قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل التاسع والعشرون

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل التاسع والعشرون

تجلس على مكتبها، وأمامها بعض الكتب، والأوراق المفتوحة؛ لكنها لا نتظر لهم؛ بل تنظر بعيونها الممتلئة بالدموع للفراغ وكأن عقلها ذهب برحلة لاستكشاف حل يريح قلبها.
استفاقت من شرودها على دقات باب غرفتها، وصوت والدها يستأذن في الدخول.

مسحت على وجهها بكفيها وأخذت شهيق كبير ثم أخرجته بهدوء؛ محاولة منها أن تظهر طبيعية، نهضت من مكانها، وهتفت: اتفضل يابابا.
دلف حلمي للداخل، وعندما نظر لها، وجد وجهها شاحب اللون؛ لكنه لم يعلق، واقترب منها، وهتف مبتسماً: دكتورتنا عامله ايه في المذاكرة؟
حسناء بنصف ابتسامة: الحمد لله يابابا اطمن.

أمسك يدها، وجذبها نحو الفراش، وجلسوا معاً، وهتف بهدوء: الصراحة نظرة الحيرة اللي في عنيكي، وعدم تركيزك من وقت ما رجعتي من الكلية، وبتقولي عاليا تعبت شوية هناك ميطمنوش خالص، هتركزي ازاي في مستقبلك، وانتي شايلة كل حاجة لوحدك، ودايماً سرحانه، ومش عايزة حتى تشاركيني؟
حاولت الهروب بنظراتها، وهتفت بارتباك: أشاركك ايه بس يا بابا، وبعدين شايلة ايه انا الحمد لله بخير.
تنهد ببطئ، ثم هتف متسائلاً: ماما قالت انك روحتي تزوري عاليا الصبح في بيتهم، هى كويسة؟ ولا فيه حاجه بينكم مزعلاكي؟

سحبت حسناء شهيق كبير، ثم أخرجته ببطئ، وهتفت بدون النظر لوالدها: بص يابابا انا هقولك كل حاجة لأني فعلاً محتارة زي ما قولتلي، ومحتاجة رأي حضرتك جداً، يمكن لو كنت سمعت كلامك زمان ومسبتش عمر مكنش، مر عليا عذابي مع حازم؛ لكن المرة دي أنا هسمع كلامك؛ لأنك أكيد دايماً بتتمنى الخير ليا.

روت له حسناء عن مشاعر كريم تجاهها، ومصارحته لها، وأنه ينوي الارتباط بها، وروت أيضاً عن ترددها في بادئ الأمر بسبب عاليا، وعن ما حدث مع عاليا حتى زيارتها لها في الصباح، ثم استرسلت تروى عن خوفها من المستقبل معه منذ أن قص عليها ما فعله مع أم ساجد، وأخبرت أن هناك صراع كبير بين قلبها، وعقلها، وأنها لا تستطيع التحيز لأحدهم.

أخذ كفها بين يديه، وتحدث بهدوء: كل ده، وقوليلي اطمن مفيش حاجة، ومش حابة تحكيلي؟!
المهم شوفي يابنتي كريم جه صلى الجمعة معايا في المسجد النهاردة، وبعد الصلاة طلب مني يقعد معايا شوية، برة البيت فقعدنا في الجنينة اللي جمب المسجد وحكالي كل حاجة هو كمان.

وعرفت منه إنك مبترديش على مكالمات، ولا مكالمات ليلى من يومها، وكده فهمت انتي بتذاكري في البيت بس ليه، ومش بتروحي الكلية.
رفعت حاجبيها بذهول؛ فأكمل حديثه هو قبل أن تتكلم: متستغربيش كدة؛ أيوه كنت عارف كل حاجة؛ بس كنت عايز بنتي حبيبتي تحكي وتفضفض ليا بنفسها، ودلوقتي قبل ما أقولك رأيي، عاليا استقبتلك إزاي، وهى فعلاً متعلقة بكريم، ولا طلع وهم زي ما كريم قال.

تحدثت حسناء بهدوء: لأ عاليا فاقت، وعرفت إن تعلقها بكريم ما هو إلا تكملة لصورة بدر ابن عمها اللي كانت بتتمنى تشوفه فيها، لأن الشبه بين كريم، وبدر كبير مع إختلاف الجسم، واللي ساعدتها تواجه نفسها هى دكتورة ليلى أخت كريم، وأنا كنت رايحة ليها النهاردة البيت، وأنا متوترة، وخايفة تكون كرهتني، وتفتكر إني خونت مشاعرها؛ بس، والله يابابا أبداً كان سبب عذابي الفترة اللي فاتت هى إني مش قادرة اتحكم في قلبي؛ لأني كنت متخيلة زيها إنها بتحب كريم بجد، أما دلوقتي بعد ما هى بنفسها قالتلي انها اتأكد من مواقف كتير إن تفكيرها، وقلبها طول الوقت كانوا ملك لبدر؛ بس هى كانت بتقاوم ده؛ لعند ما دخلت في وهم حب كريم؛ خلاص مبقاش سبب عذابي شعوري تجاه عاليا.

حلمي بهدوء: طيب قوليلي سبب توترك، وقلقك ده إيه بقى؟ الماضي بتاع كريم؟
اتسعت عيناها بذهول؛ فهى لم تتوقع من كريم أن يتعرض في حديثه مع والدها لهذا الموضوع؛ فهتفت بتعجب: هو قالك كمان عن ده معقول؟!
هز رأسه بتأكيد، وهتف: ولعلمك ده كبره في نظري تعرفي ليه؟

ضيقت عيناها، ونظرت له في ترقب؛ فأكمل كلامه: لأنه كان ممكن ببساطة يقول انه عايز يتجوزك، بدون ما يحكي الحقيقة، وأهو جوازه كان حوله رسمي، والولد باسمه عادي ممكن جداً مكناش نعرف الحقيقة؛ بس هو حب يكون واضح، ويحكي كل حاجة، وهو قالي انه اتأخر في انه يحكيلك؛ لأنه كان منتظر الوقت اللي يحكيلك فيه، وفي نفس الوقت عاليا تسمعه علشان يحصلها صدمة، وتقدر تواجه نفسها، وده كان بتخطيط مع ليلى أخته، من أول ما اتقابلتوا مع بدر في المشفى.

تحدثت حسناء وهى مازالت مذهولة: ده حكى ليك كل حاجة، بالتفصيل!
أكد على حديثه حين قال: أيوه هو أصر اني اكون عارف كل حاجة لأنه حابب يكون صريح معانا، ولو حصل نصيب ليكم فيما بعد حابب يلغي الفترة دي من حياته، ويبدأ من جديد، هو عارف انه ظلم والدة ساجد بس قبل وفاتها حاول بكل جهده يصلح غلطته، وده اكبر دليل إنه تاب، وربنا يابنتي بيقبل توبة عبده؛ مش معقول إحنا كبشر نقف بالمرصاد، ونحاسب على أخطاء فاتت، لازم ندى فرصة لأي انسان حابب يصلح من نفسه، ونقف معاه مش نفضل معلقين ليه مشنقة على خطأ في الماضي.

حسناء بشرود: بس ده ظلمه للإنسانة دي كان صعب أوي، خايفة يكون معجب بس ولما يمل يسبني، أو يكون بيحارب علشان يوصل انه يحقق هدفه انه يمتلكني زي حازم، وزي ما هو نفسه عمل مع ام ابنه.
حلمي بهدوء: شوفي يابنتي انا مش هفتح في قديم، ولا بحاسبك على اللي فات بس حابب اثبتلك إن كل إنسان ممكن يغلط.

بعني انتي نفسك ظلمتي عمر بارتباطك بيه، وانتي مبتحبيهوش، وضحكتي عليه لما قولتي ليه انك بتحبيه، ومع ذلك سبتيه، وقتها جرحتيه جداً، وكمان غلطي في حق نفسك لما بعتيها لإنسان زي حازم علشان الفلوس، واتعاقبتي على غلطتك، ومع ذلك مش معنى كده تفضلي عايشة طول العمر تتعاقبي على أخطاء ممكن تحصل مع أي حد.

المهم انك اتعلمتي من غلطك، وليكي كل الحق تعيشي سعيدة باقي حياتك.
ابتسمت حسناء، ونظرت لوالدها بامتنان، وهتفت: صدقني يابابا حضرتك جيت، واتكلمت في الوقت المناسب، أنا كنت تايهة، ومش قادرة أواجه نفسي؛ بس حضرتك عندك حق في كل كلمة، وبعدين أنا متعلقة أوي ب ساجد، وحاسة إن صعب اعيش من غيره.

ابتسم حلمي، وضمها، وهتف: ربنا يسعد قلبك يا حبيبة قلبي، ويقدملك اللي فيه الخير،كريم قالي انه مش هيقدر يعيش من غيرك، وكان حابب لو وافقتي يخطبك؛ انا قولتله، لو وافقتي هنأجل الخطوبة فترة علشان انتي في فترة العدة، ومينفعش فيها خطوبة.
عقدت حاجبيها، وهتفت: بس انا كنت عند عاليا، وقالتلي إن عمر خطب والبنت اللي خطبها تبقى ملك بنت خالها، ولما قولتلها انها كانت متجوزة قالتلي انها اتطلقت جديد، وقت ما كانت عاليا لسه في الصعيد.

هتف بهدوء: فيه ناس كتير متعرفش الحكم الصح، وانا كنت من الناس دي، بس روحت لشيخ النهاردة، وسألته ينفع الخطوبة في العدة، وقالي لأ لأ يجوز.
هزت رأسها بمعنى نعم، وقالت: خلاص ان شاء الله هبقى اقول ل عاليا ممكن ميعرفوش.
حلمي بابتسامة: يعني خلاص افهم من كلامك انك موافقة ان شاء الله بعد العدة تكملي حياتك مع كريم، وهتتحملي الأمانة اللي مراته الأولى سابتها وهى ساجد؟
ابتسمت، وهزت رأسها بالإيجاب دون كلام.

ربت على كتفها، وهتف: طيب ياله اجهزي، وتعالي برة كريم منتظر برة على أحر من الجمر عايز بس أهم حاجة انك تسامحي، بس انا دخلته أوضة الصالون، وطلبت منه ينتظر شوية.
وقفت بتوتر، وابتسامه، وهتفت: بتقول بره؟!
إحم طيب ما قولتش ليه أااا أقصد يعني يابابا أصل.

ضحك حلمي على حال ابنته الذي تبدل في لحظة، ووجهها الذي تحول للأحمر بدلاً من شحوبه منذ قليل.
هتف مبتسماً: خلاص خلاص، أنا هخرج، وانتي خدي وقتك، واخرجي.
بعد وقت ليس بقصير، ارتدت فيه حسناء فستان باللون الأبيض المطعم بزهور صغيرة باللون الوردي، وارتدت حجاب باللون الوردي، وحذاء أبيض، وخرجت من غرفتها، واتجهت نحو الغرفة التي بها والدها، وحبيبها الذي سرق قلبها من أول نظرة دون أن تشعر.

تركهم حلمي، وترك الباب مفتوح؛ لكن هتف قبل أن يخرج: معاكم نص ساعة تصفوا أموركم، وتبلغوني قراركم الأخير، لأن الحياة مفيش فيها وقت كتير نضيعه في كلام، وبس، أنا بره في الصالة قدامكم.
بعد خروجه، نظر كريم لها بلهفه، وإعجاب في أن واحد، وجدها لا تنظر له؛ فهتف بهدوء: وحشتيني أوي، حتى لو مش هتبادليني نفس شعوري ده كفاية عليا انك وافقتي تقعدي معايا، وتسمعني.

أنا روحت لباباكي وحكيت ليه كل حاجة؛ لأني بتمنى انك توافقي تكملي نص ديني، وتشاركيني حياتي، وكنت حابب اكون صريح معاه؛ بس لو مش موافقة أكيد هنسحب بهدوء، بس اتمنى انك تسامحيني.
حسناء بهدوء، وخجل: انت مغلطتش في حقي علشان اسامحك يا كريم؛ انا بس كنت خايفة أكون بالنسبة ليك زي اللي قبلي.

كريم مسرعاً: ابداً والله انتي كنتي سبب ربنا بعته ليا علشان قلبي يفوق من غفلته، وطلبت منك السماح دلوقتي علشان حطيتك قدام الأمر الواقع لما حكيت كل حاجه وانا عارف بوجود عاليا؛ بس صدقيني ده كان الحل الأمثل علشان هى تفوق، وتتأكد اني بحبك انتي وبس.
حسناء بابتسامة: والحمد لله هى فاقت، وحالياً بتدور على حبها الحقيقي اللي كانت هتضيعه.

شرد في ابتسامتها ودق قلبه بعنف عندما استشف أنها سامحته؛ فهتف: موافقة ننسى كل اللي فات من حياتنا، ونبدأ من جديد سوا انا وانتي.
هزت رأسها بالرفض؛ فعبس وجهه بحزن، وكاد أن يقف لينسحب؛ لكنه توقف، وغزت وجهه الابتسامة المشرقة عندما سمعها تقول: انا وانت، وساجد حبيبي.

يجلس في غرفة جدته بجانبها على الفراش، ينظر لهاتفه، وعلامات الحيرة تبدو على وجهه.
فاطمة بابتسامة: مالك ياولدي شكلك حيران في حاجة إكده، ياترى ده بسبب عاليا بردك؟

رفع نظره لها، وهز رأسه بنعم، ثم هتف: أيوة ياستي غيرتها، وتصرفاتها بتديني أمل إن قلبها ملكي، بس أنا خايف أتعلق بالأمل ده وأرجع تاني افوق على صدمة، لعند دلوقتي مسمعتهاش منها، وطول ما هى ماقلتهاش مش هصدق، وكلمت الدكتورة ليلى دلوقتي مافدتنيش بحاجة، قالتلي اني هتأكد من كل حاجة مع الوقت، وانها مينفعش تقول عاليا قالت ليها ايه بس بتأكدلي ان عاليا بقيت أحسن، وهتتحسن اكتر كمان.

تفتكري ياستي هايجي اليوم اللي قلبي ينول اللي بيحلم بيه، ولا انكتب عليه الحرمان طول العمر؟!
ابتسمت فاطمة، ومدت يدها تلتقط كفه لتربت عليه، وهتفت: هينول، وهيملك كمان قلب حبيبه، أني متوكدة من ده، بس إنت كومان يابدر عمرك ما قولتها ليها، ولا حتى حاولت صوح حديتي؟

تنهد بدر، وهتف بهدوء: عمري بقولها بس مش بلساني؛ بقولها بكل تصرف بعمله، وكل نظرة شوق أو لهفة، أو غيرة، بقولها باهتمامي بيها، وبكل تفاصيلها، مش كفاية ده؟

ابتسمت له، وهتفت: شوف ياولدي كل اللي قولته دلوك جميل، وممكن يكون كفاية قوي بس ده لو حد غير عاليا اللي متربية معاك تقريباً، واللي هى ممكن فسرت تصرفاتك دي كلها أخوة؛ لأن اي أخ بيحب اخته هيهتم بيها، ويشتاق ليها، ويخاف عليها، خصوصي إن عاليا كانت عايزة تفهم إكده لأنها كانت رفضاك؛ بس بعد اللي اني عرفته، واللي اني شوفته بعيني في المستشفى، لما اتضايقت، لما فاقت، ومشافتكش معانا، والغيرة اللي كست وشها كله لما شافت ميرفت، يبقى بتحبك وقوي كومان.

بدر بتمني: ياااريت ياستي، وانا مستعد اقولها، واقولها لعند ما تقولي هيا كفاية.
ضيقت عيناها، وأمسكت وجهها بإبهامها، وسبابتها، في حركة تدل على التفكير، ثم هتفت: أني عندي فكرة تخليك ترتاح، وتعرف عاليا بتفكر في إيه، يمكن الطريقة غلط بس بتهايألي لو معملناش إكده هتفضل عاليا كومان ساكتة، وخايفة تتحدت.
عقد حاجبيه، وهتف: طريقة إيه دي؟!

فاطمة بجدية: عاليا دلوك في أوضتها، وأمك دلوك خرجت راحت تزور أم ميرفت علشان كلمتها في التلفون معرفاش ليه بدري إكده بس زين انها خرجت، وأبوك رجع من بره، ونايم شوية صوح؟
هز رأسه بنعم، وهتف: ايوة بس ليه كل ده؟!
فاطمة بجدية: قرب الكرسي ده، وساعدني أقعد عليه.
فعل ما أمرته به، وهتف: رايحة فين طيب فهميني؟!

فاطمة بحزم: مش هسيب حفيدتي، ولا حفيدي في الحيرة، والقلق ده، هتحدت مع عاليا علشان أفهم هى عايزة إيه، وانت هتقف عند الباب بشويش تسمع هتقول إيه، ولو قالت اللي انت عايز تسمعه يبقى وقتها الدور عليك تصارحها باللي في قلبك.
بدر بتعجب: عايزانى اتنصت يا بطوط؟
نظرت له مع رفع حاجب، وخفض الأخر، وهتفت: عندك حل تاني إياك؟! خلاص على كيفك رجعني على فرشتي، وهملني.

بدر مسرعاً: خلاص.. خلاص يا بطوط مبقيش نرفوزة إكده ماشي هعمل اللي قولتيه، وربنا يستر وقلبي مينكسرش مليون حتة.
دفع جدته بهدوء خارج الغرفة؛ فأشارت له أن يتركها أمام غرفة عاليا، وبختبئ حتى تدلف للداخل.
دقت باب الغرفة، وهتفت: افتحي ياعاليا يا حبيبتي بقينا الظهر، وانتي لساتك في أوضتك.

فتحت عاليا باب الغرفة سريعاً، وهتفت مبتسمة: ستي اتفضلي، مين ساعدك تيجي هنا أنا كنت لسه هاجي عندك.
فاطمة بهدوء: أديني سبقتك، بدر اللي ساعدني، وصلني لهنا.
عاليا بلهفة: بدر! هو مخرجش راح الشغل؟

فاطمة بضحك: اللي واخد عقلك يا حبيبتي النهاردة الجمعة، وهما نزلوا صلوا ورجعوا عمك نام، وبدر كان قاعد معايا، ها هدخليني، ولا هنفضل على الباب إكده؟!
ابتسمت لها عاليا، ودفعتها للداخل، وقبل أن تغلق الباب هتفت فاطمة: متقفليش الباب على الأخر يابنتي الله يرضى عليكي أصلي مخنوقه شوية إكده.
فعلت عاليا ما طلبته منها جدتها، وهتفت مداعبة: والله يا ستي كنت برسم، واندمجت أوي لدرجة نسيت ان النهاردة الجمعة، بس قوليلي بقى إنتِ مخنوقة من إيه بس يا بطوط ياقمر بعد الشر عنك، دا احنا لسه في الربيع يعني الخنقة اللي بجد لسة مبدأتش.

أمسكت يدها، وأجلستها أمامها، وأشارت على قدمها، فأراحت عاليا رأسها عليهم كعادتها، وبدأت فاطمة تداعب خصلاتها الناعمة بحنان، وهتفت: حابسة نفسك ليه في الأوضة من وقت ما فطرنا، وحسناء جيتلك، وبعدها مشيت كل ده بترسمي؟!
تنهدت عاليا وهتفت بهدوء: يعني برسم شوية، وأفكر شوية، وحاولت أذاكر بس مش قادرة.

فاطمة بحنان: وإيه اللي شاغلك إكده بتداري عليا بردك يا عاليا؟! فضفضي يابني يمكن تلاقي اللي يريحك عند ستك العجوزة، هى حسناء ضايقتك في حاجة؟
رفعت رأسها، وعزته بالنفي، وهتفت: لا بالعكس، دي كانت جاية ترجع علاقتنا بعد فترة البعد، وتوضح أمور كانت مفهومة غلط؛ وانا قولتلها إني فعلا فهمت، وفوقت.
ابتسمت فاطمة، وهتفت، وهى تدقق النظر لعاليا لترى ردة فعلها: طيب الحمد لله يا حبيبتي إنك زينة، مع اني مفهماش بتتحدتي عن إيه، المهم هاتي تلفونك، وكلمي مرت عمك، وقوليلها تاجي بقى من عند أم ميرفت أصلي عاوز...

قاطعتها عاليا مسرعة، وهتفت: هى طنط ايمان عند ميرفت؟ طيب ليه النهاردة الجمعة، ودي مش عادتها تخرج النهاردة بدري كدة؟
رفعت حواجبها واصطنعت اللا مبالاة، وهتفت: معرفاش؛ بس سمعتها بتقولها متقلقش وأنا هتحدت مع ميرفت؛ لأنها في مقام بتي، وانها مهتسبهاش واصل؛ غير لما تعمل اللي عايزينه.

فركت يداها بتوتر، وقالت: يعني مفهمتيش معنى الكلام ده إيه؟
فاطمة بهدوء: لا مسألتهاش؛ بس يمكن يعني يكونوا بيتحدتوا عن موضوع بدر، وميرفت.
نهضت مسرعة، وتحركت يميناً، ويساراً في الغرفة، وتحدثت بغضب مكتوم؛ جاهدت أن لا تظهره: تقصدي إيه ب بدر، وميرفت، هو فيه بينهم مواضيع.

نظرت لها بانتصار فقد بدأت تستدرجها لما تريده، وهتفت: مرت عمك حزينة بسبب ان بدر متجوزش لعند دلوك، وبصراحة عنديها حق، وحست إن أم ميرفت ميالة لبدر؛ ففاتحت بدر في الموضوع إنه يخطب ميرفت، وأهي، بنت زين...
قاطعها عاليا دون أن تشعر بنفسها: كفاية ياستي زينة إيه، ومش زينة إيه، هى بضاعة هيشتري ها، أكيد بدر مبيحبهاش أكييييد.
عقدت حاجبيها، وهتفت: ومين اللي قال إكده؟!

أني شايفاه معاها بيتحدت زين، وهى كمان.
تهاوت أرضاً، ونظرت لجدتها، وهتفت مسائلة، بعيون ممتلءة بالدموع: يعني هو وافق؟ قال لطنط إيمان انه خلاص موافق.
أمسكت وجهها بيديها في حنان، وهتفت: وانتِ إيه اللي يضايقك في ده يابتي بس، أكيد بتتمنى الخير لبدر أخوكي، وانتي قبل سابق قوليلي انك مش ممكن تكوني ليه علشان جسمه.

عاليا مسرعه، وقد انهمرت دموعها على وجنتيها بغزارة: كنت غبية؛ كنت فاهمة كل حاجة غلط.
كنت بقارنه ب أبويا اللي تخيلت ان جسمه منعه من إنقاذ ذياد.
كنت متخيلة إني لو وقعت في مشكلة، واحتاج ليه يتحرك مش هيقدر؛ بس اكتشفت إني ولا مشكلة بتحصلي إلا ويكون هو أول حد جنبي.

كنت بدور عليه في جسم حد تاني، وللأسف كنت سطحية، وحكمت بالمظهر، ولما اكتشفت الجوهر ندمت، بس بعد إيه خلاص جرحته كتير، وهو ميستاهلش، ودلوقتي مش قادرة حتى ابص لعنيه، ولا أقوله؛ بس مش قادرة برده ياستي أسيبه يضيع مني، هموت لو كان لغيري، اكتشفت إن قلبي طول عمره ملك ليه هو وبس؛ لكن أنا اللي كنت بكابر، واعاند نفسي.

بس أنا كمان معرفش إن كان هو بيحبني، ولا مجرد اهتمام لأنه بيعتبرني أخته، هو عمره ما قالي انه بيحبني.
فاطمة بابتسامة: بدر بيعشقك ياعاليا، بس لما شاف رفضك مقدرش يتحدت علشان ميخسركيش نهائي، وقال لو مش هكون حبيبها، أكون في حياتها بأي صفة، وبس، وبعدين الحب يابتي مش لازم نقوله باللسان، وبس؛ لأ ده بيبان في تفاصيل حياتنا اهتمامه بيكي، ولهفته عليكي، وانه مبيستحملش حزنك.

عاليا ببكاء: وكنت بقابل ده كله بإني بجرحه ببرود، وانا مبتسمة كمان، أنا مش عارفة أعمل إيه ياستي؟!
دق قلب بدر بعنف إثر سماعه لهذه الكلمات التي تمنى أن يسمعها طوال حياته، وكاد أن يدق باب الغرفة، ليقول لها أنها مالكة قلبه، وأنه من المستحيل أن يبتعد عنها؛ لكن قاطعه صوت هاتفه، فأفاقه مما أراد فعله؛ فهو لا يريدها أن تعلم بأنه كان يستمع لحديثها.
أعطى ظهره لباب الغرفه، وتقدم بعض الخطوات، ونظر للهاتف.

وجد المتصل هى ميرفت؛ فأجاب بابتسامة واسعة، وصوته يشع سعادة: السلام عليكم، إزيك يا وش السعد، عاملة إيه يا ميرفت؟
سمع صوت ميرفت الباكي، وهى تتحدث، فانصت إليها؛ كي يفهم ماذا تقول
لم يعي أن هناك خلفه من تنظر له نظرات حارقة؛ فعندما سمعت عاليا صوت الهاتف خارج غرفتها، مسحت دموعها، ونهضت مسرعة، وسحبت حجابها، وخرجت؛ لترى من يقف بالقرب من الغرفة.

هتف بدر مهدئاً، وبنبرة واثقة: ميرفت ممكن تسكتي، وتسمعيني.
الخطوبة دي هتم، وأنا لا يمكن أخلف بوعد وعدته ليكي، اطمني أنا هنزل دلوقتي أتكلم مع عمي، وإن شاء الله بالليل هانيجي عندكم.
أغلق الهاتف، وبمجرد أن دار بجسده، وجد عاليا تنظر له بصدمة، ودموعها تغرق وجنتيها، ولا تتحرك؛ فعلم أنها سمعت حديثه، وفهمته بالخطأ.
اقترب منها، وهتف بلهفة: عاليا مالك؛ فيكي إيه؟ تعبانة أتصل بدكتور؟

نظرت له بحزن، وهتفت: خلاص هتخطب النهاردة؟
أغمض عيونه لثواني يحاول التحكم في مشاعره، وهتف: مين قال كده؟
عاليا بضعف: سمعتك بتكلمها في التليفون.
بدر: وده يزعلك، ولا المفروض يفرحك، مش بتقولي اني أخوكي.

دفعته في كتفه، وردت بعصبية، وصوت مرتفع حتى أنها أيقظت عمها: لا مش أخويا يابدر، وعمرك ما كنت أخويا أنا اللي عمري بهرب من اعترافي ان قلبي بيحبك انت وبس.
جلست أرضاً مسندة جسدها على ساقيها ووضعت وجهها بين كفيها، واذداد بكاؤها؛ فجلس هو الأخر بجوارها، تكاد دقات قلبه تسمع من في المنزل جميعهم، وهتف بصوت مرتعش من فرط سعادته: اللي قولتيه ده كله حقيقة، ولا انا بحلم زي عادتي، وبعدها هفوق الاقي كل حاجة انتهت؟

رفعت وجهها، ونظرت له والتقت عيونهم بنظرات تتحدث أبلغ من الكلمات، ثم هتفت: تقصد إيه؟!
أمسك بدر كتفيها، وتناسى المكان، والعادات، وحتى الزمان، وهتف بمشاعر حبيسة منذ أعوام، وآن لها الخروج الآن: أقصد إن عمري ما حبيت، ولا هحب في حياتي غيرك، انتي يا عاليا حلمي اللي عشت عمري أتمنى يتحقق، انتي بالنسبة ليا حياة؛ فاهمة يعني إيه؟
يعني لو بعدت عنك أموت، مستحيل قلبي يدق لغيرك، ولو كنت هفضل طول العمر أحبك لوحدي، وبس.

رفعت يدها، وازالت بعض دموعها، التي أبت أن تمتنع، وهتفت بحيرة، وفرحة في آن واحد: ووعدك لميرفت؟!
سحب شهيق كبير؛ ثم أخرجه ببطئ، وهتف: فعلاً وعدتها، ولازم أوفى بوعدي.
نظرت له بتعجب، وقبل أن تتحدث هتف هو: وعدتها أساعدها، وأقنع أهلها بالإنسان اللي بتحبه، أهلها رفضينه لأنه فقير، ولسه خريج تجارة جديد، وواقف في محل لأن مش لاقي شغل؛ بس هو إنسان محترم، وأنا سألت عليه كويس، وفعلاً بيحبها.

ابتسمت عاليا لا إرادياً، وهتفت: يعني هى بتحب حد غيرك، وانت كنت بتقولها دلوقتي الخطوبة هتم عليه هو؟
هز رأسه بنعم، وهتف بابتسامة: أيوه ده كان معنى كلامي،ودلوقتي أنا هروح اتكلم مع والدها أنا اللي حابب يتقدم لها، وكأننا أصدقاء، وطلب مني أروح معاه، ووقتها هقول اني شغلته معانا في الشركة، وبراتب كويس جداً، وهو عنده شقة يعني هيحافظ عليها، وهقوله كمان إن ميرفت أختي، وأتمنى فرحها يكون قبل فرحي لأني هتجوز بنت عمي اللي جننتني.

ابتسمت عاليا، وهتفت بفرح: وانا بنفسي هنزل معاها تختار فستان الفرح بتاعها.
نظر في عينيها مباشرة، وهتف: لو ده حلم بتمنى مصحاش أبداً.
عاليا وهى تبادله نظراته: دي حقيقة يا حب عمري.
اتسعت ابتسامة بدر، وهتف: قولتي إيه؟!
عاليا بهيام: زي ما قولتي واحنا في الصعيد انت كمان حب عمري كله.

استمتعوا لصوت يأتي من خلفهم لم ينتبهوا بوجوده معهم؛ فهم كانوا كأنهم في عالم بمفردهم.
كامل بغضب: الله الله قاعدين زي جوز الكناري تغازلوا في بعض، واتفقوا على جواز، وفساتين فرح وكأنك عايشين وحديكم ملكمش كبير تاخدوا رأيه.
نهض الاثنين مسرعين ووقفا بجانب بعضهم أمام كامل، وضعت عاليا وجهها أرضاً تتمنى أن تختفي في هذه اللحظة من شدة خجلها، وتوترها.

أما بدر فقد توتر هو الآخر؛ لكنه لم يهتم لنفسه؛ بل ما شغل تفكيره هو أنه لا يريد أن يتسبب أن عاليا تستمع لتوبيخ من والده؛ فأسرع قائلاً: يابابا حضرتك فهمت الموضوع غلط انا أسف مني، وبالنيابة عن عاليا كمان؛ بس والله ما قصدنا نقلل من حضرتك أبداً، كل ما في الموضوع إن ميرفت متقدملها شاب محترم، ويشتغل محاسب في شركتي، بس والد ميرفت مش عايز يوافق، وهى يعني بتقول انه أخو صديقتها وتعرفه من بعيد، وشايفاه مناسب، وطلبت مني اساعدها، ولما قولتلها هحاول مع عمي انه يوافق على الخطوبة عاليا افتكرت إني بتكلم عن نفسي.

بس ده كل الموضوع.
ضيق عينيه، ونظر لعاليا، وهتف: وانتي ايه يزعلك في إكده حتى لو كان اللي فهمتيه صوح؛ مش انتي رفضتي بدر؟
لم ترفع نظرها، وظلت تفكر في كلمات مناسبة تقلل من خجلها؛ فخرج صوتها مرتعش: أصل يا عمي يعني هوااا...
صرخ كامل بنفاذ صبر: هو إيه انطوجي.

تحدثت مسرعة: موافقة على بدر أنا كنت غلطانة في فكرتي، ودلوقتي أنابعد إذن حضرتك يعني لو بدر لسة عند كلامه، وحضرتك، وطنط إيمان معندكمش مانع أنا موافقة.
ابتسم كامل، وفتح ذراعيه لهما، فتوجها نحوه مسرعين؛ ربت على كتفيهما بحنان، وهتف: مانع! ده يوم المنى يابنتي، دي كانت أمنيتي اني أشوفكم لبعض؛ بس عمري ما كنت هطلبها منيكي، ولا أغصب عليكي أبداً، انتي مش بنت اخوي بس، لا انتي واختك بناتي اللي كان نفسي فيهم، وفي أي يوم بدر يزعلك أني أبوكي انتي، مش أبوه هو.

بدر بمزاح: اتبريت مني يا حجوج بسرعة كدة علشان البرنسيسة عاليا.
هز كامل رأسه بنعم وقال: واتبرى من ابوك كمان علشانها.
ضحك الجميع، واقترب منهم فاطمه تدفع كرسيها من العجلات، وهتفت بسعادة: ألف مبروك يا حبايبي.
جثى الاثنان أمامها، وتقبلوا يديها، وهتفوا اللي يبارك فيكي ياستي.

كامل بجدية: سالم اتحدت معاي، وزمناتهم على وصول، لازمن نفاتحه في الموضوع يابدر، صوح اني عمها، وولي أمرها؛ بس هو كومان ولد خالها، وجوز أختها، وليه الحق بردك.
نهض بدر، وهتف مبتسماً: تمام يا بابا ربنا يخليك لينا؛ بس دلوقتي ممكن حضرتك تنزل معايا نتكلم سوا مع والد ميرفت، ونعرفه اني هخطب عاليا علشان يشيلني من تفكيره، ويفكر في اللي متقدم لبنته؟

كامل بهدوء: حاضر ياولدي هغير خلجاتي، ونروح نتحدت معاه، هى أمك لساتها مرجعتش من عندهم.
قبل أن يتحدث أحد سمعوا صوت الباب يُفتح، ودلفت منه إيمان بوجه عابس، نظرت لهم جميعاً، وتعجبت من تجمعهم جميعاً يقفون هكذا؛ لكن لم تعلق، وهتفت بنبرة يشربها الحزن بعض الشيء: السلام عليكم.

كامل بتعجب: خير يا إيمان فيكي حاجة؟ مالك مضايقة إكده.
توجهت نحو أريكة موضوعه في ردهة المنزل، وجلست بتعب، وهتفت: كنت عند أم ميرفت، وشوفت اللي عمري ما فكرت فيه واصل.
فاطمة مسرعة: خير يابنتي إيه اللي حوصل.

إيمان بنبرة حزينة: ميرفت جالها عريس، وعايز يتقدم النهاردة، والبت مصممة انها لو متجوزتهوش عمرها ماهتتجوز في حياتها، أمها كلمتني أروح أعقلها؛ بس مقدرتش عليها، بجد بنتة البندر إهنه دماغم ناشفة كيف الحجر الصوات، دي لو عندنا في الصعيد مكانتش تجرأ تقول إكده مع أمها، وتقول بعين جامدة، ياده يابلاش، هه عشنا، وشوفنا
بنتة أخر زمن.

قال وأني اللي كان نفسي أجوزها ولدي؛ بس خلاص بقى بعد اللي سمعته النهاردة مش ممكن ابداً تبقى مرت ولدي، بس متقلقش يابدر ياولدي هشوف لك ست ستها ولااازمن أفرح بيك بقى قريب.
كامل بضحك: متتعبيش نفسك، وتدوري يا أم بدر خلاص، عروسة ولدك عندي، وهو موافق وباصم بالعشرة كومان.

نظرت له بفرحة؛ كأنها لم تكن حزينة منذ ثواني، وهتفت: بتتحدت جد يا حاج كامل؟! مين دي واني هشيلها في عيوني شيل، والله هتبقى كيف بتي اللي ماشلتهاش بطني.
جلس هو الأخر، وأشار لعاليا تقترب منه؛ وأمسك يدها يجلسها على قدمه، تحت نظرات إيمان المتعجبة وهتف بابتسامة: عروسة ولدك هى الدكتورة عاليا القناوي.
رفعت حاجبيها عالياً؛ ثم نظرت لهم بضيق، وهتفت: إكده يا حاج بتتمسخر عليا، ليه؟!

طيب لو مهماكش أني فكر في ولدك، وكيف هتجرحه بحديتك ده.
ابتسم الجميع، بهدوء أما كامل فقد ضحك عالياً على عدم تصديق زوجته؛ فهتفت فيه بضيق: بتضحك على إيه دلوك، يكونش قولت مُزحة إياك؟!
هدأ كامل من ضحكاته، وهتف بهدوء: بضحك على شكلك وانتي ممصدقاش، بس معاكي حق فعلاً سبحان مغير الاحوال، ولو الإنسان نصيبه في حاجة مكتوباله هينولها مهما حاول يبعد، أو مهما حاول يستناه.

بدر استنى كتير، وميأسش، وعاليا حاولت تهرب بس نصيبها مكتوب مفيش، منه هروب، وأخيراً فاقت لنفسها، وعرفت مين هيص نها، ويقدرها، وموافقة تكون لبدر ولدك اللي نفسك تفرحي بيه، واهو ولدك، وبتك بردك.
نظرت إيمان لعاليا باستفسار، وقلبها يدق بسعادة؛ لأنها أكثر من يعلم أن قلب ولدها يعشق عاليا، وهى تتمنى له السعادة، وهتفت: صوح الحديت ده يا عاليا يابنتي؟
هزت رأسها بنعم، وخرج صوتها منخفض بسبب خجلها: أيوه يا طنط صح.

اتسعت ابتسامة إيمان، ووضعت كفها فوق فمها وقامت بفتح فمها، وتحريك لسانها للأعلى مصدرة صوت يدل على سعادتها( من الأخر ذغرودة لولو وولي)
ونهضت من مكانها، وجذبت عاليا توقفها، واحتضنتها بشدة، وكأنها تريد أن تدخلها بين أضلعها، وهى تردد: ألف مبروووك ياعاليا فرحتي قلبي يابتي، ده يوم المنى.
عاليا بسعادة: الله يبارك فيكي يا طنط، وانا اسفة لو زعلتك في اي يوم بس صدقيني كان مش بأيدي.

هزت رأسها بالنفس، وهتفت: مفيش كلام في الزعل، ومن الأساس مفيش زعل بين البت، وامها، ربنا يتم فرحتي بيكم على خير.
نظرت لبدر، وفتحت ذراعيها؛ فاقترب منها، وضمته بسعادة بالغة، وهى تردد: ألف مليون مبروك يا ولدي، ربنا يسعد قلبك، وقلبها.
بدر بمزاح: الله يبارك فيكي يا أمونه يا قمر، ها كده خلاص ارتاحي وتحققي حلمك اللي محصراني بيه؟
ضربته بخفة على كتفه، وهتفت: مبقاش حلمي لوحدي إكده كان حلمي، وحلمك ياواد.

فاطمة بفرحة: إكده مفاضلش غير سالم يوصل بالسلامة، ونخبره وان شاء الله مهيعترضش.
بدر بغضب مصطنع: يعترض ده إيه، ده يبقى جنى على روحه دا انا ما صدقت.
قالها، وهو ينظر لعاليا بهيام؛ فخجلت بشدة، وفرت من أمامهم بعد أن استأذنت منهم.
إيمان بضحك: اتكسفت ياحبة عيني، بس أتى فرحتي متقدرش النهارده، ميتى هنعمل فرحهم ياحاج.

كامل بابتسامه: لما نتفق مع سالم، وأن شاء الله هيبقى بعد امتحانات عاليا.
نظر بدر لساعة يده، وهتف: بابا الجماعة مش هيوصلوا إلا على المغرب ممكن حضرتك تنزل معايا دلوقتي ياله لعمي علشان نكلمه في موضوع شريف، وميرفت.
إيمان بتعجب: هو انت كنت تعرف يا بدر؟
نهض كامل وهتف: كده الأسئلة هتكتر، واحنا معندناش وقت لما يرجع يبقى يفهك كل اللي انتي عايزاه، ياله ياولدي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة