قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع والعشرون

صعدت دارين خلف ماهيتاب الباكية وسط دهشة الجميع..
إرتمت ماهيتاب على الفراش وهي تشهق عاليا بمرارة..
لتجلس إلي جوارها دارين محاولة تهدئتها وهي تقول بحنان:
- إهدي يا ماهيتاب، وقوليلي مالك إشكيلي إيه الي مزعلك؟
نهضت ماهيتاب جالسة على الفراش قائلة من بين بكاؤها:.

يعني أنتي مش عارفه؟، آد ايه كان نفسي أنزل مصر عشانه وكنت بعد الأيام والليالي عشان أنزل وأشوفه وفي الآخر ألاقيه بيحب واحدة تانية، ليه كده أنا عملتله ايه! وهي أحسن مني في ايه..

ضحكت دارين بخفوت على حديثها الساذج، ثم قالت بهدوء: وهو ذنبه ايه يا ماهيتاب، وهي كمان ذنبها ايه؟، أنتي بتقولي أنك بتحبيه بس هو حب واحدة تانية، وبيعتبرك أنتي زي أخته في الحالة دي مقدامكيش غير إنك تتمنلهم الخير وتعيشي حياتك عادي خالص كان شئ لم يكن..
ماهيتاب بحدة: بالبساطة دي!، هو أنا مش إنسانة وعندي مشاعر، إزاي بتقوليلي كأن شئ لم يكن!
ربتت دارين على كتفها برفق قبل أن تتابع برزانة:.

بصي يا ماهيتاب خلينا نتكلم بصراحة، أنتي معشتيش مع أمير كتير، هو في مصر وأنتي في أمريكا بتشوفيه كل فين وفين فإزاي حبتيه وهو بعيد كده ومتقوليش احساسي، عشان الأحساس ده مش بيجي من فراغ كده، لازم يكون في مواقف خلتك تنجذبي ليه!، وأنا أعتقد يا ماهيتاب إنك منبهرة بس بيه مش حب..
قطبت ماهيتاب مابين حاجبيها ثم تابعت بإختناق: يعني ايه كلامك ده؟

تابعت دارين متنهدة بإبتسامة: يعني يا ماهي، أنتي ممكن تكوني معجبة بشكله أو إستايل لبسه فعقلك صورلك إنك بتحبيه، أو إنك شايفاه فعلا في صفات كويسة بس ممكن أوي ميكنش حب وحتى ياستي لو حب لازم تحاربي مشاعرك تجاهه طالما مش بيبادلك نفس المشاعر دي وقلبه مع واحدة تانية وده شئ ميزعلكيش، عشان كل ده قسمة ونصيب وارزاق ربنا موزعها وأكيد نصيبك حد تاني غيره ويمكن يكون أفضل منه كمان يحبك وميشوفش غيرك..

حركت ماهيتاب رأسها والعبرات تتساقط فوق وجنتيها، ، ثم همست بنبرة حزينة: لأ يا دارين أنا بحبه!

إبتسمت دارين مجددا ثم تابعت مردفة: تمام، في ايدك تتغاضي عن الشعور ده، متقبليش على نفسك تحبي حد بيحب غيرك، ، يعني الي هتحبيه ده لو مش بيحبك أكتر يبقي ميلزمكيش يا ماهي!، هو بيعتبرك زي أخته ولازم أنتي كمان تعتبريه زي زياد أخوكي، يا إما كده يا إما هتكوني بترخصي نفسك يا ماهيتاب وأنتي ربنا خلقك غالية، ده زائد الذنوب بقي الي هتاخديها طول ما أنتي باصلهم كده وبتعاملي أروى بالطريقة دي..

إزداد بكاء ماهيتاب المرير فما كان من دارين إلا أنها عانقتها رابتة على ظهرها برفقٍ وحنان قائلة بصوتٍ هادئ: شليه من دماغك يا حبيبتي وربنا هيعوضك خير، من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه..
إبتدت ماهيتاب تهدأ قليلا، وقد إقتنعت إلي حد ما بحديث دارين، بينما جففت دارين دموعها بأنامل يدها وهي تقول بحماس:
توعديني من النهاردة، تعاملي أروى بطريقة كويسة وتعتبري أمير زي زياد أخوكي؟

أومأت ماهيتاب برأسها وهي تقول بتنهيدة مؤلمة: أوعدك يا دارين..
عانقتها دارين وهي تقول بفرحة: ربنا يرزقك الزوج الصالح يا قلب دارين، يلا قومي بقي ٱغسلي وشك كده وأنا هنزل أطمنهم وأقولهم إنك كنتي مخنوقة شوية وكله بقي تمام
إبتسمت ماهيتاب قائلة: ماشي..

توجهت دارين خارج الغرفة وأغلقت الباب بهدوء وما أن خرجت تفاجئت ب زياد واقفا وهو يبتسم لها بعذوبة، شهقت دارين بخفوت وهي تقول بجدية: خضتني يا زياد، أنت واقف كده ليه!
غمز لها وقال مازحاً: كنت جاي أشوف ماهيتاب بتعيط ليه بس إظاهر إنك قومتي بالواجب يا دودو
عقدت دارين حاجباها وهي تتابع بغضب طفولي وقد رفعت سبابتها أمام وجهه: أوعي تكون كنت بتتسنط علينا يا زياد!، هقتلك..

زياد ضاحكا: لأ والله بس سمعت أخر جملتين تلاتة كده وانا جاي
إتسعت عيني دارين وهي تقول: جملتين تلاتة! سمعت ايه؟
تنهد زياد وقال: أنا فاهم الي بيحصل حواليا جدا وكنت متأكد من شعور ماهيتاب ناحية أمير، بس محبتش أحرجها وأنا سعيد جدا بكلامك معاها واكيد هي هتفوق وتشيله من دماغها، تابع بمزاح: بس ايه العقل ده يا دودو؟

ضحكت دارين وقد توردت وجنتيها وهي تنظر إلي الأرض بخجل، ليتابع زياد هامسا: هو أنا بحبك من شوية، يا...
قاطعته وهي تنظر له بحدة قائلة بجدية: أنا كام مرة أقولك متقوليش الكلام ده؟، عيب عيب عيب..
أنهت كلامها وإنصرفت من أمامه حيث هبطت الدرج ليقف زياد مشدوها: كل ده عيب، آه يا مجنونة، شوية شوية هحس إني جاي من الكفار بسببك...

أصبحت سلمي كحمامة بيضاء ناعمة بفستانها الأبيض الرقيق وحجابها الذي أزاده جمالا وتألق..
كالفراشة الصغيرة وسط الورود ترفرف من شدة سعادتها، فها هي تنتظر حبيبها الذي أحبته وتمنت حياتها معه..
إتسعت إبتسامتها إشراق حين وجدته يدلف من باب مركز التجميل يبادلها الإبتسامة العاشقة، ليقترب منها وينظر إلي عمق عينيها بتمعن، ليجد حب صادق ينبع منهما..
ف أمسك بكف يدها الصغير مقبلا إياه بهدوء ثم همس في آذنها:.

شكلك زي القمر!
إرتجفت ولا تزال تبتسم بسعادة، ثم تأبطت في ذراعه ليتوجها إلي السيارة المزينة بالورود..
إستقلا السيارة وظل ممسكا بيدها كأنه يخشي أن غيابها عنه..
سمعت صوته الرجولي يهمس لها: هو ده بجد ولا أنا بحلم؟ يعني إحنا مروحين على بيتنا وأنتي معايا!
أومأت له بإبتسامة رقيقة: اه يا حبيبي.

تنهد بصوت مسموع ثم قال بغزل: يا قلب حبيبك، ده شكله هيبقي يوم عسل، ثم تابع بجدية: كان نفسي أعملك فرح كبير يا سلمي، بس الظروف بتحكم
سلمي بتفهم: أنا مش عاوزة فرح، كفاية عليا أنت، والفستان الابيض وزفة العربيات دي!
ضحك على حديثها العفوي وهو يضمها إليه بسعادة غمرت قلبه، متمني أن هذه السعادة تدوم ولا يوجد ما يعكر صفو حياتهما البسيطة تلك..

في ڤيلا الأمير
إنتهوا من تناول الغداء وإحتساء الشاي أيضا..
قالت نجاة بمزاح: ياه، بجد مش قادرة أتنفس وحشني أكل سحر والأكل المصري أبو سمنة بلدي ده!
ضحك زياد وتابع مرددا: وأنا كمان، بس للاسف دارين مبتعرفش تطبخ يعني على ما تتعلم هيكون جالي تلبك معوي
رمقته دارين بنظرات مغتاظة وتابعت: كده يا زياد، ماشي وبعدين ماما نجاة هتعلمني أطلع اسكت بقي.

نجاة ضاحكة: طبعا إن شاء الله، هعلمك أنتي وأروي ولا أروى بتعرف تطبخ؟
أومأت أروى برأسها وقالت بإبتسامة: أيوة بعرف اطبخ الحمدلله..
نجاة بتساؤل: مامتك علمتك؟
إزدردت أروى ريقها بمرارة، ثم تابعت بثبات: لأ، أختي سهيلة
نجاة بحماس: أنتي ليكي أخت؟ طب ليه مجاتش معاكي النهارده
أروى بخفوت: هي مشغولة شوية..
نجاة بتفهم: ربنا معاها، أنتي معندكيش أخوات غيرها
أروى نافية: لأ هي دي بس الي ليا في الدنيا كلها.

نجاة بفضول: يعني ايه، هو أنتي أهلك متوفيين؟
أومأت أروى برأسها وقالت: أيوة
نجاة بتأثر: يا حبيبتي، زي أمير يعني..
إبتسمت وهي تطلع إلي أمير الجالس إلي جوارها: بس أمير عنده عمة جميلة وحنونة، يابخته بيها
إبتسمت نجاة بإتساع وتابعت بحنان: وعمتك أنتي كمان ومامتك تصدقي بالله والله حبيتك أوي كأني أعرفك من زمان، أنتي زيك زي ماهيتاب بنتي متستغربيش
ردت أروى بخجل: ربنا يخليكي، ده شرف ليا والله..

تابعت نجاة بتساؤل: قولولي صحيح، هتعلنوا الخطوبة إمتي؟
رد أمير، قائلاً بجدية: إحنا مش هنتخطب أصلا!
نظر له الجميع بذهول وقالت أروى بقلق: ايه!
حك ذقنه النابته وتابع بنفس الجدية: إحنا هنتجوز على طول، أنا إتعرفت على أروى بما فيه الكفاية، والخطوبة ملهاش أي لازمة بالنسبالي
قال زياد مازحا: ممم، تحب تخش انت في المفيد على طول..
ضحك أمير وهو يقول بمرح: ولا أنتي ايه رأيك يا أروى؟
أروى بإبتسامة حزينة: الي تشوفه.

أردفت نجاة بحماس: على خيرة الله..
نهضت أروى قائلة بهدوء: أنا لازم أروح بقي إتأخرت أوي..
لينهض أمير هو الآخر قائلاً: ماشي يلا أوصلك عشان متتأخريش عن كده
صافحت أروى نجاة التي قالت بحنان: مع السلامة يا حبيبتي، خلي بالك من نفسك..
إبتسمت أروى وقالت: الله يسلمك..
وكذلك صافحت دارين، وماهيتاب التي إبتسمت لها لاول مرة..
ومن ثم غادرت بصحبة الأمير..

إستقلا السيارة وإنطلقت بهما، ليسود الصمت بينهما لعدة لحظات..
ظلت أروى شاردة خائفة متوترة، أين سأذهب، هل سأبني حياتي معه على كذبة؟.
وهل إذا إعترفت سيسامحني ويغفر لي؟
فكيف إذا لم يغفر ويعفو! كيف سيكون مصيري حينها، سأكون قد خسرت كل شئ، وسأعود مجبرة إلي تلك التي تسمي أمي، وستتحطم أحلامي جميعا..

هكذا راحت الأفكار تتخبط بداخلها حتى أنها سقطت دمعة حارة فوق وجنتها دون أن تشعر بها حتى آفاقت على صوته يتساءل بقلق:
أروى، مالك أنتي بتعيطي؟
إنتبهت أروى له وقد محت هذه الدمعة وقالت بتوتر: لأ، بس تلاقي عيني إطرفت ولا حاجة
أمير بحسم: لا بتعيطي، قوليلي في ايه؟ مالك، ليه على طول شايف عينكي حزينة مهما ضحكتي؟ ومهما شوفتك سعيدة برضو حاسس إنك مش طبيعية وبتتألمي من حاجة، بس ايه هي معرفش، إحكيلي عشان ترتاحي!

لم تعد قادرة على حبس عبراتها أكثر من ذلك فتدفقت من عينيها المتألمتين، وتعالت شهاقتها بمرارة..
فما كان منه إلا أنه أوقف السيارة وترجل منها ثم إتجه إليها وفتح الباب ليخرجها من السيارة حيث وقفت أمامه، فأطرقت رأسها والعبرات تتساقط بغزارة..
فقال وهو يرفع ذقنها برفق لتبقي في مواجهته:
ايه الي واجعك؟
نظرت إلي عينيه الواسعتين المشعتين، وبداخلها صراع، بل بركان يهدد بالإنفجار في أي وقت..

كرر هو بنبرة دافئة: نفسي أعرف فيكي ايه، نفسي تحكيلي وتريحيني وترتاحي أنتي كمان
- وأنا كمان نفسي
نطقت بها من بين دموعها الغزيرة، لتتابع..
نفسي أعيش مرتاحة بس أنا خايفة، خايفة تسبني وتبعد..
- ليه بتقولي كده؟، قالها أمير بقلق، ليتابع بفضول لعله يستشف منها أي شئ..
ليه خايفة أسيبك، أنا عمري ما هسيبك أبدا يا أروى، أنا حبيتك بجد وعمري ما حبيت غيرك، ايه بقي الي يخليكي تخافي إني أسيبك؟

تفوهت بضعف: يمكن عشان مستكترة الفرحة الي أنا فيها على نفسي، أنت كتير عليا أوي
إحتضن وجهها بين كفيه، ثم تابع مبتسمًا بحنان: عمري ما هسيبك ده وعد مني يا أروى، مهما حصل هتفضلي حبيبتي، صمت ثم تابع بحب: أنتي حبيبتي، عارفة يعني ايه حبيبتي
إبتسمت له من بين بكاؤها ثم قالت بخفوت: ربنا يخليك ليا
مسح دموعها بإبهامه وهو يقول بمرح: كفاية دموع، مش شايف عنيكي.

قالت تلقائياً: يعني مهما حصل ومهما عملت مش هتسبني أبدا؟ حتى لو، لو عملت حاجة تضرك بس غصب عني؟
قطب جبينه ثم تابع ضاحكا: ايه الكلام ده، أنا لو الدنيا كلها ضرتني أنتي لأ، أنا متأكد من كده، إطمني عمري ما هسيبك خلاص قاعد على قلبك ومربع..
ضحكت بخفوت ورقة ليتابع مازحا: يلا نمشي، لنتاخد في بوليس الآداب النهارده!

مر يومان..
ذهبت أروى إلي شركة سامي في الصباح الباكر، وما أن وجدها تحمل ظرفٍ ما حتي هب واقفًا وقد إتسعت إبتسامته قائلاً بسعادة:
جبتيلي الملف صح؟
ضحكت ساخرة وهي تفتح ذاك الظرف الذي بيدها وتابعت: لأ جبتلك حاجة أحلي من الملف، ثم مدت يدها له قائلة بإنتصار: شوف كده الصور دي وقولي ايه رأيك؟

نتش منها الصور وهو يتطلع إليها بصرامة مخيفة، ثم نظر إلي الصور واحدة تلو الأخرى وعيناه تتسع بصدمة جلية حتى هتف بصوت هادر: ايه ده؟
ردت عليه بحدة: دي قذارتك..!
إقترب منها بخطوات سريعة وقال صائحا: يعني ايه، مش فاهم؟
لوت فمها بتهكم، قبل أن تقول بتشفي: يعني يا سامي بيه لو فكرت مجرد تفكير تضغط على سهيلة أو تنشر صورها أو تقرب مني أو من أمير، الصور دي هتروح لمراتك، ناريمان هانم صاحبة الأمبراطورية دي كلها!

كاد سامي أن يباغتها بصفعة إلا أنها أمسكت يده ودفعته بعنف وهي تقول بغضب عارم: أوعي تمد ايدك بدل ما أقطعهالك، أنا اخيرا عرفت أمسك عليك ذلة وأنتقم منك على الي عملته فيا، يا حقير
صر سامي على أسنانه وهو يتابع بصرامة: بس الصور دي مش هتقدري تعملي بيها أي حاجه ومش هتعرفي توصلي لناريمان أصلا.

أجابته بتهكم: لأ، ده أنا عرفت عنوان بيتكم وكمان معايا رقم تليفونها، أحذر مني يا سامي، إن لعبت بديلك هلعب أنا كمان والشاطر الي يربح في الآخر، سلام، ولا أقولك من غير سلام!

مر اليوم بسلام وعادت أروى إلي الشقة بعد أن اوصلها أمير كعادته كل يوم، لتصعد وتقص على شقيقتها كل ماحدث..
هل تفرح سهيلة أم تحزن وشقيقتها يوما عن يوم تزداد تعلقا بأميرها، وتُصبح تائهة بين حبها له وعذاب ضميرها الذي يؤلمها بشدة..
قالت سهيلة بشرود: سيبك من كل ده، إزاي هتتجوزيه وأنتي مش عارفه رد فعله إذا عرف بالكذبة دي، وهل هيتقبل موضوع إنك كنتي عايشة في بيت مشبوه ولا لاء؟

وكأنها ضغطت على جرحها لتأن وجعا وهي تتخيل حين يعرف ويتركها تعاني من جديد..
صمتت، صمتت طويلاً إلي أن قالت بإصرار:
مش هقدر أضيعه من إيدي يا سهيلة، مش هقدر، هتمسك بيه بكل قوتي حتى لو فيها موتي مش هسيبه ومش هرجع لمعاناتي تاني، لا أنا قادرة أحكي ولا قادرة أتخيل أنه يسبني..
هو طوق النجاة الي ربنا بعتهولي وحافظ عليه بأي طريقة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة