قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الأول

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة بكامل فصولها

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الأول

اجتمعت الفتيات، نوران وضحى وبدور، حول تلك المائدة المعتادة فى مطعمهم المفضل والذى يتقابلن فيه فى ذلك الوقت من كل أسبوع، ليرين بعضهم البعض ويتبادلن أخبارهن كعادتهن معا منذ أول يوم تعارفن فيه فى تلك الجامعة والتى شهدت لقائهن الأول، لتتطور علاقتهن بعد ذلك ويصبحن أكثر من أخوات، خاصة وان كل واحدة منهن وحيدة والديها وليس لديها إخوة او أخوات..

ابتسمت ضحى قائلة:
وحشتونى أوى يابنات، حاسة ان فات كتير أوى من آخر مرة شفتكوا فيها
بادلتها بدور ابتسامتها قائلة:
انتى كمان وحشتينا أوى ياضحى، مش كدة يانؤنؤ؟

نظرت الفتيات الى نوران ليجداها شاردة، تبادلا النظر الى بعضهما البعض بقلق، فشرودها فى الآونة الأخيرة أصبح عادة لديها، عادة تقلقهما وبشدة فشرودها لطالما ارتبط بذلك المدعو سليم، وهذا شئ يرفضانه وبشدة، لتقول ضحى بصوت يشوبه القلق:
نوران، روحتى فين يابنتى، احنا بنكلمك؟

أفاقت نوران من شرودها على نداء ضحى باسمها لتنظر الى الفتاتين تتأمل ملامحهما الجميلة، لترجع مجددا الى شرودها تتذكر ذلك اليوم الأول لها بالجامعة، يوم تعرفت فيه عليهما، لفت انتباهها تواضعهما رغم كل ما يملكانه من مال وجمال، على عكس ابنة عمتها نور التى تنفر منها لغرورها وتكبرها...تأملت ضحى ذات العيون الخضراء الواسعة، ابنة رجل الأعمال المعروف والتى تزوجت ابن عمها شهاب الذى تولى رئاسة شركة العائلة بعد وفاة عمه وأبيه، و بعد أن عاشت معه قصة حب رائعة، كانتا نوران وبدور شاهدتين على تتويجها بالزواج وانجاب ذلك الطفل الرائع تيم...

لتنقل نظراتها الى بدور، ذات الجمال الرقيق الهادئ والشخصية الرقيقة، ابنة ذلك الدكتور الجامعى المشهور والتى أحبت ابنة عمها و تحدت أهلها وصممت على الزواج منه، نزار، ذلك الشاب المستهتر بنظرهم، ليكون لها ما أرادت رغم اعتراض الجميع، حتى نوران التى حاولت اثناءها عن تلك الزيجة، لم تنجح أيضا فى مسعاها، لتتمسك بدور به وتتزوجه، ليقاطعها والديها ويسافران بعيدا..

تاركين اياها لقرارها تتحمل مسئوليته وحدها، لتظهر نتائجه على وجهها فى كل مرة تقابلهما، لتتأكد نوران من صواب نظرتها لذلك النزار وهى ترى انطفاء ملامح بدور الرقيقة والحزن الذى يظهر بعينيها رغم محاولاتها الدائمة بأن تخفيه عنهما ولكنها تفشل دائما فملامحها الشفافة دائما ما تعكس مشاعرها...
أفاقت على صوت بدور وهى تقول بإلحاح:
يانوران، انتى بجد قلقتينا عليكى، سرحانة فى ايه بس؟

حاولت نوران أن ترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها ولكنها لم تنجح، لتقول بتوتر:
أنا، أنا أخدت قرار ومحتاجالكوا تساندونى فيه، بس لازم تعرفوا انى هنفذه حتى لو عارضتونى
نظرت بدور الى ضحى بقلق لتبادلها ضحى تلك النظرات، ليعودا بنظرهما الى نوران، قالت ضحى بقلق:
قرار ايه اللى انتى مصممة عليه بالشكل ده؟

نقلت نوران بصرها بينهما لتقول بحزم:
أنا بكرة الصبح هروح لسليم وأعمل اللى قلتلكوا عليه من فترة
قالت ضحى بعصبية:
انتى بتقولى ايه؟لأ طبعا، انتى أكيد اتجننتى

لتقول بدور بضيق:
مستحيل نوافق على الكلام اللى انتى بتقوليه ده، مستحيل
زفرت نوران بقوة لتقول بضيق:
قلتلكم انى مش مستنية موافقتكم، انا بس محتاجة دعمكم، ده قرار فكرت فيه كتير ومستحيل أتراجع عنه

قالت ضحى فى غضب:
جاية وواخدة قرارك و مش مستنية موافقتنا اللى انتى متأكدة انك مش هتلاقيها، بس فى نفس الوقت محتاجانا جنبك، نقولك برافو يانوران، احنا وراكى ياحبيبتى، يلا روحى للراجل اللى فضلتى تحبيه سنتين ع النت باسم وصورة بنت عمتك عشان مكنش عندك الجرأة تقوليله اسمك او توريله صورتك، مش عارفة كنتى بتفكرى ازاى وانتى بتعملى كدة، لأ ويوم ما يطلب يقابلك، تهببى الدنيا اكتر وتبعتيله بنت عمتك تشرحله سوء التفاهم اللى حصل...

تقوم الست نور مستغلة الفرصة وخاطفاه منك، طبعا ماهى ما صدقت ولقيته عريس لقطة، شاب حليوة وغنى، وكمان معجب بيها، يعنى جاهز من كله، رد فعلك كان ايه بقى؟سيبتيهولها وضحيتى بحبك،، مش عارفة أسميه بقى غباء ولا قلة ثقة بالنفس، رغم انك بالنسبة لى أحلى منها مليون مرة، من جوة ومن برة، بس انتى مش شايفة غير اللى هى طول عمرها بتذرعه فيكى من غبائها وحقدها عليكى...

قالت بدور بحدة:
كفاية كدة ياضحى

نظرت لها ضحى قائلة بشراسة:
لأ يابدور انا سكت كتير، ياما قلت كفاية عليها صدمتها وكسرة قلبها، ياما قلت كفاية وجعها، لكن تيجى انهاردة وألاقيها لسة مصممة تعمل اللى فى دماغها، يبقى لأ، نقطة ومن أول السطر، ولازم نحط حد للموضوع ده، انتى نسيتى يابدور؟نسيتى لما سابت مصر كلها وسافرت برة عشان متحضرش حفلة خطوبتهم ولا تشوفهم مع بعض، نسيتى كانت عاملة ازاى؟نسيتى لما سافرنا وراها نطمن عليها ولقيناها عايشة ومش عايشة، زى ما يكون قلبها مات مع حبها..،

احنا ماصدقنا ترجع زى الأول، تقوم تروح برجلها للعذاب من تانى، طب ليه؟احنا مالنا اذا كان سليم عمل حادثة وبقى أعمى، احنا مالنا اذا كانت نور طلعت حقيرة معاه وسابته واتخلت عنه؟ما احنا عارفين أد ايه نور انانية ومبتفكرش غير فى نفسها، ليه نوران تروحله على إنها نور بنت عمتها؟، و آل ايه ندمانة على انها سابته واتخلت عنه وراجعاله تكون جنبه فى محنته، وطبعا يفتكر هو انها نور اللى حبها، ويحنلها من تانى وترجع نوران تتوجع من تانى كل ما تحس بيه بينطق اسمها بعاطفة الحب اللى جواه ليها، نفسى أعرف ليه تعذب نفسها بالشكل ده؟ايه اللى يجبرها تعمل كدة فى نفسها؟إيييه؟

استمعت ضحى الى نوران لتقول بصوت مفعم بالألم:
الحب ياضحى، الحب

نظرت كل من ضحى وبدور لنوران فى تلك اللحظة لتشعر ضحى بالندم على الفور لتفوهها بتلك الكلمات، فملامح نوران الشاحبة بشدة وعيونها المليئة بالدموع تفصح عن مدى ألمها وضحى تذكرها بكل ما تدركه وتحاول أن لا تفكر فيه رغم أنه محفور فى عقلها وقلبها، ولكن سماعه يذكر أمامها مزق قلبها الى أشلاء، لتقول ضحى على الفور بندم:
أنا آسفة يانوران سامحينى، متزعليش منى، كل اللى أنا قلته والله من خوفى عليكى

رفعت نوران يدها لتمسح دمعة سقطت منها وهى تقول بحزن:
متتأسفيش ياضحى، أنا عارفة ان كل اللى قولتيه من خوفك علية وعارفة كمان ان معاكى حق فى كل كلمة قلتيها، بس غصب عنى ياضحى، قلبى مصمم يسيبنى ويروحله، مش قادرة أسيبه فى محنته لوحده ولا قادرة أتخلى عنه، يمكن فى مرواحى ليه مخاطرة كبيرة، يمكن هتعذب، بس لازم أروحله وأكون جنبه، انتوا الاتنين جربتوا الحب وعارفين يعنى ايه البعد عن الحبيب وخصوصا لو كان فى ازمة بيبقى البعد موت، لو شهاب ياضحى لا قدر الله كان فى مكان سليم كنتى هتتخلى عنه؟لو نزار لا قدر الله حصله اللى حصل لسليم كنتى هتبعدى عنه يابدور؟

نظرت الفتاتين الى بعضهما البعض، يدركان انها على حق، فلو تبادلا الأدوار مع نوران لفعلوا المستحيل ليكونا بجوار من يحبان، أخذت بدور نفسا عميقا ثم قالت:
معاكى حق يانوران، بس اللى انتى هتعمليه خطر عليكى وعلى قلبك، لو سليم اكتشف انك نوران مش نور، مش عارفة رد فعله هيكون ايه؟

قالت نوران بحزم:
انا مستعدة للمخاطرة دى، أنا عموما خدت دورة تدريبية فى التمريض، من ساعة مادادة سعاد قالتلى انه بيطرد كل ممرضة بتجيله واخر ممرضة طردها كان من يومين، فهروح واجرب حظى، ومين عارف؟
قالت بدور بدهشة:
ده انتى خططتى لكل حاجة بقى

قالت نوران:
بحاول على أد ما أقدر مسيبش حاجة للظروف، و بصراحة انا كنت صرفت نظر عن الموضوع ده من ساعة ما قلتلكوا عليه من فترة وانتوا رفضتوا، بس دادة سعاد كلمتنى انبارح وقالتلى ان نفسية سليم تعبانة اوى، وبصراحة انا قلقانة عليه، ومش هطمن غير بوجودى جنبه..
قالت ضحى فى ضيق:
والله ماهيوديكى فى داهية غير دادة سعاد دى

قالت نوران بسرعة:
حرام عليكى ياضحى، دى ست طيبة اوى، لما لاحظت انى كل يوم بروح اطمن عليه من بعيد لبعيد و أبص عليه وهو بيشرب قهوته فى الجنينة، ندهتلى وسمعت حكايتى وصدقت مشاعرى ناحيته، واتعاطفت معايا كمان، وعشان كدة وافقت تساعدنى

قالت بدور بقلة حيلة:
يعنى خلاص يانوران، مفيش فايدة، مصممة على قرارك؟
ربتت نوران بكلتا يديها على يد كل منهما قائلة برجاء:
عشان خاطرى شجعونى، وادعولى، خلونى أطمن إنكم فى ضهرى، أنا مليش غيركم، وأهو انتوا شفتوا بعنيكم بنت عمتى اللى مليش فى الدنيا غيرها عملت فية إيه

قالت ضحى بضيق:
ما هو انتى اللى اديتيها الفرصة وخليتيها تبيع وتشترى فيكى بطمعها وغرورها وقلة ثقتك بنفسك
قالت بدور بنفاذ صبر:
خلاص ياضحى خلصنا، انسوا بقى الحرباية دى واللى سيرتها اصلا بتعصبنى وخلونا فى موضوعنا

ثم نظرت الى نوران قائلة بعطف:
احنا معاكى ياحبيبتى وفى ضهرك، متقلقيش من حاجة ياقلبى، امشى ورا قلبك، واحنا هندعيلك ربنا يوفقك وسليم يحس بيكى وبحبك ليه، ويحبك أد ما بتحبيه وأكتر لما يشوفك من جوة، ويارب ميكتشفش انك نوران مش نور قبل ما كل ده يحصل

ابتسمت نوران لبدور بامتنان لتنظر الى ضحى التى لانت ملامحها المشدودة وهى تبتسم بدورها وهى تومئ برأسها موافقة على كلمات بدور ومشجعة لها لتنقل هى نظراتها بينهما فى حب وهى تشكر الله فى سرها لأنه رزقها بتلك الأختين، الغاليتين على قلبها، مدركة أن الأخوة فى الله أفضل بكثير فى بعض الأحيان من أخوة الدم

وقف زين يقول بعصبية:
قولى هتفضل كدة لحد امتى ياسليم؟ هتفضل فى الحالة دى أد إيه ؟سنة سنتين تلاتة، طول العمر، على فكرة، انت مش اول واحد،، ...
وصمت لا يدرى كيف يكمل عبارته دون أن يجرح صديقه، ليقول سليم فى سخرية مريرة:
سكت ليه يازين، ما تكمل كلامك، وقفت ليه، قولها، قول انى مش أول واحد يتعمى، وانى لازم أتأقلم على وضعى

قال زين بتوتر:
أنا مقصدش ياسليم، أنا،، ...
قاطعه سليم قائلا فى حدة:
انت مش قادر تفهم انى مش قادر أعيش بالشكل ده، وعلى فكرة انت فاهم غلط، انا متعمتش يوم الحادثة، بالعكس أنا مفتحتش غير لما عملتها، أنا لو كنت اعمى فده كان زمان، لما كنت سليم الرومانسى اللى فاكر الدنيا كلها أبيض وأسود، كنت أعمى لما كنت بصدق ان فيه حب حقيقى فى زمانا..،

كنت أعمى لما استسلمت لمشاعرى، لما صدقت كلامها، لما حبيتها وارتبط بيها رغم انى مشفتهاش ومعرفتهاش وكلامنا كله كان ع النت، ورغم احساسى لما خطبتها بإنها واحدة تانية غير اللى كنت بكلمها، بس جمالها وشقاوتها خلونى افضل احبها واستحمل عيوبها اللى مشفتهاش ولا حسيت بيها غير بعد الخطوبة، لغاية لما عملت الحادثة وفقدت نظرى وهى اتخلت عنى، ساعتها بس فتحت واكتشفت اد ايه انا كنت أعمى..

وأشار الى قلبه وهو يستطرد بحسرة:
بس مع اكتشافى ده ومع كل اللى عملته فية، قلبى لسة بيحبها، كلامها بيتردد جوايا، مش مخلينى قادر أنساها، وهى...
صمت للحظة ثم استطرد فى مرارة:
هى عايشة حياتها بتتنقل من واحد للتانى، بعرف اخبارها من بعيد لبعيد، تصدق، نسيتنى خلاص، ولا كأنها فى يوم عرفتنى، ولا كأنى كنت يوم فى حياتها..

قال زين بحزن على حال صديقه:
طب وبعدين ياسليم، ما هو ماينفعش اسيبك فى الحالة دى وأسافر أتابع القرية السياحية، تعالى معايا غير جو، وأهو بالمرة تكون معايا وتشغلنا مشاكل القرية، مش يمكن كل واحد فينا ينسى حبيبته، ويتغلب على حزنه، جرب، مش يمكن تقدر تنساها؟

قال سليم فى مرارة:
انت عارف انى من يوم الحادثة، وانا مخرجتش برة البيت يازين، ومش ناوى اخرج دلوقتى، ومش ممكن أى حاجة فى الدنيا تنسينا حبايبنا يازين، مفيش حاجة ممكن تنسينى نور، ولا انت هتقدر تنسى علياء، الا لو صادفت حب جديد، لكن أنا اللى زيى بيحب مرة واحدة فى حياته، وحبى مع الأسف انقلب لكره، كره بقى بياكل فية، بيطالبنى بالإنتقام، تعرف يازين؟لو بس أعرف أنتقم منها يمكن ساعتها قلبى يرتاح، وأكمل حياتى اللى دمرتها

قال زين وهو يهز رأسه متفهما:
ربنا يريح قلبك ياصاحبى، يارب
أغمض سليم عينيه فى ألم ليبتهل فى صمت أن يلبى الله دعوات صديقه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة