد موجة من الصمت بهدوء مُريب: دي مش بنتي، لا هي ولا أختها!

إتسعت عيني سهيلة على وسعهما بصدمة جلية، ثم هزت رأسها بعدم تصديق، بينما ذُهل سليم وهو يقول بإستفسار: مش ولادك إزاي؟
قالت سهير بشراسة: واحدة جابتلهمي وهما صغيرين خالص كان عمرها تلات سنين وأختها كان عندها سنة! يبقي ده جزاتي إني ربتهم!

شعرت سهيلة في هذه اللحظة أن العالم يدور بها لقد طغي الذهول على ملامح وجهها يتبعه شراسة نبعت من عينيها ولم تشعر بنفسها إلي وهي تندفع نحوها بحركة مفاجئة لتخدشها في وجهها وكأنها تحولت إلي نمرة شرسة لقد عذبتها، عذبتها عذاب دام لسنوات منذ أن نشأت حتى الآن وهي تعاني بسبب تلك المرآة التي أوهمتهما أنها أمهما!، وبالأخير لم تكن لها صلة قرابة بهما نهائيا..!

أسرع سليم ليجذب سهيلة لكنها صاحت بها بغضب عارم: يعني كل السنين دي كنتي بتضحكي علينا ومعرفانا إنك أمنا، اه يا حقيرة ده أنا هقتلك هقتلك!
سعلت سهير بشدة فلقد أطبقت سهيلة على عنقها بحجم آلام السنين الماضية، فجاهد سليم أن يبعدها حتى أبعدها عنها بصعوبة بالغة، فوقفت سهيلة تلتقط أنفاسها وهي تهز رأسها بهستيرية! ظلت تردد بعصبية: حقيرة، حقيرة.

إبتدي صوتها يختفي رويدا رويدا إلي آن سقطت مغشيا عليها، فتلك صدمة عمرها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة