قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

اقتربت نوران من الحجرة التى أخبرتها ضحى برقمها، تسرع بخطواتها القلقة، تسبق سليم وزين، حتى وجدت ضحى أمام الحجرة تبكى فى صمت، لتسرع اليها منادية باسمها فى حزن، لتسمع ضحى صوت نوران وتندفع إليها ترتمى بحضنها تتشاركان الدموع وسط رجال يتألمون لألمهم ولكن مابيدهم حيلة، فهم يدركون أن العلاقة التى تجمع هؤلاء الفتيات، هى علاقة أقوى من علاقة الصداقة، هى أخوة الروح والتى أحيانا ما تتفوق وتسمو على أخوة الدم، خرجت نوران من حضن ضحى قائلة من وسط دموعها:
طمنينى عليها ياضحى، أخبارها ايه دلوقت..

مسحت ضحى دموعها بيدها كالأطفال وهى تقول بصوت متهدج العبرات:
مش كويسة أبدا يانوران، ياحبيبتى يابدور، مين كان يصدق ان بدور الرقيقة الحنينة يجرالها كل ده؟
لينقبض قلب ذلك الرجل الذى يقف بالخلف متلهفا لأخبارها، لا يستطيع البوح بسؤاله عنها ولكنه ينتظر الاجابة بفارغ الصبر

قالت نوران بحزن:
طب الدكتور قالكم ايه؟
قالت ضحى بلوعة:
خلاص البيبى راح يانوران، راح

وضعت نوران يدها على فمها تمنع صرختها الملتاعة فى حين اغمض سليم عينيه بألم، بينما توقفت نبضات قلب زين وهو يتذكر أنها سيدة متزوجة ولا يحق له أبدا أن يفكر فيها ولكنه وجد نفسه رغما عنه يفكر فيها ويتألم لألمها، أفاق على صوت نوران وهى تقول:
وهى عملت ايه بعد ما عرفت الخبر، وجوزها، جوزها فين؟

قالت ضحى فى سخرية مريرة:
جوزها، جوزها السبب يانوران

اتسعت عينا نوران فى صدمة ليعقد سليم حاجبيه بينما قبض زين على يده بقوة وضحى تستطرد بمرارة:
كان قلبى حاسس انه السبب، والله كنت حاسة، وأول ما الدكتور قالنا الخبر ومشى، كان حزين آه بس فجأة لقيناه بيصرخ ويقول أنا السبب، انا اللى قتلت ابنى بإيدى، انا اللى زقتها ووقعتها، وخلاص خسرتها، كنت عايزة أروح أخنقه بايدية بس شهاب منعنى، وبدور بعدها فاقت

لتنزل دموعها وهى تقول:
حبيبة قلبى أول ما فاقت وعرفت، قعدت تعيط ولما شافت الزفت ده فضلت تصرخ، تصرخ، لحد ما جه الدكتور وإداها حقنة منومة وأهى نايمة من ساعتها وجوزها غار فى ستين داهية من ساعتها ومشوفناهوش

تعالت شهقات نوران ليتقدم سليم باتجاهها ويأخذها الى جواره يضمها لتستند على صدره بضعف، تبكى بألم، بينما مسح زين بيده دمعة خائنة سقطت من عينيه رغما عنه لتلتقطها عينا ضحى التى شعرت بالدهشة لتأثر ذلك الغريب بحكاية صديقتها لتهز كتفيها معتقدة انه من هؤلاء الرجال مرهفى الحس، سريعى التأثر

خرجت نوران من حضن سليم تكفكف دموعها بمنديله كعادتها معه، كلما بكت على صدره، قائلة لضحى بحزن:
أنا عايزة أشوفها ياضحى
ربتت ضحى على يدها قائلة:
هتشوفيها لما تفوق، هى محتاجالنا كلنا جنبها، ربنا يصبرها يانوران، الموضوع مش سهل

أومأت نوران برأسها بحزن لتتذكر شيئا وتقول لضحى:
أمال شهاب فين ولا انتى جيتى لوحدك؟
قالت ضحى:
لسة ماشى من شوية.راح يطمن على تيم وراجع علطول
أومأت نوران برأسها لتقول ضحى موجهة حديثها لسليم:
اذيك ياسليم، معلش مسلمتش عليك، انا مبقتش أشوف أدامى من ساعة ما عرفت باللى حصلها

قال سليم:
ولا يهمك ياضحى، ربنا يقومها بالسلامة
نظرت ضحى الى زين بتساؤل لتلتقط نوران نظرتها وتسرع قائلة:
زين صاحب سليم، أكيد فاكراه، كان شاهد على عقد جوازى، وكان معانا لما عرفنا بالخبر وصمم يوصلنا

قالت ضحى:
تشرفنا
قال بصوت خفيض مازال متأثر بألمه:
الشرف لية
شعرت ضحى بيقين من أن هناك شيئا بداخل ذلك الزين لبدور، وتساءلت فى حيرة،، ترى، أيعرفها من قبل؟

أراد سليم أن يترك الفتاتين بمفردهما فربما يحتاجان للخصوصية ليقول لزين:
تعالى يازين نشرب قهوة فى الكافيتريا ونجيب للبنات حاجة يشربوها
أومأ زين برأسه موافقا فى حين ربت سليم على يد نوران قائﻻ:
مش هتأخر، خلى بالكم من نفسكم
ربتت على يده برقة قائلة:
انت كمان خلى بالك من نفسك

اومأ برأسه بحنان ليتجه مع زين الى الكافيتيريا بينما جلست الفتاتين سويا يبتهلان الى الله أن يخرج بدور من محنتها على خير، فهى رقيقة للغاية ويخشون عليها من كل ما حدث لها وعدم قدرتها على الاحتمال

كان كل من سليم وزين يصعدان درج المستشفى وكليهما غارق بأفكاره، زين يتساءل عن نوع ذلك الرجل الذى قد يؤذى فتاة مثل بدور، أيكون هذا الرجل هو السر فى ذلك الحزن الرابض بعينيها، أتكون حياته معها بمثل تلك التعاسة التى يشعر بها، ينتابه الفضول ليعرف كل ما يخصها، يتساءل عن قوة ذلك الشعور الذى يتملكه، ماذا فعلت به كى ينسى علياءه وتحتل هى أفكاره بلا هوادة محطمة جميع أسوار قلبه، ترى أيكون السبب جمالها ام رقتها، أم حزنها، أم لأنها فقط بدور، بدوره..

بينما كان سليم سارحا أيضا بأفكاره يتساءل عن سر زوجته، نوران، كيف استطاعت التغلغل داخل مشاعره، أن تسرى سريان الدم داخل شرايينه، أن يتخلى عن كل شئ فقط كى يكون الى جوارها، لقد حنث بقسمه الذى أقسمه بعد الحادث، فقد أقسم أن لا يغادر منزله قط، أن لا يجعل نفسه عرضة للسخرية من الآخرين، ولكنه ضرب بقسمه عرض الحائط عندما شعر بحاجتها اليه، أن يكون الى جوارها، سندا لها، قاطع أفكاره اندفاع رجل يهبط الدرج بسرعة ليصطدم به ويختل توازنه، حاول التشبث بدرابزين السلم ولكنه كان بعيدا عنه ليجد نفسه يسقط الى أسفل السلم بقوة وآخر ما يسمعه هو صراخ زين باسمه قبل أن يغشى عليه..

كان نزار يجلس فى منزله يجاوره ممدوح ينظر الى انهياره بانتصار، يشعر بقلبه يرقص فرحا على أنغام تلك الكلمات الممزوجة بالدموع التى يذرفها نزار، وهو يقول:
انا السبب، انا اللى ضيعت ابنى بايدى وضيعتها معاه، ما هى مستحيل هتسامحنى، اذا كنت أنا مش مسامح نفسى

قال ممدوح:
خلاص بقى يانزار اللى حصل حصل وبعدين انت ملكش ذنب، ده قدر، حد قالها تقف أدامك وانت متعصب
قال نزار بألم:
من اللى شافته ياممدوح، وهى اللى شافته قليل، جوزها نايم مع واحدة، دى حاجة تهد الجبل
قال ممدوح بسخرية:
وحد قالك تخونها يانزار؟

أغمض نزار عينيه بحزن وانكسار قائلا:
معاك حق، دى غلطتى أنا...
ليفتح عينيه قائلا بغل:
آه لو تقع فى ايدى بنت*****، اللى صورت الفيديو وربنا لأفرمها، هموتها، وأطلع روحها بايدية دول

قال ممدوح بارتباك:
سيبك منها يانزار وقولى هتعمل ايه مع مراتك؟
قال نزار بقلة حيلة:
مش عارف ياممدوح، الدكتور بيقول ان وجودى جنبها غلط على صحتها وانها مش لازم تشوفنى عشان عندها انهيار عصبى وممكن تإذى نفسها، وأنا خايف عليها

قال ممدوح بهمس ساخر:
لأ بتحبها اوى يااخويا.
عقد نزار حاجبيه قائلا:
بتقول حاجة ياممدوح؟
قال ممدوح بسرعة:
لأ مبقلش، أنا بس شايف قعدتنا دى ملهاش لازمة، وهتكتئب أكتر، ماتيجى نسهر فى أى حتة

هز نزار رأسه نفيا قائلا:
مليش مزاج، روح انت
قال ممدوح:
خلاص ماشى، انت حر، انا هخرج ولو غيرت رأيك ابقى كلمنى

غادر ممدوح تتبعه عيون نزار الذى عقد حاجبيه يفكر مليا فى الأحداث الأخيرة، لتتغير ملامحه ويحتل الغضب قسماته، ليخرج هاتفه ويفتح الاستوديو لترق ملامحه مجددا وهو ينظر الى صورة بدور قائلا فى حزن:
سامحينى يابدور، سامحينى

استيقظ سليم على صوت شهقات باكية، يعرف صاحبتها، انها نوارنه، ليدرك أنها بجواره، يتهادى اليه عبيرها، تمسك بيده، ليفتح عينيه ببطئ، وهو يقول بصوت ضعيف:
نوران.
اقتربت منه بلهفة قائلة:
سليم، حمد الله ع السلامة ياحبيبى. أنا قلبى كان هيقف من خوفى عليك

قال سليم بحنان:
سلامة قلبك يانوران
ليحاول الاعتدال فتساعده هى ليسند ظهره قائلا فى حيرة:
هو حصل ايه؟

نزلت دموعها وهى تقول:
سامحنى ياحبيبى، أنا اللى اضطريتك تخرج من البيت وتيجى المستشفى، بسببى أنا وقعت من على السلم واتخبط فى راسك ولولا ستر ربنا كان،، .

لتصمت وقد علت شهقاتها ليبحث عن يدها حتى وصل اليها ليمسك بها قائلا بحنان:
المهم انى دلوقتى كويس وكفاية دموع بقى عشان أنا قلبى ضعيف أدام دموعك وممكن أعيط جنبك

ابتسمت رغما عنها ليبتسم سليم قائلا:
شفتى لما بتبتسمى وشك بينور ازاى
قالت بابتسامة:
على أساس انك شايفن، ...
لتقطع كلماتها وهى تضع يدها على فمها بصدمة لتسرع قائلة بندم:
أنا آسفة ياسليم، أنا غبية، والله ما كنت أقصد

ربت على يدها قائلا فى حنان:
ولا يهمك يانوران، اهدى بس وقوليلى بدور أخبارها ايه؟
قالت فى حزن:
لسة زى ما هى، كل شوية تفوق، تصرخ ويدولها حقنة مهدئة وتنام، حالتها صعبة أوى ياسليم

أومأ سليم برأسه قائلا:
معلش، كل شئ فى أوله صعب، بعدين بيهدى وكل حاجة بتعدى
ليصمت للحظة ثم يقول:
وزين راح فين؟

قالت نوران:
راح البيت هيجيبلنا شوية حاجات دادة سعاد رتبتهم فى شنطة لأننا أكيد هنبات هنا النهاردة
قال فى ضيق:
وليه نبات؟، أنا كويس وزى الفل، خلينا نروح يانوران أنا مبحبش المستشفيات
رفعت يدها تربت على وجنته بحنان قائلة:
عشان أطمن عليك ياحبيبى وكمان أبقى جنب بدور، دى ليلة واحدة بس

أومأ برأسه بقلة حيلة يدرك أنه يضعف أمام لمستها الرقيقة وكلماتها الحانية، ليسحبها ويمددها بجواره لتضع رأسها على صدره قائلا بشوق وهو يمرر يده على شعرها:
طب تعالى بقى فى حضنى عشان بقالى تقريبا ٣ ساعات مخدتكيش فى حضنى، وده ياحبيبتى أخطر على صحتى من ألف وقعة

ابتسمت فى سعادة لكلماته التى أطاحت بدقات قلبها لتسمع صداها فى قلبه تحت أذنها، أغمضت عينيها تضم نفسها أكثر اليه وهى تشعر بدفء حضنه ويزداد أملها فى أن تسمع كلمات العشق منه صريحة فى يوم من الأيام.

جلس زين فى شرفة منزله يتناول قهوته فى هدوء شاردا بأفكاره التى احتلتها فتاة رقيقة الملامح، فمنذ عاد إلى المستشفى حتى اطمأن على سليم وغادرها بسرعة وكأن شياطين الدنيا تجرى خلفه، يقاوم رغبة حارقة فى أن يدلف الى حجرة بدور يلقى عليها نظرة واحدة يطمئن بها عليها ويشبع عينيه من رؤيتها، هو يدرك أنه ليس من حقه أن يفعل ذلك ولكنها مشاعره الجامحة والغريبة تجاهها و التى تجعله يخالف كل مبادئه التى عاش عمره يناضل من أجلها، انه يحتقر الخيانة..،

يمقتها، فإذا به يخون علياءه ويفكر بأخرى والأدهى من ذلك أن تلك الأخرى هى امرأة متزوجة من رجل آخر، ربما زوجها رجل حقير لا يستحقها وربما هى تعيسة معه ولكنه يظل زوجها وتظل هى امرأة على ذمة رجل آخر، لتعصف بقلبه الغيرة، تطيح به الأفكار والتخيلات، ليدرك أن مشاعره تجاهها قوية حد الجنون، فالجنون هو فقط من يستطيع وصف حالته تلك..

ترك فنجان القهوة من يده ونهض تملأ عينيه المشاعر، لقد توصل لقرار هام، وقاطع، سيسافر بعيدا عنها، سيبتعد كى ينساها، سيسافر الى تلك القرية السياحية يرى أمور العمل هناك، ويحاول أن يدفن مشاعره، ستكون فترة يعيد فيها ترتيب أفكاره وأحاسيسه المعقدة، سيحاول فيها أن ينسى كل ما يشغل باله ويشعره بالذنب، سينسى بدور مهما كان الثمن، يجب أن ينساها، يجب..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة