قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

طال الصمت بين سليم ونوران بعد سماعه لقصتها كاملة، استرقت نوران النظرات الى ملامحه الجامدة لتدرك أنه لم يصدقها، لتظهر خيبة الأمل على وجهها وتدرك أنها النهاية لقصة حبها لتقطع هى الصمت وهى تنهض وقد تهدلت كتفاها قائلة فى حزن:
أنا هقوم ألم حاجتى وهمشى علطول، وآسفة لو كنت كدبت عليك، بس أنا كان لية أسبابى حتى لو انت شفتها سخيفة ومتستهلش فهى بالنسبة لى مش كدة، عن اذنك..

التفتت لتحضر أشيائها لتتوقف عند سماعها اسمها ينطقه سليم لأول مرة منذ أن عرفته قائلا فى هدوء:
نوران
اغمضت عينيها تستعذب حروف اسمها من بين شفتيه ثم فتحتهما وهى تلتفت اليه ببطئ، نهض بدوره ليقترب منها بهدوء حتى وقف أمامها قائلا:
هسألك ولازم تجاوبينى بصراحة، ممكن؟

أومأت برأسها ايجابا، لتتذكر انه لا يراها لتقول بصوتها الرقيق:
أكيد، اتفضل
خلع نظارته لتظهر عينيه العسليتين والتى تعشق النظر اليهما وهو يقول بهدوء:
ليه كنت بتكلمينى باسم نور وصورتها، ليه مقولتليش انك نوران مش نور ساعتها، ليه انتحلتى اسم وصورة مش ليكى يانوران؟ ؟

نكست رأسها قائلة:
مع الأسف كانت غلطة كبيرة منى، الموضوع كان من البداية بيتلخص فى كلمتين، قلة ثقة، مش فيك، لأ، فى نفسى، نور طول عمرها كانت بتقولى أد ايه هى أجمل منى، وأد ايه انا لوكال فى لبسى وبتتحرج تعرف صحابها علية لغاية ما فعلا صدقتها وثقتى بنفسى كل يوم كانت بتقل، ولما حبيت أدخل عالم الفيس بوك، دخلت باسمها وصورتها..،

لإيمانى بإنها طبعا أحلى منى ويمكن بصورتها يبقالى صحاب زيها وأنا كنت لساعتها منطوية اوى على نفسى ومليش صاحبات، وفعلا، الفكرة نجحت، وبدأ يكون لية صحاب، وبدأت احس انى محبوبة ومعروفة لإنى ورا الشاشة بكون على طبيعتى أكتر، مع الأسف غلطتى انى مكنش عندى الثقة انى أدخل باسمى أو صورتى، يمكن مكنش حصل معانا كل ده، بعد فترة كبيرة اتعرفت عليك فى جروب مثقفين ولكن، وعجبتنى شخصيتك وتفكيرك، وبدأت اتكلم معاك ولما علاقتنا اتطورت..،

فكرت أعترفلك بس خفت لو شفت صورتى تقارن بينى وبينها، وفى الآخر معجبكش، وكل ما الأيام تعدى كنت بخاف أكتر وأكتر تكتشف انى مش هى، وخصوصا انك كنت كتير بتتكلم عن جمال عينيها وانت فاكر انك بتوصف عيونى أنا، ولما طلبت تقابلنى، غلط أكبر غلطة فى حياتى لما آمنتلها وبعتهالك عشان تحكيلك على كل حاجة كان نفسى أقولهالك ومقدرتش..

لو مكنتش جبانة، ومعنديش ثقة بنفسى، كنت جيتلك بنفسى وقلتلك الحقيقة، واتقبلت رد فعلك عليها، أيا كان، بس مع الأسف سلمت أمرى لنور اللى استغلت الفرصة واستغلت جمالها ومتنكرش ان جمالها يسحر اى راجل يشوفها، ما بالك بانسان معجب بيها أصلا، وبكدة اتحول حلمى لكابوس ياسليم وانت عارف الباقى..

صمتت لترى رد فعله على تصريحها بتأثره بجمال نور ليصمت سليم بدوره، وتدرك بمرارة أنها على حق...
قطع أفكارها صوته الهادئ وهو يقول:
طب ايه رأيك نحول حلمك لحقيقة؟
عقدت حاجبيها فى حيرة قائلة:
تقصد ايه ياسليم؟

ظهرت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يقول:
يعنى تتجوزينى يانوران
نظرت اليه بصدمة لاتصدق أذنيها، أيطلب منها سليم الزواج، أم أنها تعيش احدى أحلامها؟ أحقا ستنال ما تمنته دوما أم انها فقط تتوهم تلك الكلمات التى تناهت الى مسامعها، انها حقا لا تدرى، لا تدرى..

نظر ممدوح الى نجاة فى برود، تلك الفتاة التى قضى نزار معها ليلته البارحة، ليقول وهو يؤكد على كلماته:
متأكدة انك صورتى كل حاجة يانجاة؟
ابتسمت نجاة قائلة فى حبور:
متأكدة ياممدوح بيه، كل حاجة صورتها فى الموبايل زى ما قلتلى ونزلتها على الفلاشة دى كمان، شغل ايه، عال والله، حاجة كدة زى الفل
قال ممدوح بسخرية:
انتى هتقوليلى

تجاهلت نجاة سخريته وهى تقول بقلق:
بس قولى ياسى ممدوح، انتى متأكد ان الراجل ده مش هيعرف ان انا اللى عملت كدة، ده راجل شرانى ولو عرف هيموتنى، أنا لسة ايده معلمة على وشى لما جبت سيرة مراته، لما هو بيحبها اوى كدة يااخويا، كان بيتنيل يخونها ليه؟

قال ممدوح بصرامة:
ملكيش دعوة يانجاة وخليكى فى حالك، بس اطمنى هو مش هيعرف حاجة، مراته غلبانة اوى وعلى نياتها ومعتقدش انها ممكن توريه الفيديو.
هزت كتفيها قائلة:
والله الرجل ده حكايته حكاية، اللى يشوفه وهو بيخونها معايا، او لما ضربنى عشانها، ميشوفوش وهو بيعيط زى الأطفال الصغيرة و بيترجى بدور تسامحه فى احلامه، هى مراته اسمها بدور ياأخويا؟

قال ممدوح بملل:
أيوة يانجاة، مراته اسمها بدور.
قالت فى فضول:
ودى شكلها ايه ياأخويا؟
استحضر ممدوح صورتها ليقول فى شرود:
الرقة متجمعة كلها فى واحدة، حاجة كدة زى البسكوتة، تتاكل أكل

ليفيق من شروده مستطردا بحقد:
خسارة فى اللى خلفوه بس نعمل ايه، النصيب بقى.
ابتسمت نجاة بسخرية قائلة:
ما انت هتقطع النصيب ياسى ممدوح، تصدق شكل بدور دى داخلة مزاجك، والمصلحة كبيرة أوى

اعتدل ممدوح قائلا فى صرامة:
خليكى فى حالك يانجاة أحسنلك.
هزت نجاة رأسها قائلة:
وماله ياممدوح بيه أهم حاجة بس تدينى فلوسى عشان أمشى وأغور من وشكم خالص

منحها ممدوح مبلغا من المال لتنظر اليه بسعادة وهى تأخذه منه ثم تنهض قائلة:
سلام ياممدوح بيه، ولو عوزتنى فى مصلحة تانى ياريت متبعتليش.
لتغادر بسرعة قائلة لنفسها:
انا صحيح ست شمال بس مخونش صاحبتى، جتكم الأرف ياولاد الذوات، ذوات الأربع

تابعها ممدوح بنظرات غاضبة، لينظر الى الفلاشة فى يده وتتغير نظراته الغاضبة الى نظرات الفوز وهو يشعر بقرب انتصاره فى تلك المعركة الصغيرة والتى أقسم فيها أن يهدم حياة نزار ويزيحه من طريقه ليصل الى جميلته بدور ورغم أنها لم تكن فى مخططه عندما بدأ يفكر فى تدمير حياة نزار الا أنه وجدها فكرة لا بأس بها، فليضرب عصفورين بحجر، يطلقها من نزار ويدمر حياته، وتكون هى ضعيفة لتصبح تحت أمره، ربما ينتهى بهما الأمر سويا فى سريره او حتى لو اضطر سيتزوجها، المهم، أن ينالها مهما كان الثمن.

قالت نوران بصدمة:
انت بجد عايز تتجوزنى؟
أومأ برأسه بهدوء، لتستطرد قائلة بفرحة ظهرت فى صوتها:
انا مش قادرة أصدق

قال بسخرية:
ليه بس يانوران، مش دى كانت خطتك؟
عقدت حاجبيها قائلة فى حيرة:
خطتى؟
أومأ برأسه قائلا:
أمال استحملتى كل ده ليه، مش عشان فى الآخر اتجوزك ولا كنا هنقضيها حب وخلاص؟

أحست بقلبها يتمزق، ان سليم يسخر منها ومن مشاعرها، بعد كل ما قالته له، يظن انها سعت وراءه فقط من أجل الزواج منه، أو ربما من أجل ماله، لتلعن ذلك الحب الذى أهانها واوصلها الى تلك النقطة، رفعت عينيها اليه قائلة فى كبرياء:
أنا لما حبيتك مفكرتش نهاية حبى ليك هيكون شكلها ايه، كل اللى فكرت فيه انى اكون جنبك وبس...
لتنزل دموعها رغما عنها وهى تستطرد قائلا:
انت ليه مصمم تهين مشاعرى، ليه مش قادر تصدقنى، ليه محسسنى ان جوازنا هيكون احسان منك؟

قال سليم فى سخرية مريرة:
وليه متقوليش ان احساسك ناحيتى هو اللى احسان منك علية، ليه عايزانى أصدق انك فعلا حبتينى، مش يمكن كنتى بتتسلى بية وتكونى متفقة مع بنت عمتك، مش يمكن لما اتعميت حسيتى بالذنب وحبيتى تكفرى عنه بإنك تربطى حياتك بواحد أعمى، مش يمكن أكون بالنسبة لك حالة حابة تعطفى عليها أو...
قالت نوران بمرارة:
اسكت ياسليم، اسكت.

لتهز رأسها نفيا وهى تقول من وسط دموعها:
انت مش ممكن تكون سليم اللى انا حبيته، انت واحد تانى معرفوش، اخرج برة اوضتى، اطلع برة
نظر اليها سليم قائلا ببرود:
وإجابة سؤالى؟
قالت بانهيار:
مستحيل أتجوزك ولو كنت آخر راجل فى الكون ده كله، مستحيل هقبل بيك، اطلع برة، بررررة

أحست بأنها رأت شبح ابتسامة على شفتيه لتمسح دموعها وتنظر اليه مجددا لترى ملامحه غامضة لا تعكس أى شئ ولا أثر لتلك الابتسامة، ليلتفت مغادرا بهدوء تاركا خلفه عاصفة من الدموع لتجلس نوران على السرير لا تصدق ما آل اليه هذا اليوم الذى بدأ جميلا ينبأ ببداية جديدة سعيدة، لينتهى نهاية مأساوية مدمرا قصة حب عاشت سنوات تنتظر نهايتها السعيدة..

اقترب تيم من ضحى قائلا فى براءة:
بابا، بااباا

احتضنت ضحى طفلها فى حنان وهى تغمض عينيها تشعر بالألم، ياالله كم تفتقده، رأتها بدور، وشعرت بحزنها، ولا تدرى لما شعرت بدور بالخوف لتلمس بطنها بقلق تتحسسها، تشعر بالحيرة، لا تدرى ما الذى يجب عليها فعله، أتترك نزار وتجعل طفلها يعيش دون أب، يفتقد حنانه واهتمامه أم تكمل معه ويصبح لابنها أب يحبه ويهتم به، ولكن تصبح هى تعيسة، تعيش مضطرة لتحمل ذلك الأب، أفاقت على صوت ضحى وهى تقول:
بدور

التفتت اليها بدور قائلة:
أيوة ياضحى..
تركت ضحى طفلها ليلعب بألعابه وهى تقترب من بدور قائلة:
انتى كويسة يابدور؟ حاسة بتعب؟

ربتت بدور بيدها على يد ضحى قائلة:
أنا كويسة ياضحى متقلقيش
قالت ضحى بقلق:
لأ يابدور انتى مش كويسة، وشك لونه مخطوف، وصوتك مش عاجبنى، اوعى تكونى تعبانة ومخبية عنى؟ ؟

قالت بدور بحزن:
أوقات بيكون التعب النفسى أكبر بكتير من التعب الجسدى ياضحى، أنا قلقانة ومحتارة ومش عارفة أفكر ولا عارفة آخد قرار..
نظرت ضحى اليها متفحصة ملامحها قائلة:
نزار مش كدة؟
أومات بدور برأسها قائلة:
محتارة اكمل معاه عشان خاطر البيبى اللى فى بطنى، ولا انفصل عنه برده عشانه، خايفة اكمل معاه أندم، وخايفة أفارقه برده أندم

قالت ضحى بحيرة:
مش عارفة يابدور، خايفة أقولك كملى متعيشيش سعيدة معاه وخايفة اقولك تنفصلى وانا عارفة انك بتحبيه وهيبقى صعب عليكى الانفصال يابدور،، أنا كنت فاكرة انى أعرف كل حاجة، طلعت معرفش اى حاجة، وقرارات حياتى كلها طلعت غلط، ومبقتش قادرة أنصح نفسى عشان أفكر أنصح غيرى

نظرت اليها بدور قائلة:
ندمانة ياضحى؟ ؟

ابتسمت ضحى فى مرارة قائلة:
ندمانة بشكل مش قادرة اوصفه، ياريتنى حافظت على بيتى، ياريتنى أخدت بالى من جوزى، مكنتش وصلته للخيانة يابدور، شهاب ذنبه فى رقابتى، ورغم انى عارفة انى غلطتى اكبر من غلطته بس مش قادرة أغفرله ولا قادرة أسامحه، وكمان مش قادرة أبعد عنه، ده حب عمرى يابدور، اتربيت على ايده، أنا تعبانة اوى، تعبانة أوى يابدور

لتبكى بشدة وتأخذها بدور فى أحضانها ليبكى كليهما سويا، وكل منهما يتمزق قلبه، حزنا وألما، فكليهما أخطأ وكليهما يدفع الآن ثمن أخطائه وبشدة

ألقى زين نظرة أخيرة على تلك الشقة التى كانت موطنا لذكرياته مع علياء، تأملها بحزن وهو يرى طيف محبوبته فى كل مكان حوله، ابتسم يتذكر شقاوتها، هدوءها، ضحكتها العذبة، ليغمض عينيه ويشعر بها حوله، تودعه الوداع الأخير، فتح عينيه مجددا ليقول بهمس:

سامحينى ياعلياء، لازم أمشى، لازم أنسى، قلبى تعب من الحنين، وحشتينى بجد، وحشتنى ضحكتك، ووحشنى حضنك، بس لازم اوفى بوعدى ليكى وأبدأ حياتى من جديد، هتفضلى فى قلبى ذكرى حلوة لأرق وأجمل انسانة عرفتها، الوداع ياعلياء، الوداع ياحبيبتى

لتنزل من عينيه دمعة مد يده ومسحها بسرعة ليغلق الباب ويتجه الى شقته الجديدة، فربما استطاع نسيان الألم، ربما استطاع حقا البدء من جديد..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة