قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الحادي والعشرون

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الحادي والعشرون

ظل جالساً بجوار فراشها، ينظر لها باشتياق، وهى تغط في نوم عميق؛ فقد بدأت تستعيد قليل من رونقها الذي كاد والده أن يقضي عليه نهائياً.
لم يتحدث إليها فقط ينظر لها، ويحمد الله في نفسه أنها بخير، وأن قاتل ولده سيتلقى عقابه.
اقترب منها قليلاً، ومد يده يلامس وجهها ليتأكد بأنها أمامه ليس حلما وبمجرد أن لامست أصابعه بشرتها استنشقت هى بعض الهواء، وفتحت عيونها ببطئ ثم أغمضتهم مرة أخرى وعقدت حاجبيها، وهتفت: هو أني لساتني بحلم، ولا انت قدامي، ويدك بتلمسني صوح؟!

اصطحب سؤالها دمعه انسابت من عيونها المغمضه؛ فأزالها بإصبعه سريعاً، وهتف: معدش، مكان للبكى يا وردتي، أني جمبك بحق وحقيقي، وخلاص عمري ما هبعد تاني، واللي ظلمنا أخد جزاته، وانتهى من حياتنا على الأخير، اشتقت لعيونك، ولضحكتك افتحيهم كفيانا بعد أكده.
فتحت عيونها، ومدت يدها تلامس وجهه، وابتسمت ليكتمل رونقها في عيونه، وهتفت بنبرة معاتبه لكن تملؤها الحب: من وقت ما عيني فتحت، واني مشتاقه اشوفك، واسمع صوتك يطمني اني هقدر اعيش، هونت عليك تبعد كل ده عني، عايزه اعرف سبب البعد ده كان ايه؟
نظرت للأسف، ووضعت يدها على بطنها، وقالت: علشان خسرت ولدك؟
هتف مسرعاً مصححاً حديثها: لا علشان اجيب حقك، وحق ولدنا.

دق باب الغرفه، ودلف منه والد وردة، وعندما رأى حامد بجوار ابنته، احتضنه وقال: حامد كيفك ياولدي اتوحشتك كتير.
شدد حامد من احتضان وهتف: اني كومان اتوحشتك كتير ياعمي، صحتك كيفها؟
والد وردة بهدوء: الحمد لله زين ياولدي، والدكاترة اهنه محترمين قوي، بس انت ليه جبتنا اهنه وبعديها اختفيت، وايه اللي سمعته تحت ده؟

جلس حامد بجوار وردة التي اعتدلت جالسة، وأمسك يدها وقال بهدوء: اقعد بس يا عمي، وقول سمعت ايه بالمظبوط، واني اقولك كل حاجة؛ بس قبل ما تقول أني عايز اقولك اني مفتكومش إهنه، واختفيت بمزاجي؛ لأ كنت مغصوب خوفاً على حياتكم، وكنت طوالي بسأل من بعيد لبعيد، لعند ما الخطر الحمد لله زال.
ها قولي بقى ايه اللي سمعته؟

تعجب والد وردة من هدوء حامد رغم ما سمعه عن ما حدث لعلوان؛ فهتف مستفسراً: أني كنت في الجنينة تحت بشم شوية هوا، عقبال ما وردة تفوق من النوم، ولقيت الدنيا اتقلبت في المستشفى، ولما طلعت اشوف فيه ايه لقيتهم بيقولوا سالم بيه أخو ملك مرتك متصاب، وفي العمليات دلوك، وكومان أبوك بيقولوا اتقبض عليه ومتصاب في رجله، إيه ياولدي، اللي حوصل؟ وكيف انت إهنه مش واقف جار أبوك؟ حتى لو مكنش راضي عن زواجك من بتي؛ بس هو بردك أبوك، وكومان ليه الدكاترة إهنه مراضينش نخرج، حتى بعد ما فاقت وردة، وبقيت زينة يعني؟

استنشق حامد بعض الهواء، وحبسه قليلاً ثم أخرجه ببطئ، وهتف بهدوء: أني هحكيلكم كل حاجه.

تجلس في ممر المشفى على الاستراحات، ودموعها كسيل لا ينقطع، وعيونها مغمضة، فمها لايتوقف عن الدعاء لله أن ينجي حبيبها من الخطر، وبجوارها تجلس عاليا التي بدى عليها الضعف؛ لكنها تقاومه، فقد كانت تحاول أن تشد من إزر عبير، وتبث الطمأنينة لها.
عيون بدر تراقبهما بقلق؛ فمن جانب يرقد سالم في غرفة العمليات بين الحياة، والموت؛ فقد فقد دماء كثيرة إثر إصابته في كتفه، ومن جانب آخر يرى عاليا وجهها شاحب للغاية.

اقترب منهم وهتف: تطمني يا عبير سالم هيكون بخير، ان شاء الله ربنا هينجيه.
هزت رأسها وقالت بصوت لا يكاد يسمعه: ان شاء الله ياااارب.
نظر لعاليا وهتف بقلق: عاليا شكلك تعبان قوي، قومي نروح للدكتور بسرعه نقيس الضغط، ونرجع تاني.

نظرت له وكأنها تراه لأول مرة، بشكل جديد فهو يهتم لامرها رغم كل شئ، وكل ما يحدث ثم قالت بهدوء: معلش يا بدر خلينا نطمن على سالم الأول، وبعدين هاجي معاك للدكتور حاضر.
قولي انت كلمت مرات خالي وطمنتها؟

هز رأسه بهدوء وقال: كلمتها، وحاولت اطمنها ان الكل بخير بس هى كانت قلقانه عليكم كلكم جداً، وأصرت انها تيجي، وخدت العنوان، وأكيد على وصول.
عاليا بهدوء: ربنا يستر ويطمنا.
رجع بدر يقف بجوار عمر الذي كان يقف وعينيه لا تتحرك بعيداً عن ملك التي تلتصق بالجدار الذي فيه باب غرفة العمليات، ومغمضة العيان، وتضع يدها على قلبها ولا تحرك ساكناً.

اقترب منها وهتف بهدوء: أنسة متخافيش هيقوم بالسلامه ان شاء الله.
فتحت عيونها ببطئ، ونظرت له، وهنا سمحت لدموعها أن تنساب ولم تعرف كيف تحدثت: أني هموت لو سالم جراله حاجه، أني مليش غيره، لا أب، ولا اخوات غيره، هو كل حاجه حتى حنان أمي اللي محستوش هو عوضني عنه.
عمر بلهفه: بعد الشر عنك، وعنه كمان اهدي بس واديله، واحنا كلنا معاكي، وعلى فكرة حابب اقولك ان والدتك وقعت من طولها لما عرفت اللي حصل كم، وروحت البيت عندكم مع سالم، وكانت منهارة جداً، وبتبكي، وتدعي انك تكوني بخير.

نظرت له بتعجب وقبل أن تتحدث سمعوا صوت نوارة، تهرول تجاههم وعيونها مثبته عليهم، وتنادي باسم ملك.
اعتدلت ملك في وقفتها مبتعده قليلا عن الجدار، ونظرت لنواره تخشى أن توبخها أمام الجميع بسبب اقتراب عمر وكلامه معها؛ إلا أنها تفاجأت بها تجذبها لتستقر بين ذراعيها، وتتحدث بصوت باكي: ملك بتي قلبي كان هيقف من خوفي عليكم. الحمد لله انكم رجعتوا سالمين.
تشبثت بها ملك وكأنها وجدت ضالتها، وتخشى ضياعها مرة أخرى، وبكت كأنما دموعها عتاب على تأخر هذه الضمة.

ربتت نوارة على ظهرها بحنان، وابعدتها قليلاً، وأمسكت وجهها بيديها وهتفت: انتي زينة ياملك حد أذاكي بحاجة ياقلبي، انتي أو بنات عمتك؟
هزت ملك رأسها نافيه، وقالت بصوت خفيض: لا احنا بخير الحمد لله.
نظرت نوراة حولها لتبحث عن عبير، وعليا، واتجهت نحوهما مسرعة، وما أن رأتها عاليا وقفت؛ فاقت بت منها نوارة وضمتها، وهتفت: الحمد لله على سلامتك يابتي.
عاليا بضعف: الله يسلمك يامرات خالي.

نظرت نوارة لعبير وجدتها جالسه ودموعها تسبح على وجهها وكأنها في عالم آخر ليست معهم، جلست جوارها، وضمتها وقالت: مالك يا عبير حد أذاكي بشئ، انتي زينه ولا فيكي حاجه، لو قلقانة على مروان هو زين، وزي الفل، هملته مع دليلة علشان ميتبهدلش اهنه؛ بس انتي بتبكي ليه يابتي الله يرضى عليكي؟

استسلمت عبير لأحضانها، وتعالت شهقاتها، فدب القلق في قلب نوارة، وكأنها تذكرت شيئاً ما وهتفت ناظرة لبدر: فين سالم مش قولتلي انكم بخير كلاتكم؟ ولدي فين مش واقف جاركم ليه، وانتوا واقفين اهنه ليه من أساسه مش اطمنتم على عبير؟

لم يجب عليها أحد ونظروا للأسفل فقاطع صمتهم فتح باب غرفة العمليات، وخروج الطبيب يتحدث، بعجالة: ياجماعه احنا خرجنا الرصاصة؛ بس المريض نزف كتير، وحالياً محتاج نقل دم فصيلة +A، للأسف غير متوفر في المشفى حاليا الفصيلة دي.

تحدث عمر بصوت مرتفع، وعجاله: أنا فصيلة دمي مطابقه ممكن تاخد مني اللي يحتاجه يادكتور.
أشار الطبيب إليه ليتبعه وهو يهتف: كويس اتفضل معايا؛ بس ياريت ياجماعه تشوفوا لو فيه متبرع تاني ممكن نحتاجه.

دخل عمر مع الطبيب، وكانت نوارة في حالة صدمة لما سمعت؛ فنظرت لبدر وقالت بصوت مختنق: رصاصة، ونزيف، ونقل دم!
كيف يعني يابدر؟ ولدي هيروح مني وكنت بتقولي بخير؟
ثم سمحت لدموعها أن تتساقط، ونظرت للجميع نظرات تائهه، وأكملت حديثها متسائلة: يعني ايه؟
يعني ولدي، وابن عمري جوه بين الحيا والموت، وياهام يرجع، ياهام ميرج

قاطعتها ملك وهى تقترب منها مسرعه، وجثت أمامها، ووضعت يدها على فمها هاتفه: الله لا يقدر شر ياما، أني متوكده إنه هيرجع لينا بألف سلامه، ادعيله انتي عاد.
ضمتها نواره بقوة وهى تردد: يارب يابتي يارب.
بدر بنبرة بها عجالة: انا هنزل دلوقتي اتصرف في متبرعين بنفس الفصيلة.

قبل أن يتحرك وصل الضابط عزيز لهم، وهتف: السلام عليكم، ها يا بشمهندس بدر اخبار سالم بيه ايه، متأسف اني موقفتش معاكم بس كان لازم أشوف علوان هيعيش ولا هيغور.
بدر مسرعاً: سالم محتاج نقل دم هروح اشوف حد فصيلته +A.

أوقفه عزيز قائلا: أنا الفصيلة دي هدخل للدكتور حالا.
نوارة بامتنان: ربنا يباركلكم ياولادي، ويجعلكم سبب في رجوع ولدي لحضني.

بعد مرور فترة من الوقت خرج الطبيب، وعلى وجهه معالم الارتياح، فأقبل عليه الجميع؛ فهتف بابتسامه: الحمد لله عدينا مرحلة الخطر، وكمان محتجناش دم من حضرة الضابط عزيز، خدنا من أستاذ عمر بس.
الليله هيبات في العنايه المركزه للاطمئنان، والصبح ان شاء الله هيتنقل أوضه عادية.

سجدت نوارة، وعبير في مكانهم شكر لله، بينما اقتربت ملك من عمر وهتفت بابتسامه مصاحبه لدموع الفرح: ألف شكر ليك يا أستاذ عمر.
عقد عمر حاجبيه وقال بتعجب: بتشكريني على ايه؟!
على إنقاذ روح انسان؛ كمان ده مش اي انسان ده يبقى اخوكي يعني مستعد اصفي دمي علشان ترضى عني.

قالها وهو يغمز بعينه، ثم ابتسم ابتسامه جعلت عيناها تتسع، وفمها يفتح بصدمة من رده المفاجأ.
لم يلتفت لصدمتها بل أكمل حديثه قائلاً بصدق: انا اتسحرت من أول ما عيني جيت في عينك، وحسيت تعويض من ربنا لجرح قديم هتكوني انتي دواه؛ علشان كده أنا أسف لاني بالغت في ردة فعلي يوم البطاقه، أتمنى تسامحيني؛ يمكن ده مش وقته بس خلاص مش قادر استنى، ها هتقدرى تسامحيني؟

نظرت للأسفل، وابتسمت بهدوء، وهزت رأسها بنعم دون كلام، ثم تركته واتجهت تجلس بجوار والدتها.
اقترب بدر من عاليا، وقال: عاليا ممكن تقومي، معايا نروح للدكتور معلش لاني قلقان من شكلك.
عدلت من حجابها، تداري وجهها أكثر ظناً منها أنه رأه، وهتفت بضعف: ها ماله شكلي؟

بدر بحزم: قومي ياعاليا قولت بعد اذنكم يا جماعه، ممكن تيجي معانا يا ملك.
وقفت ملك وهتفت: ايوه طبعا لأنها فعلا تعبانه.
استسلمت عاليا، ووافقت، وما أن وقفت حتى داهمها الدوار، وفقدت توازنها، وسقطت أرضاً لم تغب عن الوعي تماماً إلا أن جسدها مرتخي، وعيونها زائغة.

فزع الجميع، وكأن اسرعهم تحركاً بدر الذي نطق باسمها بفزع، وحملها وركض بها، وما أن رأته ممرضه من المشفى أسرعت بفتح غرفه لهم.
وضعها برفق على الفراش، وهتفت الممرضه: هنادي الدكتور حالاً.

اقتربت عاليا منها بقلق، وقامت بالربت على وجهها بخفه، وتهتف باسمها.
مد بدر يده برعشه، وأمسك يدها متناسياً في هذه اللحظه ما هو الصواب أو الخطأ، وكأنه لا يرى أحداً غيرها، وما أن أمسكها حتى أصدرت أنة ألم خفيفه،وشعر أن يده تلامس سائل؛ فنظر متمعناً وجد قميصها من عند رسغ يدها به دماء

رفع نظره لوجهها بفزع وجد الحجاب قد انزلق قليلاً؛ فظهر وجهها منتفخ بعض الشئ، ومشبع باللون الأزرق.
انتفض واقفاً عندما علم أنها تعرضت للضرب، شعر كأن دماء جسده كلها تصاعدت لرأسه وتغلي من شدة غضبه.
هتف موجهاً حديثه لعبير، وملك بانفعال: وشها ازرق ليه، واعيدها متعورة مين الكلب اللي ضربها كدة، وهى بس ولا انتوا كمان؟!
في هذه اللحظه دخل الطبيب راكضاً، وطلب منهم الخروج؛ فخرجوا جميعا عدا نوارة، وعبير.

خارج الغرفه نظر لملك بترقب، وسألها: ملك قوليلي ايه اللي حصل لو سمحتي ايديها بتنزف ليه كلكم كنتوا متكتفين .
نظرت للأسفل، وامتلأت عيونها بالدموع عندما تذكرت تلك اللحظات، ذادت حركتها تلك من قلقه، وغضبه؛ فهتف بانفعال: ملك ابوس ايدك متموتنيش بالبطئ وقولي حصل ايه.

أراد عمر الإبتعاد في هذه اللحظه كي يتيح لها فرصة التحدث؛ الا ان قلقه عليها أيضاً منعه من ذلك؛ فظل متشبثأ بالأرض بجانبهم.
تحدثت بصوت مختنق، وقصت ما حدث معهم، ومع عاليا بالأخص.
أغمض عيونه يعتصرهم، وقبض يده بشده ثم ضرب الحائط بقبضته هاتفياً بغضب: أنا السبب مكنش لازم ازعل، وامشي واسيبها هنا الحق كله عليا انا.

جذبه عمر وهتف محاولات تهدأته: مينفعش كده يا بدر، ومتلومش نفسك انت مقصرتش، وبعدين نحمد ربنا انهم رجعوا بالسلامه والكلب ده مقدرش يأذيها علشان علوان قتله.

خرج الطبيب في هذه اللحظه فنظروا له منتظرين حديثه فهتف: اطمنوا ياجماعه ضغطها منخفض شويه، وايديها كانت بتنزف ببطئ، ضمدنا الجرح، اتعلق ليها محلول علشان يظبط الضغط شوية وهتبقي كويسة ان شاء الله.
عمر بهدوء: متشكرين لحضرتك يادكتور ممكن يدخلوا يطمنوا عليها؟
الطبيب: طبعا اتفضلوا.

دلفت ملك للغرفه، وهتف عمر: واقف كده ليه، مش هتدخل تشوفها يا بدر ولا ايه؟!
هز رأسه بالنفي وقال بصوت متحشرج: لا انا مخنوق هنزل اشم هوا في الجنينه تحت شويه وبالمرة اطمن الجماعه في اسكندريه لأنهم اكيد اتصلوا بيا كتير، وتليفوني فاصل.

تركه بدر ورحل هارباً من الدخول إليها؛ أما عمر فقد دق باب الغرفه واستأذن في الدخول للإطمئنان.
كانت مغمضة العينين تفكر فيما حدث، وكل تفكيرها ينصب على ما فعله بدر من أجلها
أيعقل أنه يلقى بنفسه للخطر من أجلها؟!
حتى عندما سقطت حملها، وصوت أنفاسه ونبرة صوته تجسد معنى اللهفه عليها.
تردد صدى صوته في أذنها بكلمة (حب عمري) هل كان يقصد معناها المعتاد، أم قالها بعفويه فقط؟!

عندما سمعت صوت عمر فتحت عيونها مسرعه تتوقع دخول بدر معه؛ إلا أنها لم تجده.
عمر بهدوء: ألف سلامة عليكِ يا عاليا.
هتفت بضعف، وهى تنظر خلفه بحركة عين كمن يبحث عن ضالته: الله يسلمك يا عمر متشكرة.
هو بدر فين مدخلش معاك يعني.

خطرت لعمر فكرة تمنى أن تنجح فهتف برزانه: ما هو اطمن عليكي من الدكتور بس هو حس انه زهقان فحب يغير جو، ويطمن كل حبايبه في اسكندرية عليه خصوصاً إنه جه بدون ما حد يعرف، واكيد كتير قلقان عليه.
ضيقت عيناها وهتفت بنبرة متعجبه: ايه كل حبايبه دي؟!
ماتقول في البيت عند عمي وخلاص.

عمر بمراوغه: بس حبايبه اكتر من كده الدايرة وسعت شويه بقى فيها زميله، وزميلاته.
ضغط على حروف الكلمة الأخيرة لتصل لمسامعها جيداً، وتبدأ بإشعال أول شرارة غيرة في قلبها المُحير.

أغمضت عيونها، وتذكرت تلميح بدر أنه يفكر في الارتباط فزمت شفتيها بغيظ لا تعرف سببه فهذا حقه، وصمتت، ولم تنطق بكلمه بعدها.
نظرت ملك لعمر فاستشعرت خطته من نظراته، وطريقة حديثه؛ فابتسمت بداخلها على هذا الصديق المخلص الذي تتمنى أن يكون زوج بنفس الإخلاص أيضاً

وضعت الصينية التي تحملها بين يديها على المنضدة الصغيرة التي تتوسط غرفة استقبال الضيوف في منزلها، وجلست بجوار حسناء، ونظرت لها باهتمام، وهتفت: أديني عملت فنجانين قهوة علشان أركز في الكلام اللي هتقوله؛ لأني حسيت من نبرة صوتك وانتي بتكلميني كأنك محتارة، ومخنوقه، بالذات لما سألتيني ان كان كريم عندي النهاردة ولا لأ.

هتفت في هدوء: معلش يا دكتورة ليلى أنا عارفة اني أزعجتك في يوم إجازتك، وجيت هنا البيت بس بصراحه غير الموضوع اللي حابه أسألك فيه ساجد وحشني جدا، وكنت هتجن واشوفه هو وجوري.

أمسكت فنجان القهوة، وناولتها إياه، وهتفت باعتراض: يعني ينفع كلامك ده معلش ايه، وازعاج ايه
أنا اللي عرضت عليكي تجيني هنا، وده مش بعمله مع أي حد؛ ده للقريبين مني وبس وانا اعتبرتك صديقة ده لو معندكيش مانع لاني لسه سمعاكي بتقولي ألقاب.
حسناء بنبرة سريعه: لا ابدا مانع ايه ده نفس احساسي والله، وبالذات ان لما احتاجت اتكلم مع حد يفهمني كلمتك على طول مش كطبيبة؛ لا كصديقة بس...

قاطعتها ليلى قائلة: مبسش ياله عقبال ما ساجد يقوم من نومه نكون خلصنا كلام قوليلي ايه محيرك كده.
صمتت لثواني، ونظر للأسفل ثم هتفت: حاسه اني خاينه.
عقدت حاجبيها وهتفت بنبرة متعجبة: خاينة! ليه الاحساس ده عندك؟!
فركت أصابها بعضهم ببعض في توتر، واحمرت وجنتيها؛ ثم هتفت بصوت منخفض لكن ليلى قد سمعته: أصل كريم اااأقصد أ. كريم يعنيييي

أمسكت ليلى كفها تبث فيها الطمأنينه، وهتفت بهدوء: حسناء لو سمحتي اتكلمي معايا بدون تردد؛ لاني معاكي صديقة، وطبيبة مش أخت كريم فتأكدي ان اي كلمه تقوليها بينا لا يمكن غيرنا يعرفها مهما كان قربه مني.
ها ماله كريم؟!

اغمضت عيونها وهتفت ببطئ: أصله اعترفلي انه معجب بيا.
عقدت حاجبيها مرة أخرى، وهتفت: طيب وايه الخيانه في كده، واحد عبر ليكي عن مشاعره تجاهك، وعلى فكرة دي مشاعر قديمة مش وليدة لحظة، أو مثلا لأنك انقذني ابنه؛ لأ هو قالي انه معجب بيكي من زمان بس كنتي وقتها مخطوبة لعمر.

انسابت دمعة حزن على وجهها، وهتفت: ما ده سبب من السببين اللي محسسني اني خاينه.
ليلى بهدوء: طيب ممكن تهدي وتتكلمي براحتك خالص انا مش هقاطعك فهميني بتفكري في ايه واعتبري نفسك بتكلمي مرايتك انا مش هنا.

رفعت حسناء يدها، وازالت دموعها وتحدثت دون أن تنظر لليلى: دلوقتي كريم اعترفلي بمشاعره بس هو ميعرفش عني حاجة، يعني حب مظهري وانجذب ليا زي اي بداية مشاعر؛ لكن انا مقلتش ليه اني سبت عمر وغدرت بيه لاني طمعت في الأحسن مادياً، كمان ميعرفش اني صعب اكون أم.
الفترة دي بحكم مساعدته ليا في المذاكرة بنتقابل كتير، وده هيقربنا من بعض خايفه اكون بخونه اني مخبيه عنه التفاصيل دي، ولما يعرفها يبعد بس بعد ما يتجرح.

صمتت قليلاً لتستجمع كلماتها؛ فلم تقطعها ليلى؛ فأكملت كلامها: أما السبب التاني اللي محسسني اني خاينه هو عاليا.عاليا أقرب صديقة ليا؛ لا دي كأنها أختي؛ بس مشاعري مش بإيدي.

كنت عارفه انها بتحب كريم ومتعلقه بيه لدرجة الهوس، وفي نفس الوقت انا حسيت بمشاعر بتتحرك نحيته بس لغيت الفكرة من دماغي، وأقنعت نفسي اني معجبه بس من كتر كلام عاليا عنه.

و بعد فترة صغيرة من دخول كريم لحياتنا انا وعاليا يمكن قبل ما كريم نفسه ياخد باله من وجودي؛ ظهر عمر وكأنه طوق نجاه هينقذني من الغرق في أفكاري، ومشاعري، شوفته مناسب.

منكرش وقتها كانت نظرتي للامور الماديه مختلفه عن دلوقتي كنت بحب المظاهر، وعايزه مستوى احسن؛ فوافقت عليه بدون حتى ما افكر؛ بس بعد فترة بدأت احس بالغيرة كل ما عاليا تتكلم عن كريم، وكنت بصدها واحاول افوقها، واقولها انها موهومه انه بيحبها.

وبدأت أحس بفتور في مشاعري تجاه عمر، وأي حاجه كان بيعملها مكنتش بتسعدني، وده كان خانقني؛ لأني كنت عارفه انه بيحبني، مكنتش عايزه أظلمه، وفي نفس الوقت مكمله لعند ما ظهر حازم في طريقي، بدأت أفكر بعقلي، وألغي قلبي خصوصاً لما سمعت كريم بيتكلم عن حب ليه، وانه هيخطب، وقتها كنت انا مخطوبه؛ فقولت يا إما عاليا صح، أو حد تاني؛ فسبت عمر، ووافقت على اللي هيحل مشاكلي الماديه، وتخيلت اني بكده هكون سعيده، ومش هخون صاحبتي.

أما دلوقتي انا عرفت بحب كريم ليا، ومش قادرة اتحكم في قلبي وأقوله ميحبهوش يبقى انا كده بخون صديقتي، واختي كمان صح؟
فهمت ليلى ما تعانيه حسناء؛ فهى تحتاج الصديقة أكثر من احتاجها الطبيبة؛ صديقه ترشدها ما ان كانت على الطريق الصواب أم لا.
تبسمت ليلى وهتفت: احساسك بالخيانه ملهوش أدنى أساس من الصحه تعرفي ليه؟
نظرت لها نظرة تملؤها الأمل فهى تريد التخلص من تلك الشعور الذي تملكها، وهتفت: ليه؟

ليلى بنبره ودوده: حبيبتى انتي قولتي انك اول ما حسيتي بانجذابك لكريم، ولقيتي عاليا بتعترفلك انها كمان منجذبه ليه، وشوفتها بتتمادى في انجذابها ده لعند ما اتحول لحب، أو خلينا نقول أوهمت نفسها ان كريم كمان بيحبها منعتي تفكيرك فيه، يعني انتي مخونتيش عاليا حتى بمجرد التفكير لأنك سيطرتي على نفسك من غير ما تتأكدي ام كان كريم بيبادلها الشعور ولا لأ.

بالنسبه لعمر انتي جرحتيه صح؛ بس لو كنتي اتجوزتيه كنتي هتجرحيه اكتر لأنك من كلامك محبتيهوش خالص، مجرد حد شوفتيه مناسب، ولما ظهر الأنسب حبيتي تتخلصي من شعور ظلمك لعمر، وترتبطي بعقلك، اللي خيلك ان السعادة في المادة، وغلطتك مع عمر خدتي عقابها وخلاص، انسيها بقى ومعدتيش تفكري فيها.

أما بالنسبه لكريم، وده الأهم حالياً خل انتي اعترفتي بحبك ليه كمان؟
حسناء بنبرة سريعه: لأ.. بس هو اكيد بان عليا، أو هو حس بده والا مكنش اتكلم، وقولتله ان عاليا بتحبه واني لا يمكن اخسرها.
ابتسمت ليلى وهتفت: بس كده تمام طول ما علاقتكم لسه فيها نقص، ومش مؤكد تكتمل مش من حق كريم يعرف عنك حاجه، هيكون حقه لو انتي موافقه تكملي العلاقه اللي انتي رغم حبك الا انك رافضه تكمليها غير بعد ما تتأكدي من شعور عاليا.

وعلشان أريحك أكتر هقولك استنتاجي عاليا مبتحبش كريم، عاليا بتحب بدر في صورة كريم؛ لأنك لو قارنتي بين شكل كريم، وبدر هتلاقيهم قريبين جدا من بعض في الملامح، باختلاف شكل الجسم اللي، هي صراحة قالت إنها رافضاه، ولو فرضنا انها بتحبه حقيقي مش وهم فهيكون حب من طرف واحد، وده مستحيل يكتمل، ده غير انها حبيته بدون ما تعرف حياته فيها ايه، وحكمت عليه انه مفيش فيه عيوب من مجرد مواقف صغيرة، رغم ان مفيش حد خالي من العيوب، ودي كمان حاجه تطمنك إن زي ما انتي عندك بعض المواقف الخطأ في حياتك، أكيد الكل عنده؛ فياريت تقلقيش، وتوتري نفسك بدون أسباب فهماني يا نونه؟

كلام ليلى كان بالنسبة لها علاج لجرح متعمق في قلبها، وعقلها رغم أن مغزى كلماتها الأخيرة أن كريم لديه عيوب، أو أخطاء هو الأخر وفضولها لمعرفة تلك الأخطاء؛ إلا أن ما يهمها الأن أنها اقتنعت بكلام ليلى؛ فهى لم تخن أحد، ولا تنوي ذلك، وأن كانت ما فعلته مع عمر خيانه فقد عوقبت عليه بالفعل؛ لكنها لم تندم يوماً على الانفصال.

تنهدت بارتياح، وابتسمت ثم هتفت: تعرفي يا ليلى الطريقة اللي اتقابلنا بيها انا وانتي ينطبق عليها مثل( رُبَ ضارةٍ نافعة)
لو مكنتيش خبطيني بعربيتك مكنتش هتعرف على دكتورة، وصديقة، وأخت جميلة زيك كده، بجد ريحتيني .
غمزت ليلى بعينها اليمنى وهتفت بابتسامه: يعني المنفعه انك اتعرفت عليا انا بس؟!

ابتسمت حسناء بخجل، وقالت: لا يعني وحاجات تانيه بس يارب يا ليلى مخسرش لا حبي، ولا صديقتي، وعاليا تكتشف انها كانت بتفترض حب كريم من تجاهها، ومن تجاهه.
ليلى بحب: ان شاء الله حبيبتي مش هتخسري حاجه، بالعكس ان شاء الله هتكسبي قلبك اللي كان تايه ومش عارف مرساه.
دق باب المنزل فوقفت ليلى مستأذنه لتفتحه؛ فاستمعوا لصوت ساجد يبكي.

ليلى: الظاهر صحي من صوت الباب.
حسناء بلهفه: تحبي ادخله وانتي تفتحي لضيوفك، وحشني وعايزه اشوفه قبل ما امشي.
ليلى بتأكيد: طبعا حبيبتي الأوضه انتي عارفها من المرة اللي فاتت اتفضلي.
اتجهت ليلى لباب المنزل، وهى تردد: حاضر جايه لحظه.

فتحت الباب إذ بكريم أمامها؛ فهتفت: كريم! رجعت بدري من مشوارك يعني، طيب مفتحتش ليه مش يابني معاك مفتاح.
دلف كريم، ووضع ما بيده على المنضدة التي تتوسط ردهة المنزل، وسحب كرسي، وجلس ثم هتف بهدوء: انتي عارفه يا ليلى ان انتي اللي ادتيني المفتاح، وقولتلك مينفعش افتح وادخل بدون إذن لان ده مش بيتي، عارفه حتى لو بيتي مش هدخله بدون استئذان الا لو مفيش حد جوه.

ليلى بهدوء: سبحان مغير الأحوال، طيب حبيبي على راحتك، قولي بقى حاساك مخنوق ليه كنت في الشقه برده؟
كريم بحزن: أيوه كنت هناك، وكل ما افتكر اللي حصل بتخنق من نفسي، كمان ساجد ببعده عني تاعبني اكتر الولد مش بيحبني يا ليلى.

ابتسمت ليلى بهدوء وقالت: ساجد صغير ميعرفش يكره، هو بس مش متعود عليك، وانا قولتلك من وقت ما رجعت لازم يتعود على وجودك متنساش انك كنت بعيد عنه فترة كبيرة، يعني بالنسبه ليه غريب، وانت معملتش اللي يثبتله عكس ده. انت لما حسيت رفضه بعدت، وبقيت متجيش هنا الا قليل
كريم بحزن: يمكن لاني كل ما اشوفه بفتكر مامته، وبحس اني كنت السبب في البعد ده.

ليلى: يبقى تحل المشكلة، وتصلح الغلط مش تذوده.
هز كريم رأسه بصمت، ومد يده وأمسك شئ من أمامه، وناوله إيها وهتف بهدوء: طيب خدي الحاجات دي حلويات، ولبن، علشان الولاد،وغدا جاهز حضريه نتغدى سوا عارف ان طارق هيتأخر النهارده، أما دول شوية ألعاب للولاد.

أخذت الطعام منه وقبل أن تتحدث استمعوا لصوت ضحكات ساجد، وجوري تأتي من الداخل؛ فنظر كريم لأخته بتساؤل؛ فابتسمت، وقالت: دي حسناء هنا وقاعده معاهم هى بتحبهم وهما كمان اتعلقوا بيها بسرعة.
تهللت أساريره، ونسى شعوره بالضيق بمجرد سماع اسمها يتردد أمامه، وأنها معهم الأن في المنزل.
نهض من مكانه وهتف: ليلى انا حابب اشوف تعاملها معاهم بتضحكهم ازاي كده.

اتجهت للغرفه وهى تشير له أن يتبعها، وعندما وصلت وتأكدت أن حسناء بحجابها أشارت له ان يقترب وظلوا ينظرون من أمام الباب دون أن تشعر بهم حسناء؛ فهى الأن في عالمها الخاص مع ساجد، وجوري فقط.
اتسعت ابتسامته، وهو يراها تقص عليهم قصه، وتقوم بتمثيلها بالعرائس الخاصة بهم، وتقوم بتقليد أصوات الشخصيات وكأنها طفلة مثلهم، وهم أمامها مندمجون مع ضحكاتها، وجميع انفعالتها.

أثناء حركاتها وهى تقص التفتت تجاه باب الغرفه، فرأتهم يقفون مبتسمين، وينظرون لها؛ فتوقفت، وكست حمرة الخجل وجهها، وهنا صدر صوت ساجد يقول: ناء.. ناء (حسناء)؛ فنظرت له رأته يقفزأنامها أرضاً، ويرفع يده لتحمله؛ فحملته، وهتفت بخجل موجهه كلامها ل ليلى: أنا أسفه لو عملت ازعاج؛ أصلي نسيت نفسي خالص معاهم.

ليلى، وهى تحمل جوري هتفت: بتتأسفي ليه يا حسناء يابنتي انتي معملتش أي حاجه تستدعي الأسف بالعكس، ده سمعنا صوت ضحككم حبينا نفرح معاكم جواكي طاقه جميله تقدري تفرحي اللي حواليكي .

حسناء وهى مازالت تنظر للأسفل: طيب هستأذن انا بقى علشان اتأخرت.
كريم مسرعاً: لا تستأذني إيه، هو إذا حضرت الشياطين ولا إيه؟!
طيب حتى سلمي أول هو انا خيال؛ دا انا الفرحه ملكت قلبي بوجودك هنا النهارده تقومي تقولي هستأذن لا مفيش الكلام ده إحنا هنتغدى سوا.

ذادت كلماته من خجلها، و هتفت: معلش اتوترت شويه لما شوفتوني مندمجه مع الولاد كده، إزي حضرتك د. كريم.
كريم بتكشيره: دكتور! طيب كده مش كويس
توترت، وشعرت بما لم يلامس قلبها من قبل رغم تجاربها، ومحاولتها لإيجاد السعادة؛ فهتفت: إحم معلش إعذروني مش هينفع غدا علشان متأخرش .

تدخلت ليلى: لا مفيش، اعتذار انا هكلم باباكي، وهستأذن انا منه، وهوصلك لعند البيت، وبعدين انا كمان عايزاكي في حاجه مهمه.
لو سمحت يا كريم خد ساجد من حسناء هقولها حاجه واحنا بنحضر الغدا.
اقترب كريم ووضع حقائب بها ألعاب على أرض الغرفه، ومد يده لساجد بتردد، وما أن فعل ذلك حتى دفن ساجد وجهه في كتف حسناء، وتشبث في أحضانها، وهو يردد اسمها.

تعجبت حسناء من هذا الموقف؛ فهذا والده لما يفعل ذلك، نظرت لكريم وجدت ذراعيه معلقان في الهواء كما هم وملامحها منكمشه بأسى؛ فهتفت موجهه حديثها ل ساجد: سجوده مالك حبيبي، بصيلي كده

رفع ساجد وجهه، ونظر لها؛ فنسيت خجلها، وتوترها نهائياً، وتحدثت بهدوء، وابتسامه: سجوده زعلان من بابا ليه مجبش ليه لعبه جميله من زمان ولا إيه؟
فتدخلت ليلى بمرح: لا ده بيجبله العاب جميله، وحتى دلوقتي جايبله لعب هو وجوري
تحدثت حسناء بصوت طفولي وتصنعت الدهشه: وااااو جايب العاب جديده يا سجودي، ورينا يابابا جابلنا ايه علشان نلعب كلنا سوا، هتلعب معانا يابابا صح؟

نظر كريم لها رافعاً حاجبيه بتعجب لطريقتها، ثم نظر ل ليلى التي أومأت برأسها تحثه أن يفعل ما تقوله حسناء؛فهتف: ايوه اكيد هلعب انا جبت عروسه جميلة لجوري، وجبت قطر كمان حلو أوي لسجوده حبيبي.
رفعت حسناء ذراعها الخالي لأعلى، وهى تقبض كفها، وهتفت بحماس طفولي: يييس قطر يا سجود سمعت انت هتسوق القطر، وانا وبابا، وجوري، وعروستها هنركبه معاك ياله.

افترشت الأرض وهتفت بحماس وسط ذهول كريم، وإعجاب ليلى بتصرفها: ياله يابابا بسرعه طلعه.
تدخلت ليلى بابتسامه: طيب اقعدي يا جوري، معاهم العبي بالعروسة اللي، خالوا جايبها.
حسناء، انا هكلم باباكي، وهستأذنه، مظنش هيمانع، وهحضر الغدا.
حسناء بابتسامه: طيب ثواني هساعدك.
ليلى مسرعه: لا لا انتي كده بتساعد اكتر خليكي زي ما كنتي.

فهمت حسناء مغزى كلامها، وأن علاقة ساجد بوالديه بها توتر، وهى تريد مساعدتها في إلغاء ذلك التوتر؛ فهزت رأسها بإيجاب، وهتفت مرة أخرى بنفس الصوت الطفولي موجهه حديثها ل كريم: يووه يابابا ساجد كده هيتأخر عن المشوار اللي هنروحه بالقطار، افتحه بقى.

ابتسم كريم، وجلس أمامهم أرضاً، وقام بفتح اللعبه، وتركيبها، وما هى إلا دقائق حتى اندمجوا جميعاً في اللعب، وطوال الوقت ترد حسناء كلمة بابا بصوت طفولي للغاية ل كريم كي ترسخها في ذهن ساجد، تعالت ضحكاتهن، ووسط لعبهم وقفت جوري، واحتضنت كريم وقبلته، وهتفت: بحبك يا كليم (كريم)

نظر لها ساجد، ووقف هو الأخر، واقترب، من كريم بمفرده لأول مرة، وقبله وهو يقول: بابا حلو.
غمرت السعادة كيان كريم، وجذبه ليستقر في أحضانه، وظل يقبله، ثم نظر لحسناء وهتف: انتي جميلة أوي يا حسناء، وهتبقى أم تجنن.

كلمه قالها بعفويه، لم يشعر بأنها سكين ضرب في جرح متواجد في قلبها فأعاد فتحه مرة أخرى؛ فكست ملامح الحزن وجهها البرئ، ووقفت وهى تقول: ان شاء الله كملوا لعب أنا هروح اساعد ليلى.

خرجت تحت نظراته المتعجبه، ولم تتجه للمطبخ؛ بل اتجهت لشرفة المنزل فهى أرادت استنشاق بعض الهواء عله يحد من اختناقها المفاجأ.
انسابت دموعها في صمت قطعه صوت كريم من خلفها: مالك يا حسناء؟
انتفض جسدها قليلاً، والتفت للخلف مسرعه، وما أن رأته مدت يدها لتمسح دموعها؛ فبادرها بلهفه، وهو ينظر لعيونها: بتبكي! أنا عملت حاجه ضايقتك؟ أنا أسف لو ضاي...

قاطعته نافيه: لا معملتش حاجه متتأسفش.
عقد حاجبيه، وهتف: طيب مالك ايه زعلك؟
سمحت حسناء لدموعها بالنزول مرة أخرى، وتحدثت: لاني عمري ما هكون أم كويسه.
تعجب كريم من حديثها، وهتف: مش فاهم ازاي مش، هتكوني، كويسه بعد اللي، شوفته جوه ده.
حسناء ببكاء: لأني، مش هبقى أم من أساسه.

يجلسون جميعاً في الغرفه التي تستريح فيها عاليا، يشعرون بالتوتر واضح على ملامحهم، ينتظرون أن يستعيد سالم وعيه فقد طالت غيبته عليهم، وكأنه يعطي نفسه قسط من الراحه بعد ما مر به من قلق، وحزن.

نوارة بقلق: بقينا بعد الظهر ولسه مفاقش من امبارح ياولاد ليه إكده؟
ما تقوم يا بدر يا ولدي تسأل الدكتور، ولدي ماله كان مستخبي لينا فين ده بس.

تحدث عمر الذي لم يترك، بدر، وعاليا لحظه منذ الحادثه رغم محاولات بدر إقناعه بالرحيل ليستريح؛ لكنه أبى ذلك
عمر بهدوء: متقلقيش يا خالتي ان شاء الله هيكون بخير، يمكن طول شويه متنسيش انه كان في ضغط عصبي بقاله فترة
أقبلت عليهم ممرضة دقت باب الغرفه وتحدثت بعمليه: السلام عليكم المريض اللي حضرتكم منتظرينه، فاق، والتنقل غرفة عاديه وبيردد اسم عبير.

نهضوا جميعاً فرحين، وخرجوا من الغرفه مسرعين.
دلفت نواره في المقدمه وتحدثت بلهفه، وبكاء: سالم ولدي ألف الحمد لله على سلامتك ياقلبي.
ابتسم بهدوء، وهتف بصوت ضعيف: بتبكي ليه ياما عاد، أني زين أهو.
ملك: الحمد لله يا خوي بركه انك بخير، فزعتنا عليك يا غالي.

سالم: الله يسلمك يا ملوكه.
بحث بعينه عن نصفه الأخر وجدها تقف عند باب الغرفة تبكي في صمت.
مد لها يده السليمة؛ فاقتربت منه ونظرت في عيونه، وأمسكت يده، وقبلتها فجذبها إليه مقرباً إياها؛ فمدت كفها تلامس وجهه وهتفت: روحي ردت دلوك ياعمري، قلبي دقاته كانت واقفه ودلوك بس رجع يدق تاني.

ابتسم لها بحب، وقربها أكثر ثم قبل جبينها، وكاد أن يتناسى من معهم، وقبل أن يلامس شفتيها تدخل بدر ممازحاً: إيه يا عم سالم نحن هنا انت نسيت اننا في المستشفى، خلينا نطمن عليك احنا كمان.
الحمد لله على سلامتك يابطل

اعتدلت عبير بخجل، ونظر سالم لبدر بتوعد وهتف بضعف: ماشي يا بدر ليك يوم، بس لو قادر اقولك.
ضحك بدر، وهتف: لا تقولي ايه احنا مش قد الابطال.
سالم بابتسامه: انت اللي بطل يا بدر خاطرت بروحك رغم انك مش مدرب حسيت انك هتتجن لما عرفت اللي حوصل، وبعدين لولا ربنا، وبعدين وجودك معايا مكنتش هقدر اطمن عليهم وادخل اكمل شغلي.

تدخل عمر ممازحاً: لا كده اجيب شجرة، واتنين ليمون عمالين تغازلوا في بعض قدامي، الحمد لله على السلامة يا سالم بيه.
نظر له سالم وابتسم: الله يسلم عمرك يا عمر،انت كومان راجل صوح ومتتخلاش عن صديقك.
نوارة بتأكيد: أيوه ياولدي، راجل صوح والله ده يبارك في عمره متتأخرش ثانية لما عرف انك محتاج لدم، والتبرع ليك.
نظر سالم له بامتنان وهتف: ألف شكر يا عمر، اختيار بدر لصديقه كان في محله صوح.
عمر بجديه: لا يا سالم انا مش عايز شكر؛ أنا عايز ثمن الدم بتاعي.

نظر له الجميع بتعجب؛ فأكمل حديثه: مالكم مستغربين ليه أنا زي ما بينا دلوقتي دم مشترك أتمنى يكون بينا نسب مشترك، تقبل تجوزني أختك يا سالم بيه، ومتقولش مجنون علشان الوقت مش مناسب؛ بس هى حكمت بقى وخلاص.
خجلت ملك وتركت الغرفه هاربه من أنظار الجميع المتعجبه من طريقة عرض عمر للزواج.
تحدث عمر بعد أن طال صمتهم: أوعدك يا سالم لو وافقت هشيلها في عيني، ولا يمكن أزعلها يوم ها طمن قلبي اللي يرضى عليك موافق تناسبني؟

تفتكروا سالم هيوافق ولا إيه؟
إيه رأيكم في مشاعر عاليا؟
ياترى حكاية حسناء نهايتها ايه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة