قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

اقترب شهاب من ضحى التى كانت تحتضن طفلها تيم بخوف، تنزل دموعها بصمت، وهى تتمسك بطفلها، حتى أن تيم أحس بخوفها وتوترها فبكى بدوره، حاول شهاب أن يأخذ تيم من بين ذراعيها لتتمسك به بخوف دون وعى لينظر شهاب الى عينيها قائلا بحنان:
ضحى بصيلى..

نظرت اليه بأعين ذائغة ليقول شهاب بحزم:
ضحى، قلتلك بصيلى
استقرت نظرات ضحى على عينيه ليرفع يده يلمس خدها برقة قائلا:
ضحى، بدور كويسة وبخير والله

نظرت الى عينيه تود لو تصدق كلماته ولكنها لم تستطع، وازدادت تمسكا بطفلها، ليزداد بكاء الطفل ليربت شهاب على رأسه بحنان، ثم يعود بنظراته الى ضحى قائلا:
ضحى مينفعش اللى انتى فيه ده، تيم حاسس بيكى وده غلط عليه، اهدى ياحبيبتى عشان خاطر تيم

نظرت ضحى الى تيم لتدرك لأول مرة تمسكها العصبى به وتأثير حالتها النفسية عليه لتربت على ظهره بحنان وهى تقبل رأسه، ليمد شهاب يده اليها قائلا:
هاتيه ياضحى

منحته ضحى اياه ليحمله بذراع واحدة بحنان ثم يمد ذراعه الحرة اليها لتسرع وترتمى فى حضنه يضمها بذراعه، قائلا بحنان:
لازم تبقى قوية ياضحى علشان الكل، عشان خاطر تيم ونوران، وعشانى، انا محتاج أركز عشان أدور على بدور، ومش هعرف ادور عليها وأنا قلقان عليكى

خرجت من حضنه وهى تمد يدها لتمسح دموعها قائلة:
خلاص ياشهاب، متقلقش، روح انت ياحبيبى دور على بدور وأنا خلاص فقت ورجعت ضحى حبيبتك القوية، أنا هسيب تيم للدادة وهروح لنوران، انا عارفة حالتها دلوقتى عاملة ازاى، بس عشان خاطرى، اوصلوا لبدور فى أسرع وقت، أنا عارفة ان الندل جوزها ورا اختفائها الغريب ده وخايفة يعمل فيها حاجة

ربت على وجنتها قائلا:
هى دى حبيبتى ضحى، ومتقلقيش، هنلاقيها قبل ما يلمس شعرة منها..
نظرت الى عينيه قائلة:
ده وعد ياشهاب
بادلها نظرتها الراجية بنظرة حازمة وهو يقول مؤكدا على كل حرف:
ده وعد شهاب لضحاه

ابتسمت وقد اطمأن قلبها وهى تأخذ تيم من يده ليستدير مغادرا بعد أن قبل تيم برأسه وقبل ضحى فى وجنتها، لتضم ضحى تيم فى قوة ثم تتجه الى حجرة الدادة لتستطيع ان تكون الى جوار نوران، فكليهما فى ذلك الوقت يحتاج الآخر وبشدة

كان سليم يقف بعصبية يتناهى الى مسامعه شهقات نوران القوية، يقف عاجزا عن ايقاف دموعها او احتواء أحزانها فما ان رأت نوران ضحى حتى ارتمت فى حضنها تبكى فى لوعة صديقتها التى لا يعلم أحد حتى الآن مصيرها، زفر بقوة وهو يفرك وجهه بيده، فلم يعد قادرا على احتمال دموعها، يشعر بقلبه يتمزق، تتهاوى كل أركان جسده حزنا عليها، ليسرع بخطواته تجاه صوتها، ينتزعها من بين ذراعى ضحى انتزاعا ويضمها الى صدره يعتصرها بين يديه..،

يظهر ألمها منعكسا على وجهه، لتشعر ضحى بضرورة تركهما وحدهما فربما استطاع سليم بعشقه وقلقه الذى ظهر جليا عليه أن يهدئ نوران ويحتوى أحزانها، لتنسحب بهدوء، ودون أن يشعر بها أحدهما، دفنت نوران وجهها فى تجويف عنقه، تحاول أن تهدئ من شهقاتها وهى تشم رائحته التى تبعث الطمأنينة الى قلبها، بينما يمرر هو يده على ظهرها بحنان، يلفهما صمت لا يحتاج الى كلمات، حتى هدأت شهقاتها بالفعل وهدأت أنفاسها رويدا رويدا، لتتوقف دموعها وهى تتنهد ببطئ، ليهمس فى أذنها قائلا:
هديتى؟

دفنت وجهها أكثر فى تجويف عنقه، لينتظر ثوان أخرى، حتى هدأت تماما، ليخرجها من حضنه دون أن يخرجها من محيط ذراعيه، يصعد بيده على طول ذراعها حتى وصل بيديه الى وجهها ليحيطه بحنان، يمسح دموعها بابهاميه قائلا:
دموعك دى غالية أوى، أنا عارف انها خوف على صاحبتك، بس نزولها من عنيكى بيوجعنى

قالت بحزن:
أنا..
قاطعها قائلا:
عارف والله انه غصب عنك، بس وحياة دموعك الغاليين دوول ما هنهدى ولا هنام قبل ما نرجع بدور
رفعت يديها تحيط بيده المستكينة على وجهها قائلة:
مش عارفة من غيرك ياسليم، كنت هعمل ايه؟
ابتسم قائلا:
كنت هتعملى محشى

ابتسمت رغما عنها ليستطرد بحنان وهو يلمس شفتيها قائلا:
أيوة كدة، ابتسمى، خلى وشك ينور
كادت أن تقول شيئا، لولا سماعهم لطرقات على الباب وصوت ضحى يستأذن بالدخول ليدركا لأول مرة أن ضحى غادرت الحجرة لتقول نوران بخجل:
ادخلى ياضحى
دلفت ضحى الى الداخل قائلة بلهفة:
شهاب اتصل، لقوا حاجة فى الكاميرات، تعالوا بسرعة
ليسرعا خلفها وداخلهم جميعا ينمو الأمل فى إيجاد بدور بسرعة قبل أن يلحق بها نزار أى أذى

مسحت بدور ذلك الخيط الرفيع من الدم والذى تساقط من شفتيها بعد صفعة نزار القوية لها لتقول بسخرية:
تعرف انك كل شوية بتأكدلى انك كنت أكبر غلطة بحياتى يانزار وانك مش بس جبان وندل، لأ حقير كمان زى ما قلت بنفسك

أمسك نزار شعرها بقوة حتى كاد ان ينزعه من جذوره لتطلق بدور آهة قوية وهو يقول:
انتى ايه، مش عايزة تسمعى الكلام ليه، قلتلك اخرسى واتقى شرى، بس انتى مصممة تخرجى أسوأ ما فية، بلاش يابدور، بلاش تستفزينى أكتر من كدة، انتى الخسرانة فى النهاية
قالت فى مرارة:
هخسر ايه أكتر ما خسرت، أهلى وخسرتهم، عمرى وخسرته، حتى ابنى خسرته، مفضلش غير حياتى، لو انت فيها يانزار، ميهمنيش، أخسرها هى كمان

ظهر الحزن على وجهه وهو يقول تاركا شعرها:
للدرجة دى يابدور بقيتى بتكرهينى؟
نظرت اليه بكره قائلة:
على أد ما حبيتك يانزار على أد ما كرهتك، بقت أمنية حياتى دلوقتى انى أبعد عنك وأنساك، طلقنى يانزار، طلقنى بقى وارحمنى
جلس على كرسى وقد تهدلت كتفاه قائلا:
بس أنا لسة بحبك ومش هقدر أبعد عنك ولا أنساكى

قالت بدور بغضب:
انت عمرك ما حبيت غير نفسك، عمرك يانزار ما حبيتنى، يمكن حبيت حبى ليك، واللى كان مخلينى زى اللعبة فى ايديك، بس اللعبة دى اتكسرت خلاص، طلقنى يانزار لإنى مستحيل هرجع ليك ولو فيها موتى
نظر اليها نظرة طويلة ليقول بعدها بيأس:
ده قرارك الأخير؟

قالت فى صرامة:
أيوة ده قرارى الأخير ومش هرجع فيه أبدا
ألقى عليها نظرة طويلة أخرى، ليتجه الى باب المنزل بجمود لينتابها القلق قائلة:
رايح فين يانزار وسايبنى؟
التفت اليها بعيون جامدة النظرات، فقدت معنى الحياة قائلا فى برود:
هعمل اللى انتى عايزاه يابدور

قالت بدور بقلق:
هتعمل ايه يانزار؟
لم يجيبها والتفت مغادرا المنزل بهدوء لتصرخ بدور منادية بإسمه مرارا وتكرارا،، .دون مجيب

قال شهاب لزين:
عيد المشهد ده تانى يازين

أعاد زين المشهد مرة أخرى ليقول شهاب وهو يشير الى الشاشة:
دى عربية نزار وواضح انه كان مراقب بدور من فترة، وأول ما طلعت أخدها بالقوة، وطبعا محدش حس بيهم لأن المكان كان مطرف ومفيهوش حد فى الوقت ده
قالت ضحى بقلق:
طب وداها فين بس؟

قال زين وهو يجز على أسنانه غضبا:
برة القرية، لأن الكاميرات مسجلة خروج العربية من القرية بس أكيد مبعدوش كتير لأن الكمين اللى بعد القرية مسجلش مرور عربية بالرقم ده، يعنى هو فى مكان مابين القرية والكمين، والطريق ده مفيهوش غير شوية بيوت، بنحصرهم دلوقتى وهنتحرك علطول، أهم حاجة دلوقتى ان نوران وضحى يستنوا فى الاوضة وميخرجوش منها مهما حصل، وهتفضل معاهم ياسليم لغاية...

قاطعه سليم قائلا فى حزم:
أنا جاى معاكم، أنا عارف المنطقة دى كويس، تقدرو تقولوا حافظها وأقدر أوصفهالكم، ده غير انى تقريبا عارف البيت اللى ممكن يكون أخدها ليه، هو بيت مهجور من زمان ومحدش عايش فيه، أكيد أخدها للبيت ده

قال شهاب:
بس ياسليم،
قاطعه سليم قائلا فى صرامة:
قلت أنا جاى معاكم
نظر شهاب الى زين ليهز زين كتفيه يعلن استسلامه لقرار سليم فهو يعلم كم هو عنيد ومن الصعب أن يتراجع عن قراره ليومئ شهاب برأسه قائلا:
تمام، يلا بينا

ليخرج زين يتبعه شهاب الذى تبادل مع زوجته نظرة يطمئنها فيها عليه، لتهز رأسها تمنحه مباركتها ودعواتها برجوعه سالما، كاد سليم أن يغادر بدوره لولا أن أوقفته لمسة يد نوران التى مالت عليه هامسة:
خلى بالك من نفسك وارجعلى ياسليم

ليميل على أذنها هامسا:
متقلقيش ياحبيبتى، هرجعلك
ربت على يدها بحنان ثم غادر تتبعه عيناها لتقف ضحى بجوارها وتحيطها بذراعها لتميل نوران على كتفها ودموعهما تنزل بصمت، يبتهلان الى الله أن يعود الجميع بخير وأن يمر ذلك اليوم دون خسارة

كانت بدور تجلس في مكانها تحاول بصعوبة فك قيودها دون جدوي لتشم رائحة غريبة تشبه رائحة الكيروسين لتتسع عينيها بصدمة حين رأت نزار يدلف الي المنزل وبيده علبة كبيرة تفوح منها تلك الرائحة ينظر لها بجمود، ليدق قلبها خوفا وهى تفكر برعب فى احتمالات كثيرة تدافعت الى عقلها فى تلك اللحظة لتقول فى قلق:
نزار..

لم يجيبها لتنظر الى تلك العلبة ثم تعود بنظراتها اليه، لتحاول تمالك أعصابها التى على وشك الانهيار وهى تقول بهدوء:
نزار ايه اللى فى ايدك ده، انت، هتعمل ايه؟
نظر اليها وهو يجيب بنبرة لا حياة فيها:
مش انتى اللى قلتى انك مستحيل ترجعيلى، حتى لو فيها موتك، أنا بعملك اللى انتى عايزاه يابدور
قالت فى صدمة:
هتموتنى يانزار؟ ؟

زاغت عيناه لتدرك بدور أنه ليس فى حالته الطبيعية، ربما يكون مخمورا، أو ربما أصابه الجنون، ليسقط قلبها عند قدميها تماما وهو يقترب منها قائلا:
متخافيش ياحبيبتى مش هتموتى لوحدك، أنا كمان هموت معاكى، ما هو يا نعيش سوا يا نموت سوا وانتى اخترتى الموت يابدور، على فكرة الموت حاجة سهلة اوى مش صعبة زى ما انتى فاكرة، ودى مش هتكون أول مرة أقتل فيها، متخافيش، مش هتحسى بحاجة خالص..

اتسعت عينيها بصدمة من كلماته التى تبث الرعب فى أوصالها لتقول:
انت بتقول ايه؟ قصدك ايه يانزار؟

اقترب منها يهمس وكأنه سر خطير:
تعرفى مين اللى بعتلك الفيديو اللى دمر حياتنا، ممدوح صاحبى، لأ هو مش صاحبى، الصاحب ميغدرش، تصدقى الكلب كان طمعان فيكى، بس انا مسبتوش، روحتله البيت وهددته بالسلاح لغاية ما اعترف وخليته جاب البت اياها وبعدين ربطتهم، ربطتهم ودبحتهم، دبحتهم زى ما دبحونى يابدور، خلصت منهم وانتقمت لينا ياحبيبتى، وبعد كل اللى عملته علشان نرجع لبعض،

برده مرضيتيش ترجعيلى، وانا مقدرش اعيش من غيرك يابدور، فخلاص مادام كدة كدة ميت، يبقى نموت مع بعض، ما هو انتى مينفعش تكونى لغيرى، مينفعش يابدور
أنا عايزك بس تسامحينى، أنا عارف انى غلط كتير فى حقك وعذبتك معايا، بس أهلى وأهلك السبب، هما اللى حسسونى دايما انى أقل منك وانى مستاهلش واحدة فى برائتك، وأخلاقك، لغاية ما صدقتهم، كنت بشرب عشان أنسى انى كل ما اقرب منك بحس أد ايه انتى بريئة وأد ايه أنا قذر، أنا مكنتش وحش أوى، هم اللى خلونى وحش، أنا صحيح كنت بخونك بس كان بيقتلنى الذنب بعدها، حاولت كتير أبطل بس للأسف كل حاجة بقت فى دمى، سامحينى يابدور، سامحينى..

قالت بدور فى توسل، تنهمر دموعها حزنا ورعبا:
ابوس ايدك يانزار، اعقل، متبقاش مجنون، متضيعش نفسك وتضيعنى
نظر اليها قائلا فى مرارة:
أنا ضعت خلاص يابدور، وحتى لو شايفانى مجنون، وايه يعنى؟، طول عمركوا بتحسدوا ليلى على مجنونها، بكرة يحسدوكى انتى كمان على مجنونك يابدور

ليبتعد وهو يسكب محتويات تلك العلبة بيديه وسط صرخات بدور التى تطالبه بالتوقف عما يفعله، ألقى العلبة أرضا ليمسك بعلبة الثقاب ويخرج احدى عيدانها وهو يتراجع قائلا:
الوداع يابدور، الوداع ياحبيبتى

أشعل عود الثقاب وألقاه، لتشتعل النيران ويستمر نزاربالتراجع حتى تعثر، ليسقط وترتطم رأسه بحافة الطاولة بقوة ليقع ارضا فاقدا للوعى، تاركا اياها تصرخ بفزع، تحاول الفكاك من قيودها التى تلصقها بكرسيها الثقيل، دون جدوى، لتنظر الى تلك النيران التى تقترب منها وتستسلم الى مصيرها الذى أصبحت تراه على قيد أمتار صغيرة منها، تشعر بقرب نهايتها لتغمض عينيها وتستسلم لقدرها فى خوف وصمت قاتل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة