قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

استيقظ شهاب يشعر بصداع شديد فى رأسه، فهو بالكاد استطاع النوم لسويعات قليلة، يتساءل عن حالة ضحى الآن فقد ظلت تبكى طوال الليل وظل هو خارج حجرتها يستمع لشهقاتها فى ألم، حتى هدأت تماما ولم يعد يستمع الى صوتها لينتابه الفزع عليها ليطرق الباب بشدة مهددا بكسره لتصرخ به ان يبتعد عنها ويتركها وشأنها، ليبتعد متجها الى تلك الغرفة التى ينام بها منذ ذلك الخلاف الذى دب بينهما، ليجول فى الحجرة كالأسد الجريح..،

نادما على فعلته الحمقاء التى حطمت قلبها، حتى غلبه النوم، نهض من السرير واتجه الى الحمام ليأخذ دوشا سريعا عله يفيق، ثم ارتدى ملابسه وذهب الى حجرتها وطرق الباب فلم يجيبه أحد، فتح الباب ببطئ ليجده غير مغلقا، دلف بهدوء فلم يجدها بالداخل ليوقن أنها عند تيم، أغلق الباب واتجه الى حجرة الصبى، دلف اليها يريد الاطمئنان علي ضحاه فقلبه ينهشه قلقا عليها، فلم يجد لهما أثرا، عقد حاجبيه فى حيرة، لينزل بسرعة الى الردهة، وينادى الخادمة قائلا:
عايدة، عايدة..

هرولت عايدة اليه ليقول وقد أمسك رأسه بألم يشعر بالصداع يفجر رأسه:
ضحى هانم وتيم فين ياعايدة..
قالت عايدة بدهشة:
الست ضحى هانم أخدت تيم بيه وخرجت من بدرى ياسيدى

انزل يده من على رأسه، وهو ينظر اليها بأعين متسعة من الصدمة، يشعر بالقلق يهز كيانه وهو يقول فى حدة:
من امتى..
قالت عايدة متلعثمة:
من، من ٣ ساعات تقريبا

نظر الى ساعته التى تشير الى التاسعة والنصف ليعقد حاجبيه ويغمض عينيه فى ضيق، قالت عايدة:
أحضرلك الفطار ياسيدى..
فتح عينيه ليقول بحدة:
مش عايز زفت، روحى انتى دلوقتى

هرولت مبتعدة عنه وهى توقن من وجود مشكلة كبيرة بين سيدها شهاب والسيدة ضحى، فقد كانت السيدة ضحى ذات عينين منتفختين وملامح حزينة وهى تغادر صباحا الى جانب تلك الحقيبة التى كانت تحملها بيدها، وتلك التى تحملها على ظهرها، لتدرك أنها لابد وأن تتجنب سيدها شهاب اليوم حتى لا يصب جام غضبه عليها.

أسرع شهاب الى حجرتهم مجددا يفتح الباب بقوة ويتجه الى خزانة الملابس ليفتحها بعجالة ليدرك أنه على حق فى ظنونه، فلقد اختفت بعض ملابس ضحى وبعض حاجياتها الشخصية، اذا فقد أخذت ضحى تيم ورحلت بعيدا عنه، أغمض عينيه يشعر بالتحطم ثم ما لبث أن فتحهما وهو يسرع الى هاتفه يتصل بها مرارا وتكرار، ليرد عليه المجيب الآلى، يخبره أن هذا الرقم مغلق ليدرك وبكل ألم أن ضحى ربما غادرت حياته للأبد.

كانت نوران تجلس بجوار سليم فى الحديقة تقرأ له قصة بصوت رخيم يبعث الراحة فى نفسه، حين اقتحم المكان فجأة رجل يصرخ بحدة قائلا:
يا سليم يا جندى.

وقف سليم منتصبا لتقف نوران بدورها تتأمل ذلك الرجل الخمسينى و الذى اقتحم المكان بقوة، تتطاير شرارات الغضب من عينيه، متأملا اياهم فى حقد لتشعر بالقلق والخوف يهزان كيانها، استمعت الى سليم الذى قال بغضب:
انت مين، وازاى تدخل كدة من غير استئذان.

قال الرجل بسخرية:
استئذان؟ انت اكيد بتهزر، ده أنا جاى آخد روحك زى ما خدت روحى منى لما شردت عيالى

عقد سليم حاجبيه في حين أخرج ذلك الرجل مسدسا من جيبه ووجهه الى سليم لتشهق نوران بقوة وهى تسرع وتقف أمام سليم تحميه بجسدها قبل أن يطلق ذلك المجنون النار، وسط دهشة سليم من تصرفها ذلك يتساءل بحيرة عن سببه وقبل أن يتكلم، شد الرجل أجزاء مسدسه لتلتقط أذنا سليم ذلك الصوت برعب عليها وهو يدرك معناه، وأن نوران تفاديه بروحها..،

أغمضت نوران عيناها باستسلام تنتظر نهايتها المحتومة، ليرفع زين يد الرجل فى اللحظة الأخيرة الى السماء لتنطلق رصاصة ذلك الرجل فى الهواء، فى نفس الوقت الذى جذب سليم نوران مديرا اياها ليعطى ظهره لتلك الرصاصة، ضرب زين يد الرجل بقسوة ليقع المسدس ارضا وزين يكتف الرجل قائلا فى غضب:
انت اكيد مجنون..

حاول الرجل الفكاك من يد زين دون جدوى، بينما بدأت نوران بالارتعاش بين يدى سليم ليضمها بقوة لتتمسك به، تدفن نفسها داخل حضنه وهى تبكى بضعف، ربت على ظهرها قائلا فى همس:
هش، اهدى يانور، خلاص كل شئ بقى تمام..

استكانت نوران فى حضنه، تهدأ دموعها رويدا رويدا لتنتفض مجددا على صوت ذلك الرجل يقول بمرارة:
سيبنى لازم أموته، لازم أموته زى ما موتنى وأخد منى حياتى كلها
قال زين بغضب:
ما تهدى بقى أحسنلك، انا هطلبلك البوليس ييجى يقبض عليك ويريحنا منك
قال سليم بصرامة:
لأ يازين، خده على جوة، وانا هحصلك، يلا بسرعة

نظر زين الى نوران التى ترتعش داخل حضن سليم ليدرك سبب طلبه هذا، ليدفع ذلك الرجل امامه دالفين للمنزل، بينما ربت سليم على شعر نوران قائلا فى حنان:
خلاص يانور، اهدى بقى...
ليضيف بمزاح:
ولا انتى مرتاحة كدة؟ ؟

أحست نوران بالخجل لتخرج من بين ذراعيه وقد احمرت وجنتيها ليشعر سليم بالفقد، تنحنح قائلا:
احم، روحى اغسلى وشك وارتاحى فى أوضتك..
قالت بتردد قلق:
انت هتروحله، قصدى يعنى، بلاش تروحله وسلمه للبوليس ياسليم..
ابتسم قائلا:
لازم أشوف حكايته ايه قبل ما اعمل أى حاجة، عندى احساس انه مظلوم، وبعدين ياستى متقلقيش، زين معايا

احمر وجهها مجددا وهى تدرك انه شعر بقلقها لتقول بتوتر:
انا مش قلقانة، أنا.
قاطعها مبتسما وهو يقول:
على اوضتك يانور، حالا..
ليميل عليها قائلا:
ولا تحبى اوصلك؟
هزت رأسها نفيا، لتدرك انه لايراها، لذا قالت بسرعة:
أنا هروح لوحدى، عن اذنك

ابتعدت بخطوات مسرعة يستمع الى خطواتها وهو يعقد حاجبيه بحيرة قائلا:
معقول يانور تكونى فعلا بتحبينى، ماهو مفيش واحدة تضحى بحياتها عشان واحد الا لو كانت بتحبه، طب ليه اتخليتى عنى زمان، ليه يانور، ليه؟
نفض أفكاره مؤقتا، ليذهب الى زين وذلك الرجل، يريد معرفة سر رغبته القوية فى قتله

كانت ضحى تجلس مع بدور بينما يلعب الصغير تيم بألعابه فى ركن صغير من الحجرة، التفتت ضحى الى بدور قائلة:
انا آسفة يابدور لو كنت طبيت عليك فجأة ولخبط حياتك ونكدت عليكى
ابتسمت بدور قائلة:
بطلى عبط، بالعكس انتى جيتى فى وقتك، عشان تونسينى، ومتقلقيش نزار مسافر ومش هييجى غير آخر الاسبوع، يعنى احنا براحتنا ع الآخر

أومأت ضحى برأسها قائلة:
تعرفى ناقصنا مين؟
قالت بدور بابتسامة:
نوران، أنا بفكر نتصل بيها تجيلنا يوم الخميس واهو نصالحها بالمرة
ابتسمت ضحى موافقة، لينظران الى الصغير بحنان وهو يصدر صوتا فرحا لأنه انهى تركيب لعبته الصغيرة، التفتت بدور الى ضحى قائلة:
ضحى، افتكر انك هديتى دلوقتى، وتقدرى بالراحة تقوليلى سيبتى بيتك وبعدتى عن شهاب ليه؟
ظهر الألم على وجه ضحى مجددا وهى تقول:
هحكيلك يابدور، هحكيلك كل حاجة

دلف سليم الى حجرة المكتب حيث يجلس زين ومعه ذلك الرجل، لينتفض الرجل واقفا فور رؤيته ليمسكه زين قائلا بحدة:
قلتلك أقعد احسنلك..
جلس الرجل مجددا فى احباط ليقترب سليم من مصدر الصوت قائلا بهدوء:
ممكن أعرف انت مين؟ وكنت عايز تقتلنى ليه؟
قال الرجل بسخرية:
انت هتستعبط ؟، ماانت عارف كل حاجة

قال سليم بصرامة:
احترم نفسك ياراجل انت، أنا ساكتلك من الصبح
أثارت نبرات سليم الصارمة الرجفة فى قلب ذلك الرجل ولكنه قاوم تلك الرجفة ليقول بحدة ممزوجة بالألم:
هتعمل فية ايه أكتر من اللى عملته؟ ؟

قال سليم فى هدوء:
بص، كل اللى واصلنى منك انك بتقول انى السبب فى تدمير حياتك، ودى اكيد حاجة مش سهلة، فمحتاج أفهم عشان اعرف انا متهم بإيه بالظبط وأعرف ارد عليك، ولو ليك حق عندى، قسما بالله هرجعهولك

لم يدرى لما شعر الرجل بصدق كلمات سليم وارتاح اليها ليقول بهدوء:
أنا عادل فواز المهندس المسئول عن المبانى الجديدة فى القرية السياحية بتاعتك، لما جالى الاستاذ حسام وطلب منى العب فى معايير البنا وأغش فى الأساس رفضت بشدة، وطردته وقلتله انى مستحيل اخالف ضميرى وانو لو كرر طلبه هبلغ البوليس..،

تانى يوم لقيت البوليس بيقبض علية وبيقول انى متهم فى قضية غش وتزوير، اتجننت، وفضلت اصرخ واقول انى برئ، وانكم لفقتولى التهمة بس محدش سمعنى، والدتى تعبت ودخلت المستشفى وبيتى وولادى وسمعتى، كل ده اتدمر فى ثانية، لغاية ما قدرت اخرج بكفالة على ذمة القضية، وجيتلك علطول عشان انتقم منك

صمت الرجل ليأخذ نفسا عميقا يهدئ به انفعاله، بينما قال زين موجها حديثه لسليم:
حسام خدعنا ياسليم

أومأ سليم براسه موافقا ليقول بهدوء موجها حديثه لعادل:
استاذ عادل، كل اللى اعرفه عن موضوعك عرفته من حسام لما جه وقالى انك غشيت وزورت فى أوراق البنا، وانه هيرفع عليك قضية ومحتاج امضتى، ولانى كنت بثق فيه مضيت علطول، لكن اوعدك ان كل حاجة هتتصلح، اكتر حاجة ممكن توجعنى الظلم، وانا ميرضنيش تنام ولو ليلة واحدة مظلوم بسببى

أحس عادل بالندم فقد كاد ان يودى بحياة رجل طيب كسليم ليحمد الله على نجاته..
قال سليم موجها حديثه الى زين:
زين تروح بنفسك وتنهى الموضوع ده فى القسم، وحسام يترفد فورا وعلاج والدة عادل يكون على حسابى، ويتقدمله اعتذار رسمى فى الجرايد باسم المجموعة

أوما زين برأسه وهو يغادر على الفور لتنفيذ اوامر سليم
لينهض الرجل مقتربا من سليم وهو يقول بندم:
سامحنى ياسليم بيه، كان عامينى غضبى، واحساس الظلم اللى مبيرحمش
قال سليم بهدوء:
حصل خير ياأستاذ عادل

قال عادل:
الحمد لله ان زين بيه جه فى الوقت المناسب، انا شفت المدام بتاعتك بتقف أدامك بس مقدرتش امنع نفسى، الشيطان مكنش مخلينى فى وعيى

اغمض سليم عينيه بالم وهو يتخيل حدوث ذلك واختفاء نور من حياته مجددا ولكن تلك المرة للأبد لينتفض قلبه رافضا تلك الفكرة، انتبه فجاة، لقد اطلق عادل على نور لقب زوجته، ترى أيمكن ان تحمل فى احد الأيام تلك الصفة، حقا لا يدرى، فبعد موقفها الأخير، يشعر بأن كل موازينه قد انقلبت

أفاق على صوت عادل يقول بطيبة:
بس المدام شكلها بتحبك اوى، دى وقفت قصاد الرصاصة عشان تاخدها بدالك، كان كل همها تحميك انت ومهمهاش نفسها..
قال سليم بأمل:
انت رايك كدة؟ ؟

قال عادل بحماس:
دى واضحة زى الشمس، ربنا يخليهالك، فكرتنى ببنتى، نفس الرقة ونفس العيون بلونهم الرمادى الجميل..
عقد سليم حاجبيه قائلا:
بتقول لون عنيها ايه؟

قال الرجل بدهشة:
رمادى ياسليم بيه، لون الدخان، انت متعرفش؟
احس سليم برأسه يكاد ينفجر من أفكاره التى تصارعت داخله ليقول عادل بقلق وهو يلاحظ شحوب وجهه:
انت كويس ياسليم بيه؟

قال سليم بهدوء لا يعكس ثوران مشاعره:
معلش شوية صداع بس...
ليستطرد وهو يخلع نظارته قائلا بسخرية مريرة:
وبالنسبة للون عيون مراتى فللأسف معرفهمش لأنى اعمى، أعمى ومبشوفش

نظر عادل الى سليم فى صدمة ليلاحظ عماه لأول مرة، فتلك النظارة السوداء والتى لا تظهر عينيه لا تظهر عماه، كما ان تصرفاته وخطواته الثابتة لا تشبه أبدا تصرفات المكفوفين ليقول بندم:
أنا آسف..
قال سليم وهو يلبس نظارته مجددا قائلا:
ولا يهمك

ساد الصمت وكل فى افكاره، يشعر عادل بالندم يملأ قلبه بينما يمر شريط الذكريات بسليم منذ اليوم الأول لدلوفها منزله، يرى الآن أنها بالتأكيد لم تكن نور، فتلك الفتاة تختلف عنها كلية، يتساءل بغضب عن تلك الفتاة، و التى احتلت شخصية نور، ترى لماذا فعلت ذلك، وما هدفها؟
العديد والعديد من التساؤلات والتى لن يستطيع ان يصل لإجاباتها حتى ينتهى من تلك القصة التى بيده الآن ليذهب الى تلك الدخيلة ويعرف قصتها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة