قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الرابع

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الرابع

بعد أن أستمع عمر لكلام حسناء، وطلبها الإنفصال شعر وكأن مطرقة قويه دقت على رأسه، شعر بقلبه يعتصر بين ضلوعه من شدة الألم.
عمر بصدمة وصوت ضعيف: ننفصل! انتي عايزه تبعدي عني، علشان مش قادر أعمل شوية كماليات تقدري ببساطه تستغني عنهم؟!
حسناء بهدوء: مش مسألة كماليات، هو بس...

قاطعها عمر بعصبيه: طيب مسألة إيه؟! على العموم انتي قررتي تبيعي الغالي بالرخيص أوي ياااا.. يا حسناء هانم، ولعلمك أنا كنت حاسس إنك متغيرة من فترة بس كنت بقول لنفسي معلش، يمكن فترة وتعدي؛ لكن لا انتي طلعتي مقررة الانفصال، واكيد السبب حازم والفون بتاعه، صح؟ ياترى جاب إيه تاني بعتيني بيه؟
حسناء: عمر أرجوك، انا مش عايزه مشاكل.

عمر باستهزاء: مشاكل! يعني شكي طلع في محله؛ لا متخافيش مش أنا اللي ممكن يعمل مشاكل، القلب اللي حب بصدق لا يمكن يجرح، لكن انتي حبك ليا مكنش صادق، انا افترضت إنك بتحبيني، عشت في وهم حبك وتخيلت انك وافقتي عليا علشان شخصي بس طلعتي بترسمي إن أبويا يساعدني، علشان كده أنا بقولك المرة دي كمان حاااضر هبعد، وهنفذ طلبك زي كل الطلبات اللي ضغط على نفسي علشان احققهالك ومن كل قلبي اتمنى إنك متندميش.

لم تنطق حسناء ببنت شفه فعمر على حق فيما نطق، وحتى ان ذاد فهو حقه وساد الصمت بينهم حتى توقف عمر أمام منزلها وهو يتظاهر بالقوة، ففي حقيقة الأمر قلبه ينزف في هذا الوقت، لقد أحبها بكل صدق، وهى ذبحته بكل برود.
عمر بحزن شديد: اتفضلي انزلي،
مدت يدها لتفتح باب السياره فاستمعت له يقول بألم.
عمر: لحظه انتي طالق، طالق يا حسناء.

شعرت حسناء بدموعها تنساب على وجهها، فهى لم تتوقع أن لهذه الكلمة صدمة قوية هكذا، رغم أنها إرادتها.
التفتت له حسناء وقالت بتردد وصوت مخنوق: سامحني ياعمر.
نظر لها عمر باستهزاء: أنا مش هندم على يوم من علاقتنا لأني عشتها بصدق، ومش هحزن على انفصالنا صدقيني، لأني حاولت كتير أحافظ على اللي بينا، وانتي اللي قررتي البعد، ومتقلقيش سوى سامحتك، أو لأ فده مش هيأثر عليكي، اتفضلي انزلي، وورقتك هتوصلك قريب أوي.
ترجلت حسناء من السياره بقلب، وعقل مشتتان لا تعلم هل ما حدث منذ قليل هو الأفضل كما اعتقدت، أم أنها ستندم يوماً ما على ذلك القلب العاشق؟!

ذهب بدر لزيارة والده، ووالدته والاطمئنان على جدته
وعندما فتحت له إيمان ضمته بحب وفرحه
إيمان: إكده ياولدي الغيبه دي.
بدر يقبل جبينها: معلش يا أمي الشغل، وبعدين انتي بتيجي الشقه عندي.
الجده بلوم محبب: إكده بردك يابدر، معقول مخطرتش ببالك، تيجي تشوفني؟
اقترب منها بدر وقبل يدها: أسف ياستي، مش هغيب كده تاني.

دخل كامل، وعليا من المنزل: السلام عليكم، بدر أخبارك أيه ياولدي، اتوحشتك.
احتضنه بدر: وانت كمان وحشتني اوي يابابا، معلش كان عندي تصميم فندق جديد، كان واخد وقتي كله.
ثم وجه نظره لعليا بحب، وشوق لاحظته إيمان
بدر: إزيك ياعليا، اخبار دراستك إيه.
عليا بابتسامه: الحمد لله، ربنا يستر المواد تقيله شويه، والعملي كمان.

بدر بابتسامة: لا لا بس عليا قدها، وأكتر كمان، قوليلي فيه رسومات جديده، ولا مبقتش تهتمي علشان الدراسة؟
شعرت عليا بالفرحه لأن بدر دائماً بيهتم برسماتها فقالت مسرعه: لا فيه مقدرش أهمل الرسم أبداً ثواني أجيبها.
دخلت عليا مسرعة لغرفتها، واحضرت بعض الرسومات.
ربتت إيمان على قدم بدر بحنان، وقالت: هقوم أحضر العشا يابدر.
بدر: لا ياأمي انا مش هتعشى.

سمعته عليا وهى تخرج من غرفتها فقالت بحماس: أحسن يابدر، إنك تحاول تنزل وزنك افضل ليك.
إيمان بعصبية: هو إيه اللي أحسن ياعليا، مش عايزاه ياكل ليه، علشان يعجب سيادتك، ما خلاص مش مهم يعجبك.
تحجرت الدموع بعين عليا ونطقت بإحراج: أنا أسفه ياطنط انا طبعاً مقصدش حاجه، أنا خايفه عليه مش اكتر.
نظر بدر لوالده ثم ردد بضيق: إيه اللي بتقوليه ده يا أمي، عليا متقصدش حاجه، وبعدين عليا قالت إنها أختي الصغيرة، يعني مفيش داعي كل شويه تتكلمي كده، ده لو حضرتك حابه إني أجي هنا.

إيمان بحنية بعد ما شعرت بتسرعها: خلاص يابدر، متزعليش ياعليا، أنا بس شايفه بدر متغير.
عليا بإحراج: مفيش حاجه ياطنط، بعد اذنكم هدخل الاوضه، لكن أوقفها بدر.
بدر: عليا لو دخلتي، أنا همشي ومش هاجي تاني، فين الرسومات؟
أعطتها له عليا بهدوء وجلست، حاول بدر أن ينسيها ما حدث: الله إيه الجمال ده ياعليا، واخذ يناقشها في بعض النقاط الخاصه بالرسم، حتى اندمجت معه ونسيت ماحدث، فهو يستطيع بسهوله أن ينسيها حزنها.

أثناء مشاهدة الرسوم، وجد بدر رسمة وجه رجل بين الرسوم، فنظر ل عليا بتساؤل، وغيرة وقد احتقن وجهه الخمري فظهرت حمرة الغضب، والغيرة بوضوح دون أن ينطق، حتى لا يلفت انتباه والده.
فنظرت عليا بخجل للأسفل، وفركت يدها بتوتر، أغلق هو الرسمات وأعطاها لها بغضب حاول جاهداً يداريه، ونهض مستأذناً في الرحيل.
نادت عليه والدته: تعالى معايا شويه يابدر.

دخل بدر غرفته مع والدته، وجلس على الفراش علامات الحزن، والغيرة تكسي ملامح وجهه.
إيمان بحنيه وهى تربت على كتفه: لعند ميتة
ياولدي؟
رفع بدر بصره لوالدته بهدوء: مش بإيدي يا أمي، قلبي بيعشقها، بس أرجوكي يا أمي بلاش تضايقيها بالكلام.
إيمان: انت عارف ياولدي إني بحب عليا، بس غصب عني شايفاها بتدبح فيك بالبطئ.

بدر مسرعآ: لا يا أمي هى معملتش حاجه تجرحني، هى من حقها ترفضني أنا أو غيري، بس أنا مش هيأس هفضل أحاول، ولو مكنش ليا نصيب فيها زوجه، كفايه إني أكون جمبها وأحميها.
إيمان: طيب وحياتك ياولدي، لو شكلك مش على كيفها، غيرها يتمناك، ريح قلبي الله يرضى عنيك وقولي إنت هتتجوز وتخلف ميتى ياولدي، بدي أشوف أحفادي أنا وأبوك ملناش غيرك.

بدر: ودي مين اللي هترضى تربط نفسها بواحد كل ما تمشي معاه، الناس تبصلهم وتشاور، حتى لو أنا كويس، الناس ليها الظاهر، وعليا، ليها الظاهر كمان.
إيمان بهدوء: ياولدي ريح قلبي الله يرضى عليك، اللي تشوفك وحش تبقى عاميه دا كفايه أخلاقك، شاور وملكش دعوة.
بدر بهدوء كي يطمئن والدته وينهي الحديث الذي لا يستساغه: شوفي يا أمي مش لو كان ليا أخت، عروسه مكنتش هتجوز غير لما نتطمن عليها، أنا كمان عمري ما هفكر في جواز طول ما عليا متجوزتش، بس بترجاكي يا أمي إرجعي اتعاملي مع عليا زي الأول.

هزت إيمان رأسها بالإيجاب، وقلبها يتمزق ألماً على حال ولدها، لكن صمتت فليس هناك فائدة من الحديث معه

خرج بدر وقبل يد جدته، ويد والده، واستأذن بالرحيل دون أن ينظر ل عليا التي خشيت أن يبتعد عنها بدر، لأنها لم تروي له عن سرها، فهى دائمآ تتحدث معه في أدق اسرارها، وتأخذ رأيه في كل شئ، لا تعلم لما أخفت مشاعرها نحو كريم عنه، من الممكن خشيت أن يفهمها خطأ، أو يعاقبها لأنها تجرأت ورسمت شخص غريب بالنسبة لهم، أم ماذا هى لا تعلم ما السبب الذي جعلها تخفي عنه مشاعرها.

قبل أن يخرج بدر من البناية سمع صوتها

عليا: بدر لو سمحت استنى.
أغمض بدر عينه بشده وتحدث دون أن يلتفت إليها
بدر بضيق: نعم يا عليا، إيه نزلك ورايا ؟
عليا بدموع متحجرة في مقلتيها: إنت زعلان مني؟
التفت لها بدر، وحاول أن يداري غيرته: إنتي شايفه إنك عملتي حاجه تزعل؟!
هزت عليا رأسها بنعم دون كلام.

قبض بدر على يده واصطنع الهدوء: مين اللي رسماه ده؟ أنا في الأول تخيلت إنه أنا بس لما شوفت الصورة اتأكدت انه واحد غريب قوليلي مين ده؟
عليا وقد سمحت لدموعها بالنزول: بص هحكي ليك عن كل حاجه، بس لو سمحت خليها بكره، لو فاضي تعالى الجامعه بعد ما أخلص محاضرات.
تنهد بدر وتحدث بهدوء: طيب وبتبكي ليه دلوقتي ؟

عليا وهى تشهق بخفه: أصل خايفه تزعل مني، إنت قولت هتكون جمبي على طول، متخصمنيش ممكن؟
نسي بدر حزنه أمام كلامها الطفولي الذي يعشقه، وفرح لانها تخشى بعده، لكن أراد أن يطمئن قلبه.
بدر: طيب امسحي دموعك، وانا هاعدي عليكي بكره بعد الظهر، بس عرفيني، الشخص ده كلمك، أو اتعرضلك؟
عليا مسرعة: لا أبدآ والله أبدآ، مفيش حاجه خالص.

كانت تقصد بنفيها أنه ليس بينهم حديث، لكن بدر فهم ذلك النفي أنه لا يوجد في قلبها مشاعر تجاه أحد وأن تلك الرسمة ما هى إلا وجه شخص جذب انتباهها، من الممكن لأن بينهم تشابه في ملامح الوجه، ولنقل تحديداً هذا ما أراد أن يفهمه، لكن قرر بعد أن تروى له ذلك أن يعنفها قليلا كي لا يتكرر هذا، فليس من حقها أن ترسم وجه رجل لا يعني لها شئ.

قصع بدر الصمت وتحدث بهدوء: طيب اطلعي فوق دلوقتي، علشان مفيش حد من الجيران يتكلم، وارتكب جنايه، وبكرة نشوف إيه الموضوع.
ابتسمت عليا وصعدت وهى لا تعلم لما كل هذا الخوف أن تكون سببآ في حزن بدر، حدثت نفسها: أكيد لأنه بيهتم بيا، وبيخاف على زعلي، بس طنط إيمان مش قادرة تقتنع إني مش عارفه أحبه إلا أخ.

جلست على فراشها، وأخرجت دفتر من أسفل وسادتها به العديد من الرسمات المختلفه لكريم، ابتسمت وقالت متسائله: كده حبيبي خليت بدر يعرف سرنا؟ من 3 سنين واحنا بنحب بعض مفيش حد عرف غيرنا، وحسناء مش مشكلة كويس إن بدر عرف، هو كان لازم يعرف لأنه أقرب حد ليا.

ذهبت نحو النافذه، وفتحتها هى تعشق النسمات الباردة تحب الشتاء، وجلست على مكتبها ترسم صورة أخرى لكريم، بعد أن أنهتها دونت خلفها بعض الكلمات (حبيبي النهارده بدر شافك، ولازم أعرفه حكايتنا علشان لما تتقدم، يكون عنده خلفيه)
ثم دونت التاريخ و إمضاء: عاشقة كريم.
ثم توجهت للفراش ونسيت أن تغلق النافذه، واستلقت وبجوارها دفترها، وذهبت في عالم أحلامها.

في نفس التوقيت كانت حسناء قد دلفت منزلهم، وسمعت والدها ووالدتها بينهم مشادة كلامية، بسبب جهاز حسناء، وتعليم أختها الصغيرة، وحاجة أخيها لنقود قبل سفره للجيش فليس لديهم ما يكفي من أموال لكل هذه المتطلبات.
حلمي بعصبيه: مش عارف اعمل إيه يازينب أسرق يعني، وبنتك طلبتها غاليه أوي كأنها مش من طبقتنا.
زينب بضيق ودموع: يعني المفروض أعمل إيه الواد وفي الجيش محتاج مصاريفه، ومنه في الثانوية ولازمن الدروس، وبنتك عايزاه في جهازها ياما والفرح خلاص قرب.

حلمي وهو يحاول تهدأة الموقف: خلاص متعيطيش، ربك كريم، وهيفرجها بإذن الله، أنا مش هخلي حد ينقصه حاجه المهم يكونوا مبسوطين، التساهيل على ربنا، انا هكلم مسعود زميلي في الشغل يديني الجمعيه بدري شويه ودي لباقي جهاز حسناء، وبقيت المصاريف بسيطه أمرها يتدبر.
زينب وهي تربت على كتف زوجها بحنان: منتحرمش منك أبداً، وتعيش وتجبلنا كل اللي محتاجينه، وأنا هكلم ابراهيم أخويا واخد منه سلفه لعند ما نجوز حسناء وأهو النقوط نبقى نسد منه اللي علينا.

اقتربت منهم حسناء وقالت بصوت حزين ودموع: خلاص متشلوش هم جهازي، كل شئ راح لحاله.

اتسعت أعين والديها بصدمة، فهم لم يشعروا بوجودها.

حلمي بتعجب من حديثها: تعالي يابنتي، متقوليش كده ربك يفرجها وهجيبلك اللي تتمنيه.
حسناء بهدوء: أنا طلبت الطلاق من عمر وطلقني شفوي فعلا، لأني مش هتجوز واحد فقير زيه.
وقف حلمي واقترب منها وصفعها صفعه قويه، أوقعتها أرضآ.

حلمي بزعيق: بتقولي إيه يابنت ال****، تطلبي الطلاق من الراجل المحترم، اللي محتار يرضيكي إزاي؟ وكمان بدون إذني،وجايه تقوليلي طلقني، وهو كمان ازاي يعمل كده من غير ما يرجعلي أنا هكلمه.
اقتربت منها زينب واحتضنتها وقالت: ليه ياحسناء عملتي كده؟

ابتعدت عنها حسناء وقالت: لأني مش هعيش زيكم، أنا لازم أعيش مرتاحة، مش أكون عايزه الحاجه ومش عارفة اجيبها علشان مفيش فلوس، أو علشان أخلي ولادي يتعلموا، ويلبسوا مش مهم اتعالج، حتى لو تعبان، مش كده يابابا، كل ده ليه؟ ها مش علشان مفيش فلوس.

حلمي بضعف: مش مهم اتعالج يابنتي، المهم تكونوا مرتاحين، واكون مطمن عليكم، عمر راجل وبيحبك، وكان هيحافظ عليكي،كمان هو مش فقير هو مستور وكنتي هتعيشي مرتاحه مش لازم يعني كل حاجه تكون تحت أمرك المهم الحاجات الضرورية هتكون موجوده، على العموم ده شيطان دخل بينكم أنا هكلمه وأ...

قاطعته حسناء بإصرار: لا كان هيبهدلني جمبه في الفقر، وخلاص يابابا أرجوووك الموضوع انتهى، وده قراري أرجوك سامحني، واعذرني دي حياتي، وأنا محتاجه أعيشها بسعادة، لو سمحت متكلموش لأني مستحيل أرجع، وأظن كمان هو مستحيل يرجع.
جلس حلمي وكأن قدمه لم تتحمل صدمته في ابنته وقال بتعجب: وانتي ايه اللي ضمنك انك تتجوزي واحد زي ما بتخلي كده؟! مش ممكن نصيبك يكون في الأفقر، أو حتى غني وبخيل، أو مثلا ميجيش خااالص وتبقى خسرتي.
حسناء بتوتر: لا ما هو فيه انسان محترم، وغني، ويحبني.

اتسعت عين حلمي وذادت حمرتها وهتف غاضباً: يعني سبتي خطيبك علشان واحد تاني موجود، وكمان اتكلمتوا مع بعض؟
خبط بكفيه على ركبتيه وهو يردد بصوت مرتفع وحزين: ياخسارة تربيتي، ياخسااارة
حسناء بنبرة سريعة: لا يابابا مفيش بينا أي حاجه هو زميل في الكليه كان عايز يتقدم، ولما عرف اني مخطوبه سكت، بس انا شوفت ان مش، عيب ولا حرام إني أدور على راحتي
نظر لها والدها بلوم وقال: وراحتك تظلمي انسان اشتراكي؟
جثت حسناء امانه وقالت بترجي: أرجوك يابابا خليك جمبي، انا بس محتاجه اعيش سعيدة

نظر لها والدها بقلة حيله، وقال: لله الأمر من قبل ومن بعد، هقولك كلمة أخيرة ومش هتدخل في اختيارك، احنا ربناكم انكم تتحملوا مسؤلية قرارتكم، بس اعرفي إن السعاده عمرها ما كانت في الفلوس أبداً، السعادة يابنتي براجل تعتمدي عليه في شدتك، يكون ظهرك في ضعفك يكون حبيب، يكون شاريكي وميهونش عليه دمعتك.

شعرت حسناء بالتيه، فستأذنت في الدخول لغرفتها وأغلقتها خلفها وارتمت على فراشها تفكر فيما فعلت

ذهب بدر بمفرده إلى البحر، للمكان الذي يجمعه مع صديقه عمر، يشعران بالراحة عندما يجلسان فيه، كان يريد أن يتحدث إلى أمواج البحر، يصف عشقه الذي ملأ قلبه.
جلس على الرمال ونظر للبحر وتخيل صورة عليا أمامه مبتسمة فحدث نفسه بصوت مسموع بعض الشئ، أنا مش قادر أعترفلك بحبي، ومش قادر أبعد كمان حبيبتي حالياً أسلم حل هو السكون

شرد قليلا ثم تحدث بشرود كلمات خطها قلبه، ليست يده.

لا تسأليني من انا ومن أكون
لا تسأليني عن لماذا السكون
أنا أحبك صدقيني لكنني أمام جمالك
لا استطيع فعل شئ سوى السكون
أنا أحبك و بِقربك يحتويني الجنون
هذا السكون لانني أعلم
بأن المجانين بالحب لا يُنْصَرُون
فلا تسأليني أن أبدل لغة السكون
كيف انطق و الفم تملأه الشجون
كيف انطق و لم يعد في الدنى قلب حنون
فلا تسأليني ثانية عن السكون
أنا أحبك
ولكن النطق بالحب
أبدا حبيبتي لن يكون .

استفاق من شروده على صوت عمر جالساً خلفه يتحدث بألم: الظاهر انكتب علينا العذاب أنا وانت ياصاحبي.
نظر له بدر بدهشه: عمر إنت هنا من امتى، وعامل كده ليه صوتك وشك فيهم كأبه، وكمان هدومك مش مترتبه كأنك كنت في حرب.

عمر: حرب! أيوه فعلا حرب بين عقلي، وقلبي.
واللي جابني هنا هو نفس اللي جابك، جاي ارمي همي في البحر يمكن ارتاح.
تعجب بدر من حالة عمر وتحدث بهدوء: ارمي همك على كتفي ياصاحبي، مالك؟

عمر بدموع تأبى النزول: حسناء طلبت الطلاق، شايفاني فقير ومش هقدر أسعدها، طلعت مبتحبنيش، أنا اللي افترضت حبها، علشان كده نفذت رغبتها وطلقتها .
ظهرت ملامح الحزن على وجه بدر تأثراً بحال رفيقه؛ لكن أراد أن يساعده على تخطي هذا الموقف قفال بجديه: انساها ياعمر، دي باعتك بالرخيص، متستهلكش أنا كنت حاسس إن دي نهاية طمعها، وطالباتها اللي مبتخلصش، صدقني ربنا هيعوض قلبك بإنسانه تستاهلك.

ضم عمر قدماه وأسند ذراعيه عليهما، ونظر للبحر وهو يتحدث بشرود: أنا عملت كل اللي أقدر عليه، علشان أسعدها، أنا اشتغلت مغني يابدر عارف يعني إيه مغني أفراح وأنا أصلاً محامي، كنت بشترط عليهم إني أغني من غير ما أظهر للناس، ولولا ان صاحب الأوتيل صديق والدي مكنش هيوافق، كل ده علشان أجيب فلوس وأقدر أتجوزها، أهملت شغلي الأساسي اللي كان ممكن انجح فيه بسهولة، اشتريت عربية مخصوص بعد الخطوبه رغم اني في احتياج فلوسها بس علشان لما نخرج متتبهدلش، مش عارف قصرت معاها في ايه، طيب محبتنيش وافقت وارتبطت بيا، وعلقت قلبي بيها ليه؟!

بدر وهو يربت على كتف صديقه: عمر خلي دموعك المحبوسين ينزلوا ياصاحبي، احنا وحدنا، والبكا مش عيب خلي دموعك تغسل حبها من قلبك، لأنها متستحقش قلب نقي زي قلبك، وصدقني انت الكسبان، أقله أن ده حصل قبل جوزاكم قبل ما يكون بينكم أطفال.
كأن عمر كان ينتظر تلك الكلمات من بدر فسمح لدموعه بالنزول وظل هكذا لفترة حتى هدأ وبدر بجواره يشد على يديه، ويحاول أن يخفف همه.

مر الليل على أبطالنا منهم من نام والحزن رفيقه، ومنهم من كان تفكيره في حياته الأتيه كيف ستكون، ومنهم من يحلم بحياه ورديه لا يعلم متى ستبدأ.

أتى الصباح وعندما استيقظت عليا من نومها شعرت بوهن، وألم يسري في سائر جسدها، قاومت ونهضت وعندما خرجت من الغرفه، داهمها دوار فلم تستطع الصمود سقطت مغشيآ عليها، رأتها فاطمه فصرخت صرخه عاليه وهى تقترب منها بالكرسي: الحقيني يا إيمان علياااا.

أتت إيمان مسرعه بفزع: إيه اللي حوصل ياما، وجدت عليا ملقاه على الأرض ضربت صدرها وصرخت: عليا بتي، فيكي إيه

في هذا الوقت كان بدر يصعد السلم، فقد نسي هاتفه بالأمس، وجاء ليأخذه سمع صوت الصراخ، صعد مسرعآ.
دخل بدر بالمفتاح الخاص به وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة، من فرط فزعه واقترب من عليا.

بدر بلهفه: إيه اللي حصل يا أمي؟
إيمان بدموع: معرفاش ياولدي، بس هى محمومة أهي.
حملها بدر ودلف بها ل غرفتها، يشعر بقلبه سيتوقف من شدة خوفه عليها، وضعها برفق على الفراش، ثم التفت لوالدته.
بدر بلهفه: تليفوني نسيته هنا يا أمي بسرعه ربنا يخليكي هاتيه.
إيمان بقلق: حاضر ياولدي .

تحدثت فاطمة بنبرة قلقة: الشباك يابدر مفتوح، أكيد خدت برد يا حبيبتي يابتي.
كان بدر قد رأى بجانبها دفتر الرسم مفتوح على صورة كريم، فأخذه بسرعة قبل دخول والدته، ووضعه في درج مكتب عليا، ثم توجه للنافذه واغلقها، وأخذ زجاجة عطر وحاول إفاقة عليا، دخلت إيمان بالهاتف، وجدت عليا بدأت تستعيد وعيها وهى تأن بصوت ضعيف من الألم.
إيمان بلهفه: التليفون أهو ياولدي كلم الدكتور، وأبوك ياجي بردك.

بعد فترة حضر الطبيب الذي استدعاه بدر سريعآ، وبعد أن تم الكشف عليها، أعطاها إبرة خافضة للحرارة، تسكن الألم، وتساعدها على النوم .
الطبيب: ده التهاب رئوي، نتيجة تعرضها لبرد شديد، هتاخد الأدوية دي، مع عمل كمادات، وهتبقى كويسه ان شاء الله.
كامل: طيب هى نايمة ليه يادكتور.

الطبيب: علشان اديتها إبرة مسكنة، ساعه كده وتفوق، اهتموا بالسوائل الدافية.
أوصل بدر الطبيب، ودلف للغرفه: سبوها تنام يا أمي ولو سمحتي حضري ليها شوربه، علشان لما تفوق.
إيمان: حاضر ياولدي، تعالى ياحاج كامل نسيبها ترتاح، تعالى ياما.
خرجوا جميعآ من الغرفه، ودخل كامل يستريح.

فاطمة بهدوء: بدر ياولدي معلهش، ساعدني أدخل عند عليا تاني، مقدراش أبعد عنيها دلوك، يمكن تفوق، وتحتاج حاجه .
وقف بدر و ساعدها، في الدخول لغرفة عليا ونظر لها بحزن، واقترب منها وضع قطعة قماش مبللة على جبينها، ثم توجه للمكتب وأخرج الدفتر بفضول، عندما وجد جدته تنظر لعليا فلن تراه، فتحه فوجد به العديد من الصور المرسومه لنفس الرجل الذي رأه أمس، ومدون على كل صورة تاريخ، وبعض الكلمات.
بدأ يقرأ.

حبيبي كريم مر على حبنا عام، كل عام وانت حبيبي.
صورة اخرى: خرجت النهاردة مع بدر حبيبي، أوعى تغير منه هو أخويا.
صورة اخرى: تعرف حبيبي أنا بحب بدر أوي لأنه بيهتم بيا، وكمان الدنيا من غيرك انت وهو ملهاش لازمة، تعرف ان فيك ملامح منه، بس طنط ايمان، وجدتي، مش عايزين يفهموا إن مينفعش اتجوزه ميعرفوش انك حبيبي.

كان بدر يقرأ هذه الكلمات وقلبه يعتصر ألمآ، هى تذكره في كل الكلمات، لكن تحب غيره، علم من خلال الكلمات المدونه على بعض الرسمات أن كريم معيد بكلية عليا، قرر الذهاب له ليعلم هل يحبها بالفعل، أم يستغل مشاعرها.

خرج من الغرفة ونادى على والدته.
بدر: أمي أنا رايح مشوار، خلي بالك من عليا، وهابقى أجي اطمن عليها.
إيمان: ماشي ياولدي، أنا حضرت ليها شوربة خضار، وهروح اعملها كمادات .

خرج بدر متجهآ للجامعة وعندما وصل أمام الجامعة، فهو الأن سيقابل من خطف قلب حبيبته، أراد أن يعلم من هو وماذا يريد من عليا بالضبط.
قبل أن يترجل من السيارة شعر بقلبه يكاد يختنق بين ضلوعه، فجلس شارداً لفترة ثم ترجل من السيارة ورأى تجمع من الطلاب أمام الجامعه منهم من يبكي، ومنهم من يتمتم لا حول ولا قوة الا بالله.
فاقترب بدر من التجمع، ورأى ما صدمه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة