قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

ابتعدت بدور عن نزار تشيح بوجهها فى ضيق قائلة:
قلتلك ميت مرة متقربش منى وانت شارب يانزار، معدتى مبتتحملش الريحة دى
ترنح نزار وهو يقترب منها قائلا بلسان ثقيل وأعين راغبة:
ما أنا كمان قلتلك ميت مرة متبعديش عنى يابدور وانتى بردو بتبعدى

مد يديه يحيطها بها لتصبح بين ذراعيه، ثم رفع يده يتلمس وجنتها بشوق قائلا:
ايه يابدور، موحشتكيش ولا إيه؟
أشاحت بوجهها مجددا تبتعد عن رائحة أنفاسه المشبعة برائحة الخمر الكريهة وهى تقول:
لأ طبعا، أكيد وحشتنى، بس بجد مش قادرة أستحمل الريحة دى، بص، ادخل خد شاور وفوق، وبعدين تعالى نتكلم

جذبها من شعرها بقسوة فتأوهت بألم ورأسها يميل للخلف، ليقترب من شفتيها المنفرجتين، يهمس أمامهما قائلا:
مش قادر أبعد عنك ولو لثانية واحدة..
ليقبلها بعنف أدمى شفتيها، وهى تقاومه بضعف غير قادرة على ابعاده عنها لتستجمع شجاعتها وقوتها مرة واحدة وتدفعه عنها ليترنح بقوة ويكاد أن يسقط، أسرعت باسناده فى خوف ليدفعها قائلا فى غضب:
ابعدى عنى

ترقرقت الدموع فى عينيها وهى تقول بألم:
يانزار افهمنى أنا.
قاطعها قائلا فى حدة:
انتى الظاهر نسيتى نفسك ونسيتى أنا مين، أنا نزار العدوى، نزار اللى كنتى تتمنى نظرة واحدة منه، ولا نسيتى يابدور؟
أخفضت عينيها الما، قائلة:
منستش يانزار، منستش.

قال فى قسوة:
لأ نسيتى، و الظاهر انى دلعتك بزيادة، وده خلاكى تفتكرى ان قربى منك بأمرك او بمزاجك، لا ياحبيبتى فوقى، انا أقرب منك وقت ما أنا عايز، وأبعد عنك بردو وقت ما أنا عايز، ولو حبيت هتكونى لية وحالا، حتى لو انتى مش حابة، فاهمة ولا لأ؟
ابتلعت ريقها بخوف قائلة:
قصدك ايه يانزار؟

اقترب منها وعينيه تشتعلان من الغضب يترنح من آثار المشروب، حتى أمسك كتفيها بعنف، يتأمل ملامحها بشهوة ابتعد عنها كل أثر لنظرات الحب فى عينيه، لتشعر بدور بقلبها يدق برعب، وهو يقول:
يعنى هتكونى لية حالا، وهترضينى حتى لو غصب عنك، وهخليكى تندمى على اللحظة اللى زقتينى فيها، عشان مش نزار العدوى اللى واحدة ترفضه وهو عايزها يابدور

ظهر الرعب على وجهها لتقول بتوسل:
أبوس ايدك يانزار متقربش منى دلوقتى، مش وانت فى الحالة دى، متعملش حاجة ممكن مسامحكش عليها، صدقنى مش هسامحك، والله ماهسامحك، أنا استحملت غيرتك وعصبيتك وحتى اهانتك لية بس مش هقدر أستحمل اللى انت هتعمله فية وانت فى الحالة دى، غصب عنى، مش هقدر

شعرت بعينيه ترق لحالها وهو يقاوم شيطانا تلبسه فى تلك اللحظة ولكن ولرعبها عادت عيناه قاسية ليهزها بعنف حتى شعرت بأسنانها تتخبط فى بعضها وهو يقول بغضب:
كتر خيرك والله، استحملتى كتير، بس تعرفى مزاجى جايبنى أخليكى تستحملى أكتر، ما أنا أصلى شيطان العيلة وانتى ملاكه يابدور..
نزلت دموعها تقول فى رجاء:
بلاش يانزار، أبوس ايدك بلاش

حملها فجاة وهى ترفس بقدمها تود الهروب من مصير أسوأ من الموت، فلن ترضى بقربه منها فى تلك الحالة فعندما يشرب نزار يصبح شخصا آخر يلجأ للعنف، وقد ظلت علاقتهم هى الشئ الوحيد الذى لم يمسه عنفه، أدركت ما هو آت لتصرخ بإنهيار قائلة:
سيبنى يانزار، أبوس ايدك، فوق وسيبنى..

ألقاها على السرير بعنف لتحاول الهرب منه من الجهة الأخرى ليلحقها من الناحية الأخرى ويكبلها، ملقيا اياها على السرير مجددا، ومعتليا اياها، مكبلا قدميها بقدميه ومقيدا يديها بيديه، يقبلها بعنف، باجتياح، أشاحت بوجهها تبتعد عن قبلاته العنيفة والتى اجتاحتها، ليمسك كلتا يديها بيد واحدة وباليد الأخرى يمزق ثيابها، لتصرخ بقوة، ابتعد عنها بوجهه ليصفعها بقوة..،

نظرت اليه بصدمة وهى تتوقف عن البكاء تنظر اليه بجمود، وكأنها أصبحت جسدا بلا روح، لم يهتز فى جسده شعرة، مغيبا عن ألمها، يعميه ذلك المشروب الذى حرمه الله ليعود اليها ينهل من شفتيها، يقبلها ويقبلها، يمزق مشاعرها تمزيقا، وهى مستسلمة لا يصدر منها أى فعل يدل على أنها حية سوى دموعها التى عادت للنزول فى صمت، تنعى عشقها الذى مات الآن على يدى معشوقها، ولا امل لأن يعود مجددا للحياة

نظرت أريج الى شهاب الذى بدا شاردا ولا يستمع لأى كلمة تقولها على غير عادته، شعرت بأن هناك ما يضايقه، تساءلت فى فرحة خفية، أيكون سبب ضيقه، خلافا نشب بينه وبين زوجته، تلك الضحى، والتى لا تدرى لماذا تزوجها شهاب؟، لتترجم أفكارها على هيئة سؤال وهى تقول فى قلق مصطنع:
شهاب، انت مش معايا خالص، فيه حاجة مضايقاك؟

أفاق شهاب من شروده ليتأمل ملامح أريج الجميلة، ثم يتنهد قائلا بهدوء:
لا، أبدا، أنا كويس، كنتى بتقولى ايه؟
ابتسمت أريج وهى ترفع كل الأوراق التى أمامهما قائلة:
أنا بقول نأجل الكلام فى الشغل لغاية ما أعرف انت مالك، فيك ايه ياشهاب؟

تنهد مجددا وهو يقول:
قلتلك مفيش حاجة وياريت منأجلش الشغل، احنا محتاجين نكون محضرين كويس لل meating ده، مش عايزين أى غلطة..
ابتسمت قائلة:
متقلقش انا هظبط كل حاجة، ولا انت عندك شك فى قدراتى؟

ابتسم متأملا ملامحها الجميلة بذلك الشعر الاسود الطويل وتلك العيون السوداء الواسعة والتى تظللها رموش كثيفة، وذلك الفم المثير والذى تلون بلون أحمر قانى، سحره، خاصة وهى تمرر لسانها على شفتيها بحركة أثارت الدماء فى عروقه وزادت من دقات قلبه، ليستغفر الله فى سره وهو يشيح بوجهه قائلا بارتباك:
احم، لأ طبعا معنديش، بس معلش ياريت نراجع الورق مع بعض دلوقتى

ابتسمت بخبث وهى تدرك أنها بدأت تؤثر فى هذا الرجل الذى ظلت لسنتين تحوم حوله تسعى للتأثير عليه، دون جدوى ولكن يبدو أن تلك الغبية ضحى سهلت مهمتها وأن مخططها على وشك النجاح لتنال شهاب على طبق من ذهب، قالت وعينيها تلمعان:
وأنا تحت أمرك ياشهاب، أول بند لازم نأكد عليه هو...
لم يستمع اليها شهاب وهو يشرد مجددا فى شفتيها التى تمطها بنعومة أثناء حديثها، ليتوه فى سحرهما الذى يغرى قديس، يشعر بنفسه ينحدر نحو الخطيئة، يود الهرب بكل قوته، ولكن يبدو أنه لا هروب ولا مفر من قدره

تقدمت نوران بخطوات مترددة باتجاه سليم الجالس بهدوء فى الحديقة ينتظر قهوته كعادته كل يوم، لا تصدر عنه أى حركة وكأنه تمثال شمعى، أحست به يتحرك فى قلق مع تقدمها باتجاهه وكأنه شعر بها، لتبتلع ريقها بتوتر، وهى تتوقف مكانها، تخشى مواجهتها معه، فخلال اليومين الماضيين كانت كل مواجهاتها معه مأساوية، مليئة بالسخرية، والإهانة، لتهرب كل مرة الى حجرتها ودموعها على وجهها تنوى الهرب...،

الرجوع، والعودة من حيث أتت، وقد انتابها اليأس من أن يرق قلبه لها أو يلين معها، لتتراجع عن قرارها على الفور، عندما تمسك بمجلدها والذى يحمل ذكرياتها معه، كلماته التى كان يقولها لها، آرائه، كل ما قاله لها عندما كانا يتحدثان معا على موقع التواصل الاجتماعى والمعروف بالفيس بوك، تتأمل تلك الكلمات التى أنبأتها باعجابه بها، كم حملتها تلك الكلمات لآفاق بعيدة من السعادة، لتقرر أن تحاول مرة أخرى، فربما يلين، أو يمنحها الفرصة للقرب منه مجددا، كل ما تريده هو فرصة واحدة تقربها منه، تريه فيها كم تختلف عن نور، نور التى أحبها فجرحته، أفاقت على نبراته الحادة وهو يقول:
ايه هتفضلى واقفة تبصيلى كتير؟، ما تجيبى القهوة وتخلصينى..

أغمضت عينيها فى ألم لتفتحهما مجددا، وهى تأخذ نفسا عميقا، لتتقدم باتجاهه وتضع الصينية على الطاولة فى ارتباك، لتهتز الصينية منها ويقع فنجان القهوة وتنسكب محتوياته على يد سليم الذى انتفض متألما، لتصرخ نوران فى فزع وهى تهرع اليه تمسك يده المحترقة بلوعة لينزعها منها بقسوة قائلا بغضب:
الظاهر ان انتى كمان اتعميتى ومبقيتيش تشوفى أدامك

اغروقت عيناها بالدموع، وهى تقول بحزن:
آسفة، والله آسفة، مكنش قصدى
قال بحدة:
وهعمل ايه بأسفك ده؟
نظرت الى يده التى غزاها الاحمرار لتقول بخوف ظهر بنبراتها:
حقك علية، عاقبنى زى ما انت عايز بس من فضلك، خلينى أشوف ايدك واعالجها. أنا آخدة دورة تدريبية فى التمريض، متخافش منى

عقد حاجبيه وهو يشعر بالقلق والخوف فى صوتها، أحقا تخاف عليه كما توحى نبراتها، أم أنها مازالت تحيك تلك التمثيلية التى لا يعرف مغزاها أو هدفها، لا يعلم الى متى ستستمر فى تمثيلها؟، فهو يعلم ان نور لا تطيق الأعمال المنزلية ولا تستطيع أن تعيش دور الخادمة، لن تتحمل كثيرا هو واثق من ذلك تمام الثقة، بل انه مصدوم انها استطاعت التحمل يومان كاملان دون ان تسرع بالهروب والعودة الى حياتها السابقة..

نور، حقا تصيبه بالحيرة، فهى الى جانب عملها الشاق، تحملت اهاناته وغضبه الذى يصبه عليها كلما قابلها، لم يجد منها أى اعتراض او شكوى.بل انها دائما صامتة تتحمل بجلد، حتى انه كاد أن يقتنع بندمها حقا، لولا تلك السنة التى قضاها معها والتى جعلته يدرك كم هى أنانية، تختلف كلية عن نور التى أعجب بها من خلال حديثهما معا، لينفض أفكاره عن ذلك الاحتمال بندمها، ينتظر بصبر معرفة هدفها من أفعالها المناقضة لشخصيتها التى عرفها جيدا، أفاق على صوتها تقول بنبرة مخنوقة بالدموع:
لو سمحت، سيبنى أعالج ايديك..

أومأ برأسه بهدوء لتسرع هى بلهفة الى المنزل وتحضر صندوق الاسعافات الأولية خاصتها ثم تهرول عائدة إليه، تجلس أمامه بارتباك وهى تفتح الصندوق وتأخذ أدواتها من القطن والمطهر ومرهم الحروق والشاش، لتمد يدها وتمسك يده بحذر، أحست برعشة يده داخل يدها ليدق قلبها بعنف، نظرت الى ملامح المشدودة، وراته يجز عل أسنانه لا تدرى ألما أم أنه شعور آخر سيطر عليه..،

لا تدرى حقا فملامحه غامضة تشعرها بأن سليم قد أصبح شخصا آخر غير الذى أحبته، او ربما يخفى سليم الذى عشقته بداخله، يبعده عن الألم، لا تدرى أتبتعد ام تحاول إخراج سليمها القديم من بين طيات قلب أصابته الجروح فغلف نفسه بالقسوة يحمى به دقاته، أفاقت على صوته يقول ببرود:
مش هتفضلى طول اليوم قاعدة تبصيلى، ياتتحركى ياتسيبينى أتصرف..

تنحنحت قائلة فى خجل:
احم، أنا آسفة

ثم ركزت على يده وهى تميل عليها تطهرها وتضع عليها المرهم ثم تلفها بالشاش، غافلة عن ذلك الذى تنفس رحيق شعرها بعمق، انها رائحة الزهور، تماما كعطرها الذى تستعمله، والذى أثار حيرته منذ اليوم الأول لرؤيته اياها مجددا، يتعجب من تلك الرائحة الرقيقة والتى تنبعث منها دائما، يتساءل فى حيرة، هل غيرت عطرها؟

لو فعلت، لكان ذلك أفضل لها، فذلك العطر بالتأكيد أفضل الف مرة من عطرها القديم نفاذ الرائحة، شعر بازدياد دقات قلبه من قربها الشديد منه، من لمسة يدها ليده والتى أشعلت نيرانا قوية بجسده، وأيقظت به أحاسيس ظن انها ماتت ودفنها لتعود للحياة بقوة مع اول لحظة قرب منها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة