قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

قالت ضحى بحيرة:
مالكم يابنات، ساكتين كدة ليه؟، ما تتكلموا ولا أنا بس اللى هفضل أتكلم؟
تنهدت نوران بحزن قائلة:
هنتكلم نقول ايه بس ياضحى؟

قالت ضحى بدهشة:
تقولوا ايه؟حاجات كتير ياست نوران، تقوليلنا مثلا عملتى ايه مع سليم، قابلك ازاى؟رد فعله كان ايه؟كل حاجة، كل حاجة، ده انا طول الأسبوع وفضولى هيقتلنى ولولا انك منبهة علينا منكلمكيش عشان متتكشفيش، كنت كلمتك عشان أعرف كل حاجة، ده انا قلت أول ما هتشوفينا مش هنعرف نسكتك

هزت نوران كتفيها بقلة حيلة ثم شرعت تسرد عليهم تفاصيل مقابلتها مع سليم حتى وصلت الى اتفاقه معها على أن تعمل خادمة لديه، لتقول ضحى باستنكار:
نعم ياأختى، خدامة، انتى يانوران تشتغلى عنده خدامة؟، طب ليه يابنتى كدة؟ايه الحب اللى كله عذاب ده، بناقصه خالص يانوران، هرجع واقولك انتى اللى عملتى فى نفسك كدة، رضيتى بالذل ده، مفيش راجل فى الدنيا يستاهل اللى بتعمليه ده ياحبيبتى

لتلتفت الى بدور قائلة:
ولا إيه يابدور؟
أفاقت بدور من شرودها قائلة فى حيرة:
ها، بتقولى حاجة ياضحى؟

رفعت ضحى حاجبيها قائلة:
بقول حاجة؟، لأ، انتوا النهاردة ناويين تفقعوا مرارتى، مالك انتى التانية فيكى ايه؟
توترت بدور وهى تقول:
مالى بس ياضحى وحياة أغلى ما عندك تفكك منى النهاردة وتركزى مع نوران، أنا مش فايقالك خالص

ظهر الغضب على ملامح ضحى وكادت ان تقول شيئا لتمسك نوران بيدها وتشير لها بعينيها ان تصمت فهى تعرف عصبية ضحى وغضبها الأعمى والذى يمكن أن يحرق الأخضر واليابس، كما ان بدور تبدوا فى حالة غير طبيعية ولن تتحمل كلمة من ضحى، يظهر حزنها فى عينيها المتورمتان، تبدوا كمن ظلت طوال الليل تبكى، مدت نوران يدها وربتت على يد بدور قائلة بحنان:
مالك بس يابدور؟، احكيلنا ياحبيبتى، احنا مش اخواتك ولا ايه، مش دايما بنحكى لبعض كل حاجة، ليه بس مخبية حزنك جوة قلبك وقافلة عليه..

وكأن كلمات نوران كانت ما تحتاجه بدور تماما، .لتندفع الدموع الى عينيها، وتنهار كلية، نظرت ضحى الى نوران بقلق، فبادلتها نوران نظراتها، يوقنان أن حالة بدور ورائها شخص واحد، نزار، لتقترب منها نوران بسرعة وتضمها، لتعلو شهقات بدور بين ذراعى نوران، بينما جلست ضحى تربت على ظهرها بحنان، غير مهتمين بالعيون الفضولية لرواد المطعم والذين نظروا لثلاثتهم بتساؤل، ليعودوا الى طعامهم مرة أخرى ويهتمون بشئونهم..،

هدأت بدور تدريجيا، وبدأت شهقاتها بالخفوت لتتوقف تماما وتصبح تنهيدات خفيفة، حتى تمالكت نفسها تماما لتخرج من حضن نوران، وهى تمسح دموعها بمنديلها، قالت ضحى بقلق:
طمنينا عليكى يابدور، دى اول مرة أشوفك بالشكل ده، انا قلبى وجعنى عليكى، ايه اللى مخبياه جواكى وخلاكى تنهارى بالشكل ده؟

تنهدت بدور ثم قالت بحزن:
لأول مرة من يوم ما اتجوزت نزار أحس ان جوازى منه كانت اكبر غلطة غلطها فى حياتى.
نظرت اليها الفتاتين بدهشة، لتستطرد بمرارة قائلة:
أول مرة احس انى خلاص مبقتش أحبه، بالعكس أنا يمكن كمان بدأت أكرهه

اعتدلت نوران قائلة فى صرامة:
عمل فيكى ايه؟
قالت ضحى بدهشة:
هيكون عمل ايه بس يانوران؟، ده نزار ابن عمها، حبيبها وجوزها، هتلاقيه بس مزعلها حبتين وبكرة،، .

قاطعتها نوران قائلة بحدة:
اسكتى انتى ياضحى
لتلفت الى بدور التى تجنبت النظر اليها قائلة فى حزم:
عمل فيكى ايه يابدور؟

نظرت ضحى الى بدور التى تخفض عينيها لتدرك أن الأمر اخطر مما تصورت، لتستمع الى صوت بدور وهى تقول فى ألم:
من يوم ما اتجوزنا وأنا استحملت منه حاجات كتير باسم الحب، غيرته، شكه، بس تعرفوا أسوأ حاجة ممكن تستحملها واحدة، ان جوزها اللى اتحدت الدنيا عشانه، ورغم رفض الكل ليه بردو صممت تتجوزه، استحملت كتير، كتير أوى، حتى مقاطعة أهلها ليها، وفى الآخر يطلع عكس ما كانت شايفاه، ياااه أد ايه الحب أعمى، بيعمينا عن اننا نشوف حقيقة اللى بنحبهم، ومع الأسف طلع الكل صح وانا اللى غلط..

ابتسمت فى سخرية مستطردة:
فى البداية كان الأمر بسيط، يشرب كل فترة وعذره انه كان فى حفلة وصحابه عرضوا عليه يشرب ومقدرش يكسفهم، ونزار لما بيشرب بيبقى واحد تانى، ضرب واهانة ورغم ده كله كنت بستحمل، وبصبر نفسى بإنى أكيد ممكن أأثر عليه وأقنعه يبطل شرب

قالت ضحى بألم:
انتى هابلة يابدور؟، ازاى استحملتى الضرب والاهانة بحجة الحب وانك ممكن تغيريه، افرضى فى مرة مكنش فى وعيه وضربك ضربة موتتك، ساعتها حبك ده كان هينفعك بايه، ها؟

ترقرقت الدموع فى عينى بدور قائلة:
قلتلك ياضحى الحب بيعمى، بيخليكى متشوفيش عيوب حبيبك، بيخليكى تفتكرى انك ممكن تقدرى تغيرى طبعه عشان يتوافق مع طبعك، وده اللى كان حاصلى لغاية ما فتحت عينية وشفت الحقيقة أدامى، نزار أدمن الخمرة، وبعد ما كان بيشرب كل فترة بقى بيشرب كل اسبوع وبعدين بقى كل يوم، واتحول نزار لواحد تانى..،

حياتى معاه اتحولت لجحيم، غلطتى بدأت تبان ادام عيونى كل يوم أكتر، أنا اتحديت الكل عشانه ياضحى، حتى انتى يانوران ياما حذرتينى منه، وانا مسمعتش كلامكم وكان لازم أتحمل نتيجة غلطتى لوحدى، لغاية...
وصمتت تنزل دموعها بغزارة ليدق قلب نوران خوفا مما هو آت، وتقول ضحى بقلق:
كملى يابدور، لغاية ايه؟

رفعت بدور عينين تقطران ألما ووجعا ومرارة وهى تقول:
لغاية ما اغتصبنى
شهقت نوران وهى تضع يدها على فمها تمنع صرخة كادت تنطلق من بين شفتيها بينما نظرت ضحى اليها فى صدمة، لتظهر على ملامحها الغضب بعد ذلك قائلة فى حدة:
انتى بتقولى ايه؟

قالت بدور فى خجل وهى تلاحظ نظرات البعض من حولها:
وطى صوتك ياضحى، الناس حوالينا
قالت ضحى بعصبية:
بلا ناس بلا زفت، انتى عارفة انتى قلتى ايه؟حاسة بالمصيبة اللى جوزك عملها

قالت نوران بألم:
خلاص ياضحى هى فيها اللى مكفيها، سيبيها تكمل
أشاحت ضحى بوجهها وهى تمنع نفسها بالكاد عن الذهاب الى ذلك الحيوان نزار والفتك به...

قالت بدور بانكسار:
الكلام ده كان من يومين وكان كالعادة شارب، هددته لو عملها مش هسامحه وهو مهموش كلامى، ولما حصل كرهته، وكرهت نفسى وكرهت جسمى. وقررت انى انفصل عنه رغم كل محاولاته بعد كدة عشان يعتذرلى، بس لأول مرة مقدرتش أقبل اعتذاره ولا أسفه وندمه، ويمكن ده صدمه لأنه اتعود يغلط وأسامح بس للأسف هو قتل جوايا كل ذرة حب حبيتهاله، قضى على كل مشاعرى اللى كانت بتغفرله..،

صممت على الطلاق وهو مرضاش، وسافر وقال انه هيسيبنى يومين أهدى فيهم، وأريح أعصابى، وانسى طلبى الغبى زى ما قال واللى مستحيل ينفذهولى، وفعلا سافر، بس فضلت مصممة على قرارى لغاية النهاردة الصبح..
وصمتت لتستحثها ضحى قائلة:
حصل ايه النهاردة يابدور؟، اتكلمى، أنا اعصابى مبقتش متحملة

ابتلعت بدور ريقها قائلة:
حسيت بدوخة الصبح وافتكرت ان البريود متأخرة عندى فخفت اكون حامل، اشتريت الاختبار عشان أتأكد ولما ظهروا الخطين الحمر واتأكدت انى حامل ساعتها بس حسيت بلعبة القدر

نظرت اليها الفتاتين فى صدمة لتهز رأسها قائلة فى مرارة:
أيوة أنا حامل، وطبعا حملى خلانى رجعت فى قرارى لإنى مستحيل هربى ابنى بعيد عن أبوه، وفكرت فى احتمال ان نزار لما يعرف بحملى يبطل شرب ويتغير علشان خاطر ابنه..
قالت ضحى باستنكار:
لأ مش هيتغير، ده ادمان يابدور

أشارت نوران لضحى بالصمت قائلة فى هدوء وموجهة حديثها الى بدور:
انتى عارفة يابدور انى عمرى ما حبيت نزار ولا بطيقه، بس مقدرش اقولك ابعدى ابنك عن ابوه، عشان كدة هقولك ادى لنزار فرصة أخيرة، عرفيه انه هيكون أب واطلبى منه يبطل شرب، ولو فعلا حاله اتصلح يبقى خير لكن لو فضل على حاله يبقى تبعدى عنه خالص وساعتها ابنك هيتربى معاكى ولوحدك، أحسن ما يتربى وسطيكوا

هزت ضحى شفتيها يمينا ويسارا قائلة:
والله انتوا الاتنين مجانين، بس هقول ايه، مفيش فى ايدى غير انى أدعيلك يابدور ربنا يهديه عشان خاطر ابنك اللى جاى فى السكة ده...
قالت نوران وعينيها تلمعان بالفرحة:
اتلهينا بنزار ونسينا نباركلك على حملك يابدور، الف مبروك ياحبيبتى

قالت بدور بابتسامة حزينة:
ربنا يبارك فيكى يانوران
قالت ضحى وهى تحتضنها:
الف مبروك يابدور، يارب تكون بنوتة وأخطبها لتيمو ابنى
قالت بدور:
خليكى كدة كل تفكيرك فى تيمو وناسية أبو تيمو

وكزتها ضحى فى ذراعها قائلة:
خليكى فى حالك، كفاية علية شهاب وكلامه، تقريبا اللى هو نفس كلامك.
قالت نوران بقلق:
خدى بالك ياضحى، مادام شهاب أخد باله واشتكى يبقى انتى مزوداها واللى زى شهاب بيبقى محتاج اهتمام أكتر من اى راجل تانى وإلا هيدور عليه فى حتة تانية

قالت ضحى مستنكرة:
ولا تانية ولا تالتة، متقلقيش ياماما، صاحبتك مسيطرة، الحكاية دى كلها تخلص بعشوة حلوة وفستان جميل، وأنسيه كل زعله منى
قالت بدور بابتسامة:
ياخوفى من ثقتك الزايدة دى بنفسك، لاتيجى فى يوم وليلة وتلاقى شهاب بيضيع منك ولا هينفعك ساعتها عشوة ولا فستان

شعرت ضحى بالقلق من كلمات صديقتيها، ولكنها نفضت ذلك الشعور جانبا، وهى تقول بابتسامة:
قلتلكم خليكم فى حالكم وملكوش دعوة بية، وبعدين تعاليلى ياست نوران وكمليلى حكايتك وقوليلى سى سليم عمل ايه هو كمان؟
نقلت نوران بصرها بين صديقتيها لتقول بهدوء:
هحكيلكم يابنات، هحكيلكم كل حاجة

جلس سليم فى الحديقة ينتظر مجئ نور اليه بفنجان القهوة كعادتهما سويا كل يوم، ليسمع خطوات تقترب منه، ولكن مهلا، فالقادمة ليست نور، بل انها دادة سعاد، تساءل فى حيرة، ترى الى أين ذهبت نور؟ أتكون قد ملت من أفعاله، أتكون قد اكتفت من قسوته، وانهكها العمل فأنهت تمثيليتها وذهبت دون رجعة، لا يعلم لماذا أحس بغصة فى قلبه وهو يفكر بتلك الاحتمالات، ليفيق على صوت دادة سعاد تقول فى حنان:
قهوتك ياابنى..

ابتسم فى حنان قائلا:
ربنا يخليكى لية يادادة
ربتت على كتفه قائلة:
ويخليك لية ياحبيب دادة
كادت ان تغادر لولا أن استوقفها صوت سليم المتردد وهو يقول:
دادة

التفتت اليه قائلة:
نعم ياحبيبى
ظهرت على ملامحه الارتباك لتبتسم دادة سعاد وهى تعلم بمكنون صدره ومايود سؤالها عنه، ليقول هو بتردد:
هى، نور، فين؟
قالت دادة سعاد:
استأذنت منى وخرجت، انت عارف انها من يوم ماجت هنا مخرجتش من البيت ياسليم، ومتقلقش هى قربت تيجى

عقد سليم حاجبيه قائلا:
وأنا هقلق ليه يعنى؟أنا، يعنى، كنت عايزها تساعدك، عشان متتعبيش يادادة
اتسعت ابتسامة دادة سعاد قائلة:
أنا مش تعبانة ياحبيبى، وهى ساعدتنى قبل ما تمشى
أومأ سليم برأسه فى هدوء، لتغادر دادة سعاد بابتسامة واسعة، تدرك أن سليم يفتقد وجود نوران، وأنه مجددا يقع فى حبها وبشدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة