قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل التاسع عشر

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل التاسع عشر

تجلس في غرفتها أمام مكتبها تحاول المذاكرة؛ لكن ذهنها لا يستطيع التركيز فهو شارداً يحاول أن يجد ما يطيب به قلبها المجروح؛ نعم هى أخطأت لكن ليس من المعقول أن يدوم العقاب، سقطت دمعه من عيونها على الكتاب المفتوح أمامها، الخاص بالمادة التي يدرسها لها كريم؛ فنظرت للكلمات؛ فتحولت لصورة كريم الغاضبة وهو يسمعها كلماته الجارحه( ده بقى اللى عليه الدور بعد عمر وحازم) شعرت وكأن يد تلتف حول عنقها، وتضغط بكل قوه؛ فأخذت شهيق قوي، وأمسكت الكتاب، وألقته بعصبيه؛ فاصتدم بالجدار ووقع أرضاً، وقفت واتجهت نحو الفراش وارتمت عليه تبكي بصوت مرتفع كالأطفال؛ تبكي بحرقة على حالها؛ فهى متأكده أن لن يسمعها أحد فالكل خارج المنزل.

في نفس التوقيت كانت والدتها عائده من الخارج حامله بعض الطلبات بيدها؛ التقت بكريم أمام البناية؛ يترحل من سيارته ابتسمت له؛ فاقترب منها مبادلاً إياها نفس الإبتسامة، وهتف بهدوء: السلام عليكم يا أمي.

اتسعت ابتسامتها فقد أمتلك كريم قلبها بأسلوبه الهادئ، من أول مرة رأته فيها، وشعرت كأنه ولدها مثل حسناء، ودعت من متمنية أن يكون عوض الله لابنها، هتفت وهى تلتقط أنفاسها بصعوبه بعض الشئ إثر المشي، وحمل الأكياس: أهلاً وسهلاً يا دكتور كريم، إيه الخطوة العزيزة دي يابني اتفضل نطلع.

اقترب كريم أكثر، وانحنى يأخذ منها الحقائب؛ فاعترضت لكنه أصر وههتف قائلاً بصدق: حضرتك لسه قايلالي يابني اتمنى تكون حقيقيه مش كلمه وبس وتعتبريني ابنك لو تسمحي.

هزت رأسها بتأكيد، وهتفت: أكيد يابني والله أنا ارتحاتلك إنت، والدكتورة ليلى من اول ما شوفتكم.
كريم بابتسامه: خلاص يبقى تشيلي الألقاب وتقولي كريم، وتسبيني أساعدك، أنا كنت جاي أسأل عن حسناء لأنها مجتش الكليه، وانا وعدت عمي حلمي إني هساعدها تجمع اللي فاتها، وتنجح وبتفوق كمان ان شاء الله السنه دي.

تركت له ما تحمل ودق قلبها بالأمل وكأن ما تمنت قد اقترب؛ وقالت: والله ما عارفه هى مالها من وقت ما رجعت من عند الدكتورة ليلى وهى حالها غريب سرحانه، ومبتتكلمش، وكل ما قولها تعالي اقعدي معانا تقول لأ بذاكر، مش فاهمه مذاكرة ايه اللي طول الوقت كأنها حجه علشان تقعد لوحدها، ده غير إن كل ما ادخل عليها ألقيها سرحانه، وتقول بتفكر في الامتحان.

شعر بالضيق من حاله؛ فهو سبب حزنها كلماته كانت جارحه، وهى لم تعطه فرصه للإعتذار منها بعد انتهائهم من الكلام مع ليلى، أيضاً هو كان في حالة صدمة مما سمع عن عاليا؛ فلم يتوقع ليوم أن أحداً سيفسر نظراته لحسناء أنها موجهه له، أو أن أحد سيحبه لدرجة أن يتخيل وجوده بعقله فقط، فاق من شروده على صوت زينب هاتفه بإحراج: ياعيبه عليا معقول واقفه اكلمك، وانت تحت البيت، وكمان شايل اتفضل نطلع يابني.

صعدوا سوياً، وسأل كريم إن كان والد حسناء، أو أخوها بالداخل، وعندما أخبرته بعدم وجودهم، كاد أن يرحل رافضاً الدخول؛ إلا أن صوت حلمي من خلفه يصعد الدرج، ويرحب به أوقفه، وابتسم بسعادة لأنه سيستطيع رؤية معذبة قلبه، بعد أن سلم عليه وأبلغه أنه حضر ليتابع مع حسناء دروسها كما وعده، فتحت زينب باب الشقه، وعندما دخلوا أوصله حلمي لغرفة استقبال الضيوف، وتوجهت زينب لغرفة ابنتها بسعادة لتناديها.

ما أن شعرت حسناء بوجودهم مسحت دموعها، وتصنعت النوم، وعندما دخلت عليها والدتها اقتربت منها وهتفت بحماس: نوئه قومي يا حبيبتي إيه منيمك دلوقتي غريبه مش أنا صحيتك قبل ما أخرج، وكنتي بتذاكري، ياله فوقي والبسي دكتور كريم بره مستنيكي قومي ياقلبي بقى.
دق قلبها بعنف عندما سمعت اسمه، كما هو حالها دائماً منذ، أن رأته أول مرة في الجامعة، لكنها لم تستطع الاعتراف بانجذابها له حتى لحالها؛ فهى تعلم مدى حب عاليا له، فتح

فتحت عيونها ببطئ، وردت بهدوء: لو سمحتي يا ماما ممكن تقوليله نايمة تعبانه.
رفعت حاجبيها واتسعت عيونها بتعجب، وهتفت: معقول اللي بتقوليه ده يا حسناء عايزه الراجل يقول عننا قليلين ذوق، جاي لعندك يساعدك، وانتي متقبليهوش لا طبعا مينفعش قومي ياله بلا دلع فاضي.

قالتها وهى تخرج من الغرفة، ولم تستمع لكلمات ابنتها المترجيه لها؛ مما جعل حسناء ترضخ للأمر الواقع، وقفت، واتجهت للحمام وغسلت وجهها جيداً؛ لتخفي أثر البكاء، ثم ارتدت ملابسها (فستان طويل من اللون الموف الهادئ، وحجاب باللون الأبيض التداخل مع اللون الموف، وحذاء أبيض مرتفع قليلاً عن الأرض) شعرت بأنها مراهقه تحاول التجمل ليراها أحد الشبان، رغم حزنها منه، أحاسيس متضاربه لم تشعر بها من قبل حتى عندما كانت مرتبطه بعمر.

التقطت كتابها من الأرض، وخرجت من غرفتها، وتوجهت للغرفه التي يجلس فيها كريم، مع والدها، وجدت والدتها تناديها قبل أن تصل، وطلبت منها أن تأخذ منها تحية الضيف، بحجة اشغالها في إعداد الطعام، فسألتها عن أختها الصغرى، وعلمت منها أنها لم تأتي بعد من دروسها.
حملت حسناء الضيافه، وتوجهت للغرفة، وأذن لها والدها بالدخول.

ألقت التحية عليهم دون أن ترفع نظرها، ووضعت ما بيدها أمامهم على المنضده، لم ترى نظرات كريم المعجبه، والتي لم يستطع اخفائها، شرد متخيلاً أنها عروسه، وتستقبله، لاحظ حلمي شروده؛ فأخرج صوتاً من حلقه؛ فانتبه كريم لما يفعل فأخفض نظره بارتباك.
وقف حلمي وقال: طيب بعد اذنك يا دكتور هسيب الباب مفتوح، وذاكروا براحتكم.

لم يعلم كيف يبدأ الكلمات، فكر قليلا قبل أن يتكلم، ثم قال بهدوء: مجتيش الكلية ليه يا حسناء؛ مش اتفقنا نلتزم الفترة دي علشان تعدي على خير؛ أنا رغم إني مقطعتش اجازتي إلا أني روحت علشان أشوفك ونذاكر سوا زي ما وعدت عمي حلمي، تقومي متجيش؛ لا ده كلام مينفعش لأني مش هتنازل عن إنك تكوني زميلة ليا.
نظرت له بحده لم تستطع التحكم في غضبها، وقالت بلوم، لكن بصوت خفيض: وحضرتك هتتشرف بزميله بتغير في الرجاله كل واحد دور؟!

أغمض عينيه وشعر بقلبه يعتصر لنبرة الحزن في صوتها، ولمظهر بياض عيناها المشبع باللون الأحمر إثر بكاء، تنهد ببطئ ثم قال بصوت هامس هو الأخر كي لا يشعر بهم أحد: حسناء أنا أسف، بصي أنا فعلاً ندمان على كلامي اللي جرحك مش عارف ازاي قولته؛ بس أنا حسيت عقلي مش معايا لما شوفت بدر قاعد معاكي، الصراحه مش تشكيك في أخلاقك والله؛ لأن موضوع الجواز، والطلاق ده قدر، ونصيب، مش شرط إنك وحشه لأنك مريتي بتجربتين، وده أنا متأكد منه إنك أنقى إنسانه شفتها في حياتي؛ بس عصبيتي كانت خوفإن بدر يكون حد بيحبك، وعايز يرتبط بيكي، ولما شوفت ايدك على كتفه اتجنيت.

عقدت حاجبيها، ونظرت له بتعجب، وقالت مسائلة: أولاً: إيه عرفك بارتباطي بعمر، وحازم مش غريبه تكون عارف كل أخباري كده.
ثانياً: إيه أكدلك إني أنقى انسانة زي ما بتوصف بكل تأكيد كده معلش حضرتك في الكليه وشوفناك من ٣ سنين بس، مكنش فيه بينا كلام أبداً علشان تعرفني.
ثالثاً، والأهم: رغم إن إيدي حطيتها عليه بحركة تلقائية بجد لما حسيت إنه مهموم؛ وعارفه انه مينفعش لأنه ميقربش حاجه ليا، بس برده ليه اتجنيت أوي، واتعصبت من فكرة ان بدر يكون هيرتبط بيا مش فاهمه.

شعر بالغيرة من مجرد كلماتها الأخيرة؛ لكنه تحكم في أفعاله، وقال بجديه محافظاً على انخفاض صوته: هجاوبك من ثالثاً لأن الباقي، مرتبط بيه، أنا اتعصبت واتجنيت من الغيرة يا حسناء.

تسارعت دقات قلبها، ونظرت له بعيون مثبته، ومتعبه، فأكمل كلماته التي لم تتوقعها قائلاً بهمس: أيوه غيرة لأني بحبك؛ لأ مش، بحبك أنا بعشقك ومن أول مرة شوفتك فيها بس للأسف وقتها تخيلت إن ده مجرد إعجاب، ويروح وكنت شاب طايش متخيل الخطوبة، والجواز دول تكتيفه، ده غير إن كان فيه عندي، ظروف هقولك عليها بعدين في وقت مناسب، بس مقدرتش أمنع نفسي من حبك حتى لو من بعيد، نظراتي طول الوقت كانت ليكي انتي مش لعاليا زي ما فهمتوا، وقلبي عمره ما دق بحب إلا ليكي ممكن من طرفي أنا وبس؛

لكن برده معرفتش ابعد، وكنت بتابع أخبارك من بعيد، حتى لما عملت الحادثه، وقتها أم ساجد كانت اتوفت، وتعبت نفسياً وسافرت، وكنت بسأل عنك دايماً، وبعرف كل حاجه لعند ما عرفت بانفصالك عن عمر، وجوازك السريع من حازم، بطلت أسأل وقولت أكيد خلاص هتستقري، وأنا مليش نصيب أعيش مع اللي ملكت قلبي؛ أما دلوقتي أنا عندي أمل إنك تكوني ليا لو قبلتي يعني بعد ما تعرفي كل حاجه عني.

كلماته كانت بمثابة صدمه لحسناء فلم تتخيل يوماً ما أن تسمع تلك الكلمات من كريم، أو حتى لم تتوقع أنه يبالها انجذابها له، أهفضت بصرها، وشعرت بسخونة وجنتيها، و تراقصت دقات قلبها، مزامنه مع رعشة يدها؛ لكن سرعان ما تذكرت عاليا، وأن كريم حب صديقتها فأغمضت عيونها، وقالت بهدوء مصحوب برعشة في صوتها: لو سمحت يا دكتور كريم بلاش الكلام ده، حضرتك عارف إن عاليا بتحبك، وهي صديقة عمري، ممكن نبدأ مذاكرة بعد إذن حضرتك.

حزن من ردها الحاد؛ لكنه قال بهدوء متسائلاً: يعني المانع حب عاليا ليه بس؟
ردت مسرعه دون وعي: أيوه. ثم انتبهت لردها فخجلت، وأكملت بتلعثم: لا أقصد أصل عاليا يعني..
قاطعها بابتسامة: خلاص مفيش داعي للتبرير، شوفي عاليا مبتحبنيش؛ وده واضح من الكلام اللي قاله بدر، ولما سألت ليلى عن تفكيري أكدتلي إني صح، صمت للحظه ثم أكمل ناظراً للأرض كمان أنا عندي اللي هيفوق عاليا ويحسسها انها حبيت وهم، ووقتها مش هتلاقي جمبها غير حبها الحقيقي اللي هو بدر، بس يارب وقتها انتي كمان متبعديش عني،المهم دلوقتي قبلتي اعتذاري عن الكلام اللي قولته في المشفى؟

هزت رأسها بنعم مع ابتسامة حزينه، وقالت: قبلته لأن ده مش هيكون كلامك لواحدك، ده هيبقى كلام الناس، لسه مخلصتش جامعة، واتكتب كتابها، وأطلقت، واتجوزت وبرده أطلقت، مفيش حد يعرف عني غير الظاهر، بس مش هيبطلوا كلام، وأظن إن مش من حقي أفكر في الحب أو الارتباط تاني كفاية كده.

أنهت كلماتها مصحوبه بدمعه انسابت على وجهها؛ بحركه تلقائيه مد كريم يده وأزالها، فارتعش جسدها، ونظرت له بذهول؛ فتحدث بكلمات هادئه: دموعك بالنسبالي سكين بيتغرس في قلبي إنتي متعرفيش أنا بحبك ازاي، ومن امتى، وعملتي فيا ايه من غير ما تحسي، كلام الناس ملكيش دعوة بيه كده كده بيتكلموا، أنا أسف مرة تانيه أوعدك حتى في عصبيتي عمري ما أجرحك، ها نبدأ مذاكرة بقى؟

هزت رأسها بنعم، وهتفت بابتسامه لم تستطع إخفائها: نبدأ.
بعد فترة انتهوا من مذاكرة مادته، وأيضاً طلب منها إحضار الكتب الأخرى وساعدها في تحديد الأجزاء المهمة بها.
كريم بابتسامة: كده كفايه عليكي النهارده، وبكرة نبقى نكمل وهكون جبتلك كمان تلخيصات للمواد بعملها علشانك هتسهلك المذاكرة.

بادلته حسناء الابتسامه، وقالت: مش، عارفه أشكرك إزاي بجد يا دكتور.
تصنع كريم الحزن: معقول بعد ما اعترفت ليكي بحبك بتقولي لي يادكتور وبعدين أنا أصلا لسه مش دكتور هناخدها سوا ان شاء الله قولي كريم بس هو ده الشكر.
نظرت للأسف وقالت: معلش خلي كل حاجه في وقتها أحسن محدش، عارف الأيام فيها إيه، لو عاليا كان حبها حقيقي ليك لايمكن أكون أنا ليك حتى لو انت مبقتش من نصيبها لأنها أختي مش، صاحبتي بس؛ كمان حتى لو عاليا اكتشفت ان حبك كان وهم..،

حضرتك زيك زي الناس، كنت بتسأل عن أخباري لكن من الظاهر بس مش يمكن لو عرفت اللي، عمله فيا حازم، وسبب طلاقي منه، ترفض ارتباطنا، بالذات لما اقولك ان اللي حصلي كان عقاب ليا لاني، ظلمت عمر وأوهمته إني بحبه، وده مكنش حقيقي أنا كنت بدور على الاستقرار، وبس أنا عمري ما حبيت لا عمر، ولا حتى حازم.

ابتسم بهدوء وهمس لها: كل واحد مننا ليه ماضي، ولو وقفنا عنده عمرنا ما هنتخطاه، ولا هنعيش المستقبل إلا واحنا في حزن، ولوم لنفسنا، المهم اننا نعرف اهطائتا ونندم عليها، ونقرر نتخطاها، ومنكررهاش تاني.

وقف أمام نظراتها المتابعه له، وهتف: همشي أنا بقى اتمنى يكون كلامي في المذاكرة احتل عقلك، وكلامي التاني لمس لو جزء صغير من قلبك.
وقفت تتبعه وهى شارده حتى خرجا من الغرفه، وحاول الاستئذان في الرحيل؛ إلا أن والد، ووالدك حسناء أصروا عليه بشدة أن يتناول الطعام معهم؛ فلم يستطع الرفض.

بعد أن أنهوا الطعام، الذي، تخلله الأحاديث المختلفة، والضحكات، بينهم جميعاً ونظرات الحب دون أن يشعر أحد من كريم لحسناء التي، كانت وجنتيها كجمرتين من شدة خجلها، لم تشعر بمثل هذه الأحاسيس من قبل إلا مع نظرات كريم فقط، وقف واستأذن ليرحل، كاد أن يتبعه حلني لإيصاله للخارج إلا أن يد زينب منعته، وهى تهتف: وصلي أستاذك يا حسناء.

ابتسمت حسناء، وتبعته على استحياء، وقبل أن يخرج التفت لها، وهمس بصوت لا يسمعه سواها: الفستان ده متخرجيش بيه بره البيت لأنه مخليكي ملكة، وأنا كده مش هلاحق أقتل مين ولا مين من اللي، هيتجرأ ويبصلك.
رفعت نظرها له بذهول فأشار بيده مودعاً، وجذب الباب، ورحل وهى ما زالت واقفه في مكانها تحاول إيقاف طبول قلبها الذي يتمرد يريد الخروج، والحلاق به حيث يكون بعيداً عن أي قيود.

توجهت لغرفتها دون أن تنطق بكلمة، تحت نظرات والديها المتمنين لها الخير، والاستقرار، وعندما دلفت للداخل أغلقت الباب خلفها، واحتضنت نفسها وظلت تدور كفراشة في، أرجاء الغرفة، حتى وصلت للفراش، واستلقت عليه فاستمعت لصوت رساله على هاتفها، فأمسكته، وفتحتها إذ هى أغنية للمطرب محمد فؤاد أرسلها لها كريم على تطبيق الواتس اب كانت كلمات الاغنيه موجهه لها.

سيبهم يقولوا، مهما يقولوا
إيه خدنا منهم غير الكلام
دا انت اللي ليا، وحبيب عنيا
في الدنيا ديا يا أجمل غرام.
طول عمري انا انا انامرسايا قلبك،
وانا مرساك نن عيني.
إياك تخاف منهم، وانا قلبي جمبك
طول غرامي، وطول سنيني.
إياك كلامهم يشغلك، أو كلمة مرة تغيرك
ياحبيبي أنا خايف عليك.

وضعت الهاتف على قلبها، وشعرت بالسعادة وتمنت أن يكون شعور عاليا تجاهزكريم بالفعل ما هو إلا وهم، وأن تشعر بحب بدر الصادق؛ تمنت السعادة لقلبها، ولصديقتها أيضاً.
يدور حول السيارة؛ كالنمر الشرس الذي يحاول إيجاد مخرج من فخ نُصب له؛ لإيقاعه لكن لا يستطيع.

هكذا كان حال سالم عندما رأى الحارسان ملقيان أرضاً غارقان في دمائهم، والسيارة مهشمة، اقترب من باب السيارة الخلفي عندما لمح بنظره قطعه قماش معلقه به يعرفها جيداً؛ فهى من رداء زوجته، قبض يده بقوه وضرب ظهر السيارة بكل قوة.
شعر بيد تربت على كتفه، لتهدأته؛ نظر له بعينان كالجمر، وجده الضابط عزيز الذي تسلم مهمة القبض على علوان وشركاؤه بدلاً عنه.

هتف عزيز بجدية: سالم بيه ممكن تهدى علشان نفكر هنتصرف ازاي، من وقت ما جتني وعرضت عليا مساعدتك وانك مش هتهدى الا لما علوان يقع، وانا سعيد لأنك طول عمرك ظابط كفئ وسمعتك معروفه في الداخلية، لازم دلوقتي تلغي تفكيرك كزوج، وأخ وتفكر بس بعقل ظابط؛ علشان نقدر نوقع علوان كان المفروض نعرف شركاؤه بس اللي عمله هيخلينا نقبض عليه الأول ونحقق معاه في الخطف وواحده واحده نجبره يعترف على تجارته في المخدرات، وعلى شركاؤه كمان.

نظر سالم حول السياره وجد أثار الأقدام في كل اتجاه، ليس باتجاه محدد، وعندما تحرك ليتبعها وجدها مقطوعه، وكأن أحد ما أزالها خلف الخاطفين في جميع الاتجاهات أيضاً.

وضع يده على رأسه محاولاً تجميع أفكاره، فصدح صوت هاتفه فأخرجه مسرعاً، وجد المتصل لا يظهر له رقم(Private number) فتح الخط، وإذ بصوت علوان يأتيه متحدثاً بسخريه: أهلاً بنسيبي الغالي، انت دلوك أكيد في مكان العربية؛ وده بسبب المغفلين اللي نفذوا أوامري مخادوش تلفونات الحراس الهافأ بتوعك، على العموم مش مهم إكده، ولا إكده مكاني عمرك ما هتوصله، اسمعني كويس أمانتك في الحفظ، والصون بشرط طيارة مخصوص تخرجني من مصر كلاتها، ووقتها بس هعرفك مكانهم، ومعاهم حامد ولدي.

سالم بصوت مرتفع، وغاضب: لو لمست شعرة واحدة منيهم يا علوان الكلب رقبتك هتكون نهايتها على يدي، مش على حبل المشنقة.
ودلوك قولي عايز الطيارة فين، وكيف؟
ضحك علوان بأعلى صوته، وقال: رقبتك انت اللي تحت يدي، وازاي وكيف هقولك بعدين لأني عارفك انك دلوك في عربيتك، وبتماطل علشان توصل مكتبك وتحدد مكاني من المكالمة، سلام يا أبو نسب.

أغلق سالم الهاتف، وألقاه أمامه في السيارة بعصبيه؛ فهو بالفعل قد أشار لعزيز، ومن معهم من عساكر بالركوب دون اصدار صوت، وتحرك على أمل أن يصل قبل إنهاء المكالمة؛ إلا أن علوان لا يجب الاستهانه بذكاؤه، أكمل طريقه وشرد متذكراً كيف علم بما حدث.

بعد أن تحركت السيارة التي بها عبير، وشقيقتها، وملك أيضاً تحرك هو الأخر، متقابلاً مع عزيز في جولة على محلات الملابس التي بها ملابس للأجانب في بلدتهم، وقد أحضروا مسبقاً أنر من النيابه بجمع كاميرات تلك المحلات، ثم توجهوا لعملهم، ودخلوا غرفة بها أجهزة، وشاشات لتفريغ الكاميرات، وبعد وقت عثروا على أول الخيط الذي سيوصلهم لمكان حامد..،

هذا الخيط كان فيديوا خارج المحل يظهر فيه وجه الشخص الذي نقل حامد في سيارته، بعد أن أغشى عليه داخل المحل، وعندما استخرجوا صورته وجدوه شخص له سابقه في الخطف فقط، وليس له علاقه بالإتجار في المخدرات، استخرج عزيز أمر بالبحث عن هذا الرجل، والقبض عليه، وأثناء مناقشتهم عن الخطوات القادمة، أعلن هاتف سالم عن وصول رساله؛ فتحها، وإذ به يقف كمن لدغته حية، وظل يسب في علوان، وألقى الهاتف على المكتب، فرأه عزيز مفتوح على فيديو يصور، عملية الخطف التي تمت، مصحوب برسالة مكتوبه من رقم غير مسجل( خلاص يا أبو نسب اللعب بقى على المكشوف، واللي، يخصك أخدته منيك، لأن ليا عيون في كل مكان، حتى عنديك في شغلك، وفي بيتك)

وقف عزيز على الفور عندما شاهد الفديو وهتف: مين دول يا سالم بيه؟!
سالم، وهو يمسك هاتفه بغضب، ويرتدي سترته متجهاً نحو الباب قال بصوت مرتفع: دول مرتي، وخيتي، وحماتي، أهلي علوان الواطي خطفهم، وبعتلي فيديو يوريني فشلي في إني أحميهم، وقتل الحرس كمان، والله ما هرحمه، وهجيبه لو في بطن أمه.
تحرك عزيز خلفه، وقال: أنا معاك، وأشار لبعض العساكر يتبعوهم، ثم سأل سالم: على فين طيب؟

فتح هاتفه، وقام بتحديد موقع السيارة عن طريق برنامج ال( Gps) الموجود في هاتفه مع هاتف الحراس، وقال: على مكان اللي حصل يمكن نشوف هناك دليل.
استفاق من شروده على صوت عزيز الجالس بجواره في السيارة: هدى السرعه شويه ياسالم بيه، احنا خلاص قربنا نوصل

نظر له، ثم نظر أمامه مره أخرى، وصرخات عبير، والفتيات وقت تهشم زجاج السيارة تدوي في أذنه، أوقف السيارة أمام مبنى عمله لا يعلم ماذا سيفعل، لكن عليه الهدوء، واتباع خطه متسلسل للوصول لغرضه، صعد للمكتب، وطلب من عزيز أن يتولى مهمة القبض على خاطف حامد لعله يوصلهم لشئ.
قبل أن يدخل المكتب وجد عمر يقف أمامه ينتظره، وعندما رأه عمر تعجب لمظهره المبعث، واقترب منه.

عمر بتعجب، وقلق: حضرتك فين يا سالم بيه من بدري منتظرك، تليفونك مقفول، وبدر كلمني قلقان لتأخير البنات في الوصول، ووالدتك ذودت قلقه لما أكدتله انهم خرجوا من بدري، وكمان مفيش تليفون منهم مفتوح، فقلقت هى كمان، هو فيه إيه ممكن تطمني.
تحرك بوهن، ودلف للمكتب، وتبعه عمر الذي يكاد ينفطر قلبه لنصفين هو الأخر من شدة قلقه بعد محادثة بدر له.

عمر بإلحاح: معلش يا سالم بيه أرجوك فهمني حضرتك ازاي، مشيوا، وموصلوش، وليه مفيش حد بيرد منكم، ده بدر من قلقه جاي في الطريق يمكن يقابلهم أو حاجه.
سالم بنبرة حزن: البنات اتخطفوا هما الثلاثة ياعمر.
خر عمر على الكرسي بصدمه، وقال بتلعثم: بت بتقول ايه اتخطفوا! مين خطفهم، وليه، وازاي انت هنا متحركتش.
ضرب سطح المكتب بعنف، وهتف بغضب: مين قالك متحركتش بس أنا الظاهر بتحرك في طريق مسدود، علوان الكلب مخطط لكل حاجه بس، هو ميعرفش إني مش هسيبه، مسيره هيقع ومش هرحمه.

صمت عمر وتذكر قبل ساعه عندما هاتفه بدر.
كان يجلس في مكتبه بالشركة حزيناً، فقد تعلق قلبه بحبال هاويه مرة أخرى، المرة الأولى جرحته من عشقها بكل برود من أجل رجل أخر، وهذه المرة تعلق قلبه فيمن اعتقد أنها عوض له عن حزنه؛ لكنها ذادته فهى متزوجه من آخر رغم هذا أعلنت موافقتها له بأن يتقدم لطلب يدها بعد فترة، تريد جرح شخص كما جرح هو من قبل، سأل نفسه متعجباً كيف لهن أن يبدين غير ما في قلوبهن؟!
منذ أن اكتشف أنها متزوجة لم تحضر إلى الشركة؛ فرغم ألمه إلا أنه لا يستطيع أن ينكر قلقه عليها، أنب نفسه فهو في حيرة دائمة ما بين الحب، والبعد.

أعلن هاتفه عن اتصال من صديقه بدر للمرة الخامسة على التوالي؛ فلم يكن يريد إجابته فهو لم يفيقه، أو يعلمه بأن ملك مرتبطه فبالتأكيد هو يعرف؛ فهم أقرباء؛لكن في النهايه أجاب ليعلم ماذا يريد.

عمر ببرود: أيوه يابدر فيه حاجه؟!
بدر بعصبية: يابرودك يا أخي أنا بحاول أوصلك من وقت ما سافرت، وحضرتك اما قافل فونك أو مبتردش، امبارح بالذات اتصلت كتير، كنت عايزك في حاجه مهمة، والنهارده خمس مرات على ما حنيت عليا.
أسند ظهره للكرسي، وقال بنفس البرود: خير عايز تطمن على اللي يخصك طبعاً، ومش فارق معاك صاحب عمرك يتصدم أو يتحرق مش مهم.

فهم بدر ما يرمي إليه عمر وأنه مستاء منه بسبب أنه أخفى عليه حقيقة ارتباط ملك لكن هذا ليس الوقت المناسب للشرح فهو يكاد يموت قلقاً بسبب تأخيرهم في الوصول فهتف في عمر بجدية: عمر أنا فاهم انك زعلان مني بس الموضوع فيه سوء تفاهم المهم دلوقتي عاليا، وعبير، وملك خرجوا من بدري جداً في عربية سالم ومعاهم حراس كانوا جايين اسكندرية، بس اتأخروا جداً، ولما اتصلت تلفوناتهم، وتليفون سالم الخاص مقفلين، ووالدة سالم أكدتلي انهم خرجوا، هتجن ياعمر.

وقف مكانه، وشعر بدقاته تتسارع من القلق؛ لكن سرعان ما تذكر حزنه فجلس، ورد ببرود ظاهري عكس ما في قلبه: وأنا بقى المفتش كرومبو أنا إيه علاقتي، ما تكلم سالم يشوف مراته.
أكمل بسخرية أو جوز مدام ملك، بتشغلني ليه ورايا شغل هنا.

وصل بدر لقمة غضبه من برود عمر وهتف صائحاً: عمر بطل برودك ده بقولك سالم فونه الخاص مقفول وانا معرفش رقم فون الشغل، وبعدين ملك مش متجوزة دي مطلقه يعني ملهاش راجل أكلمه، هى أساساً يعتبر متجوزتش؛ ملعون أبو الشغل لو لسه ليا عندك اهتمام شوف سالم فين وافهم ايه اللي حصل، وانا جاي في الطريق يمكن اقابلهم.

عمر بلهفه: بتتكلم جد يابدر مش متجوزة، يعني البطاقه مجرد انها مغيرتهاش.
زفر بدر وهتف: يابني بقولك هتجن من القلق، مبتحسش، طيب مش، قلقان عليها؟!
لم يعلم أيبتسم ام ماذا يفعل، من تعلق بها قلبه، وشعر أنها طوق النجاة ظلمها وليست متزوجه، لكن ترى أين هى الآن؟ ماذا حل بهم؟ هتف بجدية: خلاص انا هروح لسالم المكتب يمكن حاجه طرأت يطمنا وهكلمك أول ما اعرف حاجه.

أفاق من شروده على صوت سالم يتحدث في الهاتف.
سالم: اهدي ياما وفهميني بتقولي ايه وليه بتبكي مش سامع حاجه منيكي،أنا فيا اللي، مكفيني اللي يرضى عنيكي.

نوارة بصوت متقطع من البكاء: الحقني يا سالم خيتك، ومرتك ياولدي اتخطفت.
وقف منزعجا: مين اللي قالك ياما؟
نوارة وهى تشهق: واحد كلمني على تلفون البيت، قالي إن رقبة ملك، وعبير تحت ايده، ولو أنا معقلتكش تنفذ كلامه بالحرف الواحد هيق...
لم تستطع إكمال الكلمه من البكاء، ثم سقطت مغشياً عليها.
سالم بلهفه بعد أن سمع ارتطام جسدها بالأرض: ألووو أما.

أغلق الهاتف وجرى نحو المكتب، وهو يقول: تعالى معايا ياعمر؛ أسرعا إلى المنزل، وهناك قابلتهم الطبيبة عند البوابه بالخارج؛ عندما هاتفها سالم، ودلفا جميعاً، وجدا الخادمه في استقبالهم تبكي.
سالم بلهفه: أمي فين.
الخادمه: وقعت ياسالم بيه، وأني استنجدت بالحرس بره طلعوها أوضتها، ومعرفتش أفوقها، نزلت كنت هخرج أجيب دكتور.
تركها سالم، وهو يشير للطبيبه أن تتبعه؛ فتبعته هى وخلفهم عمر أيضاً.

بعد أن استعادت نواره وعيها، نظرت لسالم الذي يقف حزين، ومكسور اعتدلت، وهتفت بصريخ، وبكاء: سالم واقف ليه هاتلى خيتك يا ولدي، الحق مرتك، وخيتك أوعاك يروحوا فطيس، اعمل اللي عايزينه منيك المهم ميصبهمش حاجه.
اقترب منها سالم، وأمسك يدها يهدئها؛ رغم أنه من يتمنى ثورة غضبه تهدأ قليلاً ليستطيع التفكير وهتف: متقلقيش ياما هيبقوا بخير.

نوارة بحزن: ملك مش بتي الحقيقية، بس دي تربيتي، حاسه بروحي هتروح مني ياريتني ما قسيت عليها، هاتهالي ياسالم، هاتلى خيتك، ومرتك سالمين،هقول لمروان ايه عن أمه لو جرالها حاجه.
وقف سالم وقال بصوت عالي: كفايه ندب ياما أبوس يدك، هيبقوا بخير، توجه لباب الغرفه ليخرج

في هذا التوقيت كان عمر يقف عند باب الغرفه كاد أن يدقه، ليستأذن بالدخول، ليخبر سالم أن بدر على وصول؛ فسمع تلك الكلمات أن ملك ليست ابنة نوارة، وأنها كانت تعاملها بقسوة فصدم مما سمع، فتح سالم الباب، وجد عمر أمامه.
عمر بتلعثم: أااا بدر أصله على وصول، الحاجه بخير؟
هز سالم رأسه وهتف: بخير أنا راجع المكتب، هتروح، ولا رايح الشركة؟
رد مسرعاً، ومترجياً: ارجوك ياسالم اسمحلي أكون جمبك، هموت من القلق لو فضلت بعيد.
نظر له سالم بتعجب، لكن قاطع نظراته اعلان هاتفه الخاص بعمله عن وصول رساله، فتحها فوراً، وكانت من رقم غير مسجل، وكأن نصها

( أني فاعل خير، هساعدك تعرف مكان حامد، وقرايبك؛ بس أكدلي انك في المكتب برساله بس، على فكرة قبل ما تسأل نفسك، أني أخدت رقم تليفونك بتاع شغلك من حامد نفسيه، هو قالهولي؛ لكن علوان خده من تلفون حامد ؛ أني هساعدك لأن حامد زي ولدي وأكتر، وعلوان عامل حراسه كبيرة، ومانع أي حد فينا يخرج من إهنه، لو حابب تعرف، وهتثق فيا ابعتلي رساله بس انك في المكتب، ومحتاج وقت قد إيه، واني هتصل بيك ومش هتحدت تفتح الخط وتحدد مكاني كيف ما بتعملوا، بس بشرط متجبش معاك قوة، هتاجي وحديك تاخد أمانتك، وحامد من إهنه من غير شوشرة، بطريقتك انت، أني ليا عيون عنديك، وهعرف إن كنت خرجت بقوة، ولالأ، لو منفذتش شرطي هتوصل مش هتلاقي حد إهنه وااصل)

شعر بالدوار قليلاً، فقد أُجهد تفكيره، وتشتت ذهنه، وأُرهق قلبه الممزق، هل هذا فعلاً خيط للوصول لعلوان، أم فخ أخر؟
وإن كان فخاً فماذا يريد من استدراج، فيكفيه من عنده، وهو بالنسبة لعلوان طوق النجاة بتنفيذ رغباته.
نظر له عمر بتعجب وهتف: إيه وقفك كده يا سالم ؟ محتار ليه؟!

تحرك سالم للأسف، ومعه عمر، وعندما اقترب من سيارته، وجد بدر أمامه، يلتقط أنفاسه بصعوبه، من شدة توتره، وقلقه.
أمسك بدر بتلابيب سالم بقوه، وهتف بغضب: إيه اللي عمر قاله في التلفون ده، ازاي يخطفوا وانت موجود، إيه ظابط على الورق بس، انت السبب في اللي حصلهم.
تدخل عمر وأبعد بدر، وهو يقول: مش كده يابدر، كفايه الضغط اللي هو فيه، متنساش دول يهموه كلهم أكتر منك كمان.
استقل سالم سيارته، فوجد بدر يفتح الباب الأخر، ويجلس جواره، وعمر أيضاً بالخلف.
بدر بجدية: رجلي على رجلك مش هرتاح إلا لما يرجعوا بخير لو هموت فداهم.

انطلق سالم بالسيارة دون كلمه واحده، واتجه لمقر عمله، ومنه لمكتب عزيز، وعندما دلف وقف عزيز وقال
مسرعاً: انت فين ياسالم، انا قبضت على اللي ساعد في خطف حامد يا سالم بس ده طلع مأجور من راجل مشافش وشه حتى لأنه كان ملثم، وميعرفش غير المكان اللي سلمهم فيه حامد وده مكان قبل دخول البلد هنا بكام متر.

سالم بجديه: ده مش هيفدنا لأنهم أكيد استلموه منه بعيد عن وقرهم، بس لسه فيه حاجه مفيش قدامنا الا اننا نعملها حالياً.
ثبت عزيز نظره على سالم باهتمام: إيه هى الحاجه دي؟ من وقت ما مسكت القضيه دي وكل حاجه اتلخبط، وكل اللي فكرت فيه مش هينفع انفذه، والا الثمن هيكون موت حد برئ.
هز سالم رأسه بعنف، وقال: إن شاء الله محدش هيتأذي.
نظر عزيز لبدر، وعمر بتعجب وقبل أن يتسأل، قال سالم: متقلقش دول يهمهم الأمر زيي وأكتر، ثقه مني متخافش.

أمسك هاتفه وفتح الرساله، وأراها لعزيز؛ فاتسعت عين عزيز وهتف: وانت مصدق الكلام ده؟! معقول حد من رجالة علوان هيخونه بسبب حامد؟ مش يمكن يكون فخ؟
سالم بجديه: شوف مفيش قدمنا حل غير ده، هبعتله الرساله، واول ما يكلمنا هنحدد مكانه، هروح وحدي ومش هاخد معايا قوة، وانت تفضل هنا انت وبدر، وعمر على اتصال لو كان فعلا صح هكلمك، وتجيب باقي القوة، وتحصلوني، ولو فخ انت تتصرف الموضوع هيكون في ايدك.

بدر مسرعاً: أنا معاك مش هسيبك أبداً، متحاولش.
عمر بجديه، وانا مش هاجي معاكم، بس هاجي وراكم بعيد عنكم يمكن تحتاجوا مساعده.
هز عزيز رأسه بموافقه، رغم قلقه؛ لكن ليس أمامهم مفر غير المخاطرة.

أرسل سالم رساله للهاتف الذي عرض صاحبه المساعده، أكد فيها أنه في المكتب، وفي غضون ثواني جاءهم اتصال من الرقم، وظل الخط مفتوح، وقام عناصر تحديد الأماكن عن طريق المكالمات بعملهم، وأصبح بيد سالم العنوان، وعليه المخاطرة؛ لكن بحذر.

عيون مفترسه تتفحصهم، وهن جالسات في أرض غرفه، مستندات على جدار، ملتصقات ببعضهم البعض، تحاول كل منهما أن تحتمي في الأخرى؛ أو تستمد منها بعض الشجاعة؛ لمواجهة هذا الثمل الذي يقترب منهم يترنح، ويسيل لعابه أمامهم؛ فأين له أن يجد صيد كهذا، ثلاث فتيات كل واحدة فيهن تناطح الأخرى في الجمال، ليس لهم أمامه حول ولا قوة، مكتوفي الأيادي خلف ظهورهن،وأيضاً مكتوفي الأرجل.

نظر هذا الوحش الثمل لعبير وجد شعرها الطويل مفرود على كتفيها بعد أن وقع حجابها أثناء خطفهم، وكتفها عارٍ؛ إثر قطع سببته السيارة عندما أخرجوها منها، سال لعابه أكثر، ورفع زجاجة الخمر التي بيده، وأنهاها، ومسح فمه بكف يده، وكاد أن يقترب منها إلا أن رجل أخر يقف بجواره جذبه وهتف برعب: هتعمل إيه يا مجنون أوامر الكبير منقربش منيهم، منعرفش ممكن يعمل إيه لو عرف.

دفع يده بلا اهتمام، وقال بصوت يدل أنه فقد عقله من كثرة الشرب وهتف: علوان مين دلوك هملني أخد أطه، واكل تفاحة منيهم.
تركه زميله، وخرج من الغرفه، وهو يقول: أني مليش صالح اعمل اللي انت رايده بس أني لو البيه علم باللي حوصل منيك هقر عليك، أه مش مستغني عن عمري.
لم يرد عليه، وكأنه مغيب واقتر ب من عبير وما أن اقترب حتى صرخت به عاليا متصنعه الشجاعة: انت هتعمل إيه يا حيوان انت، ابعد عنها إياك تلمسها.

نظر لها بعيون غاضبه، ثم صفعها، وجذبها من حجابها المبعثر، وألقاها أرضاً وسط صرخاتها، وصراخ ملك وعبير، لم يستمع لتلك الصرخات وكأنه أضحى أصم لم يرى أمامه إلا فريسة انقض عليها بكل وحشية.

لكن صرخاتهم التي لم تسمعه تخللت الجدران، ووصلت لمسامع حامد المقيد في غرفه مجاورة لهم، وهو قد علم من عتريس بأن والده قد قام بخطف ثلاث فتيات، وعرف هوياتهم عندما سمع صراخهم، أخذ يصرخ هو الأخر بأعلى صوته، ينادي باسم والده.

حامد بغضب: ياعلوااان كلابك بيعملوا إيه، افتحوا يا ولاد ال...، يا...
فجأة سمع صوت إطلاق رصاصة، وصرخات البنات باسم عاليا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة