قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل العاشر

لا ننال من الدنيا سوى أقدارنا منها، نتغمد أوجاعنا علي أمل بان نلقى منها نبضة تُحيينا، فكيف وإن كان مصدر نبضاتنا التي وُلدت لتوها، يُنهيها؟!

رمقت شقيقاتها بتوجس وريبة لتتحرك داخل الغرفة علي عجلة من أمرها وقد صفقت الباب خلفها، إنضمت إلى الفراش جالسة لتنتشل عنود من بين أحضان شقيقتهما الثالثة وما لبثت إلا أن ضمتها تهتف بجزع: عنود بتعيطي ليه؟!
انفلتت العبارات من فمها وقد إختلطت بنار ثائرة حارة حيث أردفت من بين أسنانها المطبقة بإختناق: حلمي راح يا فداء. وكل دا بسبب الحقير قُصي.

رفعت فداء عينيها إلى شقيقتها الأخري والتي ابتسر لونها من نظرتها الحادة، لتهتف فداء بلهفة وغيظ: قُصي؟، ضايقك بأيه؟
أصدرت عنود شهقات ساخنة تتقطع لها نياط القلوب حدادًا علي حلمها الراحل لتقول بنبرة أكثر بكاءًا: موجوعه أوي يا فداء!

إنتهت قدرتها علي تحمل بكاء شقيقتها، لتبتعد بجسدها قليلًا حتى تراها جيدًا ومن ثم قبضت علي ذراعيها وراحت تهتف بنبرة قلقة ومريبة: كفاية عياط بقى وفهميني!، ما تسكتيش يا عنود، ما ينفعش تتوجعي وانا موجودة؟

رفعت عنود بصرها إليها وقد ضمت شفتيها بطفولة وخيّبة أمل فيما باغتتها فداء بضمة من جديد وآثرت الصمت فضلًا عن الضغط عليها ريثما تهتدأ وستحكي دون قيد أو ضغط، افتر ثغر بيسان عن إبتسامة خفيفة لتنضم لهما وهي تحاوطهما بذراعيها وقد كونن ائتلافًا أُنثوي من رحمٍ واحدٍ ليتخذن وضعيتهن المُفضلة عندما كانوا مُجرد أجنة في رحم ملاكهن...

هدأ الجو للحظات وقد إشتدت ضغطة أذرعهن علي جسد الأُخري وبدأن في استحضار ذكريات تختلج دواخلهن وسط هذه الإضاءة الخافتة ونسمات الهواء العليلة فتتذكر هذه الملاك التي تتشبه بالقمر حينما ينجلي في كبد السماء كُل مساءً فيُبهر برونقه النجوم.

تقف عنود في نهاية الحجرة الدراسية (الفصل) منكسة الوجه، تنساب الدموع منها بغزارة فيما أردفت المعلمة بوجهٍ عابسٍ قائله: مستواكي بقي سيء جدًا يا عنود، شوفي بيسان أختك وإتعلمي منها؟!
لوت عنود شدقها بوجه مُكفهر وهي تهتف من بين شهقاتها الطفولية لتقول: بابي تعبان وهو اللي كان بيذاكر ليّ.
I m sorry teacher.
المعلمة بثبات: والتقصير دا ما حصلش مع بيسان وفداء ليه؟

أما الثالثة فكانت دائمة التردد علي حجرة الموسيقى، حيث تُقام الندوات والبرنامج اليومي للإذاعة المدرسية فكان حلمها مُنذ من صغرها أن تُصبح صحفية أو مذيعة حيث تتولي أمر تقديم الإذاعة اليومية.

ولجت فداء داخل الفصل الذي يضم شقيقاتها أيضًا. نظرت إلى عنود الباكية في دهشة لتقول بقلق: عنود. واقفة كدا ليه؟
المعلمة بثبات: إتفضلي أقعدي يا فداء، أختك غلطت ولازم تتعاقب!
فداء وهي تهرع إلى شقيقتها لتضمها بقوة وقد إمتعق وجهها غيظًا لتهتف بحدة: أنا ماحدش يعاقب أختي؟ وما أسمحش لحد إنه يخليها تعيط حتى لو حضرتك!

المعلمة وقد هتفت بحنق: معني كدا أخرجي انتِ وأختك برا الفصل؟، والحصة الجاية هتتسأل وكأنها حضرت درس النهاردا.
فداء بسذاجه وتروّي: إحنا أسفين، بس هي كانت تعبانة يا مس ودا اللي خلاها ما تذاكرش!
المعلمة وقد رفعت يديها تهتف بتمنع: مش هقبل أعذار إتفضلوا برا!
سارت فداء صوب باب الفصل في ثقة وثبات وهي تحتضن شقيقتها التي مازالت تبكي دون توقف. لتهتف بيسان بهما قائله: استنوني هخرج معاكم.

استشاطت المعلمة غيظًا مما فعلناه، وما أن ترجلن الثلاثة خارج الفصل حتى أمتدت يد بيسان تمحو الدموع الساقطة علي وجنتي شقيقتها فيما تابعت فداء وهي تُمازحها بإبتسامة عذبة: خليتيني كذبت وقولت إنك تعبانه، ومعاليكِ مقضياها برامج موضة وأزياء، الله يسامحك.

افتر ثغر عنود عن إبتسامة صادقة من بين دموعها ووجهها الذي كبا لونه كثمرة الطماطم في شدة إحمراره لتقوم فداء بإحتضانهما معًا، تضع قُبلة صادقة علي جبين كُلًا منهما فقد تعلمت كيف تحتوي شقيقاتها قولًا وفعلًا وكيف تُصبح لهما كُل شخص هما في حاجة إليه. أجل نفس الضمة الثُلاثية الأُنثوية.

عادت عنود من شرودها بهذه اللحظة الماضية في عهد مضى، تيقنت من كُل لحظة تمر بها بأن العالم بأسره قد يتغير إلا تؤماها فيتغيرن غضبًا عليها أما لها، فهن السند والحياه لتتنشق عبير شقيقاتها بحبور وحنو جارف وبنبرة جلى في ثناياها العشق: بحبك اوي يا فداء. بحبك انتِ كمان يا بيسان، بحبكم علشان أنا جُزء منكم أما إنتوا ف الكُل ل عنود. ربنا يحميكم ليّا يا بنات العامري.

إبتعدت فداء عنهما قليلًا لتردف بنبرة حانية وفي ظاهرها أكثر جدية: قُصي. عمل أيه يا عنقودتي؟

إلتقط الجيتار الذي هو خير صديق له، جلس في شرفة الغرفة شارد الذهن تمامًا يعزف سيمفونية أوجاعه التي مكثت معه في غربته ولا تزال باقية. تنهد بعُمقِ وهو ينشد أغنية ما بصوته الرخيم العذب...

ولجت داخل الغرفه لهدوء وترقب، إبتسمت في نفسها. فكم إشتاقت لعزفه في آخر كُل ليل وأحاديثهما الطويلة وهو يتسطح برأسه علي فخذيها بينما تغرز هي أصابعها بين خصلاته وتنصت له بإهتمامِ، كان محور موضوعهما (هي). تنحنحت مني قليلًا قبل ان تردف بنبرة هادئه: حبيبي، سرحان في أيه؟
استدار بجسده يُطالعها بحنانه المُعتاد، إقتربت منه ومن ثم أتت بمقعدها لتجاوره مردده بهدوء: لا. دا الموضوع شكله كبير بقى!

افتر ثغر ابنها عن إبتسامة يشوبها خيبات الأمل، بل الكثير من هذه الخيبات المميته، نكس ذقنه بخفة لتطالعه بتنهيدة آسى وهي تجده يُحرك أهدابه بثقلِ من جانب وجهه ليردف بصوته الرخيم:.

تعرفي يا أمي! أنا أول مرة أفهم الجملة دي ( الانسان لما بيكتفي، بيفيض بيه )، عارفه لما تبني حولين قلبك سور كبير وكُل ما تحطي طوبة تقولي بُكرا البعيد يقرب والقصر يبقي عامر، ما ينفعش صاحبة الصون والعفاف تدخل قصر مُستعمل. من حقها تنول شرف الأولي في قلبي. انا ببني لها القصر دا من سنين يا أُمي، لا راضية تدخله ولا انا عارف أسلم مفاتيجه لغيرها. القصر ضلم والعنكبوت عشش في كُل زاوية بيه، الروح جوا القصر إنطفت من كُتر الانتظار والوجع اللي ما بيخلصش. كُل الناس يا أمي خبطت علي القصر دا يتفقدوا حالة صاحبة إلا هي. انا بالنسبة لها سراب يا أُمي وهفضل كدا، حتى الأمل ناحيتها إنطفى. الوجع أكل فيّا وأكل معاه كُل الذكريات بينا و.

صمت لبُرهة ليرفع جانب شفتيه عاليًا وراح يقول بنبرة ساخرة: ذكريات؟ أيه الكلمة الغريبه دي؟، أقصد ذكرياتنا لما كانت بتحكي ليّ عن حبيبها وانا في أمس الحاجة لإحساسها بيّا. طول عُمري بفرح لو نطقت اسمي وبقول بص لنص الكوباية المليان وإنك ابن عمتها وجنبها مش احسن ما تموت من الشوق ليها وانت ما تقرب لها أبدًا. أنا بحبها يا أمي؟

حانت منها نظرة عطوفة له لتجد قطرة دموع قد سالت من جانب عينه، رغم أنه ينظر للجهة الأخري متكلمًا مكلومًا بجرحه القاس.

ابتلعت مني غصة في حلقها لتقول بنبرة مازحة قليلًا وهي تقترب لتأخذه إلى أحضانها: أيه يا ولد. انت كبرت علي حُضن أمك والعياط قدامها؟! تعالى يا نور عيني.

ومن ثم استأنفت وهي تلثم مقدمة رأسه قائله: اسمع لنصيحة أمك وإفتكرها ليّ يوم ما أغيب عن الدنيا، يامن انت بتحبها. وعلشان كدا مضطر تستحمل اوجاعها لحد ما ربنا يرتبها من جوا، اللي بيحب بيضحي ويُصبر، علشان يوصل. بيسان بنت حلال، أنا اللي مربياها علي إيدي زيّ الوردة المفتحة. حست حُب وإهتمام من واحد ف حبيته دوغري. دي بقى من أنواع البنات الخام اللي جواها صافي، شوية طاقة إيجابية وحُب حاولت توجههم ناحية واحد حبها. عارف إن إبراهيم كان بيتخانق معاها بإستمرار علشان مش خبيثة ولا بتاعة حوارات. لدرجة إنه مرة قالها إن سبب وجوده معاها حياتنا المرتاحة ومنصب سالم؟! هو حبها مصلحة وعلشان هي بردو نقية من جواها مافهمتش قصده من دا كُله.

عاوزها تتغير وتبقي مُصطنعة وتبعد عن النقاء مع إن النقاء فيها هو اللي خلاها ما تدققش مع تفاصيله البشعة.

يامن بنبرة حارة: الحمد لله، إنها مش معاه. ولا هو مع غيرها، ربنا يرحمه بقى.
مني بحنو جارف وهي تبتعد عنه قليلًا ثم تغمز له بإحدي عينيها: سنين راحت وسنين جت، وفضلت بيسان مش مِلك حد. تفتكر دا ليه؟ مش حكمة من ربنا رايد بيها حاجه؟!

لمعت عيناه بأمل ومن ثم هتف بلهفة: تحبني؟
مني رافعة حاجبيها بتحد وثقة: هتحبك يا (يامن). هتحبك علشان ربنا مطلع علي دا.

قالتها وهي تشير بإصبعها السبابة ناحية قلبه لتباغته بإبتسامة حانية وهي تقول: يالا بينا علشان نتعشى. زمانهم جاعوا بسببنا.

( في حجرة الطعام )، جلس سالم إلى مقعده المترأس للطاولة الكبيرة، وعلي الجانب الأيمن منها تجلس فداء وتجاورها بيسان ثم تجاورهما عنود الجالسه في صمت. رمقتها فداء في هدوء وقد تنهدت بعُمقِ بعدما علمت سبب حزن شقيقتها. وما هي إلا لحظات حتى حضر الباقي. لتجلس مني وأبنائها إلى المقاعد القابعه بالجانب الأيسر من الطاولة.

بدأ الجميع يتناولوا الطعام في حالة صمت بالغة، كُل واحد منهم. ثقلته الهموم وتمكنت منه، حانت نظرة من يامن إليها ليجدها تنظُر للطعام بفقدان شهية أو ضيقِ وهي تُقلب السمكة الموجودة بطبقها في حُزن. تارة تنظُر ل فداء التي شردت في ثورتها ناحية هذا الصفيق المتكبر وأخري لطبقها. ف قد إعتادت بيسان بأن تتولي شقيقتها (فداء) أمر تنظيف السمك لها لعجزها عن ذلك.

قطب حاجبيه وكأنه يستحضر شيئًا ما داخل عقله، لتنبسط قسمات وجهه يتذكر عدم قدرتها علي أكل السمك إلا بعد أن يخل من الشوك المنغمش في لحمه. فقد عاش معهن لفترة كبيرة وقد درس كُل تفصيلة بها وما تحبه او تكرهه...

نحى ببصره إلى الطبق أمامه، بدأ بدوره في نزع السفاه عن اللحم بهدوءٍ شديدٍ وما هي إلا دقائق حتى نهض يحمل الطبق بين كفه ليستدير للجهة الاخري من الطاولة ومن ثم يستبدل طبقها ويضع طبقه هو امامها، انفرجت أسارير وجهها بدهشة وسعادة وهي تجده يتذكر مثل هذه التفصيلة الصغيرة في حياتها وبنبرة هادئه تابع: عارف إنك مش بتاكلي السمك إلا بعد تنضيفه. يالا كُلي.

تبادل كُلًا من سالم ومني نظرات راضية عنه، لتنتبه فداء لما فعله لتردف بنبرة فاترة قليلًا: شكرًا يامن. انا سرحت ونسيت أنضفه خالص، أسفه يا روحي.
بيسان وقد فهمت أسباب ضيقها: ولا يهمك، تسلم إيدك يامن!
يامن بهدوء: بالهنا علي قلبك.
سالم بنبرة ثابتة يخالطها الحنو أردف: أنا عارف إني مقصر معاكم الأيام دي، والنهاردا أجلت القضايا بتاعتي اللي شغال عليها ل أسبوع. ف أيه رأيكم نسافر لمكان!

مراد بحنقِ وحُزنِ: وطبعًا أنا خارج التخطيط، وهقعد هنا علشان لازم أذاكر.
يامن بضحكة خفيفة: براو عليك.
وفي تلك اللحظه أتاهم صوته الرخيم حينما أردف بنبرة ثابتة: احم. السلام عليكم يا أهل القصر؟
إلتفت الجميع إلى مصدر الصوت بين مُرحب وحانق وثائر، ليهتف سالم بنبرة مرحبة: تعالي يا قُصي يابني. حماتك بتحبك!

إقترب قُصي من الطاولة وهو يحمل إضمامة من الورود بمختلف ألوانها بين كفه ليردف وهو يرمقها بنظرة ثابتة: وانا بحبها.
طالعته هي بنظرة ساخطة متجهمة، كيف يهينها ثم تأخذه قدماه إلى منزلها دون خجل، صرت فداء علي أسنانها بغيظ ومن ثم أردفت من بين أسنانها المطبقة حنقًا: نورت يا قُصي باشا؟!

إشتم رائحة الغضب في كلماتها، لم يُعيرها الاهتمام ليأتي بمقعد موجود بين الأثاث المُنتشر بالغرفه ومن ثم وضعه بجوار عنود التي أشاحت بوجهه للجهة الأخري. تنحنح قُصي بهدوء ليلتفت بوجهه إليها قائلًا:
سمعت إنك تعبانة يا شريكتي العزيزة!، ألف سلامة عليكِ. ممكن تقبلي مني الورد دا. بعد إذنك طبعًا يا عمي.

أومأ سالم برأسه سامحًا له بذلك، امتعض وجهها حنقًا فيما إقترب قليلًا من وجهها ليردف بهدوء: انا أسف. لو سمحتي أمسكي الورد وخلينا نتكلم برا؟!
تشنجت قسمات وجه فداء وهي تنظُر له يتحدث إلى شقيقتها خلسة، وقد فهمت مني بأن الأمور لا تسير علي وتيرة مُستقرة فهي من ربتهن وقادرة علي ان تحلل كُل تصرف يخرج منهن، وهنا أردف سالم بتساؤل: وصلتوا لحد فين كدا بخصوص الشركة؟

همّت عنود أن تُخبره بتراجعها عن هذه الشراكه ليُقاطعه هو مُرددًا بلهفة وتعجل: شافت اليلا وعجبتها جدًا وكلمت مدير أعمالي ومن بكرا هنبدأ توضيب في اليلا وعلي نهاية الاسبوع كُل حاجه هتبقي تمام.

عنود بكره: بس.
قُصي وهو يجدحها بنظرة مغتاظة: اه هي تقصد إن ألوان اليلا مش عاجباها، ومن بكرا الألوان هتتغير.

عنود وقد تشنجت خلجات وجهها غضبًا: لأ مش قصدي اللي انت بتق...
قُصي وقد إشتدت حدة عينيه ليردف بتلعثم: أيوة أيوة. انا فاهم قصدك. وقولت للجنايني يزرع ورد كتير في واجهة اليلا، أنا عارف إنك بتحبي الورد.

وهنا أسرع بالقبض علي ذراعها دون وعي منه وبإندفاع أردف قائلًا: بعد إذنكم يا جماعة معايا ورق بخصوص المشروع ومحتاج أخد رأيها فيه، لو مافيش مانع كوباية قهوة سادة!

جذبها من ذراعها يسحبها عنوة نحو الخارج حيث الحديقة وما أن وقفا في جانب منها حتى صرخت به في حدة: أنت فاكر نفسك مين؟ انت واحد مقرف يقتل القتيل ويمشي في جنازته!

ضغط علي قبضته كاظمًا غيظه لتنفر عروق رقبته بوضوح ليردف بثبات أوشك علي الخلاص: أنا بجد أسف! ما عرفتش أميّز اللي بقوله صدقيني والله الكلام خرج مني بغير وعي، انا لا بهددك ولا عاوز منك أي حاجة يا عنود وانا عاوز أكمل المشروع معاكِ وأوعدك مش هحاول أضايقك بكلمه تاني، بس مش عاوز أحس إني مُذنب في حقك. سامحتيني؟

إبتلعت ريقها بصعوبة وهي ترمقه بنظرة قوية وتحد وما أن فتحت فمها لتتحدث لتسبقها شقيقتها هاتفه بحدة وغضب: لا مش هتسامحك.

إقتربت فداء منه ومن ثم أزاحته بكفيها ليرتد للخلف قليلًا وبنبرة مُحتقنه بنار الغضب قالت: إنت فاكر إني هعدي دموع أختي دي بالساهل! إنت لو عيشت عُمر علي عُمرك مش هتشوف طرف فستانها تاني. اللي تعرفهم في حياتك مُجرد تقليد وانا أُختي الأصل. واللي يتعدى حدوده مع أُختي ما يلومش غير نفسه. أخرج برا القصر؟

قُصي بلهجة حازمة: إتكلمي بأدب يا فداء؟!، لكل حاجه حدود!
فداء بسخرية: وانت بقى راعيت الحدود دي وانت بتخوض في شرف أختي؟! وبتتهمها بالباطل!
قُصي بثبات: وإعتذرت!
بادرت فداء بجذب شقيقتها لتسحبها معها نحو الداخل وراحت تقول بنبرة حاسمة: إعتذارك مرفوض يا قُصي باشا.

رمقتها عنود بنظرة مُستعطفه لتزدرد فداء ريقها في حنق مقاومة نظرة التسامح هذه من شقيقتها، سارت بها صوب الباب من جديد لتتابع عنود بنبرة خفيضة: فداء إهدي؟ الشاب إعتذر وجه لحد بيتنا هنطرده!
توقف فداء في تلك اللحظه لتهتف بنبرة حادة تنهرها بتساؤل: يعني أيه! سامحتيه؟
عنود بنبرة خافته: أنا محتاجة ابني شغل وكيان ل نفسي وهو إعتذر!

فداء مُقدره لطموحات شقيقتها حيث تنازلت مُرغمه لتقول بنبر صارمة وصلت إلى أذنيه: ماشي يا عنود. بس لو حصل وحد مَس كرامتك شعراية، همسكه السلك عريان!
قُصي بإبتسامة ساخرة: وربنا إنتِ بوء علي الفاضي، ولو أخدتي قلم هتبقي شبه الكتكوت المبلول.
جدحته فداء بنظرة حانقة من فوق كتفها ومن ثم سارت للداخل تاركه لهم المجال لبدأ التخطيط لأحلام شقيقتها...

في صباح اليوم التالي ، ألبس دا ولا دا ولا دا؟ ها! ألبس ايه ها؟!

أردفت فداء بتلك الكلمات في حماسة بالغة وهي تستعد كامل الاستعداد لمقابلة آسر الذي جعلها تجن من فرط عشقها له، أخذت تجوب في الغرفة وهي تنتقي الثياب التي سترتديها، أمسكت ببنطال من الچينز النيلي وكنزه صيفيه مطعمة بفصوص ألماسي علي الأكمام فحسب من اللون الوردي. وضعتها أمام عيني شقيقاتها، هزت الإثنتان رأسيهما رفضًا، لتلتقط كنزة صيفية أخري تتضارب بها الألوان وقد قوبلت بالرفض أيضًا، إمتعق وجهها غيظًا وهي تهتف: أمال ألبس أيه! خنقتوني؟

إلتفتت بيسان بوجهها ناحية شقيقتها (عنود) القابع بجوارها في الفراش ومن ثم رددت بنبرة واهية مصدومة: عنود. هو اللي بيحصل دا حقيقي؟ يعني بلاء فعلًا بتحب! دي آثر لهفة وبدايات حُب؟!
عنود وهي تفغر فاهها بشدوه كذلك: فداء والحُب. Really don t mix!
عقدت حاجبيها بغيظ لتعقد ذراعيها أمام صدرها أيضًا وبنبرة حادة تابعت: بتبرطمي تقولي أيه إنتِ وهي؟!

عنود بنبرة متلعثمة في باديء الأمر: fedaa، you fall in love with some one
( إنتِ بتحبي؟! )
رفعت فداء كتفيها للأعلي قليلًا ومن ثم أنزلتهما وهي تردف بنبرة سادرة: مش لايق عليا اللون دا صح؟
أحست شقيقاتها ببوادر دخولها في حالة من اليأس، لتهرع عنود إليها ومن ثم تطبع قُبلة علي وجنتها قائله بحُب: الحُب بيليق علي أي حد يا فيدو، انتِ بس أوعي تخليه ينطفي أو يتوه من إيدك!

فداء وهي تنظره لها بتحد رافعه أحد حاجبيها ومن ثم رفعت إصبعها السبابة عاليًا لتقول بحزم: يتوه مين؟! عطلاق الواد دا ما هسيبه غير وهو جوزي! وابقي فكريني اكتب تيكت واحطه علي التي شيرت بتاعه. هذا التركي المُز القاتل مِلك ل فداء العامري وممنوع اللمس والإقتراب. وأي واحدة هتقرب هعملها خريطة في وشها، نهتدي بها إذا توهنا.

بيسان بعينين جاحظتين: فيدو انت بتتكلمي بالسوقية دي قدامه؟
فداء وهي ترفع احد ذراعيها بتفاخر: أه عادي. انتوا عارفين بيشتغل أيه؟
الإثنتان في آن واحد: أيه؟
ضمت كفيها إلى بعضهما وراحت تقول بنبرة أكثر هيامًا: حرامي قد الدُنيا، ربنا يحميه. بالظبط هو دا فارس أحلامي بموتوسيكله الأحمر،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة