قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثامن عشر

كانت بدور تبكى بلوعة بين ذراعى نوران التى تضمها بحنان وتربت على ظهرها مهدئة اياها، تشاركها دموعها، بينما تقف ضحى تنظر اليهما ودموعها تتساقط بصمت، وهى تشعر بالعجز لأنها لا تستطيع أن تخفف من آلام صديقتها
أخذت شهقات بدور تخف تدريجيا حتى هدأت تماما لتخرجها نوران من حضنها وتضع وجهها بين يديها تمسح دموعها بأصابعها قائلة:
اهدى ياحبيبتى، اهدى وكل حاجة هتتصلح..

قالت بدور بألم:
اللى اتكسر مبيتصلحش يانوران وحتى لو لميناه ولزقناه مبيرجعش زى الأول، واللى راح منى مش ممكن يرجع، عمرى راح، ابنى راح، وياريتنى روحت مع اللى راح
اقتربت منها ضحى بسرعة لتجلس بجوارها وهى تمسك يدها قائلة بلوعة:
وحدى الله يابدور، انتى ست مؤمنة وعارفة ان كل اللى بييجى من عند ربنا بيبقى خير لينا، حتى لو مشفناش حكمته من اللى بيحصل معانا، مع الوقت أكيد بنشوفها

قالت بدور بحزن:
لا اله الا الله سيدنا محمد رسول الله..
قالت ضحى ونوران بنفس واحد:
عليه الصلاة والسلام
قالت بدور بحزن:
مش يمكن اللى بيحصلى ده عقاب من ربنا؟
عقدت نوران حاجبيها بحيرة قائلة:
عقاب؟ ؟

أومأت بدور برأسها قائلة:
أيوة عقاب، عشان عصيت أهلى وخليتهم زعلانين منى، ياما قالولى نزار مينفعكيش وهيتعبك، وأنا ركبت دماغى وصممت أتجوزه، وآدى النتيجة، سنين عايشة فى عذاب..
لتبكى مجددا وهى تقول:
وآخرتها قتل ابنى، حسر قلبى عليه قبل عينى ما تشوفه، ياوجع قلبى عليه، أااااه من حرقتى

ضمتها ضحى قائلة:
خلاص يابدور، اهدى ياحبيبتى، كدة غلط على صحتك، عارفة الحل الوحيد للى انتى فيه ده ايه؟
قالت بدور بحزن:
إيه؟
قالت ضحى:
انك تسافرى مكان بعيد، تنسى فيه كل اللى فات، زى رحلة علاجية كدة، تغيرى فيها جو وتبعدى عن نزار لغاية ما نشوف هنعمل ايه

خرجت بدور من حضن ضحى قائلة:
معاكى حق، بس هروح فين، أنا مش هقدر ارجع لأهلى وأقولهم انكوا كنتوا صح وأنا غلط، ولا هقدر أسافر لوحدى، انا طول عمرى مع نزار وعمرى ما كنت لوحدى، هبقى عاملة زى الغرقان فى شبر مية.
قالت نوران وقد التمعت عيناها فجأة:
انا عندى الحل

نظروا اليها بتساؤل لتستطرد بحماس قائلة:
زين لسة متكلم مع سليم وقاله ان القرية السياحية فيها مشاكل وانه هيروح يظبطها، أقنع سليم أنا بقى، وتقنعى انتى شهاب ياضحى، ونسافر كلنا، منها سليم يطمن على الشغل بنفسه واحنا نقضى أجازة حلوة بعيد عن نزار اللى مستحيل هيعرف مكان بدور هناك، ها، ايه رأيكم؟

نظرت ضحى الى بدور ليعودوا بنظراتهم اليها وهم يستحسنوا الفكرة يومأوا برءوسهم موافقين، لتبتسم نوران بسعادة، وقد حصلت على موافقتهم لتتبقى موافقة سليم وتلك هى الخطوة الأصعب فسليم يكره الخروج خارج محيطه، ذلك المنزل، الذى يحفظه عن ظهر قلب، ليظهر العزم فى نظراتها وهى تنوى اقناعه لتغادر الحجرة تتجه الى حجرة سليم فى خطوات ثابتة لا تعكس قلقها الشديد،، من رفضه..

نظر شهاب ببرود الى تلك التى تجلس أمامه وتضع ساقا فوق ساق، تملؤها الثقة من استجابته لكلماتها، تكاد ابتسامة النصر أن تعلو شفتيها، ليقول بابتسامة ساخرة:
طبعا جاية ومفكرة ان شهاب الحديدى، حتة واحدة زيك ممكن تيجى وتضحك عليه بورقة بتقول انك حامل، مش عارف بس كنتى متوقعة ايه؟، هعترف بالطفل مثلا، أو أقولك خليه وأنا هتجوزك عشان يتربى فى وسطينا، مش دى كانت خطتك وتوقعاتك ياأريج؟

ظهرت الصدمة على ملامحها من كلماته فلم يكن ذلك ابدا هو رد الفعل الذى كانت تتوقعه منه، لقد ظل صامتا باردا لم يهتز له جفن وهى تخبره بحملها وتظهر له اثباتها المزيف، تلك الورقة التى دفعت فيها الكثير كى توقعه فى شركها، لتقول بارتباك:
انت، انت مش مصدقنى ياشهاب؟

مال الى الأمام ينظر مباشرة الى عينيها قائلا فى صرامة:
فى انك حامل، فده احتمال، انما حامل منى فمستحيل
عقدت حاجبيها فى حيرة قائلة:
ليه مستحيل، انت ناسى الليلة اللى قضيناها مع بعض ولا ايه؟

اعتدل قائلا بسخرية:
تصدقى آه، ناسيها، وحتى لو فاكرها، بردو مستحيل تحملى منى
ازداد انعقاد حاجبيها المنمقين وهى تقول بحيرة:
ليه مستحيل، ما تفهمنى، جايب الثقة دى منين؟

اتسعت ابتسامته قائلا:
لأنى عقيم ومبخلفش
اتسعت عينيها بصدمة فذلك الاحتمال لم تضعه ابدا فى حسبانها وهى تضع الخطة لتقول وهى تحت تأثير الصدمة:
وتيم؟
قال فى لا مبالاة:
طفل اتبنيناه لما ضحى فضلت تزن عشان عايزة تبقى أم، تقريبا الكل عارف الموضوع ده، انتى بس اللى مكنتيش معانا فى الفترة دى

أدركت أريج فشل مخططها ليظهر الاحباط على وجهها حتى أن شهاب كاد أن يبتسم بانتصار، لولا انه اخفى تلك الابتسامة فى اللحظة الأخيرة كى لا تلمحها اريج، لترفع أريج عينيها اليه قائلة فى يأس:
يعنى مفيش فايدة، مش هتتجوزنى ياشهاب؟

هز شهاب رأسه نفيا وهو يقول:
على جثتى ياأريج، روحى شوفى اب تانى للطفل اللى فى بطنك
قالت أريج بغيظ:
أنا مش حامل أصلا
نظر الى تلك الورقة أمامه ليشير اليها بعينيه قائلا:
و الورقة دى؟ ؟

هزت كتفيها باحباط وهى تأخذ الورقة وتقطعها الى نصفين قائلة:
فلوس وراحت على الفاضى
ابتسم بانتصار قائلا:
تصدقى انى كان جوايا ذرة شك بتقولى انك ممكن تكونى بتقولى الحقيقة وتكونى حامل منى بس ربنا ألهمنى بالفكرة دى عشان أكشفك ومضطرش أتجوزك وأوجع أعز الناس على قلبى
نظرت اليه بذهول قائلة:
انت قصدك.

قاطعها قائلا فى سخرية:
ايوة، أنا مش عقيم، وتيم ابنى، أنا بس حبيت أتأكد انتى أد ايه حقيرة، ياه ازاى كنت مغشوش فيكى، آمنتك على شغلى وأسرارى واعتبرتك ضلى وفى الآخر طلعتى زبالة، واحدة متستهلش اى حاجة عملتهالها، ولا نسيتى مين اللى لمك من الشوارع واداكى وظيفة محترمة بعد ما اترميتى أدام عربيته وكان شكلك ياحرام برئ و يقطع القلب، أتاريها تمثيلية من أولها لآخرها، بس النهاية أنا اللى هكتبها وهخرجها كمان..

قالت متلعثمة:
شه، شهاب، أنا،
قاطعها قائلا بحدة:
انتى ايه، ها، عايزة تقولى ايه أكتر م اللى قلتيه؟
قالت بتردد:
طيب، مراتك يعنى، عرفت اللى حصل بينا؟
أطلق ضحكة ساخرة، ليقطعها فجأة وهو ينظر اليها بغضب:
انتى بتهددينى يا أريج؟ طب احب أعرفك، ان مراتى عرفت ومن أول يوم، بس هى سامحتنى لأنها أنضف وأحسن منك مليون مرة

ليصمت آخذا نفسا عميقا ليهدئ به نفسه ثم نظر اليها قائلا بتهديد صارم:
بصى ياأريج، أنا لآخر مرة هعمل حساب للعيش والملح وانك واحدة ست، وهسيبك من غير ما أذيكى، بس قسما بالله لو جيتى جنبى او جنب عيلتى، همسحك من على وش الدنيا ومش هيهمنى أى حاجة، مفهوم؟
ابتلعت ريقها بصعوبة ليستطرد بغضب قائلا:
مفهوووم؟

أومأت برأسها فى خوف، لينهض شهاب حاملا مفاتيحه وهاتفه ومغادرا بخطوات سريعة غاضبة، تتبعه عيناها التى امتلأت بالحقد والكره، لتمسك هاتفها وتضغط على رقم وتسمع رنين الهاتف ليجيبها محدثها الذى ما ان سمعت صوته حتى قالت فى غل:
جهز نفسك عشان هنفز فى أقرب وقت

لتغلق هاتفها قائلة بحقد:
هنشوف ياشهاب، ان ما حسرتك على حبيبة القلب، مبقاش أنا أريج، هنشوف ياشهاب، هنشوووف
دخلت نوران الحجرة لترى سليم يجلس مستندا إلى الوسادة، يضع يده على عينيه يظهر عليه الألم لتسرع اليه قائلة فى قلق:
سليم انت كويس ؟ فيك حاجة؟
رفع يده من على عينيه بسرعة ليمسك بيدها قائلا بهدوء:
أنا كويس، متقلقيش يانوران، .أنا، .أنا بس اليوم كان مرهق بالنسبة لى، وشكلى محتاج أنام

زفرت بارتياح، .لتتأمل ملامحه قائلة:
طب ممكن أكلمك فى موضوع ولا أأجله لبكرة؟
ابتسم قائلا:
قولى ياحبيبتى، خير، ايه الحاجة المهمة اللى حاسس انها مش ممكن تستنى للصبح

ابتسمت قائلة:
انا كنت يعنى، بقول، ايه رأيك لو نسافر مع زين بكرة،، ...
قاطعها قائلا بحزم وبلهجة قاطعة:
انسى يانوران، مش ممكن نسافر

قالت نوران بهدوء:
اسمعنى ياسليم، وحاول تفهمنى انت، ...
قاطعها سليم قائلا بنفاذ صبر:
قلتلك مش هنسافر يانوران وده قرارى الأخير، ياريت تريحى نفسك لأنى مش ممكن هوافق

مالت عليه تتلمس وجهه بحنان ليتنهد هو من لمستها الحانية وهى تقول بتوسل:
أنا لما طلبت منك نسافر مكنش عشانى أو عشانك، ده عشان بدور ياسليم، بدور اللى خسرت ابنها وحياتها، حالتها النفسية وحشة اوى، ولازم تبعد عن كل حاجة بتفكرها باابنها وبكل حاجة عملها فيها نزار، ومينفعش تبعد وتسافر لوحدها، فقلت نروح معاها

ظهرت الحيرة على ملامحه، ليقول بتردد:
بس..،
وضعت يدها على فمه تمنعه من الكلام وهى تقول بلهفة:
وحياتى عندك ما ترفض، أوعدك هما يومين، يومين بس تريح فيهم أعصابها ونرجع علطول، ايه رأيك؟

أمسك يدها التى تضعها على فمه وهو يقبلها برقة قائلا:
هتكلم ازاى والايدين الحلوة دى على شفايفى
أحست بدماء الخجل تصعد الى وجهها ليأخذ هو نفسا عميقا ثم يقول بعدها:
خلاص يانوران، أنا موافق بس اعملى حسابك، هما يومين بالكتير وهنرجع بيتنا تانى

اندفعت تقبله فى وجنته قائلة:
ربنا يخليك لية يارب
كادت تتراجع ليمنعها وهو يحيطها بإحدى ذراعيه لتظل قريبة منه ليرفع يده الأخرى يتلمس وجنتها بحنان، يقرب وجهها من وجهه يقول أمام شفتيها هامسا:
انتى بتضحكى علية ولا ايه؟

لفحتها أنفاسه الساخنة وأذابتها همساته لتنفرج شفتيها فى حيرة تود أن تسأله عن معنى كلماته لتتفاجئ به يأخذ شفتيها فى قبلة شغوفة سارعت من دقات قلبها وأشعلت مشاعرها لتجد نفسها فى ثوان محمولة وممددة بجانبه وهو يشرف عليها ليميل يقبل وجنتها قبلات ناعمة رقيقة جعلت الفراشات الرقيقة ترفرف داخل معدتها وأشعلت جسدها بالكامل قالت بهمس، تحاول أن تتمسك بآخر ذرة وعى لديها:
سليم، مش هينفع، ممكن حد يدخل علينا

همس بجانب أذنيها قائلا:
مراتى وببوسها، ومحدش ليه عندى حاجة

ليعود ويمرر شفتيه ببطئ على طول عنقها مذيبا كل مقاومتها ومحركا كل أحاسيسها ليعود الى شفتيها آخذا اياها فى قبلة ملتهبة، بادلته اياها بشوق، وهى تضم رأسه اليها تتخلل شعره بأصابعها، وتثير كيانه بالكامل، لينهى قبلته واضعا جبهته على جبهتها، قائلا بهمس وبأنفاس متهدجة من تأثره بها:
أنا خلاص مش قادر أستحمل، نوران اتصرفى، خلينا نروح بيتنا

قبلته في خده قبله ناعمة رقيقة مثلها تماما وهي تهمس قائلة:
طلباتك أوامر ياسليم، بس ده محتاج مني اني أقوم ياحبيبي عشان أنفذ أوامرك
ابتسم بحنان وهو يبتعد عنها ليترك لها المساحة كي تنهض قائلة في خجل:
دقايق وهنكون ف بيتنا، ثواني هظبط كل حاجة وآجي أخدك

اعتلي ثغره ابتسامة عذبة تعشقها وهو يقول بحب:
متتأخريش عليه
بادلته ابتسامته قائلة:
مش هتأخر
لتستدير مغادرة الحجرة بهدوء ليغلق هو عينيه مجدا وهو يضع يده عليهما وقد ظهرت ملامح الألم علي وجهه

كان زين يقف خارج منزل سليم يستند الي سيارته حين رأى سليم يقترب منه ليسرع زين اليه يأخذ بيده الي السيارة ويفتح بابها الخلفي له ويجلسه داخلها بهدوء ليقول سليم بتساؤل:
الشنط تمام يازين؟

أوما زين برأسه قائلا:
كله تمام ياسليم، متقلقش، بس تعرف أنا مبسوط أوي انك قررت تيجي معايا...
ليبتسم بخبث قائلا:
شوف سبحان الله ياأخي بترجاك من أد ايه تيجي معايا، وانت كنت بترفض لكن أول ما نوران قالتلك وافقت علطول، بركاتك يانوران

قال سليم في حزم مصطنع:
خليك في حالك يازين
قال زين:
ماانا في حالي أهو وأنا جيت جنبك
عقد سليم حاجبيه قائلا فى تساؤل:
هى البنات اتأخرت ليه؟

جاء دور زين ليعقد حاجبيه فى حيرة قائلا:
بنات؟ ؟
ليستمع لصوت نوران يقول برقة:
احنا جينا خلاص

التفت زين ليفاجئ بنوران تقف الى جوارها من أراد الهروب منها، من ملكت عقله وشغلت قلبه، بدور، نظر بصدمة اليها لتنظر اليه بدهشة تتعجب من نظراته المصدومة، ليفيق من صدمته على صوت سليم الحائر وهو يقول:
فيه ايه، مالكم؟

تنحنح زين قائلا وهو يشيح بنظراته عنها:
مفيش حاجة ياسليم
ثم وجه حديثه الى نوران قائلا:
اتفضلوا اركبوا

اتجه زين الى مكانه خلف مقود السيارة، لتركب نوران بجوار سليم بينما فوجئ ببدور تفتح الباب بجانبه وتركب بجواره قائلة لنوران برقة أذابته:
أنا هقعد أدام يانوران، كدة اريح

ألقى نظرة سريعة عليها ليدرك أنها لاتبحث عن الراحة وانما تخجل من الجلوس بجوار سليم ونوران لتتركهما بحريتهما، وتخجل أيضا من الجلوس بجواره ولكنها اختارت أن تترك الزوجين على راحتهما، أشاح بنظراته عنها، وهو ينظر أمامه يقاوم رغبة هائلة فى أخذها بين أحضانه ليركز فى الطريق وهو يستغفر ربه، يدعو الله أن تنتهى تلك الرحلة سريعا، سريعا جدا..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة