قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل العشرون

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل العشرون

بدأ النهار باقتلاع ثلاث زهرات من بستان حياتهم الهادئة، والزج بهم وسط غابة تملؤها الوحوش المفترسة.
والآن بدأت الشمس في الإعلان عن اقتراب موعد رحيلها.
فهل سيغادر معها أرواح بريئة، أم سيرحل معها الظلم لتشرق في اليوم التالي على قلوب متحررة من قيوده،
وقلوب سارت خلف مخاوفها، وتركت الحب الحقيقي؛ كي تعيش في حالة حب افتراضي، فترسل أشعتها، وتذيب طبقات الثلج من تلك القلوب الحائرة؟!

عندما يفقد الشخص عقله؛ من الطبيعي لا يعي على أي خطر سيلقي نفسه فيه.
عندما جذب الرجل الثمل عاليا وألقاها أرضاً وسط صراخهم الذي لم يعيده إلى رشده، انقض عليها بكل وحشيه؛ لكنها حاولت جاهدة الإفلات من بين براثنه؛ إلا أن قيد يدها خلف ظهرها كان يشع ها بالعجز؛ لكن عندما قرب وجهه من فمها فتحت فمها، وقضمت وجهه بكل غل؛ فصرخ، وابتعد عنها قليلاً وهو يتألم، ومد يده على وجهه، ثم نظر لأصابعه وجد عليها بعض قطرات الدماء؛ فثار غاضباً، وأخرج مسدسه، وصوبه عليها إلا أن يده ارتعشت إثر ثمالته وخرجت الطلقه بعيداً عنها؛لكن أغشى عليها.
صرخت الفتاتان بكل قوتهم باسم عاليا ظناً منهم أنها أصيبت بضرر.

في هذا التوقيت كان علوان يقف مع عوض في غرفة قريبة من الغرف المحتجز فيها البنات، وأيضاً غرفة حامد بعد أن اطمأن على الحراسه بالخارج.
كانوا ينظرون إلى بعض الرجال الذين يضعون أكياس من المخدر داخل اسطوانات خشبيه خفيفة الوزن، مفتوحه من جانب واحد، وبعد وضعها يلصق قطعه من الخشب بمادة لاصقة للأخشاب، ويلف عليها أثواب من الأقمشة.

عوض بتعجب: انت كيف هتخاطر، وتبعت البضاعه يا علوان، انت بتقول اننا اتكشفنا، وبعدين الراجل الكبير كيف هيأمن ياخد منيك البضاعه مش ممكن الحكومه تفوتها لعند ما تاجي تتسلم، وبعديها تهجم علشان أكيد عايزين يعرفوا الراس الكبيرة مش انت بس.

رفع علوان زاوية فمه بسخريه، وهتف: انت يا ملكوم انت ناسي إن رقبة سالم في يدي، وبعدين البضاعه قماش وبس، ولايمكن هيتخيلوا انها في الخشب من جوا، وحتى لو راقبوا العربيات اللي هتوصل البضاعه مش هيوصلوا لحاجه.
عقد حاجبيه، وقال متسائلاً: كيف ده؟!

علوان بهدوء: لان البضاعه هتوصل لمكان زي مخزن في الصحرا، وهيحطوا البضاعه جواه وهيخرج أ كلااتهم، وطبعاً جزء من الحكومة هتراقب المخزن على أمل يكون فيه مخدرات، وترجع رجالتنا مع رجالة الكبير، ويستلمها منيهم، بس اللي متعرفوش انت وهما إن المخزن فيه سرداب سري، وممر طويل هتتنقل البضاعه منهم أول ما توصل، ونهاية الممر بعيد جداً عن المخزن، وهناك هيتم التسليم؛ بس ده هيكون بعد ما اسيب البلد، والفلوس أني واخدها مقدماً من الكبير على حس البضاعة دي.

عوض بذهول: إيه التفكير الشيطاني ده، أني بقالي عمر معاك معرفش ميتى، وكيف عملت كل ده، والمخزن ده والممر معرفش حاجه عنيهم واصل، وأني بعديها هروح فين انت مسافر وهتتخلى عني يمكن اتمسك.
كاد أن يرد عليه علوان إلا أنهم استمعوا لأصوات صراخ من الغرف، ثم أتبع الصراخ صوت طلق ناري فأسرعوا خارجين ليستطلعوا ما الأمر، ومنها هرولوا لغرفة الفتيات، ودخلوا.

وقف علوان ينظر ببرود أعصاب للوحش الذي، يحاول اغتصاب عاليا المغشي عليها دون أن يشعر حتى بدخولهم، كان يفك قيد قدمها، كاد عوض أن يقترب ليمنعه؛ لكن يد علوان أوقفته، وحتى عندما أراد الاعتراض والتحدث، منعه علوان أيضاً بنظرة منه، ثم أشار بيده لأحد رجاله أن يحضروا حامد الذي كاد أن يفقد صوته من كثرة الصراخ، والسباب على علوان ورجاله، وهو كالأسد الذي لا يملك إلا زئيره داخل القفص.

دخل عليه رجلان، وفكوا وثاقه، وقبل أن يمسكا به دفعهم، وهرول خارجاً من الغرفه، وجد والده يقف أمام باب الغرفه المجاورة التي يخرج منها صراخ عاليا؛ فهجم عليه، وأمسكه من ملابسه
هاتفاً بغضب: بتعملوا إيه فيهم يا كلاب، ابعد عن طريقي أدخلهم.

أمسك الرجال حامد وأبعدوه بصعوبه عن علوان الذي تحدث بسخرية وهو يخرج مسدسه: قلقان إكده على مين يا ولدي دي حياله طليقتك.

يعني لو كانت فضلت مرتك مش كنت رحمتهم، ورحمت نفسك وأني معاكم من وجع القلب ده؟! نهايته ده كلب صعران على حتة لحمة، ولو كان طلبها مني مكنتش أعزها عنه ده بردك راجلي، بس هو منفذش أوامري، وكان عايز ياخدها لوحده، شوف هو مدريانش حتى بوجودنا إهنه، يعني ممكن أسامحه واقول مش في وعيه بس في قانوني مفيش سماح للي يخالفني.

وجه سلاحه على رأس المتوحش من الخلف وهو يهاجم عاليا التي لا تحرك ساكناً، وأطلق رصاصة واحدة، أوقعته صريعاً فوق جسد عاليا، ثم انقلب أرضاً فاقداً روحه.
عم الذهول على الرجال جميعاً فهذا الوحش لا يرحم أحد، ولا يتهاون مع أحد وان كان من رجاله الذين ينفذون أوامره طيلة حياتهم، وما هى الا غلطه وينهي حياة فرد منهم بيده، وبكل برود.
أشار لرجاله بكل هدوءوقال: تاوا جثة الكلب ده من اهنه بلاش قرف، وكتفوا سبع البرومبه، وسيبوه معاهم يمكن يونسهم، علشان مش عايز خوته ورايا سفر بكرة.

تركهم علوان في ذهولهم وخرج، ثم أخرج هاتفه ووضع به الخط ذو الرقم السري، وهاتف سالم، الذي كان بالفعل وصل للموقع الذي حدده؛ لكن أوقف السيارة على بعد عدة أمتار كي لا يشعر بهم أحد، نظر للهاتف وأجاب بلهفه كي يشعر علوان أنه مازال يبحث عنهم.
سالم: أيوه ياعلوان اتأخرت في اتصالك ليه.
علوان مسرعاً: اسمع يا سالم طيارة هليكوبتر تكون جاهزة بكرة الفجر في أول الصحرا، ولو فيه أي حركة غدر هيكون الثمن أرواح عيلتك كلاتها.
أغلق الهاتف قبل رد سالم ظناً منه أنه سيحدد مكانه من خلال الإتصال

نظر سالم لبدر الجالس بجانبه، وجد وجهه مكسو باللون الأحمر من فرط غضبه، وعيناه تجول بقلق بالغ في المكان حوله من خلال زجاج السيارة، فهتف بهدوء: بدر أني وقفت العربية إهنه ومسافه صغيره بعد النخل، والشجر ده علشان اوصل للمكان اللي حددناه، أني روحي في ايد علوان يعني أي غلطه هيقتلني؛ بس مش بطلقه لا ده هيقتل أهم ناس في حياتي، مش في حياتك انت وبس أوعاك تنسى إن اللي معاه دول مرتي، وخيتي، وبنت خالي يعني كل حياتي.
نظر له بدر بزاوية عينه، وهتف بغضب مكتوم: علشان
كده عرضت حياتهم للخطر؟

المهم دلوقتي ياله ننزل خلينا نشوف هنخرجهم ازاي انا لو شوفت علوان الكلب ده هقتله، واشرب من دمه.
سالم بهدوء ظاهري فقط: انا هروح، والقوه انا بعت لعزيز رساله انه يتحرك؛ بس مش هقدر استناه لأني عايز أخرجهم من هناك قبل الهجوم، يمكن يضروا أو حاجه؛ بس انت مش هينفع تيجي معايا الموضوع محتاج هدوء في التصرف، وتخطيط، وتدريبات انت ممكن متقدرش تتصرف، انا وافقت تيجي معايا هنا لاني محتمل اهرب البنات مثلا، واتقتل فتكون انت موجود تروحهم هتكون دي مسؤليتك، لأن لو لازم حد مننا يموت هناك هيكون انا مش حد فيهم مستحيل.

مسح بدر على وجهه وهدأ من حاله قليلاً، وهتف: كلنا ان شاء الله هنطلع سالمين؛ أنا عندي ثقه كبيرة في رحمة ربنا، بس انا مش هسيبك وان كان على الهدوء أوعدك مش هتصرف الا لما تطلب مني؛ لكن تسبني هنا أموت من التفكير ده لا يمكن اسمح بيه.

زفر سالم، وهز رأسه يميناً، ويساراً ثم مد يده للخلف وجذب حقيبه من الخلف، وأخرج منها مسدس به كاتم للصوت وأعطاه لبدر وقال: تعرف تستخدم مسدس صح؟
بدر بتأكيد، وهو يأخذ المسدس منه: أيوه طبعاً، ومعايا مسدس بتاعي مرخص بس في عربيتي.
سالم: تمام جداً ده فيه كاتم صوت، وكمان خد البخاخ ده فيه مخدر علشان يمكن تحتاجهم.

ترجلا من السيارة، وبدأوا في التحرك وسط النخيل بهدوء، وحذر
في نفس التوقيت داخل المنزل المهجور، بعد أن أمر علوان رجاله المكلفين بوضع المواد المخدرة في أماكنها بالإسراع، وتحميلها في السيارات، والان لاق بها في الساعه الثانية فجراً؛ صعد للأعلى ليستعد للسفر كما يتخيل له أنه سينجح.

أما داخل الغرفه نظر عوض للرجال معه، وهتف خلاص يارجاله روحوا انتوا شوفوا شغلكم، واني وعتريس هنكتف حامد، ونخرج
عتريس ببرود ظاهري: أيوه بعد اللي حوصل ده يارجاله هعملكم بيدي دور شاي بيدي إنما إيه، يظبط الطاسه، ويفوقنا إكده بس ياجعيدي انت وهمام شيلوا اللي مرمى ده، وادفنوه بعيد عن اهنه.
نفذ جعيدي، ومعه زميله الأوامر دون تفكير، وخرج الجميع من الغرفه عدا عوض، وعتريس.

نظر حامد لعاليا الملقاه أرضاً فاقده وعيها، والفتاتان تبكيان دون توقف ليس بيدهم شئ غير المناداه على اسمها،
اقترب من عاليا تحت نظرات الجميع، فنظرت ملك له، ثم ل عتريس، وعوض برعب فهتف هامساً مطمئناً لهم:
متخافيش يا ملك الرجاله دي لسه جواتها خير، وهى ساعدونا، وأن شاء الله هتخرجوا من اهنه سالمين، أني أسف على اللي عملته فيكي، وعلى اللي حصل كم بسببي.

طلب من عتريس كوب من الماء، فأعطاه له، وبدأ ينثره على وجه عاليا، وبربت عليه حتى استعادت وعيها، وكادت أن تصرخ إلا أن يد حامد منعتها، وقال بهمس: متخافيش يادكتورة عاليا، محصلش حاجه، وهتخرجوا من اهنه ان شاء الله بعد شويه.
عبير من وسط بكائها: انت بتتكلم جد يا حامد، طيب ليه بتقول انتوا هو انت مهتخرجش معانا إياك؟!

ضيق عيناه وتنفس بعمق، ونظر لعوض فتذكر أنه لا يريد مشاكل، وإن علم بنيته سيتراجع عن مساعدتهم هو وعتريس؛ فهم يخشون الحبس فقال بتوتر: لا هخرج امال ايه.

همس لعوض: عملت اللي قولتلي عليه ياعم عوض، مش إكده؟!
عوض بتوتر: ايوه ياولدي حدد مكانا، وزمناته على وصول بس أني اشترطت عليه ياجي لحاله ويخرجكم، ويمشي من غير شوشرة، أني معايزش اقضي اللي فاضلي من عمري، في السجن، قوم ياله هكتفك بس مش قوي، هتقدر تفك نفسك؛ علشان لو حد من الرجاله دخل وشافك مش متكتف هيموتنا كلتنا واصل، انت عارف أبوك،مبيرحمش

حامد بنبرة تحمل الغل، والحقد: إلا عارفه، بس اطمن كل حاجه وليها نهاية.

عتريس بهمس: أني كنت خايف أنفذ بس بعد قتله لراجل من رجالته قدامنا إكده علشان منفذش الأوامر وهو مسطول يبقى ملوش لازمه الخوف؛ شكلها إكده اخرتها الموت يبقى أعمل حاجه صوح مرة في حياتي قبل ما اموت.

أني بعت رساله لسالم بيه على الرقم اللي كنت ادتهولي عرفته مكان الأوضه دي بالضبط، وقولتله إني هعمل دور شاي وفيه منوم للحرس اللي على شباك الأوضه، وعرفته انه هو الشباك الوحيد اللي مقفول من بره برزه، وقفل زي ما عم عوض فهمني بالحرف الواحد، كومان هفتح القفل بس هسيبه، وكأنه مقفول علشان الوقت.

عوض بتوتر: أني قلقان أوي لو أبوك شم خبر بس رقبينا هطير قبل حتى ما يخرجكم، بس لولاك غالي قوي قوي ياحامد، وكأنك ابني اللي من صلبي، مهخونش الكبير واصل.
ربت حامد بهدوء على كتفه، وهتف: بكفياكم أذى في الناس، وابعدوا عن علوان وكلابه اللي ملهومش قلوب انتم مش زيهم،ولو المرة دي الحكومه مهجمتش أكيد مهتسبيش حقها بعدين.

عتريس مسرعاً: ياله يا عم عوض بسرعه قبل ما ننكشف، وسالم زمناته وصل ألحق أعمل شغلي.
بعد فترة قصيرة من مراقبة سالم، وبدر للمنزل، وجدوا بجواره منازل عده؛ لكنها جميعاً مهجورة، وكأن هذه المنطقه بلدة مخصصه لعلوان ورجاله.

سالم بهمس: راجل من الرجاله بعتلي رساله وحددلي مكان الأوضه احنا دلوك قصدها طوالي أهي مفيش حرس، ياله نتحرك بهدوء.
بدر بهمس أيضاً: طيب وباقي البيت زي ما شوفنا كله حراسه مش هيحسوا بينا؟
تنهد سالم وقال: هى مخاطرة اني اثق في الراجل ده؛ بس مقدميش غير أكده هو قال إنه هيلهي الحرس اللي على الأوضه، واللي بره على ما نخرج، هخرجكم، واشوف انا شغلي بقى، تعالى ياله توكلنا على الله.

وصلوا عند الغرفه، دون أن يشعر بهم أحد، وجدوا رجلين مفترشين الأرض لا يدرون عما حولهم، وبجوارهم كوبان من الشاي، امسك سالم القفل وجده مفتوح، فهمس: الراجل نفذ اللي قاله ياريت ميكونش فخ لدخولنا جوه، جهز سلاحك يابدر هندخل.
بدر وهو ينصت: بس فيه صوت أغاني شعبيه عالي جاي من الجنب التاني للبيت، و الرجاله كمان بيضحكوا جامد، هو فيه ايه؟

ضيق سالم عينيه وقال: ممكن يكون ده تمويه للرجال من اللي ساعدنا علشان نقدر ندخل، ونخرج من غير ما يحسوا زي ما هو متخيل، ياله بس مفيش وقت، عزيز زمناته على وصول ووقتها كل حاجه هتتكركب.
نزع القفل من النافذه، وأخرج من سترته شئ حديدي رفيع، وأدخلها من مفرق النافذه، واستطاع فتحها بمهاره؛ وبدر خلفه ينظر في جميع الاتجاهات يترقب وصول أحدهم أم لا.

لم يستمع حامد لفتح النافذه؛ بسبب الضوضاء الآتيه من خارج الغرفة، أما عن الفتيات؛ فقد غرقن في النوم من فرط إرهاقهم الجسدي، والنفسي، وهن ملتصقات ببعضهن.
عندما فتحها سالم أدخل بدر أولاً، هنا انتبه حامد له، ورأى خلفه سالم، ينظرون في أرجاء الغرفه ليستكشفوا إن كان هناك أحداً غيرهم؛ فقام حامد بفك يده سريعاً، ثم أزال القيد من قدمه ووقف، واقترب منهم بهدوء.

حامد بلهفه: سالم بيه كويس، انكم قدرتوا تدخلوا ياله بسرعه قبل ما حد من الرجاله يدخل.

قبل أن يقتربوا منهم، فتحت عبير عيونها، وعندما رأتهم تسارعت دقات قلبها بفرح؛ فقد حان وقت الخلاص من هذا الكابوس، صاحت باسمه؛ لكنه في لحظه كان يجلس، أمامها، ووضع يده على فمها، وضمها لصدره يطمئن نفسه أنها مازالت معه، وهمس: متتكلميش هتكشفينا يا مرت الضابط، وبدأ بفك وثاقها، واقترب حامد من ملك، ووضع يده على فمها أيضاً قبل أن يوقظها، وبدأ في فك وثاقها؛ أما بدر فقد اقترب، وجلس أمام عاليا، وظل ينظر لها وكأنه نسي أن عليه الإسراع؛ ووضع يده على وجهها؛ فاستيقظت مسرعه إثر لمسته، وأيضاً من الحركه بجانبها، وما أن رأته لم تتحدث بل ألقت بجسدها على صدره، وبكت كالأطفال، تلك الحركه كانت كفيله لتنهار حصونه، وقال دون وعى: متخافيش يا حب عمري، أنا دايماً جمبك.

سالم مسرعاً: محدش هيكون جمبها، ولا هي من أساسه لو مخلصتش يابدر.
أفاقذبدر، وأسرع بفك وثاقها. وبدأوا في التحرك نحو النافذه، وخرج بدر، واستقبل عاليا، ثم ضم سالم ملك، ملك وأخرجها.
قبل أن تخرج عبير خلع سالم سترته، وألبسها اياها عندما رأى ذراعها العاري، والتقت قطعة من القماش القديم الملقى أرضاً، وقطعها، ولفها على رأسها، وضمها بقوة، وهتف: خلي بالك من نفسك، ومن عيالنا، وأمي.
نظرت له بتعجب: ليه بتقول أكده؟
ياله هنمشي مش هيحصل حاجه ان شاء الله.

سالم بحزم: لا مينفعش قبل ما اكمل واجبي، واقبض، عليهم كلماتهم، القوة على وصول.
ربت حامد على كتفه، وقال: واني معاك يا سالم بيه مهسبش حقي واصل لو فيها موتي.
عبير بدموع: خلي بالك من نفسيك زين، وارجعي مستنياك.
ابتسم سالم، وأخرجها من النافذه بهدوء، ثم وجهه نظره لبدر وقال: دول مسؤليتك دلوك يابدر.
بدر بتأكيد: اطمن ان شاء الله كله هيكون تمام.

في الأعلى كان علوان يتحدث مع الرأس المدبر لتلك الأعمال المشبوه وهتف: ياباشا متخافيش اللي، حوصل معايا، وعرفت أداويه، والفجر هكون بره مصر كلماتها، وبردك هدير شغل من المكان اللي هقعد فيه، اما البضاعه بتاعت العمليه الأخيرة هتتسلم كيف ما وعدت حضرتك،كمان كام ساعه، وهتخرج من اهنه، ولا يمكن حد يكشفها.

**:علوااان انت مشاكلك كترت، واتكشفت خلاص، إياك تفكر لو اتمسكت تجيب سيرة حد من اللي، تعرفهم، والا رقبتك فدانا كلنا.
علوان بنفي: مش، هقع يا باشا اطمن مستحيل أقع أنا في يدي الورقه المرابحة، وبعدين حتى لو وقعت يعني هقر ازاي على اللي هينقذوني ويخرجوني منيها كيف الشعرة من العجين.

**:كويس انك فاهم ده يا علوان، قولي، سامع دوشه عندك انت ازاي مستخبي وحواليك الهيصه دي مش ممكن كده مكانكم يتكشف.
علوان بغضب: الرجاله كانهم اتجنوا بعد اذنك ياباشا هقفل، واروح اطلع روحهم على غبائهم ده.
وقف على باب، غرفته، ونادى بأعلى صوته: ياجعيدي، ياهمام، انتوا يا ولاد الفرطوس ياعوض.
صعد عوض له مسرعاً: فيه ايه بس، ياكبير.
علوان:ايه اللي، هتعملوه ده أغاني ايه، وزفت ايه اللي مشغلينها فاكرين نفسيكم فين إياك؛ في كاذينوا؛ إحنا مش عايزين حد يحس بمكانها يابهايم اقفلوا الزفت ده.

عوض مسرعاً: حاضر ياكبير بس، روق دمك انت، اني قولت بس اخلي الرجاله تفرفش شويه بعد اللي حوصل علشان ميفكروش انت عارف احنا معيزنهومش يفكروا واصل؛ والا هيبقى خطر علينا، وبعدين كلماتها كام ساعه والخاطر يزول،هنزل اخليهم يقفلوه.
علوان بحدة: بعد ما امشي من اهنه بكرة، هتخلص على البنته اللي تحت دول لأنهم شافوا رجالتنا وممكن يقروا عليهم، وهما يقروا على أماكن المخازن، وعلى الناس اللي تباعنا، صمت قليلا يفكر ثم هتف بإصرار، وكومان خلصوا على حامد

اتسعت عين عوض وهتف بذهول: عايزنى اقتل ولدك يا علوان؟!
علوان بجمود: معادش ولدي من يوم ما خرج عن طوعي، وكأن عايز يكسرني،غور من قدامي قبل ما اقتلك انت كومان وقف المسخرة اللي تحت دي.
خرج عوض وهو يضرب، كف على كف؛ فرغم أنه يعمل كذراع يمين لعلوان، وييسر دخول السموم لبلاده، إلا أن الشر عنده لا يجوز المساس بأهله؛ فكيف سيقتل علوان قطعة منه بهذا البرود؛ اذاً يستطيع التضحيه به أيضاً في أي وقت رغم كل ما قدمه له.

بعد خروج عوض التفت علوان وجد سالم يدخل عليه من شرفة الغرفه، فقد خرج من الغرفه السفليه، بعد أن اطمأن لابتعاد بدر، والفتيات، وتسلق الجدار حتى وصل للطابق العلوي، وقفز من شرفة الغرفه التي وصلها إلى الشرفه المجاوره التي تخص غرفة علوان

اتسعت عين علوان بصدمه بينما تحدث سالم بسهرية:قولت اجي اوصل ابو نسب للطيارة بنفسي أصل ما يصوحش.
تحرك علوان مسرعاً نحو الفراش وقبل أن يمد يده ليخرج سلاحه من أسفل الوسادة، تحرك سالم، وامسك به، من رقبته بيده اليسرى، واليد اليمنى بها مسدس مصوب على رأس علوان.

علوان بتوتر: اعقل يا سالم بيه، أهل بيتك تحت يد رجالتي تحت.
في هذا التوقيت سمعوا أصوات لضرب النار، في الأسفل.
سالم بسخريه: متقلقش رجالتك دلوك بنصفيهم تحت، وأهل بيتي في أمان، امشي قدامي.

خرجا من الغرفه، وعلوان يبدوا مستسلماً؛ لكن عيونه تبحث، عن سبيل الخلاص، وجدوا أمامهم عوض صعد، مسرعاً ليخبر علوان بأن الشرطه هاجمتهم، وعندما رأه تحت يد سالم هتف: ليه يا سالم بيه الخيانه، انت وعدت هتخرجهم وبس من غير هجوم، ثم صوب سلاحه نحو سالم ليخلص علوان منه، لكن كان سالم أسرع، وصوب طلقه على ذراع عوض، فانتهز علوان الفرصه، وأمسك يد سالم التي بها السلاح، وجذبها للأسفل بقوه، فوقع المسدس، ودفع سالم أرضاً، وأمسك هو بالسلاح، وأطلق النار على عوض، قتله، وهو يقول: بعتني، وعرفتهم مكانا ياكلب.

وقف سالم مسرعاً، وكاد أن يقترب من علوان؛ الا أن طلقه من مسدسه الذي بيد علوان أوقعته أرضاً، وسط دمائه.
في هذه اللحظه سمع علوان وقع أقدام تصعد السلم فأسرع للسلم الخلفي ونزل منه،
وقف سالم فالطلقه أصابت كتفه، وما أن رأهدعزيز، وبعض العساكر هرولوا عليه.
عزيز بلهفه: إيه اللي، حصل سالم بيه، وفين علوان.

تحرك سالم مسرعاً دون أن يأبه لدمائه التي تسيل، أو لألمه: تعالوا بسرعه من اهنه الظاهر فيه سلم تاني من ورا.
خرج علوان من المنزل، وهرول مسرعاً يريد الفرار؛ إلا أن طلقه في قدمه من الخلف أوقعته أرضاً، واوسقط من يده السلاح، واستدار ليرى من الفاعل ليتفاجأ بحامد وهو يصوب المسدس على قدمه الأخرى أيضاً،وأطلق عليها ليصرخ بكل قوته.

اتسعت عينيه عندما رأى حامد يصوب المسدس نحو قلبه، وعيناه تكاد تخرج لهيب حارق؛ إلا أن صوت سالم أوقف هذا الحكم بالإعدام على يد ولده: بس يا حامد ميستاهلش تنجس ايدك بدمه، الرصاص اللي ضربته عليه من مسدس حد من العساكر يعني ضرب أثناء المواجهه مفيش عليك حاجه، وتارك هياخده حبل المشنقه.

أشار عزيز للعساكر بالقبض عليه، واقترب من سالم الذي بدأ يستسلم للألم، وقال: ياله يا سالم بيه علشان لازم تروح مشفى بسرعه.
استقلوا سيارات الشرطه، وانطلقوا نحو المشفى، ومعهم حامد أيضاً.

كانت عبير تبكي بشده، وهى جالسه في السيارة وبجوارها عاليا تحاول أن تبث الطمأنينه لها: متخافيش يا عبير سالم هيقبض عليهم، وهيرجع ان شاء الله زي الفل من غير أذى.
عبير ببكاء: كان بيوصيني على مروان، واللي في بطني، وعلى أهله يا عاليا أنا هموت لو حصله حاجه.

ربتت عاليا على كتفها، بينما تحدثت ملك بحزم: اسكتي يا عبير أخوي ان شاء الله بخير، أني واثقه في ربنا هو عالم إني مليش غيره.
صمت الجميع، وظلوا يدعون الله في قلوبهم.

كان بدر يقف خارج السيارة، ومعه عمر الذي لحق بهم مع القوة؛ لكن الضابط عزيز طلب منه البقاء مع بدر لحماية الفتيات.
بدر بقلق: هما اتأخروا ولا أني اللي قلقان ذياده.
عمر بقلق مماثل: والله ما انا عارف انا حاسس اننا بنستناهم من سنه، وقال عزيز بيه كان عايزنا نمشي احنا بالبنات.
بدر بجديه: هو ده الصح المفروض نبعدهم عن الخطر.
عمر: بس، ملك، وعبير رافضين.
بدر وهو يفتح باب السيارة: لا لو فضلنا، هنا ممكن يكون فيه خطر عليهم مش مهم رأيهم دلوقتي.

استقبلوا السيارة، وقبل أن تعترض الفتيات صدح هاتف بدر معلناً عن اتصال من الضابط عزيز.
بعد أن أغلق الخط معه أدار السيارة.

عبير: استنى يابدر رايح فين مهتنجلش، من اهنه من غير جوزي.
بدر بهدوء: قبضوا على علوان بس نقلوه المشفى علشان متصلب في رجله، وطبعا الضباط معاه هناك، هروحكم، وهنروحلهم أنا وعمر.
عبير، وملك في آن واحد: لا احنا معاكم مش، هنروح الا لما نطمن على سالم بعنينا.
قبل أن يعترض بدر هتفت عاليا بضعف: خلاص يابدر علشان كمان نطمن على عبير، واللي، في بطنها

تجلس على فراشها تنظر لحفيدها بجانبها، وهو ملتهي بألعابه، تحاول جاهدة أن تقاوم دموعها؛ كي لا يراها مروان، ويفزع، ويبكي مرة أخرى يريد والدته؛ فقد هدأته بصعوبه، وكأنه يشعر بالخطر الذي يحيط بوالدته، ووالده أيضاً

دعت متمتمه: يااارب أسألك باسمك الأعظم احفظلي ولادي، ورجعهم سالمين من غير أذى، يارب سامحني لو كنت قسيت على بنت بريئة ملهاش ذنب غير عملة أمها، وأبوها؛ بس كان غصب عني انت عالم بحالي، وعالم باللي في قلبي دلوك، واني حاسه وكأن قلبي مش معاي، أني ندمانه على قسوتي بس متعاقبنيش فيهم يا أكرم الأكرمين، اللهم إني لا أسألك رد القضاء، ولكنى أسألك اللطف فيه.

سالت دموعها رغماً عنها؛ لكن لم يراها مروان فقد غفا، أراحت جسدها بجواره، وضمته بهدوء وقالت بصوت هامس وكأنها تحدثه: معرفاش يانن عيني لو كنت سيبتك تروح معاهم كان ممكن يحصل إيه.

شردت متذكرة الجدال الذي دار بينها، وبين عبير، وسالم قبل مغادرة المنزل للسفر.
نوارة بهدوء: خلاص ماشين بالسلامة.
هز سالم رأسه، وهتف: أيوه يا أمي، أهي ملك جابت مروان ونزلت أهي.
اقتربت منها عبير لتعانقها فقاطعتها نوارة: بصي يا عبير أني مهقدرش أقعد لوحدي في البيت الطويل العريض ده، وفي نفس الوقت مقدراش أقولك متروحيش علشان حقك تشوفي أهلك، وكمان نطمن عليكي من الدكتورة؛ بس ليا عنديكي طلب.

نظرت لها باهتمام وهتفت: طلب! انتي تأمري يامرت خالي طبعاً،لو اقدر متأخرش عنيكي.
ابتسمت وقالت: عارفه ده زين لأنك بت أصول أني عايزاكي تسيبي مروان معايا لعند ما ترجعوا بالسلامه، وانتي عارفه انه هيحبني، وإن هو في حبابي عنيا.

عقدت حاجبيها، وهتفت: كيف ده يامرت خالي؛ مروان لساته صغير، وأني عمري ما بعدت عنه يوم، كيف هبعد كام يوم؟!
اقترب سالم من والدته وهتف بهدوء: عبير عنديها حق يا أمي،وبعدين دول كلهم كام يوم، وانتي اللي مرضياش تروحي معاهم زي ما قالتلك عبير، ولا حتى راضية تروحي لخالتي.
نظرت له باستنكار، وقالت: واهمل بيتي فاضي اكده، انت بتقول انك هتكون في شغلك طول النهار، وهى هتروح للدكتورة خلي مروان معاي يونسني.

جلست عبير وهتفت بحزن: خلاص أني مريحاش يا سالم مقدرش أهمل ولدي.
هتفت نوارة مسرعة: ليه يابتي، أني والله مقصديش أزعلك، أو أعكنن عليكي، سافري وانبسطي، ومتشليش هم حاجه، بس علشان خاطري أني سيبي مروان معاي، معرفاش حاسه اني هموت لو مشيتوا كلاتكم إكده، على القليلة خلي مروان يونسني، وحطي في بطنك بطيخة صيفي.

تدخلت ملك بهدوء: لو تحبي يا امي اخليني اني اهنه ماشي؟
نوارة مسرعة، وهي تبتسم لها على غير عادتها: لا يا بتي روحي غيري جو يومين.
سالم برفض: مينفعش يا أمي أني عايزكم كلاتكم من الأساس تسافروا يبقى اسيب مروان؟!
جلست وظهر على وجهها الحزن، وأدارت وجهها، وهتفت: اللي تشوفه اعمله يا سالم مدام زعلي مش فارق معاك.
صمتت عبير للحظات ثم وقفت، واحتضنت نواره بحب، وقالت: لا كيف مش فارق يعني، ده انتي زعلك على عنينا كلاتنا، أني موافقه وعارفه، ومتوكدة ان مروان كأنه معايا وأحسن.

فرك سالم جبينه بقلق، وحيرة ثم هتف: ماشي يا أمي اللي تشوفيه.
أخرج هاتفه، وقام بطلب ذيادة الحراسة المشددة على منزله.
عانقت نوارة ملك كما لم تعانقها من قبل؛ حتى تعجبت ملك.
ودعتهم جميعاً بعد أن حملت مروان، وابتعدت السيارة من أمام ناظريها.

عادت من شرودها على صوت الخادمة تطرق باب الغرفة بهدوء، فسمحت لها بالدخول.
الخادمه: احضرلك الوكيل بقى ياست الكل؟
نواره وهى تمسح دموعها التي تركتها تنساب على وجهها: لا مليش نفس يا دليله.
دليله: يا ستي انتي محطتيش لقمة في جوفك من الصبح، وده غلط عليكي.
نوارة بنفس الهدوء: همليني دلوك يا دليله يحرم عليا الوكيل لعند ما يرجعوا سالمين.

تنهدت دليله وهزت راسها بحزن، وتركتها وخرجت من الغرفه.
صدح صوت هاتفها فرأت صورة سالم تنير شاشته؛ أجابت مسرعه: ايوه ياولدي، انتوا بخير.
بدر بهدوء: احنا بخير يا خالة نوارة أنا بدر، اطمني البنات معايا، شويه وهجيبم ليكي.
نوارة بقلق: انتوا فين، وسالم ليه مبيكلمنيش أوعاك تكون بتكذب، عليا عشان تهديني.

بدر بهدوء: لا ابدا والله بس، قولنا نيجي المشفى نطمن عليهم واكيد سالم مع عبير عند الدكتور، بس خدت فونه وقولت اطمنك.
نوارة بحزم: مستشفى ايه بسرعه أني لازمن أجي ومتحاولش لأني هاجي يعني هاجي.

عارفه اني قولت الأخيرة بس، مقدرتش انهي الأحداث بجد وانا بكتب.
يارب الحلقه تعجبكم وانا عارفه اني طولت بس مشهد انقاذهم بجد كان عاملي ضغط نفسي متتخيلهوش علشان كان نفسي اطلعه على قدر مستوى عقولكم، فأتمنى تقولولي رأيكم في الحلقه ككل، والمشهد ده بالذات تقيمه ايه بكل صراحه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة